المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ مذهب أهل السنة والجماعة في كرامات الأولياء - فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر - جـ ٢

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌ حكم الذبح عند قبور الأولياء

- ‌ حكم الدعاء والصدقة عن الميت إذا شك في صلاح عقيدته

- ‌ حكم أكل الذبائح التي تذبح عند القبور

- ‌ حكم البقاء بين من يذبح لغير الله لقصد دعوتهم لتوحيد الله تعالى

- ‌ حكم الادعاء بمعرفة قبور الأنبياء عليهم السلام

- ‌ حكم التقرب للأولياء والطواف حول قبورهم

- ‌ حكم تسييب البهائم للقربى للزار أو غيره

- ‌ حكم تلطيخ الرأس بدم الدجاجة أو نحوها

- ‌ حكم الذبح لله في أماكن مخصوصة

- ‌ حكم الدوران بالدواب حول الجبال والوديان وذبحها للاستسقاء

- ‌ حكم الذبح لأجل بناء المنزل

- ‌ حكم من أظهر الإسلام ويذبح لغير الله

- ‌ حكم الذبح عند المنزل بعد الانتهاء من بنائه

- ‌باب ما جاء في النذر لغير الله

- ‌ بيان حكم النذر للأولياء والصالحين

- ‌ حكم نذر الذبائح للأئمة والصحابة

- ‌ حكم الأموال التي تنذر للأولياء

- ‌ بيان حكم النذر

- ‌ حكم التبرع للمساجد التي حولها قبور

- ‌ حكم الأموال التي يتبرع بها للقبور

- ‌ حكم النذر لأصحاب القبور ودعائهم من دون الله

- ‌ حكم النذر بالذبح عند القبر

- ‌ حكم أكل الذبيحة التي تذبح لغير الله

- ‌ حكم النذر بذبح الدجاج بناء على نصائح المشعوذين

- ‌باب ما جاء في دعاء غير الله تعالى

- ‌ حكم دعاء النبي صلى الله عليه وسلم والاستغاثة به

- ‌ بيان أن قبر الخضر عليه السلام لا يعرف مكانه

- ‌ حكم دعاء غير الله تعالى

- ‌ حكم دعاء الأولياء

- ‌ حكم من يدعو أصحاب القبور

- ‌ حكم الاستعانة والاستغاثة بالأموات

- ‌ حكم كتابة أسماء بعض الأولياء على السيارة لقصد سلامة الرحلة

- ‌ حكم التلفظ بكلمة (أرجو منك)

- ‌ حكم الغلو في محبة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب ما جاء في الشفاعة

- ‌ حكم طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره

- ‌باب ما جاء في التوسل

- ‌ بيان بعض شبه المتوسلين بالمخلوقين والرد عليها

- ‌ حكم قول: (بجاه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم) في الدعاء

- ‌ بيان أقسام التوسل الجائز والممنوع

- ‌ حكم التوسل بحق الأنبياء وذوات الملائكة

- ‌ بيان الفرق بين التوسل والوسيلة

- ‌ حكم التوسل بصفة من صفات الله تعالى

- ‌ بيان ما يجوز من التوسل وما لا يجوز

- ‌ حكم طلب الإنسان من شخص أن يدعو له

- ‌ حكم التوسل بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ حكم التوسل بحق فلان

- ‌ حكم التوسل بشرف فلان

- ‌ حكم التوسل ببركة رمضان

- ‌ حكم التوسل بالقرآن الكريم

- ‌ حكم التوجه إلى الله بالدعاء عند قبور الصالحين

- ‌ حكم الاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌باب ما جاء في التبرك

- ‌ حكم التبرك بتراب قبور الأولياء

- ‌ التعريف بأولياء الله تعالى

- ‌ حكم الطواف بالقبور

- ‌ حكم التبرك بقبور الأولياء

- ‌ حكم الدعاء ببركة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ حكم سؤال الأشخاص الذين يتنبئون بأشياء مستقبلية

- ‌باب ما جاء في الغلو في قبور الصالحين

- ‌ مذهب أهل السنة والجماعة في كرامات الأولياء

- ‌ أولياء الله هم أهل التقوى

- ‌ حكم التقرب للأولياء بالذبائح

- ‌ حكم التقرب للأولياء بالهدايا

- ‌ تحريم أجساد الأنبياء على الأرض خاص بهم دون غيرهم من الصالحين

- ‌ حكم مدح الرسول عليه الصلاة والسلام بشعر فيه غلو

- ‌ حكم تقبيل القبور والاستغاثة بها

- ‌ حكم التبرع بالأموال لقبور الأولياء

- ‌ حكم الاعتكاف وإقامة حلقات الذكر عند القبور

- ‌ الصلاة في المساجد التي فيها قبور

- ‌ حكم الصلاة عند القبور

- ‌ الرد على شبهة جواز الاستغاثة من الأموات

- ‌ حكم شد الرحال لزيارة قبور الصالحين

- ‌ حكم غسل قبور الأولياء والتمسح بها

- ‌ حكم نصب القباب على قبور الصالحين

- ‌ حكم ذبح الذبائح عند القبور وأكل لحمها

- ‌ حكم زيارة قبور الصالحين لجلب النفع ودفع الضر

- ‌ حكم الصلاة إلى القبور والتبرك بها

- ‌ حكم من يعتقد النفع والضر في أهل القبور

- ‌ حكم الاستغفار لمن مات وهو يدعو أصحاب القبور

- ‌ حكم من مات وهو يسأل أصحاب القبور شفاء المرضى وتفريج الكرب

- ‌ حكم من يسأل أصحاب القبور الرحمة والخير

- ‌ التفصيل بين زيارة القبور الشرعية والزيارة الشركية

- ‌ حكم زيارة الأضرحة في الإسلام

- ‌ حكم شد الرحال إلى قبور الأولياء والصالحين

- ‌ حكم توزيع الأطعمة عند الأضرحة وسؤالها قضاء الحوائج

- ‌ الرد على شبهة من أجاز دفن الميت في المسجد بحجة دفنه عليه الصلاة والسلام في مسجده

- ‌ بيان الحكم في القبة الخضراء على قبره عليه الصلاة والسلام

- ‌ بيان مكان قبر الحسين رضي الله عنه

- ‌ حكم الاحتفال والذبح عند القبور

- ‌ حكم الطواف بالقبور

- ‌ حكم إيقاد السرج على القبور وذبح النذور لها

- ‌ حكم قطع الأشجار التي على القبور

- ‌ حكم اعتقاد النفع والضر في الأولياء

- ‌ حكم تقديم النذور لمزارات الأولياء

- ‌ حكم الأكل من الذبائح التي يتقرب بها إلى أصحاب القبور

- ‌ حكم اتخاذ قبور الأولياء أعيادا

- ‌ جميع قبور الأنبياء لا تعرف سوى قبري نبينا وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام

- ‌ التحذير ممن يغالون في الأولياء

- ‌ حكم العذر بالجهل في عباد القبور والأضرحة

الفصل: ‌ مذهب أهل السنة والجماعة في كرامات الأولياء

فوجب على كل من له أدنى بصيرة، وكل مكلف وكل عاقل أن يحذر الشرك بالله بجميع أنواعه وصوره وألا يدعو إلا ربه سبحانه وتعالى، ويخصه بالعبادة دون سواه جل وعلا، وأما الأمور العادية التي تقع بين الناس من طريق الأسباب الحسية، فقد عرفت أيها المستمع أن هذه لا حرج فيها، هذه أمور حسية تقع بين الناس، في أمور يحتاجون إليها، فيقول الإنسان لأخيه، وهو يسمع كلامه، يقول: يا أخي أقرضني كذا، ساعدني على كذا، أو يكتب له أو يكلمه هاتفيا أنك تساعدني بكذا أو تشتري لي كذا، هذه أمور عادية حسية لا حرج فيها.

ص: 190

64 -

‌ مذهب أهل السنة والجماعة في كرامات الأولياء

س: هناك بعض من الناس لا يعترفون بكرامة الأولياء، فهل من توجيه حولهم جزاكم الله خيرا، وكيف يكون الاعتراف بكرامة الأولياء؟ (1)

ج: الأولياء هم أهل الإيمان، هم المؤمنون بالله ورسوله، والرسل وأتباعهم هم أولياء الله؛ قال تعالى:{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (2) ثم قال سبحانه: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (3)، فأولياء الله هم أحباؤه، هم الرسل وأتباعهم

(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط، رقم 341.

(2)

سورة يونس الآية 62

(3)

سورة يونس الآية 63

ص: 190

المستقيمون على الحق، ولهم كرامات هي في حق الأنبياء تسمى معجزات، وفي حق الأولياء تسمى كرامات، يعني خرقا للعادة لحجة أو حاجة، إما لإقامة حجة لإظهار الحق، وإما لحاجة أصابتهم لفقر أو غيره، فيسهل الله لهم ما يعينهم بأسباب خارقة للعادة، مثل قصة أهل الكهف لما أنامهم الله النومة الطويلة ثم أحياهم، وكفاهم شر أعدائهم، ومثل عباد بن بشر وأسيد بن حضير، لما أتيا النبي صلى الله عليه وسلم في الليل، ثم خرجا منه في ليلة ظلماء أضاءت لهما أسواطهما نورا، حتى وصلا إلى بيوتهما هذه من آيات الله. وقصة الطفيل بن عمرو الدوسي، لما أسلم وطلب من النبي آية لقومه لعلهم يهتدون دعا الله له، وجعل الله له آية، نورا بين عينيه، فقال يا رب في غير هذا فجعله الله في سوطه، إذا رفعه صار له نور عظيم، آية لقومه لعلهم يهتدون، فهداهم الله بأسبابه ولهذا أمثال.

س: هذا السائل يقول: هل صحيح أن الأولياء تحدث لهم كرامات خارقة للعادة، كالمشي على الماء، والمكاشفات كالنظر إلى اللوح، وظهور الملائكة وغير ذلك؟ (1)

ج: نعم الأولياء لهم كرامات خرقا للعادة، إذا كانوا مستقيمين على طاعة الله ورسوله، قد تقع لهم كرامات عند حاجتهم، أو عند

(1) السؤال الرابع عشر من الشريط، رقم 401.

ص: 191

إقامة الحجة على غيرهم، قد يخرق الله لهم العادة بكرامة، ومن ذلك ما وقع لعباد بن بشر، وأسيد بن حضير، كانا زارا النبي في ليلة مظلمة، فلما خرجا من عنده أضاءت لهما أسواطهما كالسراج في الطريق حتى وصلا إلى أهلهما، كرامة من الله لهما، ومن هذا قصة الطفيل الدوسي رئيس دوس، لما أسلم وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل الله له آية حتى يصدقه قومه، فصار له نور في وجهه مثل السراج لما أتى أهله، فقال يا ربي في غير وجهي فجعلها الله في سوطه، إذا رفعه استنار كالسراج، فأسلم قومه على يديه، وهداهم الله بأسبابه، وهناك وقائع أخرى لأولياء الله، عند الشدائد مثل ما وقع لجريج، لما ظلمته البغي، قالت: إنه زنى بها وأنها حملت منه، وهي كاذبة، فجاءه أهل بلده، وهدموا عليه صومعته، فقال: ما بالكم؟ قالوا: زنيت بهذه، فقال: سبحان الله ما زنيت بها، هاتوا الغلام؟ فجاءوا بالغلام، ووضع إصبعه على الغلام، وهو لتوه مولود، فقال: من أبوك يا هذا؟ فقال: أبي فلان الراعي، الذي زنى بالمرأة، فلما أنطقه الله وهو صغير، قالوا: نعيد لك صومعتك من الذهب؟ فقال: لا، ردوها طينا كحالها الأولى، المقصود براءتي مما رميتموني به، الحمد لله؛ والقصص كثيرة في هذا.

ص: 192

س: ماذا عن الكرامات التي وهبها الله سبحانه وتعالى لأوليائه الصالحين، وهل هناك ما يثبت أن لبعض الناس كرامة معينة، وأن هناك أدلة تثبت أن لهذا المرء كرامة وإلا لما حصل ما هو كذا وكذا؟ (1)

ج: الكرامات للأولياء ثابتة عند أهل السنة والجماعة، ومن عقيدة أهل السنة والجماعة الإيمان بكرامات الأولياء وأنها حق، وهي خوارق العادات التي يخرقها الله لبعض أوليائه إما لحاجة أو لإقامة حجة على أعداء الله، لنصر الدين وإقامة أمر الله عز وجل، فتكون لأولياء الله المؤمنين، تارة لحاجتهم كأن يسهل الله له طعاما عند جوعه، أو شرابا عند ظمئه، لا يدري من أين أتى، أو في محل بعيد عن الطعام والشراب أو نحو ذلك، أو بركة في طعام تكون واضحة، أو غير ذلك من الخوارق للعادة، والميزان في ذلك أن يكون مستقيما على الكتاب والسنة لا تكون كرامة خارقة إلا إذا كان الشخص معروفا بالاستقامة على دين الله ورسوله، أما إذا كان منحرفا عن الشريعة فليست كرامة، ولكنها من خوارق الشياطين، ومن فتن الشياطين، وإنما تكون الكرامة لأولياء الله المؤمنين، الذين عرفوا بالاستقامة على دين الله، واتباع شريعته، فما خرق الله لهم من العادات تسمى كرامة، ومن ذلك قصة الصديق، والطعام الذي قدمه لأضيافه، فصاروا كلما أخذوا لقمة ربا

(1) السؤال الثامن عشر من الشريط، رقم 304.

ص: 193

من تحتها ما هو أكثر منها، حتى فرغوا من الأكل، وبقي الطعام أكثر مما كان، فهذا من آيات الله سبحانه وتعالى، ومن ذلك ما جرى لعباد بن بشر، وأسيد بن الحضير في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، لما خرجا من عنده في ليلة ظلماء، أضاءت لهما أسواطهما في الظلمة، فلما انصرف كل واحد منهما إلى بيته، أضاء له سوطه حتى وصل إلى بيته، فهذا من كرامات الله لأوليائه سبحانه وتعالى، وهكذا ما أشبه ذلك مما يقع لأولياء الله.

س: السائل: أ. أ. من السودان يقول: هل هناك أشخاص يعلمون الغيب بعد ارتضاء الله لهم غير الرسل والأنبياء؟ وما الفرق بين ذلك؟ وأيضا عن كرامات الأنبياء التي يجريها الله عز وجل على ألسنتهم، وهي في الحقيقة غائبة عن النظر، كتلك التي قالها عمر بن الخطاب رضي الله عنه:" يا سارية الجبل " وغير ذلك؟ (1)

ج: الغيب لا يعلمه إلا الله، لا يعلمه الرسل ولا غيرهم، وإنما يعلم الرسول ما أوحي إليه، قال تعالى:{قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (2)، وقال: عالم {الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} (3){إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} (4)

(1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط، رقم 396.

(2)

سورة النمل الآية 65

(3)

سورة الجن الآية 26

(4)

سورة الجن الآية 27

ص: 194

فقد يخبره بعض المغيبات، كما أخبر الله نبينا عن أشراط الساعة، وعن بعض أمور الجنة والنار إلى غير ذلك، فالغيب لا يعلمه إلا الله، لكنه سبحانه يطلع بعض أنبيائه ورسله على بعض الغيب، والأنبياء لهم معجزات وهي كرامات ومعجزات تدل على صدقهم وأنهم رسل الله كالعصا لموسى واليد التي أظهرها موسى لفرعون تخرج يده بيضاء من غير سوء والعصا، بينما هي عصا صارت حية تسعى، آيتان من آيات الله، ومعجزتان لموسى على أنه نبي عليه الصلاة والسلام، ومن ذلك ما وقع لنبينا عليه الصلاة والسلام، ينبع الماء بين أصابعه يراه الناس في الإناء ويشربون ويأخذون في أوعيتهم، ومنها أنه صلى الله عليه وسلم لما قدم تبوك وكانت العين تبض ماء قليلا، فتوضأ وصب الماء، رمى سهمه في البئر حتى جاشت بالماء عليه الصلاة والسلام.

كل هذه من معجزات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والأولياء الصالحون لهم كرامات، أتباع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لهم كرامات يكرمهم الله بها، تخرق العادة، لكنها ليست معجزة إنما هي كرامة للولي الذي هو من الصالحين، وليس نبيا، كما جرى لعباد بن بشر وأسيد بن حضير في حياة النبي صلى الله عليه وسلم لما سريا من عند النبي في آخر الليل، قاما من عنده صلى الله عليه وسلم بعد ما سمرا عنده، وخرجا على بيوتهما في

ص: 195