الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
103 -
التحذير ممن يغالون في الأولياء
س: إذا كنت قد حذرت بعض الناس من الأشخاص الذين يقولون: نحن أبناء مشايخ، أو أبناء أولياء، ويعتقدون أنهم أبناء الصالحين وهم أحياء، هل أكون مغتابا أو نماما؛ لأن الآية تقول:{وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} (1)(2)
ج: على كل حال الدين النصيحة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«الدين النصيحة (3)» ، فإذا رأيت من بعض الناس ميلا عن الحق، ودعوة إلى الباطل، سواء كانوا يسمون مشايخ، أو يسمون أولياء أو كانوا ينسبون إلى مشايخ، وأولياء فإنك تحذر إخوانك من هؤلاء لئلا يضلوهم، وهذا ليس من باب الغيبة ولا من باب النميمة لكنه من باب النصيحة لله ولعباده، فالناصح لا يسمى مغتابا، «والنبي صلى الله عليه وسلم جاءته فاطمة بنت قيس، تقول: يا رسول الله إنه خطبني فلان، وخطبني فلان، نصحها، وقال لها: أما فلان فلا يضع عصاه عن عاتقه - أي ضراب للنساء - وأما فلان فصعلوك لا مال له (4)» ، فنصحها ولم يكن هذا غيبة مع أنه سماهم، قال: فلان وفلان، معاوية وأبو جهم.
(1) سورة الحجرات الآية 12
(2)
السؤال التاسع من الشريط، رقم 40.
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة برقم 55.
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الصداق، باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها برقم 1480.
فالمقصود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نصحها وبين أن هذين الرجلين لا يصلحان لها، وأشار عليها بأسامة بن زيد، فدل ذلك على أن الناصح لا يسمى مغتابا ولا نماما يقول لك: لا تقرب فلانا ولا تجالس فلانا؛ لأنه يفعل كيت وكيت، وأخشى عليك منه فلا حرج في هذا، وإذا كان المقصود النصيحة والخوف عليه من الشر؛ والمشايخ والأولياء لا يقدسون، ولو ظهر منهم الصلاح أو الخير يدعى لهم ويترحم عليهم ويقتدى بهم في الأفعال الطيبة، مثل المحافظة على الصلاة مثل الإكثار من الصوم، مثل الإكثار من ذكر الله وفي طلب العلم، يقتدى بهم في الخير، وهؤلاء الذين يسمون أولياء ويسمون مشايخ، ويعتقد فيهم، هذا غلط حتى الأنبياء وهم أفضل الناس، لا يعتقد فيهم أنهم ينفعون أو يضرون، أو يدعون من دون الله، أو يستغاث بهم، لكن الرسل يتبعون فيما أمروا به ينتهي عما نهوا عنه ويطاع أمرهم وينتهى عن نهيهم، كما قال جل وعلا:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (1)، وقال سبحانه:{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (2)، فالرسل وهم أفضل الناس، والأنبياء لا يقدسون تقديس العبادة، ولكن يعظمون التعظيم الذي شرعه الله، من محبتهم وتعظيم أوامرهم، والمسارعة إلى ما أمروا به والانتهاء عما نهوا عنه، وهكذا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الناس، وأفضل الرسل، لا يعبد من دون الله، ولكن يحب، يجب أن
(1) سورة آل عمران الآية 31
(2)
سورة المائدة الآية 92
تكون محبته فوق محبة النفس، والمال والولد والناس أجمعين، ولكن لا يغلى فيه لا يعبد من دون الله، لا يستغاث به بعد موته، لا يدعى بعد موته، لا يقال إنه يعلم الغيب، كل هذا منكر وهذا من الشرك؛ وفي حياته لا بأس أن تقول: ادع الله لي يا رسول الله، أغثني بكذا يغيثك بشيء يستطيعه، وهذا يوم القيامة يطلب الناس منه عليه الصلاة والسلام، أن يشفع إلى الله أن يريحهم من كرب الموقف، هذا لا بأس به، أما بعد الموت في حال البرزخ، فلا يدعى الرسول صلى الله عليه وسلم ولا غيره، ما يسمون بالأولياء والمشايخ ولا غيرهم، العبادة حق الله وحده سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (1)، وقال سبحانه:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ} (2)، وقال:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (3) والعبادة حق الله وهي التذلل في طاعته، وترك نواهيه كالصلاة والصوم، والصدقة والحج والعمرة والصيام، ونحو ذلك من العبادات كلها لله، وهكذا الذبح لا يذبح إلا لله، ولا ينذر إلا لله، فلا يذبح للمشايخ، ولا للأنبياء ولا للأولياء ولا يتقرب إليهم بالذبائح، ولا يدعون من دون الله، ولا ينذر لهم ولا يستغاث بهم، ولا يدعى أنهم يعلمون الغيب، كل هذا باطل ولا يجوز، ولكن يترحم على الأولياء الصالحين المعروفين بالخير،
(1) سورة الذاريات الآية 56
(2)
سورة البينة الآية 5
(3)
سورة البقرة الآية 21
يترحم عليهم ويدعى لهم، يتأسى بهم في الطيب، ولكن العبادة حق الله وحده وهكذا الرسل يتبعون ويطاعون ولكن لا يغلى فيهم ولا يعبدون مع الله، فيجب أن تفهم هذا أيها السائل، وأن تكون على بصيرة، فالعبادة حق الله، والرسل حقهم الطاعة والاتباع، والمحبة والأولياء والمشايخ الطيبون، هؤلاء يدعى لهم ويترحم عليهم، لا يقدسون بعبادة من دون الله ولا يستغاث بهم، ولا يتمسح بهم وهم أحياء ولا يتمسح بقبورهم ولا بترابها، ولا ينذر لهم ولا يذبح لهم، ولكن يدعى لهم بالمغفرة والرحمة، ويتبع طريقهم الطيب في طاعة الله ورسوله، ويتأسى بهم في المحافظة على الخير، وحفظ الأوقات من الشر، والإكثار من ذكر الله، والولي هو المؤمن من اتقى الله واستقام على أمره، فهذا ولي من أولياء الله قال الله سبحانه:{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (1){الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (2) بين أنهم أهل الإيمان والتقوى، وقال سبحانه في سورة الأنفال:{وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ} (3).
فالمتقي لله هو المؤمن، وهو الولي أما ما يذهب إليه الصوفية من أن الولي يعبد من دون الله، أو أنه يعلم الغيب، أو أنه يتصرف في الكون، فهذا باطل، وكفر وضلال، نعوذ بالله، ليس هذا بولي الذي يدعي
(1) سورة يونس الآية 62
(2)
سورة يونس الآية 63
(3)
سورة الأنفال الآية 34
أنه يعلم الغيب، أو يقول: ادعوني من دون الله، أو اذبحوا لي، هذا ليس بولي، هذا ضال، هذا كافر نعوذ بالله، والذي يدعي فيه بهذا المعنى، أنه يدعى من دون الله أو أنه يعلم الغيب، هذا يكون كافرا نعوذ بالله؛ لأنه ادعى دعوى كفرية، وبين الشرع أنها كفر، نسأل الله السلامة والعافية، فينبغي التنبه لهذا الأمر.