الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
29 -
حكم دعاء غير الله تعالى
س: إذا كان المسلم قد وقع في محنة أو ضيق، فدعا الله عز وجل ومن ثم دعا أحد الصالحين، مثال الشيخ عبد القادر الجيلاني، قدس الله سره أو غير ذلك من الصالحين، فهل هذا جائز أم لا، فقد دار جدال بيننا حول هذا الموضوع، وذكر أحد الإخوة بأنه سمع بأذنه، بأن إحدى الإذاعات ذكرت بأن المؤمن إذا وقع في ضيق يجب عليه أن يقول: يا عبد القادر ثلاث مرات، ويقول: يا ساكن بغداد يا راعي الحمراء، وحينئذ يفرج كربه في هذه الحالة، أو يدعو أحد الرجال الصالحين دون ذكر الله، أفيدونا أفادكم الله وشكر الله لكم؟ (1)
ج: الواجب على المسلم إذا وقع في ضيق وحاجة، أن يضرع إلى الله سبحانه، ويتوجه إليه جل وعلا، ويسأله حاجته وكشف كربته، كما قال الله عز وجل:{أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} (2)، فهو سبحانه يجيب المضطر، والقائل عز وجل:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (3)، وهو القائل سبحانه:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (4)
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط، رقم 123.
(2)
سورة النمل الآية 62
(3)
سورة البقرة الآية 186
(4)
سورة غافر الآية 60
فالواجب على المؤمن في هذه الحال إذا اضطر: أن يضرع إلى الله، وأن يفزع إليه سبحانه وتعالى، وأن يسأله تفريج كربته، وتيسير أمره، أما الفزع إلى عبد القادر أو إلى غيره من الناس، فهذا هو الشرك الأكبر، هذا شرك أكبر نعوذ بالله من ذلك، فلا يجوز أن يفزع الإنسان إلى عبد القادر، أو إلى السيد البدوي أو إلى الحسين أو إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أو إلى غيره من الناس، بل يجب الفزع إلى الله وحده، وهو القائل سبحانه:{فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (1) وهو القائل عز وجل: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (2) فهو جل وعلا الذي يجيب المضطر، ويكشف السوء ويجود على عباده سبحانه وتعالى، ولا ينبغي لأحد أن يغتر بما يفعله بعض الناس، من الفزع إلى الشيخ عبد القادر، أو إلى غيره، أو أنها تقضى حاجته في بعض الأحيان، هذا من باب الاستدراج، وقد يقضيها له بعض الجن، يستدرجه بذلك حتى يوقعه في الشرك الأكبر دائما، فلا ينبغي لعاقل أن يغتر، فكون حاجته قضيت لما دعا الشيخ عبد القادر أو غيره قد تقضى الحاجة بأسباب قدرها الله سبحانه وتعالى صادفت وقت دعائه لعبد القادر، وقد تكون حاجة يستطيعها بعض شياطين الجن، فيقضيها لك لأجل يستدرجك في الشرك، ويوقعك في الشرك مرة أخرى،
(1) سورة الجن الآية 18
(2)
سورة يونس الآية 106
والمقصود أن الواجب على المكلف أن يخلص لله عبادته، وأن لا يدعو معه أحدا سبحانه وتعالى، لا نبيا ولا غيره وهو يقول جل وعلا:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (1) ويقول سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (2)، ويقول عز وجل:{فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (3){أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (4).
وبهذا تعلم أيها السائل أن هذا الذي قيل لك، قول باطل ومنكر ومن الشرك الأكبر، وأن الواجب على جميع المسلمين، وعلى جميع المكلفين الإخلاص لله في العبادة، وألا يدعى أحد معه جل وعلا، لا ملك ولا نبي ولا صالح ولا غيرهم، ولا يدعى إلا الله وحده سبحانه وتعالى، لكن الأحياء لا بأس أن تدعو الحي القادر، يساعدك في شيء من الزكاة أو غيره لا بأس تقول لأخيك الحاضر: يا أخي ساعدني على إصلاح سيارتي، أو على عمارة بيتي، أو على قضاء الحاجة الفلانية، وهو حي حاضر يسمع كلامك، هذا لا بأس به كما قال الله عز وجل في قصة موسى:{فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (5)، وكما هو معلوم بين المسلمين أنهم يتساعدون في أمور دنياهم، وفي أمور دينهم والله يقول سبحانه:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (6) ويقول صلى الله عليه وسلم: «والله في عون
(1) سورة الفاتحة الآية 5
(2)
سورة البينة الآية 5
(3)
سورة الزمر الآية 2
(4)
سورة الزمر الآية 3
(5)
سورة القصص الآية 15
(6)
سورة المائدة الآية 2
العبد ما كان العبد في عون أخيه (1)» فالتعاون بين المسلمين فيما يقدرون عليه مشافهة، أو من طريق الكتابة أو من طريق الهاتف:(التلفون)، أو من غيره من الطرق الحسية المعروفة لا بأس بهذا، هذا شيء معروف جائز، لأنه طلب من مخلوق ما يقدر عليه، وهو حي حاضر يسمع كلامه، أو تكاتبه بذلك مكاتبة أو من طريق الهاتف، ونحو ذلك أما دعاء الأموات أو دعاء الغائبين من الملائكة والجن، أو دعاء الأحجار والأصنام والأشجار، هذا شرك أكبر. نسأل الله العافية والسلامة.
وهذا دين المشركين الأولين، دين أبي جهل وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة، وأبي لهب ونحوهم، هذا دينهم، يعبدون الأنبياء والأولياء ويستغيثون بهم، وينذرون لهم ويذبحون لهم، فكفرهم الله بهذا وقاتلهم نبيه محمد عليه السلام حتى أسلم من أسلم منهم، حتى ظهر دين الله عز وجل، فالواجب على كل مكلف أن يخص ربه بالعبادة، أينما كان يفزع إليه في جميع الشؤون، وجميع الحاجات وجميع الكربات، دون كل ما سواه سبحانه وتعالى، ولكن مثل ما تقدم لا بأس أن تستعين بأخيك الحاضر الحي، تستعين به في مزرعتك تحط عمالا في مزرعتك تستعين بهم في شؤونك، تستعين بإخوانك وهم أحياء يسمعون كلامك، أو بالكتابة أو بالبرقية أو بالهاتف أو بالتلكس، هذه أمور عادية غير داخلة في الشرك، إذا صارت في أمور يقدر عليها
(1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن، برقم 2699.