الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قُدُومُ عَمْرِو بْنِ مَعْدِي كَرِبَ
وَقَدِمَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرِبَ [1] فِي أُنَاسٍ مِنْ بَنِي زبيد. قدم عمرو فأسلّم، وَكَانَ قَدْ قَالَ لِقَيْسِ بْنِ مَكْشُوحٍ الْمُرَادِيِّ، وَقَيْسِ ابْنِ أُخْتِهِ: يَا قَيْسُ إِنَّكَ سَيِّدُ قَوْمِكَ، وَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَجُلا مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدٌ قَدْ خَرَجَ بِالْحِجَازِ يَقُولُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَانْطَلِقْ بِنَا إِلَيْهِ حَتَّى نَعْلَمَ عِلْمَهُ، فَإِنْ كَانَ نَبِيًّا كَمَا يَقُولُ فإنه لم يَخْفَى عَلَيْنَا، إِذَا لَقِينَاهُ اتَّبَعْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ عَلِمْنَا عِلْمَهُ، فَأَبَى عَلَيْهِ قَيْسٌ ذلك، وسبقه رَأْيَهُ، فَرَكِبَ عَمْرٌو حَتَّى قَدِمَ عَلَى رَسُولِ الله فَأَسْلَمَ وَصَدَّقَهُ وَآمَنَ بِهِ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ قيسا أوعد عمرا، فقال عمر فِي ذَلِكَ شِعْرًا أَوَّلُهُ:
أَمَرْتُكَ يَوْمَ ذِي صنعا
…
ء أمرا باديا رشده [2]
[ (1) ] وعند ابن هشام: يكرب.
[ (2) ] وبقية الأبيات عند ابن هشام (4/ 230) .
أمرتك باتقاء الله
…
والمعروف تتعده
خرجت من المثنى مث
…
ل الحمير عرة وقده
تمناني على فرس
…
عليه جالسا أسده
على مفاضة كالنهي
…
أخلص ماءه جدده
ترد الرمح فثنى ال
…
سنان عواثرا قصده
فلو لاقيتين للقي
…
ست ليثا فوقه لبده
تلاقي شنبثا شئن
…
البراشن ناشزا كنده
يسامي القرن إن قرن
…
يتممه فيقتصده
فيأخذه فيرفعه
…
فيخفضه فيقتصده
فيدفعه فيحطمه
…
فيخضمه فيزدرده
ظلوم الشرك فيما أح
…
رزت أنيابه ويده
وأقام عمرو في قومه من بني زييد، وَعَلْيِهْم فَرْوَةُ بْنُ مُسَيْكٍ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ارْتَدَّ عَمْرٌو. قاله ابن إسحق.
وذكر أبو عمر من طريق ابن عبد الحكم فثنا الشَّّّافِعِيُّ قَالَ: وَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَخَالِدَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ إِلَى الْيَمَنِ قَالَ:«إذا اجتمعتا فعلى الأمير، وإذا افترقتما فكل واحد منكما أَمِيرٌ» ،
فَاجْتَمَعَا وَبَلَغَ عَمْرَو بْنَ مَعْدِي كَرِبَ مَكَانُهُمَا، فَأَقْبَلَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ قَوْمِهِ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُمَا قَالَ: دَعُونِي حَتَّى آتِيَ هَؤُلاءِ الْقَوْمَ، فَإِنِّي لَمْ أُسَمَّ لأَحَدٍ قَطُّ إِلا هابني، فلما دنا منهما نادى: أنا أبو ثور، أَنَا عَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرِبَ، فَابْتَدَرَهُ عَلِيٌّ وَخَالِدٌ: وَكِلاهُمَا يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: خَلِّنِي وَإِيَّاهُ، وَيَفْدِيهِ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَقَالَ عَمْرٌو إِذْ سَمِعَ قَوْلَهُمَا الْعَرَبُ تَفْزَعُ بِي وَأَرَانِي لِهَؤُلاءِ جَزَرَةً، فَانْصَرَفَ عَنْهُمَا، وَكَانَ عَمْرٌو فَارِسَ الْعَرَبِ مَشْهُورًا بِالشَّجَاعَةِ، وَكَانَ شَاعِرًا مُحْسِنًا، فَمِمَّا يُسْتَجَادُ مِنْ شَعْرِهِ قوله:
أعاذل عدتي بزني [1] وَرُمْحِي
…
وَكُلُّ مُقَلِّصٍ سَلِسَ الْقِيَادِ
أَعَاذِلَ إِنَّمَا أفنى شبابي
…
إجابتي الصريخ إِلَى الْمُنَادِي
مَعَ الأَبْطَالِ حَتَّى سَلَّ جِسْمِي
…
وَأَقْرَحَ عَاتِقِي حَمْلُ النِّجَادِ [2]
وَيَبْقَى بَعْدَ حِلْمِ الْقَوْمِ حِلْمِي
…
وَيَفْنَى قَبْلَ زَادِ الْقَوْمِ زَادِي
تمنى أن يلاقيني قبيس
…
وَدِدْتُ وَأَيْنَمَا مِنِّي وِدَادِي
فَمَنْ ذَا عَاذِرِي مِنْ ذِي سِفَاهٍ
…
يَرُودُ بِنَفْسِهِ شَرَّ الْمُرَادِ
أريد حباءه ويريد قتلي
…
عذريك مِنْ خَلِيلِكَ مِنْ مُرَادِ
يُرِيدَ قَيْسَ بْنَ مَكْشُوحٍ، وَأَسْلَمَ قَيْسٌ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَهُ ذِكْرٌ فِي الصَّحَابَةِ، وَقِيلَ:
كَانَ إِسْلامُهُ بَعْدَ وَفَاةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان شُجَاعًا فَارِسًا شَاعِرًا، وَكَانَ يُنَاقِضُ عَمْرًا، وَهُوَ القائل لعمر:
فلاو لاقَيْتَنِي لاقَيْتَ قِرْنًا
…
وَوَدَّعْتَ الْحَبَائِبَ بِالسَّلامِ
لَعَلَّكَ مَوْعِدِي بِبَنِي زُبَيْدٍ
…
وَمَا قَامَعْتُ مِنْ تِلْكَ اللِّئَامِ
وَمِثْلُكَ قَدْ قَرَنْتُ لَهُ يَدَيْهِ
…
إِلَى اللحيين يمشي في الخطام
[ (1) ] وفي الاستيعاب: بدني.
[ (2) ] وهي حمائل السيف.