المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الصلاة في المساجد التي فيها قبور - فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر - جـ ٢

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌ حكم الذبح عند قبور الأولياء

- ‌ حكم الدعاء والصدقة عن الميت إذا شك في صلاح عقيدته

- ‌ حكم أكل الذبائح التي تذبح عند القبور

- ‌ حكم البقاء بين من يذبح لغير الله لقصد دعوتهم لتوحيد الله تعالى

- ‌ حكم الادعاء بمعرفة قبور الأنبياء عليهم السلام

- ‌ حكم التقرب للأولياء والطواف حول قبورهم

- ‌ حكم تسييب البهائم للقربى للزار أو غيره

- ‌ حكم تلطيخ الرأس بدم الدجاجة أو نحوها

- ‌ حكم الذبح لله في أماكن مخصوصة

- ‌ حكم الدوران بالدواب حول الجبال والوديان وذبحها للاستسقاء

- ‌ حكم الذبح لأجل بناء المنزل

- ‌ حكم من أظهر الإسلام ويذبح لغير الله

- ‌ حكم الذبح عند المنزل بعد الانتهاء من بنائه

- ‌باب ما جاء في النذر لغير الله

- ‌ بيان حكم النذر للأولياء والصالحين

- ‌ حكم نذر الذبائح للأئمة والصحابة

- ‌ حكم الأموال التي تنذر للأولياء

- ‌ بيان حكم النذر

- ‌ حكم التبرع للمساجد التي حولها قبور

- ‌ حكم الأموال التي يتبرع بها للقبور

- ‌ حكم النذر لأصحاب القبور ودعائهم من دون الله

- ‌ حكم النذر بالذبح عند القبر

- ‌ حكم أكل الذبيحة التي تذبح لغير الله

- ‌ حكم النذر بذبح الدجاج بناء على نصائح المشعوذين

- ‌باب ما جاء في دعاء غير الله تعالى

- ‌ حكم دعاء النبي صلى الله عليه وسلم والاستغاثة به

- ‌ بيان أن قبر الخضر عليه السلام لا يعرف مكانه

- ‌ حكم دعاء غير الله تعالى

- ‌ حكم دعاء الأولياء

- ‌ حكم من يدعو أصحاب القبور

- ‌ حكم الاستعانة والاستغاثة بالأموات

- ‌ حكم كتابة أسماء بعض الأولياء على السيارة لقصد سلامة الرحلة

- ‌ حكم التلفظ بكلمة (أرجو منك)

- ‌ حكم الغلو في محبة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب ما جاء في الشفاعة

- ‌ حكم طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره

- ‌باب ما جاء في التوسل

- ‌ بيان بعض شبه المتوسلين بالمخلوقين والرد عليها

- ‌ حكم قول: (بجاه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم) في الدعاء

- ‌ بيان أقسام التوسل الجائز والممنوع

- ‌ حكم التوسل بحق الأنبياء وذوات الملائكة

- ‌ بيان الفرق بين التوسل والوسيلة

- ‌ حكم التوسل بصفة من صفات الله تعالى

- ‌ بيان ما يجوز من التوسل وما لا يجوز

- ‌ حكم طلب الإنسان من شخص أن يدعو له

- ‌ حكم التوسل بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ حكم التوسل بحق فلان

- ‌ حكم التوسل بشرف فلان

- ‌ حكم التوسل ببركة رمضان

- ‌ حكم التوسل بالقرآن الكريم

- ‌ حكم التوجه إلى الله بالدعاء عند قبور الصالحين

- ‌ حكم الاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌باب ما جاء في التبرك

- ‌ حكم التبرك بتراب قبور الأولياء

- ‌ التعريف بأولياء الله تعالى

- ‌ حكم الطواف بالقبور

- ‌ حكم التبرك بقبور الأولياء

- ‌ حكم الدعاء ببركة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ حكم سؤال الأشخاص الذين يتنبئون بأشياء مستقبلية

- ‌باب ما جاء في الغلو في قبور الصالحين

- ‌ مذهب أهل السنة والجماعة في كرامات الأولياء

- ‌ أولياء الله هم أهل التقوى

- ‌ حكم التقرب للأولياء بالذبائح

- ‌ حكم التقرب للأولياء بالهدايا

- ‌ تحريم أجساد الأنبياء على الأرض خاص بهم دون غيرهم من الصالحين

- ‌ حكم مدح الرسول عليه الصلاة والسلام بشعر فيه غلو

- ‌ حكم تقبيل القبور والاستغاثة بها

- ‌ حكم التبرع بالأموال لقبور الأولياء

- ‌ حكم الاعتكاف وإقامة حلقات الذكر عند القبور

- ‌ الصلاة في المساجد التي فيها قبور

- ‌ حكم الصلاة عند القبور

- ‌ الرد على شبهة جواز الاستغاثة من الأموات

- ‌ حكم شد الرحال لزيارة قبور الصالحين

- ‌ حكم غسل قبور الأولياء والتمسح بها

- ‌ حكم نصب القباب على قبور الصالحين

- ‌ حكم ذبح الذبائح عند القبور وأكل لحمها

- ‌ حكم زيارة قبور الصالحين لجلب النفع ودفع الضر

- ‌ حكم الصلاة إلى القبور والتبرك بها

- ‌ حكم من يعتقد النفع والضر في أهل القبور

- ‌ حكم الاستغفار لمن مات وهو يدعو أصحاب القبور

- ‌ حكم من مات وهو يسأل أصحاب القبور شفاء المرضى وتفريج الكرب

- ‌ حكم من يسأل أصحاب القبور الرحمة والخير

- ‌ التفصيل بين زيارة القبور الشرعية والزيارة الشركية

- ‌ حكم زيارة الأضرحة في الإسلام

- ‌ حكم شد الرحال إلى قبور الأولياء والصالحين

- ‌ حكم توزيع الأطعمة عند الأضرحة وسؤالها قضاء الحوائج

- ‌ الرد على شبهة من أجاز دفن الميت في المسجد بحجة دفنه عليه الصلاة والسلام في مسجده

- ‌ بيان الحكم في القبة الخضراء على قبره عليه الصلاة والسلام

- ‌ بيان مكان قبر الحسين رضي الله عنه

- ‌ حكم الاحتفال والذبح عند القبور

- ‌ حكم الطواف بالقبور

- ‌ حكم إيقاد السرج على القبور وذبح النذور لها

- ‌ حكم قطع الأشجار التي على القبور

- ‌ حكم اعتقاد النفع والضر في الأولياء

- ‌ حكم تقديم النذور لمزارات الأولياء

- ‌ حكم الأكل من الذبائح التي يتقرب بها إلى أصحاب القبور

- ‌ حكم اتخاذ قبور الأولياء أعيادا

- ‌ جميع قبور الأنبياء لا تعرف سوى قبري نبينا وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام

- ‌ التحذير ممن يغالون في الأولياء

- ‌ حكم العذر بالجهل في عباد القبور والأضرحة

الفصل: ‌ الصلاة في المساجد التي فيها قبور

أما الحي الحاضر الذي يسمع كلامك، أو من طريق المكاتبة، أو الهاتف تقول له: افعل كذا، وتأمره بكذا، لا بأس عن طريق الهاتف، عن طريق المكاتبة، أو حاضر عندك، تقول له افعل كذا، أصلح سيارتي، اسق نخلي، أرسل لي كذا وكذا لا بأس بهذا، هذه أمور عادية لا بأس بها، ولهذا قال الله سبحانه في قصة موسى:{فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (1) يعني حاضرا عنده، يقدر على إغاثته، بخلاف دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات أو الغائبين، أو الجن، أو الملائكة أو الأشجار أو الأحجار، هذا كله من الشرك الأكبر.

(1) سورة القصص الآية 15

ص: 222

73 -

‌ الصلاة في المساجد التي فيها قبور

س: في مدينة دنقلا بالسودان، مسجد كبير وبه ضريحان لشخصين، يعتقد الناس أنهما من الصالحين، وهذه الأضرحة تزار وتقدم لها القربان، والمقابر من جهة القبلة، ويفصل بينها وبين المصلين حائط المصلى فقط؛ هل يجوز لي أن أصلي في هذا المسجد، لتبليغ الدين، علما بأن المسجد يجمع ناسا كثيرين، من مناطق مختلفة وإذا صليت ما حكم صلاتي، هل أعيدها أم ماذا أفعل؟ (1)

(1) السؤال الثامن من الشريط، رقم 199.

ص: 222

ج: بناء المساجد على القبور منكر عظيم، وهو من وسائل الشرك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1)» ، فلا يجوز البناء على القبور ولا اتخاذ المساجد عليها، ولا جعلها مصلى، فالمسجد الذي فيه قبر أو أكثر، لا يصلى فيه والصلاة فيه غير صحيحة؛ لأن الرسول نهى عنها، ولعن من فعل ذلك، عليه الصلاة والسلام.

وقال في الحديث الآخر الذي رواه مسلم، في الصحيح:«ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (2)» ، فنهى عن اتخاذ القبور مساجد، قال: إنه ينهى عنها، ولعن من فعلها وذمه، فلا يجوز للمسلمين أن يصلوا في المساجد، التي فيها القبور بل يجب نبشها، فعلى الدولة وعلى أهل الحل والعقد، أن ينبشوها ويجعلوها في مقابر المسلمين؛ لتبقى المساجد ليس فيها قبور على الدولة إذا كانت تدين بالإسلام، أن تنبش هذه القبور التي في المساجد، وأن تجعلها مع المسلمين في مقابرهم، حتى تخلو المساجد من القبور، هذا إن كانت القبور بعد المسجد، أما إن كان المسجد بني عليها وهي قديمة، فالواجب أن يهدم المسجد، ولا يصلى فيه ويلتمس

(1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390.

(2)

أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور .. برقم 532.

ص: 223

أهل الحي أرضا أخرى، ليس فيها قبور فيعمرون فيها مسجدا، ويصلون فيه، أما المسجد الذي بني على القبور، فالواجب هدمه لأنه أسس على معصية الله، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه:«نهى عن تجصيص القبور، والقعود عليها والبناء عليها (1)» ، رواه مسلم في الصحيح من حديث جابر رضي الله عنه، والخلاصة أن القبر إن كان جديدا، والمسجد هو الأسبق، وجب نبش القبر، ونقل الرفات إلى المقابر الأخرى، تجعل في حفرة ينصب ظاهرها كالقبر، وهكذا لو كان أكثر من قبر، قبرين أو ثلاثة، كلها تنقل كل رفات قبر تجعل في حفرة وحدها في المقابر العامة، يجعل ظاهرها كظاهر القبور، حتى لا تمتهن ويبقى المسجد خاليا.

أما إن كانت القبور هي الأصل، والمسجد هو الحادث بني عليها فيهدم؛ لأنه أسس على غير التقوى، على المعصية فيهدم ويبنى لأهل الحي مسجد في محل آخر ليس فيه قبور، طاعة لله ورسوله عليه الصلاة والسلام، وعملا بما دلت عليه النصوص، وتحذيرا للمسلمين من الشرك وقطعا لوسائله؛ لأن وجود القبور في المساجد من وسائل الشرك، من وسائل الغلو فيها، ووسائل دعائها والاستغاثة بها، والطواف بها ولا حول ولا قوة إلا بالله، فيجب الحذر من ذلك، أما

(1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه برقم 970.

ص: 224

إن كان القبر خارج المسجد، عن يمينه أو شماله أو أمامه أو خلفه وليس في داخله، فالصلاة صحيحة، لكن لو تيسر إبعاده في المقابر، يكون أولى حتى لا يغلو فيه أحد، إذا كان خارج المسجد خارج بناء المسجد، عن يمين أو شمال أو أمام أو خلف، الأولى والأفضل أن ينقل لا يبقى القبر عند المسجد، لئلا يغلى فيه وينقل للمقابر العامة، ولكن الصلاة صحيحة؛ لأن المسجد سليم من القبور ليس في داخله قبور، ونسأل الله أن يوفق ولاة أمر المسلمين لتطهير بلادهم من آثار الشرك ووسائله وأن يعينهم على كل خير، وأن يصلح قلوبهم وأعمالهم، وأن يوفق العلماء للقيام بما يجب من النصيحة لولاة الأمور، وإرشادهم إلى الخير وإعانتهم عليه.

فإن واجب العلماء عظيم في كل مكان، في السودان وفي غير السودان، وواجب العلماء عظيم، يجب عليهم أن يرشدوا الناس إلى أن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات أمر منكر، بل شرك أكبر، فإنه لا يجوز الطواف بالقبور، ولا دعاء أهلها، والاستغاثة بهم ولا أن يطلب منهم المدد، هذا منكر عظيم وشرك أكبر. فالواجب على أهل العلم في السودان، وفي مصر وفي الشام والأردن وفي كل مكان، وفي هذه الجزيرة كلها، في اليمن والخليج في كل مكان؛ الواجب على العلماء أن يبينوا أمر الله، ويرشدوا الناس إلى توحيد الله وطاعة الله، وأن ينكروا عليهم المنكرات، حتى يعرف الناس المنكر وحتى يحذروه، فالعلماء هم ورثة الأنبياء، وعليهم واجب عظيم هو واجب الدعوة والبلاغ، والأمر

ص: 225

بالمعروف والنهي عن المنكر، في كل بلد وفي كل دولة، وعلى العلماء إذا كانت الدولة كافرة، أن يرفعوا إليها ويبينوا لها أن هذا الأمر كذا وكذا، حتى تسمح لهم بعمل ما شرع الله، لأنه لا بد من قوة تعين على إزالة المنكر؛ لأن العامة الجهلة قد يعترضون على أهل العلم، فلا بد من الاستعانة بالله ثم بالدولة، حتى تعينهم على هدم المساجد التي بنيت على القبور، وحتى تعينهم على نقل القبور التي وضعت في المساجد تنقل رفاتها إلى المقابر العامة، وليس لأحد أن يفعل ما يحصل به التشويش، بل عليه أن يستأذن من ولاة الأمور، حتى تجري الأمور على طريقة حسنة مضبوطة من جهة ولاة الأمور.

وإذا كان ولي الأمر قد جعل الأمر لأمير البلد، وعلماء البلد قاموا بالواجب: العلماء يرفعون لأمير البلد، وأمير البلد ينفذ ويتعاون الجميع على البر والتقوى، كما قال سبحانه وتعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (1)؛ ولا يجوز للعالم السكوت عن هذا الأمر العظيم، والخطر الكبير يجب على أنصار السنة في مصر والشام والسودان وفي كل مكان، وعلى العلماء جميعا في كل مكان أن يبينوا للناس أمر الله، وأن يشرحوا لهم حقيقة الدين، وأن يوضحوا لهم أنواع الشرك الأكبر والأصغر، وسائر المعاصي حتى يجتنبوها، وحتى يحذروها، ويجب على العلماء أن ينكروا على الناس دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات والنذر للأموات، والذبح لهم وأن يجعل صناديق للنذور، هذا منكر عظيم

(1) سورة المائدة الآية 2

ص: 226

وشر وخيم، يجب على العلماء أن ينكروه بغاية النشاط، وبالأساليب الحسنة التي يحصل بها إنكار المنكر، فلا يحصل بها تشويش مع ولاة الأمور، بل يتصلون بولاة الأمور، ويخبرونهم بما يجب حتى تتفق الكلمة مع ولاة الأمور في إنكار المنكر، والقضاء على أسباب الشرك والفساد والشرك، فالعلماء واجبهم عظيم، وهم مسئولون أمام الله يوم القيامة، مسئولون عما قصروا فيه، وعما لم يقوموا به من الواجب، هم ورثة الرسل، هم خلفاؤهم، يقول الله سبحانه:{فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} (1){عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2) ولا سيما ما يتعلق بالعقيدة والشرك والتوحيد، هي أعظم من غيره.

وأصل الدين وأساس الملة عبادة الله وحده، وهو معنى لا إله إلا الله، فإن معناها لا معبود حق إلا الله، كما قال سبحانه:{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (3)؛ وقال سبحانه في سورة لقمان: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ} (4) فدعوة الأموات والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم وطلب المدد منهم هذا من الشرك الأكبر، سواء كانوا أنبياء أو صالحين أو غيرهم، هذا حق الله، العبادة حق الله وحده لا يدعى إلا الله ولا يستغاث إلا به، الأموات قد انقطعت أعمالهم، إلا مما شرع الله من صدقة جارية، أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو لأبيه وأمه،

(1) سورة الحجر الآية 92

(2)

سورة الحجر الآية 93

(3)

سورة البقرة الآية 163

(4)

سورة لقمان الآية 30

ص: 227

المقصود أنهم لا يدعون مع الله، ولا يستغاث بهم ولا ينذر لهم، ولا يذبح لهم، ولا يطلب منهم المدد، ولو كانوا عظماء في الدين كالعلماء والرسل، لا يجوز هذا أبدا، بل دين الله سبحانه إخلاص العبادة لله وحده؛ قال تعالى:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (1)؛ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (2)؛ {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (3)، هكذا يقول سبحانه، ويقول عز وجل:{فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (4)؛ {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (5)، أما الحي القادر، لا بأس أن يستعان به، الحي القادر، تقول لأخيك: أعني على كذا يسمع كلامك، أو من طريق الكتابة تقول: يا أخي ساعدني على كذا، أعني على مزرعتي على إصلاح سيارتي، اشتر لي كذا، لا بأس بالتعاون بين الأحياء، أما دعاء الأموات أو دعاء الغائبين يسمعون وهم غائبون بدون واسطة، هذا شرك أكبر، أو دعاء الجن أو دعاء الملائكة، أو الاستغاثة بهم هذا هو الشرك الأكبر، بعث الله الرسل لإنكاره والنهي عنه والتحذير منه، وهو مصادم لقوله عز وجل:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (6)؛ ولقوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (7)؛ ولقوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (8) نسأل الله أن يوفق ولاة الأمور، من الأمراء والعلماء لكل ما فيه صلاح

(1) سورة الإسراء الآية 23

(2)

سورة الفاتحة الآية 5

(3)

سورة الذاريات الآية 56

(4)

سورة غافر الآية 65

(5)

سورة الزمر الآية 2

(6)

سورة الفاتحة الآية 5

(7)

سورة الإسراء الآية 23

(8)

سورة الذاريات الآية 56

ص: 228

العباد والبلاد، وأن يعينهم على كل خير ويصلح لهم البطانة، وأن يجعلهم هداة مهتدين، وإيانا وسائر إخواننا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وإذا كان القبر في هذا المسجد لا يصلي معهم، إنما يجلس وينبههم أو في أوقات أخرى، في غير هذا المسجد، جماعات أخرى، أما إذا كان القبر خارج المسجد لا بأس يصلي معهم، ويذكرهم بالله، ويعلمهم دينهم، أما إذا كان القبر في داخل المسجد، فلا يصلي فيه:«لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1)» ، هكذا قال عليه الصلاة والسلام، ولكن المؤمن يتحرى الأوقات المناسبة، فإذا جاء وقد صلوا ذكرهم، أو ذكرهم قبل الصلاة، وقال: أحب أن أصلي معكم لولا هذا القبر، والمساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها، ويرشدهم أو بعد الصلاة يرشدهم ويعلمهم لا حرج في ذلك والحمد لله.

س: ما حكم البناء على القبر بما في ذلك المسجد؟ (2)

ج: أما البناء على القبور فهو محرم سواء كان مسجدا أو قبة أو أي بناء لا يجوز ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن اليهود، قال:«لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (3)» فعلل اللعنة

(1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390.

(2)

السؤال الحادي عشر من الشريط، رقم 10.

(3)

أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390.

ص: 229

باتخاذهم المساجد على القبور، فدل ذلك على تحريم البناء على القبور، وأنه لا يجوز، واتخاذها مساجد من أسباب الفتنة بها، لأنها إذا وضعت عليها المساجد افتتن بها الناس، وربما دعوها من دون الله واستغاثوا بأهلها فوقع الشرك، وفي حديث جندب بن عبد الله البجلي عند مسلم في صحيحه يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (1)» ، هكذا يقول صلى الله عليه وسلم يحذرنا من اتخاذ المساجد على القبور، فينبغي لأهل الإسلام أن يحذروا ذلك، بل الواجب عليهم أن يحذروا ذلك، وفي حديث جابر عند مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن تجصيص القبور وعن القعود عليها أو البناء عليها، فالبناء عليها منهي عنه مطلقا واتخاذ القباب والمساجد عليها كذلك؛ لأن ذلك من وسائل الشرك إذا بني على القبر المسجد أو القبة ونحو ذلك عظمه الناس، وفتن به الناس، وصار من أسباب الشرك به، ودعاء أصحاب القبور من دون الله عز وجل، كما هو واقع في دول كثيرة وبلدان كثيرة عظمت القبور، وبنيت عليها المساجد وصار الجهلة يطوفون بها، ويدعونها ويستغيثون بأهلها، وينذرون لهم ويتبركون بقبورهم ويتمسحون بها، كل هذا وقع بأسباب البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، وهذا من باب الغلو الذي حرمه الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إياكم والغلو في الدين فإنما

(1) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم 532.

ص: 230

أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين (1)»، وقال:«هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون (2)» ، يعني: المتشددين الغالين.

والخلاصة أنه لا يجوز البناء على القبور لا مسجد ولا غير مسجد ولا قبة وأن هذا من المحرمات العظيمة، ومن وسائل الشرك، فلا يجوز فعل ذلك، وإذا وقع فالواجب على ولاة الأمور إزالته وهدمه وأن لا يبقى على القبور مساجد، ولا قباب بل تبقى ضاحية مكشوفة كما كان هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم والسلف الصالح، ولأن بناء المساجد على القبور من وسائل الشرك، كذلك القباب والأبنية الأخرى كلها من وسائل الشرك فلا تجوز بل الواجب إزالتها وهدمها؛ لأن ذلك هو مقتضى أمر النبي صلى الله عليه وسلم، هو أمر عليه الصلاة والسلام بأن تزار القبور للذكرى والعظة ونهى عن البناء عليها، واتخاذ المساجد عليها؛ لأن هذا يجعلها آلهة يجعلها أوثانا تعبد من دون الله، فوجب امتثال أمره بالزيارة يعني شرع لنا أن ننفذ الأمر بالزيارة المشروعة فالزيارة مستحبة، يشرع لنا أن نزورها للذكرى والدعاء لأهلها بالمغفرة والرحمة، لكن لا نبني عليها لا مساجد ولا قبابا ولا أبنية أخرى؛ لأن البناء عليها من وسائل الشرك، والفتنة

(1) أخرجه الإمام أحمد في مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن العباس رضي الله عنه برقم 1854.

(2)

أخرجه مسلم في كتاب العلم، باب هلك المتنطعون برقم 2670.

ص: 231

بها من الجهة الأخرى، وهي وضع القبور في المساجد يدفن الميت في المسجد، هذا لا يجوز أيضا بعض الناس إذا مات قال: ادفنوني في المسجد هذا لا يجوز دفنه في المسجد بل يجب أن ينبش وينقل إلى المقبرة إذا دفن أحد في المسجد ينبش وينقل إلى المقبرة ولا يجوز بقاؤه في المسجد أبدا، هذا هو الواجب على أهل الإسلام ألا يدفنوا في المساجد يعني ليس لأحد أن يدفن في المسجد ينبش ينقل إلى المقبرة العامة.

س: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «ألا إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (1)» ، وله أحاديث تنهى عن بناء المساجد على القبور، فإذا وجد القبر، فعلينا التسوية، والمسجد النبوي أسأل الله أن يطعمني زيارته، ولكن من زار المسجد النبوي، وجد أن قبر النبي بارز غير مسوى مع الأرض، ويصلى عليه أحيانا، أنا أسأل مع السائلين هل هناك رخصة لقبر النبي صلى الله عليه وسلم فقط وهذا غير وارد. أفتونا جزاكم الله خيرا؟ (2)

ج: النبي صلى الله عليه وسلم دفن في بيته، والصحابة رأوا دفنه في البيت حتى لا يتخذ قبره مسجدا، هذا هو الأصل لكن لما وسع أمير المؤمنين في وقته الوليد بن عبد الملك في المائة الأولى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم أدخل

(1) مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532).

(2)

السؤال الثالث والثلاثون من الشريط، رقم 306.

ص: 232

الحجرة في المسجد، ومن ذلك الوقت دخلت في المسجد، وإلا فهو مدفون في بيته عليه الصلاة والسلام، فلا حجة فيه لأحد من الناس؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لم يدفن في المسجد، وإنما دفن في بيته، ودخلت الحجرة برمتها في التوسعة.

أما الناس فلا يجوز لهم أن يدفنوا في المساجد، والرسول صلى الله عليه وسلم لعن من فعل ذلك، قال:«لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1)» ، فلا يجوز الدفن في المساجد، ولا يجوز بناء مساجد على القبور، فكل هذا منكر، لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله، والواجب الحذر من ذلك، أما قبر النبي صلى الله عليه وسلم فلم يدفن في المسجد، بل دفن في بيته، ولكن عند التوسعة أدخل البيت في المسجد، وكان هذا من أخطاء الوليد عفا الله عنه.

(1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390.

ص: 233

74 -

حكم من يقصد قبور الأولياء للغوث والشفاعة

س: السائل من الجزائر يقول: تعلق بعض الناس بالصالحين وهم موتى، فترى هذا الإنسان يذهب إلى هؤلاء الموتى يطلب منهم قضاء الحاجات، وتفريج الكربات مع أن هؤلاء ماتوا، ويزعم أنهم صالحون، ما حكم عمل هؤلاء مأجورين؟ (1)

ج: ما يفعله بعض الناس من الذهاب إلى قبور الصالحين، أو قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ويستغيث، هذا من الشرك الأكبر، هذا شرك المشركين، هذا شرك الجاهلية نعوذ بالله، كان في الجاهلية، يطلبون من الموتى، كما كانوا يسألون اللات ويتقربون إليه وهو رجل صالح، يزعمون أنه كان يلت سويق الحاج فمات فعكفوا على قبره وصاروا يسألونه من دون الله يستغيثون به، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:«ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (2)» .

فالواجب على كل مكلف أن يتقي الله وأن يراقب الله، وأن يخص الله بالعبادة، فلا يدعو إلا الله ولا يستغيث إلا به، ولا يستجير إلا به هو سبحانه الذي يدعى ويرجى، قال تعالى:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (3)

(1) السؤال من الشريط، رقم 419.

(2)

أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم 532.

(3)

سورة الجن الآية 18

ص: 234

قال سبحانه: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (1)، قال تعالى:{وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (2)، قال تعالى:{وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (3)، يعني: المشركين، فالذي يقصد أصحاب القبور وإن كانوا صالحين، ويسألهم الغوث أو الشفاعة أو غفران الذنوب، أو السلام من شر الأعداء كل هذا شرك بالله، شرك أكبر، وهكذا دعاء الجن والاستغاثة بالجن، أو بالأصنام والأوثان كل هذا من الشرك الأكبر، نسأل الله العافية.

فالواجب الحذر من ذلك، هذا هو دين المشركين، دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات وبالأصنام وبالجن والنجوم هذا شرك المشركين، هذا دينهم الباطل، نسأل الله العافية.

(1) سورة غافر الآية 60

(2)

سورة المؤمنون الآية 117

(3)

سورة يونس الآية 106

ص: 235