الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَوَالٍ أَعْتَقُوهُمْ انْصَرَفَتْ إلَى مَوَالِيهِ؛ لِأَنَّهُمْ الْحَقِيقَةُ، وَلَا شَيْءَ لِمَوَالِي مَوَالِيهِ؛ لِأَنَّهُمْ الْمَجَازُ، وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا
8 -
. وَمِمَّا فَرَّعْته عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ لَهُ امْرَأَتَانِ فَقَالَ لِإِحْدَاهُمَا: أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعًا، فَقَالَتْ الثَّلَاثَةُ يَكْفِينِي، فَقَالَ الزَّوْجُ: أَوْقَعْت الزِّيَادَةَ عَلَى فُلَانَةَ، لَا يَقَعُ عَلَى الْأُخْرَى شَيْءٌ.
وَكَذَا لَوْ قَالَ الزَّوْجُ: الثَّلَاثُ لَك، وَالْبَاقِي لِصَاحِبَتِك، لَا تَطْلُقُ الْأُخْرَى (انْتَهَى) .
لِعَدَمِ إمْكَانِ الْعَمَلِ فَأُهْمِلَ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ حَكَمَ بِبُطْلَانِ مَا زَادَ فَلَا يُمْكِنُ إيقَاعُهُ عَلَى أَحَدٍ 9 - وَمِنْهَا حِكَايَةُ الْأُسْتَاذِ الطَّحَاوِيِّ حَكَاهَا فِي يَتِيمَةِ الدَّهْرِ مِنْ الطَّلَاقِ.
، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ مَنْ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا، وَمَنْ لَا يَقَعُ، وَقَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ فَفِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ مَنْكُوحَتِهِ، وَرَجُلٍ، وَقَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، رحمه الله وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله أَنَّهُ يَقَعُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
أَوْلَى، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّرْجِيحُ بِهَذَا؛ لِأَنَّ مَقَاصِدَ النَّاسِ مُخْتَلِفَةٌ، مِنْهُمْ مَنْ يَقْصِدُ الْإِحْسَانَ إلَى الْأَسْفَلِ تَتْمِيمًا لِلْإِحْسَانِ فَوَجَبَ التَّوَقُّفُ إلَى الْبَيَانِ فَإِذَا انْقَطَعَ رَجَاؤُهُ تَعَيَّنَ الْبُطْلَانُ
[مَا تَفَرَّعَ عَلَيَّ قَاعِدَة إعْمَالُ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِهِ مَتَى أَمْكَنَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أُهْمِلَ]
(8)
قَوْلُهُ: وَمِمَّا فَرَّعْته عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ إلَخْ: أَقُولُ: ذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ خِلَافًا فَقَالَ: وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ خَمْسِينَ طَلْقَةً، فَقَالَتْ: ثَلَاثٌ تَكْفِينِي، فَقَالَ: الْبَاقِي لِصَاحِبَتِك تَطْلُقُ كَالْوَاحِدَةِ مِنْ الْبَوَاقِي ثَلَاثًا ثَلَاثًا.
وَقَالَ الطَّحْطَاوِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ وَأَبُو عَلِيٍّ الرَّازِيّ، وَالشَّافِعِيِّ لَا يَقَعُ عَلَى صَاحِبَاتِهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّ مَنْ وَرَاءَ الثَّلَاثِ غَيْرُ عَامِلٍ أَصْلًا (انْتَهَى) .
أَقُولُ: لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ الْقَوْلِ بِوُقُوعِ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ، وَكَأَنَّهُ لِضَعْفِ هَذَا الْقَوْلِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ قَاضِي خَانْ.
(9)
قَوْلُهُ: وَمِنْهَا حِكَايَةُ أُسْتَاذِ الطَّحَاوِيِّ
وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ، وَأَجْنَبِيَّةٍ، وَقَالَ: طَلَّقْت إحْدَاكُمَا طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ، وَلَوْ قَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ، وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا، لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّهَا تَطْلُقُ
وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ، وَبَيْنَ مَا لَيْسَ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ كَالْبَهِيمَةِ، وَالْحَجَرِ، وَقَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَطْلُقُ
، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ الْحَيَّةِ، وَالْمَيِّتَةِ، وَقَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ لَا تَطْلُقُ الْحَيَّةُ (انْتَهَى)
ثُمَّ قَالَ فِيهَا: وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ إحْدَاهُمَا صَحِيحَةُ النِّكَاحِ، وَالْأُخْرَى فَاسِدَةُ النِّكَاحِ، وَقَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ لَا تَطْلُقُ صَحِيحَةُ النِّكَاحِ كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ مَنْكُوحَتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ، وَقَالَ:(إحْدَاكُمَا) طَالِقٌ (انْتَهَى) .
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ، وَغَيْرِهَا، وَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ، إلَّا إذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا، وَبَيْنَ جِدَارٍ أَوْ بَهِيمَةٍ؛ لِأَنَّ الْجِدَارَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلطَّلَاقِ أُعْمِلَ اللَّفْظُ فِي امْرَأَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَفْهُومُ آدَمِيًّا فَإِنَّهُ صَالِحٌ فِي الْجُمْلَةِ، 11 - إلَّا أَنَّهُ يَشْكُلُ بِالرَّجُلِ فَإِنَّهُ لَا يُوصَفُ بِالطَّلَاقِ عَلَيْهِ، وَلِذَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنَا مِنْك طَالِقٌ لُغِيَ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الطَّلَاقَ لِإِزَالَةِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ، وَأَجْنَبِيَّةٍ، وَقَالَ: طَلَّقْت إحْدَاكُمَا إلَخْ: قِيلَ: لَمْ يُبَيِّنْ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الصِّيغَةِ، وَبَيْنَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ مَعَ مَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ.
(11)
قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ يَشْكُلُ بِالرَّجُلِ إلَخْ: هُوَ نَقْضٌ إجْمَالِيٌّ حَاصِلُهُ أَنَّ الْعِلَّةَ وُجِدَتْ، وَتَخَلَّفَ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ مَحَلِّيَّةِ الرَّجُلِ لِلطَّلَاقِ يَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَلَى الزَّوْجَةِ، وَقَدْ تَخَلَّفَ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمَحَلِّيَّةِ لِلطَّلَاقِ مَحَلِّيَّةَ الْمَضْمُومِ بِاعْتِبَارِ شَخْصِهِ بَلْ بِاعْتِبَارِ نَوْعِهِ، وَنَوْعُ الرَّجُلِ مَحَلٌّ لَهُ
الْوَصْلَةِ، وَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا
12 -
وَمِمَّا فَرَّعْته عَلَى الْقَاعِدَةِ قَوْلُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فِيمَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ الْأَكْبَرِ سِنًّا مِنْهُ: هَذَا ابْنِي فَإِنَّهُ أَعْمَلَهُ عِتْقًا مَجَازًا عَنْ هَذَا حُرٌّ، وَهُمَا أَهْمَلَاهُ، وَقَالَ فِي الْمَنَارِ مِنْ بَحْثِ الْحُرُوفِ مِنْ أَوْ: وَقَالَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ وَدَابَّتِهِ: هَذَا حُرٌّ أَوْ هَذَا: إنَّهُ بَاطِلٌ 13 -؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِأَحَدِهِمَا غَيْرُ مُعَيَّنٍ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَحَلٍّ لِلْعِتْقِ، وَعِنْدَهُ هُوَ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَمِمَّا فَرَّعْته عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ قَوْلُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ إلَخْ: قِيلَ: يَحْتَاجُ هَذَا الْفَرْعُ - مَعَ فَرْعِ الْمَرْأَةِ الْمَعْرُوفَةِ لِأَبِيهَا إذَا قَالَ لَهَا: هَذِهِ بِنْتِي لَمْ تُحَرَّمْ - إلَى الْفَرْقِ لِأَبِي حَنِيفَةَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحُرْمَةَ الثَّابِتَةَ بِقَوْلِهِ: هَذَا ابْنِي لَا يُنَافِي الْمِلْكَ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ حِينِ مَلَكَهُ لَا انْتِفَاءَ الْمِلْكِ مِنْ الْأَصْلِ، وَعَمَلُهُ فِي الْمَجَازِ عِتْقُهُ مِنْ حِينِ مَلَكَهُ أَيْضًا، وَصُلْحٌ مَجَازًا بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِلْمَرْأَةِ الْمَعْرُوفَةِ النَّسَبِ: هَذِهِ بِنْتِي فَإِنَّ الْحُرْمَةَ الثَّابِتَةَ بِهِ تُنَافِي النِّكَاحَ وَالْمَحَلِّيَّةَ، وَالْحُرْمَةُ الثَّابِتَةُ بِالطَّلَاقِ تُثْبِتُ النِّكَاحَ، وَالْمَحَلِّيَّةَ فَلَمْ تَجُزْ اسْتِعَارَتُهُ لِلطَّلَاقِ الْمُحَرَّمِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا.
(13)
قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِأَحَدِهِمَا غَيْرُ مُعَيَّنٍ إلَخْ: يَعْنِي أَنَّ أَوْ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ أَعَمُّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى التَّعْيِينِ، وَالْأَعَمُّ يَجِبُ صِدْقُهُ عَلَى الْأَخَصِّ، وَالْوَاحِدُ الْأَعَمُّ الَّذِي يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَالدَّابَّةُ غَيْرُ صَالِحٍ لِلْعِتْقِ، وَإِنَّمَا يَصْلُحُ لَهُ الْوَاحِدُ الْمُعَيَّنُ الَّذِي هُوَ الْعَبْدُ، وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ إيجَابَ الْعِتْقِ إنَّمَا هُوَ عَلَى مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ لَا عَلَى الْمَفْهُومِ الْعَامِّ، إذَا لَا أَحْكَامَ تَتَعَلَّقُ بِالذَّوَاتِ لَا بِالْمَفْهُومَاتِ.
هَكَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ التَّلْوِيحِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ غَيْرَ عَيْنٍ صَالِحًا لِلْإِيجَابِ، وَبِدُونِ صَلَاحِيَّةٍ لِمَحَلٍّ لَا يَصِحُّ الْإِيجَابُ أَصْلًا، وَعِنْدَ الْإِمَامِ هُوَ كَذَلِكَ، أَيْ هُوَ اسْمٌ لِأَحَدِهِمَا غَيْرُ عَيْنٍ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لَكِنْ يَحْتَمِلُ أَحَدُهُمَا عَلَى التَّعْيِينِ مَجَازًا حَتَّى لَزِمَهُ التَّعْيِينُ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدَيْنِ كَمَا فِي الْإِقْرَارِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ يَحْتَمِلُ كَلَامُهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ إذْ الْمَرْءُ لَا يُجْبَرُ عَلَى بَيَانِ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ مِنْ مُحْتَمَلَاتِ كَلَامِهِ، وَلَمَّا تَعَذَّرَ الْعَمَلُ بِالْحَقِيقَةِ، أَعْنِي الْوَاحِدَ الْغَيْرَ الْمُعَيَّنِ فَالْعَمَلُ بِمَجَازٍ أَعْنِي الْوَاحِدَ الْمُعَيَّنَ أَوْلَى مِنْ إلْغَاءِ الْكَلَامِ وَإِبْطَالِهِ، وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، وَهُوَ أَنَّ الْمَجَازَ خَلَفٌ عَنْ الْحَقِيقَةِ فِي التَّكَلُّمِ
كَذَلِكَ لَكِنْ عَلَى احْتِمَالِ التَّعْيِينِ حَتَّى لَزِمَهُ التَّعْيِينُ، كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدَيْنِ، وَالْعَمَلُ بِالْمُحْتَمَلِ أَوْلَى مِنْ الْإِهْدَارِ، فَجَعَلَ مَا وُضِعَ لِحَقِيقَتِهِ مَجَازًا يَحْتَمِلُهُ، وَإِنْ اسْتَحَالَتْ حَقِيقَتُهُ، وَهُمَا يُنْكِرَانِ الِاسْتِعَارَةَ عِنْدَ اسْتِحَالَةِ الْحُكْمِ (انْتَهَى) .
قَيَّدَ بِأَوْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ، وَدَابَّتِهِ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ عَتَقَ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ 14 - وَبَيَّنَّا الْفَرْقَ فِي شَرْحِ الْمَنَارِ 15 - وَمِنْهَا لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ، وَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَوْلَادُ أَوْلَادٍ حُمِلَ عَلَيْهِمْ صَوْنًا لِلَّفْظِ عَنْ الْإِهْمَالِ عَمَلًا بِالْمَجَازِ، وَكَذَا لَوْ وَقَفَ عَلَى مَوَالِيه وَلَيْسَ لَهُ مَوَالٍ وَإِنَّمَا لَهُ مَوَالٍ اسْتَحَقُّوا، كَمَا فِي التَّحْرِيرِ. وَلَيْسَ مِنْهَا مَا لَوْ أَتَى بِالشَّرْطِ وَالْجَوَابُ بِلَا فَاءٍ، فَإِنَّا لَا نَقُولُ بِالتَّعْلِيقِ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ فَيَتَنَجَّزُ وَلَا يَنْوِي، خِلَافًا لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله، وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ فِي مَكَّةَ فَيَتَنَجَّزُ إلَّا إذَا أَرَادَ فِي دُخُولِكِ مَكَّةَ فَيَدِينُ، وَإِذَا دَخَلْتِ مَكَّةَ تَعْلِيقٌ. وَقَدْ جَعَلَ الْإِمَامُ الْأُسْيُوطِيُّ مِنْ فُرُوعِهَا مَا وَقَعَ فِي فَتَاوَى السُّبْكِيّ فَنَذْكُرُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
عِنْدَهُ فَيُصَارُ إلَى الْمَجَازِ عِنْدَ عَدَمِ صِحَّةِ التَّكَلُّمِ، وَإِنْ اسْتَحَالَ حُكْمُ الْحَقِيقَةِ وَعِنْدَهُمَا: الْمَجَازُ خَلَفٌ عَنْ الْحَقِيقَةِ فِي الْحُكْمِ فَلَا يُصَارُ إلَى الْمَجَازِ عِنْدَ اسْتِحَالَةِ حُكْمِ الْحَقِيقَةِ فَيَلْغُو.
ثُمَّ ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ نَوَى عَبْدَهُ بِهَذَا الْإِيجَابِ لَا يُعْتَقُ عِنْدَهُمَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ اللَّغْوَ لَا حُكْمَ لَهُ، وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ يُعْتِقُ عَبْدَهُ إذَا نَوَى.
(14)
قَوْلُهُ: وَبَيَّنَّا الْفَرْقَ فِي شَرْحِ الْمَنَارِ إلَخْ: وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ هَذَا تَخْيِيرٌ، وَقَوْلُهُ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ إيقَاعٌ، فَإِنَّمَا يَقَعُ عَلَى مَنْ يَقْبَلُ الْعِتْقَ فَأَمَّا التَّخْيِيرُ فَيَصِحُّ بَيْنَ مَنْ يَقْبَلُ الْعِتْقَ، وَمَنْ لَا يَقْبَلُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ انْتَهَى، وَفِيهِ تَأَمَّلْ
كَلَامَهُمَا بِالتَّمَامِ، ثُمَّ نَذْكُرُ مَا يَسَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِمَّا يُنَاسِبُ أُصُولَنَا. قَالَ السُّبْكِيُّ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَقَفَ عَلَيْهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ ذَكَرًا وَأُنْثَى لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. عَلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ نَسْلٍ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ وَلَدِ وَلَدِهِ ثُمَّ عَلَى نَسْلِهِ عَلَى الْفَرِيضَةِ، وَعَلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ عَلَى مَنْ كَانَ دَرَجَتَهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ؛ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ إلَيْهِ فَالْأَقْرَبُ.
15 -
وَيَسْتَوِي الْأَخُ الشَّقِيقُ وَالْأَخُ مِنْ الْأَبِ. وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ مِنْ مَنَافِعِ الْوَقْفِ وَتَرَكَ وَلَدًا أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُ اسْتَحَقَّ مَا كَانَ اسْتَحَقَّهُ الْمُتَوَفَّى لَوْ بَقِيَ حَيًّا إلَى أَنْ يَصِيرَ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ مَنَافِعِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ، وَقَامَ وَلَدُهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مَقَامَ الْمُتَوَفَّى، فَإِذَا انْقَرَضُوا فَعَلَى الْفُقَرَاءِ، وَلَوْ تُوُفِّيَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ 16 - وَانْتَقَلَ الْوَقْفُ إلَى وَلَدَيْهِ؛ أَحْمَدَ وَعَبْدِ الْقَادِرِ، ثُمَّ تُوُفِّيَ عَبْدُ الْقَادِرِ، وَتَرَكَ ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ وَهُمْ عَلَيَّ وَعَمْرٌو وَلَطِيفَةُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: يَسْتَوِي الْأَخُ الشَّقِيقُ وَالْأَخُ لِأَبٍ إلَخْ. قِيلَ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ فَقَدْ نَقَلَ تَقْدِيمَ الْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ وَضَعُفَ مَا هُنَا فَرَاجِعْهُ.
(16)
قَوْلُهُ: وَانْتَقَلَ الْوَقْفُ إلَى وَلَدَيْهِ أَحْمَدَ وَعَبْدِ الْقَادِرِ إلَخْ. قِيلَ: لَمْ يَذْكُرْ مَوْتَهُ وَلَا تَخْتَلِفُ قِسْمَةُ نَصِيبِ عَبْدِ الْقَادِرِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ لِاشْتِرَاطِ انْتِقَالِ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ لِوَلَدِهِ وَمَنْ مَاتَ لَا عَنْ وَلَدٍ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَلَمْ يَخْلُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَنْ أَحَدِ هَذَيْنِ
وَوَلَدَيْ ابْنِهِ مُحَمَّدٍ الْمُتَوَفَّى حَالَ حَيَاةِ وَالِدِهِ؛ وَهُمَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةُ، ثُمَّ تُوُفِّيَ عَمْرٌو عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ ثُمَّ تُوُفِّيَتْ لَطِيفَةُ وَتَرَكَتْ بِنْتًا تُسَمَّى فَاطِمَةَ، ثُمَّ تُوُفِّيَ عَلَيَّ وَتَرَكَ بِنْتًا تُسَمَّى زَيْنَبَ، ثُمَّ تُوُفِّيَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ لَطِيفَةَ عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ. فَإِلَى مَنْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ فَاطِمَةَ الْمَذْكُورَةِ.؟ فَأَجَابَ: الَّذِي ظَهَرَ لِي الْآنَ أَنَّ نَصِيبَ عَبْدِ الْقَادِرِ جَمِيعَهُ يُقَسَّمُ مِنْ هَذَا الْوَقْفِ عَلَى سِتِّينَ جُزْءًا لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْهُ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ، وَلِمَلَكَةَ أَحَدَ عَشَرَ، وَلِزَيْنَبِ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ. وَلَا يَسْتَمِرُّ هَذَا الْحُكْمُ فِي أَعْقَابِهِمْ، بَلْ كُلُّ وَقْتٍ بِحَسْبِهِ. قَالَ: وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ الْقَادِرِ لَمَّا تُوُفِّيَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ وَهُمْ عَلِيٌّ وَعَمْرٌو وَلَطِيفَةُ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، لِعَلِيٍّ خُمُسَاهُ، وَلِعَمْرٍو خُمُسَاهُ، وَلِلَطِيفَةَ خُمُسُهُ. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ عِنْدَنَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يُشَارِكُهُمْ عَبْدُ الْقَادِرِ وَمَلَكَةُ وَلَدَا مُحَمَّدٍ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ أَبِيهِ، وَنَزَلَا مَنْزِلَةَ أَبِيهِمَا فَيَكُونُ لَهُمَا السُّبُعَانِ، وَلِعَلِيٍّ السُّبُعَانِ، وَلِعَمْرٍو السُّبُعَانِ، وَلِلَطِيفَةَ السُّبُعُ. وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا، فَهُوَ مَرْجُوحٌ عِنْدَنَا لِأَنَّ التَّمَكُّنَ مِنْ مَأْخَذِهِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ: إحْدَاهَا: أَنَّ مَقْصُودَ الْوَاقِفِ أَنْ لَا يُحْرَمَ أَحَدٌ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ. وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْمَقَاصِدَ إذَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهَا اللَّفْظُ لَا يُعْتَبَرُ. 17 -
الثَّانِي إدْخَالُهُمْ فِي الْحُكْمِ وَجَعْلُ التَّرْتِيبِ بَيْنَ كُلِّ أَصْلٍ وَفَرْعِهِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: الثَّانِي إدْخَالُهُمْ فِي الْحُكْمِ وَجَعْلِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ كُلِّ أَصْلٍ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ هَذَا إنَّمَا يَتَمَشَّى قَطْعًا لَوْ كَانَ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ صَرِيحًا فِي تَرْتِيبِ الطَّبَقَاتِ وَحَجْبِ كُلِّ
لَا بَيْنَ الطَّبَقَتَيْنِ جَمِيعًا، وَهَذَا مُحْتَمَلٌ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ. وَقَدْ كُنْتُ مِلْتُ إلَيْهِ مَرَّةً فِي وَقْفٍ لِلَفْظٍ اقْتَضَاهُ فِيهِ لَسْتُ أَعُمُّهُ فِي كُلِّ تَرْتِيبٍ.
الثَّالِثُ: الِاسْتِنَادُ إلَى قَوْلِ الْوَاقِفِ؛ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ بِشَيْءٍ قَامَ وَلَدُهُ مَقَامَهُ. وَهَذَا أَقْوَى لَكِنْ إنَّمَا يَتِمُّ لَوْ صَدَقَ عَلَى الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ. وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ كَانَ قَدْ وَقَعَ مِثْلُهَا فِي الشَّامِ قَبْلَ التِّسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ. وَطَلَبُوا فِيهَا نَقْلًا فَلَمْ يَجِدُوهُ فَأَرْسَلُوا إلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ يَسْأَلُونَ عَنْهَا وَلَا أَدْرِي مَا أَجَابُوهُمْ، لَكِنِّي رَأَيْتُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِيمَا إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى أَوْلَادِهِ، وَمَنْ مَاتَ وَلَا وَلَدَ لَهُ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى الْبَاقِينَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ، فَمَاتَ وَاحِدٌ عَنْ وَلَدِهِ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَيْهِ، فَإِذَا مَاتَ آخَرُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى أَخِيهِ وَابْنِ أَخِيهِ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ. فَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي 18 -
أَنَّهُ إنَّمَا صَارَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ بَعْدَ مَوْتِ وَالِدِهِ فَيَقْتَضِي أَنَّ
ــ
[غمز عيون البصائر]
طَبَقَةٍ مَا تَحْتَهَا بِأَنْ يَقُولَ نَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ بَعْدَ وَفَاةِ عَبْدِ الْقَادِرِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَيًّا لَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ لِتَقَدُّمِ طَبَقَتِهِ وَحَجْبِهِ بِأَوْلَادِ عَبْدِ الْقَادِرِ فَكَانَ وَلَدُهُ مُحَمَّدٌ يَقُومُ مَقَامَهُ بِمُقْتَضَى اللَّفْظِ، وَأَمَّا هُنَا فَلَمْ يَقُلْ صَرِيحًا بِالْحَجْبِ وَقَالَ: عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ إلَى أَوْلَادِهِ وَلَا يَنْتَقِلُ إلَى وَلَدَيْ مُحَمَّدٍ شَيْءٌ، وَنَظَرَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله إلَى لَفْظِ ثُمَّ فَقَطْ وَأَنَّهُ يَقْتَضِي التَّرْتِيبَ وَحَجْبَ كُلِّ طَبَقَةٍ لِمَا تَحْتَهُ وَهُوَ الْحَقُّ فَالْكَلَامُ فِيهِ تَطْوِيلٌ.
(18)
قَوْلُهُ: أَنَّهُ إنَّمَا صَارَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ بَعْدَ مَوْتِ وَالِدِهِ إلَخْ. قِيلَ: حَاصِلُ فَرْقِهِ أَنَّ أَهْلَ الْوَقْفِ مَنْ رَجَعَ إلَيْهِ الْوَقْفُ بِالْفِعْلِ، وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مَنْ لَهُ الْوَقْفُ بِالْقُوَّةِ.
ابْنَ عَبْدِ الْقَادِرِ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ وَأَنَّهُ إنَّمَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ أَهْلِ الْوَقْفِ إذَا آلَ إلَيْهِ الِاسْتِحْقَاقُ. قَالَ: وَمِمَّا يُتَنَبَّهُ لَهُ أَنَّ بَيْنَ أَهْلِ الْوَقْفِ وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ عُمُومًا وَخُصُوصًا مِنْ وَجْهٍ.
19 -
فَإِذَا وَقَفَ مَثَلًا عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى عَمْرٍو ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ فَعَمْرٌو مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ فِي حَيَاةِ زَيْدٍ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ قَصَدَهُ الْوَاقِفُ بِخُصُوصِهِ وَسَمَّاهُ وَعَيَّنَهُ، وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ حَتَّى يُوجَدَ شَرْطُ اسْتِحْقَاقِهِ، وَهُوَ مَوْتُ زَيْدٍ وَأَوْلَادِهِ إذَا آلَ إلَيْهِمْ الِاسْتِحْقَاقُ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ. وَلَا يُقَالُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ إنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْهُ الْوَاقِفُ، وَإِنَّمَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ جُمْلَةُ الْأَوْلَادِ كَالْفُقَرَاءِ. قَالَ: فَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْقَادِرِ وَالِدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ أَصْلًا وَلَا مَوْقُوفًا عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَنُصَّ عَلَى اسْمِهِ. قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ أَبِيهِ يَسْتَحِقُّ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ أَبُوهُ جَرَى عَلَيْهِ الْوَقْفُ فَيُنْقَلُ هَذَا الِاسْتِحْقَاقُ إلَى أَوْلَادِهِ. قَالَ: وَهَذَا قَدْ كُنْتُ فِي وَقْتٍ أَبَحْتُهُ ثُمَّ رَجَعْتُ عَنْهُ. فَإِنْ قُلْتَ: قَدْ قَالَ الْوَاقِفُ إنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ أَهْلِ الْوَقْفِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ فَقَدْ سَمَّاهُ مِنْ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: فَإِذَا وَقَفَ مَثَلًا عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى عَمْرٍو إلَخْ. لَا يَخْفَى أَنَّ زَيْدًا أَيْضًا مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ قَصَدَهُ الْوَاقِفُ بِخُصُوصِهِ وَسَمَّاهُ وَعَيَّنَهُ كَعَمْرٍو فَقُدِّمَ عَلَيْهِ فَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ، كَمَا هُوَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَبَيْنَ اللَّفْظَيْنِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَعَمُّ مُطْلَقًا، وَهَذَا ظَاهِرٌ جِدًّا بَعْدَ تَسْلِيمِ أَنَّ عُمَرَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ بَلْ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ فَقَطْ.
أَهْلِ الْوَقْفِ، مَعَ عَدَمِ اسْتِحْقَاقٍ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَطْلَقَ أَهْلَ الْوَقْفِ عَلَى مَنْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ الْوَقْفُ " فَيَدْخُلُ مُحَمَّدٌ وَالِدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةُ فِي ذَلِكَ فَيَسْتَحِقَّانِ. 20 -
وَنَحْنُ إنَّمَا نَرْجِعُ فِي الْأَوْقَافِ إلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُ وَاقِفِيهَا سَوَاءٌ وَافَقَ ذَلِكَ عُرْفَ الْفُقَهَاءِ أَمْ لَا. قُلْتُ لَا نُسَلِّمُ مُخَالَفَةَ ذَلِكَ لِمَا قُلْنَاهُ، أَمَّا أَوَّلًا، فَلِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ وَإِنَّمَا قَالَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ اسْتَحَقَّ شَيْئًا صَارَ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ وَيَتَرَتَّبُ اسْتِحْقَاقًا آخَرَ فَيَمُوتُ قَبْلَهُ، فَنَصَّ الْوَاقِفُ عَلَى أَنَّ وَلَدَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ الَّذِي لَمْ يَصِلْ
ــ
[غمز عيون البصائر]
(20) قَوْلُهُ: وَنَحْنُ إنَّمَا نَرْجِعُ فِي الْأَوْقَافِ إلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُ وَاقِفِيهَا إلَخْ. قَالَ فِي التَّيْسِيرِ: الْوُقُوفُ عَلَى غَوَامِضِ الْوُقُوفِ خَالَفَهُ مَنْعُ السُّبْكِيّ وَتَبِعَهُ جَمْعٌ، مِنْهُمْ الزَّرْكَشِيُّ الْعَمَلُ بِالْمَفَاهِيمِ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِينَ لِغَلَبَةِ الذُّهُولِ عَلَيْهِمْ، وَإِنَّمَا كَانَتْ حُجَّةً فِي كَلَامِهِ تَعَالَى وَرَسُولُهُ الْمُبَلِّغُ عَنْهُ، لِأَنَّهُ تَعَالَى لَا يَغِيبُ عَنْهُ شَيْءٌ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْعُمُومِ فَإِنَّهُ حُجَّةٌ فِي الْأَوْقَافِ بِلَا خَوْفٍ. ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي السُّلَالَاتِ (انْتَهَى) . وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ فِي بَابِ: الرَّجُلُ يَجْعَلُ أَرْضَهُ وَقْفًا عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ وَعَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِهِ وَلَدِهِ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ ثُمَّ قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ عز وجل أَبَدًا عَلَى فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ وَفُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمَا عَلَى الْمَسَاكِينِ، فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا كَانَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَتَرَكَ وَلَدًا، قَالَ: يَرْجِعُ نَصِيبُهُ لِلْمَسَاكِينِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْوَاقِفَ إنَّمَا اشْتَرَطَ أَنْ يَرْجِعَ نَصِيبُ الَّذِي يَمُوتُ مِنْهُمَا إلَى الْبَاقِي إذَا لَمْ يَتْرُكْ الْمَيِّتُ وَارِثًا فَهَذَا قَدْ تَرَكَ وَارِثًا وَهُوَ وَلَدُهُ. قُلْتُ: فَلِمَ لَا يَجْعَلُ نَصِيبَ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا لِوَلَدِهِ قَالَ مِنْ قَبْلُ: إنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ لِوَلَدِ الْمَيِّتِ، وَإِنَّمَا قَالَ: فَمَنْ مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا كَانَ ذَلِكَ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا فَلِهَذِهِ الْعِلَّةِ لَمْ يَكُنْ لِلْبَاقِي وَلَا لِوَلَدِهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ.
إلَيْهِ، وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ قَالَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ أَوْ الْبَطْنَ الَّذِي بَعْدَهُ، وَإِنْ وَصَلَ إلَيْهِ الِاسْتِحْقَاقُ، أَعْنِي أَنَّهُ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ، قَدْ يَتَأَخَّرُ اسْتِحْقَاقُهُ إمَّا لِأَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِمُدَّةٍ كَقَوْلِهِ: فِي سَنَةِ كَذَا فَيَمُوتُ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. فَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ، وَإِلَى الْآنَ مَا اسْتَحَقَّ مِنْ الْغَلَّةِ شَيْئًا إمَّا لِعَدَمِهَا أَوْ لِعَدَمِ شَرْطِ الِاسْتِحْقَاقِ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ أَوْ غَيْرِهِ. هَذَا حُكْمُ الْوَقْفِ بَعْدَ مَوْتِ عَبْدِ الْقَادِرِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ عَمْرٌو عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ 21 -
انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى إخْوَتِهِ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ، فَيَصِيرُ نَصِيبُ عَبْدِ الْقَادِرِ كُلُّهُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا؛ لِعَلِيٍّ الثُّلُثَانِ وَلِلَطِيفَةَ الثُّلُثُ، وَيَسْتَمِرُّ حِرْمَانُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةَ، فَلَمَّا مَاتَتْ لَطِيفَةُ انْتَقَلَ نَصِيبُهَا، وَهُوَ الثُّلُثُ، إلَى ابْنَتِهَا فَاطِمَةَ وَلَمْ يَنْتَقِلْ إلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةَ شَيْءٌ لِوُجُودِ أَوْلَادِ عَبْدِ الْقَادِرِ وَهُمْ يَحْجُبُونَهُمَا؛ لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُهُ، وَقَدْ قَدَّمَهُمْ عَلَى أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ الَّذِينَ هُمَا مِنْهُمْ. وَلَمَّا تُوُفِّيَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ وَخَلَّفَ بِنْتَهُ زَيْنَبَ، احْتَمَلَ أَنْ يُقَالَ: نَصِيبُهُ كُلُّهُ وَهُوَ ثُلُثَا نَصِيبِ عَبْدِ الْقَادِرِ لَهَا، عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ: مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ. وَتَبْقَى هِيَ وَبِنْتُ عَمَّتِهَا مُسْتَوْعِبَتَيْنِ نَصِيبَ جَدِّهِمَا؛ لِزَيْنَبِ ثُلُثَاهُ، وَلِفَاطِمَةَ ثُلُثُهُ. وَاحْتَمَلَ أَنْ يُقَالَ: إنَّ نَصِيبَ
ــ
[غمز عيون البصائر]
(21) قَوْلُهُ: انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى إخْوَتِهِ إلَخْ. كَذَا فِي النُّسَخِ بِالتَّاءِ وَالصَّوَابُ أَخَوَيْهِ بِتَغْلِيبِ الْأَخِ عَلَى الْأُخْتِ.
عَبْدِ الْقَادِرِ كُلَّهُ يُقَسَّمُ عَلَى أَوْلَادِهِ الْآنَ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، فَقَدْ أَثْبَتَ الْجَمِيعُ أَوْلَادَ الْأَوْلَادِ اسْتِحْقَاقًا بَعْدَ الْأَوْلَادِ، وَإِنَّمَا حَجَبْنَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةَ، وَهُمَا مِنْ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ بِالْأَوْلَادِ، فَإِذَا انْقَرَضَ الْأَوْلَادُ زَالَ الْحَجْبُ فَيَسْتَحِقَّانِ وَيُقَسَّمُ نَصِيبُ عَبْدِ الْقَادِرِ بَيْنَ جَمِيعِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، فَلَا يَحْصُلُ لِزَيْنَبِ جَمِيعُ نَصِيبِ أَبِيهَا، وَيَنْقُصُ مَا كَانَ بِيَدِ فَاطِمَةَ بِنْتِ لَطِيفَةَ. وَهَذَا أَمْرٌ اقْتَضَاهُ النُّزُولُ الْحَادِثُ بِانْقِرَاضِ طَبَقَةِ الْأَوْلَادِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ شَرْطِ الْوَاقِفِ؛ إنَّ أَوْلَادَ الْأَوْلَادِ بَعْدَهُمْ فَلَا شَكَّ أَنَّ فِيهِ مُخَالَفَةً لِظَاهِرِ قَوْلِهِ: أَنَّ مَنْ مَاتَ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ، فَإِنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي أَنَّ نَصِيبَ عَلِيٍّ لِبِنْتِهِ زَيْنَبَ، وَاسْتِمْرَارَ نَصِيبِ لَطِيفَةَ لِبِنْتِهَا فَاطِمَةَ، فَخَالَفَتَاهُ بِهَذَا الْعَمَلِ فِيهِمَا جَمِيعًا، وَلَوْ لَمْ نُخَالِفْ ذَلِكَ لَزِمَنَا مُخَالَفَةَ قَوْلِ الْوَاقِفِ: أَنَّ بَعْدَ الْأَوْلَادِ يَكُونُ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ، فَظَاهِرُهُ يَشْمَلُ الْجَمِيعَ. فَهَذَانِ الظَّاهِرَانِ تَعَارَضَا، وَهُوَ تَعَارُضٌ قَوِيٌّ صَعْبٌ لَيْسَ فِي هَذَا الْوَقْفِ مَحَلٌّ أَصْعَبُ مِنْهُ، وَلَيْسَ التَّرْجِيحُ فِيهِ بِالْهَيِّنِ بَلْ هُوَ مَحَلُّ نَظَرِ الْفَقِيهِ. 22 -
وَخَطَرَ لِي فِيهِ أَطْرُقٌ: مِنْهَا أَنَّ الشَّرْطَ الْمُقْتَضِيَ لِاسْتِحْقَاقِ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ جَمِيعِهِمْ مُتَقَدِّمٌ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِ، وَالشَّرْطَ الْمُقْتَضِيَ لِإِخْرَاجِهِمْ بِقَوْلِهِ: مَنْ مَاتَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ مُتَأَخِّرٌ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
(22) قَوْلُهُ: وَخَطَرَ لِي فِيهِ أَطْرُقٌ إلَخْ. جَمْعُ طَرِيقٍ وَيُجْمَعُ عَلَى طُرُقٍ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ طُرُقٌ بِلَا هَمْزَةٍ.
فَالْعَمَلُ بِالْمُتَقَدِّمِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ النَّسْخِ حَتَّى يُقَالَ: الْعَمَلُ بِالْمُتَأَخِّرِ أَوْلَى، وَمِنْهَا أَنَّ تَرْتِيبَ الطَّبَقَاتِ أَصْلٌ، وَذِكْرَ انْتِقَالِ نَصِيبِ الْوَالِدِ إلَى وَلَدِهِ فَرْعٌ وَتَفْصِيلٌ لِذَلِكَ الْأَصْلِ، فَكَانَ التَّمَسُّكُ بِالْأَصْلِ أَوْلَى. وَمِنْهَا: 23 -
أَنَّ مَنْ صِيغَتُهُ عَامَّةٌ بِقَوْلِهِ: مَنْ مَاتَ وَلَهُ وَلَدٌ. صَالِحٌ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْهُمْ وَلِمَجْمُوعِهِمْ، وَإِذَا أُرِيدَ مَجْمُوعَهُمْ كَانَ انْتِقَالُ نَصِيبِ مَجْمُوعِهِمْ إلَى مَجْمُوعِ الْأَوْلَادِ عَنْ مُقْتَضَيَاتِ هَذَا الشَّرْطِ، فَكَانَ إعْمَالًا لَهُ مِنْ وَجْهٍ مَعَ إعْمَالِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ بِذَلِكَ كَانَ إلْغَاءً لِلْأَوَّلِ عَنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَهُوَ مَرْجُوحٌ. وَمِنْهَا إذَا تَعَارَضَ الْأَمْرُ بَيْنَ إعْطَاءِ بَعْضِ الذُّرِّيَّةِ وَحِرْمَانِهِمْ تَعَارُضًا لَا تَرْجِيحَ فِيهِ فَالْإِعْطَاءُ أَوْلَى. لِأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِينَ. وَمِنْهَا أَنَّ اسْتِحْقَاقَ زَيْنَبَ لِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ، وَهُوَ الَّذِي يَخُصُّهَا، إذَا شُرِّكَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ بَقِيَّةِ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ مُحَقَّقٌ، وَكَذَا فَاطِمَةُ. 24 -
وَالزَّائِدُ عَلَى الْمُحَقَّقِ فِي حَقِّهَا مَشْكُوكٌ فِيهِ وَمَشْكُوكٌ فِي اسْتِحْقَاقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةَ لَهُ، فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ تَرْجِيحٌ فِي التَّعَارُضِ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ، فَيُقَسَّمُ بَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةَ وَزَيْنَبَ وَفَاطِمَةَ. وَهَلْ يُقَسَّمُ لِلرَّجُلِ؛ مِثْلُ حَظِّ
ــ
[غمز عيون البصائر]
(23) قَوْلُهُ: أَنَّ مَنْ صِيغَتُهُ عَامَّةٌ إلَخْ. كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ إسْقَاطُ مَنْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ صِيغَتَهُ بَدَلٌ مِنْ مَنْ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ: (بِقَوْلِهِ) بِمَعْنَى فِي.
(24)
قَوْلُهُ: وَالزَّائِدُ عَلَى الْمُحَقَّقِ فِي حَقِّهَا مَشْكُوكٌ إلَخْ. فِيهِ وَوُقُوعُ الشَّكِّ فِيهِ بِاعْتِبَارِ تَعَارُضِ شَرْطَيْ الْوَقْفِ الْمَذْكُورَيْنِ.
الْأُنْثَيَيْنِ، فَيَكُونُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ خُمُسَاهُ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْإِنَاثِ خُمُسُهُ، نَظَرًا إلَيْهِمْ دُونَ أُصُولِهِمْ، أَوْ يَنْظُرُ إلَى أُصُولِهِمْ فَيَنْزِلُونَ مَنْزِلَتَهُمْ لَوْ كَانُوا مَوْجُودِينَ فَيَكُونُ لِفَاطِمَةَ خُمُسُهُ، وَلِزَيْنَبِ خُمُسَاهُ، وَلِعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةَ خُمُسَاهُ، فِيهِ احْتِمَالٌ، وَأَنَا إلَى الثَّانِي أَمِيلُ، حَتَّى لَا يَفْضُلَ فَخِذٌ عَلَى فَخِذٍ فِي الْمِقْدَارِ بَعْدَ ثُبُوتِ الِاسْتِحْقَاقِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ فَاطِمَةُ عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ وَالْبَاقُونَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ، زَيْنَبُ بِنْتُ خَالِهَا وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةُ وَلَدَا عَمِّهَا، وَكُلُّهُمْ فِي دَرَجَتِهَا، وَجَبَ قَسْمُ نَصِيبِهَا بَيْنَهُمْ؛ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ نِصْفُهُ، وَلِمَلَكَةَ رُبْعُهُ، وَلِزَيْنَبِ رُبْعُهُ. وَلَا نَقُولُ: هُنَا يَنْظُرُ إلَى أُصُولِهِمْ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ مُسَاوِيهِمْ وَمَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِمْ فَكَانَ اعْتِبَارُهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ أَوْلَى، فَأَجْمَعُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةَ الْخُمُسَانِ حَصَلَا لَهُمَا بِمَوْتِ عَلِيٍّ وَنِصْفُ وَرُبْعُ الْخُمُسِ الَّذِي لِفَاطِمَةَ بَيْنَهُمَا بِالْفَرِيضَةِ، فَلِعَبْدِ الرَّحْمَنِ خُمُسٌ، وَنِصْفُ خُمُسٍ، وَثُلُثُ خُمُسٍ، وَلِمَلَكَةَ ثُلُثَا خُمُسٍ، وَرُبْعُ خُمُسٍ، وَاجْتَمَعَ لِزَيْنَبِ الْخُمُسَانِ بِمَوْتِ وَالِدِهَا، وَرُبْعُ خُمُسِ فَاطِمَةَ، 25 -
فَاحْتَجْنَا إلَى عَدَدٍ يَكُونُ لَهُ خُمُسٌ وَلِخُمُسِهِ ثُلُثٌ وَرُبْعٌ وَهُوَ سِتُّونَ، فَقَسَّمْنَا نَصِيبَ عَبْدِ الْقَادِرِ عَلَيْهِ لِزَيْنَبِ خُمُسَاهُ، وَرُبْعُ خُمُسِهِ، وَهُوَ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَلِعَبْدِ الرَّحْمَنِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ
ــ
[غمز عيون البصائر]
(25) قَوْلُهُ: فَاحْتَجْنَا إلَى عَدَدٍ يَكُونُ لَهُ خُمُسٌ إلَى آخِرِهِ. لِأَنَّا نَضْرِبُ مُخْرَجَ الْخُمُسِ وَهُوَ خَمْسَةٌ فِي مُخْرَجِ الثُّلُثِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ يَحْصُلُ خَمْسَةَ عَشَرَ تُضْرَبُ فِي مُخْرَجِ الرُّبْعِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ يَحْصُلُ سِتُّونَ، فَخُمُسُهَا اثْنَا عَشَرَ وَثُلُثُهُ أَرْبَعَةٌ وَرُبْعُهُ ثَلَاثَةٌ.
وَهُوَ خُمُسٌ وَنِصْفُ خُمُسٍ وَثُلُثُ خُمُسٍ. وَلِمَلَكَةَ أَحَدَ عَشَرَ وَهِيَ ثُلُثَا خُمُسٍ وَرُبْعُ خُمُسٍ. فَهَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَلَا أَشْتَهِي لِأَحَدٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ يُقَلِّدُنِي بَلْ يَنْظُرُ لِنَفْسِهِ. انْتَهَى. كَلَامُ السُّبْكِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِحَمْدِ اللَّهِ. 26 -
قُلْتُ قَائِلُهُ الْأُسْيُوطِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ اخْتِيَارُهُ أَوَّلًا؛ دُخُولُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةَ بَعْدَ مَوْتِ عَبْدِ الْقَادِرِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ: وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ إلَى آخِرِهِ. وَمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ مَمْنُوعٌ. وَمَا ذَكَرَهُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ خِلَافُ الظَّاهِرِ مِنْ اللَّفْظِ وَخِلَافُ الْمُتَبَادَرِ إلَى الْأَفْهَامِ بَلْ صَرِيحُ كَلَامِ الْوَاقِفِ أَنَّهُ أَرَادَ بِأَهْلِ الْوَقْفِ الَّذِي مَاتَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ، الَّذِي لَمْ يَدْخُلْ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَكِنَّهُ بِصَدَدِ أَنْ يَصِيرَ إلَيْهِ. وَقَوْلُهُ لِشَيْءٍ مِنْ مَنَافِعِ الْوَقْفِ دَلِيلٌ قَوِيٌّ لِذَلِكَ، 27 -
فَإِنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ وَفِي سِيَاقِ كَلَامٍ مَعْنَاهُ النَّفْيُ فَيَعُمُّ، لِأَنَّ الْمَعْنَى: وَلَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا مِنْ مَنَافِعِ الْوَقْفِ. وَهَذَا صَرِيحٌ فِي رَدِّ التَّأْوِيلِ الَّذِي قَالَهُ، وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ الْمُتَوَفَّى لَوْ بَقِيَ حَيًّا إلَى أَنْ يَصِيرَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مَنَافِعِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
(26) قَوْلُهُ: قُلْتُ قَائِلُهُ الْأَسْيُوطِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ اخْتِيَارُهُ إلَخْ. لَا الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَائِلُهُ السُّيُوطِيّ.
(27)
قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ إلَخْ. وَالشَّرْطُ فِي مَعْنَى النَّفْيِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّضِيُّ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ فِي سِيَاقِ كَلَامٍ مَعْنَاهُ النَّفْيُ فِي مَوْقِعِ التَّفْسِيرِ.
الْوَقْفِ. فَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ كُلُّهَا صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ، وَأَيْضًا لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ، لَاسْتَغْنَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ عَلَى وَلَدِهِ فَإِنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ. وَلَا يُنَافِي هَذَا اشْتِرَاطَهُ التَّرْتِيبَ فِي الطَّبَقَاتِ بِثُمَّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَامٌّ خَصَّصَهُ هَذَا كَمَا خَصَّصَهُ أَيْضًا قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ إلَى آخِرِهِ؛ وَأَيْضًا فَإِنَّا إذَا عَمِلْنَا بِعُمُومِ اشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ لَزِمَ مِنْهُ إلْغَاءُ هَذَا الْكَلَامِ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَنْ لَا يَعْمَلَ فِي صُورَةٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةُ لِمَا اسْتَوَيَا فِي الدَّرَجَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ عَادَ عَلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ، فَبَقِيَ قَوْلُهُ: وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ إلَى آخِرِهِ مُهْمَلًا لَا يَظْهَرُ لَهُ أَثَرٌ فِي صُورَةٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْمَلْنَاهُ وَخَصَّصْنَا بِهِ عُمُومَ التَّرْتِيبِ، فَإِنَّ فِيهِ إعْمَالًا لِلْكَلَامَيْنِ وَجَمْعًا بَيْنَهُمَا، وَهَذَا أَمْرٌ يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِهِ حِينَئِذٍ.
فَنَقُولُ: لَمَّا مَاتَ عَبْدُ الْقَادِرِ قُسِّمَ نَصِيبُهُ بَيْنَ أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ وَوَلَدَيْ وَلَدِهِ أَسْبَاعًا؛ وَلِعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةَ السُّبُعَانِ أَثْلَاثًا، فَلَمَّا مَاتَ عَمْرٌو عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى أَخَوَيْهِ وَوَلَدَيْ أَخِيهِ لِيَصِيرَ نَصِيبُ عَبْدِ الْقَادِرِ كُلُّهُ بَيْنَهُمْ، لِعَلِيٍّ خُمُسَانِ، وَلِلَطِيفَةَ خُمُسٌ، وَلِعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةَ خُمُسَانِ، أَثْلَاثًا. وَلَمَّا تُوُفِّيَتْ لَطِيفَةُ انْتَقَلَ نَصِيبُهَا بِكَمَالِهِ لِبِنْتِهَا فَاطِمَةَ. وَلَمَّا مَاتَ عَلِيٌّ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ بِكَمَالِهِ لِبِنْتِهِ زَيْنَبَ. وَلَمَّا تُوُفِّيَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ لَطِيفَةَ وَالْبَاقُونَ فِي دَرَجَتِهَا: زَيْنَبُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةُ، قُسِّمَ
ــ
[غمز عيون البصائر]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نَصِيبُهَا بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ اعْتِبَارًا بِهِمْ لَا بِأُصُولِهِمْ كَمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ، لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ نِصْفُهُ، وَلِكُلِّ بِنْتٍ رُبْعٌ. فَاجْتَمَعَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بِمَوْتِ عَمْرٍو خُمُسٌ وَثُلُثٌ، وَبِمَوْتِ فَاطِمَةَ نِصْفُ خُمُسٍ، وَلِمَلَكَةَ بِمَوْتِ عَمْرٍو ثُلُثَا خُمُسٍ، وَبِمَوْتِ فَاطِمَةَ رُبْعُ خُمُسٍ، فَيُقَسَّمُ نَصِيبُ عَبْدِ الْقَادِرِ سِتِّينَ جُزْءًا لِزَيْنَبِ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَهِيَ خُمُسَانِ وَرُبْعُ خُمُسٍ، وَلِعَبْدِ الرَّحْمَنِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَهِيَ خُمُسٌ وَنِصْفُ خُمُسٍ وَثُلُثُ خُمُسٍ، وَلِمَلَكَةَ أَحَدَ عَشَرَ وَهِيَ ثُلُثَا خُمُسٍ وَرُبْعٍ، فَصَحَّ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ. لَكِنَّ الْفَرْقَ بِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَلَكَةَ وَالْجَزْمَ حِينَئِذٍ بِصِحَّةِ هَذِهِ الْقِسْمَةِ.
وَالسُّبْكِيُّ تَرَدَّدَ فِيهَا وَجَعَلَهَا مِنْ بَابِ قِسْمَةِ الْمَشْكُوكِ فِي اسْتِحْقَاقِهِ وَنَحْنُ لَا نَتَرَدَّدُ فِي ذَلِكَ.
وَسُئِلَ السُّبْكِيُّ أَيْضًا عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى حَمْزَةَ ثُمَّ أَوْلَادِهِ ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ، وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِهِ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى الْبَاقِينَ مِنْ إخْوَتِهِ، وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ مِنْ مَنَافِعِ الْوَقْفِ وَلَهُ وَلَدٌ اسْتَحَقَّ وَلَدُهُ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ الْمُتَوَفَّى لَوْ كَانَ حَيًّا، فَمَاتَ حَمْزَةُ وَخَلَفَ وَلَدَيْنِ وَهُمَا: عِمَادُ الدِّينِ وَخَدِيجَةُ. وَوَلَدَ وَلَدٍ مَاتَ أَبُوهُ فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ وَهُوَ نَجْمُ الدِّينِ بْنُ مُؤَيِّدِ الدِّينِ ابْنِ حَمْزَةَ فَأَخَذَ الْوَالِدَانِ نَصِيبَهُمَا، وَوَلَدُ الْوَلَدِ نَصِيبَ الَّذِي لَوْ كَانَ حَيًّا أَبُوهُ لَأَخَذَهُ، ثُمَّ مَاتَتْ خَدِيجَةُ. فَهَلْ يَخْتَصُّ أَخُوهَا بِالْبَاقِي أَوْ يُشَارِكُهُ مَعَ وَلَدِ أَخِيهِ نَجْمِ الدِّينِ؟ .
ــ
[غمز عيون البصائر]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَأَجَابَ بِأَنَّهُ تَعَارَضَ فِيهِ اللَّفْظَانِ فَيَحْتَمِلُ الْمُشَارَكَةَ، وَلَكِنَّ الْأَرْجَحَ اخْتِصَاصُ الْأَخِ وَيُرَجِّحُهُ أَنَّ التَّنْصِيصَ عَلَى الْأُخُوَّةِ وَعَلَى الْبَاقِينَ مِنْهُمْ كَالْخَاصِّ وَقَوْلُهُ: وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ كَالْعَامِّ فَيُقَدَّمُ الْخَاصُّ عَلَى الْعَامِّ (انْتَهَى) . هَذَا آخِرُ مَا أَوْرَدَهُ الْأَسْيُوطِيُّ رحمه الله فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَنَا أَذْكُرُ حَاصِلَ السُّؤَالِ وَحَاصِلَ جَوَابِ السُّبْكِيّ، وَحَاصِلَ مَا خَالَفَ فِيهِ الْأَسْيُوطِيَّ، ثُمَّ أَذْكُرُ بَعْدَهُ مَا عِنْدِي فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَطَلْتُ فِيهَا لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا، وَقَدْ أَفْتَيْتُ فِيهَا مِرَارًا.
أَمَّا حَاصِلُ السُّؤَالِ: الْوَاقِفُ وَقَفَ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ مُرَتِّبًا بَيْنَ الْبُطُونِ بِثُمَّ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَشَرَطَ انْتِقَالَ نَصِيبِ الْمُتَوَفَّى عَنْ وَلَدٍ إلَيْهِ وَعَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَى مَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ، وَأَنَّ مَنْ مَاتَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ وَلَهُ وَلَدٌ، قَامَ مَقَامَهُ لَوْ بَقِيَ حَيًّا، فَمَاتَ الْوَاقِفُ عَنْ الْوَلَدَيْنِ، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ ثَلَاثَةٍ وَوَلَدَيْ ابْنٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ، ثُمَّ مَاتَ اثْنَانِ مِنْ الثَّلَاثَةِ عَنْ وَلَدَيْنِ، ثُمَّ مَاتَ وَاحِدٌ عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ. وَحَاصِلُ جَوَابِ السُّبْكِيّ: أَنَّ مَا خَصَّ الْمُتَوَفَّى وَهُوَ النِّصْفُ مَقْسُومٌ بَيْنَ أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ وَلَا شَيْءَ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: فَأَجَابَ بِأَنَّهُ تَعَارَضَ فِيهِ اللَّفْظَانِ إلَخْ. يَعْنِي فِي اسْتِحْقَاقِ وَلَدِ أَخِيهِ مَعَهُ فَإِنَّ قَوْلَهُ: مَاتَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ مِنْ مَنَافِعِ الْوَقْفِ وَلَهُ وَلَدٌ اسْتَحَقَّ وَلَدُهُ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ الْمُتَوَفَّى، وَيَصْدُقُ عَلَى نَجْمِ الدِّينِ أَنَّ وَالِدَهُ مُؤَيِّدَ الدِّينِ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَحِقَّ مَا كَانَتْ خَدِيجَةُ تَسْتَحِقُّهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحِقَّ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ وَالِدُهُ لَوْ كَانَ حَيًّا فِي حِصَّتِهَا، إذْ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا لَشَارَكَ أَخَاهُ عِمَادَ الدِّينِ وَأَخَذَ هُوَ أَيْ مُؤَيِّدُ الدِّينِ النِّصْفَ وَعِمَادُ الدِّينِ النِّصْفَ، فَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَسْتَحِقَّ نَجْمُ الدِّينِ، وَقَوْلُهُ: مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِهِ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِلْبَاقِينَ مِنْ إخْوَتِهِ يَقْتَضِي أَنْ يَخْتَصَّ عِمَادُ الدِّينِ بِهِ لِأَنَّهُ أَخُوهَا.
لِوَلَدَيْ ابْنِهِ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاتِهِ. وَمَنْ مَاتَ مِنْ الثَّلَاثَةِ عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ رُدَّ نَصِيبُهُ إلَى إخْوَتِهِ فَيَكُونُ النِّصْفُ بَيْنَهُمَا. وَمَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لَهُ مَا دَامَ أَهْلُ طَبَقَةِ أَبِيهِ. ثُمَّ مَنْ مَاتَ بَعْدَهُمْ يُقَسَّمُ نَصِيبُهُ بَيْنَ جَمِيعِ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ بِالسَّوِيَّةِ، فَيَدْخُلُ وَلَدُ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ أَبِيهِ، فَتُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ بِمَوْتِ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ وَيَزُولُ الْحَجْبُ عَنْ وَلَدَيْ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ أَبِيهِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، وَأَنَّهُ إنَّمَا يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ مَا دَامَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ، فَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ وَيُقَسَّمُ الرُّبْعُ عَلَى هَذَا، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ وَتَكُونُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، فَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الثَّانِي عَنْ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَيْهِ إلَى أَنْ يَنْقَرِضَ أَهْلُ تِلْكَ الطَّبَقَةِ فَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ، وَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ. وَهَكَذَا يُفْعَلُ فِي كُلِّ بَطْنٍ. وَحَاصِلُ مُخَالَفَةِ الْأَسْيُوطِيِّ لَهُ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ؛ وَهُوَ أَنَّ أَوْلَادَ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ أَبِيهِ لَا يُحْرَمُونَ مَعَ بَقَاءِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى وَأَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ مَعَهُمْ، 29 -
وَوَافَقَهُ عَلَى انْتِقَاضِ الْقِسْمَةِ. قُلْتُ أَمَّا مُخَالَفَتُهُ فِي أَوْلَادِ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ أَبِيهِ فَوَاجِبَةٌ، لِمَا ذَكَرَهُ الْأَسْيُوطِيُّ، 30 - وَأَمَّا قَوْلُهُ تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ بَعْدَ انْقِرَاضِ كُلِّ بَطْنٍ؛
ــ
[غمز عيون البصائر]
(29) قَوْلُهُ: وَوَافَقَهُ عَلَى انْتِقَاضِ الْقِسْمَةِ إلَخْ. فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ كَلَامَ السُّيُوطِيِّ لَا يَظْهَرُ مِنْهُ نَقْضُ الْقِسْمَةِ؛ نَعَمْ عَلَى كَلَامِ السُّبْكِيّ (انْتَهَى) .
وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ عَدَمَ تَعَرُّضِهِ لِنَقْضِ الْقِسْمَةِ بِالرَّدِّ دَلِيلٌ عَلَى الْمُوَافَقَةِ.
(30)
قَوْلُهُ: وَأَمَّا قَوْلُهُ تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ بَعْدَ انْقِرَاضِ كُلِّ بَطْنٍ إلَخْ. الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ
فَقَدْ أَفْتَى بِهِ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْعَصْرِ وَعَزَوْا ذَلِكَ إلَى الْخَصَّافِ، 32 -
وَلَمْ يَتَنَبَّهُوا لِمَا صَوَّرَهُ الْخَصَّافُ وَمَا صَوَّرَهُ السُّبْكِيُّ. فَأَنَا أَذْكُرُ حَاصِلَ مَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ بِاخْتِصَارٍ، وَأُبَيِّنُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْفَرْقِ. فَذَكَرَ الْخَصَّافُ صُوَرًا: الْأُولَى: وَقَفَ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ بِلَا تَرْتِيبٍ بَيْنَ الْبُطُونِ اسْتَحَقَّ الْجَمِيعُ بِالسَّوِيَّةِ؛ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلُ، فَتُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحَسَبِ قِلَّتِهِمْ وَكَثْرَتِهِمْ. الثَّانِيَةُ: وَقَفَ عَلَيْهِمْ شَارِطًا تَقْدِيمَ الْبَطْنِ الْأَعْلَى ثَمَّ وَلَمْ يَزِدْ، فَلَا
ــ
[غمز عيون البصائر]
رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلسُّيُوطِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ السُّيُوطِيَّ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِنَقْضِ الْقِسْمَةِ لَا بِإِثْبَاتٍ وَلَا بِنَفْيٍ بَلْ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلسُّبْكِيِّ، وَعَلَيْهِ فَفِي الْعِبَارَةِ تَفْكِيكٌ لِلضَّمِيرِ وَهُوَ مَعِيبٌ عِنْدَ الْمُصَنِّفِينَ.
(31)
قَوْلُهُ: فَقَدْ أَفْتَى بِهِ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْعَصْرِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: كَأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُمْ مُخْطِئُونَ وَهُوَ عَلَى الصَّوَابِ، وَالْأَمْرُ بِالْعَكْسِ لَا ارْتِيَابَ، فَالْمُفْتِي بِذَلِكَ بَعْضُ مَشَايِخِهِ الَّذِينَ هُمْ بِالْإِصْلَاحِ وَاتِّبَاعِ الْمَنْقُولِ مَعْرُوفُونَ، وَقَدْ أَفْتَى فِي نَظِيرِ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ أَفَاضِلُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالتَّرْتِيبُ فِيهَا بِلَفْظِ ثُمَّ، وَهُمْ مَشَايِخُنَا وَمَشَايِخُهُمْ مِنْهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ سَرِيُّ الدِّينِ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ الْحَنَفِيُّ، وَتَبِعَهُ الْمُحَقِّقُ نُورُ الدِّينِ الْمَحَلِّيُّ الشَّافِعِيُّ، وَالشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ الطَّرَابُلُسِيُّ الْحَنَفِيُّ وَقَاضِي الْقُضَاةِ شَيْخُنَا نُورُ الدِّينِ الطَّرَابُلُسِيُّ، وَالشَّيْخُ الْعُمْدَةُ الْمَحَلِّيُّ الشَّافِعِيُّ، وَشَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ شِهَابُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ وَمِنْهُمْ قَاضِي الْقُضَاةِ بُرْهَانُ الدِّينِ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ، وَتَبِعَهُ الْعَلَّامَةُ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِخْمِيمِيُّ وَغَيْرُهُمْ.
(32)
قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَنَبَّهُوا لِمَا صَوَّرَهُ الْخَصَّافُ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: هَلْ يَتَوَهَّمُ عَاقِلٌ فَضْلًا عَنْ فَاضِلٍ أَنَّ هَؤُلَاءِ وَغَيْرَهُمْ جَمِيعًا لَمْ يَتَنَبَّهُوا الْفَرْقَ الَّذِي خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ وَأَطْلَعَهُ عَلَيْهِ، مَعَ عُلُوِّ مَقَامِهِمْ وَارْتِفَاعِ شَأْنِهِمْ بَلْ هُوَ الْمُحْتَاجُ إلَى الِانْتِبَاهِ وَإِزَالَةِ الِاشْتِبَاهِ عَافَانَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاهُ، بَلْ يَجِبُ أَنْ نَتْبَعَهُ لِمَا قَالَهُ الزَّيْنِيُّ قَاسِمٌ فِي الْعَثْمَةِ وَنَقَلَهُ عَنْ أَكَابِرِ الشَّافِعِيَّةِ مِنْ مُتَابَعَتِهِمْ لِلْإِمَامِ الْخَصَّافِ فِي نَقْضِ الْقِسْمَةِ وَمَا نَقَلَهُ مِنْ عِبَارَتِهِ فَلَوْ مَاتَ الْعَشَرَةُ وَتَرَكَ كُلٌّ وَالِدًا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، وَكُلَّمَا مَاتَ وَاحِدٌ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّ جُمْلَةَ الْعَشَرَةِ مَاتُوا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ فَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ فَتَأَمَّلْ.
شَيْءَ لِأَهْلِ الْبَطْنِ الثَّانِي مَا دَامَ وَاحِدٌ مِنْ الْأَعْلَى. وَمَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَلَا شَيْءَ لِوَلَدِهِ، وَيَسْتَحِقُّ مَنْ مَاتَ أَبُوهُ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ مَعَ أَهْلِ الْبَطْنِ الثَّانِي لَا مَعَ الْأَوَّلِ لِكَوْنِهِ مِنْهُمْ. 33 -
الثَّالِثَةُ: وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَأَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ، لَا يَدْخُلُ وَلَدُ مَنْ كَانَ أَبُوهُ مَاتَ قَبْلَ الْوَقْفِ، لِكَوْنِهِ خَصَّصَ أَوْلَادَ الْوَلَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَخَرَجَ قَبْلَهُ. الرَّابِعَةُ: وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، عَلَى أَنْ يَبْدَأَ بِالْبَطْنِ الْأَعْلَى ثُمَّ وَثُمَّ. قُلْنَا: لَا شَيْءَ لِلْبَطْنِ الثَّانِي مَا دَامَ وَاحِدٌ مِنْ الْأَعْلَى، فَلَوْ مَاتَ وَاحِدٌ عَنْ الْبَطْنِ الثَّانِي وَتَرَكَ وَلَدًا مَعَ وُجُودِ الْأَعْلَى ثُمَّ انْقَرَضَ الْأَعْلَى فَلَا مُشَارَكَةَ لَهُ مَعَ الْبَطْنِ الثَّانِي لِأَنَّهُ مِنْ الثَّالِثِ، فَإِذَا انْقَرَضَ الثَّانِي شَارَكَ الثَّالِثُ. الْخَامِسَةُ: وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَنَسْلِهِ وَلَمْ يُرَتِّبْ، وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لَهُ، وَحُكْمُهُ قِسْمَةُ الْغَلَّةِ بَيْنَ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ بِالسَّوِيَّةِ، فَمَا أَصَابَ الْمُتَوَفَّى كَانَ لِوَلَدِهِ فَيَكُونُ لِهَذَا الْوَلَدِ سَهْمَانِ؛ سَهْمُهُ الْمَجْعُولُ لَهُ مَعَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَمَا انْتَقَلَ إلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ. السَّادِسَةُ: وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ ذَكَرًا وَأُنْثَى وَعَلَى أَوْلَادِ الذُّكُورِ مِنْ وَلَدِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ. وَحُكْمُهُ قِسْمَةُ الْغَلَّةِ بَيْنَ وَلَدِهِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
(33) قَوْلُهُ: الثَّالِثَةُ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَأَوْلَادِهِمْ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَا يَظْهَرُ إخْرَاجُ مَنْ مَاتَ أَبُوهُ قَبْلَ الْوَقْفِ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْوَاقِفِينَ التَّعْمِيمُ بِمِثْلِهِ وَكَوْنُهُ يَحْرُمُ بِسَبَبِ مَوْتِ أَبِيهِ بَعِيدٌ جِدًّا، بَلْ نَظِيرُ ذَلِكَ لَوْ قَالَ: عَلَى أَوْلَادِي الْفُقَرَاءِ. أَوْ يَقُولُ: الْفُقَرَاءُ مِنْ أَوْلَادِي، فَكَانَ لَهُ أَوْلَادٌ أَغْنِيَاءُ وَلَهُمْ أَوْلَادٌ فُقَرَاءُ يُحْرَمُونَ لِغِنَاءِ آبَائِهِمْ، وَالْجَوَابُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَوْلَادِ إنَّمَا حُرِّمُوا؛ لِأَنَّهُ أَضَافَهُمْ إلَى الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا لِلْمَوْجُودِينَ.
ذَكَرًا وَأُنْثَى وَأَوْلَادِ الذُّكُورِ ذَكَرًا وَأُنْثَى بِالسَّوِيَّةِ، فَيَدْخُلُ أَوْلَادُ بَنَاتِ الْبَنِينَ، فَلَوْ قَالَ بَعْدَهُ: يُقَدَّمُ الْأَعْلَى ثُمَّ وَثُمَّ؛ اخْتَصَّ وَلَدُهُ لِصُلْبِهِ ذَكَرًا وَأُنْثَى، فَإِذَا انْقَرَضُوا صَارَ لِوَلَدِ الْبَنِينَ دُونَ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ ثُمَّ لِأَوْلَادِ هَؤُلَاءِ أَبَدًا. السَّابِعَةُ: وَقَفَ عَلَى بَنَاتِهِ وَأَوْلَادِهِنَّ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِنَّ. وَحُكْمُهُ أَنَّ الْغَلَّةَ لِبَنَاتِهِ وَنَسْلِهِنَّ. فَلَوْ قَالَ: يُقَدَّمُ الْبَطْنُ الْأَعْلَى اُتُّبِعَ، فَإِنْ شَرَطَ بَعْدَ انْقِرَاضِهِنَّ وَنَسْلِهِنَّ لِوَلَدِهِ الذُّكُورِ وَنَسْلِهِمْ اُتُّبِعَ، فَإِنْ مَاتَ بَعْضُ وَلَدِهِ الذُّكُورِ عَنْ أَوْلَادٍ وَبَقِيَ الْبَعْضُ وَلَهُمْ أَوْلَادٌ، وَحُكْمُهُ عِنْدَ عَدَمِ التَّرْتِيبِ أَنَّ الْغَلَّةَ لَهُمْ سَوَاءٌ، فَإِنْ رَتَّبَ فَالْغَلَّةُ لِلْبَاقِينَ مِنْ وَلَدِهِ فَإِذَا انْقَرَضُوا كَانَتْ لِوَلَدِ الْمُتَوَفَّى.
الثَّامِنَةُ: وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِمْ مُرَتِّبًا شَارِطًا أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لَهُ وَعَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَرَاجِعٌ إلَى الْوَقْفِ. وَحُكْمُهُ أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْأَعْلَى ثُمَّ وَثُمَّ. فَإِنْ قُسِّمَتْ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَ بَعْضُهُمْ عَنْ نَسْلٍ. قَالَ: تُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ الْمَوْجُودِينَ يَوْمَ الْوَقْفِ، وَعَلَى أَوْلَادِهِ الْحَادِثِينَ لَهُ بَعْدَهُ؛ فَمَا أَصَابَ الْأَحْيَاءَ أَخَذُوهُ وَمَا أَصَابَ الْمَيِّتَ كَانَ لِوَلَدِهِ، وَإِنَّمَا جَعَلَ لِوَلَدِ مَنْ مَاتَ حِصَّةَ أَبِيهِ مَعَ وُجُودِ الْبَطْنِ الْأَعْلَى مَعَ كَوْنِ الْوَاقِفِ شَرَطَ تَقْدِيمَ الْأَعْلَى لِكَوْنِهِ قَالَ بَعْدَهُ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لَهُ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْأَعْلَى إلَّا وَاحِدًا فَيُجْعَلُ سَهْمُ الْمَيِّتِ لِابْنِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْبَطْنِ الثَّالِثِ مَعَ وُجُودِ الْأَعْلَى وَلَوْ كَانَ عَدَدُ الْبَطْنِ الْأَعْلَى عَشَرَةً فَمَاتَ اثْنَانِ بِلَا وَلَدٍ وَنَسْلٍ، ثُمَّ مَاتَ آخَرَانِ عَنْ وَلَدٍ لِكُلٍّ، ثُمَّ مَاتَ آخَرَانِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ.
وَحُكْمُهُ أَنْ تُقَسَّمَ الْغَلَّةُ عَلَى سِتَّةٍ؛ عَلَى
ــ
[غمز عيون البصائر]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَعَلَى الْمَيِّتَيْنِ اللَّذَيْنِ تَرَكَا أَوْلَادًا فَمَا أَصَابَ الْأَرْبَعَةَ فَهُوَ لَهُمْ وَمَا أَصَابَ الْمَيِّتَيْنِ كَانَ لِأَوْلَادِهِمَا، وَلَوْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ الْعَشَرَةِ عَنْ وَلَدٍ ثُمَّ مَاتَ ثَمَانِيَةٌ عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ، تُقَسَّمُ عَلَى سَهْمَيْنِ؛ سَهْمٌ لِلْحَيِّ وَسَهْمٌ لِلْمَيِّتِ يَكُونُ لِأَوْلَادِهِ، فَلَوْ قَسَمْنَاهَا سِنِينَ بَيْنَ الْأَعْلَى وَهُمْ عَشَرَةٌ ثُمَّ مَاتَ اثْنَانِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ ثُمَّ مَاتَ وَاحِدٌ عَنْ أَرْبَعَةِ أَوْلَادٍ وَوَاحِدٌ عَنْ أَوْلَادٍ ثُمَّ مَاتَ مِنْ الْأَرْبَعَةِ وَاحِدٌ وَتَرَكَ وَلَدًا وَمَاتَ آخَرُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ، تُقَسَّمُ الْغَلَّةُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ. فَمَا أَصَابَ الْأَحْيَاءَ أَخَذُوهُ وَمَا أَصَابَ الْمَوْتَى كَانَ لِأَوْلَادِهِمْ لِكُلٍّ سَهْمُ أَبِيهِ، ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى مَا أَصَابَ الْأَرْبَعَةَ يُقَسَّمُ أَرْبَاعًا فَيُرَدُّ سَهْمُ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَى أَصْلِ الْوَقْفِ فَتُعَادُ الْقِسْمَةُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ؛ فَمَا أَصَابَ وَالِدَهُمْ قُسِّمَ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ وَبَيْنَ أَخِيهِمْ الْمَيِّتِ الَّذِي مَاتَ عَنْ وَلَدٍ أَثْلَاثًا، فَمَا أَصَابَ الْمَيِّتَ كَانَ لِوَلَدِهِ، فَلَوْ لَمْ يَمُتْ أَحَدٌ مِنْ الْبَطْنِ الْأَعْلَى وَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْ الثَّانِي عَنْ وَلَدٍ أَوْ مَاتَ بَعْضُ الْأَعْلَى ثُمَّ مِنْ الثَّانِي رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ عَنْ وَلَدٍ، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِوَلَدِ مَنْ مَاتَ قَبْلَ أَبِيهِ وَلَا لِأَوْلَادِ مَنْ مَاتَ مِنْ الثَّانِي لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْأَبِ.
ثُمَّ أَعَادَ الْإِمَامُ الْخَصَّافُ رحمه الله الصُّورَةَ الثَّامِنَةَ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ وَفَرَّعَ أَنَّ الْبَطْنَ الْأَعْلَى لَوْ كَانُوا عَشَرَةً وَكَانَ لَهُمْ ابْنَانِ مَاتَا قَبْلَ الْوَقْفِ وَتَرَكَ كُلٌّ وَلَدًا، لَا حَقَّ لَهُمَا مَا دَامَ وَاحِدٌ مِنْ الْأَعْلَى لِأَنَّهُمَا مِنْ الْبَطْنِ الثَّانِي فَلَا حَقَّ لَهُمَا حَتَّى يَنْقَرِضَ الْأَوَّلُ، فَلَوْ مَاتَ الْعَشَرَةُ وَتَرَكَ كُلٌّ وَلَدًا أَخَذَ كُلٌّ نَصِيبَ أَبِيهِ وَلَا شَيْءَ لِوَلَدِ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْوَاقِفِ، وَإِنْ اسْتَوَوْا
ــ
[غمز عيون البصائر]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِي الطَّبَقَةِ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ قُسِّمَتْ عَلَى عَشَرَةٍ فَمَا أَصَابَ الْحَيَّ أَخَذَهُ وَمَا أَصَابَ الْمَوْتَى كَانَ لِأَوْلَادِهِمْ، فَإِنْ مَاتَ الْعَاشِرُ عَنْ وَلَدٍ انْتَقَلَتْ الْقِسْمَةُ لِانْقِرَاضِ الْبَطْنِ الْأَعْلَى وَرَجَعَتْ إلَى الْبَطْنِ الثَّانِي، فَيُنْظَرُ إلَى أَوْلَادِ الْعَشَرَةِ وَأَوْلَادِ الْمَيِّتِ قَبْلَ الْوَقْفِ فَيَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمْ، وَلَا يَرُدُّ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ إلَى وَلَدِهِ إلَّا قَبْلَ انْقِرَاضِ الْبَطْنِ الْأَعْلَى فَيَقْسِمُ عَلَى عَدَدِ الْبَطْنِ الْأَعْلَى فَمَا أَصَابَ الْمَيِّتَ كَانَ لِوَلَدِهِ، فَإِذَا انْقَرَضَ الْبَطْنُ الْأَعْلَى نَقَضْنَا الْقِسْمَةَ وَجَعَلْنَاهَا عَلَى عَدَدِ الْبَطْنِ الثَّانِي.
وَلَمْ نَعْمَلْ بِاشْتِرَاطِ انْتِقَالِ نَصِيبِ الْمَيِّتِ إلَى وَلَدِهِ هُنَا لِكَوْنِ الْوَاقِفِ قَالَ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ، فَلَزِمَ دُخُولُ أَوْلَادِ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْوَقْفِ فَلَزِمَ نَقْضُ الْقِسْمَةِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ إلَّا الْعَشَرَةُ فَمَاتُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَكُلَّمَا مَاتَ وَاحِدٌ تَرَكَ أَوْلَادًا حَتَّى مَاتَ الْعَشَرَةُ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ تَرَكَ خَمْسَةَ أَوْلَادٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَرَكَ سِتَّةَ أَوْلَادٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَرَكَ وَاحِدًا. أَلَيْسَ قُلْتُ فَمَنْ مَاتَ كَانَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ.؟ فَلَمَّا مَاتَ الْعَاشِرُ كَيْفَ تَقْسِمُ الْغَلَّةَ.؟ قَالَ: أَنْقُضُ الْقِسْمَةَ الْأُولَى وَأَرُدُّ ذَلِكَ إلَى عَدَدِ الْبَطْنِ الثَّانِي فَأَنْظُرُ جَمَاعَتَهُمْ فَأَقْسِمُهَا عَلَى عَدَدِهِمْ. وَيَبْطُلُ قَوْلُهُ: مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ، لِأَنَّ الْأَمْرَ يُؤَوَّلُ إلَى قَوْلِهِ وَوَلَدِ وَلَدَيْ. وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ جَمِيعُ وَلَدِ وَلَدِ الصُّلْبِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ؛ فَنَظَرْنَا إلَى الْبَطْنِ الثَّالِثِ فَوَجَدْنَاهُمْ ثَمَانِيَةَ أَنْفُسٍ، وَكَذَلِكَ كُلُّ بَطْنٍ يَصِيرُ لَهُمْ فَإِنَّمَا تُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِهِمْ وَيَبْطُلُ مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ (انْتَهَى) .
فَأَخَذَ بَعْضُ الْعَصْرِيِّينَ مِنْ
ــ
[غمز عيون البصائر]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الصُّورَةِ الثَّامِنَةِ وَبَيَانِ حُكْمِهَا أَنَّ الْخَصَّافَ قَائِلٌ بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ فِي مِثْلِ مَسْأَلَةِ السُّبْكِيّ وَلَمْ يَتَأَمَّلْ الْفَرْقَ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ، فَإِنَّ فِي مَسْأَلَةِ السُّبْكِيّ؛ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ بِكَلِمَةٍ ثُمَّ بَيَّنَ الطَّبَقَتَيْنِ. وَفِي مَسْأَلَةِ الْخَصَّافِ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ بِالْوَاوِ لَا بِثُمَّ، فَصَدْرُ مَسْأَلَةِ الْخَصَّافِ اقْتَضَى اشْتِرَاكَ الْبَطْنِ الْأَعْلَى مَعَ السُّفْلَى، وَصَدْرُ مَسْأَلَةِ السُّبْكِيّ اقْتَضَى عَدَمَ الِاشْتِرَاكِ. 34 -
فَالْقَوْلُ بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ وَعَدَمِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا. وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْخَصَّافَ بَعْدَ مَا قَرَّرَ نَقْضَ الْقِسْمَةِ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ، قَالَ: فَإِنْ
ــ
[غمز عيون البصائر]
(34) قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ وَعَدَمِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: قُلْنَا لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ بَنَاهُ الْإِمَامُ الْخَصَّافُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ فِي جَوَابِ قَوْلِ السَّائِلِ فَلِمَ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ وَتَرَكْتَ قَوْلَهُ: فَإِنْ حَدَثَ الْمَوْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ كَانَ نَصِيبُهُ مَرْدُودًا إلَى وَلَدِهِ وَإِلَى وَلَدِ وَلَدِهِ إلَخْ؟ . قَالَ: مَنْ.؟ قِيلَ: إنَّا وَجَدْنَا بَعْضَهُمْ يَدْخُلُ فِي الْغَلَّةِ وَيَجِبُ حَقُّهُ فِيهَا بِنَفْسِهِ لَا بِأَبِيهِ فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ وَقَسَمْنَا الْغَلَّةَ عَلَى عَدَدِهِمْ. وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ الْوَاقِفَ عَلَى الصِّفَةِ الْمَشْرُوحَةِ قَدْ رَتَّبَ فِي وَقْفِهِ تَرْتِيبًا يَقْتَضِي اسْتِحْقَاقَ الْبَطْنِ الْأَعْلَى مُقَدَّمًا عَلَى غَيْرِهِ مَعَ صِلَةِ الْبَعْضِ الْأَسْفَلِ مَعَ وُجُودِ الْبَطْنِ الْأَعْلَى، يَجْعَلُ نَصِيبَ الْمَيِّتِ مِنْ الْبَطْنِ الْأَعْلَى مَرْدُودًا لِوَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ، قَصْدًا لِعَدَمِ حِرْمَانِهِ مِنْ الْوُصُولِ إلَى شَيْءٍ مِنْ صَدَقَتِهِ وَوَقْفِهِ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ الَّذِي صِلَتُهُ صِلَةُ أَبِيهِ غَالِبًا، وَكَانَ كَلَامُهُ مُشْتَمِلًا عَلَى تَرْتِيبَيْنِ: تَرْتِيبُ أَفْرَادٍ وَهُوَ تَرْتِيبُ الْفَرْعِ عَلَى أَصْلِهِ وَعَدَمِ حِرْمَانِ أَحَدٍ مِنْ الْبَطْنِ بِفَرْعٍ غَيْرَهُ، وَتَرْتِيبُ جُمْلَةٍ وَهُوَ تَرْتِيبُ اسْتِحْقَاقِ جُمْلَةِ الْبَطْنِ الثَّانِي عَلَى انْقِرَاضِ جُمْلَةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَهُوَ تَرْتِيبٌ جُمْلِيٌّ فَيَكُونُ الْوَقْفُ مُنْحَصِرًا فِي الْبَطْنِ الَّذِي يَلِيهِ وَيُبْطِلُ حُكْمَ مَا انْتَقَلَ مِنْ الْمَيِّتِ الْأَبِ الْأَعْلَى إلَى وَلَدِهِ مِنْ الْأَسْفَلِ، وَيَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْوَقْفِ جَمِيعُ الْبَطْنِ الثَّانِي فَيَضْرِبُ مَعَهُمْ بِسَهْمِهِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ بِقَوْلِ الْوَاقِفِ: وَوَلَدِ وَلَدِي بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ كَمَا يَضْرِبُ وَلَدُ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْوَقْفِ مِنْ الْبَطْنِ الْأَعْلَى بِسَهْمِهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْبَطْنِ الثَّانِي
قُلْتَ: فَلِمَ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ عِنْدَك مَعْمُولٌ بِهِ وَتَرَكْتَ قَوْلَهُ: كُلَّمَا
ــ
[غمز عيون البصائر]
يَسْتَحِقُّ لِعُمُومِ قَوْلِهِ: وَعَلَى وَلَدِ وَلَدِي.
وَلَمْ يَبْقَ حِينَئِذٍ مِمَّنْ يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى انْتِقَالِ نَصِيبِ أَحَدٍ إلَى وَلَدِهِ لِاسْتِوَاءِ أَهْلِ الْبَطْنِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ. لَا يُقَالُ: الِاسْتِوَاءُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا مَاتَ أَهْلُ الطَّبَقَةِ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ، لِأَنَّا نَقُولُ: صَرِيحُ كَلَامِ الْخَصَّافِ يُنَادِي بِخِلَافِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ: يُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ الْأَوْلَادِ الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ فَيَأْخُذُ الْأَحْيَاءُ سِهَامَهُمْ وَسِهَامُ الْأَمْوَاتِ تُعْطَى لِأَوْلَادِهِمْ، قُلْتُ وَحِينَئِذٍ فَالِاسْتِوَاءُ قِسْمَانِ: حَقِيقِيٌّ وَهُوَ الظَّاهِرُ الْمُتَبَادَرُ، وَحُكْمِيٌّ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ ثَمَّةَ أَوْلَادٌ وَأَسْفَلَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَاقِفَ جَعَلَ ابْنَ الِابْنِ عِنْدَ عَدَمِهِ قَائِمًا مَقَامَهُ فَقَدْ جَعَلَهُ مِنْ تِلْكَ الطَّبَقَةِ حُكْمًا وَهَذَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي ابْتِدَاءِ الْوَقْفِ بِأَنْ كَانَ لِلْوَاقِفِ وَلَدٌ مَاتَ قَبْلَ وَقْفِهِ، وَلَهُ وَلَدٌ ذَكَرَ الزَّيْنِيُّ قَاسِمٌ صُورَتَيْنِ أَفْتَى فِيهِمَا الْعَلَّامَةُ السُّبْكِيُّ وَالْعَلَّامَةُ الْبُلْقِينِيُّ بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ، وَقَرَارُهُ بِمَا ذَكَرْنَا.
وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِهِ: وَهَذَا التَّعْلِيلُ مِنْ الْخَصَّافِ يَقْتَضِي أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ: يَقْتَضِي أَنَّ الشَّرْطَيْنِ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِينَ مُتَعَارِضَانِ وَرَجَّحَ الثَّانِي لِاسْتِحْقَاقِهِمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَاسْتِحْقَاقِهِمْ فِي الْأَوَّلِ بِآبَائِهِمْ، وَالِاسْتِحْقَاقُ بِالنَّفْسِ مُقَدَّمٌ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ بِالْأَبِ، لِأَنَّ ذَلِكَ بِلَا وَاسِطَةٍ، وَقَدْ تَرَجَّحَ أَيْضًا بِأَنَّ قَوْلَهُ لِوَلَدِ وَلَدِهِ مُطْلَقٌ وَتَقْيِيدُهُ دُونَ تَخْصِيصِ الْعُمُومِ أَسْهَلُ، وَالْبَطْنُ الثَّانِي عُمُومٌ فَتَخْصِيصُهُ ضَعِيفٌ وَاحْتَمَلَ تَقَيُّدَ الْمُطْلَقِ لِأَنَّهُ قَدْ عَمِلَ بِهِ فِي حَيَاةِ أَعْمَامِهِ، وَلَمْ يَحْتَمِلْ تَخْصِيصَ الْعَامِّ لِمَا فِيهِ مِنْ حِرْمَانِ بَعْضِ الْأَفْرَادِ بِالْكُلِّيَّةِ. ثُمَّ قَالَ: وَعِنْدِي لِكَلَامِ الْخَصَّافِ وَمَنْ وَافَقَهُ تَوْجِيهٌ بِبَحْثٍ أُصُولِيٍّ وَهُوَ أَنَّ فِيهِ اسْتِنْبَاطَ مَعْنًى مِنْ النَّصِّ يُخَصِّصُهُ، فَإِنْ فَهِمَ أَنَّ الْمَعْنَى فِي جَعْلِ الْوَاقِفِ نَصِيبَ مَنْ لَهُ وَلَدٌ لِوَلَدِهِ أَنْ لَا يَحْرِمَ وَلَدَهُ مَعَ وُجُودِ الطَّبَقَةِ الَّتِي هِيَ أَعْلَى مِنْهُ، كَذَلِكَ مَنْ لَهُ وَلَدٌ لِوَلَدِهِ أَنْ لَا يَحْرِمَ وَلَدَهُ مَعَ وُجُودِ الطَّبَقَةِ الَّتِي هِيَ أَعْلَى مِنْهُ، فَأَعْطَاهُ لِذَلِكَ نَصِيبَ وَالِدِهِ، فَإِذَا لَمْ يُحْرَمْ فَلَا يُعْطَى نَصِيبَ وَالِدِهِ وَلَا يُعْطَى مَا تَقْتَضِيهِ الْقِسْمَةُ عَلَى طَبَقَتِهِ. فَحُمِلَ عَلَى مَا إذَا وُجِدَ مِنْ أَهْلِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى أَحَدٌ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يُعْطِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ نَصِيبًا لَحُرِمَ وَأُخْرِجَ عَنْهُ مَا إذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْ الطَّبَقَةِ الْأُولَى أَحَدٌ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يُعْطِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ نَصِيبًا لَحُرِمَ وَأُخْرِجَ عَنْهُ مَا إذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْ الطَّبَقَةِ الْأُولَى أَحَدٌ فَإِنَّهُ لَا يُحْرَمُ حَاجِبٌ فَأَعْطَيْنَاهُ مَا يَلِيقُ بِطَبَقَتِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْأُصُولِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ غَيْرِنَا. وَقَدْ عُلِمَ فِي مَحَلِّهِ.
حَدَثَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ الْمَوْتُ كَانَ نَصِيبُهُ مَرْدُودًا إلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا.؟ قُلْتُ مِنْ قَبْلُ: إنَّا وَجَدْنَا بَعْضَهُمْ يَدْخُلُ فِي الْغَلَّةِ وَيَجِبُ حَقُّهُ فِيهَا بِنَفْسِهِ لَا بِأَبِيهِ فَعَمِلْنَا بِذَلِكَ وَقَسَّمْنَا الْغَلَّةَ عَلَى عَدَدِهِمْ (انْتَهَى) .
فَقَدْ أَفَادَ أَنَّ سَبَبَ نَقْضِهَا دُخُولُ وَلَدِ الْوَلَدِ مَعَ الْوَلَدِ بِصَدْرِ الْكَلَامِ، فَإِذَا كَانَ صَدْرُهُ لَا يَتَنَاوَلُ وَلَدَ الْوَلَدِ مَعَ الْوَلَدِ بَلْ مُخْرِجٌ لَهُ فَكَيْفَ يُقَالُ بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ.؟ فَإِنْ قُلْتَ: قَدْ صَدَقْتَ أَنَّ الْخَصَّافَ صَوَّرَهَا بِالْوَاوِ وَلَكِنْ ذَكَرَ بَعْدَهُ مَا يُفِيدُ مَعْنَى ثُمَّ، وَهُوَ تَقْدِيمُ الْبَطْنِ الْأَعْلَى فَاسْتَوَيَا. قُلْتُ نَعَمْ، لَكِنْ هُوَ إخْرَاجٌ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي الْأَوَّلِ بِخِلَافِ التَّعْبِيرِ بِثُمَّ مِنْ أَوَّلِ الْكَلَامِ، فَإِنَّ الْبَطْنَ الثَّانِيَ لَمْ يَدْخُلْ مَعَ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِكَلَامِ الْخَصَّافِ عَلَى مَسْأَلَةِ السُّبْكِيّ رحمه الله مَعَ أَنَّ السُّبْكِيَّ بَنَى الْقَوْلَ بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ عَلَى أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا ذَكَرَ شَرْطَيْنِ مُتَعَارِضَيْنِ يُعْمَلُ بِأَوَّلِهِمَا.؟ قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ النَّسْخِ حَتَّى يُعْمَلَ بِالْمُتَأَخِّرِ. 35 -
فَإِنْ كَانَ هَذَا رَأْيَ السُّبْكِيّ فِي الشَّرْطَيْنِ، فَلَا كَلَامَ فِي عَدَمِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
(35) قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ هَذَا رَأْيَ السُّبْكِيّ إلَخْ. قِيلَ: عَدَمُ التَّعْوِيلِ إنْ كَانَ بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ كَلَامَ السُّبْكِيّ فَهُوَ كَلَامُ مَنْ جَهِلَ مَقَامَ السُّبْكِيّ، فَإِنَّهُ اُشْتُهِرَ حَالُهُ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ وَبَلَغَ رُتْبَةَ الِاجْتِهَادِ وَأَيْضًا إذَا كَانَ الْكَلَامُ مُتَّجِهًا يَجِبُ الِالْتِفَاتُ إلَيْهِ وَالتَّعْوِيلُ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ قَالَهُ مَشْهُورٌ أَوْ غَيْرُهُ. وَهَكَذَا الْكَلَامُ مُتَّجِهٌ عَلَى مَذْهَبِهِمْ أَنَّ الْوَقْفَ إذَا تَمَّ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الْوَاقِفِ وَقَفْتُ كَذَا فَالشَّرْطُ الثَّانِي إذَا وَقَعَ كَانَ بَعْدَ خُرُوجِ الْأَمْرِ مِنْ يَدِهِ فَيَلْغُو، وَاسْتِشْكَالُهُ كَوْنُهُ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، مَعَ قَوْلِهِمْ: شَرْطُ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ سَاقِطٌ بِالْمَرَّةِ
التَّعْوِيلِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رحمه الله؛ فَهُوَ مُشْكِلٌ عَلَى قَوْلِهِمْ: أَنَّ شَرْطَ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ. فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الْعَمَلَ بِالْمُتَأَخِّرِ، وَحَيْثُ كَانَ مَبْنَى كَلَامِ السُّبْكِيّ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ الْقَوْلُ بِهِ عَلَى مَذْهَبِنَا؛ فَإِنَّ مَذْهَبَنَا الْعَمَلُ بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا. قَالَ الْإِمَامُ الْخَصَّافُ إنَّهُ لَوْ كَتَبَ فِي أَوَّلِ الْمَكْتُوبِ بَعْدَ الْوَقْفِ: لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَكَتَبَ فِي آخِرِهِ: عَلَى أَنَّ لِفُلَانٍ بَيْعَ ذَلِكَ وَالِاسْتِبْدَالَ بِثَمَنِهِ، كَانَ لَهُ الِاسْتِبْدَالُ. قَالَ مِنْ قَبْلُ: إنَّ الْآخَرَ نَاسِخٌ لِلْأَوَّلِ وَلَوْ كَانَ عَلَى عَكْسِهِ امْتَنَعَ بَيْعُهُ (انْتَهَى) .
فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، وَعَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، وَعَلَى ذُرِّيَّتِهِ وَنَسْلِهِ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ، وَبَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ، تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا السُّفْلَى. عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ وَمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ، وَعَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي هَذَا الْوَقْفِ وَاسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ مِنْ مَنَافِعِهِ وَتَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ اسْتَحَقَّ مَا
ــ
[غمز عيون البصائر]
لِأَنَّ هَذَا لَمْ يُرَدْ بِهِ أَنَّهُ مِثْلُهُ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، تَعَالَى اللَّهُ أَنْ يُشَبَّهَ كَلَامُ النَّاسِ بِكَلَامِهِ عُمُومًا فَإِنَّهُ تَعَالَى يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ. وَالْوَاقِفُ عَبْدٌ مِنْ الْعَبِيدِ وَإِنَّمَا شَبَّهُوهُ بِهِ فِي لُزُومِ اتِّبَاعِهِ بِأَمْرِ الشَّارِعِ فِيمَا لَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ. قَالَ الْمُحَقِّقُ الْحُجَّةُ قَاسِمٌ فِي قَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ: نُصُوصُ الْوَاقِفِ كَنُصُوصِ الشَّارِعِ، يَعْنِي فِي الْفَهْمِ لَا فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ مَعَ أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ لَفْظَهُ وَلَفْظَ الْمُوصِي وَالْحَالِفِ وَالنَّاذِرِ وَكُلِّ عَاقِدٍ يُحْمَلُ عَلَى عَادَتِهِ فِي خِطَابِهِ، وَاللُّغَةُ الَّتِي يَتَكَلَّمُ بِهَا وَافَقَتْ لُغَةَ الْعَرَبِ وَلُغَةَ الشَّارِعِ أَوْ لَا، وَلَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ وَقَفَ عَلَى صَلَاةٍ أَوْ صِيَامٍ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ جِهَادٍ غَيْرِ شَرْعِيٍّ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ (انْتَهَى) . فَكَيْفَ يُشَبَّهُ بِنَصِّ الشَّارِعِ.؟
كَانَ يَسْتَحِقُّهُ أَبُوهُ لَوْ كَانَ حَيًّا.
هَذِهِ الصُّورَةُ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ بِالْقَاهِرَةِ، لَكِنَّ بَعْضَهُمْ يُعَبِّرُ عَنْهَا بِثُمَّ بَيْنَ الطَّبَقَاتِ، وَبَعْضَهُمْ بِالْوَاوِ، فَإِنْ كَانَ بِالْوَاوِ يُقَسَّمُ الْوَقْفُ بَيْنَ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا وَبَيْنَ أَوْلَادِ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ الْوَاقِفِ قَبْلَ دُخُولِهِ؛ فَلَهُمْ مَا خَصَّ آبَاءَهُمْ لَوْ كَانَ حَيًّا مَعَ إخْوَتِهِ. فَمَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَلَهُ وَلَدٌ كَانَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ. وَمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ كَانَ نَصِيبُهُ لِإِخْوَتِهِ، فَيَسْتَمِرُّ الْحَالُ كَذَلِكَ إلَى انْقِرَاضِ الْبَطْنِ الْأَعْلَى. وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْخَصَّافِ الَّتِي قَالَ فِيهَا بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ حَيْثُ ذَكَرَ بِالْوَاوِ، وَقَدْ عَلِمْتَهُ. وَإِنْ ذَكَرَ بِثُمَّ، فَمَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ مِنْ أَهْلِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ، وَيَسْتَمِرُّ لَهُ وَلَا يُنْقَضُ أَصْلًا بَعْدَهُ وَلَوْ انْقَرَضَ أَهْلُ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ، فَإِذَا مَاتَ أَحَدُ وَلَدَيْ الْوَاقِفِ عَنْ وَلَدٍ وَالْآخَرُ عَنْ عَشَرَةٍ كَانَ النِّصْفُ لِوَلَدِ مَنْ مَاتَ وَلَهُ وَلَدٌ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلْعَشَرَةِ، فَإِذَا مَاتَ ابْنَا الْوَاقِفِ اسْتَمَرَّ النِّصْفُ لِلْوَاحِدِ وَالنِّصْفُ لِلْعَشَرَةِ، وَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الطَّبَقَةِ؛ فَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ وَلَهُ وَلَدٌ مَخْصُوصٌ مِنْ تَرْتِيبِ الْبُطُونِ فَلَا يُرَاعَى التَّرْتِيبُ فِيهِ. ثُمَّ مَنْ كَانَ لَهُ شَيْءٌ يَنْتَقِلُ إلَى وَلَدِهِ، وَهَكَذَا إلَى آخِرِ الْبُطُونِ، حَتَّى لَوْ قَدَّرَ أَنَّ الْوَاقِفَ مَاتَ عَنْ وَلَدَيْنِ ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمَا مَاتَ عَنْ عَشَرَةِ أَوْلَادٍ، وَالثَّانِي عَنْ وَلَدٍ وَاحِدٍ، وَالْوَلَدُ أَخْلَفَ كُلٌّ أَوْلَادًا حَتَّى وَصَلُوا إلَى الْمِائَةِ فِي الْبَطْنِ الْعَاشِرِ يُعْطَى لِلْوَاحِدِ نِصْفُ الْوَقْفِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَ الْمِائَةِ، وَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الدَّرَجَةِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِمْ: تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا الطَّبَقَةَ السُّفْلَى؛ أَنَّهُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ انْتِقَالَ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ لِوَلَدِهِ أَنَّ كُلَّ أَصْلٍ يَحْجُبُ فَرْعَهُ وَفَرْعَ غَيْرِهِ؛ فَلَا حَقَّ لِأَهْلِ الْبَطْنِ الثَّانِي مَا دَامَ وَاحِدٌ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ مَوْجُودًا، وَإِنْ اشْتَرَطَ الِانْتِقَالَ إلَى الْوَلَدِ فَالْمُرَادُ أَنَّ الْأَصْلَ يَحْجُبُ فَرْعَ نَفْسِهِ لَا فَرْعَ غَيْرِهِ، لَكِنْ يَقَعُ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْأَوْقَافِ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ، ثُمَّ يَقُولُونَ: تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا السُّفْلَى. وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّأْكِيدِ وَإِنْ حَجَبَ الْعُلْيَا السُّفْلَى. وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا جَمَعَ بَيْنَ ثُمَّ وَمَا ذَكَرْنَاهُ، كَانَ مَا بَعْدَ ثُمَّ تَأْكِيدًا لِأَنَّ تَرْتِيبَ الطَّبَقَاتِ مُسْتَفَادٌ مِنْ ثُمَّ. كَمَا أَفَادَهُ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْعَلَّامَةَ عَبْدَ الْبَرِّ بْنَ الشِّحْنَةِ نَقَلَ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ عَنْ فَتَاوَى السُّبْكِيّ وَاقِعَتَيْنِ غَيْرَ مَا نَقَلَهُ الْأَسْيُوطِيُّ، وَذَكَرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ نَسَبَ السُّبْكِيَّ إلَى التَّنَاقُضِ، وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَتَبَ خَطَّهُ تَحْتَ جَوَابِ ابْنِ الْقَمَّاحِ بِشَيْءٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ خَطَؤُهُ فَرَجَعَ عَنْهُ، وَأَطَالَ فِي تَقْرِيرِهِ، وَنَظَّمَ لِلْوَاقِعَةِ أَبْيَاتًا. فَمَنْ رَامَ زِيَادَةَ الِاطِّلَاعِ فَلْيَرْجِعْ إلَيْهِ. وَلَمْ تَزَلْ الْعُلَمَاءُ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ مُخْتَلِفِينَ فِي فَهْمِ شُرُوطِ الْوَاقِفِينَ إلَّا مَنْ رحمه الله، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَالْمُيَسِّرُ لِكُلِّ عَسِيرٍ.
(تَنْبِيهٌ)
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ انْتِقَالَ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ لِوَلَدِهِ إلَخْ. هَذَا أَيْضًا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا تَوَهَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ يَحْجُبُ فَرْعَ غَيْرِهِ لَوْ شَرَطَ ذَلِكَ كَمَا فِي وَلَدِ وَلَدِ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْوَقْفِ، فَإِنَّهُ يَحْجُبُهُ الْوَلَدُ لِكَوْنِهِ أَعْلَى مِنْ طَبَقَتِهِ نَعَمْ إذَا انْقَرَضَتْ الطَّبَقَةُ اسْتَحَقَّ وَلَدُ وَلَدِ الْمَذْكُورِ مَعَ مَنْ فِي طَبَقَتِهِ فَالْإِطْلَاقُ خَطَأٌ.
يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَوْلُهُمْ: التَّأْسِيسُ خَيْرٌ مِنْ التَّأْكِيدِ. فَإِذَا دَارَ اللَّفْظُ بَيْنَهُمَا. 38 -
تَعَيَّنَ الْحَمْلُ عَلَى التَّأْسِيسِ، وَلِذَا قَالَ أَصْحَابُنَا رحمهم الله: 39 -
لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ طَلُقَتْ ثَلَاثًا، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ بِهِ التَّأْكِيدَ صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً. ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْكِنَايَاتِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ: إذَا حَلَفَ عَلَى أَمْرٍ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ، ثُمَّ حَلَفَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينَيْنِ، وَإِنْ نَوَى بِالثَّانِي الْأَوَّلَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. وَفِي التَّجْرِيدِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله: إذَا حَلَفَ بِأَيْمَانٍ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ يَمِينٍ كَفَّارَةٌ، وَالْمَجْلِسُ وَالْمَجَالِسُ فِيهِ سَوَاءٌ، وَلَوْ قَالَ: عَنَيْتُ بِالثَّانِي الْأَوَّلَ لَمْ يَسْتَقِمْ ذَلِكَ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى. وَلَوْ حَلَفَ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ يَسْتَقِيمُ.
وَفِي الْأَصْلِ أَيْضًا: لَوْ قَالَ: هُوَ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَوْلُهُمْ التَّأْسِيسُ خَيْرٌ مِنْ التَّأْكِيدِ إلَخْ. أَقُولُ فِي دُخُولِهِ فِي الْقَاعِدَةِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَمْلِ عَلَى التَّأْكِيدِ إهْمَالُ الْكَلَامِ وَإِلَّا لَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِهِ تَعَالَى وَكَلَامِ نَبِيِّهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ أَصْلُ وَضْعِ اللَّفْظِ أَنْ يَكُونَ مُفِيدًا غَيْرَ مَا أَفَادَهُ غَيْرُهُ كَانَ فِي الْحَمْلِ عَلَى التَّأْكِيدِ إهْمَالُ اللَّفْظِ كَمَا هُوَ أَصْلُ الْوَضْعِ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ، وَالْإِهْمَالُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ لَا ضَرَرَ فِي وُقُوعِهِ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَلَامِ رَسُولِهِ وَحِينَئِذٍ يَتِمُّ دُخُولُهُ فِي الْقَاعِدَةِ فَتَأَمَّلْ.
(38)
قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ الْحَمْلُ عَلَى التَّأْسِيسِ إلَخْ. الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: الْأَوْلَى الْحَمْلُ عَلَى التَّأْسِيسِ. فَإِنَّ قَوْلَهُ التَّأْسِيسُ خَيْرٌ مِنْ التَّأْكِيدِ لَا يَقْتَضِي تَعْيِينَ الْحَمْلِ عَلَى التَّأْسِيسِ بَلْ يَقْتَضِي أَرْجَحِيَّةَ الْحَمْلِ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ.
(39)
قَوْلُهُ: لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ إلَخْ. يَعْنِي قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْمَدْخُولِ بِهَا.
يَهُودِيٌّ وَهُوَ نَصْرَانِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ. 40 - وَلَوْ قَالَ: هُوَ يَهُودِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا هُوَ نَصْرَانِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا، فَهُمَا يَمِينَانِ.
وَفِي النَّوَازِلِ: رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمًا، وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ شَهْرًا، وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ سَنَةً. إنْ كَلَّمَهُ بَعْدَ سَاعَةٍ فَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَيْمَانٍ، وَإِنْ كَلَّمَهُ بَعْدَ الْغَدِ فَعَلَيْهِ يَمِينَانِ، وَإِنْ كَلَّمَهُ بَعْدَ شَهْرٍ فَعَلَيْهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ كَلَّمَهُ بَعْدَ سَنَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ
(انْتَهَى مَا فِي الْخُلَاصَةِ) .
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ هُوَ يَهُودِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا هُوَ نَصْرَانِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا فَهُمَا يَمِينَانِ. يَعْنِي لِتَعَدُّدِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ.