المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الحاقة (69) : الآيات 1 إلى 3] - التحرير والتنوير - جـ ٢٩

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌67- سُورَةُ الْمُلْكِ

- ‌أَغْرَاضُ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : الْآيَات 3 إِلَى 4]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : الْآيَات 7 الى 9]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : الْآيَات 13 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : الْآيَات 25 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 30]

- ‌68- سُورَةُ الْقَلَمِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : الْآيَات 1 الى 4]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : الْآيَات 5 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : الْآيَات 8 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : الْآيَات 14 إِلَى 15]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : الْآيَات 17 إِلَى 25]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : الْآيَات 26 إِلَى 32]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : آيَة 34]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : الْآيَات 35 إِلَى 36]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : الْآيَات 37 إِلَى 38]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : آيَة 41]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : الْآيَات 42 إِلَى 43]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : الْآيَات 44 إِلَى 45]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : آيَة 46]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : الْآيَات 48 إِلَى 50]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : الْآيَات 51 إِلَى 52]

- ‌69- سُورَةُ الْحَاقَّةِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : الْآيَات 1 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : الْآيَات 9 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : الْآيَات 11 إِلَى 12]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : الْآيَات 13 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : الْآيَات 19 إِلَى 24]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : الْآيَات 25 إِلَى 29]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : الْآيَات 30 إِلَى 37]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : الْآيَات 38 إِلَى 43]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : الْآيَات 44 إِلَى 47]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : الْآيَات 49 إِلَى 50]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : آيَة 51]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : آيَة 52]

- ‌70- سُورَةُ الْمَعَارِجِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة المعارج (70) : الْآيَات 1 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة المعارج (70) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة المعارج (70) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة المعارج (70) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة المعارج (70) : الْآيَات 8 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة المعارج (70) : الْآيَات 19 إِلَى 21]

- ‌[سُورَة المعارج (70) : الْآيَات 22 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة المعارج (70) : الْآيَات 36 الى 41]

- ‌[سُورَة المعارج (70) : الْآيَات 42 إِلَى 44]

- ‌71- سُورَةُ نُوحٍ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة نوح (71) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة نوح (71) : الْآيَات 2 الى 4]

- ‌[سُورَة نوح (71) : الْآيَات 5 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة نوح (71) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة نوح (71) : الْآيَات 8 إِلَى 12]

- ‌[سُورَة نوح (71) : الْآيَات 13 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة نوح (71) : الْآيَات 15 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة نوح (71) : الْآيَات 17 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة نوح (71) : الْآيَات 19 إِلَى 20]

- ‌[سُورَة نوح (71) : الْآيَات 21 إِلَى 23]

- ‌[سُورَة نوح (71) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة نوح (71) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة نوح (71) : الْآيَات 26 إِلَى 27]

- ‌[سُورَة نوح (71) : آيَة 28]

- ‌72- سُورَةُ الْجِنِّ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : الْآيَات 1 إِلَى 2]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : الْآيَات 8 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : الْآيَات 14 الى 15]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : الْآيَات 16 إِلَى 17]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : الْآيَات 19 إِلَى 20]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : الْآيَات 21 الى 23]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : الْآيَات 25 الى 28]

- ‌73- سُورَةُ الْمُزَّمِّلِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة المزمل (73) : الْآيَات 1 الى 4]

- ‌[سُورَة المزمل (73) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة المزمل (73) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة المزمل (73) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة المزمل (73) : الْآيَات 8 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة المزمل (73) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة المزمل (73) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة المزمل (73) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة المزمل (73) : الْآيَات 15 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة المزمل (73) : الْآيَات 17 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة المزمل (73) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة المزمل (73) : آيَة 20]

- ‌74- سُورَةُ الْمُدَّثِّرِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة المدثر (74) : الْآيَات 1 إِلَى 2]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : الْآيَات 8 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : الْآيَات 11 الى 16]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : الْآيَات 17 إِلَى 25]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : الْآيَات 26 إِلَى 30]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : الْآيَات 32 الى 37]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : الْآيَات 38 إِلَى 48]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : الْآيَات 49 إِلَى 51]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : آيَة 52]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : الْآيَات 54 إِلَى 56]

- ‌75- سُورَةُ الْقِيَامَةِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الْقِيَامَة (75) : الْآيَات 1 إِلَى 4]

- ‌[سُورَة الْقِيَامَة (75) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْقِيَامَة (75) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الْقِيَامَة (75) : الْآيَات 7 إِلَى 13]

- ‌[سُورَة الْقِيَامَة (75) : الْآيَات 14 إِلَى 15]

- ‌[سُورَة الْقِيَامَة (75) : الْآيَات 16 إِلَى 19]

- ‌[سُورَة الْقِيَامَة (75) : الْآيَات 20 إِلَى 21]

- ‌[سُورَة الْقِيَامَة (75) : الْآيَات 22 إِلَى 25]

- ‌[سُورَة الْقِيَامَة (75) : الْآيَات 26 إِلَى 30]

- ‌[سُورَة الْقِيَامَة (75) : الْآيَات 31 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة الْقِيَامَة (75) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة الْقِيَامَة (75) : الْآيَات 37 إِلَى 40]

- ‌76- سُورَةُ الْإِنْسَانِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : الْآيَات 5 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : الْآيَات 8 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : الْآيَات 11 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : الْآيَات 15 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : الْآيَات 17 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : الْآيَات 23 إِلَى 24]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : الْآيَات 25 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 31]

- ‌77- سُورَةُ الْمُرْسَلَاتِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : الْآيَات 1 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : الْآيَات 8 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : الْآيَات 17 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : الْآيَات 20 إِلَى 23]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : الْآيَات 25 إِلَى 27]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : الْآيَات 29 إِلَى 31]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : الْآيَات 32 إِلَى 33]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : آيَة 34]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : الْآيَات 35 إِلَى 36]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : الْآيَات 38 إِلَى 39]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : الْآيَات 41 إِلَى 44]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : آيَة 45]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : آيَة 46]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : آيَة 49]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : آيَة 50]

الفصل: ‌[سورة الحاقة (69) : الآيات 1 إلى 3]

وَوَجْهُ تَسْمِيَتِهَا «سُورَةَ الْحَاقَّةِ» وُقُوعُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ فِي أَوَّلِهَا وَلَمْ تَقَعْ فِي غَيْرِهَا مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ.

وَهِيَ مَكِّيَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ. وَمُقْتَضَى الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ فَإِنَّ عُمَرَ أَسْلَمَ بَعْدَ هِجْرَةِ الْمُهَاجِرِينَ إِلَى الْحَبَشَةِ وَكَانَتْ الْهِجْرَةُ إِلَى الْحَبَشَةِ سَنَةَ خَمْسٍ قَبْلَ الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ.

وَقَدْ عُدَّتْ هَذِهِ السُّورَةُ السَّابِعَةُ وَالسَّبْعِينَ فِي عِدَادِ تَرْتِيبِ النُّزُولِ. نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ تَبَارَكَ وَقَبْلَ سُورَةِ الْمَعَارِجِ.

وَاتَّفَقَ الْعَادُّونَ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ عَلَى عَدِّ آيِهَا إِحْدَى وَخَمْسِينَ آيَةً.

‌أَغْرَاضُهَا

اشْتَمَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ عَلَى تَهْوِيلِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَتَهْدِيدِ الْمُكَذِّبِينَ بِوُقُوعِهِ.

وَتَذْكِيرِهِمْ بِمَا حَلَّ بِالْأُمَمِ الَّتِي كَذَّبَتْ بِهِ مِنْ عَذَابٍ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ عَذَابِ الْآخِرَةِ وَتَهْدِيدِ الْمُكَذِّبِينَ لِرُسُلِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْأُمَمِ الَّتِي أَشْرَكَتْ وَكَذَّبَتْ.

وَأُدْمِجَ فِي ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ نَجَّى الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْعَذَابِ، وَفِي ذَلِكَ تَذْكِيرٌ بِنِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى الْبَشَرِ إِذْ أَبْقَى نَوْعَهُمْ بِالْإِنْجَاءِ مِنَ الطُّوفَانِ.

وَوَصْفِ أَهْوَالٍ مِنَ الْجَزَاءِ وَتَفَاوُتِ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ فِيهِ.

وَوَصْفِ فَظَاعَةِ حَالِ الْعِقَابِ عَلَى الْكُفْرِ وَعَلَى نَبْذِ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ، وَالتَّنْوِيهِ بِالْقُرْآنِ.

وَتَنْزِيهِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَعَنْ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ رَسُولٍ.

وَتَنْزِيهِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ أَنْ يُقِرَّ مَنْ يَتَقَوَّلُ عَلَيْهِ.

وَتَثْبِيتِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم.

وَإِنْذَارِ الْمُشْرِكِينَ بِتَحْقِيقِ الْوَعِيدِ الَّذِي فِي الْقُرْآن.

[1- 3]

[سُورَة الحاقة (69) : الْآيَات 1 إِلَى 3]

بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ (3)

الْحَاقَّةُ صِيغَةُ فَاعِلٍ مِنْ: حَقَّ الشَّيْءُ إِذَا ثَبَتَ وُقُوعُهُ، وَالْهَاءُ فِيهَا لَا تَخْلُو عَنْ

ص: 111

أَنْ تَكُونَ هَاءَ تَأْنِيثٍ فَتَكُونُ الْحَاقَّةُ وَصْفًا لِمَوْصُوفٍ مُقَدَّرٍ مُؤَنَّثِ اللَّفْظِ، أَوْ أَنْ تَكُونَ هَاءَ مَصْدَرٍ عَلَى وَزْنِ فَاعِلَةٍ مِثْلَ الْكَاذِبَةِ لِلْكَذِبِ، وَالْخَاتِمَةِ لِلْخَتْمِ، وَالْبَاقِيَةِ لِلْبَقَاءِ وَالطَّاغِيَةِ لِلطُّغْيَانِ، وَالنَّافِلَةِ، وَالْخَاطِئَةِ، وَأَصْلُهَا تَاءُ الْمَرَّةِ، وَلَكِنَّهَا لَمَّا أُرِيدَ الْمَصْدَرُ قُطِعَ النَّظَرُ عَنِ الْمَرَّةِ مِثْلُ كَثِيرٍ مِنَ الْمَصَادِرِ الَّتِي عَلَى وَزْنِ فعلة غير مُرَاد بِهِ الْمَرَّةُ مِثْلُ قَوْلِهِمْ ضَرْبَةُ لَازِبٍ.

فَالْحَاقَّةُ إِذَنْ بِمَعْنَى الْحَقِّ كَمَا يُقَالُ «مِنْ حَاقِّ كَذَا» ، أَيْ مِنْ حَقِّهِ.

وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْحَاقَّةِ الْمَعْنَى الْوَصْفِيَّ، أَيْ حَادِثَةٌ تَحِقُّ أَوْ حَقٌّ يَحِقُّ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَا لَقَبًا لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَصْحَابِهِ وَهُوَ الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُفَسِّرُونَ فَلُقِّبَ بِذَلِكَ «يَوْمُ الْقِيَامَةِ» لِأَنَّهُ يَوْمٌ مُحَقَّقٌ وُقُوعُهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ [الشورى: 7] ، أَوْ لِأَنَّهُ تَحِقُّ فِيهِ الْحُقُوقُ وَلَا يُضَاعُ

الْجَزَاءُ عَلَيْهَا، قَالَ تَعَالَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا [النِّسَاء: 49] وَقَالَ: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [الزلزلة: 7- 8] .

وَإِيثَارُ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَهَذِهِ الصِّيغَة يسمح باندارج مَعَانٍ صَالِحَةٍ بِهَذَا الْمَقَامِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنَ الْإِيجَازِ الْبَدِيعِ لِتَذْهَبَ نُفُوسُ السَّامِعِينَ كُلَّ مَذْهَبٍ مُمْكِنٍ مِنْ مَذَاهِبِ الْهَوْلِ وَالتَّخْوِيفِ بِمَا يَحِقُّ حُلُولُهُ بِهِمْ.

فَيَجُوزُ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ الْحَاقَّةُ وَصْفًا لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: السَّاعَةُ الْحَاقَّةُ، أَوِ الْوَاقِعَةُ الْحَاقَّةُ، فَيَكُونُ تَهْدِيدًا بِيَوْمٍ أَوْ وَقْعَةٍ يَكُونُ فِيهَا عِقَابٌ شَدِيدٌ لِلْمُعَرَّضِ بِهِمْ مِثْلُ يَوْمِ بَدْرٍ أَوْ وَقْعَتِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لَا رَيْبَ فِي وُقُوعِهِ أَوْ وَصْفًا لِلْكَلِمَةِ، أَيْ كَلِمَةِ اللَّهِ الَّتِي حَقَّتْ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، قَالَ تَعَالَى: كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ [غَافِر: 6] ، أَوِ الَّتِي حقّت للنبيء صلى الله عليه وسلم أَنه يَنْصُرَهُ اللَّهُ، قَالَ تَعَالَى:

وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ [الصافات: 171- 174] .

وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرًا بِمَعْنَى الْحَقِّ، فَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَصْفًا لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ بِأَنَّهُ حَقٌّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ [الْأَنْبِيَاء: 97]، أَوْ وَصْفَا لِلْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ: إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ [آل عمرَان: 62]، أَوْ أُرِيدَ بِهِ الْحَقُّ كُلُّهُ مِمَّا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ مِنَ الْحَقِّ قَالَ تَعَالَى:

ص: 112

هَذَا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ [الجاثية: 29] وَقَالَ: إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ [الْأَحْقَاف: 30] .

وَافْتِتَاحُ السُّورَةِ بِهَذَا اللَّفْظِ تَرْوِيعٌ لِلْمُشْرِكِينَ.

والْحَاقَّةُ مُبْتَدَأٌ ومَا مُبْتَدَأٌ ثَانٍ. والْحَاقَّةُ الْمَذْكُورَةُ ثَانِيًا خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ الثَّانِي وَالْجُمْلَةُ مِنَ الْمُبْتَدَأِ الثَّانِي وَخَبَرِهِ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ الْأَوَّلِ.

ومَا اسْمُ اسْتِفْهَامٍ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّهْوِيلِ وَالتَّعْظِيمِ كَأَنَّهُ قِيلَ: أَتَدْرِي مَا الْحَاقَّةُ؟ أَيْ مَا هِيَ الْحَاقَّةُ، أَيْ شَيْءٌ عَظِيمٌ الْحَاقَّةُ. وَإِعَادَةُ اسْمِ الْمُبْتَدَأِ فِي الْجُمْلَةِ الْوَاقِعَةِ خَبَرًا عَنْهُ تَقُومُ مَقَامَ ضَمِيرِهِ فِي رَبْطِ الْجُمْلَةِ الْمُخْبَرِ بِهَا. وَهُوَ مِنَ الْإِظْهَارِ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ لِقَصْدِ مَا فِي الْاسْمِ مِنَ التَّهْوِيلِ. وَنَظِيرُهُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَصْحابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحابُ الْيَمِينِ [الْوَاقِعَة: 27] .

وَجُمْلَةُ وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُعْتَرِضَةً بَيْنَ جُمْلَةِ مَا الْحَاقَّةُ

وَجُمْلَةِ كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ [الحاقة: 4] ، وَالْوَاوُ اعْتِرَاضِيَّةٌ.

وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةً عَلَى جُمْلَةِ مَا الْحَاقَّةُ.

وَمَا الثَّانِيَةُ اسْتِفْهَامِيَّةٌ، وَالْاسْتِفْهَامُ بِهَا مُكَنًّى بِهِ عَنْ تَعَذُّرِ إِحَاطَةِ عِلْمِ النَّاسِ بِكُنْهِ الْحَاقَّةِ لِأَنَّ الشَّيْءَ الْخَارِجَ عَنِ الْحَدِّ الْمَأْلُوفِ لَا يُتَصَوَّرُ بِسُهُولَةٍ فَمِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُتَسَاءَلَ عَنْ فَهْمِهِ.

وَالْخِطَابُ فِي قَوْلِهِ: وَما أَدْراكَ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ. وَالْمَعْنَى: الْحَاقَّةُ أَمْرٌ عَظِيمٌ لَا تُدْرِكُونَ كُنْهَهُ.

وَتَرْكِيبُ «مَا أَدْرَاكَ كَذَا» مِمَّا جَرَى مَجْرَى الْمَثَلِ فَلَا يُغَيَّرُ عَنْ هَذَا اللَّفْظِ وَهُوَ تَرْكِيبٌ مُرَكَّبٌ مِنْ مَا الْاسْتِفْهَامِيَّةِ وَفِعْلِ (أَدْرَى) الَّذِي يَتَعَدَّى بِهَمْزَةِ التَّعْدِيَةِ إِلَى ثَلَاثَةِ مَفَاعِيلَ مِنْ بَابِ أَعْلَمَ وَأَرَى، فَصَارَ فَاعِلُ فِعْلِهِ الْمُجَرَّدِ وَهُوَ (درى) مَفْعُولا أول بِسَبَبِ التَّعْدِيَةِ. وَقَدْ عُلِّقَ فِعْلُ أَدْراكَ عَنْ نَصْبِ مَفْعُولَيْنِ بِ مَا الْاسْتِفْهَامِيَّةِ الثَّانِيَةِ فِي قَوْلِهِ: مَا الْحَاقَّةُ.

وَأَصْلُ الْكَلَامِ قَبْلَ التَّرْكِيبِ بِالْاسْتِفْهَامِ أَنْ تَقُولَ: أَدْرَكْتُ الْحَاقَّةَ أَمْرًا عَظِيمًا، ثُمَّ صَارَ أَدْرَكَنِي فُلَانٌ الْحَاقَّةَ أَمْرًا عَظِيمًا.

ومَا الْأُولَى اسْتِفْهَامِيَّةٌ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي التَّهْوِيلِ وَالتَّعْظِيمِ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَجَازِ الْمُرْسَلِ

ص: 113