الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ ذِكْرُ بَعْضِ مَا لَا يَتَجَزَّأُ كَذِكْرِ كُلِّهِ]
الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ:
1 -
ذِكْرُ بَعْضِ مَا لَا يَتَجَزَّأُ كَذِكْرِ كُلِّهِ، فَإِذَا طَلَّقَ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ أَوْ طَلَّقَ نِصْفَ الْمَرْأَةِ طَلُقَتْ
2 -
وَمِنْهَا الْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ إذَا عَفَا عَنْ بَعْضِ الْقَاتِلِ كَانَ عَفْوًا عَنْ كُلِّهِ، وَكَذَا إذَا عَفَا بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ سَقَطَ كُلُّهُ وَانْقَلَبَ نَصِيبُ الْبَاقِينَ مَالًا
3 -
وَمِنْهَا النُّسُكُ: إذَا قَالَ: أَحْرَمْتُ بِنِصْفِ نُسُكٍ كَانَ مُحْرِمًا، وَلَمْ أَرَهُ الْآنَ صَرِيحًا. وَخَرَجَ عَنْ الْقَاعِدَةِ الْعِتْقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله فَإِنَّهُ إذَا أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ لَمْ يُعْتَقْ كُلُّهُ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: ذِكْرُ بَعْضِ مَا لَا يَتَجَزَّأُ كَذِكْرِ كُلِّهِ. أَقُولُ: مِنْ ذَلِكَ أَقَلُّ الْمَهْرِ الَّذِي هُوَ عَشْرَةُ دَرَاهِمَ، وَكَذَا إسْقَاطُ الشُّفْعَةِ، ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ فِي بَابِ الْمَهْرِ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ (فَإِنْ سَمَّاهَا أَوْ دُونَهَا فَلَهَا الْعَشَرَةُ) خِلَافًا لِزُفَرَ فِيمَا دُونَهَا، فَإِنَّهُ يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ ذِكْرِ بَعْضِ مَا يَتَجَزَّأُ كَذِكْرِ كُلِّهِ فِي جَانِبِ الْإِيقَاعِ، وَأَمَّا فِي جَانِبِ الِاسْتِثْنَاءِ فَلَا، عَلَى الْمُعْتَمَدِ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ وَاحِدَةٍ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَوَقَعَ الثَّلَاثُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَقَعُ ثِنْتَانِ لِأَنَّ التَّطْلِيقَةَ لَا تَتَجَزَّأُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: إلَّا وَاحِدَةً. وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ رحمه الله ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ مَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ، الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ
(2)
قَوْلُهُ: وَمِنْهَا الْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ إلَخْ.
مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْقَاتِلُ غَيْرَ عَبْدِ الْمَقْتُولِ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي كِتَابِ النِّكَاحِ: لَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ مَوْلَاهُ وَلَهُ ابْنَانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا سَقَطَ الْقِصَاصُ وَلَمْ يَجِبْ شَيْءٌ لِغَيْرِ الْعَافِي
(3)
قَوْلُهُ: وَمِنْهَا النُّسُكُ إلَخْ. وَمِنْهَا إذَا نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَةً تَلْزَمُهُ رَكْعَتَانِ خِلَافًا لِزُفَرَ؛ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ قَالَ فِي الْمَنْبَعِ: وَعَلَى هَذَا (انْتَهَى) . وَلَوْ قَالَ نِصْفُ رَكْعَةً
4 -
وَلَكِنْ لَمْ يَدْخُلْ لِأَنَّهُ مِمَّا يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُ، وَالْكَلَامُ فِيمَا لَا يَتَجَزَّأُ.
ضَابِطٌ: 5 - لَا يَزِيدُ الْبَعْضُ عَلَى الْكُلِّ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ؛ وَهِيَ إذَا قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّهُ صَرِيحٌ، وَلَوْ قَالَ كَأُمِّي، كَانَ كِنَايَةً
ــ
[غمز عيون البصائر]
يَلْزَمُهُ رَكْعَتَانِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ. كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. قِيلَ: قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْقَاعِدَةِ (انْتَهَى) . وَفِيهِ تَأَمُّلٌ وَفِي الْخُلَاصَةِ: وَلَوْ قَالَ: ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ يَلْزَمُهُ أَرْبَعٌ، وَمِنْهَا الِاعْتِكَافُ، فَلَوْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ اعْتِكَافَ شَهْرٍ وَهُوَ صَحِيحٌ فَعَاشَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ مَاتَ أُطْعِمَ عَنْهُ الشَّهْرُ كُلُّهُ، لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ مِمَّا لَا يَتَجَزَّأُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ رحمه الله لَمْ يَسْتَثْنِ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ شَيْئًا وَيُسْتَثْنَى مِنْهَا مَا لَوْ قَالَ تَزَوَّجْتُ نِصْفَكِ فَالْأَصَحُّ عَدَمُ الصِّحَّةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِي التَّنْوِيرِ: وَلَا يَنْعَقِدُ فِي الْأَصَحِّ.
وَوَجْهُ الْفُرُوجِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ: أَنَّ الْفُرُوجَ يُحْتَاطُ فِيهَا فَلَا يَكْفِي ذِكْرُ الْبَعْضِ لِاجْتِمَاعِ مَا يُوجِبُ الْحِلَّ وَالْحُرْمَةَ فِي ذَاتٍ وَاحِدَةٍ فَتَرَجَّحَتْ الْحُرْمَةُ. لَكِنْ صَحِيحٌ فِي الصَّيْرَفِيَّةِ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ فُرُوعِ الْقَاعِدَةِ، وَمِمَّا يُسْتَثْنَى مَا قَالُوا لَوْ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى ظَهْرِهَا أَوْ بَطْنِهَا لَا يَقَعُ، وَكَذَا الْعِتْقُ. وَمِمَّا يُسْتَثْنَى مَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً إنْ شِئْتِ فَقَالَتْ: شِئْتُ نِصْفَ وَاحِدَةٍ لَا تَطْلُقُ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ، وَمُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ أَنْ تَطْلُقَ لِأَنَّ ذِكْرَ نِصْفِ الطَّلْقَةِ ذِكْرُ كُلِّهَا فَهِيَ مِمَّا خَرَجَ عَنْ الْقَاعِدَةِ، وَمِمَّا يُسْتَثْنَى مَا لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفًا وَوَاحِدَةً تَطْلُقُ وَاحِدَةً عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ.
(4)
قَوْلُهُ: وَلَكِنْ لَمْ يَدْخُلْ إلَخْ. حَيْثُ لَمْ يَدْخُلْ. فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ: وَخَرَجَ عَنْ الْقَاعِدَةِ، إذْ الْخُرُوجُ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ، وَالْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْخُرُوجِ عَدَمُ الدُّخُولِ لِكَوْنِهِ مِمَّا يَتَجَزَّأُ حَقِيقَةً عِنْدَ الْإِمَامِ، وَعَبَّرَ بِحَرْفِ الِاسْتِدْرَاكِ لِكَوْنِ الْخُرُوجِ فَرْعَ الدُّخُولِ وَلَا دُخُولَ هُنَا حَقِيقَةً فَهُوَ تَكَلُّفٌ لَا يَخْلُو عَنْ تَعَسُّفٍ
(5)
قَوْلُهُ: لَا يَزِيدُ الْبَعْضُ عَلَى الْكُلِّ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ إلَخْ. قَدْ زِيدَ عَلَى ذَلِكَ ثَلَاثُ مَسَائِلَ، يَزِيدُ الْبَعَضُ فِيهَا عَلَى الْكُلِّ الْأَوَّلُ رَجُلٌ خَتَنَ صَبِيًّا بِإِذْنِ أَبِيهِ فَقَطَعَ حَشَفَتَهُ فَإِنْ مَاتَ الصَّبِيُّ وَجَبَ عَلَى الْخَاتِنِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ عَاشَ فَعَلَى الْخَاتِنِ الدِّيَةُ كُلُّهَا كَذَا فِي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْمُحِيطِ وَعَلَّلَهُ فِي الْجَوْهَرَةِ بِأَنَّهُ إذَا مَاتَ حَصَلَ مَوْتُهُ بِفِعْلَيْنِ أَحَدُهُمَا مَأْذُونٌ فِيهِ وَهُوَ قَطْعُ الْجِلْدَةِ وَالثَّانِي غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ وَهُوَ قَطْعُ الْحَشَفَةِ، وَإِذَا بَرِئَ جُعِلَ قَطْعُ الْجِلْدَةِ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ، وَقَطْعُ الْحَشَفَةِ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ فَوَجَبَ ضَمَانُ الْحَشَفَةِ كَامِلًا وَهُوَ الدِّيَةُ كَذَا فِي شَاهَانْ.
الثَّانِيَةُ: صَبِيٌّ خَرَجَ رَأْسُهُ عِنْدَ الْوِلَادَةِ فَقَطَعَ رَجُلٌ أُذُنَهُ فَلَمْ يَمُتْ وَعَاشَ وَجَبَ عَلَيْهِ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ وَهِيَ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَلَوْ قَطَعَ رَأْسَهُ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُرَّةُ وَهِيَ جَارِيَةٌ أَوْ غُلَامٌ يُسَاوِي خَمْسِينَ دِينَارًا، الثَّالِثَةُ إذَا وَقَعَتْ الْفَأْرَةُ الْمَيِّتَةُ غَيْرُ الْمُنْتَفِخَةِ أَوْ الْمُتَفَسِّخَةِ فِي الْبِئْرِ وَجَبَ نَزْحُ عِشْرِينَ دَلْوًا وَلَوْ وَقَعَ ذَنَبُهَا نُزِحَ جَمِيعُ مَائِهَا (انْتَهَى) . وَقَدْ زِدْتُ عَلَى ذَلِكَ رَابِعَةً وَهِيَ أَنَّ قَطْعَ الْأُصْبُعَيْنِ عَيْبَانِ وَقَطْعُ الْأَصَابِعِ مَعَ الْكَفِّ عَيْبٌ وَاحِدٌ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَحَقُّ بِالِاسْتِثْنَاءِ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فَتَدَبَّرْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَيَقْرَبُ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنْ يُقَالَ: لَا يُؤَثِّرُ الْبَعْضُ تَأْثِيرًا لَا يُؤَثِّرُهُ الْكُلُّ إلَّا فِي مَسَائِلَ: مِنْهَا إنْسَانٌ صَلَّى وَفِي كُمِّهِ قَارُورَةٌ مَمْلُوءَةٌ بِالدَّمِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَمْلُوءَةٍ تَفْسُدُ عَلَى قَوْلٍ، وَالصَّحِيحُ الْمُفْتَى بِهِ عَدَمُ الْفَرْقِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ صَلَّى وَفِي كُمِّهِ بَيْضَةٌ قَذِرَةٌ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِأَنَّ النَّجَسَ فِي مَكَانِهِ وَمَعِدَتِهِ كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ، وَمِنْهَا أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا صَبَّ فِي دَنِّ الْخَلِّ كُوزَ خَمْرٍ جَازَ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ لِلْحَالِ إذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ طَعْمٌ أَوْ لَوْنٌ أَوْ رِيحٌ، وَلَوْ صَبَّ قَطْرَةَ خَمْرٍ فِي دَنِّ خَلٍّ لَا يَحِلُّ الشُّرْبُ مِنْهُ فِي الْحَالِ كَمَا فِي الذَّخَائِرِ الْأَشْرَفِيَّةِ وَهُوَ يَحْتَاجُ إلَى التَّوْجِيهِ فَلْيُطْلَبْ، وَمِنْهَا عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ: أَنَّ بَعْرَةَ الْإِبِلِ الصَّحِيحَةَ إذَا وَقَعَتْ وَهِيَ صَحِيحَةٌ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ، وَإِذَا وَقَعَ فِي نِصْفِهَا نَجَّسَتْ، لَكِنَّ الصَّحِيحَ وَلَوْ قَطَعَ يَدَهُ أَوْ عُضْوًا مِنْ الْأَعْضَاءِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ كَذَا فِي الذَّخَائِرِ الْأَشْرَفِيَّةِ، فَفِي هَذِهِ الْفُرُوعِ أَثَّرَ الْبَعْضُ تَأْثِيرًا لَمْ يُؤَثِّرْهُ الْكُلُّ