المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الجن (72) : الآيات 8 إلى 9] - التحرير والتنوير - جـ ٢٩

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌67- سُورَةُ الْمُلْكِ

- ‌أَغْرَاضُ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : الْآيَات 3 إِلَى 4]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : الْآيَات 7 الى 9]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : الْآيَات 13 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : الْآيَات 25 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الْملك (67) : آيَة 30]

- ‌68- سُورَةُ الْقَلَمِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : الْآيَات 1 الى 4]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : الْآيَات 5 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : الْآيَات 8 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : الْآيَات 14 إِلَى 15]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : الْآيَات 17 إِلَى 25]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : الْآيَات 26 إِلَى 32]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : آيَة 34]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : الْآيَات 35 إِلَى 36]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : الْآيَات 37 إِلَى 38]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : آيَة 41]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : الْآيَات 42 إِلَى 43]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : الْآيَات 44 إِلَى 45]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : آيَة 46]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : الْآيَات 48 إِلَى 50]

- ‌[سُورَة الْقَلَم (68) : الْآيَات 51 إِلَى 52]

- ‌69- سُورَةُ الْحَاقَّةِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : الْآيَات 1 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : الْآيَات 9 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : الْآيَات 11 إِلَى 12]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : الْآيَات 13 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : الْآيَات 19 إِلَى 24]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : الْآيَات 25 إِلَى 29]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : الْآيَات 30 إِلَى 37]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : الْآيَات 38 إِلَى 43]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : الْآيَات 44 إِلَى 47]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : الْآيَات 49 إِلَى 50]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : آيَة 51]

- ‌[سُورَة الحاقة (69) : آيَة 52]

- ‌70- سُورَةُ الْمَعَارِجِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة المعارج (70) : الْآيَات 1 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة المعارج (70) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة المعارج (70) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة المعارج (70) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة المعارج (70) : الْآيَات 8 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة المعارج (70) : الْآيَات 19 إِلَى 21]

- ‌[سُورَة المعارج (70) : الْآيَات 22 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة المعارج (70) : الْآيَات 36 الى 41]

- ‌[سُورَة المعارج (70) : الْآيَات 42 إِلَى 44]

- ‌71- سُورَةُ نُوحٍ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة نوح (71) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة نوح (71) : الْآيَات 2 الى 4]

- ‌[سُورَة نوح (71) : الْآيَات 5 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة نوح (71) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة نوح (71) : الْآيَات 8 إِلَى 12]

- ‌[سُورَة نوح (71) : الْآيَات 13 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة نوح (71) : الْآيَات 15 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة نوح (71) : الْآيَات 17 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة نوح (71) : الْآيَات 19 إِلَى 20]

- ‌[سُورَة نوح (71) : الْآيَات 21 إِلَى 23]

- ‌[سُورَة نوح (71) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة نوح (71) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة نوح (71) : الْآيَات 26 إِلَى 27]

- ‌[سُورَة نوح (71) : آيَة 28]

- ‌72- سُورَةُ الْجِنِّ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : الْآيَات 1 إِلَى 2]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : الْآيَات 8 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : الْآيَات 14 الى 15]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : الْآيَات 16 إِلَى 17]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : الْآيَات 19 إِلَى 20]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : الْآيَات 21 الى 23]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الْجِنّ (72) : الْآيَات 25 الى 28]

- ‌73- سُورَةُ الْمُزَّمِّلِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة المزمل (73) : الْآيَات 1 الى 4]

- ‌[سُورَة المزمل (73) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة المزمل (73) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة المزمل (73) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة المزمل (73) : الْآيَات 8 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة المزمل (73) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة المزمل (73) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة المزمل (73) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة المزمل (73) : الْآيَات 15 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة المزمل (73) : الْآيَات 17 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة المزمل (73) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة المزمل (73) : آيَة 20]

- ‌74- سُورَةُ الْمُدَّثِّرِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة المدثر (74) : الْآيَات 1 إِلَى 2]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : الْآيَات 8 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : الْآيَات 11 الى 16]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : الْآيَات 17 إِلَى 25]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : الْآيَات 26 إِلَى 30]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : الْآيَات 32 الى 37]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : الْآيَات 38 إِلَى 48]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : الْآيَات 49 إِلَى 51]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : آيَة 52]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة المدثر (74) : الْآيَات 54 إِلَى 56]

- ‌75- سُورَةُ الْقِيَامَةِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الْقِيَامَة (75) : الْآيَات 1 إِلَى 4]

- ‌[سُورَة الْقِيَامَة (75) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْقِيَامَة (75) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الْقِيَامَة (75) : الْآيَات 7 إِلَى 13]

- ‌[سُورَة الْقِيَامَة (75) : الْآيَات 14 إِلَى 15]

- ‌[سُورَة الْقِيَامَة (75) : الْآيَات 16 إِلَى 19]

- ‌[سُورَة الْقِيَامَة (75) : الْآيَات 20 إِلَى 21]

- ‌[سُورَة الْقِيَامَة (75) : الْآيَات 22 إِلَى 25]

- ‌[سُورَة الْقِيَامَة (75) : الْآيَات 26 إِلَى 30]

- ‌[سُورَة الْقِيَامَة (75) : الْآيَات 31 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة الْقِيَامَة (75) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة الْقِيَامَة (75) : الْآيَات 37 إِلَى 40]

- ‌76- سُورَةُ الْإِنْسَانِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : الْآيَات 5 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : الْآيَات 8 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : الْآيَات 11 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : الْآيَات 15 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : الْآيَات 17 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : الْآيَات 23 إِلَى 24]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : الْآيَات 25 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة الْإِنْسَان (76) : آيَة 31]

- ‌77- سُورَةُ الْمُرْسَلَاتِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : الْآيَات 1 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : الْآيَات 8 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : الْآيَات 17 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : الْآيَات 20 إِلَى 23]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : الْآيَات 25 إِلَى 27]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : الْآيَات 29 إِلَى 31]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : الْآيَات 32 إِلَى 33]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : آيَة 34]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : الْآيَات 35 إِلَى 36]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : الْآيَات 38 إِلَى 39]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : الْآيَات 41 إِلَى 44]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : آيَة 45]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : آيَة 46]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : آيَة 49]

- ‌[سُورَة المرسلات (77) : آيَة 50]

الفصل: ‌[سورة الجن (72) : الآيات 8 إلى 9]

وَالْمَعْنَى: أَنَّ رِجَالًا مِنَ الْإِنْسِ ظَنُّوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَبْعَثُ أَحَدًا، أَوْ وَأَنَّا آمَنَّا بِأَنَّهُمْ ظَنُّوا

كَمَا ظَنَنْتُمْ إِلَخْ، أَيْ آمَنَّا بِأَنَّهُمْ أَخْطَأُوا فِي ظَنِّهِمْ.

وَالتَّأْكِيدُ بِ (إِنَّ) الْمَكْسُورَةِ أَوِ الْمَفْتُوحَةِ لِلِاهْتِمَامِ بِالْخَبَرِ لِغَايَتِهِ. وَالْبَعْثُ يَحْتَمِلُ بَعْثَ الرُّسُلِ وَيَحْتَمِلُ بَعْثَ الْأَمْوَاتِ لِلْحَشْرِ، أَيْ حَصَلَ لَهُمْ مِثْلَمَا حَصَلَ لَكُمْ من إِنْكَار الْحَشْر وَمن إِنْكَارِ إِرْسَالِ الرُّسُلِ.

وَالْإِخْبَارُ عَنْ هَذَا فِيهِ تَعْرِيضٌ بِالْمُشْرِكِينَ بِأَنَّ فَسَادَ اعْتِقَادِهِمْ تَجَاوَزَ عَالَمَ الْإِنْسِ إِلَى عَالَمِ الْجِنِّ.

وَجُمْلَةُ كَما ظَنَنْتُمْ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ ظَنُّوا وَمَعْمُولِهِ، فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْقَوْلِ الْمَحْكِيِّ يَقُولُ الْجِنُّ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ يُشَبِّهُونَ كُفَّارَهُمْ بِكُفَّارِ الْإِنْسِ.

وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُخَاطَبِ بِهِ الْمُشْرِكُونَ الَّذِي أَمَرَ رَسُولَهُ بِأَنْ يَقُولَهُ لَهُمْ، وَهَذَا الْوَجْهُ يَتَعَيَّنُ إِذَا جَعَلْنَا الْقَوْلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا [الْجِنّ:

1] عِبَارَةً عَمَّا جَالَ فِي نُفُوسِهِمْ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ هُنَالِكَ.

وأَنْ مِنْ قَوْلِهِ: أَنْ لَنْ يَبْعَثَ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ وَاسْمُهَا ضَمِيرُ شَأْنٍ مَحْذُوفٍ.

وَجُمْلَةُ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً خَبَرُهُ. وَالتَّعْبِيرُ بِحَرْفِ تَأْبِيدِ النَّفْيِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا غَيْرَ مُتَرَدِّدِينَ فِي إِحَالَةِ وُقُوع الْبَعْث.

[8- 9]

[سُورَة الْجِنّ (72) : الْآيَات 8 إِلَى 9]

وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً (9)

قَرَأَ الْجُمْهُورُ وَوَافَقَهُمْ أَبُو جَعْفَرٍ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ وَخَلَفٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ عَطْفًا عَلَى الْمَجْرُورِ بِالْبَاءِ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِهِ عَلَى الْمَجْرُورِ بِالْبَاءِ هُوَ قَوْلُهُ: فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً وَالتَّأْكِيدُ بِ (إِنَّ) فِي قَوْلِهِمْ: وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ لِغَرَابَةِ الْخَبَرِ بِاعْتِبَارِ مَا يَلِيهِ مِنْ قَوْلِهِ: وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ إِلَخْ.

ص: 226

وَاللَّمْسُ: حَقِيقَتُهُ الْجَسُّ بِالْيَدِ، وَيُطْلَقُ مَجَازًا عَلَى اخْتِبَارِ أَمْرٍ لِأَنَّ إِحْسَاسَ الْيَدِ أَقْوَى إِحْسَاسٍ، فَشبه بِهِ الِاخْتِيَار عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ كَمَا أُطْلِقَ مُرَادِفُهُ وَهُوَ الْمَسُّ عَلَى الِاخْتِبَارِ فِي قَوْلِ يَزِيدَ بْنِ الْحَكَمِ الْكِلَابِيِّ:

مَسَسْنَا مِنَ الْآبَاءِ شَيْئًا فَكُلُّنَا

إِلَى نَسَبٍ فِي قَوْمِهِ غَيْرِ وَاضِعِ

أَيْ اخْتَبَرْنَا نَسَبَ آبَائِنَا وَآبَائِكُمْ فَكُنَّا جَمِيعًا كِرَامَ الْآبَاءِ.

ومُلِئَتْ: مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَى كَثُرَ فِيهَا. وَحَقِيقَة الملء عمر فَرَاغِ الْمَكَانِ أَوِ الْإِنَاءِ بِمَا يَحُلُّ فِيهِ، فَأُطْلِقَ هُنَا عَلَى كَثْرَةِ الشُّهُبِ وَالْحُرَّاسِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعَارَةِ.

وَالْحَرَسُ: اسْمُ جَمْعٍ لِلْحُرَّاسِ وَلَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ مِثْلَ خَدَمٍ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ الْوَاحِدُ مِنْهُ بِالْحَرَسِيِّ. وَوُصِفَ بِشَدِيدٍ وَهُوَ مُفْرَدٌ نَظَرًا إِلَى لَفْظِ حَرَسٍ كَمَا يُقَالُ: السَّلَفُ الصَّالِحُ، وَلَوْ نُظِرَ إِلَى مَا يَتَضَمَّنُهُ مِنَ الْآحَادِ لَجَازَ أَنْ يُقَالَ: شِدَادٌ. وَالطَّوَائِفُ مِنَ الْحَرَسِ أَحْرَاسٌ.

وَالشُّهُبُ: جَمْعُ شِهَابٍ وَهُوَ الْقِطْعَةُ الَّتِي تَنْفَصِلُ عَنْ بَعْضِ النُّجُومِ فَتَسْقُطُ فِي الْجَوِّ أَوْ فِي الْأَرْضِ أَوِ الْبَحْرِ وَتَكُونُ مُضَاءَةً عِنْدَ انْفِصَالِهَا ثمَّ يَزُول ضوؤها بِبُعْدِهَا عَنْ مُقَابَلَةِ شُعَاعِ الشَّمْسِ وَتُسَمَّى الْوَاحِدُ مِنْهَا عِنْدَ عُلَمَاءِ الْهَيْئَةِ نَيْزَكًا بِاسْمِ الرُّمْحِ الْقَصِيرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي أَوَّلِ سُورَةِ الصَّافَّاتِ.

وَالْمَعْنَى: إِنَّنَا اخْتَبَرْنَا حَالَ السَّمَاءِ لِاسْتِرَاقِ السَّمْعِ فَوَجَدْنَاهَا كَثِيرَةَ الْحُرَّاسِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَكَثِيرَةَ الشُّهُبِ لِلرَّجْمِ، فَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الشُّهُبَ لَمْ تَكُنْ قَبْلَ بَعْثِ النَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم كَمَا ظَنَّهُ الْجَاحِظُ فَإِنَّ الْعَرَبَ ذَكَرُوا تَسَاقُطَ الشُّهُبِ فِي بَعْضِ شِعْرِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. كَمَا قَالَ فِي «الْكَشَّافِ» وَذَكَرَ شَوَاهِدَهُ مِنَ الشِّعْرِ الْجَاهِلِيِّ.

نَعَمْ يُؤْخَذُ مِنْهَا أَنَّ الشُّهُبَ تَكَاثَرَتْ فِي مُدَّةِ الرِّسَالَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ حِفْظًا لِلْقُرْآنِ مِنْ دَسَائِسِ الشَّيَاطِينِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَقِبَهُ وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ.

وَهَذَا الْكَلَامُ تَوْطِئَةٌ وَتَمْهِيدٌ لِقَوْلِهِمْ بَعْدَهُ: وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ إِلَى آخِرِهِ، إِذِ الْمَقْصُودُ أَنْ يُخْبِرُوا مَنْ لَا خَبَرَ عِنْدَهُ مِنْ نَوْعِهِمْ بِأَنَّهُمْ قَدْ تَبَيَّنُوا سَبَبَ شِدَّةِ حِرَاسَةِ السَّمَاءِ وَكَثْرَة الشهب، وَأما نفس الحراسة وَكَثْرَةِ الشُّهُبِ فَإِنَّ الْمُخْبَرِينَ (بِفَتْحِ الْبَاءِ) يُشَاهِدُونَهُ.

ص: 227

وَقَوْلُهُ: وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ إِلَخْ قَرَأَهُ بِكَسْرِ الْهمزَة الَّذين قرأوا بِالْكَسْرِ قَوْلَهُ: وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ وَبِفَتْحِ الْهمزَة الَّذين قرأوا بِالْفَتْحِ وَهَذَا مِنْ تَمَامِ قَوْلِهِمْ:

وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً. وَإِنَّمَا أُعِيدَ مَعَهُ كَلِمَةُ وَأَنَّا لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْخَبَرَ الَّذِي تَضَمَّنُهُ هُوَ الْمَقْصُودُ وَأَنَّ مَا قَبْلَهُ كَالتَّوْطِئَةِ لَهُ فَإِعَادَةُ وَأَنَّا

تَوْكِيدٌ لَفْظِيٌّ.

وَحَقِيقَةُ الْقُعُودِ الْجُلُوسُ وَهُوَ ضِدُّ الْقِيَامِ، أَيْ هُوَ جَعْلُ النِّصْفِ الْأَسْفَلِ مُبَاشِرًا لِلْأَرْضِ مُسْتَقِرًّا عَلَيْهَا وَانْتِصَابُ النِّصْفِ الْأَعْلَى. وَهُوَ هُنَا مَجَازٌ فِي مُلَازَمَةِ الْمَكَانِ زَمَنًا طَوِيلًا لِأَنَّ مُلَازَمَةَ الْمَكَانِ مِنْ لَوَازِمِ الْقُعُودِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ [التَّوْبَة: 5] .

وَالْمَقَاعِدُ: جَمْعُ مَقْعَدٍ وَهُوَ مَفْعَلٌ لِلْمَكَانِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الْقُعُودُ، وَأُطْلِقَ هُنَا عَلَى مَكَانِ الْمُلَازَمَةِ فَإِنَّ الْقُعُودَ يُطْلَقُ عَلَى مُلَازَمَةِ الْحُصُولِ كَمَا فِي قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:

فَقُلْتُ يَمِينَ اللَّهِ أَبْرَحُ قَاعِدًا وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: لِلسَّمْعِ لَامُ الْعِلَّةِ أَيْ لِأَجْلِ السَّمْعِ، أَيْ لِأَنْ نَسْمَعَ مَا يَجْرِي فِي الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ مِنْ تَصَارِيفِ الْمَلَائِكَةِ بِالتَّكْوِينِ وَالتَّصْرِيفِ، وَلَعَلَّ الْجِنَّ مُنْسَاقُونَ إِلَى ذَلِكَ بِالْجِبِلَّةِ كَمَا تَنْسَاقُ الشَّيَاطِينُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ، وَضَمِيرُ مِنْها لِلسَّمَاءِ.

وَ (مِنْ) تَبْعِيضِيَّةٌ، أَيْ مِنْ سَاحَاتِهَا وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِ نَقْعُدُ، وَلَيْسَ الْمَجْرُورُ حَالًا مِنْ مَقاعِدَ مُقَدَّمًا عَلَى صَاحِبِهِ لِأَنَّ السِّيَاقَ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَالِهِمْ فِي السَّمَاءِ فَالْعِنَايَةُ بِمُتَعَلِّقِ فِعْلِ الْقُعُودِ أَوْلَى، وَنَظِيرُهُ قَوْلُ كَعْبٍ:

يَمْشِي الْقُرَادُ عَلَيْهَا ثُمَّ يُزْلِقُهُ

مِنْهَا لَبَانٌ وَأَقْرَبُ زَهَالِيلُ

فَقَوْلُهُ (مِنْهَا) مُتَعَلِّقٌ بِفِعْلِ (يُزْلِقُهُ) وَلَيْسَ حَالًا مِنْ (لَبَانٍ) .

وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ جَرَى عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ مَبْحَثٌ فِي مَبَاحِثِ فَصَاحَةِ الْكَلِمَاتِ نَسَبَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي «الْمَثَلِ السَّائِرِ» إِلَى ابْنِ سِنَانٍ الْخَفَاجِيِّ فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ يَجِيءُ مِنَ الْكَلَامِ مَا مَعَهُ قَرِينُهُ فَأَوْجَبَ قُبْحَهُ كَقَوْلِ الرَّضِيِّ فِي رِثَاءِ الصَّابِي:

أَعْزِزْ عَلَيَّ بِأَنْ أَرَاكَ وَقَدْ خَلَا

عَنْ جَانِبَيْكَ مَقَاعِدُ الْعُوَّادِ

فَإِنَّ إِيرَادَ هَذِهِ اللَّفْظَةِ (أَيْ مَقَاعِدَ) فِي هَذَا الْمَوْضِعِ صَحِيحٌ إِلَّا أَنَّهُ يُوَافِقُ مَا

ص: 228

يُكْرَهُ ذِكْرُهُ لَا سِيَّمَا وَقَدْ أَضَافَهُ إِلَى مَنْ يُحْتَمَلُ إِضَافَتُهُ (أَيْ مَا يُكْرَهُ) إِلَيْهِ وَهُمُ الْعُوَّادُ. وَلَوِ انْفَرَدَ لَكَانَ الْأَمْرُ فِيهِ سَهْلًا. قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: هَذِهِ اللَّفْظَةُ الْمَعِيبَةُ فِي شِعْرِ الرَّضِيِّ قَدْ جَاءَتْ فِي الْقُرْآنِ فَجَاءَتْ حَسَنَةً مَرْضِيَّةً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ [آل عمرَان:

121] وَقَوْلِهِ: وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ غَيْرُ مُضَافَةٍ إِلَى مَنْ تَقْبُحُ إِضَافَتُهَا إِلَيْهِ وَلَوْ قَالَ الشَّاعِرُ بَدَلًا مِنْ مَقَاعِدِ الْعُوَّادِ مَقَاعِدَ الزِّيَارَةِ

لَزَالَتْ تِلْكَ الْهُجْنَةُ اهـ. وَأَقُولُ: إِنَّ لِمُصْطَلَحَاتِ النَّاسِ فِي اسْتِعْمَالِ الْكَلِمَاتِ أَثَرًا فِي وَقْعِ الْكَلِمَاتِ عِنْدَ الْأَفْهَامِ.

وَالْفَاءُ الَّتِي فُرِّعَتْ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً تَفْرِيعٌ عَلَى مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ فِعْلُ كُنَّا وترتب الشَّرْط وجزائه عَلَيْهِ وَتَقْدِيرُهُ: كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا (أَيْ مِنَ السَّمَاءِ) مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَنَسْتَمِعُ أَشْيَاءَ فَمَنْ يَسْتَمِعُ الْآنَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ السَّمَاعِ.

وَكَلِمَةُ الْآنَ مُقَابِلُ كَلِمَةِ كُنَّا، أَيْ كَانَ ذَلِكَ ثُمَّ انْقَضَى.

وَجِيءَ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ وَجَوَابِهِ فِي التَّفْرِيعِ لِأَنَّ الْغَرَضَ تَحْذِيرُ إِخْوَانِهِمْ مِنَ التَّعَرُّضِ لِلِاسْتِمَاعِ لِأَنَّ الْمُسْتَمِعَ يَتَعَرَّضُ لِأَذَى الشُّهُبِ.

وَالْجِنُّ لَا تَنْكُفُ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ مُنْسَاقُونَ إِلَيْهِ بِالطَّبْعِ مَعَ مَا يَنَالُهُمْ مِنْ أَذَى الرَّجْمِ وَالِاحْتِرَاقِ، شَأْنَ انْسِيَاقِ الْمَخْلُوقَاتِ إِلَى مَا خُلِقَتْ لَهُ مِثْلَ تَهَافُتِ الْفَرَاشِ عَلَى النَّارِ، لِاحْتِمَالِ ضَعْفِ الْقُوَّةِ الْمُفَكِّرَةِ فِي الْجِنِّ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَيْهَا الشَّهْوَةُ، وَنَحْنُ نَرَى الْبَشَرَ يَقْتَحِمُونَ الْأَخْطَارَ وَالْمَهَالِكَ تَبَعًا لِلْهَوَى مِثْلَ مُغَامَرَاتِ الْهُوَاةِ فِي الْبِحَارِ وَالْجِبَال والثلوج.

وَوَقع شِهاباً فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ يُفِيدُ الْعُمُومَ لِأَنَّ سِيَاقَ الشَّرْطِ بِمَنْزِلَةِ سِيَاقِ النَّفْيِ فِي إِفَادَةِ عُمُومِ النَّكِرَةِ.

وَالرَّصَدُ: اسْمُ جَمْعِ رَاصِدٍ وَهُوَ الْحَافِظُ لِلشَّيْءِ وَهُوَ وَصْفٌ لِ شِهاباً، أَيْ شُهُبًا رَاصِدَةً، وَوَصْفُهَا بِالرَّصَدِ اسْتِعَارَةٌ شُبِّهَتْ بِالْحُرَّاسِ الرَّاصِدِينَ. وَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى انْقِرَاضِ الْكِهَانَةِ إِذِ الْكَاهِنُ يَتَلَقَّى مِنَ الْجِنِّيِّ أَنْبَاءً مُجْمَلَةً بِمَا يَتَلَقَّفُهُ الْجِنِّيُّ مِنْ خَبَرِ الْغَيْبِ تَلَقُّفَ اخْتِطَافٍ نَاقِصًا فَيُكْمِلُهُ الْكَاهِنُ بِحَدْسِهِ بِمَا يُنَاسِبُ مَجَارِيَ أَحْوَالِ قَوْمِهِ وَبَلَدِهِ.

وَفِي الْحَدِيثِ «فَيَزِيدُ عَلَى تِلْكَ الْكَلِمَةِ مِائَةَ كِذْبَةٍ»

.

ص: 229