الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذه الوسيلة التي فعلها المشركون مع الأصنام، ومع الأنبياء ومع الجن استغاثوا بهم ونذروا لهم، وزعموا أنهم يشفعون لهم، هذه باطلة، أبطلها الله وأبطلها الرسول صلى الله عليه وسلم وحذر منها الأمة، وأمرهم أن يخلصوا العبادة لله، وحده سبحانه وتعالى.
40 -
حكم قول: (بجاه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم) في الدعاء
س: الأخ ع. ع. من مصر يقول: ما حكم الوجاهة؟ وهل يصح أن نقول: بجاه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم اغفر لي، أو اغفر لوالدي، وما أشبه ذلك؟ (1)
ج: السؤال بالجاه بدعة، لا يجوز، ولكن تسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، وبإيمانك، وأعمالك الصالحة، هذا المشروع. أما أن تقول: اللهم إني أسألك بجاه محمد صلى الله عليه وسلم أو بجاه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، أو بجاه الأنبياء، أو بجاه الصالحين، هذا منهي عنه، ليس من الوسائل الشرعية. الله يقول جل وعلا:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (2) ما قال فادعوا بجاه الأنبياء، أو بجاه الصالحين. فتقول اللهم إني أسألك
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط، رقم 258.
(2)
سورة الأعراف الآية 180
بأسمائك الحسنى أن تغفر لي، وأن ترحمني، وأن تعلمني العلم النافع، وأن تفقهني في الدين، وأن تغنيني عن خلقك، وما أشبه ذلك، اللهم إني أسألك: لأنك الرحمن الرحيم، ولأنك العزيز الحكيم أن تغفر لي وترحمني، اللهم إني أسألك برحمتك وفضلك وإحسانك، أن تغفر لي وترحمني، اللهم إني أسألك لأنك الجواد الكريم، ولأنك العفو الغفور، إلى غير هذا من الأدعية مثل ما في الحديث الصحيح؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم قال للصديق رضي الله عنه لما قال الصديق:«يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي وفي بيتي؟ قال: " قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (1)» . هكذا علم الصديق، رواه الشيخان في الصحيحين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ربه، يقول:«اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (2)» . ويدعو الله بأسمائه سبحانه وتعالى وصفاته، فلا ينبغي لأحد أن يدعو الله بغير ما شرع، لا بجاه فلان ولا بحق فلان؛ لا بحق الأنبياء والصالحين، ولا بجاه الأنبياء والصالحين، ولا بأس أن تتوسل بالإيمان، تقول:
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب الدعاء قبل السلام برقم 834، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة باب استحباب خفض الصوت برقم 2705.
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الصلاة باب ما يقال في الركوع والسجود برقم 483.
اللهم إني أسألك بإيماني بك وبنبيك محمد صلى الله عليه وسلم أن تغفر لي، أو تعطيني كذا وكذا؛ اللهم إني أسألك بمحبتي لك، ومحبة نبيك وعبادك الصالحين أن تغفر لي وترحمني، لا بأس. التوسل بالإيمان والمحبة لله ولرسوله أو بالتوحيد، أو تقول: اللهم إني أسألك، بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم تقول: اللهم إني أسأل بتوحيدي لك وإيماني بك، وهكذا بالأعمال الصالحة الأخرى، تقول: اللهم إني أسألك ببري لوالدي، وبأدائي الأمانة، وبعفتي عما حرم الله، تسأل بأعمالك الطيبة، كله طيب. أما أن تسأله بجاه فلان، ليس عملك هذا، حق فلان ليس عملك، ولا هو من أسماء الله وصفاته، فلا تسأل به.
وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن ثلاثة ممن قبلنا آواهم مبيت ومطر إلى غار، فدخلوا فيه، من أجل المبيت والوقاية من المطر، فأراد الله جل وعلا أن أنزل عليهم صخرة، انحدرت عليهم بإذن الله، فغطت عليهم باب الغار، عظيمة ما استطاعوا دفعها؛ فقالوا فيما بينهم لن ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم (1)» ؛ الله جل وعلا قدر سقوط هذا الحجر على الغار، ليتوسلوا بهذه الوسائل وليعلم الناس فضل البر وفضل العفة عن الفواحش وفضل أداء الأمانة حتى يتأسوا بهؤلاء، ويستفيدوا من عمل هؤلاء، هذه نعمة من الله، فضل من الله. والنبي صلى الله عليه وسلم خبرنا بهذا، حتى نستفيد من هذه القصة، وأن بر الوالدين والعفة عن الفواحش، وأداء الأمانة من أعظم الأسباب في تفريج الكروب وتيسير الأمور، ومن
(1) البخاري الإجارة (2152)، مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2743)، أحمد (2/ 116).
أعظم الأسباب في النجاة من النار، لأن الكربة يوم القيامة، أعظم من كربة الدنيا، فالإنسان إذا اتقى الله وابتعد عن محارم الله وأدى ما أوجب الله عليه، فهذا من أسباب التفريج في الدنيا والنجاة في الآخرة، كما قال سبحانه:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (1){وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (2)، وقال سبحانه:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (3)، فأنت يا عبد الله وأنت يا أمة الله تذكرا جميعا في هذه القصة، قصة هؤلاء الثلاثة، واستفيدا من هذه القصة الفائدة العظيمة، وليتيقن كل واحد منا أن بر الوالدين من أعظم القربات ومن أفضل الطاعات، ومن أسباب تفريج الكروب، وتيسير الأمور. وهكذا العفة عما حرم الله، عن الزنى والفواحش من أفضل القربات ومن أعظم أسباب تيسير الأمور، وتفريج الكروب والنجاة من النار. وهكذا أداء الأمانة والعناية بالأمانة، وعدم الخيانة، كل ذلك من أسباب تفريج الكروب وتيسير الأمور ومن أسباب رضا الله سبحانه، وتيسير أمرك وإدخالك الجنة وإنجائك من النار. نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.
(1) سورة الطلاق الآية 2
(2)
سورة الطلاق الآية 3
(3)
سورة الطلاق الآية 4