الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الناس من هذا الشرك الوخيم، وعليهم أن يتقوا الله وأن يعنوا بهذا الأمر، بالكتابة وفي خطب الجمعة، وفي غير ذلك، وهكذا زيارة القبور حتى ينبه الناس، القبر الذي يدعى من دون الله يزوره العالم ويقول: يا ناس هذا لا يجوز سلموا وادعوا له بالمغفرة والرحمة، أما أن تدعوه من دون الله، المدد، يا سيدي فلان اشفع لنا انصرنا، هذا ما هو من شأنه، هذا الشرك الأكبر. نعوذ بالله فيجب الحذر.
82 -
حكم الصلاة إلى القبور والتبرك بها
س: يوجد لدينا في القطر عادة ذلك بأنهم يصلون إلى قبر ويزورونه ويتبركون به، ويقولون: إنه من قبور الصحابة، نرجو أن توجهوا الناس، جزاكم الله خيرا؟ (1)
ج: القبور فتن بها كثير من الناس فيما مضى وفي هذه الأمة كانت اليهود والنصاري فتنت بذلك، وعبدوا القبور، واتخذوها أوثانا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:«لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)» ، وقال عليه الصلاة والسلام لما أخبرته اثنتان من نسائه، في الحبشة أنهما رأتا كنيسة في الحبشة وما فيها من الصور قال: «أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط، رقم 224.
(2)
أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390.
الصور أولئك شرار الخلق عند الله (1)» فجعلهم بهذا العمل شرار الخلق؛ لأنهم يعظمونهم بالتصوير والبناء ويسألونهم قضاء الحاجات وتفريج الكروب، ويتبركون بتراب قبورهم إلى غير هذا من أعمالهم القبيحة، ولهذا استحقوا اللعنة على ذلك، وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم في الصحيح:«ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (2)» ، وقال في حديث ابن مسعود:«إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء واللذين يتخذون القبور مساجد (3)» .
فالواجب الحذر من هذه الخصلة الذميمة التي سار عليها اليهود والنصارى، وهي تعظيم القبور بالبناء عليها، واتخاذ المساجد عليها والقباب، والتبرك بها، ودعاء أهلها، والاستغاثة بهم والذبح لهم، والنذر لهم، وطلبهم المدد، وهذا بلاء عظيم، بعضه بدعة وبعضه شرك، فاتخاذ المساجد على القبور بدعة، واتخاذ القباب وتجصيصها كل ذلك من البدع، ومن أسباب الشرك ووسائله، ولهذا ثبت في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه؛ لأن
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة برقم 434.
(2)
أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه برقم 4330.
(3)
أحمد (1/ 405).
تجصيصه والبناء عليه وسيلة للشرك والتعظيم، وهكذا اتخاذ القبة فوقه والمسجد فوقه كل هذا من أسباب الشرك، وهكذا القراءة عنده والصلاة عنده من البدع، أما السؤال بالمدد وطلبه الغوث هذا شرك أكبر، هذه عبادة لغير الله سبحانه وتعالى.
فالواجب على الأمة الحذر من ذلك، والواجب على العلماء بيان ذلك للأمة، وتحذيرهم من هذا الشرك، ومن هذه البدع لعلهم يسلمون منها، وهكذا كل من لديه علم يبثه في الناس ويعلمه الناس يقول الله سبحانه:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (1)، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول:«بلغوا عني ولو آية (2)» ، ويقول صلى الله عليه وسلم:«نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها ثم أداها كما سمعها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه (3)» ، وكان إذا خطب عليه الصلاة والسلام يقول للناس:«فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع (4)» ، وهذه
(1) سورة فصلت الآية 33
(2)
أخرجه الإمام البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل برقم 3461.
(3)
أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند أنس بن مالك رضي الله عنه برقم 12871.
(4)
أخرجه الإمام البخاري في كتاب الحج، باب الخطبة أيام منى برقم 1741.
البلية انتشرت في العالم في البلاد الإسلامية وغيرها وهي التعلق على القبور، والبناء عليها والتمسح بها وسؤالها الحاجات وتفريج الكروب والمدد، وهذا بلاء عظيم وشر كبير، يجب الحذر منه، والبدعة دائما تكون وسيلة للشرك، فأسباب هذا الشرك تعظيم القبور بالبناء عليها واتخاذ المساجد عليها والقراءة عندها، فلما وجدت هذه البدع جرت الناس إلى الشرك والغلو في القبور وعبادتها من دون الله بالدعاء والاستغاثة، والذبح لها، والنذر لها، وطلبها المدد، وهذا هو الشرك الأكبر. فيجب الحذر من ذلك والتوبة إلى الله من ذلك ويجب هدم البناء الذي على القبور، من المساجد وغيرها أن تكون القبور بارزة، ليس عليها بناء كما كان هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في البقيع، وهكذا في البلاد الإسلامية السليمة من هذه الفتنة وعلى العلماء وعلى الأمراء أمراء المسلمين أن يعالجوا هذه الأوضاع، وأن يزيلوها من بينهم، وأن يحذروا الناس منها وأن تكون القبور بارزة ليس عليها بناء لا قبة ولا مسجد، ولا غير ذلك. رزق الله الجميع الهداية والبصيرة.