الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والشرط: هو ما ارتبط به غيره عدماً لا وجوداً، فإذا عدم الشرط عدم الحكم، لكن إن وجد الشرط قد يوجد الحكم وقد لا يوجد، فالوضوء شرط للصلاة، فإذا عدم الوضوء عدمت الصلاة، ولكن إن وجد الوضوء فقد توجد الصلاة وقد لا توجد، ولذلك يجوز تقديم الشرط وهو الوضوء عن الصلاة، فيقدم الوضوء علي إرادة الصلاة، مع أن الوضوء لا يجب إلا بعد إرادة الصلاة لقوله تعالى:(إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)
…
).
قال ابن رجب في "القواعد الفقهية"(ص/6): ("العبادات كلها لا يجوز تقديمها على سبب وجوبها" العبادات كلها سواء كانت بدنية أو مالية أو مركبة منهما لا يجوز تقديمها على سبب وجوبها ويجوز تقديمها بعد سبب الوجوب وقبل الوجوب أو قبل شرط الوجوب ويتفرع على ذلك مسائل كثيرة: (منها) الطهارة سبب وجوبها الحدث وشرط الوجوب فعل العبادة المشترط لها الطهارة فيجوز تقديمها على العبادة ولو بالزمن الطويل بعد الحدث
…
(ومنها) زكاة المال يجوز تقديمها من أول الحول بعد كمال النصاب
…
).
الترجيح:
ومما سبق يتضح أن الراجح أن التيمم يجوز تقدمه قبل دخول وقت الصلاة.
ومما يدل على ذلك:
حديث أبي ذر رضي الله عنه مرفوعا: (إن الصعيد الطيب طهور، وإن لم تجد الماء إلى عشر سنين، فإذا وجدت الماء، فأمسه جلدك) ولم يفرق بين كونه قبل الوقت أو بعده، وإنما علق جوازه بعدم الماء، لا بالوقت، وهذا معنى قوله تعالى:{أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6]، فأمر بالتيمم بعد الحدث إذا عدم الماء، ولم يفرق بين حاله قبل الوقت أو بعده.
مسألة - من شروط التيمم: تعذر استعمال الماء إما لعدمه أو لخوفه باستعماله الضرر
.
قال ابن ضويان (1/ 45): ("تعذر استعمال الماء إما لعدمه" لقوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} الآية، وقوله صلي الله عليه وسلم: "إن الصعيد
الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته فإن ذلك خير" صححه الترمذي. "أو لخوفه باستعماله الضرر" لقوله تعالى:{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} الآية. ولحديث صاحب الشجة. وعن عمرو بن العاص أنه لما بعث في غزوة ذات السلاسل قال: احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد).
وأما الآية فقال البعض أنها مقيدة بالسفر قال تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا) الآية وهو قول في المذهب اختاره الخلال، قال المرداوي في "الإنصاف" (1/ 264):(العجز عن استعمال الماء لعدمه) أن العدم سواء كان حضرا أو سفرا، وسواء كان العادم مطلقا أو محبوسا، وهو صحيح، وهو المذهب. وعليه جماهير الأصحاب، وقطع به كثير منهم. وقيل: لا يباح التيمم للعدم، إلا في السفر. اختاره الخلال).
قال الدبيان في "موسوعة الطهارة"(12/ 103): (وأجيب بأن الله سبحانه وتعالى ذكر السفر لكونه مظنة عدم الماء، فإن فقد الماء في الحضر نادر قليل، ومثله السفر في آية الرهن، قال تعالى: ({وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283]، وليس السفر بشرط للرهن، فإن جاز الرهن في الحضر، جار التيمم في الحضر أيضا).
ومن الأدلة على جواز التيمم في الحضر أن النبي صلى الله عليه وسلم تيمم في الحضر لرد السلام كما سبق، فإن جاز التيمم لرد السلام مع أن الطهارة ليست شرطا ولا واجبة لرد السلام، فكونه يتيمم لفعل الصلاة المفروضة والقيام بالطهارة التي هي شرط لصحة الصلاة أولى.
وحديث صاحب الشجة رواه أبو داود وغيره لفظه عنده عن جابر رضي الله عنه أنه قال: (خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا حجر فشجه في رأسه، ثم احتلم فسأل أصحابه فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات، فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك فقال:«قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر - أو» يعصب «شك موسى - على جرحه خرقة، ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده» ، والحديث حسنه بالشواهد الشيخ الألباني دون