الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَاعِدَةُ السَّادِسَةُ: «الْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ»
1 -، وَهُوَ حَدِيثٌ رَوَاهُ الْأَسْيُوطِيُّ، مَعْزِيًّا إلَى ابْنِ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «ادْفَعُوا الْحُدُودَ مَا اسْتَطَعْتُمْ» ، وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «ادْرَءُوا الْحُدُودَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ 2 - فَإِنْ وَجَدْتُمْ لِلْمُسْلِمِينَ مَخْرَجًا فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ، فَإِنَّ الْإِمَامَ لَأَنْ يُخْطِئَ فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ» ، وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَوْقُوفًا (ادْرَءُوا الْحُدُودَ وَالْقَتْلَ عَنْ عِبَادِ اللَّهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ)، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: أَجْمَعَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، وَالْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ فِي ذَلِكَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَتَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ.
وَالشُّبْهَةُ مَا يُشْبِهُ الثَّابِتَ، وَلَيْسَ بِثَابِتٍ، وَأَصْحَابُنَا رحمهم الله قَسَّمُوهَا إلَى شُبْهَةٍ فِي الْفِعْلِ، وَتُسَمَّى شُبْهَةَ الِاشْتِبَاهِ، وَإِلَى شُبْهَةٍ فِي الْمَحَلِّ؛ فَالْأُولَى تَتَحَقَّقُ فِي حَقِّ مَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْحِلُّ، وَالْحُرْمَةُ فَظَنَّ غَيْرَ الدَّلِيلِ دَلِيلًا فَلَا بُدَّ مِنْ الظَّنِّ، وَإِلَّا فَلَا شُبْهَةَ أَصْلًا.
ــ
[غمز عيون البصائر]
[الْقَاعِدَةُ السَّادِسَةُ الْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ]
قَوْلُهُ: وَهُوَ حَدِيثٌ ذَكَرَ الضَّمِيرَ الرَّاجِعَ لِلْقَاعِدَةِ مُرَاعَاةً لِلْخَبَرِ.
(2)
قَوْلُهُ: فَإِنْ وَجَدْتُمْ لِلْمُسْلِمِينَ مَخْرَجًا فَخَلُّوا سَبِيلَهُ، أَرْجَعَ ضَمِيرَ الْأَفْرَادِ عَلَى الْجَمْعِ بِاعْتِبَارِ وَاحِدِهِ.
كَظَنِّهِ حِلَّ وَطْءِ جَارِيَةِ زَوْجَتِهِ 4 - أَوْ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ أَوْ جَدِّهِ، وَإِنْ عَلَا، وَوَطْءِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَائِنًا عَلَى مَالٍ، وَالْمُخْتَلِعَةِ أَوْ أُمِّ الْوَلَدِ إذَا أَعْتَقَهَا، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ،، وَوَطْءِ الْعَبْدِ جَارِيَةَ مَوْلَاهُ، وَالْمُرْتَهِنِ فِي حَقِّ الْمَرْهُونَةِ فِي رِوَايَةٍ، وَمُسْتَعِيرُ الرَّهْنِ كَالْمُرْتَهِنِ.
فَفِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لَا حَدَّ إذَا قَالَ: ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي، وَلَوْ قَالَ: عَلِمْت أَنَّهَا حَرَامٌ عَلَيَّ وَجَبَ الْحَدُّ، 5 - وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الظَّنَّ 6 - وَالْآخَرُ لَمْ يَدَّعِ، لَا حَدَّ عَلَيْهِمَا حَتَّى يُقِرَّا جَمِيعًا بِعِلْمِهِمَا بِالْحُرْمَةِ
7 -
وَالشُّبْهَةُ فِي الْمَحَلِّ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ:
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: كَظَنِّهِ حِلَّ وَطْءِ جَارِيَةِ زَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ زِنًا؛ لِعَدَمِ الْمِلْكِ، وَحَقِّ التَّمَلُّكِ فِيهَا؛ غَيْرَ أَنَّ الْبُسُوطَةَ تَجْرِي بَيْنَهُمَا فِي الِانْتِفَاعِ بِالْأَمْوَالِ، وَالرِّضَى بِذَلِكَ عَادَةً، وَهِيَ تُجَوِّزُ الِانْتِفَاعَ بِالْمَالِ شَرْعًا، فَإِذَا ظَنَّ الْوَطْءَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ يُعْذَرُ؛ لِأَنَّ وَطْءَ الْجَوَارِي مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِخْدَامِ فَيَشْتَبِهُ الْحِلَّ، وَالِاشْتِبَاهُ فِي مَحَلِّهِ مَعْذُورٌ فِيهِ.
(4)
قَوْلُهُ: أَوْ أَبِيهِ: لَوْ قَالَ أَوْ أَصْلِهِ، وَإِنْ عَلَا لَكَانَ أَوْلَى.
(5)
قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الظَّنَّ، قَالَ فِي الْبَحْرِ: أَطْلَقَ فِي ظَنِّ الْحِلِّ فَيَشْمَلُ ظَنَّ الرَّجُلِ، وَظَنَّ الْجَارِيَةِ فَإِنْ ظَنَّا فَلَا حَدَّ، وَإِنْ عَلِمَا الْحُرْمَةَ وَجَبَ الْحَدُّ، وَإِنْ ظَنَّهُ الرَّجُلُ، وَعَلِمَتْهَا الْجَارِيَةُ أَوْ الْعَكْسُ فَلَا حَدَّ؛ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ إذَا تَمَكَّنَتْ فِي الْفِعْلِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ تَتَعَدَّى إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ ضَرُورَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(6)
قَوْلُهُ: وَالْآخَرُ لَمْ يَدَّعِ: يَشْمَلُ الشَّاكَّ، وَالْعَالِمَ بِالْحُرْمَةِ
(7)
قَوْلُهُ: وَالشُّبْهَةُ فِي الْمَحَلِّ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ: قِيلَ عَلَيْهِ: الْمَذْكُورُ فِي الْكُتُبِ خَمْسَةٌ، وَقَدْ عَدُّوا الْجَارِيَةَ الْمَمْهُورَةَ مِنْ أَفْرَادِ الشُّبْهَةِ فِي الْمَحَلِّ فِي غَيْرِهِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَقْطٌ مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ (انْتَهَى) .
أَقُولُ: هَذَا عَلَى مَا فِي نُسَخِهِ، وَأَمَّا عَلَى مَا هُوَ ثَابِتٌ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ فَلَا سَقْطَ.
جَارِيَةُ ابْنِهِ، وَالْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا بَائِنًا بِالْكِنَايَاتِ،، وَالْجَارِيَةُ الْمَبِيعَةُ إذَا، وَطِئَهَا الْبَائِعُ قَبْلَ تَسْلِيمِهَا إلَى الْمُشْتَرِي،، وَالْمَجْعُولَةُ مَهْرًا إذَا وَطِئَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ تَسْلِيمِهَا إلَى الزَّوْجَةِ، وَالْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ الْوَاطِئِ وَغَيْرِهِ، وَالْمَرْهُونَةُ إذَا وَطِئَهَا الْمُرْتَهِنُ فِي رِوَايَةِ كِتَابِ الرَّهْنِ 9 -، وَعَلِمَتْ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِالْمُخْتَارَةِ فَفِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لَا يَجِبُ الْحَدُّ، وَإِنْ قَالَ: عَلِمْت أَنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ هُوَ الشُّبْهَةُ فِي نَفْسِ الْحُكْمِ.
وَيَدْخُلُ فِي النَّوْعِ الثَّانِي: وَطْءُ جَارِيَةِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ، وَمُكَاتَبِهِ، وَوَطْءُ الْبَائِعُ الْجَارِيَةَ الْمَبِيعَةَ بَعْدَ الْقَبْضِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَاَلَّتِي فِيهَا الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، وَجَارِيَتُهُ الَّتِي هِيَ أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ، وَجَارِيَتُهُ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَالزَّوْجَةِ الْمُحَرَّمَةِ بِالرِّدَّةِ أَوْ بِالْمُطَاوَعَةِ لِابْنِهِ أَوْ بِجِمَاعِهِ لِأُمِّهَا (انْتَهَى مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ) .
وَهُنَا شُبْهَةٌ ثَالِثَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله، وَهِيَ شُبْهَةُ الْعَقْدِ فَلَا حَدَّ إذَا وَطِئَ مُحَرَّمَةً بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْحُرْمَةِ، فَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ وَطِئَ امْرَأَةً تَزَوَّجَهَا بِلَا شُهُودٍ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا أَوْ مَوْلَاهُ.
وَقَالَا: يُحَدُّ فِي وَطْءِ مُحَرَّمَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا، إذَا قَالَ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: جَارِيَةُ ابْنِهِ، لَوْ قَالَ جَارِيَةُ فَرْعِهِ، وَإِنْ سَفَلَ لَكَانَ أَوْلَى، هَذَا وَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ ابْنِهِ، وَأَجْنَبِيٍّ هَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ؟ لَمْ أَرَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِمْ: إنَّ مَا فِيهَا مِنْ الْمِلْكِ يَكْفِي لِصِحَّةِ الِاسْتِيلَاءِ، وَفِيمَا لَوْ كَانَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْوَاطِئِ، وَغَيْرِهِ فَلْيَكُنْ مَا فِيهَا مِنْ حَقِّ التَّمَلُّكِ دَارِئًا لِلْحَدِّ؛ لِأَنَّ لِلْأَبِ حَقَّ تَمَلُّكِ مَالِ ابْنِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ.
(9)
قَوْلُهُ: وَعَلِمَتْ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِالْمُخْتَارَةِ أَقُولُ: عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ تَنْكِيرِ الرِّوَايَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَالْمُرْتَهِنُ فِي حَقِّ الْمَرْهُونَةِ فِي رِوَايَةٍ.
عَلِمْت أَنَّهَا حَرَامٌ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ
10 -
وَمِنْ الشُّبْهَةِ وَطْءُ امْرَأَةٍ اُخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ نِكَاحِهَا
. وَمِنْهَا شُرْبُ الْخَمْرِ لِلتَّدَاوِي 11 - وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ تَحْرِيمُهُ
، وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِاسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ 12 -، وَاخْتُلِفَ فِي التَّوْكِيلِ بِإِثْبَاتِهَا، وَمِمَّا بُنِيَ عَلَى أَنَّهَا تُدْرَأُ بِهَا أَنَّهَا لَا تَثْبُتُ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ، وَلَا بِكِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي، وَلَا بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِحَدٍّ مُتَقَادِمٍ سِوَى حَدِّ الْقَذْفِ إلَّا إذَا كَانَ لِبُعْدِهِمْ عَنْ الْإِمَامِ.
، وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ السَّكْرَانِ بِالْحُدُودِ الْخَالِصَةِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَمِنْ الشُّبْهَةِ وَطْءُ امْرَأَةٍ اُخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ نِكَاحِهَا، كَالْمَنْكُوحَةِ بِالْأَوْلَى حَتَّى إذَا كَانَ الزَّوْجُ شَافِعِيًّا فَوَطِئَهَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ، أَقُولُ لَا خَفَاءَ فِي أَنَّ الشُّبْهَةَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ شُبْهَةُ عَقْدٍ، فَلَوْ قَالَ: وَمِنْ شُبْهَةِ الْعَقْدِ وَطْءُ امْرَأَةٍ إلَخْ لَكَانَ أَوْلَى
(11)
قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ تَحْرِيمَهُ أَيْ الشُّرْبِ لِلتَّدَاوِي، فِيهِ تَأَمَّلْ
(12)
قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ فِي التَّوْكِيلِ بِإِثْبَاتِهَا: ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّ حَدَّ الزِّنَا وَالشُّرْبِ مُخْتَلَفٌ فِي صِحَّةِ التَّوْكِيلِ بِإِثْبَاتِهِمَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِإِثْبَاتِهِمَا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ فِيهِمَا، وَإِنَّمَا تُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَى وَجْهِ الْحِسْبَةِ فَإِذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا عَنْهُ لَا يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ، وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِإِثْبَاتِ الْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ، وَالسَّرِقَةِ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَإِذَا قَامَتْ، وَثَبَتَ الْحَقُّ فَلِلْمُوَكَّلِ اسْتِيفَاؤُهُ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله: لَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِإِثْبَاتِهَا كَمَا لَا يَجُوزُ بِاسْتِيفَائِهَا، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ رحمه الله مُضْطَرِبٌ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مَعَ الْإِمَامِ رحمه الله إلَّا أَنَّهُ لَا يُجَوِّزُهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَلَا رِضَا الْخَصْمِ، وَعِنْدَ الْإِمَامِ لَا يَجُوزُ بِأَحَدِهِمَا.
وَقِيلَ: هَذَا الْخِلَافُ فِي حَالَةِ غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ، وَأَمَّا فِي حَالِ حَضْرَتِهِ فَهُوَ جَائِزٌ إجْمَاعًا
إلَّا أَنَّهُ يُضَمَّنُ الْمَالَ، وَلَا يُسْتَحْلَفُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لِرَجَاءِ النُّكُولِ، وَفِيهِ شُبْهَةٌ حَتَّى إذَا أَنْكَرَ الْقَاذِفُ تُرِكَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ
، وَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، وَلَوْ بَرْهَنَ الْقَاذِفُ بِرَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ، وَامْرَأَتَيْنِ عَلَى قَرَارِ الْمَقْذُوفِ بِالزِّنَا 14 - فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، فَلَوْ بَرْهَنَ بِثَلَاثَةٍ عَلَى الزِّنَا حُدَّ، وَحُدُّوا
، وَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مَالِ أَصْلِهِ، وَإِنْ عَلَا، وَفَرْعِهِ، وَإِنْ سَفَلَ، 15 -، وَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ 16 - وَسَيِّدِهِ 17 - وَعَبْدِهِ، 18 - وَمِنْ بَيْتٍ مَأْذُونٍ بِدُخُولِهِ، 19 - وَلَا فِيمَا كَانَ أَصْلُهُ مُبَاحًا كَمَا عَلِمْت تَفَارِيعَهُ فِي كِتَابِ السَّرِقَةِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ لَا يُضَمَّنُ الْمَالَ: يَعْنِي فِيمَا لَوْ أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ، وَيُضَمَّنُ الْمَالَ الْمَسْرُوقَ.
(14)
قَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْمَقْذُوفِ، وَأَمَّا الْقَاذِفُ فَيُحَدُّ
(15)
قَوْلُهُ: وَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَيْ، وَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ (16) قَوْلُهُ: وَسَيِّدِهِ أَيْ، وَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ السَّيِّدِ مِنْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ.
(17)
قَوْلُهُ: وَعَبْدِهِ؛ أَيْ، وَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ الْعَبْدِ مِنْ سَيِّدِهِ.
(18)
قَوْلُهُ: وَمِنْ بَيْتٍ مَأْذُونٍ إلَخْ: أَيْ، وَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مَالٍ مِنْ بَيْتٍ مَأْذُونٍ فِي دُخُولِهِ.
(19)
قَوْلُهُ: وَلَا فِيمَا كَانَ أَصْلُهُ مُبَاحًا كَذَا فِي النُّسَخِ بِالنَّصْبِ، وَالصَّوَابُ بِالرَّفْعِ، وَلَا قَطْعَ فِي سَرِقَةِ مَالِ أَصْلُهُ مُبَاحٌ كَالْكَلَأِ الْمُحَرَّزِ، وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رحمه الله حَذْفُ اسْمِ لَا، وَهُوَ لَا يَجُوزُ.
، وَيَسْقُطُ الْقَطْعُ بِدَعْوَاهُ كَوْنِ الْمَسْرُوقِ مِلْكَهُ، وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ، وَهُوَ اللِّصُّ الظَّرِيفُ، وَكَذَا إذَا ادَّعَى أَنَّ الْمَوْطُوءَةَ زَوْجَتُهُ 21 -، وَلَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ
. تَنْبِيهٌ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُتَرْجِمِ فِي الْحُدُودِ كَغَيْرِهَا؛ فَإِنْ قِيلَ: وَجَبَ أَنْ لَا يُقْبَلَ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْمُتَرْجِمِ بَدَلٌ عَنْ عِبَارَةِ الْعَجَمِيِّ، وَالْحُدُودُ لَا تَثْبُتُ بِالْأَبْدَالِ؛ 22 - أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا تَثْبُتُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَكِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي؟ أُجِيبُ بِأَنَّ كَلَامَ الْمُتَرْجِمِ لَيْسَ بِبَدَلٍ عَنْ كَلَامِ الْأَعْجَمِيِّ، 23 - لَكِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَعْرِفُ لِسَانَهُ، وَلَا يَقِفُ عَلَيْهِ، وَهَذَا الرَّجُلُ الْمُتَرْجِمُ يَعْرِفُهُ، وَيَقِفُ عَلَيْهِ، فَكَانَتْ عِبَارَتُهُ كَعِبَارَةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ، لَا بِطَرِيقِ الْبَدَلِ بَلْ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ؛ لِأَنَّهُ يُصَارُ إلَى
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ الْقَطْعُ بِدَعْوَاهُ كَوْنِ الْمَسْرُوقِ مِلْكَهُ: أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُ الْمَسْرُوقِ مِلْكَهُ بَعْدَ مَا ثَبَتَ السَّرِقَةُ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ دَارِئَةٌ لِلْحُدُودِ فَتُحَقَّقُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، بِدَلِيلِ صِحَّةِ الرُّجُوعِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ.
كَمَا فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ مَا يُقْطَعُ، وَمَا لَا يُقْطَعُ.
وَقَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ: الْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى ادَّعَى شُبْهَةً، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهَا سَقَطَ الْحَدُّ، وَبِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى يَسْقُطُ أَيْضًا إلَّا الْإِكْرَاهَ خَاصَّةً لَا يُسْقِطُ الْحَدَّ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِكْرَاهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ مَا يُوجِبُ الْحَدَّ، وَمَا لَا يُوجِبُهُ.
(21)
قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ: أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ كَوْنُهَا زَوْجَتَهُ؛ لِأَنَّهَا لَوْ عُلِمَ كَوْنَهَا زَوْجَتَهُ لَمْ تَحْتَجْ إلَى دَعْوَاهَا لِتَكُونَ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْحَدِّ
(22)
قَوْلُهُ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا تَثْبُتُ بِالشَّهَادَةِ: ضَمِيرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْحُدُودِ بِاعْتِبَارِ وَاحِدِهَا.
(23)
قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَعْرِفُ لِسَانَهُ إلَخْ: الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَعْرِفُ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ التَّعْلِيلِ لَا مَقَامَ الِاسْتِدْرَاكِ، وَقَدْ رَاجَعْت عِبَارَةَ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ فَوَجَدْتهَا بِصِيغَةِ التَّعْلِيلِ كَمَا صَوَّبْت.