الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ عِيَاضُ بْنُ مُوسَى الْيَحْصُبِيُّ رحمه الله بَعْدَ إِيرَادِهِ حَدِيثَ هِنْدِ بْنِ أبي هالة هذا:
فصل في تفسير غريب هَذَا الْحَدِيثِ وَمُشْكِلُهُ
قَوْلُهُ: الْمُشَذَّبُ، أَيْ: الْبَائِنُ الطُّولِ فِي نَحَافَةٍ، وَهُوَ مَثَلُ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الآخَرِ: لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْمُمَّغِطِ. وَالشَّعْرِ الرَّجِلِ: الَّذِي كَأَنَّهُ مُشِّطَ، فَتَكَسَّرَ قَلِيلا لَيْسَ بِسَبْطٍ وَلا جَعْدٍ. وَالْعَقِيقَةُ: شَعْرُ الرَّأْسِ، أَرَادَ إِنِ انْفَرَقَتْ مِنْ ذَاتِ نَفْسِهَا فَرَقَهَا، وَإِلَّا تَرَكَهَا مَعْقُوصَةً، وَيُرْوَى عَقِيصَتُهُ. وَأَزْهَر اللَّوْنِ نَيِّرُهُ، وَقِيلَ: أَزْهَرُ حَسَنٌ، وَمِنْهُ زَهْرَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، أَيْ: زِينَتُهَا، وَهَذَا كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الآخَرِ لَيْسَ بِالأَبْيَضِ الأَمْهَقِ، وَلا بِالأَدَمِ. وَالأَمْهَقُ: هُوَ النَّاصِعُ الْبَيَاضِ، وَالأَدَمُ الأَسْمَرُ اللَّوْنِ، وَمِثْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الآخَرِ: أَبْيَضُ مُشَرَّبٌ، أَيْ فِيهِ حُمْرَةٌ، وَالْحَاجِبُ الأَزَجُّ: الْمُقَوَّسُ الطَّوِيلُ الْوَافِرُ الشَّعْرِ، وَالأَقْنَى السَّائِلُ الأَنْفُ الْمُرْتَفِعُ وَسَطُهُ، وَالأَشَمُّ الطَّوِيلُ قَصَبَة الأَنْفِ. وَالْقَرَنُ:
اتِّصَالُ شَعْرِ الْحَاجِبَيْنِ، وَضِدُّهُ الْبَلَجُ، وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أُمِّ مَعْبَدٍ وَصْفُهُ بِالْقَرَنِ، وَالأَدْعَجُ الشَّدِيدُ سَوَادِ الْحَدَقَةِ، وَفِي الْحَدِيثِ الآخَرِ: أَشْكَلَ الْعَيْنِ، وَأَسْجَرَ الْعَيْنِ، وَهُوَ الَّذِي فِي بَيَاضِهِ حُمْرَةٌ. وَالضَّلِيعُ: الْوَاسِعُ. وَالشَّنَبُ: رَوْنَقُ الأَسْنَانِ وَمَاؤُهَا، وَقِيلَ: رِقَّتُهَا وَتَحْزِينُ فِيهَا، كَمَا يُوجَدُ فِي أَسْنَانِ الشَّبَابِ وَالْفَلَجُ فَرْقٌ بَيْنَ الثَّنَايَا. وَدَقِيقُ الْمَسْرَبَةِ: خَيْطُ الشَّعْرِ الَّذِي بَيْنَ الصَّدْرِ والسرة، وبادن ذُو لَحْمٍ مُتَمَاسِكٍ، مُعْتَدَلِ الْخَلْقِ، يُمْسِكُ بَعْضُهُ بَعْضًا، مِثْلَ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الآخَرِ: لَمْ يَكُنْ بِالْمُطَهَّمِ وَلا بِالْمُكَلْثَمِ أَيْ لَيْسَ بِمُسْتَرْخِي اللَّحْمِ، وَالْمُكَلْثَمُ: الْقَصِيرُ الذَّقَنِ. وَسَوَاءُ الْبَطْنِ وَالصَّدْرِ: أي مستويهما. وشيخ الصَّدْرِ: إِنْ صَحَّتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فَيَكُونُ مِنَ الإِقْبَالِ، وَهُوَ أَحَدُ مَعَانِي أَشَاحَ، أَيْ أَنَّهُ كَانَ بَادِي الصَّدْرِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي صَدْرِهِ قَعَسٌ، وَهُوَ تَطَامَنَ فِيهِ، وَبِهِ يَتَّضِحُ قَوْلُهُ: قَبْلَ سَوَاءِ الْبَطْنِ وَالصَّدْرِ، أَيْ: لَيْسَ بِمُتَقَاعِسِ الصَّدْرِ وَلا مُفَاضِ الْبَطْنِ، وَلَعَلَّ اللَّفْظَ، مَسِيحٌ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَفَتْحِ الْمِيمِ بِمَعْنَى عَرِيضٍ، كَمَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الأُخْرَى. وَحَكَاهُ ابْن دُرَيْدٍ. والكراديس: رؤوس الْعِظَامِ، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الآخَرِ: جليل المشاش والكتد، والمشاش رؤوس الْمَنَاكِبِ، وَالْكَتَدُ: مُجْتَمَعُ الْكَتِفَيْنِ. وَشثْنُ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ لَحِيمُهُمَا، وَالزَّنْدَانِ عَظْمَا الذِّرَاعَيْنِ، وَسَائِلُ الأَطْرَافِ، أَيْ: طَوِيلُ الأَصَابِعِ. وَذَكَرَ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ أَنَّهُ رَوَى ساين
(بِالنُّونِ) وَهُمَا بِمَعْنَى تَبَدُّلِ اللامِ مِنَ النُّونِ إِنْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ بِهَا. وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الأُخْرَى وَسَائِرُ الأَطْرَافِ فَإِشَارَةٌ إِلَى فَخَامَةِ جَوَارِحِهِ، كَمَا وَقَعَتْ مُفَصَّلَةٌ فِي الْحَدِيثِ. وَرَحْبُ الرَّاحَةِ أَيْ: وَاسِعُهَا، وَقِيلَ: كَنَّى بِهِ عَنْ سَعَةِ الْعَطَاءِ وَالْجُودِ. خُمْصَانُ الأَخْمَصَيْنِ:
أَيْ مُتَجَافِي أَخْمَصُ الْقَدَمِ. وهو الموضوع الَّذِي لا تَنَالُهُ الأَرْضُ مِنْ وَسَطِ الْقَدَمِ.
وَمَسِيحُ الْقَدَمَيْنِ: أَيْ أَمْلَسَهُمَا، لِهَذَا قَالَ: يَنْبُو عَنْهُمَا الْمَاءُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ خِلافٌ هَذَا، قَالَ فِيهِ: إِذَا وَطِئَ بِقَدَمِهِ وَطَئ بِكُلِّهَا، لَيْسَ لَهُ أَخْمَصُ، وَهَذَا يُوَافِقُ مَعْنَى قَوْلِهِ، مَسِيحُ الْقَدَمَيْنِ، وَبِهِ قَالُوا: سُمِّيَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، أَيْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْمَصُ. وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ فِي الْمَسِيحِ ابْنِ مَرْيَمَ: فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٌ، لأَنَّهُ كَانَ يُؤْتِي بَذَوِي الْعَاهَاتِ فَيَمْسَحُ عَلَى مَوَاضِعِهَا فَتَزُولُ، وَالْمَسِيحُ الدَّجَّالُ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، أَيْ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ. رَجْعٌ إِلَى الأَوَّلِ، وَقِيلَ: مَسِيحٌ لا لخم عَلَيْهِمَا، وَهَذَا أَيْضًا يُخَالِفُ قَوْلَهُ: شَثْنُ الْقَدَمَيْنِ. وَالتَّقَلُّعُ: رَفْعُ الرِّجْلِ بِقُوَّةٍ، وَالتَّكَفُّؤُ الْمَيْلُ إِلَى سُنَنِ الْمَشْيِ وَقَصْدِهِ، وَالْهَوْنُ: الرِّفْقُ وَالْوَقَارُ. وَالذَّرِيعُ: الْوَاسِعُ الْخَطْوِ أَيْ أَنَّ مَشْيَهُ كَانَ يَرْفَعُ فِيهِ رِجْلَيْهِ بِسُرْعَةٍ وَيَمُدُّ خَطْوَهُ، خِلافَ مِشْيَةِ الْمُخْتَالِ، وَيقصدُ سمتَهُ، وَكُلّ ذَلِكَ بِرِفْقٍ، وَتَثَبُّتٍ دُونَ عَجَلَةٍ، كَمَا قَالَ: كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ- وَقَوْلُهُ:
يَفْتَتِحُ الْكَلامَ وَيَخْتِمُهُ بِأَشْدَاقِهِ، أَيْ لِسَعَةِ فَمِهِ، وَالْعَرَبُ تَتَمَادَحُ بِهَذَا، وَتَذُمُّ بِصِغَرِ الْفَمِ. وَأَشَاحَ: مَال وَانْقَبَضَ. وَحَبُّ الْغَمَامِ: الْبَرَدُ. وَقَوْلُهُ: فَيَرُدُّ ذَلِكَ بِالْخَاصَّةِ عَلَى الْعَامَّةِ، أَيْ جَعَلَ مِنْ جُزْءِ نَفْسِهِ مَا يوصلُ الْخَاصَّة إِلَيْهِ، فَتوصلُ عَنْهُ لِلْعَامَّةِ، وَقِيلَ يَجْعَلُ مِنْهُ لِلْخَاصَّةِ، ثُمَّ يَبْذُلُهَا فِي جُزْءٍ آخَرَ لِلْعَامَّةِ، وَيَدْخُلُونَ رُوَّادًا، أَيْ مُحْتَاجِينَ إِلَيْهِ. وَلا يَنْصَرِفُونَ إِلَّا عَنْ ذَوَاقٍ، وَقِيلَ: عَنْ عِلْمٍ يَتَعَلَّمُونَهُ، ويشبه أن يكون على ظاهره، أي فِي الْغَالِبِ وَالأَكْثَرِ. وَالْعَتَادُ الْعُدَّةُ، وَالشَّيْءُ الْحَاضِرُ الْمُعَدُّ. وَالْمُؤَازَرَةُ:
الْمُعَاوَنَةُ. وَقَوْلُهُ: لا يُوطِنُ الْمَوَاطِنَ، أَيْ: لا يَتَّخِذُ لِمُصَلاهُ مَوْضِعًا مَعْلُومًا، وَقَدْ وَرَدَ نَهْيُهُ عَنْ هَذَا مُفَسَّرًا فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ. وَصَابَرَهُ أَيْ: حَبَسَ نَفْسَهُ عَلَى مَا يُرِيدُ صَاحِبُهُ. وَلا تُؤْبَنُ فِيهِ الْحُرُمُ أي: لا يذكرن بسوء. ولا تنثى فَلَتَاتُهُ أَيْ: لا يُتَحَدَّثُ بِهَا، أَيْ: لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَلْتَةٌ. وَيَرْفِدُونَ: يُعِينُونَ، وَالسَّخَّابُ: الْكَثِيرُ الصِّيَاحِ. وَقَوْلُهُ:
وَلا يُقْبَلُ الثَّنَاءَ إِلَّا مِنْ مُكَافِئٍ، قِيلَ: مُقْتَصِدٍ فِي ثَنَائِهِ وَمَدْحِهِ، وَقِيلَ: إِلَّا مِنْ مُسْلِمٍ، وَقِيلَ: إِلَّا مِنْ مُكَافِئٍ عَلَى يَدٍ سَبَقَتْ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَيَسْتَفِزُّهُ: يَسْتَخِفُّهُ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ فِي وَصْفِهِ: مَنْهُوس الْعَقَبِ، أَيْ: قَلِيلٌ لَحْمُهَا، وَأَهْدَبُ الأَشْفَارِ، أَيْ طَوِيلٌ شَعَرُهَا.