الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَكُونُ لِلتِّجَارَةِ حَتَّى يَعْمَلَ لِأَنَّ التِّجَارَةَ عَمَلٌ، فَلَا تَتِمُّ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، وَالْخِدْمَةُ تَرْكُ التِّجَارَةِ فَتَتِمُّ بِهَا. .
قَالُوا وَنَظِيرُهُ الْمُقِيمُ وَالصَّائِمُ وَالْكَافِرُ وَالْمَعْلُوفَةُ وَالسَّائِمَةُ.
138 -
حَيْثُ لَا يَكُونُ مُسَافِرًا وَلَا مُفْطِرًا وَلَا مُسْلِمًا وَلَا سَائِمَةً بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، وَيَكُونُ مُقِيمًا 139 - وَصَائِمًا وَكَافِرًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ لِأَنَّهَا تَرْكُ الْعَمَلِ، 140 - كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ،
141 -
وَمِنْ هُنَا وَمِمَّا قَدَّمْنَاهُ يَعْنِي فِي الْمُبَاحَاتِ، وَمِمَّا سَنَذْكُرُهُ عَنْ الْمَشَايِخِ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
كَالْمَجْبُوبِ يَتُوبُ عَنْ الزِّنَا فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهَا.
قِيلَ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ: مَا خَطَرَ بِبَالِهِ فِعْلُ الزِّنَا وَهُنَا خَطَرَ بِبَالِهِ وَتَابَ عَنْهُ (انْتَهَى) .
وَأَقُولُ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ خَطَرَ بِبَالِهِ أَيْ مُصَمَّمًا عَلَى فِعْلِهِ لَا مُجَرَّدِ الْخُطُورِ فَإِنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَتُوبَ مِنْهُ.
بَقِيَ أَنْ يُقَالَ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَبُولِ التَّوْبَةِ حُصُولُ الثَّوَابِ.
(138)
قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا يَكُونُ مُسَافِرًا وَلَا مُفْطِرًا وَلَا مُسْلِمًا وَلَا سَائِمَةً يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَلَا عَلُوفَةً تَتْمِيمًا لِلتَّقَابُلِ (139) قَوْلُهُ: وَصَائِمًا أَيْ مَعَ تَحَقُّقِ الشُّرُوعِ إذْ نَوَى الصَّوْمَ لَيْلًا لَمْ يَصِرْ صَائِمًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ قَبْلَ الْفَجْرِ.
(140)
قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ.
قِيلَ يُشَكَّلُ عَلَى هَذَا مَا فِي النِّهَايَةِ مَعْزَيَا لِلذَّخِيرَةِ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مُدْمِنِ الْخَمْرِ.
ثُمَّ قَالَ بِشَرْطِ الْإِدْمَانِ فِي الشُّرْبِ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْإِدْمَانَ فِي النِّيَّةِ يَعْنِي يَشْرَبُ وَمِنْ نِيَّتِهِ أَنْ يَشْرَبَ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا وَجَدَهُ (انْتَهَى) .
اعْتَبَرَ كَوْنَهُ مُدْمِنًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ وَالْإِدْمَانُ فِعْلٌ وَهُوَ لَا يَتِمُّ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ.
لَكِنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الْإِدْمَانَ بِالنِّيَّةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ أَيْضًا فِي شُرْبِ الْخَمْرِ لِأَنَّ شُرْبَ قَطْرَةٍ مِنْهُ كَبِيرَةٌ وَهِيَ مُسْقِطَةٌ لِلْعَدَالَةِ مِنْ غَيْرِ إصْرَارٍ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمَشَايِخُ الْإِدْمَانَ لِيَظْهَرَ شُرْبُهُ عِنْدَ الْقَاضِي
[الْقَاعِدَة الثَّانِيَةُ الْأُمُورُ بِمَقَاصِدِهَا]
(141)
قَوْلُهُ: وَمِنْ هُنَا إلَخْ.
وَهُوَ أَنَّ مَا لِلتِّجَارَةِ إذَا نَوَى أَنْ يَكُونَ لِلْخِدْمَةِ
صَحَّ لَنَا وَضْعُ قَاعِدَةٍ لِلْفِقْهِ.
هِيَ الثَّانِيَةُ: الْأُمُورُ بِمَقَاصِدِهَا 143 - كَمَا عَلِمْت فِي التُّرُوكِ.
وَذَكَرَ قَاضِي خَانَ فِي فَتَاوَاهُ 144 - إنَّ بَيْعَ الْعَصِيرِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا إنْ قَصَدَ بِهِ التِّجَارَةَ فَلَا يَحْرُمُ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ لِأَجْلِ التَّخْمِيرِ حَرُمَ وَكَذَا غَرْسُ الْكَرْمِ عَلَى هَذَا (انْتَهَى) . وَعَلَى هَذَا عَصِيرُ الْعِنَبِ بِقَصْدِ الْخَلِّيَّةِ أَوْ الْخَمْرِيَّةِ
وَالْهَجْرُ فَوْقَ ثَلَاثٍ دَائِرٌ مَعَ الْقَصْدِ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
كَانَ لِلْخِدْمَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ بِخِلَافِ عَكْسِهِ.
وَقَوْلُهُ وَمَا قَدَّمْنَاهُ يَعْنِي فِي الْمُبَاحَاتِ وَهُوَ أَنَّ الْمُبَاحَ يَخْتَلِفُ صِفَةً بِاعْتِبَارِ مَا قُصِدَ لِأَجْلِهِ.
وَقَوْلُهُ وَمِمَّا سَنَذْكُرُهُ عَنْ الْمَشَايِخِ مِنْ بَيْعِ الْعَصِيرِ وَمِنْ الْهَجْرِ فَوْقَ ثَلَاثٍ.
(142)
قَوْلُهُ: صَحَّ لَنَا وَضْعُ قَاعِدَةٍ لِلْفِقْهِ إلَخْ.
ظَاهِرُهُ أَنَّهُ اسْتَخْرَجَ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ مِنْ كَلَامِهِمْ وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مُصَرَّحٌ بِهَا.
(143)
قَوْلُهُ: كَمَا عَلِمْت فِي التُّرُوكِ مِنْ أَنَّ التَّرْكَ إنْ كَانَ كَفًّا كَانَ مُثَابًا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا
(144)
قَوْلُهُ: إنَّ بَيْعَ الْعَصِيرِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا إلَخْ.
فُسِّرَ فِي مُشْكِلَاتِ الْقُدُورِيِّ مَنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا بِالْمَجُوسِيِّ لَا الْمُسْلِمِ.
أَمَّا بَيْعُهُ مِنْ الْمُسْلِمِ فَيُكْرَهُ؛ يَعْنِي لِأَنَّ الْمَجُوسَ يَسْتَحِلُّونَ ذَلِكَ وَيَجُوزُ لَنَا أَنْ نَدَعْهُمْ يَتَّخِذُونَ الْخَمْرَ وَيُشْرِبُونَهَا أَمَّا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ فَفِيهِ إعَانَةٌ عَلَى الْفِسْقِ وَالْمَعْصِيَةِ فَيُكْرَهُ.
وَفِي فُصُولِ الْعَلَائِيِّ: وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ كَرْمٍ وَعِنَبٍ وَعَصِيرٍ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله إذَا بَاعَهُ مِنْ ذِمِّيٍّ بِثَمَنٍ لَا يَشْتَرِيهِ الْمُسْلِمُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ فَإِنْ ابْتَاعَهُ الْمُسْلِمُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ يُكْرَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله (انْتَهَى) .
وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ فَتَاوَى قَاضِي خَانْ (انْتَهَى) .
وَفِي السِّرَاجِ لَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ مِنْ الْمَجُوسِ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ لَا تُقَامُ بِعَيْنِ الْعَصِيرِ، بَلْ بَعْدَ تَغَيُّرِهِ (انْتَهَى) وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ لَا بَأْسَ أَنَّ تَرْكَهُ أَوْلَى لِأَنَّ لَفْظَةَ لَا بَأْسَ تَكُونُ لِمَا تَرْكُهُ أَوْلَى غَالِبًا، فَإِنْ قُلْت قَدْ جَوَّزُوا بَيْعَ الْعَصِيرِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا وَلَمْ يُجَوِّزُوا بَيْعَ الْأَمْرَدِ مِمَّنْ يَلُوطُ بِهِ.
فَمَا الْفَرْقُ؟ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ الْمَعْصِيَةَ فِي الْأَمْرَدِ تَقُومُ بِعَيْنِهِ بِخِلَافِ الْعَصِيرِ فَإِنَّهُ حَلَالٌ
فَإِنْ قَصَدَ هَجْرَ الْمُسْلِمِ 146 - حَرُمَ وَإِلَّا لَا
147 -
وَالْإِحْدَادُ لِلْمَرْأَةِ عَلَى مَيِّتٍ غَيْرِ زَوْجِهَا فَوْقَ ثَلَاثٍ دَائِرٌ مَعَ الْقَصْدِ، فَإِنْ قَصَدَتْ تَرْكَ الزِّينَةِ وَالتَّطَيُّبِ لِأَجْلِ الْمَيِّتِ حَرُمَ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَلَا.
وَكَذَا قَوْلُهُمْ إنَّ الْمُصَلِّيَ 148 - إذَا قَرَأَ آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ جَوَابًا لِكَلَامٍ بَطُلَتْ صَلَاتُهُ.
وَكَذَا إذَا أُخْبِرَ الْمُصَلِّي بِمَا يَسُرُّهُ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ قَاصِدًا الشُّكْرَ بَطُلَتْ، أَوْ بِمَا يَسُوءُهُ فَقَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، أَوْ بِمَوْتِ إنْسَانٍ فَقَالَ: إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ، قَاصِدًا لَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَكَذَا قَوْلُهُمْ بِكُفْرِهِ إذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي مَعْرِضِ كَلَامٍ النَّاسِ، كَمَا إذَا اجْتَمَعُوا فَقَرَأَ {فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا} [الكهف: 99] ، وَكَذَا إذَا قَرَأَ {وَكَأْسًا دِهَاقًا} [النبأ: 34] عِنْدَ رُؤْيَةِ كَأْسٍ.
وَلَهُ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ فِي أَلْفَاظِ التَّكْفِيرِ، كُلُّهَا تَرْجِعُ إلَى قَصْدِ الِاسْتِخْفَافِ بِهِ.
وَقَالَ قَاضِي خَانْ:
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَ هَجْرَ الْمُسْلِمِ يَعْنِي مِنْ غَيْرِ مُوجِبٍ شَرْعِيٍّ لِلْهَجْرِ.
(146)
قَوْلُهُ: حَرُمَ وَإِلَّا لَا.
أَيْ بِأَنْ كَانَ الْهَجْرُ لِمُوجِبٍ شَرْعِيٍّ لَا يَحْرُمُ.
هَذَا هُوَ الْمُرَادُ.
وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ قَاصِرَةً عَنْ إفَادَتِهِ
(147)
قَوْلُهُ: وَالْإِحْدَادُ لِلْمَرْأَةِ عَلَى مَيِّتٍ غَيْرِ زَوْجِهَا.
الْإِحْدَادُ مَصْدَرُ أَحَدَّتْ الْمَرْأَةُ أَيْ امْتَنَعَتْ عَنْ الزِّينَةِ وَالْخِضَابِ
(148)
قَوْلُهُ: إذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي مَعْرِضِ كَلَامِ النَّاسِ إلَخْ.
ذُكِرَ فِي الْقَامُوسِ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الزُّهْرِيِّ لَا تُنَاظِرُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَلَا بِكَلَامِ رَسُولِهِ لَا تَجْعَلُوا شَيْئًا نَظِيرًا لَهُمَا، مَعْنَاهُ لَا تَجْعَلُوهُمَا مِثْلًا لِشَيْءٍ يُعْرِضُهُ بِهِ.
كَقَوْلِ الْقَائِلِ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى لِمُسَمًّى بِمُوسَى جَاءَ فِي وَقْتٍ مَطْلُوبٍ
الْفُقَّاعِيُّ إذَا قَالَ عِنْدَ فَتْحِ الْفُقَّاعِ لِلْمُشْتَرِي: صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ: قَالُوا يَكُونُ آثِمًا، وَكَذَا الْحَارِسُ إذَا قَالَ فِي الْحِرَاسَةِ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ يَعْنِي لِأَجْلِ الْإِعْلَامِ، بِأَنَّهُ مُسْتَيْقِظٌ بِخِلَافِ الْعَالِمِ إذَا قَالَ فِي الْمَجْلِسِ: صَلَّوْا عَلَى النَّبِيِّ.
فَإِنَّهُ يُثَابُ عَلَى ذَلِكَ
150 -
وَكَذَا الْقَارِئُ إذَا قَالَ: كَبَّرُوا يُثَابُ. 151 - لِأَنَّ الْحَارِسَ وَالْفُقَّاعِيَّ يَأْخُذَانِ بِذَلِكَ أَجْرًا.
رَجُلٌ جَاءَ إلَى بَزَّازٍ لِيَشْتَرِيَ مِنْهُ ثَوْبًا فَلَمَّا فَتَحَ الْمَتَاعَ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أَوْ قَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ.
إنْ أَرَادَ بِذَلِكَ إعْلَامَ الْمُشْتَرِي جَوْدَةَ ثِيَابِهِ وَمَتَاعِهِ كُرِهَ (انْتَهَى)
وَفِيهَا أَيْضًا إذَا قَالَ الْمُسْلِمُ لِلذِّمِّيِّ: أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَك.
قَالُوا إنْ نَوَى بِقَلْبِهِ أَنْ يُطِيلَ بَقَاءَهُ. 152 - لَعَلَّهُ أَنْ يُسْلِمَ أَوْ يُؤَدِّيَ الْجِزْيَةَ عَنْ ذُلٍّ وَصَغَارٍ لَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: الْفُقَّاعِيُّ. نِسْبَةٌ إلَى بَيْعِ الْفُقَّاعِ وَهُوَ شَرَابٌ يُتَّخَذُ مِنْ الشَّعِيرِ سُمِّيَ فُقَّاعًا لِمَا يَعْلُوهُ مِنْ الزَّبَدِ. كَذَا فِي شَمْسِ الْعُلُومِ.
وَمِثْلُ الْفُقَّاعِيِّ الطَّرْقِيُّ يَأْثَمُ وَلَا يُؤْجَرُ بِهِ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ
(150)
قَوْلُهُ: وَكَذَا الْقَارِئُ بِالْقَافِ وَالرَّاءِ؛ وَفِي نُسْخَةٍ الْغَازِي بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالزَّاءِ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِمَا فِي الْمُجْتَبَى بَعْدَ كَلَامٍ وَالْغَازِي أَمَرَ بِالتَّكْبِيرِ حَيْثُ بَارَزَ لَا يُكْرَهُ انْتَهَى.
(151)
قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَارِسَ وَالْفُقَّاعِيَّ يَأْخُذَانِ بِذَلِكَ أَجْرًا.
أَقُولُ هَذَا التَّعْلِيلُ عَلِيلٌ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفُقَّاعِيِّ فَلِأَنَّ عِلَّةَ الْإِثْمِ فِيهِ لَيْسَتْ أَخْذَ الْأَجْرِ، بَلْ إعْلَامَهُ جَوْدَةَ الْفُقَّاعِ بِالصَّلَاةِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَارِسِ فَلِأَنَّ عِلَّةَ الْإِثْمِ فِيهِ لَيْسَتْ أَخْذَ الْأَجْرِ بَلْ إعْلَامَهُ بِالذِّكْرِ أَنَّهُ مُسْتَيْقِظٌ كَمَا اعْتَرَفَ هُوَ بِهِ
(152)
قَوْلُهُ: لَعَلَّهُ أَنْ يُسْلِمَ أَوْ يُؤَدِّيَ الْجِزْيَةَ، أَيْ أَوْ لَعَلَّهُ أَنْ يُؤَدِّيَ الْجِزْيَةَ وَفِيهِ أَنَّ أَدَاءَ الْجِزْيَةِ حَيْثُ كَانَ ذِمِّيًّا أَمْرٌ مُتَحَقِّقٌ لَا مَرْجُوٌّ
هَذَا دُعَاءٌ لَهُ إلَى الْإِسْلَامِ أَوْ لِمَنْفَعَةِ الْمُسْلِمِينَ.
ثُمَّ قَالَ (انْتَهَى) .
153 -
رَجُلٌ أَمْسَكَ الْمُصْحَفَ فِي بَيْتِهِ وَلَا يَقْرَأُ قَالُوا إنْ نَوَى بِهِ الْخَيْرَ وَالْبَرَكَةَ لَا يَأْثَمُ وَيُرْجَى لَهُ الثَّوَابُ.
ثُمَّ قَالَ: رَجُلٌ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي مَجْلِسِ الْفِسْقِ قَالُوا إنْ نَوَى أَنَّ الْفَسَقَةَ يَشْتَغِلُونَ بِالْفِسْقِ وَأَنَا أَشْتَغِلُ بِالتَّسْبِيحِ فَهُوَ أَفْضَلُ وَأَحْسَنُ وَإِنْ سَبَّحَ فِي السُّوقِ نَاوِيًا أَنَّ النَّاسَ يَشْتَغِلُونَ بِأُمُورِ الدُّنْيَا، وَأَنَا أُسَبِّحُ اللَّهَ تَعَالَى فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، 154 - فَهُوَ أَفْضَلُ وَأَحْسَنُ 155 - مِنْ أَنْ يُسَبِّحَ وَحْدَهُ فِي غَيْرِ السُّوقِ.
وَإِنْ سَبَّحَ عَلَى وَجْهِ الِاعْتِبَارِ يُؤْجَرُ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ سَبَّحَ عَلَى أَنَّ الْفَاسِقَ يَعْمَلُ الْفِسْقَ كَانَ آثِمًا.
ثُمَّ قَالَ: 156 - إنْ سَجَدَ لِلسُّلْطَانِ فَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ التَّحِيَّةَ وَالتَّعْظِيمَ دُونَ الصَّلَاة لَا يَكْفُرُ.
أَصْلُهُ أَمْرُ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: رَجُلٌ أَمْسَكَ الْمُصْحَفَ فِي بَيْتِهِ إلَخْ.
هَلْ يَتَأَتَّى هَذَا فِي كُتُبِ الْعِلْمِ إذَا أَمْسَكَهَا لَمْ أَرَهُ.
أَقُولُ الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهَا لَيْسَتْ كَالْمُصْحَفِ لِأَنَّ الْمُصْحَفَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَتَبَرَّكَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهِ بِخِلَافِ كُتُبِ الْعِلْمِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ يَتَبَرَّكَ بِهَا دُونَ قِرَاءَتِهَا وَعَلَى هَذَا فَيَحْرُمُ حَبْسُهَا خُصُوصًا إذَا كَانَتْ وَقْفًا.
(154)
قَوْلُهُ: فَهُوَ أَفْضَلُ وَأَحْسَنُ.
أَيْ مِنْ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: رَجُلٌ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى فِي مَجْلِسِ الْفِسْقِ وَبِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ التَّسْبِيحِ، فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ أَنْ يُسَبِّحَ اللَّهَ تَعَالَى وَحْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا (155) قَوْلُهُ: إنْ سَبَّحَ عَلَى أَنَّ الْفَاسِقَ يَعْمَلُ الْفِسْقَ أَيْ عَلَى قَصْدِ إعْلَامِ أَنَّ الْفَاسِقَ يَعْمَلُ الْفِسْقَ
(156)
قَوْلُهُ: إنْ سَجَدَ لِلسُّلْطَانِ إلَخْ.
قَالَ الْعَيْنِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ قَالَ
وَسُجُودُ إخْوَةِ يُوسُفَ عليه السلام
158 -
وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى السُّجُودِ لِلْمَلِكِ بِالْقَتْلِ فَإِنْ أَمَرُوهُ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ 159 - فَالْأَفْضَلُ الصَّبْرُ، كَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْكُفْرِ وَإِنْ كَانَ لِلتَّحِيَّةِ فَالْأَفْضَلُ السُّجُودُ (انْتَهَى)
160 -
وَقَالُوا: الْأَكْلُ فَوْقَ الشِّبَعِ حَرَامٌ بِقَصْدِ الشَّهْوَةِ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ التَّقَوِّي عَلَى الصَّوْمِ أَوْ مُؤَاكَلَةَ الضَّيْفِ فَمُسْتَحَبٌّ
ــ
[غمز عيون البصائر]
أَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ إذَا قَبَّلَ أَحَدٌ بَيْن يَدَيْ السُّلْطَانِ الْأَرْض أَوْ انْحَنَى لَهُ أَوْ طَأْطَأَ رَأْسَهُ لَهُ لَا يُكَفَّرُ، لِأَنَّهُ يُرِيدُ تَعْظِيمَهُ لَا عِبَادَتَهُ.
وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ إذَا سَجَدَ وَاحِدٌ لِهَؤُلَاءِ الْجَبَابِرَةِ فَهُوَ كَبِيرَةٌ مِنْ الْكَبَائِرِ.
وَقِيلَ يُكَفَّرُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُكَفَّرَ مُطْلَقًا قَالَ أَكْثَرُهُمْ هُوَ عَلَى وُجُوهٍ إنْ أَرَادَ بِهِ الْعِبَادَةَ يَكْفُرُ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ التَّحِيَّةَ لَا يَكْفُرُ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إرَادَةٌ كَفَرَ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
أَمَّا تَقْبِيلُ الْأَرْضِ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ السُّجُودِ إلَّا أَنَّهُ أَخَفُّ مِنْ وَضْعِ الْخَدِّ وَالْجَبِينِ عَلَى الْأَرْضِ.
(157)
قَوْلُهُ: وَسُجُودُ إخْوَةِ يُوسُفَ عليه السلام يَعْنِي لِيُوسُفَ عليه السلام.
(158)
قَوْلُهُ: وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى السُّجُودِ لِلْمَلِكِ إلَخْ.
قِيلَ صُورَةُ السُّجُودِ فِيهِمَا وَاحِدَةٌ فَيَنْبَغِيَ أَنْ يَسْجُدَ وَيَنْوِيَ السُّجُودَ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا يَصْبِرُ عَلَى الْقَتْلِ.
(159)
قَوْلُهُ: فَالْأَفْضَلُ الصَّبْرُ.
أَفْعَلُ هُنَا لَيْسَ عَلَى بَابِهِ بَلْ لِمَعْنَى فَاعِلٍ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الرَّضِيُّ فِي مِثْلِ هَذَا
(160)
قَوْلُهُ: وَقَالُوا الْأَكْلُ فَوْقَ الشِّبَعِ حَرَامٌ.
فِي الْمُبْتَغَى نَقْلًا عَنْ الْمُجْتَبَى: الْأَكْلُ عَلَى مَرَاتِبَ: فَرْضٌ وَهُوَ قَدْرُ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ الْهَلَاكُ وَيُمْكِنُ الصَّلَاةُ مَعَهُ قَائِمًا وَمُبَاحٌ وَهُوَ قَدْرُ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْكِفَايَةِ إلَى شِبَعٍ وَحَرَامٌ، وَهُوَ الْأَكْلُ فَوْقَ الشِّبَعِ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْأَكْلُ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ غَدًا، وَالثَّانِي الْأَكْلُ مَعَ الضَّيْفِ فَوْقُ الشِّبَعِ لِئَلَّا يُمْسِكَ الضَّيْفُ عَنْ الْأَكْلِ حَيَاءً، لِأَنَّ إسَاءَةَ الْقِرَى مَذْمُومَةٌ وَلِهَذَا مَنْ نَزَلَ ضَيْفًا عَلَى إنْسَانٍ فَلَمْ يُضِفْهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَظْهَرَ بِالشِّكَايَةِ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
وَقَالُوا: الْكَافِرُ إذَا تَتَرَّسَ بِمُسْلِمٍ فَإِنْ رَمَاهُ مُسْلِمٌ فَإِنْ قَصَدَ قَتْلَ الْمُسْلِمِ حَرُمَ، وَإِنْ قَصَدَ قَتْلَ الْكَافِرِ لَا.
وَلَوْلَا خَوْفُ الْإِطَالَةِ لَأَوْرَدْنَا فُرُوعًا كَثِيرَةً شَاهِدَةً لِمَا أَسَّسْنَاهُ مِنْ الْقَاعِدَةِ وَهِيَ الْأُمُورُ بِمَقَاصِدِهَا.
وَقَالُوا فِي بَابِ اللُّقَطَةِ؛ إنْ أَخَذَهَا بِنِيَّةِ رَدِّهَا حَلَّ رَفْعُهَا وَإِنْ أَخَذَهَا بِنِيَّةِ نَفْسِهِ كَانَ غَاصِبًا آثِمًا
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ: إذَا تَوَسَّدَ الْكِتَابَ فَإِنْ قَصَدَ الْحِفْظَ لَا يُكْرَهُ وَإِلَّا كُرِهَ
162 -
وَإِنْ غَرَسَ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنْ قَصَدَ الظِّلَّ لَا يُكْرَهُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
{لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ} [النساء: 148] يَعْنِي مُنِعَ مِنْهُ حَقُّهُ فِي الْقِرَى.
وَلَا يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ الرِّيَاضَةُ بِتَقْلِيلِ الْأَكْلِ حَتَّى يَضْعُفَ عَنْ أَدَاءِ الْعِبَادَةِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «نَفْسُك مَطِيَّتُك فَأَرْفِقْ بِهَا» وَمِنْ الرِّفْقِ أَنْ لَا يُؤْذِيَهَا وَلَا يُجِيعَهَا وَقَالَ عليه الصلاة والسلام «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ» .
فَإِنْ تَرَكُوا أَكْلَهُمْ وَشُرْبَهُمْ فَقَدْ عَصَوْا لِأَنَّ مَنْ امْتَنَعَ عَنْ أَكْلِ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ حَتَّى مَاتَ يَكُونُ عَاصِيًا فَمَا ظَنُّك بِمَنْ تَرَكَ الْحَلَالَ حَتَّى مَاتَ بِالْمَجَاعَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَشَى بَطْنُهُ أَوْ رَمِدَتْ عَيْنَاهُ فَلَمْ يُعَالِجْ حَتَّى مَاتَ (انْتَهَى)(قُلْت وَمِنْهُ يُعْلَمُ حُرْمَةُ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ جَهَلَةِ الصُّوفِيَّةِ مِنْ الرِّيَاضَةِ بِتَرْكِ الْأَكْلِ حَتَّى يَضْعُفَ عَنْ أَشْغَالِهِ وَعِبَادَتِهِ وَيَعْتَقِدُ أَنَّ ذَلِكَ قُرْبَةٌ)
(161)
قَوْلُهُ: وَقَالُوا الْكَافِرُ إذَا تَتَرَّسَ بِمُسْلِمٍ إلَخْ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ إذَا تَتَرَّسَ الْكُفَّارُ بِنَبِيٍّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ يُسْأَلُ ذَلِكَ النَّبِيُّ أَنَرْمِي أَوْ لَا إنْ كَانَ قَالَ ارْمِ يَرْمِي وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى.
وَفِيهِ تَأَمَّلْ
(162)
قَوْلُهُ: وَإِنْ غَرَسَ فِي الْمَسْجِدِ إلَخْ.
قِيلَ إطْلَاقُ الْمَنْفَعَةِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْمَنْفَعَةُ نِزَازَةَ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْغَرْسُ لِهَذَا الْغَرَضِ الصَّحِيحِ.
كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ (انْتَهَى) .
وَقِيلَ عَلَيْهِ الْمُرَادُ بِالْمَنْفَعَةِ وَفِيهِ أَنَّهُ مَرْدُودٌ بِمَا فِي فَتَاوَى الْعَلَائِيِّ: إنْ غَرَسَ شَجَرًا فِي الْمَسْجِدِ فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ ثَمَرَهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ وَرَقِهِ (انْتَهَى) .
قِيلَ