الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذِكْرُ صِفَتِهِ صلى الله عليه وسلم
قَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أُمِّ مَعْبَدٍ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.
وَقُرِئَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بن عبد المؤمن بن أبي الفتح الصوري وَأَنَا أَسْمَعُ بِدِمَشْقَ، أَخْبَرَكُمُ الشَّيْخَانِ: أَبُو الْيُمْنِ زَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ الْكِنْدِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنْتَ تَسْمَعُ، وَأَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سُكَيْنَةَ إِجَازَةً قَالا: أَنَا أَبُو عَبْد اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ سَمَاعًا عَلَيْهِ، زَادَ ابْنُ سُكَيْنَةَ وَالْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ السَّمَرْقَنْدِيُّ سَمَاعًا قَالا: أَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ النَّقُّورِ: قَالَ ابْن سُكَيْنَةَ، وَأَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حَكِيمٍ الْخبرِيِّ قَالَتْ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْمُسْلِمَةِ قَالا: أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عِيسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بْنِ الْجَرَّاحِ الْوَزِيرُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد البغوي، فثنا عمر بن زرارة، فثنا الْفَيَّاضُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طريقٍ، عَنِ الأَصْبَغِ، عَنْ نُبَاتَةَ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: كَانَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَحَادِيثَ، سَمِعَ بَعْضَهَا مِنْهُ، وَسَأَلَهُ أَنْ يُحَلِّيَ لَنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: كَانَ فَخْمًا مُفَخَّمًا، يَتَلأْلَأُ وَجْهُهُ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، أَقْصَرَ مِنَ الْمُشَذَّبِ، وَأَطْوَلَ الْمَرْبُوعِ، عَظِيمَ الْهَامَةِ، رَجِلَ الشَّعْرِ، إِنِ انْفَرَقَتْ عَقِيقَتَه فَرَقَ، وَإِلَّا فَلا يُجَاوِزُ شَعْرُهُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ إِذَا هُوَ وَفْرَة، أَزْهَرَ اللَّوْنِ، وَاسِعَ الْجَبِينِ، أَزَجَّ الْحَاجِبَيْن، سَوَابِغ فِي غَيْرِ قَرَنٍ، أَقْنَى الْعِرْنَيْنِ، لَهُ نُورٌ يَعْلُوهُ، يَحْسَبُهُ مَنْ لَمْ يَتَأَمَّلْهُ أَشَمَّ، سَهْلَ الْخَدَّيْنِ أَشْنَبَ، مُفَلَّجَ الأَسْنَانِ، دَقِيقَ الْمَسْرَبَةِ، كَأَنَّ عُنُقَهُ جِيدُ دُمْيَةٍ فِي صَفَاءِ الْفِضَّةِ، مُعْتَدِلَ الْخُلُقِ، بَادِنًا، مُتَمَاسِكًا، سَوَاءَ الْبَطْنِ وَالصَّدْرِ، عَرِيضَ الصَّدْرِ، بَعِيدَ مَا بني الْمَنْكِبَيْنِ، ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ، أَنْوَرَ الْمُتَجَرِّدِ، مَوْصُولَ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَالسُّرَّةِ بِشَعْرٍ يَجْرِي كَالْخَطِّ، عَارِي الثَّدْيَيْنِ وَالْبَطْنِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ أَشْعَرَ الذِّرَاعَيْنِ وَالْمَنَاكِبِ، وَأَعَالِي الصَّدْرِ، طَوِيلَ الزَّنْدَيْنِ سَائِرَ الأَصَابِعِ شئن الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ سَبْطَ
الْعِظَامِ، خَمْصَانَ الأَخْمَصَيْنِ، مَسِيحَ الْقَدَمَيْنِ، يَنْبُو عَنْهُمَا الْمَاءَ، صلى الله عليه وسلم.
وَقَدْ رُوِّينَا حديث الحسن بن علي: فثنا خالي هند بن أَبِي هَالَةَ عَنْ صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمَا سَبَقَ، وَفِيهِ: أَزَجَّ الْحَاجِبَيْنِ، سَوَابِغَ مِنْ غَيْرِ قَرَنٍ بَيْنَهُمَا عَرَقٌ يَدُرُّهُ الْغَضَبُ. وَفِيهِ: كَثَّ اللِّحْيَةِ، أَدْعَجَ، سَهْلَ الْخَدَّيْنِ، ضَلِيعَ الْفَمِ، وَفِيهِ: إِذَا زَالَ زَالَ تَقَلُّعًا، وَيَخْطُو تَكَفُّؤًا!، وَيَمْشِي هَوْنًا، ذَرِيعَ الْمِشْيَةِ إِذَا مَشَى كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ، وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا، خَافِضَ الطَّرْفِ، نَظَرُهُ إِلَى الأَرْضِ، أَطْوَلُ مِنْ نَظَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ، جُلُّ نَظَرِهِ الْمُلاحَظَةُ، يَسُوقُ أَصْحَابَهُ وَيَبْدَأُ مَنْ لَقِيَهُ بِالسَّلامِ. قُلْتُ: صِفْ لِي مَنْطِقَهُ؟ قَالَ: كَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَوَاصِلَ الأَحْزَانِ، دَائِمَ الْفِكْرَةِ، لَيْسَتْ لَهُ رَاحَة، وَلا يَتَكَلَّمُ فِي غَيْرِ حَاجَةٍ، طَوِيلَ السُّكُوتِ، يَفْتَتِحُ الْكَلامَ وَيَخْتِمُهُ بِأَشْدَاقِهِ، وَيَتَكَلَّمُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، فَضْلا لا فُضُولَ فِيهِ وَلا تَقْصِيرَ، دَمِثًا لَيْسَ بِالْجَافِي وَلا بِالْمُهِينِ، يُعَظِّمُ النِّعْمَةَ وَإِنْ دَقَّتْ، وَلا يَذُمُّ شَيْئًا، لَمْ يَكُنْ يَذُمُّ ذَوَاقًا وَلا يَمْدَحُهُ، وَلا يقام لغضه إِذَا تَعَرَّضَ لِلْحَقِّ بِشَيْءٍ حَتَّى يَنْتَصِرَ لَهُ، لا يَغْضَبُ لِنَفْسِهِ وَلا يَنْتَصِرُ لَهَا، إِذَا أَشَارَ أشار بكفه كلها، وإذا نعجب قَلَّبَهَا، وَإِذَا تَحَدَّثَ اتَّصَلَ بِهَا، فَضَرَبَ بِإِبْهَامِهِ الْيُمْنَى رَاحَتَهُ الْيُسْرَى، وَإِذَا غَضِبَ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ، وَإِذَا فَرَحَ غَضَّ طَرْفَهُ، جُلُّ ضَحِكِهِ التَّبَسُّمُ، وَيَفْتُرُ عَنْ مِثْلِ حُبِّ الْغَمَامِ. قَالَ الْحَسَنُ: فَكَتَمْتُهَا الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ زَمَانًا ثُمَّ حَدَّثْتُهُ فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَيْهِ، فَسَأَلَ أَبَاهُ عَنْ مَدْخَلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَخْرَجِهِ وَمَجْلِسِهِ وَشَكْلِهِ، فَلَمْ يَدَعْ مِنْهُ شَيْئًا، قَالَ الْحُسَيْنُ: سَأَلْتُ أَبِي عليه السلام عَنْ دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: كَانَ دُخُولُهُ لِنَفْسِهِ مَأْذُونًا لَهُ فِي ذَلِكَ، فَكَانَ إِذَا أَوَى إِلَى مَجْلِسِهِ جَزَّأَ دُخُولَهُ ثَلاثَةَ أَجْزَاءٍ، جُزْءًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَجُزْءًا لأهله، وجزءا لنفسه، ثم جزءا جُزْآهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، فَيَرُدُّ ذَلِكَ عَلَى الْعَامَّةِ بِالْخَاصَّةِ، وَلا يَدَّخِرُ عَنْهُمْ شَيْئًا، فَكَانَ مِنْ سِيرَتِهِ فِي جُزْءِ الأُمَّةِ إِيثَارُ أَهْلِ ذِي الْفَضْلِ بِإِذْنِهِ، قِسْمَتُهُ عَلَى قَدْرِ فَضْلِهِمْ فِي الدِّينِ، مِنْهُمْ ذُو الْحَاجَةِ، وَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَتَيْنِ، وَمِنْهُمْ ذُو الْحَوائِج، فَيَتَشَاغَلُ بِهِمْ وَيُشْغِلُهُمْ فِيمَا أَصْلَحَهُمْ، وَالأُمَّةَ فِي مَسْأَلَتِهِ عَنْهُمْ، وَإِخْبَارِهِمْ بِالَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ، وَيَقُولُ: لَيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ، وَأَبْلِغُونِي حَاجَة مَنْ لا يَسْتَطِيعُ إِبْلاغَ حاجته، فَإِنَّهُ مَنْ أَبْلَغَ سُلْطَانًا حَاجَةَ مَنْ لا يَسْتَطِيعُ إِبْلاغَهَا ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لا يُذْكَرُ عِنْدَهُ إِلَّا ذَلِكَ، وَلا يُقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ غَيْرَهُ، يَدْخُلُونَ رُوَّادًا، وَلا يَتَفَرَّقُونَ إِلَّا عَنْ ذَوَاقٍ، وَيَخْرُجُونَ أَدِلَّةً، يَعْنِي: فُقَهَاءَ. قُلْتُ:
فَأَخْبِرْنِي عَنْ مَخْرَجِهِ كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِيهِ؟ قَالَ: كَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يخزن لسانه إلا ما يَعْنِيهِمْ وَيُؤْلِفُهُمْ وَلا يُفَرِّقُهُمْ، يُكْرِمُ كَرِيمَ كُلِّ قَوْمٍ وَيُوَلِيهِ عَلَيْهِمْ، وَيُحَذِّرُ النَّاسَ
وَيَحْتَرِسُ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْوِيَ عَنْ أَحَدٍ بِشَرِّهِ وَخلقِهِ، وَيَتَفَقَّدُ أَصْحَابَهُ، وَيَسْأَلُ النَّاسَ عَمَّا فِي النَّاسِ، وَيُحَسِّنُ الْحَسَنَ وَيُصَوِّبُهُ، وَيُقَبِّحُ الْقَبِيحَ وَيُوهِنُهُ مُعْتَدِلَ الأَمْرِ غَيْرَ مُخْتَلفٍ، وَلا يَغْفَلُ مَخَافَةَ أَنْ يَغْفَلُوا أَوْ يَمَلُّوا، لِكُلِّ حَالٍ عِنْدَهُ عَتَادٌ، لا يُقْصِرُ عَنِ الْحَقِّ وَلا يُجَاوِزُهُ إِلَى غَيْرِهِ الَّذِينَ يَلُونَهُ مِنَ النَّاسِ، خِيَارُهُمْ وَأَفْضَلُهُمْ عِنْدَهُ أَعَمُّهُمْ نَصِيحَةً، وَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ مَنْزِلَةً أَحْسَنُهُمْ مُوَاسَاةً وَمُؤَازَرَةً. فَسَأَلْتُهُ عَنْ مَجْلِسِهِ عَمَّا كَانَ يَصْنَعُ فِيهِ فَقَالَ: كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يَجْلِسُ وَلا يَقُومُ إِلَّا عَلَى ذِكْرٍ، وَلا يُوطِنُ الأَمَاكِنَ وَيَنْهَى عَنْ إِيطَانِهَا، وَإِذَا انْتَهَى إِلَى الْقَوْمِ جَلَسَ حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ الْمَجْلِسُ وَيَأْمُرُ بِذَلِكَ، وَيُعْطِي كُلَّ جُلَسَائِهِ نَصِيبَهُ حَتَّى لا يَحْسَبُ جَلِيسُهُ أَنَّ أَحَدًا أَكْرَمُ عَلَيْهِ مِنْهُ، مَنْ جَالَسَهُ أَوْ قَاوَمَهُ لِحَاجَةٍ صَابَرَهُ حتى يكون هو المنصرف عنه، من سَأَلَهُ حَاجَةً لَمْ يَرُدَّهُ إِلَّا بِهَا أَوْ بِمَيْسُورٍ مِنَ الْقَوْلِ. وَقَدْ وَسِعَ النَّاسَ بَسْطُهُ وَخُلُقُهُ، فَصَارَ لَهُمْ أَبًا وَصَارُوا عِنْدَهُ فِي الْحَقِّ سَوَاءً، مُتَفَاضِلِينَ فِيهِ بِالتَّقْوَى، مَجْلِسُهُ مَجْلِسُ حِلْمٍ وَحَيَاءٍ وَصَبْرٍ وَأَمَانَةٍ، لا تُرْفَعُ فِيهِ الأصوات، ولا تؤبن فيه الحرم، ولا تنثى فلتاته يتعاطفون بالتقوى متواضعين يوفرون فيه الكبير ويرحمون الصغير ويرفدون الْحَاجَةِ وَيَرْحَمُونَ الْغَرِيبَ.
فَسَأَلْتُهُ عَنْ سِيرَتِهِ صلى الله عليه وسلم فِي جُلَسَائِهِ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَائِمَ الْبِشْرِ، سَهْلَ الْخُلُقِ، لَيِّنَ الْجَانِبِ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلا غَلِيظٍ وَلا سَخَّابٍ وَلا فَحَّاشٍ وَلا عَيَّابٍ وَلا مَدَّاحٍ، يَتَغَافَلُ عَمَّا لا يَشْتَهِي وَلا يُؤَيِّسُ مِنْهُ، قَدْ تَرَكَ نَفْسَهُ مِنْ ثَلاثٍ: الرِّيَاءِ، وَالإِكْثَارِ، وَمَا لا يَعْنِيهِ وَتَرَكَ النَّاسَ مِنْ ثَلاثٍ: كَانَ لا يَذُمُّ أَحَدًا وَلا يُعَيِّرُهُ وَلا يَطْلُبُ عَوْرَتَهُ، وَلا يَتَكَلَّمُ إِلَّا فِيمَا يَرْجُو ثَوَابَهُ، إِذَا تَكَلَّمَ أَطْرَقَ جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطَّيْرُ، وَإِذَا سَكَتَ تَكَلَّمُوا لا يَتَنَازَعُونَ عِنْدَهُ الْحَدِيثَ، مَنْ تَكَلَّمَ عِنْدَهُ أَنْصَتُوا لَهُ حَتَّى يفرغ حديثهم حَدِيثِ أَوَّلِهِمْ. يَضْحَكُ مِمَّا يَضْحَكُونَ مِنْهُ، وَيَعْجَبُ مِمَّا يَعْجَبُونَ، وَيَصْبِرُ لِلْغَرِيبِ عَلَى الْجَفْوَةِ فِي المنطق، ويقول:«إذا رَأَيْتُمْ صَاحِبَ الْحَاجَةِ يَطْلُبُهَا فَارْفدُوهُ، وَلا تَطْلُبُوا الثَّنَاءَ إِلَّا مِنْ مُكَافِئٍ» ، وَلا يَقْطَعُ عَلَى أحد حديثه حتى يجوزه فَيَقْطَعَهُ بِانْتِهَاءٍ أَوْ قِيَامٍ» . قُلْتُ: كَيْفَ كَانَ سُكُوتُهُ؟ قَالَ: كَانَ سُكُوتُهُ عَلَى أَرْبَعٍ: عَلَى الْحِلْمِ، وَالْحَذَرِ، وَالتَّقْدِيرِ، وَالتَّفَكُّرِ، فَأَمَّا تَقْدِيرُهُ فَفِي تَسْوِيَةِ النَّظَرِ وَالاسْتِمَاعِ مِنَ النَّاسِ، وَأَمَّا تَفَكُّرُهُ فَفِيمَا يَبْقَى وَيَفْنَى، وَجُمِعَ لَهُ الْحِلْمُ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّبْرِ فَكَانَ، لا يُغْضِبُهُ شَيْءٌ يَسْتَفِزُّهُ، وَجُمِعَ لَهُ فِي الْحَذَرِ أربع وأخذه بِالْحَسَنِ لِيُقْتَدَى بِهِ، وَتَرْكُهُ الْقَبِيحِ لِيُنْتَهَى عَنْهُ، وَاجْتِهَادُ الرَّأْيِ بِمَا أَصْلَحَ أُمَّتَهُ، وَالْقِيَامُ لَهُمْ بِمَا جَمَعَ لَهُمْ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
قَالَ