المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثاني]

- ‌تتمة جماع أبواب مغازي رسول الله ص وبعوثه وسراياه

- ‌غَزْوَةُ أُحُدٍ

- ‌ذكر فوائد تتعلق بهذه الأخبار

- ‌ذكر من استشهد يوم أحد من الْمُهَاجِرِينَ

- ‌بعض ما قيل من الشعر يوم أُحُدٍ

- ‌ذكر فوائد تتعلق بما ذكرناه من الأَشْعَارِ

- ‌فضل شهداء أحد

- ‌غزوة حمراء الأسد

- ‌سَرِيَّةُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الأَسَدِ

- ‌سَرِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ

- ‌بَعْثُ الرَّجِيعِ

- ‌قِصَّةُ بِئْرِ مَعُونَةَ

- ‌وممن استشهد يَوْمِ بِئْرِ مَعُونَةَ

- ‌غزوة بني النضير

- ‌غزوة ذات الرقاع [1]

- ‌غزوة بدر الأخيرة

- ‌غَزْوَةُ دُومَةِ الْجَنْدَلِ

- ‌غزوة الخندق

- ‌ذكر شهداء الخندق

- ‌غزوة بَنِي قُرَيْظَة [1]

- ‌ذكر فوائد تتعلق بما سبق من ذكر الخَنْدَق وَبَنِي قُرَيْظَةَ

- ‌سَرِيَّةُ مُحَمَّد بْن مَسْلَمَة إِلَى الْقُرَطَاءِ

- ‌سَرِيَّةُ عَبْد اللَّهِ بْن عَتِيكٍ لِقَتْلِ أَبِي رَافِعٍ سَلامِ بْنِ أَبِي الْحَقِيقِ

- ‌إسلام عمرو بن العاص وخالد بن الوليد رضي الله عنهما

- ‌غزوة بني لحيان

- ‌غَزْوَةُ ذِي قَرَدٍ- وَيُقَالُ لَهَا: غَزْوَةُ الْغَابَةِ

- ‌ذكر فوائد تتعلق بهذه الواقعة

- ‌سَرِيَّةُ سَعِيدِ بْن زَيْدٍ إِلَى الْعُرَنِيِّينَ

- ‌ذكر فوائد تتعلق بهذا الخبر

- ‌غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسيع

- ‌حَدِيثُ الإِفْكِ

- ‌ذكر فوائد تتعلق بخبر بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَحَدِيثِ الإِفْكِ

- ‌سَرِيَّةُ عُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ إِلَى الْغَمْرِ

- ‌سَرِيَّةُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ إِلَى ذِي الْقصّةِ

- ‌سَرِيَّةُ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ إِلَى ذِي الْقصَّةِ

- ‌سَرِيَّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ رضي الله عنه إِلَى بَنِي سُلَيْمٍ بِالْجمُومِ [1]

- ‌سرية زيد بن حارثة إلى العيص

- ‌سَرِيَّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ إِلَى الطّرفِ

- ‌سَرِيَّةُ زيد بن حارثة إلى حسمي

- ‌سَرِيَّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ إِلَى وَادِي الْقُرَى- ثم سَرِيَّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ إِلَى وَادِي الْقُرَى فِي رَجَبٍ سَنَةَ سِتٍّ

- ‌سَرِيَّةُ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْفٍ إِلَى دُومَةِ الجندل

- ‌سَرِيَّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ إِلَى مَدْيَنَ

- ‌سرية علي بن أبي طالب إلى بني سَعْد بْن بَكْرٍ بِفَدَكٍ [1]

- ‌سَرِيَّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ إِلَى أُمِّ قِرْفَةَ بِوَادِي الْقُرَى

- ‌سَرِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْن رَوَاحَةَ أسير بن رازم

- ‌سَرِيَّةُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ وَسَلَمَة بْنِ حَرِيشٍ [2]

- ‌غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديبية

- ‌ذكر فوائد تتعلق بخبر الْحُدَيْبِيَةِ

- ‌ذِكْرُ الْخَبَرِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ وَأَبِي جَنْدَلٍ

- ‌غزوة خيبر

- ‌ذكر القسمة

- ‌ذكر من استشهد بخيبر

- ‌أَمْرُ وَادِي الْقُرَى

- ‌خبر تيماء

- ‌سَرِيَّةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَى تُرَبَةَ

- ‌سرية أبي بكر الصديق رضي الله عنه إِلَى بَنِي كِلابِ بِنَجْدٍ

- ‌سَرِيَّةُ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ الأَنْصَارِيِّ إِلَى فَدَكٍ

- ‌سَرِيَّةُ غالب بن عبد الله الليثي إلى الميفعة

- ‌سَرِيَّةُ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ الأَنْصَارِيِّ إِلَى يَمَنٍ وجبار

- ‌عُمْرَةُ الْقَضَاءِ، وَيُقَالُ لَهَا: عُمْرَةُ الْقِصَاصِ

- ‌سَرِيَّةُ ابْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ السُّلَمِيِّ إِلَى بَنِي سُلَيْمٍ

- ‌سَرِيَّةُ غَالِبِ بْنِ عَبْد اللَّهِ اللَّيْثِيِّ إِلَى بَنِي الْمُلَوِّحِ بِالْكَدِيدِ

- ‌سَرِيَّةُ غَالِبِ بْنِ عَبْد اللَّهِ اللَّيْثِيِّ إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد بفدك

- ‌سَرِيَّةُ شُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ الأَسَدِيِّ إِلَى بني عامر بالسيء

- ‌سَرِيَّةُ كَعْبِ بْنِ عُمَيْرٍ الْغِفَارِيِّ إِلَى ذَاتِ اطلاع وَهِيَ مِنْ وَرَاءِ وَادِي الْقُرَى

- ‌غَزْوَةُ مُؤْتَةُ

- ‌تسمية من استشهد يوم مؤتة

- ‌ذكر فوائد تتعلق بهذه الأَخْبَارِ

- ‌سرية عمرو بن العاص إلى ذات سلاسل

- ‌سرية الخبط

- ‌خبر العنبر

- ‌سَرِيَّةُ أَبِي قتادة بن ربعي إلى خضرة وهي أرض محارب

- ‌سَرِيَّةُ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الأَنْصَارِيِّ إِلَى بَطْنِ إِضَمٍ وهي فِي أَوَّلِ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ

- ‌سَرِيَّةُ ابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الأَسْلَمِيِّ إِلَى الْغَابَةِ

- ‌فتح مكة شرفها الله تعالى وكانت فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ

- ‌بَقِيَّةُ الْخَبَرِ عَنْ فَتْحِ مَكَّةَ

- ‌ذكر فوائد تتعلق بخبر الفتح سوى ما تقدم

- ‌سَرِيَّةُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ

- ‌ثم سرية عمرو بن العاص إلى سواع

- ‌ثم سَرِيَّةُ سَعْدِ بْنِ زَيْدٍ الأَشْهَلِ إِلَى مَنَاةَ

- ‌ثم سَرِيَّةُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ

- ‌غَزْوَةُ حُنَيْنٍ وَهِيَ غَزْوَةُ هَوَازِنَ

- ‌قدوم وفد هوازن على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[بعض ما قيل من الشعر يوم حنين]

- ‌ذكر فوائد تتعلق بغزوة حُنَيْنٍ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا

- ‌سَرِيَّةُ الطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الدَّوْسِيِّ إِلَى ذِي الْكَفَّيْنِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ

- ‌غَزْوَةُ الطَّائِفِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ

- ‌تسمية من استشهد بالطائف مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌سَرِيَّةُ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ الْفَزَارِيِّ إِلَى بَنِي تَمِيمٍ

- ‌ذِكْرُ فَوَائِدَ تَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْخَبَرِ

- ‌سَرِيَّةُ قُطْبَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ حَدِيدَةَ

- ‌سَرِيَّةُ الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ الْكِلابِيِّ إِلَى بَنِي كِلابٍ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ تسع

- ‌سَرِيَّةُ عَلْقَمَةَ بْنِ مجزز [1] المدجلي إِلَى الْحَبَشَةِ

- ‌سَرِيَّةُ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب رضي الله عنه

- ‌سَرِيَّةُ عُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ

- ‌خَبَرُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وقصيدته

- ‌ذكر فوائد تتعلق بهذا الخبر

- ‌غَزْوَةُ تَبُوكَ فِي شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ

- ‌بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة

- ‌أمر مَسْجِدُ الضِّرَارِ

- ‌أمر وفد ثقيف وإسلامه فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ

- ‌حَجِّ أَبِي بَكْرٍ بِالنَّاسِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ

- ‌وفود العرب

- ‌قُدُومُ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ

- ‌قُدُومُ الْجَارُودِ بْنِ بِشْرِ بْنِ الْمُعَلَّى فِي وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا

- ‌قدوم بين حنيفة ومعهم مسيلمة الكذاب

- ‌قدوم زيد الخيل بن مهلهل الطائي في وفد طىء

- ‌قُدُومُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ الطَّائِيِّ

- ‌قُدُومُ فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ الْمُرَادِيِّ

- ‌قُدُومُ عَمْرِو بْنِ مَعْدِي كَرِبَ

- ‌قُدُومُ الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ

- ‌قُدُومُ صُرَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَزْدِيِّ

- ‌كتاب مُلُوكِ حِمْيَرَ

- ‌إسلام فروة بن عمرو

- ‌إسلام بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ

- ‌قُدُومُ رفاعة الجذامي

- ‌وَفْدُ هَمْدَانَ

- ‌وَفْدُ تُجِيبَ

- ‌وَفْدُ بَنِي ثَعْلَبَةَ

- ‌وَفْدُ بَنِي سَعْدٍ هُذَيْمٍ

- ‌وَفْدُ بَنِي فَزَارَةَ

- ‌وَفْدُ بَنِي أَسَدٍ

- ‌وَفْدُ بَهْرَاءَ

- ‌وَفْدُ بَنِي عُذْرَةَ

- ‌وَفْدُ بُلَيٍّ

- ‌وَفْدُ بَنِي مُرَّةَ

- ‌وَفْدُ خَوْلانَ

- ‌وَفْدُ بَنِي مُحَارِبٍ

- ‌وَفْدُ صُدَاءَ

- ‌وَفْدُ غَسَّانَ

- ‌وَفْدُ سَلامَانَ

- ‌وَفْدُ بَنِي عَبْسٍ

- ‌وَفْدُ غَامِدٍ

- ‌وَفْدُ النَّخَعِ

- ‌ذِكْرُ بَعْثِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُلُوكِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلامِ

- ‌ذِكْرِ كتب النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ كِتَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى قَيْصَرَ وَمَا كَانَ مِنْ خَبَرِ دِحْيَةَ معه

- ‌ذِكْرُ تَوَجُّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ إِلَى كِسْرَى بِكِتَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ إِسْلامِ النَّجَاشِيِّ وَكِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ مَعَ عَمْرِو بْنِ أمية الضمري

- ‌كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الْمُقَوْقِسِ مَعَ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ

- ‌كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوِي الْعَبْدِيِّ مَعَ الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ بَعْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ

- ‌كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى جَيْفَرٍ وَعَبْدٍ ابْنَيِ الْجُلَنْدِيِّ الأَزْدِيِّينَ، مَلِكَيْ عُمَانَ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ

- ‌كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هَوْذَةَ بْنِ عَلِيٍّ الْحَنَفِيِّ صَاحِبِ الْيَمَامَةِ مَعَ سَلِيطِ بْنِ عَمْرٍو الْعَامِرِيِّ

- ‌كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحرث بْنِ أَبِي شِمْرٍ الْغَسَّانِيِّ مَعَ شُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ

- ‌سَرِيَّةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى الْيَمَنِ

- ‌حَجَّةُ الْوَدَاعِ

- ‌سَرِيَّةُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ إِلَى أُبْنَى وَهِيَ أَرْضُ الشُّرَاةِ نَاحِيَةَ الْبَلْقَاءِ

- ‌ذِكْرُ الْحَوَادِثِ جُمْلَةً بَعْدَ قُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةِ

- ‌فِي السَّنَةِ الأُولَى:

- ‌وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ:

- ‌وَفِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ:

- ‌وَفِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ:

- ‌وَفِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ:

- ‌وَفِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ:

- ‌وَفِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ:

- ‌وَفِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ:

- ‌وَفِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ:

- ‌ذِكْرُ نُبْذَةٍ مِنْ مُعْجِزَاتِهِ عليه السلام

- ‌ذِكْرُ أَوْلادِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ أَعْمَامِهِ وَعَمَّاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر فوائد تتعلق بهذا الفصل سوى ما تقدم

- ‌ذِكْرُ أَزْوَاجِهِ وَسَرَارِيهِ سَلامُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِنَّ

- ‌ذِكْرُ خَدَمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ مَوَالِي رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر أسمائه عليه الصلاة والسلام

- ‌ذكر كتابه عليه أفضل الصلاة والسلام

- ‌ذِكْرُ حُرَّاسِهِ وَمَنْ كَانَ يَضْرِبُ الأَعْنَاقَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمُؤَذِّنِيهِ

- ‌الْعَشَرَةُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَالْحَوَارِيُّونَ وَأَهْلُ الصُّفَّةِ

- ‌ذِكْرُ سِلاحِهِ عليه السلام

- ‌ذكر فوائد تتعلق بهذا الفصل سوى ما تقدم

- ‌ذكر خيله عليه أفضل الصلاة والسلام وماله مِنَ الدَّوَابِّ وَالنَّعَمِ

- ‌ذِكْرُ صِفَتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في تفسير غريب هَذَا الْحَدِيثِ وَمُشْكِلُهُ

- ‌ذِكْرُ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ

- ‌ذكر جمل من أخلاقه عليه أفضل الصلاة والسلام

- ‌ذِكْرُ مُصِيبَةِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِوَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ الأَسَانِيدِ الَّتِي وَقَعَتْ لِي مِنَ الْمُصَنِّفِينَ

الفصل: ‌غزوة بني قريظة [1]

‌غزوة بَنِي قُرَيْظَة [1]

رُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ: فثنا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ شَرِيكٍ الْبَزَّارُ، فثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أَنَا الْعُمَرِيُّ عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْخَنْدَقِ، بَيْنَا هُوَ عِنْدِي إِذْ دَقَّ الْبَابُ، فَارْتَاعَ لِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَوَثَبَ وَثْبَةً مُنْكَرَةً وَخَرَجَ، فَخَرَجْتُ فِي أَثَرِهِ، فَإِذَا رَجُلٌ عَلَى دَابَّةٍ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُتَّكِئٌ عَلَى مَعْرَفَةِ الدَّابَّةِ يُكَلِّمُهُ، فَرَجَعْتُ، فَلَمَّا دَخَلَ قُلْتُ: مَنْ ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي كُنْتَ تُكَلِّمُهُ؟ قَالَ: وَرَأَيْتِيهِ» ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:«بِمَنْ تُشَبِّهِينَهُ» ؟ قُلْتُ: بِدِحْيَةَ بْنِ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيِّ، قَالَ:«ذَاكَ جِبْرِيلُ، أَمَرَنِي أَنْ أمضي إلى بني قريظة» .

قال ابن إسحق: وَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم انْصَرَفَ عَنِ الخَنْدَق رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ والمسلمون، ووضعوا السِّلاحَ، فَلَمَّا كَانَتِ الظُّهْرُ أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَمَا حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، مُعْتَجِرًا [2] بِعِمَامَةٍ مِنَ إِسْتَبْرَقٍ عَلَى بَغْلَةٍ عَلَيْهَا رحالة، عليها قطيفة ديباج، فقال: أو قد وَضَعْتَ السِّلاحَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» فَقَالَ جِبْرِيلُ: مَا وَضَعَتِ الْمَلائِكَةُ السِّلاحَ بَعْدُ، وَمَا رَجَعَتِ الآنَ إِلَّا مِنْ طَلَبِ الْقَوْمِ، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ يَا مُحَمَّد بِالْمَسِيرِ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، فَإِنِّي عَامِدٌ إِلَيْهِمْ فَمُزَلْزِلٌ بِهِمْ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مُؤَذِّنًا فَأَذَّنَ فِي النَّاسِ: مَنْ كَانَ سَامِعًا مُطِيعًا فَلا يُصَلِّيَنَّ الْعَصْرَ إِلَّا بِبَنِي قُرَيْظَةَ.

وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَائِذٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْوَلِيدُ عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ السُّلامِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْسِلُ رَأْسَهُ مَرْجَعَهُ من طلب الأحزاب، إذ

[ (1) ] وكانت في السنة الخامسة للهجرة.

[ (2) ] يقال: اعتجر فلان بالعمة: أي لفها على رأسه ورد طرفها على وجهه.

ص: 100

وَقَفَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ فَقَالَ: مَا أَسْرَعَ مَا حَلَلْتُمْ، وَاللَّهِ مَا نَزَعْنَا من لأُمَّتِنَا [1] شَيْئًا منذ نزل العدو بك، قم فسد عَلَيْكَ سِلاحَكَ، فَوَاللَّهِ لأَدُقَّنَّهُمْ كَدَقِّ الْبَيْضِ عَلَى الصَّفَا، ثُمَّ وَلَّى، فَأَتْبَعْتُهُ بَصَرِي، فَلَمَّا رَأَيْنَا ذَلِكَ نَهَضْنَا. قَالَ: وَأَخْبَرَنِي الْوَلِيدُ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: بَعَثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ مُنَادِيًا: يَا خَيْلَ اللَّهِ ارْكَبِي.

قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثُمَّ سَارَ إِلَيْهِمْ فِي الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ ثَلاثَةُ آلافٍ، وَالْخَيْلُ سِتَّةٌ وَثَلاثُونَ فَرَسًا، وَذَلِكَ فِي يَوْمِ الأَرْبَعَاءِ لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ.

وَاسْتُعْمِلَ عَلَى الْمَدِينَةِ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فيما قال ابن هشام.

قال ابن إسحق: وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بِرَايَتِهِ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، وَابْتَدَرَهَا النَّاسُ، فَسَارَ، [2] حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَ الْحُصُونِ سَمِعَ مِنْهَا مَقَالَةً قَبِيحَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَرَجَعَ حَتَّى لقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بِالطَّرِيقِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لا عَلَيْكَ أَنْ لا تَدْنُوَ مِنْ هَؤُلاءِ الأَخَابِيثِ قَالَ:«لِمَ، أَظُنُّكَ سَمِعْتَ مِنْهُمْ لِي أَذًى» قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«لَوْ رَأَوْنِي» لَمْ يَقُولُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَلَمَّا دَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم من حُصُونِهِمْ قَالَ: يَا إِخْوَانَ الْقِرَدَةِ هَلْ أَخْزَاكُمُ اللَّهُ وَأَنْزَلَ بِكْمُ نِقْمَتَهُ» قَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ مَا كُنْتَ جَهُولا، وَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِنَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ بِالصّورين [3] قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، فَقَالَ:«هَلْ مَرَّ بِكُمْ أَحَدٌ» ، قَالُوا:

يَا رَسُولَ اللَّهِ مَرَّ بِنَا دِحْيَةُ بْنُ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيُّ عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ عَلَيْهَا رِحَالَةٌ، وَعَلَيْهَا قَطِيفَةُ دِيبَاجٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«ذَاكَ جِبْرِيلُ بَعَثَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ يُزَلْزِلُ بِهِمْ حُصُونَهُمْ، وَيَقْذِفُ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِهِمْ» وَلَمَّا أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَنِي قُرَيْظَةَ يُزَلْزِلُ بِهِمْ حُصُونَهُمْ، وَيَقْذِفُ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِهِمْ» وَلَمَّا أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَنِي قُرَيْظَةَ نَزَلَ عَلَى بِئْرٍ مِنْ آبَارِهَا [4] ، وَتَلاحَقَ بِهِ النَّاسُ، فَأَتَى رِجَالٌ مِنْ بَعْدِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ وَلَمْ يُصَلُّوا الْعَصْرَ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ» فَشَغَلَهُمْ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْهُ بُدٌّ فِي حَرْبِهِمْ، وَأَبَوْا أَنْ يُصَلُّوا لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«حَتَّى تَأْتُوا بَنِي قُرَيْظَةَ» فَصَلَّوُا الْعَصْرَ بِهَا بَعْدَ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ، فَمَا عَابَهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ فِي كِتَابِهِ، وَلا عَنَّفَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبِي إسحق بْنُ يَسَارٍ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مالك الأنصاري.

[ (1) ] اللائمة: أداة الحرب كلها، من رمح وبيضة ومغفر وسيف ودرع، والجمع: لأم ولؤم.

[ (2) ] وعند ابن هشام: فسار علي بن أبي طالب.

[ (3) ] وهو موضع قرب المدينة.

[ (4) ] وعند ابن هشام: يقال لها بئر أنا، قال ابن هشام: بئر أني.

ص: 101

وَحَاصَرَهُمْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، حَتَّى جَهَدَهُمُ الْحِصَارُ، وَقَذَفَ اللَّه فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ، وَقَدْ كَانَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ دَخَلَ مَعَ بَنِي قُرَيْظَة فِي حِصْنِهِمْ حِينَ رَجَعَتْ عَنْهُمْ قُرَيْشٌ وغَطَفَان، وَفَاءً لِكَعْبِ بْنِ أَسَدٍ بِمَا كَانَ عَاهَدَهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَيْقَنُوا بِأَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ مُنْصَرِفٍ عَنْهُمْ حَتَّى يُنَاجِزُهُمْ، قَالَ كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ لَهُمْ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، قَدْ نَزَلَ بِكُمْ مِنَ الأَمْرِ مَا تَرَوْنَ، وَإِنِّي عَارِضٌ عَلَيْكُمْ خلالا ثَلاثًا، فَخُذُوا أَيَّهَا شِئْتُمْ، قَالُوا: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: نُتَابِعُ هَذَا الرَّجُلَ وَنُصَدِّقُهُ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ أَنَّهُ لَنَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَإِنَّهُ لَلَّذِي تَجِدُونَهُ فِي كِتَابِكُمْ، فَتَأْمَنُونَ عَلَى دِمَائِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَأَبْنَائِكُمْ وَنِسَائِكُمْ، قَالُوا: لا نُفَارِقُ حُكْمَ التَّوْرَاةِ أَبَدًا، وَلا نَسْتَبْدِلُ بِهِ غَيْرَهُ، قَالَ: فَإِذَا أَبَيْتُمْ عَلَى هَذِهِ فَهَلُمَّ فَلْنُقْتُلُ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا، ثُمَّ نَخْرُجُ إِلَى مُحَمَّد وَأَصْحَابِهِ رِجَالا مُصَلَّتِينَ بِالسُّيُوفِ، لَمْ نَتْرُكْ وَرَاءَنَا ثقلا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّه بَيْنَنَا وَبَيْنَ مُحَمَّد، فَإِنْ نَهْلِكْ نَهْلِكْ وَلَمْ نَتْرُكْ وَرَاءَنَا نَسْلا نَخْشَى عَلَيْهِ، وَإِنْ نَظْهَرْ فَلَعَمْرِي لَنَجِدِ النِّسَاءَ وَالأَبْنَاءَ، قَالُوا: نَقْتُلُ هَؤُلاءِ الْمَسَاكِينَ، فَمَا خَيْرُ الْعَيْشِ بَعْدَهُمْ؟ قَالَ: فَإِنْ أَبَيْتُمْ عَلَيَّ هَذِهِ فَإِنَّ اللَّيْلَةَ لَيْلَةُ السَّبْتِ، وَإِنَّهُ عَسَى أَنْ يَكُونَ مُحَمَّد وَأَصْحَابُهُ قَدْ أَمِنُونَا فِيهَا، فَانْزِلُوا لَعَلَّنَا نُصِيبُ مِنْ مُحَمَّد وَأَصْحَابِهِ غزة، قَالُوا: نُفْسِدُ سَبْتَنَا [1] وَنُحْدِثُ فِيهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا إِلَّا مَنْ قَدْ عَلِمْتَ، فَأَصَابَهُ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ مِنَ الْمَسْخِ، قَالَ: مَا بَاتَ رَجُلٌ مِنْكُمْ مُنْذُ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ لَيْلَةً وَاحِدَةً مِنَ الدَّهْرِ حازما.

ثُمَّ إِنَّهْمُ بَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنِ ابْعَثْ إِلَيْنَا أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ أَخَا بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَكَانُوا حُلَفَاءَ الأَوْسِ، نَسْتَشِيرُهُ فِي أَمْرِنَا، فَأَرْسَلَهُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامَ إِلَيْهِ الرِّجَالُ، وَجَهَشَ إِلَيْهِ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ يَبْكُونَ فِي وَجْهِهِ، فَرَقَّ لَهُمْ وَقَالُوا [2] : يَا أَبَا لُبَابَةَ، أَتَرَى أَنْ نَنْزِلَ عَلَى حُكْمِ مُحَمَّد؟ قَالَ: نَعَمْ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ أَنَّهُ الذَّبْحُ،

قَالَ أبو لبابة: فو الله مَا زَالَتْ قَدَمَايَ مِنْ مَكَانِهِمَا حَتَّى عَرَفْتُ أَنِّي قَدْ خُنْتُ اللَّه وَرَسُولَهُ، ثُمَّ انْطَلَقَ أَبُو لُبَابَةَ عَلَى وَجْهِهِ، وَلَمْ يَأْتِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى ارْتَبَطَ فِي الْمَسْجِدِ إِلَى عَمُودٍ مِنْ عُمُدِهِ وَقَالَ: لا أَبْرَحُ مَكَانِي هَذَا حَتَّى يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيَّ مِمَّا صَنَعْتُ، وَعَاهَدْتُ اللَّه أَنْ لا أَطَأَ بَنِي قُرَيْظَةَ أَبَدًا، وَلا أُرَى فِي بلد خنت الله ورسوله

[ (1) ] وعند ابن هشام: نفسد ستنا علينا ونحدث فيه ما لم يحدث مَنْ كَانَ قَبْلَنَا إِلَّا مَنْ قَدْ عَلِمْتَ.

[ (2) ] وعند ابن هشام: وقالوا له.

ص: 102

فِيهِ أَبَدًا، [1] فَلَمَّا بَلَغَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَبَرُهُ، وَكَانَ قَدِ اسْتَبْطَأَهُ، قَالَ:«أَمَّا لَوْ جَاءَنِي لاسْتَغْفَرْتُ لَهُ، وَأَمَّا إذا فَعَلَ مَا فَعَلَ فَمَا أَنَا بِالَّذِي أُطْلِقُهُ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّى يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ» .

وحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْن عَبْد اللَّهِ بْن قُسَيْطٍ أَنَّ تَوْبَةَ أَبِي لُبَابَةَ نَزَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَسَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ السَّحَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ، قَالَتْ: قُلْتُ: مِمَّ تَضْحَكُ أَضْحَكَ اللَّه سِنَّكَ؟ قَالَ: تِيبَ عَلَى أَبِي لُبَابَةَ» قَالَتْ: قُلْتُ: أَفَلا أُبَشِّرُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«بَلَى إِنْ شِئْتِ» قَالَ: فَقَامَتْ عَلَى بَابِ حُجْرَتِهَا، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْهِنَّ الْحِجَابُ فَقَالَتْ: يَا أَبَا لُبَابَةَ أَبْشِرْ، فَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَيْكَ، قَالَتْ: فَثَارَ النَّاسُ إِلَيْهِ لِيُطْلِقُوهُ، فَقَالَ: لا وَاللَّهِ، حَتَّى يَكُونَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ الَّذِي يُطْلِقُنِي بِيَدِهِ، فَلَمَّا مَرَّ عَلَيْهِ خَارِجًا إِلَى صلاة الصبح أطلقه.

قَالَ ابْن هِشَامٍ: أَقَامَ أَبُو لُبَابَةَ مُرْتَبِطًا بِالْجِذْعِ سِتَّ لَيَالٍ، تَأْتِيهِ امْرَأَتُهُ فِي وَقْتِ كُلِّ صَلاةٍ فَتَحُلُّهُ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ يَعُودُ فَيَرْتَبِطُ بِالْجِذْعِ فِيمَا حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ.

وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ أبا لبابة ارتبط سلسلة رُبُوضٍ- وَالرُّبُوضُ الثَّقِيلَةُ- بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، حَتَّى ذَهَبَ سَمْعُهُ، فَمَا يَكَادُ يَسْمَعُ، وَكَادَ يَذْهَبُ بَصَرُهُ، وَكَانَتِ ابْنَتُهُ تَحُلُّهُ إِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ، أَوْ أَرَادَ أَنْ يَذْهَبَ لِحَاجَةٍ، فَإِذَا فَرَغَ إعادته إلى الرباط، فقال رسول الله:«لَوْ جَاءَنِي لاسْتَغْفَرْتُ لَهُ» .

قَالَ أَبُو عُمَرَ: اخْتُلِفَ فِي الْحَالِ الَّذِي أَوْجَبَ فِعْلِ أَبِي لُبَابَةَ هَذَا بِنَفْسِهِ، وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَ أَبُو لُبَابَةَ مِمَّنْ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تَبُوكَ، فَرَبَطَ نَفْسَهُ بِسَارِيَةٍ وَقَالَ: وَاللَّهِ لا أحل نفسي منها، أو أَذُوقُ طَعَامًا وَلا شَرَابًا حَتَّى يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيَّ أَوْ أَمُوتَ، فَمَكَثَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ لا يَذُوقُ طَعَامًا وَلا شَرَابًا حَتَّى خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ نَحْوَ ما تقدم في حل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهُ،

ثُمَّ قَالَ أَبُو لُبَابَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَهْجُرَ دَارَ قَوْمِي الَّتِي أَصَبْتُ فِيهَا الذَّنْبَ، وَأَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي كُلِّهِ صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، قال:«يجزئك يا أبا لبابة الثلث» .

[ (1) ] قال ابن هشام: وأنزل الله تعالى في لبابة فيما قال سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله بن أبي قتادة: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ سورة الأنفال: الآية 27.

ص: 103

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ وُجُوهٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً [1] الآيَةَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَبِي لُبَابَةَ وَنَفَرٍ مَعَهُ سَبْعَةٍ أَوْ ثَمَانِيَةٍ، أَوْ سَبْعَةٍ سِوَاهُ، تَخَلَّفُوا عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ ثُمَّ نَدِمُوا، فَتَابُوا وَرَبَطُوا أَنْفُسَهُمْ بِالسَّوَارِي، فَكَانَ عَمَلُهُمُ الصَّالِحُ تَوْبَتُهُمْ، والسيء تَخَلُّفُهُمْ عَنِ الْغَزْوِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الذَّنْبَ الَّذِي أَتَاهُ أَبُو لُبَابَةَ كَانَ إِشَارَتُهُ إِلَى حُلَفَائِهِ بَنِي قُرَيْظَةَ أَنَّهُ الذَّبْحُ إِنْ نَزَلْتُمْ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ معاذ وإشارته إلى حلقه، فنزلت فيه:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ الآية.

قال ابن إسحق: ثُمَّ إِنَّ ثَعْلَبَةَ بْنَ سَعْيَةَ، وَأُسَيْدَ بْنَ سَعْيَةَ، وَأُسَيْدُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَهُمْ نَفَرٌ مِنْ هدل، ليسوا من بني قريظة ولا النضير، نَسَبُهُمْ فَوْقَ ذَلِكَ، وَهُمْ بَنُو عَمِّ الْقَوْمِ، أَسْلَمُوا تِلْكَ اللَّيْلَةَ الَّتِي نَزَلَتْ فِيهَا قُرَيْظَةُ عَلَى حُكْمِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَخَرَجَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ عَمْرُو بْنُ سَعْدِيٍّ الْقُرَظِيُّ، فَمَرَّ بِحَرَسِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَعَلَيْهِ مُحَمَّد بْن مَسْلَمَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قال: أنا عمرو بن سعدي، وكان عمر قَدْ أَبَى أَنْ يَدْخُلَ مَعَ بَنِي قُرَيْظَةَ فِي غَدْرِهِمْ برَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: لا أَغْدِرُ بِمُحَمَّدٍ أَبَدًا، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْن مَسْلَمَةَ حِينَ عَرَفَهُ: اللَّهُمَّ لا تحرمني إقالة] [2] عَثَرَاتِ الْكِرَامِ، ثُمَّ خَلَّى سَبِيلَهُ فَخَرَج عَلَى وَجْهِهِ، حَتَّى بَاتَ [3] فِي مَسْجِدِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ ذَهَبَ فَلَمْ يَدْرِ أَيْنَ وُجِّهَ مِنَ الأَرْضِ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا، فَذُكِرَ لِرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَأْنُهُ، فَقَالَ: ذَلِكَ رجل تجاه اللَّه بِوَفَائِهِ. وَبَعْضُ النَّاسِ يَزْعُمُ أَنَهُّ كَانَ أَوْثَقَ بُرْمَةً [4] فِيمَنْ أَوْثَقَ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ حِينَ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَصْبَحَتْ رُمَّتُهُ مُلْقَاةً، وَلا يُدْرَى أَيْنَ ذَهَبَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ تِلْكَ الْمَقَالَةَ، فَاللَّهِ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ فَلَمَّا أَصْبَحُوا نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَوَاثَبَتِ الأَوْسُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنهم مَوَالِينَا دُونَ الْخَزْرَجِ، وَقَدْ فَعَلْتَ فِي مَوَالِي إِخْوَانِنَا بِالأَمْسِ مَا قَدْ عَلِمْتَ. وَقَدْ كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بَنِي قُرَيْظَةَ قَدْ حَاصَرَ بَنِي قَيْنُقَاعٍ، وَكَانُوا حُلَفَاءَ الْخَزْرَجِ، فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ، فَسَأَلَهُ إِيَّاهُمْ عبد الله بن أبي ابن سَلُولٍ، فَوَهَبَهُمْ لَهُ،

فَلَمَّا كَلَّمَتْهُ الأَوْسُ قَالَ رسول الله

[ (1) ] سورة التوبة: الآية 102.

[ (2) ] زيدت على الأصل من سيرة ابن هشام.

[ (3) ] وعن ابن هشام: حتى أتى.

[ (4) ] وهو الحبلى البالي.

ص: 104

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الأَوْسِ أَنْ يَحْكُمَ فِيهِمْ رَجُلٌ مِنْكُمْ» ، قَالُوا: بَلَى، قَالَ:

فَذَلِكَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ،

وَكَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ جَعَلَ سَعْد بْن مُعَاذٍ فِي خَيْمَةٍ لامْرَأَةٍ مِنْ أَسْلَمَ يُقَالُ لَهَا: رُفَيْدَةُ، فِي مَسْجِدِهِ كَانَتْ تُدَاوِي الْجَرْحَى، وَتَحْتَسِبُ بِنَفْسِهَا على خدمة من كانت به ضَيْعَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ قَالَ لِقَوْمِهِ حِينَ أَصَابَهُ السَّهْمُ بِالخَنْدَق، اجْعَلُوهُ فِي خَيْمَةِ رُفَيْدَةَ حَتَّى أَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ، فَلَمَّا حَكَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَنِي قُرَيْظَةَ أَتَاهُ قَوْمُهُ، فَحَمَلُوهُ عَلَى حِمَارٍ وَقَدْ وَطِئُوا لَهُ بِوِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ، وَكَانَ رَجُلا جَسِيمًا، ثُمَّ أَقْبَلُوا مَعَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ يَقُولُونَ: يَا أبا عمرو، أحسن من مَوَالِيكَ، فَإِنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنما ولاك ذَلِكَ لِتُحْسِنَ فِيهِمْ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا قَالَ: لَقَدْ آنَ لِسَعْدٍ أَنْ لا يَأْخُذَهُ فِي اللَّه لَوْمَةَ لائِمٍ، فَرَجَعَ بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ إِلَى دَارِ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، فَنَعَى إِلَيْهِمْ رِجَالُ بَنِي قُرَيْظَةَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِمْ سَعْدٌ عَنْ كَلِمَتِهِ الَّتِي سَمِعَ مِنْهُ،

فَلَمَّا انْتَهَى سَعْدٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمِينَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

«قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ» .

فَأَمَّا الْمُهَاجِرُونَ مِنْ قُرَيْشٍ فَيَقُولُونَ: إِنَّمَا أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الأَنْصَارَ، وَأَمَّا الأَنْصَارُ فَيَقُولُونَ: عَمَّ بِهَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُسْلِمِينَ فَقَامُوا إِلَيْهِ، فَقَالُوا:

يَا أَبَا عُمَرَ، إِنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ وَلاكَ أَمْرَ مَوَالِيكَ لِتَحْكُمَ فِيهِمْ،

فَقَالَ سَعْدٌ: عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ أَنَّ الْحُكْمَ فِيهِمْ كَمَا حَكَمْتُ، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: وَعَلَى مَنْ هَاهُنَا؟ فِي النَّاحِيَةِ الَّتِي فِيهَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُعْرِضٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِجْلالا لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«نَعَمْ» قَالَ سَعْدٌ: فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ الرِّجَالُ، وَتُقَسَّمَ الأَمْوَالُ، وَتُسْبَى الذَّرَارِيُّ والنساء.

قال ابن سعد: قال حميد: قال بَعْضُهُمْ: وَتَكُونُ الدِّيَارُ لِلْمُهَاجِرِينَ دُونَ الأَنْصَارِ، قَالَ: فَقَالَتِ الأَنْصَارُ: إِخْوَانُنَا [1] كُنَّا مَعَهُمْ، فَقَالَ: إِنِّي أحببت أن يستغنوا عنكم.

قال ابن إسحق: فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن مُعَاذٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لِسَعْدٍ: «لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ أَرْفِعَةٍ» .

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ عليّ بن أبي طالب صاح

[ (1) ] وعند ابن سعد: إخوتنا.

ص: 105

وهم محاصرو بني قريظة: [يا كتيبة][1] الإِيمَانِ، وَتَقَدَّمَ هُوَ وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، قَالَ:

والله لأذوقن ما ذاق حمزة، أو لأفتحن حِصْنَهُمْ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد نَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ سعد.

قال ابن إسحق: ثُمَّ اسْتَنْزَلُوا، فَحَبَسَهُمْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم [بالمدينة][2] فِي دَارِ بِنْتِ الْحَارِثِ، امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، ثُمَّ خَرَجَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى سُوقِ الْمَدِينَةِ، الَّتِي هِيَ سُوقُهَا الْيَوْمَ، فخَنْدَق بِهَا خَنَادِقَ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِمْ، فَضَرَب أَعْنَاقَهُمْ فِي تِلْكَ الْخَنَادِقِ، فَخَرَجَ بِهِمْ إِلَيْهَا أَرْسَالا، وَفِيهِمْ عَدُوُّ اللَّهِ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ، وَكَعْبُ بْنُ أَسَدٍ رَأْسُ الْقَوْمِ، وهم ستمائة أو سبعمائة، والمكثر يقول: كانوا ما بين الثمانمائة والتسعمائة، وَقَدْ قَالُوا لِكَعْبِ بْنِ أَسَدٍ وَهُمْ يُذْهَبُ بِهِمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْسَالا: يَا كَعْبُ، مَا تَرَاهُ يَصْنَعُ بنا؟ قال: أفي كُلِّ مَوْطِنٍ لا تَعْقِلُونَ! أَمَا تَرَوْنَ الدَّاعِي لا يَنْزِعُ، وَأَنَّهُ مَنْ ذَهَبَ مِنْكُمْ لا يَرْجِعُ، هُوَ وَاللَّهِ الْقَتْلُ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ الدَّأَبُ حَتَّى فَرَغَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وأتى يحيى بْنِ أَخْطَبَ عَدُوِّ اللَّهِ [3] ، مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ بِحَبْلٍ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ مَا لُمْتُ نَفْسِي فِي عَدَاوَتِكَ، وَلَكِنَّهُ مَنْ يَخْذِلِ اللَّه يُخْذَلْ، ثُمَّ أَقْبَل عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لا بَأْسَ بِأَمْرِ اللَّهِ، كِتَابٍ وَقَدَرٍ وَمَلحمَةٍ كُتِبَتْ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ [4] ، ثُمَّ جَلَسَ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ.

وَقَدْ حَدَّثَنِي محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمْ يُقْتَلْ مِنْ نِسَائِهِمْ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، قَالَتْ: وَاللَّهِ إِنَّهَا لَعِنْدِي تُحَدِّثُ مَعِي وَتَضْحَكُ ظَهْرًا وَبَطْنًا، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْتُلُ رِجَالَهَا فِي السُّوقِ، إِذْ هَتَفَ هَاتِفٌ بِاسْمِهَا، أَيْنَ فُلانَةُ؟

قَالَتْ: أَنَا، وَاللَّهِ قَالَتْ: قُلْتُ لها: ويلك، مالك؟ قَالَتْ: أُقْتَلُ، قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَتْ:

لِحَدَثٍ أَحْدَثْتُهُ، قَالَتْ: فَانْطُلِقَ بِهَا، فَضُرِبَتْ عُنُقُهَا، فَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: فَوَاللَّهِ مَا أَنْسَى عَجَبًا مِنْهَا، طِيبَ نَفْسِهَا، وَكَثْرَةَ ضَحِكِهَا وَقَدْ عَرَفَتْ أَنَّهَا تُقْتَلُ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ:

هِيَ الَّتِي طَرَحَتِ الرَّحَا على خلاد بن سوسيد فقتلته.

[ (1) ] وردت في الأصل: بكتيبه، وما أثبتناه من سيرة ابن هشام.

[ (2) ] زيدت على الأصل من سيرة ابن هشام.

[ (3) ] وعند ابن هشام: وعليه حلة فقاحية- قال ابن هشام: فقاحية: ضرب من الوشي- قد شقها عليه من كل ناحية قدر أنملة لئلا يسلبها

[ (4) ] وعند ابن هشام: كتاب وقدر وملحمة كتبها الله على بني إسرائيل.

ص: 106

وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ أَمَرَ بِهِمْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة فَكُتِّفُوا، وَجُعِلُوا نَاحِيَةً، وَأُخْرِجَ النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ، فَكَانُوا نَاحِيَةً، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَبْد اللَّهِ بْن سَلامٍ، وَجَمَعَ أَمْتِعَتَهُمْ وَمَا وَجَدَ فِي حُصُونِهِمْ، مِنَ الحلقة والأثاث والثياب، فوجد فيها ألفا وخمسمائة سيف، وثلاثمائة درع، وألفي رمح، وخمسمائة تِرْسٍ وَحَجَفَةً، وَخَمْرًا وَجرارَ سُكَّرٍ، فَأُهْرِيقَ ذَلِكَ كُلّهُ، وَلَمْ يخمسْ، وَوَجَدُوا أَجْمَالَ نَوَاضِحَ وَمَاشِيَةً كثيرة.

قال ابن إسحق: وَقَدْ كَانَ ثَابِتُ بْن قَيْس بْن الشَّمَّاسِ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ أَتَى الزُّبْيَرَ بْنَ بَاطَا الْقُرَظِيَّ، وَكَانَ يُكَنَّى: أَبَا عَبْد الرَّحْمَن- وَكَانَ الزُّبَيْرُ قَدْ مَنَّ عَلَى ثَابِتِ بْنِ قَيْس فِي الْجَاهِلِيَّةِ، ذَكَرَ لِي بَعْضُ وَلَدِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ كَانَ مَنَّ عَلَيْهِ يَوْمَ بعَاثٍ، أَخَذَهُ فَجَزَّ نَاصِيَتَهُ ثُمَّ خَلَّى سَبِيلَهُ- فَجَاءَهُ ثَابِتٌ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْد الرَّحْمَن، هَلْ تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: وَهَلْ يَجْهَلُ مِثْلِي مِثْلَكَ، قَالَ: إِنِّي قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أُجْزِيَكَ بِيَدِكَ عِنْدِي، قَالَ: إِنَّ الْكَرِيمَ يُجْزِي الْكَرِيمَ،

ثُمَّ أَتَى ثَابِتٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ كَانَ لِلزُّبَيْرِ عَلِيَّ مِنَّةٌ، وَقَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ أُجْزِيَهُ بِهَا، فَهَبْ لِي دَمَهُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«هُوَ لَكَ» فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ وَهَبَ لِي دَمَكَ، فَهُوَ لَكَ، قَالَ: شَيْخٌ كَبِيرٌ لا أَهْلَ لَهُ وَلا وَلَد، فَمَا يَصْنَعُ بِالْحَيَاةِ؟ قَالَ: فَأَتَى ثَابِتٌ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، امْرَأَتَهُ وَوَلَدَهُ؟ قَالَ: هُمْ لَكَ [1]، قَالَ: فَأَتَاهُ فَقَالَ: قَدْ وَهَبَ لِي رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَكَ وَوَلَدَكَ، فَهُمْ لَكَ، قَالَ: أَهْلُ بَيْتٍ بِالْحِجَازِ لا مَالَ لَهُمْ، فَمَا بَقَاؤُهُمْ عَلَى ذَلِكَ؟ فَأَتَى ثابت رسول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَالَهُ؟ قَالَ: هُوَ لَكَ، فَأَتَاهُ ثَابِتٌ فَقَالَ: قَدْ أَعْطَانِي رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَالَكَ، فَهُوَ لَكَ،

قَالَ: أَيْ ثَابِتٌ، مَا فَعَلَ الَّذِي كَأَنَّ وَجْهَهُ مِرْآةٌ صِينِيَّةٌ تَتَرَاءَى فِيهِ عَذَارَى الْحَيِّ كَعْب بْن أَسَدٍ؟ قَالَ: قُتِلَ، قَالَ: فَمَا فَعَلَ سَيِّدُ الْحَاضِرِ وَالْبَادِي حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ؟ قَالَ: قُتِلَ، قَالَ: فَمَا فَعَلَ مُقَدِّمَتُنَا إِذَا شَدَدْنَا، وَحَامِيَتُنَا إِذَا فَرَرْنَا عَزَّالُ بْنُ سَمَوْأَلٍ؟ قَالَ: قُتِلَ:

قَالَ: فَمَا فَعَلَ الْمجلسَانِ؟ يَعْنِي بَنِي كَعْبِ بْنِ قُرَيْظَةَ، وَبَنِي عَمْرِو بْنِ قُرَيْظَةَ، قَالَ:

ذَهَبُوا قُتِلُوا، قَالَ: فَإِنِّي أَسْأَلُكَ يَا ثَابِتُ بِيَدِي عِنْدِكَ إِلَّا أَلْحَقْتَنِي بِالْقَوْمِ، فَوَاللَّهِ مَا فِي الْعَيْشِ بَعْدَ هَؤُلاءِ من خير، أفما أَنَا بِصَابِرٍ لِلَّهِ قبلَةَ دَلْوٍ نَاضِحٍ حَتَّى أَلْقَى الأَحِبَّةَ، فَقَدَّمَهُ ثَابِتٌ فَضَرَبَ عُنُقَهُ، فَلَمَّا بَلَغَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَوْلُهُ: أَلْقَى الأَحِبَّةَ، قال: يلقاهم والله

[ (1) ] وعند ابن هشام: فأتى ثابت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:

بأبي أنت وأمي يا رسول الله: هب لي امرأته وولده

ص: 107

فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا،

وَذَكَر أَبُو عُبَيْدٍ هَذَا الْخَبَرَ، وَفِيهِ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَكَ أَهْلُهُ وَمَالُهُ إن أسلم» .

قال ابن إسحق: حَدَّثَنِي شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ قَالَ: كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أَمَرَ أَنْ يَقْتُلَ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ، كُلَّ مَنْ أَنْبَتَ [1] ، وَكُنْتُ غُلامًا، فَوَجَدُونِي لَمْ أَنْبُتْ فَخَلُّوا سَبِيلِي، وَسَأَلَتْ أُمُّ الْمُنْذِرِ سَلْمَى بِنْتُ قَيْسٍ أُخْتُ سُلَيْطٍ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَتْ إِحْدَى خَالاتِهِ رِفَاعَة بْن سَمَوْأَلٍ الْقُرَظِيّ وَكَانَ قَدْ بَلَغَ، قَالَتْ: فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ سَيُصَلِّي وَيَأْكُلُ لَحْمَ الْجَمَلِ فَوَهَبَهُ لَهَا، ثُمَّ خُمِّسَتْ غَنَائِمُهُمْ، وَقُسِّمَتْ لِلْفَارِسِ ثَلاثَةُ أَسْهُمٍ: سَهْمٌ لَهُ، وَسَهْمَانِ لِفَرَسِهِ، وَلِلرَاجِلِ سَهْمٌ، وَهُوَ أَوَّلُ فَيْءٍ وَقَعَتْ فِيهِ السَّهْمَانِ وَخُمِّسَ وَكَانَتِ الْخَيْلُ سِتَّةً وَثَلاثِينَ فَرَسًا.

ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَعْدَ بْنَ زَيْدٍ الأَنْصَارِيَّ، أَخَا بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ بِسَبَايَا مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ إِلَى نَجْدٍ، فَابْتَاعَ لَهُمْ بِهِمْ خَيْلا وَسِلاحًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِ اصْطَفَى لِنَفْسِهِ منهم [2] ريحانة بنت عَمْرَو بْنَ خنَافَةَ، إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي عَمْرِو بْنِ قُرَيْظَةَ، فَكَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تُوُفِّيَ عَنْهَا (وَسَيَأْتِي ذِكْرُهَا فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) .

وَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل فِي أَمْرِ الْخَنْدَقِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ مِنَ الْقُرْآنِ، القصة في سورة الأحزاب [3] يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً [4] وَالْجُنُودُ قُرَيْشٌ وَغَطَفَانُ وَبَنُو قُرَيْظَةَ، وَكَانَتِ الْجُنُودُ الَّتِي أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَعَ الرِّيحِ الْمَلائِكَة:[يقول الله تعالى][5] : إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ بنو قريظة وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ قُرَيْش وَغَطَفَان إِلَى قَوْلِهِ وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها- يَعْنِي خَيْبَرَ- وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً.

[ (1) ] وعند ابن هشام: كل من أنبت منهم.

[ (2) ] وعند ابن هشام: لنفسه من نسائهم.

[ (3) ] وعند ابن هشام: يذكر فيها ما نزل من البلاء ونعمته عليهم، وكفايته إياهم حين فرج ذلك عنهم بعد مقالة من قال من أهل النفاق.

[ (4) ] زيدت على الأصل من سيرة ابن هشام.

[ (5) ] زيدت على الأصل من سيرة ابن هشام.

ص: 108