الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
93 -
بيان مكان قبر الحسين رضي الله عنه
س: كثر كلام الناس، واختل حول قبر سيدنا الحسين أين مكانه، وهل يستفيد المسلمون من معرفة مكانه بالتحديد؟ (1)
ج: الصواب أنه كان بالعراق جسده؛ لأنه قتل في العراق، أما رأسه فاختلف فيه فقيل في الشام، وقيل في مصر وقيل غير ذلك، والصواب: أن الذي في مصر ليس قبره، إنما هو غلط وليس رأس الحسين، وقد ألف في هذا بعض أهل العلم، وبينوا أنه لا أصل لوجود رأسه في مصر، ولا وجه لوجوده في مصر، وإنما الأغلب أنه في الشام؛ لأنه نقل إلى يزيد بن معاوية وهو في الشام، فلا وجه للظن أنه في مصر، بل إما أنه في الشام؛ في مخازن الشام؛ وإما أعيد إلى جسده في العراق، وبكل حال فليس للناس حاجة في هذا، ليس للناس حاجة أن يعرفوا رأسه أين دفن، وأين كان، إنما الدعاء له بالمغفرة والرحمة، غفر الله له ورضي الله عنه قتل مظلوما، فيدعى له بالمغفرة والرحمة ويرجى له خير كثير، هو وأخوه الحسن، سيدا شباب الجنة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: فهو مظلوم له الأجر العظيم، وترجى له الشهادة، مع أنه وأخاه كما تقدم جاء فيهما الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:«أنهما سيدا شباب أهل الجنة (2)» ومن عرف
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط، رقم 95.
(2)
أخرجه أحمد في مسند المكثرين، مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه برقم 10616.
قبره وسلم عليه، ودعا له فلا بأس، كما تزار القبور الأخرى إنما يزار قبره إذا عرف، مثل بقية قبور المسلمين بالدعاء لهم، والترحم عليهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (1)» فمن زار قبر الحسين أو الحسن، أو فلان أو فلان للدعاء لهم، والترحم عليهم والاستغفار لهم، كما يفعل مع بقية القبور هذا سنة، أما زيارة القبور لدعائها من دون الله، أو الاستغاثة بها أو التمسح بترابها، هذا من المنكرات لا يجوز ولا يبنى عليها، لا قبة ولا مسجد ولا غير ذلك؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال:«لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)» وروى جابر في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه نهى عن تجصيص القبور، وعن القعود عليها وعن البناء عليها (3)» فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن تجصيص القبر، وعن القعود عليه وعن البناء عليه، فلا يبنى عليه قبة ولا مسجد، ولا غير ذلك ولا يجوز أيضا أن يجصص أو يطيب، أو توضع عليه الستور، كل هذا ممنوع ولا يصلى عنده، يقول عليه الصلاة والسلام:«ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (4)» خرجه مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله البجلي، وهذا يدل على أنه لا تجوز الصلاة عند القبور، ولا اتخاذها مساجد، لماذا؟ لأنه وسيلة للشرك ووسيلة لأن يعبد من
(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569.
(2)
أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390.
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه برقم 970.
(4)
أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم 532.
دون الله، بدعائهم والاستغاثة بهم والنذر لهم، والتمسح بقبورهم، فلهذا حذر النبي من هذا عليه الصلاة والسلام، وإنما تزار القبور فقط بالسلام عليهم والدعاء لهم، والترحم عليهم: الدعاء لهم لا دعاؤهم من دون الله، وإنما يدعى لهم غفر الله لك يا فلان، رحمك الله رضي الله عنك، كفر الله سيئاتك. أما إذا قال يا سيدي أنا بجوارك، أنا في حسبك اشفع لي، انصرني اشف مريضي، هذا منكر لا يجوز هذا من دعاء غير الله، من أنواع الشرك الأكبر نسأل الله السلامة.
الزيارة الشرعية جائزة، أما الزيارة البدعية التي تقصدها بالتمسح بالقبور أو دعائهم أو الاستغاثة بهم، هذا منكر لا يجوز مطلقا، والزيارة الشرعية تجوز لكن من دون سفر، من دون شد الرحل إذا كان في البلد نفسه زاره في البلد، أما أن يشد الرحل يسافر لأجل زيارة القبر، هذا لا يجوز؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى (1)»
س: هل جثة الحسين في العراق أو في الشام أو في مصر؟ (2)
ج: المعروف أن جثة الحسين في العراق وليست في مصر، وليست في الشام، وإنما دفن في العراق والذي في مصر، ليس له
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة برقم 1189.
(2)
السؤال الحادي والعشرون من الشريط، رقم 143.
أصل، وإنما هي دعوى لا حقيقة لها وأقبح من ذلك وأشد من ذلك دعاؤه والاستغاثة به والطواف بقبره، هذا من أعظم المنكرات والقبائح ومن الشرك الأكبر، فإن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم والتقرب إليهم، بالذبائح كل ذلك من المنكرات العظيمة، ومن الشرك الأكبر سواء كان المدفون الحسين، أو غير الحسين، وهكذا ما يفعل عند قبر البدوي، أو الست زينب، أو غير ذلك كله يجب تركه، وإنما تجوز الزيارة فقط، للميت ويدعى له بالمغفرة والرحمة، سواء كان الحسين أو غير الحسين.
أما أن يدعى الأموات من دون الله ويستغاث بهم وينذر لهم، ويطلب منهم الشفاء أو النصر على الأعداء هذا كله من عمل الجاهلية، ومن عمل المشركين الأولين، من الشرك الأكبر، وهكذا الطواف بقبورهم، رغبة فيما عندهم من السر، كما يقول عبادهم من دون الله، كل هذا منكر عظيم، والطواف عبادة عظيمة لله، ولا يجوز إلا حول الكعبة المشرفة، القبور لا يطاف بها، ولا يسأل أهلها شفاء ولا نصرا على الأعداء، ولا غير هذا وإنما يزارون إذا كانوا مسلمين، ويدعى لهم بالمغفرة والرحمة، وفي ذلك عبرة وذكرى للزائر يذكر الموت ويذكر الآخرة، أما العبادة فحق الله وحده، هو الذي يدعى ويرجى سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (1)، وقاله سبحانه:
(1) سورة البينة الآية 5
{فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (1)، وقال عز وجل:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (2)، والآيات في هذا المعنى كثيرة، كلها تدل على وجوب إخلاص العبادة لله وحده وأنه هو الذي يدعى سبحانه، ويرجى ويخاف وهو الذي يتقرب إليه بالذبائح والنذور، وغير هذا من العبادات كما قال سبحانه:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} (3) يعني: قل يا محمد للناس، قل يا أيها الرسول للناس:{إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} (4) يعني ذبحي {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (5){لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (6)، وقال سبحانه يخاطب نبيه عليه الصلاة والسلام:{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (7){فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (8)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه علي رضي الله عنه:«لعن الله من ذبح لغير الله (9)» .
فالواجب على جميع المسلمين التفقه في الدين وتبصير الجاهل وتعليمه، وهذا من حق العلماء ومن واجب العلماء، أن يبصروا الناس سواء كان ذلك فيما يتعلق بقبر الحسين، أو غيره في مصر وغير مصر. الواجب على العلماء: علماء الحق، أن يبصروا الناس، وأن يعلموهم أن دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات والنذر للأموات أمر منكر، بل من الشرك الأكبر، وهكذا الطواف بقبورهم، أمر منكر، الطواف عبادة لله،
(1) سورة الزمر الآية 2
(2)
سورة الجن الآية 18
(3)
سورة الأنعام الآية 162
(4)
سورة الأنعام الآية 162
(5)
سورة الأنعام الآية 162
(6)
سورة الأنعام الآية 163
(7)
سورة الكوثر الآية 1
(8)
سورة الكوثر الآية 2
(9)
أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله، برقم 1978، والنسائي في كتاب الضحايا، باب من ذبح لغير الله عز وجل، برقم 4422، والإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم 857.
ولا تفعل إلا عند الكعبة عند البيت الشريف في مكة المكرمة، فالقبور لا يطاف بها، ولا يدعى أهلها من دون الله، ولا يستغاث بهم ولا ينذر لهم، ولا يذبح لهم إلا إذا كانوا مسلمين، فإنه يسلم عليهم ويدعى لهم بالمغفرة والرحمة، هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يزور البقيع ويدعو لأهله بالمغفرة والرحمة، ويقول لأصحابه يعلمهم إذا زاروا القبور، أن يقولوا:«السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (1)» .
هكذا كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، وهذا هو السنة في زيارة القبور، أما قبور الكفار فلا يسلم عليهم إنما تزار للعظة والذكرى إذا زارها يتذكر الآخرة، يتذكر الموت لكن لا يسلم عليهم، ولا يدعو لهم، فقد زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه، فلم يستغفر لها، نهاه الله أن يستغفر لها؛ لأنها ماتت على دين الجاهلية، فاستأذن ربه أن يستغفر لها، فلم يأذن له سبحانه وتعالى، وإنما أذن في زيارتها للعبرة والاتعاظ، وبهذا يعلم السائل أن ما يدعى من وجود الحسين، في مصر ليس له أصل عند أهل العلم، وإنما جثته كانت في العراق، وهو قتل في العراق، ويقال إن رأسه نقل إلى يزيد في الشام فلا يدرى أين هذا الرأس، هل دفن في الشام أو أعيد إلى محله في العراق، مع جثته الحاصل أن وجود جثة الحسين في مصر أمر لا أساس له.
(1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 975.