الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
84 -
حكم الاستغفار لمن مات وهو يدعو أصحاب القبور
س: هل يجوز يا سماحة الشيخ الاستغفار لشخص من أحد أقاربي مات وأنا لا أدري أهو مات حسن الختام أم لا، علما بأنه كان يقدس الأولياء وأصحاب القبور والأضرحة، ويعتقد بأن هذا من الدين؟ (1)
ج: إذا كان ظاهره الشرك، والغلو في الأموات والدعاء بالأموات والاستغاثة بالأموات لا يدعى له، ولكن إذا كان ظاهره الإسلام، ولا تعلم عنه إلا الإسلام، فلا بأس تدعو له وتستغفر لأخيك، هذا مشروع، فالمؤمن يدعو لإخوانه ويستغفر لهم، كما قال أتباع المهاجرين وأصحاب عيسى:{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} (2)، فأنت تستغفر لإخوانك، تدعو لهم بالرحمة، إذا كان ظاهرهم الإسلام، أما من كان ظاهره الشرك وهو الغلو في القبور، ودعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، فهذا لا يدعى له؛ لأن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، وطلب الحوائج منهم، هذا من الشرك الأكبر، هذا دين المشركين، نسأل الله العافية، وهكذا دعاء الجن، ودعاء الأصنام، ودعاء الكواكب، كل هذا من الشرك الأكبر، يقول الله جل وعلا:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (3)
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط، رقم 411.
(2)
سورة الحشر الآية 10
(3)
سورة التوبة الآية 113
ولما مات أبو طالب على دين قومه قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لأستغفرن لك، ما لم أنه عنك (1)» ؛ فأنزل الله في ذلك هذه الآية: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (2) من مات على الشرك، فهو من أصحاب الجحيم، المقصود أن من كان معروفا بدعاء الأموات، والاستغاثة بأهل القبور، أو بالأصنام أو بالجن، أو بالكواكب أو بالملائكة، أو بالأنبياء، هذا كله شرك أكبر، داخل في قوله جل وعلا:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} (3)، وداخل في قوله سبحانه:{وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (4)، وداخل في قوله سبحانه:{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} (5)؛ وفي قوله: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (6)، وقال سبحانه:{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (7){بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} (8)
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب إذا قال المشرك لا إله إلا الله .. برقم 1360، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت
…
برقم 24.
(2)
سورة التوبة الآية 113
(3)
سورة النساء الآية 48
(4)
سورة لقمان الآية 13
(5)
سورة المائدة الآية 72
(6)
سورة الأنعام الآية 88
(7)
سورة الزمر الآية 65
(8)
سورة الزمر الآية 66
، وقال سبحانه:{وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (1)، وقال جل وعلا:{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (2)، القطمير: اللفافة التي على النواة: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (3)، هذا يعم الجميع، يعم الغائبين، ويعم الموتى من الأنبياء وغيرهم، إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم، لو قدرنا أنهم سمعوا لم يستجيبوا، ويوم القيامة يكفرون بشرككم، ينكرونه ويتبرؤون منكم، يقول سبحانه:{تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ} (4)، نسأل الله العافية.
(1) سورة المؤمنون الآية 117
(2)
سورة فاطر الآية 13
(3)
سورة فاطر الآية 14
(4)
سورة القصص الآية 63
س: يقول هذا السائل من السودان، سماحة الشيخ: في الحديث: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (1)» ؛ البعض من الناس يذهب لقبر أحد الأشخاص كأن يكون شيخا ويطلب منه كذا وكذا، هل يجوز ذلك، وما حكم من يفعل ذلك في الشرع، وكيف ندعو للميت من منطلق هذا الحديث: ابن صالح يدعو له، كيف ندعو بعد الممات، جزاكم الله خيرا؟ (2)
ج: يقول: اللهم اغفر لأبي أو أمي، اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم نجه من النار ونحو ذلك، هذا الدعاء له، أما دعاء الميت التوجه للميت، تقول: يا فلان انصرني أو أنا في حسبك، أو أغثني، هذا الشرك الأكبر، أو اشفع لي، أو أنا في جوارك أو ما أشبه ذلك، هذا الشرك الأكبر هذا فعل المشركين، مع اللات والعزى، ومع أصنامهم وهذا فعل المشركين مع الشيخ عبد القادر الجيلاني، ومع البدوي ومع الحسين لا يجوز هذا، لا يقول: سيدي فلان انصرني أو أنا في حسبك أو أنا في جوارك، أو اشفع لي هذا ما يقال للميت، يقال للحي، يقول للحي: اشفع لي، ادع الله لي، لا بأس الحي تقول له: ادع الله لي أن يغفر لي، ادع الله أن يرحمني هذا لا بأس، أما
(1) مسلم الوصية (1631)، الترمذي الأحكام (1376)، النسائي الوصايا (3651)، أبو داود الوصايا (2880)، أحمد (2/ 372)، الدارمي المقدمة (559).
(2)
السؤال التاسع والعشرون من الشريط، رقم 400.
الميت تقول له: يا فلان يا شيخ عبد القادر، أو يا حسين أو يا ست زينب، أو يا فلان وهو ميت ادع الله لي، هذا لا يجوز؛ لأنه غير قادر، هذا لا يستطيع شيئا، أو اشفع لي، هذا توسل بميت، لا يقدر كالذي يقول للصنم: انصرني أو اشفع لي من الجماد، لا قدرة له على شيء، فسؤال الأموات والاستغاثة بالأموات والتشفع بالأموات هذا هو عمل المشركين، وهذا هو المنكر، ولا يجوز، بل هو من الشرك الأكبر، نسأل الله العافية. ومثله الغائبون: يا ملائكة الله يا جبريل، يا ميكائيل أو الجن الفلانيون، يا جن الظهران، يا جن الحساء، يا جن أمريكا، يا جن مصر، أو يا جن الفلاني، كل هذا من الشرك الأكبر، وقد ذم الله بعض المشركين، في هذا وقال عنهم:{وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} (1)، يعني: زادوهم شرا وبلاء؛ فنسأل الله العافية.
(1) سورة الجن الآية 6