الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ
الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ: نَصِيباً قَالَ:
حَظًّا مِنَ الْكِتابِ قَالَ: التَّوْرَاةُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ قَالَ: يَعْنُونَ الْأَيَّامَ الَّتِي خَلَقَ اللَّهُ فِيهَا آدَمَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كانُوا يَفْتَرُونَ حِينَ قَالُوا نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ يَعْنِي تُوَفَّى كُلُّ نَفْسِ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ مَا كَسَبَتْ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ يعني: من أعمالهم.
[سورة آل عمران (3) : الآيات 26 الى 27]
قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (27)
قَوْلُهُ: قُلِ اللَّهُمَّ. قَالَ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ وَجَمِيعُ الْبَصْرِيِّينَ: إِنْ أَصْلَ اللَّهُمَّ يَا اللَّهُ، فَلَمَّا اسْتُعْمِلَتِ الْكَلِمَةُ دُونَ حرف النداء الَّذِي هُوَ «يَا» جَعَلُوا بَدَلَهُ هَذِهِ الْمِيمَ المشددة، فجاؤوا بِحَرْفَيْنِ وَهُمَا الْمِيمَانِ عِوَضًا مِنْ حَرْفَيْنِ وَهُمَا الْيَاءُ وَالْأَلِفُ وَالضَّمَّةُ فِي الْهَاءِ: هِيَ ضَمَّةُ الِاسْمِ الْمُنَادَى الْمُفْرَدِ. وَذَهَبَ الْفَرَّاءُ وَالْكُوفِيُّونَ:
إِلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي اللَّهُمَّ يَا اللَّهُ أُمَّنَا بخير، فحذف وخلط الكلمتين وَالضَّمَّةُ الَّتِي فِي الْهَاءِ: هِيَ الضَّمَّةُ الَّتِي كَانَتْ فِي أُمَّنَا، لَمَّا حُذِفَتِ الْهَمْزَةُ انْتَقَلَتِ الحركة. قال النحاس: هذا عند الكوفيين مِنَ الْخَطَأِ الْعَظِيمِ، وَالْقَوْلُ فِي هَذَا: مَا قاله الخليل وسيبويه. وقال الْكُوفِيُّونَ: وَقَدْ يُدْخَلُ حَرْفُ النِّدَاءِ عَلَى اللَّهُمَّ، وَأَنْشَدُوا فِي ذَلِكَ قَوْلَ الرَّاجِزِ:
غَفَرْتَ أَوْ عَذَّبْتَ يَا اللَّهُمَّا وَقَوْلَ الْآخَرِ:
وَمَا عَلَيْكَ أن تقولي كلّما
…
سبّحت أو هلّلت يا اللهمّ ما
وَقَوْلَ الْآخَرِ:
إِنِّي إِذَا مَا حَدَثٌ أَلَمَّا
…
أقول يا اللهمّ يا اللهمّا
قَالُوا: وَلَوْ كَانَ الْمِيمُ عِوَضًا مِنْ حَرْفِ النداء لما اجتمعا. قال الزجاج: هذا شَاذٌّ لَا يُعْرَفُ قَائِلُهُ. قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: مَنْ قَالَ: اللَّهُمَّ، فَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِجَمِيعِ أَسْمَائِهِ. قَوْلُهُ: مالِكَ الْمُلْكِ أَيْ: مَالِكَ جِنْسِ الْمُلْكِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَمَالِكَ: مَنْصُوبٌ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ عَلَى أَنَّهُ نِدَاءٌ ثَانٍ، أَيْ: يَا مَالِكَ الْمُلْكِ، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ أَنْ يَكُونَ وَصْفًا لِقَوْلِهِ: اللَّهُمَّ لِأَنَّ الْمِيمَ عِنْدَهُ تَمْنَعُ الْوَصْفِيَّةَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُبَرِّدُ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ: إِنَّهُ صِفَةٌ لِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ «1» .
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ: وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُبَرِّدِ، وَمَا قَالَهُ سِيبَوَيْهِ أَصْوَبُ وَأَبْيَنُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ اسم مفرد ضم إليه
(1) . الزمر: 46.
صَوْتٌ، وَالْأَصْوَاتُ لَا تُوصَفُ، نَحْوَ: غَاقْ وَمَا أَشْبَهَهُ. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَالْمَعْنَى مَالِكُ الْعِبَادِ وَمَا مَلَكُوا وَقِيلَ:
الْمَعْنَى مَالِكُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَقِيلَ: الْمُلْكُ هُنَا: النُّبُوَّةُ وَقِيلَ: الْغَلَبَةُ وَقِيلَ: الْمَالُ وَالْعَبِيدُ. وَالظَّاهِرُ شُمُولُهُ لِمَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمُلْكِ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ: تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ أَيْ: مَنْ تَشَاءُ إِيتَاءَهُ إِيَّاهُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ نَزْعَهُ مِنْهُ. وَالْمُرَادُ بِمَا يُؤْتِيهِ مِنَ الْمُلْكِ وَيَنْزِعُهُ: هُوَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ ذَلِكَ الْمُلْكِ الْعَامِّ. قَوْلُهُ:
وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ أَيْ: فِي الدُّنْيَا، أَوْ فِي الْآخِرَةِ، أَوْ فِيهِمَا، يُقَالُ: عَزَّ، إِذَا غَلَبَ، وَمِنْهُ: وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ «1» وَقَوْلُهُ: وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ أَيْ: فِي الدُّنْيَا، أَوْ فِي الْآخِرَةِ، أَوْ فِيهِمَا، يُقَالُ: ذَلَّ ذُلًّا، إِذَا غَلَبَ وَقَهَرَ. قَوْلُهُ: بِيَدِكَ الْخَيْرُ تَقْدِيمُ الْخَبَرِ لِلتَّخْصِيصِ، أَيْ: بِيَدِكَ الْخَيْرُ لَا بِيَدِ غَيْرِكَ، وَذَكَرَ الْخَيْرَ دُونَ الشَّرِّ: لِأَنَّ الْخَيْرَ بِفَضْلٍ مَحْضٍ، بِخِلَافِ الشَّرِّ فَإِنَّهُ يَكُونُ جَزَاءً لِعَمَلٍ وُصِلَ إِلَيْهِ. وَقِيلَ: لِأَنَّ كُلَّ شَرٍّ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ مِنْ قَضَائِهِ سُبْحَانَهُ هُوَ مُتَضَمِّنٌ لِلْخَيْرِ، فَأَفْعَالُهُ كُلُّهَا خَيْرٌ، وَقِيلَ: إِنَّهُ حُذِفَ كَمَا حُذِفَ فِي قَوْلِهِ: سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ «2» وَأَصْلُهُ: بِيَدِكَ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ وَقِيلَ: خَصَّ الْخَيْرَ لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ دُعَاءٍ.
قَوْلُهُ: إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ: تَعْلِيلٌ لِمَا سَبَقَ وَتَحْقِيقٌ لَهُ. قَوْلُهُ: تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ أَيْ: تُدْخِلُ مَا نَقَصَ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ وَقِيلَ: الْمَعْنَى: تُعَاقِبُ بَيْنَهُمَا، وَيَكُونُ زَوَالُ أَحَدِهِمَا وُلُوجًا فِي الْآخَرِ. قَوْلُهُ: وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ قِيلَ: الْمُرَادُ إِخْرَاجُ الْحَيَوَانِ وَهُوَ حَيٌّ مِنَ النُّطْفَةِ وَهِيَ مَيْتَةٌ، وَإِخْرَاجُ النُّطْفَةِ وَهِيَ مَيْتَةٌ مِنَ الْحَيَوَانِ وَهُوَ حَيٌّ وَقِيلَ: الْمُرَادُ إِخْرَاجُ الطَّائِرِ وَهُوَ حَيٌّ مِنَ الْبَيْضَةِ وَهِيَ مَيْتَةٌ، وَإِخْرَاجُ الْبَيْضَةِ وَهِيَ مَيْتَةٌ مِنَ الدَّجَاجَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ وَقِيلَ: الْمُرَادُ إِخْرَاجُ الْمُؤْمِنِ مِنَ الْكَافِرِ وَالْكَافِرِ مِنَ الْمُؤْمِنِ. قَوْلُهُ: بِغَيْرِ حِسابٍ أَيْ: بِغَيْرِ تَضْيِيقٍ وَلَا تَقْتِيرٍ، كَمَا تَقُولُ:
فُلَانٌ يُعْطِي بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَالْبَاءُ: مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ وَقَعَ حَالًا.
وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يَجْعَلَ مُلْكَ فَارِسَ وَالرُّومِ فِي أُمَّتِهِ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ: قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ إِلَى قَوْلِهِ: بِغَيْرِ حِسابٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ مُعَاذٍ: «أَنَّهُ شَكَا إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم دَيْنًا عَلَيْهِ، فَعَلَّمَهُ أَنْ يَتْلُوَ هَذِهِ الْآيَةَ، ثُمَّ يَقُولَ: رَحْمَنُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَرَحِيمُهُمَا، تُعْطِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُمَا وَتَمْنَعُ مَنْ تَشَاءُ، ارْحَمْنِي رَحْمَةً تُغْنِينِي بِهَا عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ، اللَّهُمَّ أَغْنِنِي مِنَ الْفَقْرِ وَاقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ» . وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمُعَاذٍ: «أَلَا أُعَلِّمَكَ دُعَاءً تَدْعُو بِهِ لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ دَيْنًا لَأَدَّاهُ اللَّهُ عَنْكَ» فَذَكَرَهُ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ «3» بَعْضُ فَضَائِلِ هَذِهِ الْآيَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ قَالَ: النُّبُوَّةَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ: تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ الْآيَةَ، قَالَ:
تَأْخُذُ الصَّيْفَ مِنَ الشِّتَاءِ، وَتَأْخُذُ الشِّتَاءَ مِنَ الصَّيْفِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ تُخْرِجُ الرَّجُلَ الْحَيَّ مِنَ النُّطْفَةِ الْمَيِّتَةِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ تُخْرِجُ النُّطْفَةَ الْمَيِّتَةَ مِنَ الرَّجُلِ الحيّ. وأخرج عبد بن حميد، وابن
(1) . ص: 23.
(2)
. النحل: 81.
(3)
. آل عمران: 18.