الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَحَمُّلِ الْعَقْلِ عَلَى قَوْلٍ.
وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ، وَإِبَاحَةُ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَحُلِيِّ الذَّهَبِ، 67 - وَعَدَمُ تَكْلِيفِ الْأَرِقَّاءِ بِكَثِيرٍ مِمَّا وَجَبَ عَلَى الْأَحْرَارِ؛ لِكَوْنِهِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ فِي الْحُدُودِ وَالْعِدَّةِ مِمَّا سَيَأْتِي فِي أَحْكَامِ الْعَبِيدِ.
وَهَذِهِ فَوَائِدُ مُهِمَّةٌ نَخْتِمُ بِهَا الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ.
(الْفَائِدَةُ) الْأُولَى الْمَشَاقُّ عَلَى قِسْمَيْنِ:
مَشَقَّةٌ لَا تَنْفَكُّ عَنْهَا الْعِبَادَةُ غَالِبًا، كَمَشَقَّةِ الْبَرْدِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَمَشَقَّةِ الصَّوْمِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ وَطُولِ النَّهَارِ، وَمَشَقَّةِ السَّفَرِ الَّتِي لَا انْفِكَاكَ لِلْحَجِّ وَالْجِهَادِ عَنْهَا، وَمَشَقَّةِ أَلَمِ الْحَدِّ وَرَجْمِ الزُّنَاةِ، وَقَتْلِ الْجُنَاةِ وَقِتَالِ الْبُغَاةِ، فَلَا أَثَرَ لَهَا فِي إسْقَاطِ الْعِبَادَاتِ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ.
68 -
وَأَمَّا جَوَازُ التَّيَمُّمِ لِلْخَوْفِ مِنْ شِدَّةِ الْبَرْدِ لِلْجَنَابَةِ؛ فَالْمُرَادُ مِنْ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَتَحَمُّلِ الْعَقْلِ عَلَى قَوْلٍ وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ.
اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ مِمَّنْ لَهُ حَظٌّ فِي الدِّيوَانِ عَقْلٌ، بِخِلَافِ الرَّجُلِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ جُزْءٍ مِنْ الدِّيَةِ عَلَى الْقَاتِلِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ أَحَدُ الْعَوَاقِلِ؛ لِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ نَفْسُهُ وَهَذَا لَا يُوجَدُ مِنْهُمَا، وَالْفَرْضُ لَهُمَا مِنْ الْعَطَايَا لِلْمَعُونَةِ لَا لِلنُّصْرَةِ كَفَرْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَهَذَا صَحِيحٌ فِيمَا إذَا قَتَلَ غَيْرُهُمَا، وَأَمَّا إذَا بَاشَرَا الْقَتْلَ بِأَنْفُسِهِمَا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا يُشَارِكَانِ الْعَاقِلَةَ، وَكَذَا الْمَجْنُونُ إذَا قَتَلَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَكُونُ كَوَاحِدٍ مِنْ الْعَاقِلَةِ، كَذَا فِي الزَّيْلَعِيِّ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رحمه الله مِنْ الْفَسَادِ وَاَللَّهُ الْهَادِي إلَى الصَّوَابِ.
(67)
قَوْلُهُ: وَعَدَمُ تَكْلِيفِ الْأَرِقَّاءِ إلَخْ، فَمِنْ ذَلِكَ عَدَمُ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ عَلَى الْعَبْدِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ يَجِبُ عَلَيْهِ كَذَا قَالُوا: وَقِيلَ: عَلَيْهِ إنَّ مَنَافِعَ الْعَبْدِ لَا تَصِيرُ مَمْلُوكَةً بِالْإِذْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَالُهُ بَعْدَ الْإِذْنِ كَحَالِهِ قَبْلَهُ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ حَجَّ بِإِذْنِ الْمَوْلَى لَا يَسْقُطُ عَنْهُ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ لِهَذَا الْمَعْنَى
[خِتَام قَاعِدَة الْمَشَقَّة تجلب التَّيْسِير بِفَوَائِد مُهِمَّة]
[الْفَائِدَةُ الْأُولَى الْمَشَاقُّ عَلَى قِسْمَيْنِ]
(68)
قَوْلُهُ: وَأَمَّا جَوَازُ التَّيَمُّمِ لِلْخَوْفِ مِنْ شِدَّةِ الْبَرْدِ إلَخْ.
سَوَاءٌ كَانَ خَارِجَ الْمِصْرِ أَوْ فِيهِ يَجُوزُ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ فِي الْمِصْرِ.
وَجَوَازُهُ عِنْدَهُ مَشْرُوطٌ بِأَنْ
الْخَوْفِ: الْخَوْفُ مِنْ الِاغْتِسَالِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ أَوْ مِنْ حُصُولِ مَرَضٍ.
وَلِذَا اشْتَرَطَ فِي الْبَدَائِعِ لِجَوَازِهِ مِنْ الْجَنَابَةِ؛ أَنْ لَا يَجِدَ مَكَانًا يَأْوِيهِ، وَلَا ثَوْبًا يَتَدَفَّأُ بِهِ، وَلَا مَاءً مُسَخَّنًا وَلَا حَمَّامًا 69 - وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْحَدَثِ الْأَصْغَرِ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ 70 - لِعَدَمِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ الْخَوْفِ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ.
وَأَمَّا الْمَشَقَّةُ الَّتِي تَنْفَكُّ عَنْهَا الْعِبَادَاتُ غَالِبًا فَعَلَى مَرَاتِبَ: الْأُولَى: مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ فَادِحَةٌ كَمَشَقَّةِ الْخَوْفِ عَلَى النُّفُوسِ وَالْأَطْرَافِ وَمَنَافِعِ الْأَعْضَاءِ فَهِيَ مُوجِبَةٌ لِلتَّخْفِيفِ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْحَجِّ طَرِيقٌ إلَّا مِنْ الْبَحْرِ، وَكَانَ الْغَالِبُ عَدَمَ السَّلَامَةِ لَمْ يَجِبْ.
الثَّانِيَةُ: مَشَقَّةٌ خَفِيفَةٌ؛ كَأَدْنَى وَجَعٍ فِي أُصْبُعٍ أَوْ أَدْنَى صُدَاعٍ فِي الرَّأْسِ أَوْ سُوءِ مِزَاجٍ خَفِيفٍ فَهَذَا لَا أَثَرَ لَهُ وَلَا الْتِفَاتَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَ
ــ
[غمز عيون البصائر]
لَا يَقْدِرَ عَلَى تَسْخِينِ الْمَاءِ، وَلَا عَلَى أُجْرَةِ الْحَمَّامِ فِي الْمِصْرِ، وَلَا يَجِدَ ثَوْبًا يَتَدَفَّأُ بِهِ، وَلَا مَكَانًا يَأْوِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي الْبَدَائِعِ.
وَالِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمْ - قِيلَ - اخْتِلَافُ زَمَانٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أُجْرَةَ الْحَمَّامِ فِي زَمَانِهِمَا كَانَتْ تُؤْخَذُ بَعْدَ الدُّخُولِ كَمَا فِي زَمَانِنَا فَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْأُجْرَةِ دَخَلَ ثُمَّ يُعَلِّلُ بِالْعُسْرَةِ، وَفِي زَمَانِهِ قَبْلَهُ، فَيَتَعَذَّرُ.
وَقِيلَ: اخْتِلَافُ بُرْهَانٍ؛ بِنَاءً عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي جَوَازِ التَّيَمُّمِ لِغَيْرِ الْوَاجِدِ قَبْلَ الطَّلَبِ مِنْ رَفِيقِهِ إذَا كَانَ لَهُ رَفِيقٌ فَعَلَى قَوْلِهِمَا يُقَيَّدُ بِأَنْ يَتْرُكَ طَلَبَ الْمَاءِ الْحَارِّ جَمِيعُ أَهْلِ الْمِصْرِ أَمَّا إنْ طَلَبَ فَمُنِعَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَهُمَا كَمَا فِي الْبَحْرِ (69) قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ بِالْحَدَثِ الْأَصْغَرِ يَعْنِي بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي الْمُصَفَّى، وَجَوَّزَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ (70) قَوْلُهُ: لِعَدَمِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ الْخَوْفِ إلَخْ.
يَعْنِي بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُجَرَّدُ وَهْمٍ إذْ لَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِي الْمِصْرِ كَمَا فِي الْفَتْحِ
مَصَالِحِ الْعِبَادَاتِ أَوْلَى مِنْ دَفْعِ مِثْلِ هَذِهِ الْمَفْسَدَةِ الَّتِي لَا أَثَرَ لَهَا.
وَمِنْ هُنَا رُدَّ عَلَى مَنْ قَالَ مِنْ مَشَايِخِنَا: إنَّ الْمَرِيضَ إذَا نَوَى الصَّوْمَ فِي رَمَضَانَ عَنْ وَاجِبٍ آخَرَ؛ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَمَّا نَوَى إنْ كَانَ مَرَضًا لَا يَضُرُّ مَعَهُ الصَّوْمُ، وَإِلَّا فَيَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ بِأَنَّ مَا لَا يَضُرُّ لَيْسَ بِمُرَخِّصٍ لِلْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ، وَكَلَامُنَا فِي مَرِيضٍ رُخِّصَ لَهُ الْفِطْرُ.
تَنْبِيهٌ: 71 - مُطْلَقُ الْمَرَضِ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ؛ إنْ كَانَ بِالزَّوْجِ مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ خَلْوَتِهِ بِهَا بِخِلَافِ مَرَضِهَا الثَّالِثَةُ: مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ هَاتَيْنِ؛ كَمَرِيضٍ فِي رَمَضَانَ يَخَافُ مِنْ الصَّوْمِ زِيَادَةَ الْمَرَضِ أَوْ بُطْءَ الْبُرْءِ فَيَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ، وَهَكَذَا فِي الْمَرَضِ الْمُبِيحِ لِلتَّيَمُّمِ، 72 - وَاعْتُبِرَ فِي الْحَجِّ الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ الْمُنَاسِبَيْنِ لِلشَّخْصِ، حَتَّى قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ كُلِّ إنْسَانٍ مَا يَصِحُّ مَعَهُ بَدَنُهُ.
وَقَالُوا: لَا يَكْتَفِي بِالْعُقْبَةِ فِي الرَّاحِلَةِ، بَلْ لَا بُدَّ فِي الْحَجِّ مِنْ شِقِّ مَحْمِلٍ أَوْ رَأْسِ زَامِلَةٍ 73 - وَمِنْ الْمُشْكِلِ التَّيَمُّمُ؛ فَإِنَّهُمْ اشْتَرَطُوا فِي الْمَرَضِ الْمُبِيحِ لَهُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: مُطْلَقُ الْمَرَضِ، وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ إنْ كَانَ بِالزَّوْجِ إلَخْ.
هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْبَحْرِ؛ لِأَنَّ مَرَضَهُ لَا يُعَرَّى عَنْ فُتُورٍ وَتَكَسُّرِ عَادَةٍ (72) قَوْلُهُ: وَاعْتَبَرُوا فِي الْحَجِّ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ إلَى قَوْلِهِ وَمِنْ الْمُشْكِلِ
لَيْسَ هَذَا مَا الْكَلَامُ فِيهِ (73) قَوْلُهُ: وَمِنْ الْمُشْكِلِ التَّيَمُّمُ إلَخْ.
الْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الْمَرَضَ مُشَاهَدٌ مَحْسُوسٌ يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَى مَرَاتِبِهِ، وَتَفَاوُتِ أَحْوَالِهِ شِدَّةً وَضَعْفًا، قِلَّةً وَكَثْرَةً، بِخِلَافِ الْمَشَقَّةِ فِي السَّفَرِ فَأُقِيمَ مُطْلَقُ السَّفَرِ مُقَامَ الْمَشَقَّةِ عَلَى مَا عُرِفَ تَحْقِيقُهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ.