الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
98 -
حكم اعتقاد النفع والضر في الأولياء
س: أختنا تقول: عندما استمعت لهذا البرنامج استفدت الكثير والكثير، وخاصة عندما عرفت أن الأولياء والموتى لا يفيدون الإنسان، وعندما أخبرت أهلي بذلك اتهموني بأنني كافرة، وأن الأولياء سيضرونني، وأنهم يرونني في المنام، بأن هؤلاء الرجال الصالحين يلومونني، بماذا تنصحون مثل هؤلاء الذين تشبعت عقولهم بالخرافات، والتي تكاد في كل البلدان العربية تنتشر؟ (1)
ج: ننصح الجميع بأن يتقوا الله عز وجل ويعلموا أن السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة، باتباع النبي صلى الله عليه وسلم والسير على منهاجه عليه الصلاة والسلام، فهو سيد الأولياء وأفضل الأولياء، فالأنبياء هم أفضل الناس وهم أفضل الأولياء وأفضل الصالحين ثم يليهم بعد ذلك الأتقياء من عباد الله من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
فالأولياء هم أهل الصلاح والاستقامة على طاعة الله ورسوله، وعلى رأسهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فحبهم دين، حبهم في الله والتأسي بهم في الخير والأعمال الصالحات هذا هو المطلوب، ولكنه لا يجوز التعلق بهم وعبادتهم من دون الله، لا يجوز أن يدعوا
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط، رقم 80.
مع الله فلا يستغاث بهم ولا يطلب منهم مدد، كأن يقول: يا سيدي عبد القادر أغثني، أو يا رسول الله أغثني، أو يا علي أغثني، أو انصرني أو يا حسين أو يا فاطمة أو يا ست زينب أو كذا، هذا لا يجوز. الدعاء لله وحده، الله يقوله سبحانه:{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (1) ويقول سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (2) ويقول سبحانه: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} (3)، ويقول سبحانه:{وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (4) فسماهم كفرة بدعائهم غير الله، وقال سبحانه:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (5)، وقال جل وعلا:{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (6){إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (7) سبحانه وتعالى فبين سبحانه أن من يدعونه من دون الله من الأولياء وغير الأولياء، لا يسمعون دعاءهم ما بين ميت وما بين مشغول بشأنه مع الله فلا يسمعون دعاءهم في موتهم أو غيبتهم، ولو سمعوا ما استجابوا لهم ولا يستطيعون أن يستجيبوا لهم؛ لأن غفران الذنوب وتفريج الكروب
(1) سورة غافر الآية 60
(2)
سورة البقرة الآية 186
(3)
سورة النمل الآية 62
(4)
سورة المؤمنون الآية 117
(5)
سورة الجن الآية 18
(6)
سورة فاطر الآية 13
(7)
سورة فاطر الآية 14
بيد الله سبحانه وتعالى، ثم قال {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (1) سمى دعاءهم لأوليائهم شركا بالله سبحانه وتعالى كما سماه في الآيات الأخرى كفرا، فطلب المدد والغوث من الأموات والغائبين للاعتقاد أن لهم سرا وأنهم يسمعون مع البعد كل هذا باطل كله من الشرك بالله سبحانه وتعالى.
فالواجب على كل مسلم أن ينتبه لهذا الأمر، وأن يعرف أن اعتقاد الجهلة في الأولياء أو في الأنبياء، أنهم ينفعون أو يضرون وأنهم يغيثون من استجار بهم واستغاث بهم بعد الموت، وأنهم يعطونه مطالبه من غفران الذنوب وشفاء المرضى وغير هذا، كل هذا جهل كله شرك بالله عز وجل، فيجب الحذر من ذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم بعثه الله لإنكار هذا، بعثه الله إلى العرب والعجم إلى الجن والإنس، يدعوهم إلى توحيد الله والإخلاص له، وكانت العرب تعبد الأصنام والأولياء والأشجار والأحجار، فدعاهم إلى ترك هذا وحذرهم من هذا، وأمرهم بأن يعبدوا الله وحده، فتلا عليهم قوله سبحانه:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (2)، {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (3)، {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (4) إلى غيرها من الآيات.
فعلى المسلمين جميعا وعلى المكلفين وعلى كل من له أدنى بصيرة
(1) سورة فاطر الآية 14
(2)
سورة الإسراء الآية 23
(3)
سورة الفاتحة الآية 5
(4)
سورة البينة الآية 5
أن ينتبه لهذا الأمر، وألا يغتر بالمشركين وعباد الأوثان وعباد القبور، يجب أن يحذر من شبههم الباطلة، ويجب عليه أن يحذر من دعوتهم إلى الشرك، ويجب أن يلتزم بما شرعه الله لعباده، وما علمه عباده على يد الرسل عليهم الصلاة والسلام، وما أوضحه في كتابه العظيم، من وجوب العبادة لله وحده، وإخلاصها له وحده دون كل ما سواه، كما قال عز وجل:{فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (1) وأنت أيتها السائلة اشكري الله الذي علمك وأنقذك وبصرك حتى عرفت الحق، الذي جهله الناس، ولا تبالي بعيبهم لك أو وعيدهم لك، بالأولياء فإن هذا لا يضرك فهم جاهلون، ومتى اهتدوا عرفوا الحق الذي عرفته، وصاروا عونا لك إن شاء الله على الخير، نسأل الله أن يهدي الجميع.
(1) سورة غافر الآية 14