الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْخَامِسُ فِي
بَيَانِ الْإِخْلَاصِ
. صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ الْإِخْلَاصِ فِيهَا وَلَمْ أَرَ مَنْ أَوْضَحَهُ.
لَكِنْ صَرَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ بِأَنَّهُ 271 - لَا رِيَاءَ فِي الْفَرَائِضِ؛ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ بِالْإِخْلَاصِ ثُمَّ خَالَطَهُ الرِّيَاءُ فَالْعِبْرَةُ لِلسَّابِقِ وَلَا رِيَاءَ فِي الْفَرَائِضِ فِي حَقِّ سُقُوطِ الْوَاجِبِ.
ثُمَّ قَالَ: 272 - الصَّلَاةُ لِإِرْضَاءِ الْخُصُومِ لَا تُفِيدُ بَلْ يُصَلِّي لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ كَانَ خَصْمَهُ لَمْ يَعْفُ يُؤْخَذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. 273 - جَاءَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّهُ 274 - يُؤْخَذُ لِدَانَقٍ ثَوَابُ سَبْعِ مِائَةِ صَلَاةٍ بِالْجَمَاعَةِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
[بَيَانُ الْإِخْلَاصِ]
قَوْلُهُ: وَالْخَامِسُ فِي بَيَانِ الْإِخْلَاصِ.
قِيلَ هُوَ سِرٌّ بَيْنَك وَبَيْنَ رَبِّك لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكْتُبُهُ، وَلَا شَيْطَانٌ فَيُفْسِدُهُ، وَلَا هَوًى فَيُمِيلُهُ.
(271)
قَوْلُهُ: لَا رِيَاءَ فِي الْفَرَائِضِ.
أَقُولُ: مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْوَاقِعَاتِ مِنْ أَنَّ الرِّيَاءَ لَا يَدْخُلُ فِي الصَّوْمِ الْفَرِيضَةِ، وَفِي سَائِرِ الطَّاعَاتِ يَدْخُلُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» نَفِي شَرِكَةَ الْغَيْرِ وَهَذَا لَمْ يُذْكَرْ فِي حَقِّ سَائِرِ الطَّاعَاتِ.
وَمِثْلُهُ فِي كِتَابِ الْكَسْبِ مِنْ الْمُبْتَغَى (انْتَهَى) .
أَقُولُ التَّقَيُّدِ بِالْفَرِيضَةِ يَقْتَضِي دُخُولَ الرِّيَاءِ فِي الصَّوْمِ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ.
وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ يَقْتَضِي عَدَمَ الدُّخُولِ مُطْلَقًا فَتَأَمَّلْ.
(272)
قَوْلُهُ: الصَّلَاةُ لِإِرْضَاءِ الْخُصُومِ.
أَيْ بِنِيَّةِ إرْضَاءِ الْخُصُومِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا فَائِدَةَ فِي النِّيَّةِ.
(273)
قَوْلُهُ: جَاءَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ.
أَقُولُ: لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَا الْكُتُبُ السَّمَاوِيَّةُ لَا كُتُبُ الْعُلَمَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حَدِيثًا نَقَلَهُ الْعُلَمَاءُ فِي كُتُبِهِمْ.
(274)
قَوْلُهُ: يُؤْخَذُ لِدَانَقٍ ثَوَابٌ إلَخْ.
الدَّانَقُ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا سُدُسُ الدِّرْهَمِ وَهُوَ قِيرَاطَانِ وَالْقِيرَاطُ خُمْسُ شَعِيرَاتٍ، وَيُجْمَعُ عَلَى دَوَانِقَ وَدَوَانِيقَ.
فَلَا فَائِدَةَ فِي النِّيَّةِ وَإِنْ كَانَ عَفَا 276 - فَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ فَمَا الْفَائِدَةُ حِينَئِذٍ. وَقَدْ أَفَادَ الْبَزَّازِيُّ بِقَوْلِهِ فِي حَقِّ سُقُوطِ الْوَاجِبِ أَنَّ الْفَرَائِضَ مَعَ الرِّيَاءِ صَحِيحَةٌ مُسْقِطَةٌ لِلْوَاجِبِ
277 -
وَلَكِنْ ذَكَرُوا فِي كِتَابِ الْأُضْحِيَّةِ بِأَنَّ الْبَدَنَةَ تَجْزِي عَنْ سَبْعَةٍ إنْ كَانَ الْكُلُّ مُرِيدًا الْقُرْبَةَ وَإِنْ اخْتَلَفَ جِهَاتُهَا مِنْ ضَحِيَّةٍ وَقِرَانٍ وَمُتْعَةٍ قَالُوا فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمْ مُرِيدًا لَحْمًا لِأَهْلِهِ أَوْ كَانَ نَصْرَانِيًّا لَمْ يُجْزِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَعَلَّلُوا بِأَنَّ الْبَعْضَ إذَا لَمْ يَقَعْ قُرْبَةً خَرَجَ الْكُلُّ عَنْ أَنْ يَكُونَ قُرْبَةً 278 - لِأَنَّ الْإِرَاقَةَ لَا تَتَجَزَّأُ فَعَلَى هَذَا لَوْ ذَبَحَهَا أُضْحِيَّةً لِلَّهِ تَعَالَى وَلِغَيْرِهِ لَا تُجْزِيهِ بِالْأُولَى.
وَيَنْبَغِي أَنْ تُحَرَّمَ.
وَصَرَّحَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ أَلْفَاظِ التَّكْفِيرِ أَنَّ الذَّبْحَ لِلْقَادِمِ مِنْ حَجٍّ أَوْ غَزْوٍ أَوْ أَمِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ يَجْعَلُ الْمَذْبُوحَ مَيْتَةً.
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: فَلَا فَائِدَةَ فِي النِّيَّةِ أَيْ فِي الصَّلَاةِ بِنِيَّةِ إرْضَاءِ الْخُصُومِ.
(276)
قَوْلُهُ: فَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ.
كَذَا فِي النَّسْخِ بِأَلْفٍ بَعْدَ وَاوٍ، مِنْ الْمُؤَاخَذَةِ وَالظَّاهِرُ فَلَا يُؤْخَذُ بِهِ مِنْ الْأَخْذِ أَيْ لَا يُؤْخَذُ بِالدَّانَقِ ثَوَابُ سَبْعِمِائَةِ صَلَاةٍ كَمَا يَقْتَضِيهِ السِّيَاقُ
(277)
قَوْلُهُ: وَلَكِنْ ذَكَرُوا فِي كِتَابِ الْأُضْحِيَّةِ إلَخْ.
أَقُولُ فِيهِ: إنْ أَرَادَ أَحَدُهُمْ لَحْمًا لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الرِّيَاءِ حَتَّى يُتِمَّ بِهِ الِاسْتِدْرَاكَ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ بَلْ عَدَمُ إجْزَاءِ الْبَدَنَةِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ لِفَقْدِ شَرْطِ صِحَّةِ الْأُضْحِيَّةِ بِهَا.
(278)
قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِرَاقَةَ لَا تَتَجَزَّأُ.
قِيلَ عَلَيْهِ: فَإِنْ قِيلَ عَدَمُ تَجَزِّيهَا لَا يَسْتَلْزِمُ مَا ذَكَرْتُمْ وَلِمَ لَمْ تَقُولُوا إذَا وَقَعَ الْبَعْضُ قُرْبَةً كَانَ الْكُلُّ قُرْبَةً.
أُجِيبَ بِأَنَّ الْقُرْبَةَ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْإِرَاقَةِ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ فِي حَقِّ مَنْ قَصَدَ اللَّحْمَ لِأَهْلِهِ؛ وَحَقِّ النَّصْرَانِيِّ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ
وَاخْتَلَفُوا فِي كُفْرِ الذَّابِحِ فَالشَّيْخُ السفكردري وَعَبْدُ الْوَاحِدِ الدَّرَقِيُّ الْحَدِيدِيُّ وَالنَّسَفِيُّ وَالْحَاكِمُ عَلَى أَنَّهُ يُكَفَّرُ وَالْفَضْلِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ الزَّاهِدُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ افْتَتَحَ خَالِصًا لِلَّهِ تَعَالَى ثُمَّ دَخَلَ فِي قَلْبِهِ الرِّيَاءُ 280 - فَهُوَ عَلَى مَا افْتَتَحَ.
وَالرِّيَاءُ أَنَّهُ لَوْ خَلَّى عَنْ النَّاسِ لَا يُصَلِّي وَلَوْ كَانَ مَعَ النَّاسِ يُصَلِّي، فَأَمَّا لَوْ صَلَّى مَعَ النَّاسِ يُحْسِنُهَا وَلَوْ صَلَّى وَحْدَهُ لَا يُحْسِنُهَا فَلَهُ ثَوَابُ أَصْلِ الصَّلَاةِ دُونَ الْإِحْسَانِ
281 -
وَلَا يَدْخُلُ الرِّيَاءُ فِي الصَّوْمِ
وَفِي الْيَنَابِيعِ قَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ رحمه الله لَوْ صَلَّى رِيَاءً فَلَا أَجْرَ لَهُ وَعَلَيْهِ الْوِزْرُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُكَفَّرُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا أَجْرَ لَهُ وَلَا وِزْرَ عَلَيْهِ. 282 -
وَهُوَ كَأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ.
وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ أَوْ
ــ
[غمز عيون البصائر]
فَكَيْفَ يَكُونُ الْكُلُّ قُرْبَةً مَعَ عَدَمِ شَرْطِهَا، بِخِلَافِ الْعَكْسِ لِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ عَلَى إلْغَاءِ نِيَّةِ مَنْ نَوَى الْقُرْبَةَ فَتَدَبَّرْ
(279)
قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي كُفْرِ الذَّابِحِ.
قِيلَ: هَلْ الْمُرَادُ بِالذَّابِحِ الْآمِرُ أَوْ الْمُبَاشِرُ إذْ هُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْمُبَاشِرِ مَجَازٌ فِي الْآمِرِ (انْتَهَى) .
(280)
قَوْلُهُ: فَهُوَ عَلَى مَا افْتَتَحَ.
قَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ: لِأَنَّ التَّحَرُّزَ عَمَّا يَعْرِضُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ لَا يُمْكِنُ
(281)
قَوْلُهُ: وَلَا يَدْخُلُ الرِّيَاءُ فِي الصَّوْمِ.
قِيلَ: لِأَنَّهُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ وَبِهِ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَدْخُلُ إذَا بَيَّنَ أَنَّهُ صَائِمٌ فَتَأَمَّلْ (انْتَهَى) .
وَفِيهِ أَنَّهُ صَرَّحَ الشَّيْخُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ بِأَنَّهُ إذَا بَيَّنَ أَنَّهُ صَائِمٌ لَا يَدْخُلُ الرِّيَاءُ فِي الصَّوْمِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الرِّيَاءُ فِي إخْبَارِهِ (انْتَهَى) .
وَلَعَلَّ هَذَا وَجْهُ التَّأَمُّلِ
(282)
قَوْلُهُ: وَهُوَ كَأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ.
قِيلَ عَلَيْهِ: إذَا كَانَ لَا وِزْرَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ كَأَنَّهُ
يَقْرَأَ الْقُرْآنَ فَيَخَافُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ الرِّيَاءُ. 283 -
فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتْرُكَ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَوْهُومٌ
وَصَرَّحُوا فِي كِتَابِ السِّيَرِ بِأَنَّ السُّوقِيَّ لَا سَهْمَ لَهُ لِأَنَّهُ عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ لَمْ يَقْصِدْ إلَّا التِّجَارَةَ لَا إعْزَازَ الدِّينِ وَإِرْهَابَ الْعَدُوِّ.
فَإِنْ قَاتَلَ اسْتَحَقَّهُ لِأَنَّهُ ظَهَرَ بِالْمُقَاتَلَةِ أَنَّ قَصْدَهُ الْقِتَالُ، وَالتِّجَارَةُ تَبَعٌ فَلَا تَضُرُّهُ كَالْحَاجِّ إذَا أَتْجَرَ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ لَا يَنْقُصُ أَجْرُهُ.
ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ. 284 -
وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْحَاجَّ إذَا خَرَجَ تَاجِرًا فَلَا أَجْرَ لَهُ وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ 285 - لَوْ طَافَ غَرِيمُهُ لَا يُجْزِيهِ وَلَوْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ طَالِبًا غَرِيمَهُ أَجْزَأَهُ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
لَمْ يُصَلِّ لِأَنَّ نَفِيَ الْوِزْرِ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ اسْتِحْقَاقِ الْعُقُوبَةِ، وَكَوْنُهُ لَمْ يُصَلِّ يَقْتَضِي اسْتِحْقَاقَ الْعُقُوبَةِ فَعَلَيْك بِالتَّأَمُّلِ.
(283)
قَوْلُهُ: فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتْرُكَهُ.
وَمِثْلُهُ قَوْلُ السُّهْرَوَرْدِيّ: اعْمَلْ وَإِنْ خِفْت الْعَجَبَ مُسْتَغْفِرًا عَنْهُ
(284)
قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْحَاجَّ إذَا خَرَجَ تَاجِرًا إلَخْ.
قِيلَ: بَيَانُهُ أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ مُعْظَمُ الْقَصْدِ الْحَجُّ وَالتِّجَارَةُ فِي الطَّرِيقِ تَبَعًا، وَفِي الثَّانِي الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: إذَا خَرَجَ تَاجِرًا وَلَا يَضُرُّهُ.
قَوْلُهُ: إنَّ الْحَاجَّ إلَخْ.
لِأَنَّ كَوْنَهُ حَاجًّا يُصَدَّقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْحَجُّ مُعْظَمَ قَصْدِهِ (انْتَهَى) .
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِي مَسْأَلَةٍ: السَّفَرُ لِلْحَجِّ وَالتِّجَارَةُ إنْ كَانَ الْقَصْدُ الدُّنْيَوِيُّ هُوَ الْأَغْلَبُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَجْرٌ، وَإِنْ كَانَ الدِّينِيُّ أَغْلَبُ كَانَ لَهُ أَجْرٌ يُقَدِّرُهُ وَإِنْ تَسَاوَيَا تَسَاقَطَا.
وَفِي الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - تَأَثَّمُوا أَنْ يَتَّجِرُوا فِي الْمَوْسِمِ بِمِنًى فَنَزَلَتْ {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] أَيْ فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ.
(285)
قَوْلُهُ: لَوْ طَافَ طَالِبًا غَرِيمَهُ إلَخْ.
قِيلَ ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَلَوْ
وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ
وَقَالُوا لَوْ فَتَحَ الْمُصَلِّي عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ.
لِقَصْدِ التَّعْلِيمِ.
وَرَأَيْت فَرْعًا فِي بَعْضِ كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ حَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِيمَنْ قَالَ لَهُ إنْسَانٌ صَلِّ الظُّهْرَ وَلَك دِينَارٌ فَصَلَّى بِهَذِهِ النِّيَّةِ أَنَّهُ تُجْزِيهِ صَلَاتَهُ.
وَلَا يَسْتَحِقُّ الدِّينَارَ.
وَلَمْ أَرَ مِثْلَهُ لِأَصْحَابِنَا رحمهم الله وَيَنْبَغِي عَلَى قَوَاعِدِنَا أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ.
أَمَّا الْإِجْزَاءُ فَلَمَّا قَدَّمْنَا أَنَّ الرِّيَاءَ لَا يَدْخُلُ الْفَرَائِضَ فِي حَقِّ سُقُوطِ الْوَاجِبِ أَمَّا عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الدِّينَارِ فَلِأَنَّ أَدَاءَ الْفَرْضِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِمْ لَوْ اسْتَأْجَرَ الْأَبُ ابْنَهُ لِلْخِدْمَةِ لَا أَجْرَ لَهُ.
ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ عَلَيْهِ وَاجِبَةً بَلْ أَفْتَى الْمُتَقَدِّمُونَ بِأَنَّ الْعِبَادَاتِ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ عَلَيْهَا كَالْإِمَامَةِ وَالْأَذَانِ وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْفِقْهِ 287 - وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا أَفْتَى بِهِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْجَوَازِ 288 - وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ إذَا نَوَى الْإِعْتَاقَ لِرَجُلٍ كَانَ مُبَاحًا
ــ
[غمز عيون البصائر]
مَعَ نِيَّةِ الطَّوَافِ؛ وَفِيهِ نَظَرٌ.
وَسَيَأْتِي عَنْ قَرِيبٍ الْمُرَادُ الطَّوَافُ لِطَلَبِ الْغَرِيمِ بِلَا نِيَّةٍ وَأَنَّهُ لَوْ اشْتَمَلَ عَلَى النِّيَّةِ لَأَجْزَأَ.
(286)
قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ.
سَيَأْتِي فِي الْمَبْحَثِ الثَّامِنِ
(287)
قَوْلُهُ: وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا.
أَفْتَى بِهِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْجَوَازِ.
قِيلَ عَلَيْهِ: أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى تَعْلِيمِ الْفِقْهِ بَاطِلٌ (انْتَهَى) .
أَقُولُ مُرَادُ قَاضِي خَانْ إجْمَاعُ الْمُتَقَدِّمِينَ فَلَا مُعَارَضَةَ.
(288)
قَوْلُهُ: وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ إذَا نَوَى الْإِعْتَاقَ لِرَجُلٍ إلَخْ.
أَقُولُ: لَا مَحَلَّ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُنَا لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْإِخْلَاصِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْعِتْقِ لَيْسَ الْعِبَادَةُ وَضْعًا وَلِذَا يَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الْأُولَى
وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا نَوَى الصَّوْمَ وَالْحِمْيَةَ
وَيَشْمَلُهَا 290 - مَا إذَا أَشْرَكَ بَيْنَ عِبَادَةٍ وَغَيْرِهَا فَهَلْ تَصِحُّ الْعِبَادَةُ؟ وَإِذَا. صَحَّتْ فَهَلْ يُثَابُ بِقَدْرِهِ أَوْ لَا ثَوَابَ لَهُ أَصْلًا؟ وَأَمَّا الْخُشُوعُ فِيهَا بِظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ فَمُسْتَحَبٌّ وَفِي الْقُنْيَةِ شَرَعَ فِي الْفَرْضِ وَشَغَلَهُ الْفِكْرُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ الْمَسْأَلَةِ حَتَّى أَتَمَّ صَلَاتَهُ لَا تُسْتَحَبُّ إعَادَتُهُ وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ لَا يُعِيدُ وَفِي بَعْضِهَا لَمْ يَنْقُصْ أَجْرُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ تَقْصِيرٍ مِنْهُ
السَّادِسُ فِي بَيَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ عِبَادَتَيْنِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْوَسَائِلِ أَوْ فِي الْمَقَاصِدِ فَإِنْ كَانَ فِي الْوَسَائِلِ فَالْكُلُّ صَحِيحٌ.
قَالُوا لَوْ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا نَوَى الصَّوْمَ وَالْحِمْيَةَ إلَخْ.
فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: لَوْ نَوَى الصَّوْمَ وَالْحِمْيَةَ أَوْ التَّدَاوِي، فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ لِأَنَّ الْحِمْيَةَ أَوْ التَّدَاوِي حَاصِلٌ قَصْدُهُ، أَمْ لَا فَلَمْ يَجْعَلْ قَصْدَهُ تَشْرِيكًا وَتَرْكًا لِلْإِخْلَاصِ، بَلْ هُوَ قَصْدٌ لِلْعِبَادَةِ عَلَى حَسَبِ وُقُوعِهَا لِأَنَّ مِنْ ضَرُورَتِهَا حُصُولُ الْحِمْيَةِ أَوْ التَّدَاوِي؛ وَلَوْ نَوَى الصَّلَاةَ وَدَفَعَ غَرِيمُهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ عَنْ الْغَرِيمِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى قَصْدٍ.
وَكَذَا لَوْ نَوَى الطَّوَافَ مُلَازَمَةَ الْغَرِيمِ أَوْ السَّعْيِ خَلْفَهُ لِمَا ذُكِرَ.
وَلَوْ قَرَأَ آيَةً وَقَصَدَ الْقِرَاءَةَ وَالْإِفْهَامَ فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ الْقِرَاءَةُ وَمَا صَحَّحُوهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِجْزَاءِ وَأَمَّا الثَّوَابُ فَلَا
(290)
قَوْلُهُ: مَا إذَا أَشْرَكَ بَيْنَ عِبَادَةٍ وَغَيْرِهَا. أَيْ فِي النِّيَّةِ فَلَا يَرُدُّ مَا قَدَّمَهُ آنِفًا مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَجِّ وَالتِّجَارَةِ مِنْ جُزْئِيَّاتِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّهُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ الْحَجِّ وَالتِّجَارَةِ فِي النِّيَّةِ.
فَإِنْ قُلْت إذَا خَرَجَ تَاجِرًا ثُمَّ حَجَّ.
كَانَ حَاصِلُهُ أَنَّهُ نَوَى التِّجَارَةَ أَوَّلًا ثُمَّ نَوَى الْحَجَّ ثَانِيًا فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي النِّيَّةِ.
أُجِيبَ: فَإِنَّ هَذَا الْجَمْعَ فِي مُطْلَقِ النِّيَّةِ فِي زَمَانَيْنِ مُتَفَارِقَيْنِ، وَالْكَلَامُ الْآنَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَغَيْرِهَا فِي نِيَّةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ نِيَّةِ الصَّوْمِ وَالْحِمْيَةِ؛ وَمِثْلُهُ نِيَّةُ الْوُضُوءِ وَالتَّبَرُّدِ وَمَا يُشْبِهُ وَأَمَّا الْخُشُوعُ فِيهَا بِظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ فَمُسْتَحَبٌّ.
أَقُولُ: فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الضِّيَاءِ: أَنَّ الْخُشُوعَ فِي جُزْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ شَرْطُ صِحَّتِهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ