الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
67- سُورَةُ الْمُلْكِ
سَمَّاهَا النَّبِيءُ صلى الله عليه وسلم «سُورَةَ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ»
فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ ثَلَاثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لرجل حَتَّى غفر لَهُ وَهِيَ «سُورَةُ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ»
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
فَهَذَا تَسْمِيَةٌ لِلسُّورَةِ بِأَوَّلِ جُمْلَةٍ وَقَعَتْ فِيهَا فَتَكُونُ تَسْمِيَةً بِجُمْلَةٍ كَمَا سُمِّيَ ثَابِتُ بْنُ جَابِرٍ (تَأَبَّطَ شَرًّا) وَلَفْظُ «سُورَةٍ» مُضَافٌ إِلَى تِلْكَ الْجُمْلَةِ الْمَحْكِيَّةِ.
وَسُمِّيَتْ أَيْضًا «تَبَارَكَ الْمُلْكُ» بِمَجْمُوعِ الْكَلِمَتَيْنِ فِي عهد النبيء صلى الله عليه وسلم وَيسمع مِنْهُ فِيمَا
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: ضَرَبْتُ خِبَائِي عَلَى قَبْرٍ وَأَنَا لَا أَحْسَبُ أَنَّهُ قَبْرٌ فَإِذَا فِيهِ إِنْسَانٌ (أَيْ دَفِينٌ فِيهِ) يَقْرَأُ سُورَةَ «تَبَارَكَ الْمُلْكُ» حَتَّى خَتَمَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هِيَ الْمُنْجِيَةُ تُنْجِيهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ»
حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ فَيَكُونُ اسْمُ السُّورَةِ مَجْمُوعَ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ عَلَى طَرِيقَةِ عَدِّ الْكَلِمَاتِ فِي اللَّفْظِ دُونَ إِضَافَةِ إِحْدَاهُمَا إِلَى
الْأُخْرَى مِثْلَ تَسْمِيَةِ (لَامِ أَلِفٍ) . وَنَظِيرُهُ أَسْمَاءُ السُّوَرِ بِالْأَحْرُفِ الْمُقَطَّعَةِ الَّتِي فِي أَوَّلِهَا عَلَى بَعْضِ الْأَقْوَالِ فِي الْمُرَادِ مِنْهَا وَعَلَيْهِ فَيُحْكَى لَفْظُ «تَبَارَكَ» بِصِيغَةِ الْمَاضِي وَيُحْكَى لَفْظُ «الْمُلْكُ» مَرْفُوعًا كَمَا هُوَ فِي الْآيَةِ، فَيَكُونُ لَفْظُ «سُورَةٍ» مُضَافًا مِنْ إِضَافَةِ الْمُسَمَّى إِلَى الِاسْمِ. لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَعْرِيفُ السُّورَةِ بِهَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ عَلَى حِكَايَةِ اللَّفْظَيْنِ الْوَاقِعَيْنِ فِي أَوَّلِهَا مَعَ اخْتِصَارِ مَا بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ وَذَلِكَ قصدا للْفرق بَينهَا وَبَيْنَ «تَبَارَكَ الْفُرْقَانِ» ، كَمَا قَالُوا: عُبَيْدُ اللَّهِ الرُّقَيَّاتِ، بِإِضَافَةِ مَجْمُوعِ «عُبَيْدِ اللَّهِ» إِلَى «الرُّقَيَّاتِ» تَمْيِيزًا لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الْعَامِرِيِّ (1) الشَّاعِرِ عَنْ غَيْرِهِ مِمَّنْ يُشْبِهُ اسْمُهُ اسْمَهُ مِثْلِ عُبَيْدِ اللَّهِ
ابْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَوْ لمُجَرّد اشتهاره بالتشبيب فِي نِسَاءٍ كَانَ اسْمُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رُقَيَّةَ (2) وَهُنَّ ثَلَاثٌ وَلِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ «تَبَارَكَ» فِي هَذَا الْمُرَكَّبِ مَفْتُوحَ الْآخِرِ. وَلَفْظُ «الْمُلْكُ» مَضْمُومُ الْكَافِ، وَكَذَلِكَ وَقَعَ ضَبْطُهُ فِي نُسْخَةِ «جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ» وكِلْتَاهُمَا حَرَكَةُ حِكَايَةٍ.
وَالشَّائِعُ فِي كُتُبِ السُّنَّةِ وَكُتُبِ التَّفْسِيرِ وَفِي أَكْثَرِ الْمَصَاحِفِ تَسْمِيَةُ هَذِهِ السُّورَةِ «سُورَةَ الْمُلْكِ» وَكَذَلِكَ تَرْجَمَهَا التِّرْمِذِيُّ: بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ سُورَةِ الْمُلْكِ. وَكَذَلِكَ عَنْوَنَهَا الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ مِنْ «صَحِيحِهِ» .
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «كُنَّا نُسَمِّيهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ الْمَانِعَةَ» ، أَيْ أَخْذًا مِنْ وَصْفِ النَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهَا بِأَنَّهَا الْمَانِعَةُ الْمُنْجِيَةُ كَمَا فِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ الْمَذْكُورِ آنِفًا وَلَيْسَ بِالصَّرِيحِ فِي التَّسْمِيَةِ.
وَفِي «الْإِتْقَانِ» عَنْ «تَارِيخِ ابْنِ عَسَاكِرَ» مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَمَّاهَا الْمُنْجِيَةَ»
وَلَعَلَّ ذَلِكَ مِنْ وَصْفِهِ إِيِّاَهاَ بِالْمُنْجِيَةِ فِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَلَيْسَ أَيْضًا بِالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ اسْمٌ.
وَفِي «الْإِتْقَانِ» عَنْ «كِتَابِ جَمَالِ الْقُرَّاءِ» تُسَمَّى أَيْضًا «الْوَاقِيَةَ» ، وَتُسَمَّى «الْمَنَّاعَةَ» بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ.
(1) هُوَ من بني عَامر بن لؤَي شَاعِر مجيد من شعراء الْعَصْر الْأمَوِي.
(2)
هِيَ رقية بنت عبد الْوَاحِد بن أبي سعد من بني عَامر بن لؤَي، وَابْنَة عَم لَهَا يُقَال لَهَا: رقية، ورقية أُخْرَى امْرَأَة من بني أُميَّة وَكن فِي عصر وَاحِد.