الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّرْجَمَةِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ مَعْرِفَةِ كَلَامِهِ كَالشَّهَادَةِ يُصَارُ إلَيْهَا عِنْدَ عَدَمِ الْإِقْرَارِ؛ كَذَا فِي شَرْحِ الْأَدَبِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ مِنْ الثَّامِنِ، وَالثَّلَاثِينَ.
تَنْبِيهٌ: الْقِصَاصُ كَالْحُدُودِ فِي الدَّفْعِ بِالشُّبْهَةِ
فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِمَا تَثْبُتُ بِهِ الْحُدُودُ، وَمِمَّا فُرِّعَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ ذَبَحَ نَائِمًا فَقَالَ ذَبَحْته، وَهُوَ مَيِّتٌ فَلَا قِصَاصَ، وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ، كَمَا فِي الْعُمْدَةِ
24 -
. وَمِنْهَا لَوْ جُنَّ الْقَاتِلُ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْقِصَاصِ فَإِنَّهُ يَنْقَلِبُ دِيَةً.
وَلَا قِصَاصَ بِقَتْلِ مَنْ قَالَ اُقْتُلْنِي فَقَتَلَهُ، 25 -، وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ،، وَالْأَصَحُّ عَدَمُهُ.
26 -
وَلَا قِصَاصَ إذَا قَالَ اُقْتُلْ عَبْدِي أَوْ أَخِي أَوْ ابْنِي أَوْ أَبِي 27 - لَكِنْ لَا شَيْءَ فِي الْعَبْدِ، وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي غَيْرِهِ، وَاسْتَثْنَى فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ مَا إذَا قَالَ: اُقْتُلْ ابْنِي، وَهُوَ صَغِيرٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
[تَنْبِيهٌ الْقِصَاصُ كَالْحُدُودِ فِي الدَّفْعِ بِالشُّبْهَةِ]
قَوْلُهُ: وَمِنْهَا لَوْ جُنَّ الْقَاتِلُ إلَخْ: ضَمِيرُ مِنْهَا يَرْجِعُ لِلْفُرُوعِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ الْمَقَامِ ثُمَّ يُنْظَرُ وَجْهُ كَوْنِ الْمَجْنُونِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالْقِصَاصِ شُبْهَةً انْقَلَبَ بِسَبَبِهَا الْقِصَاصُ دِيَةً، وَلَعَلَّهُ فِي صَيْرُورَتِهِ بَعْدَ الْجُنُونِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ، وَالْحُدُودُ لَا تُقَامُ عَلَى غَيْرِ مُكَلَّفٍ ثُمَّ فِي مُعِينِ الْمُفْتِي: وَلَوْ جُنَّ بَعْدَ الْقَتْلِ قَبْلَ الْحُكْمِ إنْ كَانَ هَذَا الْجُنُونُ الْحَادِثُ مُطْبِقًا سَقَطَ الْقِصَاصُ، وَإِلَّا فَلَا
(25)
قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ، وَالْأَصَحُّ عَدَمُهُ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ: الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُسْتَوْفٍ فَرَاجَعَهُ إنْ شِئْت.
(26)
قَوْلُهُ: وَلَا قِصَاصَ، إذَا قَالَ: اُقْتُلْ عَبْدِي إلَخْ:، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْثَمُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْقِصَاصِ نَفْيُ الْإِثْمِ.
(27)
قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا شَيْءَ فِي الْعَبْدِ، أَيْ لَا قِصَاصَ، وَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ عَبْدَهُ مَالُهُ، وَعِصْمَةُ مَالِهِ تَثْبُتُ حَقًّا لَهُ فَجَازَ أَنْ تَسْقُطَ بِإِذْنِهِ كَمَا فِي سَائِرِ أَمْوَالِهِ
الْقِصَاصُ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ لَا قِصَاصَ بِقَتْلِ مَنْ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مَحْقُونُ الدَّمِ عَلَى التَّأْيِيدِ أَوْ لَا
، وَفِي الْخَانِيَّةِ: ثَلَاثَةٌ قَتَلُوا رَجُلًا عَمْدًا ثُمَّ شَهِدُوا بَعْدَ التَّوْبَةِ أَنَّ الْوَلِيَّ عَفَا عَنْهُ، 28 - قَالَ الْحَسَنُ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ إلَّا أَنْ يَقُولَ اثْنَانِ مِنْهُمْ عَفَا عَنَّا، وَعَنْ هَذَا الْوَاحِدِ، فَفِي هَذَا الْوَجْهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله: تُقْبَلُ فِي حَقِّ الْوَاحِدِ، وَقَالَ الْحَسَنُ: أَقْبَلُ فِي حَقِّ الْكُلِّ (انْتَهَى) .
29 -
، وَكَتَبْنَا مَسْأَلَةَ الْعَفْوِ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ الدَّعْوَى عِنْدَ قَوْلِهِ: وَقِيلَ لِخَصْمِهِ أَعْطِهِ كَفِيلًا، فَلْيُرَاجَعْ
، وَكَتَبْت فِي الْفَوَائِدِ أَنَّ الْقِصَاصَ كَالْحُدُودِ إلَّا فِي سَبْعِ مَسَائِلَ: 30 - الْأُولَى: يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِعِلْمِهِ فِي الْقِصَاصِ دُونَ الْحُدُودِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ.
الثَّانِيَةُ: الْحُدُودُ لَا تُوَرَّثُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: قَالَ الْحَسَنُ لَا تُقْبَلُ فِي حَقِّ الْكُلِّ
لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ لِقَوْلِهِ فِي صَدْرِ الْعِبَارَةِ قَالَ الْحَسَنُ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ إلَّا أَنْ يَقُولَ الِاثْنَانِ مِنْهُمْ عَفَى عَنَّا، وَعَنْ هَذَا الْوَاحِدِ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْأَوَّلِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله: تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ فِي حَقِّ الْوَاحِدِ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي مُوَافَقَةِ الْحَسَنِ لِأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَقَدْ رَاجَعْت الْخَانِيَّةَ فَلَمْ أَرَ الْمَسْأَلَةَ.
(29)
قَوْلُهُ: وَكَتَبْنَا مَسْأَلَةَ الْعَفْوِ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ إلَخْ: هِيَ لَوْ قَالَ: لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ عَلَى الْعَفْوِ، أُجِّلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ مَضَتْ، وَلَمْ يَأْتِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ قَالَ: لِي بَيِّنَةٌ غَائِبَةٌ يَقْتَضِي بِالْقِصَاصِ قِيَاسًا، كَالْأَمْوَالِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُؤَجَّلُ اسْتِعْظَامًا لِأَمْرِ الدَّمِ
(30)
قَوْلُهُ: الْأُولَى: يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِعِلْمِهِ فِي الْقِصَاصِ دُونَ الْحُدُودِ، وَإِطْلَاقُهُ فِي الْحُدُودِ غَيْرُ وَاقِعٍ مَوْقِعَهُ؛ لِدُخُولِ حَدِّ الْقَذْفِ تَحْتَهَا، وَالْحُكْمُ فِيهِ بِخِلَافِ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُطْلَقُ يَنْصَرِفُ لِلْفَرْدِ الْكَامِلِ، وَهِيَ الْحُدُودُ الْخَالِصَةُ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يُرَدُّ حَدُّ الْقَذْفِ؛ لِأَنَّ فِيهِ حَقَّ الْعَبْدِ، ثُمَّ إنَّ الْقَضَاءَ بِعِلْمِهِ فِي الْقِصَاصِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي غَيْرِ الْحُدُودِ، وَالْفَتْوَى الْيَوْمَ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ مُطْلَقًا؛ لِفَسَادِ قُضَاةِ الزَّمَانِ
وَالْقِصَاصُ يُوَرَّثُ.
الثَّالِثَةُ: لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ فِي الْحُدُودِ، وَلَوْ كَانَ حَدَّ الْقَذْفِ بِخِلَافِ الْقِصَاصِ.
الرَّابِعَةُ التَّقَادُمُ لَا يَمْنَعُ مِنْ الشَّهَادَةِ بِالْقَتْلِ بِخِلَافِ الْحُدُودِ سِوَى حَدِّ الْقَذْفِ.
الْخَامِسَةُ: يَثْبُتُ بِالْإِشَارَةِ، وَالْكِتَابَةِ مِنْ الْأَخْرَسِ بِخِلَافِ الْحُدُودِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ مَسَائِلَ شَتَّى.
32 -
السَّادِسَةُ: لَا تَجُوزُ الشَّفَاعَةُ فِي الْحُدُودِ، وَتَجُوزُ فِي الْقِصَاصِ.
السَّابِعَةُ: الْحُدُودُ سِوَى حَدِّ الْقَذْفِ، لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الدَّعْوَى
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَالْقِصَاصُ يُوَرَّثُ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ، وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا.
(32)
قَوْلُهُ: السَّادِسَةُ لَا تَجُوزُ الشَّفَاعَةُ فِي الْحُدُودِ إلَخْ: الشَّفَاعَةُ ضَرَاعَةٌ عِنْدَ الْمَشْفُوعِ عِنْدَهُ، سُمِّيَتْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَشْفَعُ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ، وَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَقَدْ صَحَّ «اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا وَلْيَقْضِ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا شَاءَ» ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ إعَانَةِ الْمُسْلِمِ، وَدَفْعِ الظُّلْمِ عَنْهُ، وَلَا يَكُونُ فِي حَدٍّ وَلَا حَقٍّ لَازِمٍ، وَإِنَّمَا هِيَ لِلذَّنْبِ الَّذِي يُمْكِنُ الْعَفْوُ عَنْهُ، وَقَدْ شَفَعَ اللَّهُ عز وجل، وَفِي مُسْلِمٍ لَمَّا حَلَفَ الصِّدِّيقُ أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهِ فَقَالَ تَعَالَى {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ} [النور: 22] الْآيَةَ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَأَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِ الشَّفَاعَةِ فِي الْحُدُودِ إذَا بَلَغَ الْإِمَامَ، وَأَنَّهُ يَحْرُمُ التَّشْفِيعُ فِيهِ، فَأَمَّا قَبْلَ بُلُوغِ الْإِمَامِ فَأَجَازَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَشْفُوعُ فِيهِ صَاحِبَ شَرٍّ، وَأَذًى لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يُشْفَعْ فِيهِ.
وَأَمَّا الْمَعَاصِي الَّتِي لَا حَدَّ فِيهَا، وَلَا كَفَّارَةَ، وَوَاجِبُهَا التَّعْزِيرُ فَتَجُوزُ الشَّفَاعَةُ فِيهَا، وَالتَّشْفِيعُ، سَوَاءٌ بَلَغَتْ الْإِمَامَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهَا أَهْوَنُ، ثُمَّ الشَّفَاعَةُ فِيهَا مُسْتَحَبَّةٌ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَشْفُوعُ فِيهِ صَاحِبَ أَذًى.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ: وَإِطْلَاقُ الشَّفَاعَةِ فِي التَّعْزِيرِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ إذَا سَقَطَ حَقُّهُ كَانَ لِلْإِمَامِ التَّعْزِيرُ؛ لِأَنَّهُ شُرِعَ لِلْإِصْلَاحِ، وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي أَوْقَاتِهِ، وَفِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَنْبَغِي اسْتِحْبَابُهَا.