الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة - ما لا يؤكل من الطير والبهائم مما فوق الهر خلقة نجس
.
اشترط الماتن هنا للحكم بالنجاسة شرطين:
الأول - أن يكون مما لا يؤكل لحمه.
والثاني - أن يكون فوق الهر خلقة لعدم مشقة التحرز منه.
وذلك مثل: الصقر والبوم والحدأة والنسر والأسد والنمر والفهد، والذئب والكلب والخنزير والقرد، ونحو ذلك.
والمقصود نجاسة جسده وما ينفصل عنه كالبيض والبول والروث وكالقيء والمذي والودي والمني والمخاط والبزاق واللبن نحوها، ونجاسة سؤره وميتته (1).
والدليل على ذلك ما رواه أحمد، وأبو داود وغيرهما عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع، فقال صلى الله عليه وسلم:«إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث» .
ووجه الاستدلال أن المسئول عنه لابد وأن يكون من الخبث، وإنما لم يحمل الماء هذا الخبث لكثرته ولو كان المسئول عنه طاهرا لما حده بالقلتين، قال ابن التركماني في "الجوهر النقي" (1/ 250) معلقا على هذا الحديث:(وظاهر هذا يدل على نجاسة سور السباع إذ لولا ذلك لم يكن لهذا الشرط فائدة ولكان التقييد به ضائعا).
فائدة - حكم الحيوان المركوب كالبغل والحمار الأهلي.
القول المشهور في المذهب نجاستهما. وذهب الجمهور: المالكية والشافعية ورواية عن أحمد اختارها ابن قدامة إلى قول بطهارتهما.
قال ابن قدامة في "المغني"(1/ 37): (الصحيح عندي: طهارة البغل والحمار؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يركبها، وتركب في زمنه، وفي عصر الصحابة، فلو كان نجسا لبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك؛ ولأنهما لا يمكن التحرز منهما لمقتنيهما، فأشبها السنور، وقول النبي صلى الله عليه وسلم "
(1) وسبق الكلام على: عظم الميتة وقرنها وظفرها وحافرها وعَصَبها وجلدها وشعرها وصوفها وريشها فأنظره.
إنها رجس ". أراد أنها محرمة، كقوله تعالى في الخمر والميسر والأنصاب والأزلام إنها "رجس"، ويحتمل أنه أراد لحمها الذي كان في قدورهم، فإنه رجس، فإن ذبح ما لا يحل أكله لا يطهره).
الترجيح:
الراجح نجاسة الجمار الأهلي، وذلك لما رواه الشيخان عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال:"أصبنا من لحوم الحمر، فنادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر، فإنها رجس» وقد سبق آنفا بيان أن لفظ: "الرجس" يشمل النجاسة الحسية والمعنوية، ويؤيده ما ورد في رواية لمسلم عن لحوم الحمر الأهلية: رجس» أو «نجس» .
ومما يؤكد نجاسة عينه وأن هذا الحكم غير خاص بلحمه ما رواه ابن خريمة عن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يتبرز فقال: «ائتني بثلاثة أحجار» فوجدت له حجرين وروثة حمار، فأمسك الحجرين وطرح الروثة، وقال:«هي رجس» والحديث أصله في الصحيح.
وأما ما استدل به ابن قدامة من أن ركوب الحمار وأن ذلك مظنة التلبس بعرقه، ففيه نظر لأن الغالب أن ركوبها يكون مصحوبا بإكاف أو برذعة وذلك مما يحول بين الملابس وعرق الحمار، كما أنه لا يستلزم من كل ركوب التنجس بعرقه وذلك لأن الغالب في ركوب الحمير أن يكون ذلك في المسيرات القصيرة.
وأما قوله: (لا يمكن التحرز منهما لمقتنيهما، فأشبها السنور) فيه نظر أيضا لأن النبي صلى الله عليه وسلم علل الترخيص في الهرة لمشقة التحرز منها، وهذا يحتمل أن يكون لصغر حجمها، أو لطوافها، أو لكلاهما وهو الأولى وعليه فلا يلحق به الحمار لكبر حجمه مما لا يشق معه التحرز منه، بل الغالب أن يكون محبوسا في حظائر خاصة داخل البيوت، كما أن تركه يجول في البيوت كالهر قد يعرض الأطفال للخطر والأماكن للتنجس ببوله وروثه كما أنه قد يلتف الأثاث نظرا لكبر حجمه.
• وأما البغل فإنه فرع عن الحمار فهو متولد من الحمار والخيل، والقاعدة أنه إذا اجتمع حلال وحرام غلب الحرام.