الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالواجب الحذر، وقال تعالى:{وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (1) ومن زعم أن الولي يأتي بحلوى، أو يأتي بكسوة أو يأتي بذبيحة، أو يأتي بلحم، فهو غلطان، هذا من عمل الشيطان، الشياطين هي التي تأتي بهذه الأمور، حتى تشجعهم على الشرك، وعبادة غير الله سبحانه وتعالى، نسأل الله العافية.
(1) سورة المؤمنون الآية 117
68 -
تحريم أجساد الأنبياء على الأرض خاص بهم دون غيرهم من الصالحين
س: الأخ: ع. ي. من المملكة الأردنية الهاشمية، عمان من دائرة التربية والتعليم، يقول: نعرف جميعا: أن الأرض قد حرمها الله على أجساد الأنبياء والشهداء، فهل حرمت أيضا على الصالحين؟ ومن هم الصالحون في التقييم الإسلامي وعند الله سبحانه وتعالى، وهل يعتبر سيف الله المسلول خالد بن الوليد من الصالحين؟ وهل حرمت الأرض على جسمه رغم أنه لم يمت شهيدا، ولكن قيمته بأكثر من قيمة الشهيد، وأيضا ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز، بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} (1)
(1) سورة البقرة الآية 130
وفي موضع آخر من القرآن الكريم قال الله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (1){شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (2){وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} (3){ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (4) صدق الله العظيم، هنا ذكر الله سبحانه وتعالى في هاتين الآيتين أن إبراهيم عليه السلام كان من الصالحين، فهل كان سيدنا إبراهيم عليه السلام نبيا، كما نعلم جميعا أم صالحا كما ذكر الله سبحانه وتعالى، في كتابه العزيز، أرجو التوضيح تجاه هذه القضايا، جزاكم الله خيرا وعن المسلمين؟ (5)
ج: قد صح الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام: «أن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء (6)» ، أما الشهداء الصالحون فلم يرد فيما نعلم ما يدل على تحريم أجسادهم على الأرض، وإنما ذاك في الأنبياء خاصة، كما جاء به الحديث، ولا ريب أن أصحاب
(1) سورة النحل الآية 120
(2)
سورة النحل الآية 121
(3)
سورة النحل الآية 122
(4)
سورة النحل الآية 123
(5)
السؤال الأول من الشريط، رقم 112.
(6)
أخرجه الإمام أحمد في مسند المدنيين، حديث أوس بن أبي أوس الثقفي برقم 15739.
النبي صلى الله عليه وسلم كلهم من الصالحين، وهكذا خالد بن الوليد هو من أصلح الصالحين رضي الله عنه وأرضاه، وهكذا جميع الأنبياء والمرسلين كلهم من الصالحين وإن كانوا أنبياء فوصف الصالح يعم الجميع، وإذا أطلق الصالحون فهو يعم الأنبياء والمرسلين وجميع عباد الله المؤمنين الذين استقاموا على دينه، وأدوا حقه وحق عباده، يقال لهم صالحون كلهم، وهكذا قال الله جل وعلا في شأن إبراهيم سماه وأدخله في الصالحين لكونه ممن قام بحق الله وحق عباده؛ ولهذا قال جل وعلا:{وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} (1).
فهو مصطفى مختار، وهو خليل الرحمن وهو أفضل الأنبياء وأكملهم بعد نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، ونبينا هو سيد ولد آدم، وهو خليل الله الثاني، فإبراهيم ومحمد هما الخليلان، وإبراهيم هو جده ومحمد حفيد إبراهيم، وهو أفضل الأنبياء ويليه في الفضل جده إبراهيم عليهم الصلاة والسلام جميعا، وعلى سائر أنبياء الله ورسله، والصالحون إذا أطلقوا عموا الأنبياء والصالحين والشهداء، وجميع من اتقى الله وأدى حقه وحق عباده يقال له صالح، وإذا أضيفوا إلى الأنبياء والصديقين والشهداء صاروا غيرهم، كما في قوله جل وعلا:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} (2)، فجعل
(1) سورة البقرة الآية 130
(2)
سورة النساء الآية 69
الصالحين في المرتبة الرابعة وهم غير الأنبياء وغير الصديقين وغير الشهداء، والمرتبة الأولى مرتبة الأنبياء والرسل، ثم يليهم مرتبة الصديقية، ثم يلي ذلك مرتبة الشهداء ثم عم الصالحين، والصالح من عباد الله هو الذي أدى حق الله وحق عباده، يقال له: صالح، أدى حق الله يعني أدى أوامره واجتنب نواهيه وأدى حق العباد فلم يظلمهم، بل أدى حقوقهم مثل حق الجوار، وحق المؤمن على أخيه، وحق الوالدين، وحق الرحم، إلى غير ذلك.
فالصالح من عباد الله هو الذي أدى حق ربه رغبة فيما عنده، وإخلاصا له سبحانه، وأدى حق العباد ولم يظلمهم، ولم ينقصهم حقوقهم، فهذا يقال له: صالح ويقال له: مؤمن، ويقال له: مسلم ويقال له: تقي؛ ويقال: له بر، فالصالحون هم الأبرار وهم الأتقياء وهم المتقون، وهم المؤمنون وهم المسلمون وهذه الأوصاف تشمل الأنبياء والصالحين، الأنبياء يقال لهم مسلمون، ويقال: صالحون، ويقال: مؤمنون ويقال: متقون، ويقال: أبرار. لكنهم يمتازون بالنبوة والرسالة فهم في المرتبة العليا أعلى المراتب، وأفضلها مرتبة الأنبياء والرسل، والرسل أعلى مرتبة ثم يليهم النبيون، ثم يلي ذلك مرتبة الصديقين الذين كمل تصديقهم، وكمل إيمانهم حتى صارت منزلتهم فوق منزلة الشهداء والصالحين، بسبب كمال صدقهم وكمال تصديقهم وكمال إيمانهم، وكمال تقواهم لله سبحانه وتعالى، ثم يليهم الشهداء الذين باعوا نفوسهم على الله، وقدموها طاعة لله، واستشهدوا في سبيله، ثم
يليهم عموم المؤمنين وهم الصالحون، وبذلك يتضح لك أيها السائل أن الصالح يوصف به جميع المؤمنين، من أنبياء وغيرهم عند الإطلاق وعند ضمه إلى الرسل والأنبياء والصديقين والشهداء، يكون الصالح في المرتبة الرابعة، يعني الذي أدى حق الله وأدى حق عباده، ولكنه ليس نبيا ولا صديقا ولا شهيدا، ومنهم خالد بن الوليد رضي الله عنه ورحمه، وبقية الصحابة الذين لم يستشهدوا ولم يكونوا من الصديقين هم من هذه المرتبة.
وكون إبراهيم الخليل عليه السلام من الصالحين، لا يخرجه عن كونه نبيا، فالأنبياء صالحون، وعلى رأسهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ثم الخليل إبراهيم هما أفضل الناس، وهما أفضل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ أما خالد بن الوليد رضي الله عنه فقد مات على فراشه، كما روي ذلك، وقد يقال إنه أفضل من كثير من الشهداء، أما كونه أفضل من الشهداء على العموم فلا يقال هذا، بل يقال: أفضل من كثير من الشهداء لما أعطاه الله من الفضل العظيم والبسالة في الجهاد، والصبر على الجهاد والقوة في دين الله، وما حصل على يده من النفع العظيم، في قتال أهل الردة وغيرهم، ومن قتال الروم وقتال الفرس، والله جل وعلا جعل له مراتب كبيرة، ومزايا عظيمة، فهو لا شك من الصالحين وهو لا شك أفضل من كثير من الشهداء.