الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التحرير
شرح الدليل
للعلامة الفقيه الأصولي زين الدين مرعي بن يُوسُف الكرْمي الحنبلي.
(ت: 1033 هـ)
رحمه الله تعالى
الجزء الأول
قسم الطهارة
تأليف الفقير إلى عفو ربه الغني
أبي المنذر: محمود بن محمد بن مصطفى المنياوي
عفا الله - تعالى - عنه
الطبعة الأولى
1432هـ / 2011م
المكتبة الشاملة
حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
الطبعة الأولى
1432 هـ / 2011 م
رقم الإيداع بالمكتبة الشاملة 5/ 2011
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الشارح:
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبدُه ورسولُه.
أما بعد
…
فنبدأ بعون الله تعالى وتوفيقه في شرح متن "دليل الطالب لنيل المطالب" للعلامة مرعي بن يُوسُف الكرْمي رحمه الله.
ونرجوا من الله القبول والسداد، وأن يمن علينا بإتمام هذا الشرح، وأن يتقبله وينفع به إنه ولي ذلك وهو القادر عليه.
نبدأ بنُّبْذَة عن
التعريف بالمؤلف
.
هو الإمام العلامة زين الدين مرعي بن يُوسُف بن أبي بكر بن أحمد بن أبي بكر بن يُوسُف بن أحمد الكرْمي المقدسي المصري الأزهري الحنبلي.
ولد ونشأ المؤلف رحمه الله تعالى في بلدته طور كرْم وهي مدينة معروفة في فلسطين وإليه نسبتها، وتعلم فيها مبادئ القراءة والكتابة، وتلقى مبادئ العلوم، وحفظ القرآنَ الكريم، ورحل إلى بيت المقدس ونهل من معين العلم فيها وجالس العلماء واستفاد من العلوم التي لديهم، ثم رحل بعد ذلك إلى القاهرة، فأخذ العلم عن كثير من علمائها ومشايخها في الفقه والحديث والتفسير حتى أصبح يشار إليه بالبنان في مكانته العلمية فتصدر للتدريس والإفتاء، وقد بقي فيها يفيد ويستفيد حتى توفي رحمه الله.
-
مذهبه:
درس المؤلف المذهب الحنبلي وتفقه فيه، ولذا فهو يعد من علماء الحنابلة الكبار،
وقد قام بتدريس الفقه الحنبلي بجامع ابن طولون بالقاهرة فترة من الزمن، وألف فيه الكتب والرسائل، مثل: كتاب " دليل الطالب، وكتاب غاية المنتهى في جمع الإقناع والمنتهى "
وقال:
لَئِنْ قلَّدَ الناسُ الأئمَّةَ إنني
…
لَفي مذهبِ الحَبْر ابن حنبل راغبُ
أُقلِّدُ فتواهُ وأعشقُ قولَهُ
…
وللناسِ فيما يعشَقُونَ مذَاهبُ
ثناء العلماء عليه:
فقد قال عنه ابن حُمَيد في السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة (463): " العالم العلامة، البحر الفهامة، المدقق المحقق، المفسر المحدث، الفقيه، الأصولي، النحوي، أحد أكابر علماء الحنابلة بمصر ".
وقال عنه ابن بدران في " المدخل "(442): " العلامة، بقية المجتهدين، أحد أكابر علماء هذا المذهب بمصر ".
وقال عنه محمد جميل الشِّطِي في مختصر طبقات الحنابلة (108): " شيخ الإسلام، أوحد العلماء الأعلام فريد عصره وزمانه، ووحيد دهره وأوانه، صاحب التآليف العديدة، والتحريرات المفيدة، العلامة بالتحقيق والفهامة بالتدقيق ".
قال عنه المُحبي في خلاصة الأثر (4/ 358): " أحد أكابر علماء الحنابلة بمصر، وكان محدثا فقيها ذا اطلاع واسع على نقول الفقه ودقائق الحديث ".
مؤلفاته:
فقد برع في مختلف العلوم الشرعية في الفقه والتفسير والحديث والعقائد وغيرها، وكذا في علوم العربية كالنحو والصرف والبلاغة والأدب والشعر، وعلوم السيرة والتاريخ والسلوك وغيرها. ومؤلفاته كثيرة بلغت حوالي الثمانين تأليفاً ما بين كتاب كبير ورسالة صغيرة.
وفاته:
توفي الإمام العلامة بعد حياة حافلة بالعلم والتعليم والتدريس والإفتاء في القاهرة
في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين وألف من الهجرة فرحمه الله رحمة واسعة.
التعريف بالمتن:
أما المتن الذي ندرسه " دليل الطالب لنيل المطالب "فهو متن مشهور في الفقه الحنبلي اختصره الشيخ مرعي من كتاب ابن النجار " منتهى الإرادات في جمع المقنع والتنقيح وزيادات " كما صرح بذلك جماعة من العلماء منهم:
الشيخ محمد بن مانع في حاشيته على دليل الطالب.
والشيخ صالح بن حسن البُهوتي في مقدمة شرحه " مسلك الراغب شرح دليل الطالب"
…
. وغيرهما.
وقد أشار الماتن نفسه إلى ذلك في مقدمة كتابه دليل الطالب حيث قال: [وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
…
الفائز بمنتهى الإرادات من ربه
…
]
ومنتهى الإرادات وهو أصل كتابنا من متون المذهب المعتمدة فقد اعتمده المتأخرون من عصر المؤلف حتى كان والد المؤلف يقرؤه للطلاب ويثني عليه وكاد الكتاب لشهرته ينسي ما قبله من متون المذهب المطولة فعكف الناس عليه شرحاً وتحشيةً واختصاراً وجمعاً له مع غيره.
وتعالوا نتوقف قليلا لنتعرف على أصل كتابنا وهو كتاب منتهى الإرادات وأهميته:
: [بعد أن وضع ابن قدامة متنه المشهور " المقنع " لقي قبولاً كبيراً داخل المذهب لكونه جاء على قول واحد هو الراجح في المذهب وتميز عن الكتب التي سبقته بأنه أوضح منها إشارة وأسلس عبارة وأجمع تقسيماً وتنويعاً كما أنه حوى غالب أمهات مسائل المذهب على توسط حجمه ومن هنا تناوله الحنابلة بالتآليف كالشروح والتعليقات التي تبيّنه وكتب اللغة التي توضح مصطلحاته وحدوده، وكتب التخريج التي تخرج أدلته وهذا الكتاب - وإن كان يعتبر نقلة علمية في المذهب - إلا أنه كان بحاجة إلى تحرير أكثر وتصحيح، فقد أطلق مؤلفه رحمه الله الخلاف في كثير من مسائله بصيغ متفاوتة أوصلها بعضهم إلى ما يزيد على ثلاثين صيغة ولم يفصح فيها بتقديم حكم. كما أنه قطع بمسائل وقدمها على أنها المذهب وهي غير الراجح في المذهب وأخلّ ببعض القيود والشروط الصحيحة في
المذهب إضافة إلى أن عبارته كانت بحاجة إلى إعادة نظر لما فيها من عموم أو إطلاق أو خلل لهذه الأسباب وغيرها كانت الحاجة ماسة لأن يوجد كتاب يتمم ويكمل النقص الذي في هذا المتن الشهير.
فجاء مجدد المذهب القاضي علي بن سليمان المرداوي ليسد هذا النقص بكتابه " التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع "
فعالج أغلب ما كان ينتقد على متن المقنع حتى كان كما قال عنه الشُّوَيْكِي رحمه الله: " أجل كتاب اجتهد في جمعه وأتى بالصواب وأراح كل قاض ومفت من الأتعاب وسهّل لهم معرفة المذهب وقرّب لهم المقصد والمطلب " ومن هنا اشتهر هذا الكتاب لدى أعيان المذهب باسم " التصحيح " وسمي مؤلفه " بالمصحح " لأنه صحح المقنع في مسائله وعباراته ومع هذا العمل الجليل الذي قدمه المرداوي للمذهب إلا أنه رحمه الله ترك مسائل كثيرة في كتابه فلم يتناولها في التصحيح، كما أنه أسقط من كلام موفق الدين ابن قدامة أشياء كان يجب المحافظة عليها وبقاؤها مثل الشروط والقيود والاستثناءات الصحيحة في المذهب.
كما أنه رحمه الله كان يحيل الحكم في بعض الأحيان على المقنع ويطلقه من غير تقييد.
فلهذه المقتضيات وغيرها ظهرت الحاجة الشديدة للجمع بين هذين الكتابين - المقنع والتنقيح - حتى يتم المقصود في وجود متن يعتمد القول الصحيح في المذهب بعبارة سليمة واضحة المقصود. فظهرت لهذه المهمة الشاقة - الجمع بين المقنع والتنقيح - فيما أعلم ثلاث محاولات:
الأولى: قام بها العلامة أحمد بن عبد الله بن أحمد العسكري الصالحي) تلميذ المصحح المرداوي رحمه الله، في كتابه (المنهج في الجمع بين المقنع والتنقيح) إلا أنه توفي قبل أن يتم كتابه فقد وصل فيه إلى الوصايا.
الثانية: قام بها الشيخ أحمد الشُّوَيْكِي رحمه الله في كتابه " التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح " وقد وصف كتابه هذا بوضوح العبارة حتى قيل إنه متن كالشرح.
الثالثة: قام بها تقي الدين محمد بن أحمد الْفَتُوحِي الشهير بـ " ابن النجار " في كتابه " منتهى الإرادات في الجمع بين المقنع والتنقيح وزيادات " ووصف علماء المذهب هذا الكتاب بأنه معقد العبارة ومع هذا فهو عمدة المتأخرين وقد لقي قبولاً كبيراً وحظي بالشروح والتعليقات]
وبعد ذلك جاء الشيخ مرعي فاختصر منتهى الإرادات في كتابه دليل الطالب لنيل المطالب.
أهمية الكتاب
يعتبر كتاب دليل الطالب لنيل المطالب من المتون المختصرة المعتمدة عند متأخري علماء المذهب الحنبلي.
لا يذكر فيه مؤلفه خلافاً في المسائل، وإنما يقتصر على رواية واحدة وهي ما صححه المحققون من علماء المذهب وما صار عليه مدار الفتوى عند المرجحين المتقنين كأمثال ابن قدامة (المقنع) والمرداوي (التنقيح المشبع) وابن النجار (منتهى الإرادات).
وقد أشار الشيخ مرعي في مقدمة كتابه دليل الطالب إلى ذلك فقال: (وبعد فهذا مختصر في الفقه على المذهب الأحمد مذهب الإمام أحمد بالغت في إيضاحه رجاء الغفران وبينت فيه الأحكام أحسن بيان لم أذكر فيه إلا ما جزم بصحته أهل التصحيح والعرفان وعليه الفتوى فيما بين أهل الترجيح والإتقان).
وقال ابن بدران: [
…
حرر مسائله على الراجح من المذهب]
وقال د. بكر أبو زيد: [
…
بناه على الراجح من المذهب]
وعليه فمن
أهم ميزات كتاب دليل الطالب:
1 -
متن مختصر.
2 -
مشهور بين أتباع المذهب.
3 -
دقيق العبارة.
4 -
سهل العبارة يخلو من التعقيد والإلغاز.
5 -
يخلو من ذكر الدليل وهذا شأن المختصرات.
6 -
اقتصر على رواية واحدة وهي الراجحة في المذهب.
7 -
المسائل مرتبة ترتيباً جيداً.
8 -
يفصل بذكر الشروط والأركان والفروض والواجبات والسنن والمحرمات والمكروهات والمبطلات والقيود والاستثناءات.
ولذلك فقد عُنِيَ به المتأخرون من الحنابلة دراسةً وشرحاً وتحشيةً ونظماً وذلك لما عرفوه من غزارة علمه وكثرة فوائده
…
وما اعتنوا به إلا لجلالة قدره عندهم ومعرفتهم بما تضمنه من التحقيق.
منهجي في الشرح
1 -
أشرح عبارة المؤلف بما يزيل ما فيها من إبهام إن كانت مستغلقة.
2 -
أقسم المتن إلى مسائل.
3 -
أضع تصورا لهذه المسائل إن كانت مستغلقة بما يُجليها بإذن الله؛ لأن الحكم على شيء فرعٌ عن تصوره.
4 -
إن خالف الشيخ مرعي شرطه واختار قولا ضعيفا في المذهب أبين ذلك - وهو قليل -.
5 -
أستدل للرواية الراجحة في المذهب بأشهر الأدلة وأقواها دلالة على محل النزاع ولا أشترط على نفسي استيعاب الأدلة؛ لأن هذا يطول ويخرجنا عن المقصود.
6 -
أبين الراجح من الأقوال في المسائل مؤيدا كلامي بأشهر الأدلة وأقواها دلالة على محل النزاع.
7 -
بالنسبة للتعاريف الذي يذكرها الماتن فلن أتعرض لنقدها بإضافة قيود وفواصل غير مذكورة في تعريف الماتن جريا وراء جعل الحد جامعا مانعا فمجال ذلك في الشرح الموسع بإذن الله وسوف أقتصر على التنبيهات المباشرة التي تمس الأجناس والفواصل التي يذكرها الشيخ في تعريفه.
وهذا أوان الشروع في المقصود.
والله المستعان وعليه البلاغ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
مقدمة الماتن:
قال الشيخ مرعي رحمه الله: بسم الله الر حمن الرحيم، وبه ثقتي.
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مالك يوم الدين.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبين لأحكام شرائع الدين الفائز بمنتهى الإرادات من ربه فمن تمسك بشريعته فهو من الفائزين صلى الله وسلم عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وعلى آل كل وصحبه أجمعين.
وبعد: فهذا مختصر في الفقه على المذهب الأحمد مذهب الإمام أحمد بالغت في إيضاحه رجاء الغفران وبينت فيه الأحكام أحسن بيان لم أذكر فيه إلا ما جَزم بصحته أهل التصحيح والعرفان وعليه الفتوى فيما بين أهل الترجيح والإتقان وسميته بـ "دليل الطالب لنيل المطالب".
والله أسأل أن ينفع به من اشتغل به من المسلمين وأن يرحمني والمسلمين إنه أرحم الراحمين.