الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ
مِمَّا كَتَبَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ قِيلَ: بَعْدَ قَبُولِ الدِّيَةِ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ وَأَخْرَجَ ابن جرير عن قتادة قال: كان في أَهْلُ التَّوْرَاةِ إِنَّمَا هُوَ الْقِصَاصُ أَوِ الْعَفْوُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا أَرْشٌ، وَكَانَ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ إِنَّمَا هُوَ الْعَفْوُ أُمِرُوا بِهِ، وَجَعَلَ اللَّهُ لِهَذِهِ الأمة القتل والعفو والدية إن شاؤوا، أَحَلَّهَا لَهُمْ وَلَمْ تَكُنْ لِأُمَّةٍ قَبْلَهُمْ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ أُصِيبَ بِقَتْلٍ أَوْ خَبَلٍ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ يَقْتَصَّ، وَإِمَّا أَنْ يَعْفُوَ، وَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ فَإِنْ أَرَادَ الرَّابِعَةَ فَخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ، وَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ نَارُ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا أَبَدًا» . وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّهُ إِذَا قَتَلَ بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ فَلَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ قَالَ: فَعَلَيْهِ الْقَتْلُ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ الدِّيَةُ. قَالَ وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا أُعَافِي رَجُلًا قَتَلَ بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ» وَأَخْرَجَ سَمُّوَيْهِ فِي فَوَائِدِهِ، عَنْ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ: يَقْتُلُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ قَالَ: جَعَلَ اللَّهُ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةً، وَنَكَالًا، وَعِظَةً إِذَا ذَكَرَهُ الظَّالِمُ الْمُعْتَدِي كَفَّ عَنِ الْقَتْلِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ قَالَ: لَعَلَّكَ تَتَّقِي أَنْ تَقْتُلَهُ فَتُقْتَلَ بِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قوله: يا أُولِي الْأَلْبابِ قَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ لُبٌّ يَذْكُرُ الْقِصَاصَ فَيَحْجِزُهُ خَوْفُ الْقِصَاصِ عَنِ الْقَتْلِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ قَالَ: لِكَيْ تَتَّقُوا الدِّمَاءَ مَخَافَةَ الْقِصَاصِ.
[سورة البقرة (2) : الآيات 180 الى 182]
كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181) فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (182)
قَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى: كُتِبَ قَرِيبًا، وَحُضُورُ الْمَوْتِ: حُضُورُ أَسْبَابِهِ، وَظُهُورُ عَلَامَاتِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ عَنْتَرَةَ:
وَإِنَّ الْمَوْتَ طَوْعُ يَدِي إذا ما
…
وصلت بنانها بالهندوان
وَقَالَ جَرِيرٌ:
أَنَا الْمَوْتُ الَّذِي حُدِّثْتَ عَنْهُ
…
فليس لهارب منّي نجاء
وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَنَّثِ الْفِعْلُ الْمُسْنَدُ إِلَى الْوَصِيَّةِ، وَهُوَ كُتِبَ لِوُجُودِ الْفَاصِلِ بَيْنَهُمَا- وَقِيلَ: لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْإِيصَاءِ، وَقَدْ رُوِيَ جَوَازُ إِسْنَادِ مَا لَا تَأْنِيثَ فِيهِ إِلَى الْمُؤَنَّثِ مَعَ عَدَمِ الْفَصْلِ. وَقَدْ حَكَى سِيبَوَيْهِ: قَامَ امْرَأَةٌ، وَهُوَ خِلَافُ مَا أَطْبَقَ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْعَرَبِيَّةِ، وَشَرَطَ سُبْحَانَهُ مَا كَتَبَهُ مِنَ الْوَصِيَّةِ بِأَنْ يَتْرُكَ الْمُوصِي خَيْرًا. وَاخْتُلِفَ فِي جَوَابِ هَذَا الشَّرْطِ مَا هُوَ؟ فَرُوِيَ عَنِ الْأَخْفَشِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا أَنَّ التَّقْدِيرَ: إِنْ تَرَكَ خَيْرًا فَالْوَصِيَّةُ، ثُمَّ حُذِفَتِ الْفَاءُ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
مَنْ يَفْعَلِ الْحَسَنَاتِ اللَّهُ يَشْكُرُهَا
…
وَالشَّرُّ بِالشَّرِّ عِنْدَ اللَّهِ مِثْلَانِ
وَالثَّانِي: أَنَّ جَوَابَهُ مُقَدَّرٌ قَبْلَهُ. أَيْ: كُتِبَ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مِقْدَارِ الْخَيْرِ، فَقِيلَ: مَا زَادَ عَلَى سَبْعِمِائَةِ دِينَارٍ، وَقِيلَ: أَلْفُ دِينَارٍ وَقِيلَ: مَا زَادَ عَلَى خَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ. وَالْوَصِيَّةُ فِي الْأَصْلِ: عِبَارَةٌ عَنِ الْأَمْرِ بِالشَّيْءِ، وَالْعَهْدِ بِهِ فِي الْحَيَاةِ وَبَعْدَ الْمَوْتِ، وَهِيَ هُنَا: عِبَارَةٌ عَنِ الْأَمْرِ بِالشَّيْءِ لِبَعْدِ الْمَوْتِ. وَقَدِ اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى وُجُوبِ الْوَصِيَّةِ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ أَوْ نَحْوُهَا. وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ فَقِيرًا أَوْ غَنِيًّا وقال طَائِفَةٌ: إِنَّهَا وَاجِبَةٌ. وَلَمْ يُبَيِّنِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ هَاهُنَا الْقَدْرَ الَّذِي كَتَبَ الْوَصِيَّةُ بِهِ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ فَقِيلَ: الْخُمُسُ وَقِيلَ: الرُّبُعُ وَقِيلَ: الثُّلُثُ. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هَلْ هِيَ مُحْكَمَةٌ أَوْ مَنْسُوخَةٌ؟ فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهَا مُحْكَمَةٌ، قَالُوا: وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ عَامَّةً فَمَعْنَاهَا الْخُصُوصُ.
وَالْمُرَادُ بِهَا مِنَ الْوَالِدَيْنِ مَنْ لَا يَرِثُ كَالْأَبَوَيْنِ الْكَافِرَيْنِ وَمَنْ هُوَ فِي الرِّقِّ، وَمِنَ الْأَقْرَبِينَ مَنْ عَدَا الْوَرَثَةِ مِنْهُمْ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الوصية للوالدين الذين لَا يَرِثَانِ، وَالْأَقْرِبَاءِ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ جَائِزَةٌ. وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ الْمَوَارِيثِ مَعَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» وَهُوَ حَدِيثٌ صَحَّحَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَرُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّهُ نَسَخَ الْوُجُوبَ وَنَفَى النَّدْبَ، وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَمَالِكٍ. قَوْلُهُ: بِالْمَعْرُوفِ أَيِ: الْعَدْلِ، لَا وَكْسَ فِيهِ وَلَا شَطَطَ. وَقَدْ أَذِنَ اللَّهُ لِلْمَيِّتِ بِالثُّلُثِ دون ما زاد عليه. قوله: حَقًّا مَصْدَرٌ مَعْنَاهُ: الثُّبُوتُ وَالْوُجُوبُ.
قَوْلُهُ: فَمَنْ بَدَّلَهُ هَذَا الضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَى الْإِيصَاءِ الْمَفْهُومِ مِنَ الْوَصِيَّةِ، وَكَذَلِكَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ:
سَمِعَهُ وَالتَّبْدِيلُ: التَّغْيِيرُ، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: فَإِنَّما إِثْمُهُ رَاجِعٌ إِلَى التَّبْدِيلِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ:
بَدَّلَهُ وَهَذَا وَعِيدٌ لِمَنْ غَيَّرَ الْوَصِيَّةَ الْمُطَابِقَةَ لِلْحَقِّ الَّتِي لَا جَنَفَ فِيهَا وَلَا مُضَارَّةَ، وَأَنَّهُ يَبُوءُ بِالْإِثْمِ، وَلَيْسَ عَلَى الْمُوصِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، فَقَدْ تَخَلَّصَ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ بِالْوَصِيَّةِ بِهِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ إِذَا أَوْصَى بِمَا لَا يَجُوزُ، مِثْلَ أَنْ يُوصِيَ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ شَيْءٍ مِنَ الْمَعَاصِي أَنَّهُ يَجُوزُ تَبْدِيلُهُ، وَلَا يَجُوزُ إِمْضَاؤُهُ كَمَا لَا يَجُوزُ إِمْضَاءُ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ. قَالَهُ أَبُو عُمَرَ. انْتَهَى. وَالْجَنَفُ: الْمُجَاوَزَةُ، مِنْ جَنِفَ يَجْنَفُ: إِذَا جَاوَزَ، قَالَهُ النَّحَّاسُ وَقِيلَ: الْجَنَفُ: الْمَيْلُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَعْشَى:
تَجَانَفْ عَنْ حجر «1» اليمامة ناقتي
…
وَمَا قَصَدْتُ مِنْ أَهْلِهَا لِسِوائِكَا
قَالَ فِي الصِّحَاحِ: الْجَنَفُ: الْمَيْلُ، وَكَذَا فِي الْكَشَّافِ. وَقَالَ لَبِيدٌ:
إِنِّي امْرُؤٌ مَنَعَتْ أَرُومَةُ عَامِرٍ
…
ضَيْمِي وَقَدْ جَنَفَتْ عَلَيَّ خُصُومِي
وَقَوْلُهُ: فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ أَيْ: أَصْلَحَ مَا وَقَعَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ مِنَ الشقاق والاضطراب بسبب الوصية
(1) . في لسان العرب: «عن جوّ» .
بِإِبْطَالِ مَا فِيهِ ضِرَارٌ وَمُخَالَفَةٌ لِمَا شَرَعَهُ اللَّهُ وَإِثْبَاتُ مَا هُوَ حَقٌّ كَالْوَصِيَّةِ فِي قربة لِغَيْرِ وَارِثٍ، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ:
بَيْنَهُمْ رَاجِعٌ إِلَى الْوَرَثَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُمْ ذِكْرٌ، لِأَنَّهُ قَدْ عُرِفَ أَنَّهُمُ الْمُرَادُونَ مِنَ السِّيَاقِ وَقِيلَ: رَاجِعٌ إِلَى الْمُوصَى لَهُمْ، وَهُمُ الْأَبَوَانِ والقرابة.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: إِنْ تَرَكَ خَيْراً قَالَ: مَالًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنْ لَمْ يَتْرُكْ سِتِّينَ دِينَارًا لَمْ يَتْرُكْ خَيْرًا.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ دَخَلَ عَلَى مَوْلًى لَهُمْ فِي الْمَوْتِ وَلَهُ سَبْعُمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَالَ: أَلَا أُوصِي؟ قَالَ لَا؟ إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ: إِنْ تَرَكَ خَيْراً وَلَيْسَ لَكَ كَثِيرُ مَالٍ فَدَعْ مَالَكَ لِوَرَثَتِكَ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَائِشَةَ، أن رجلا قال لها: أريد أو أُوصِيَ قَالَتْ: كَمْ مَالُكَ؟ قَالَ: ثَلَاثَةُ آلَافٍ، قَالَتْ: كَمْ عِيَالُكَ؟ قَالَ: أَرْبَعَةٌ، قَالَتْ: قَالَ اللَّهُ: إِنْ تَرَكَ خَيْراً وَإِنَّ هَذَا شَيْءٌ يَسِيرٌ فَاتْرُكْهُ لِعِيَالِكَ فَهُوَ أَفْضَلُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِذَا تَرَكَ الْمَيِّتُ سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَلَا يُوصِي. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: جَعَلَ اللَّهُ الْوَصِيَّةَ حَقًّا مِمَّا قَلَّ مِنْهُ وَمِمَّا كَثُرَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَذَكَرَ حَدِيثًا وَفِيهِ: «انْظُرْ قَرَابَتَكَ الَّذِينَ يَحْتَاجُونَ وَلَا يَرِثُونَ، فَأَوْصِ لَهُمْ مِنْ مَالِكَ بِالْمَعْرُوفِ» وَأَخْرَجَا أَيْضًا عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: مَنْ أَوْصَى لِقَوْمٍ وَسَمَّاهُمْ وَتَرَكَ ذَوِي قَرَابَتِهِ مُحْتَاجِينَ انْتُزِعَتْ مِنْهُمْ وَرُدَّتْ عَلَى قَرَابَتِهِ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَأَحْمَدُ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَأَبُو دَاوُدَ فِي النَّاسِخِ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نُسِخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَأَخْرَجَ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَبُو دَاوُدَ فِي نَاسِخِهِ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَسَخَهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ «1» الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ الْمِيرَاثِ. وَأَخْرَجَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: فِي الْآيَةِ نَسْخُ مَنْ يَرِثُ، وَلَمْ يَنْسَخِ الْأَقْرَبِينَ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: هَذِهِ الْآيَةُ نَسَخَتْهَا آيَةُ الْمِيرَاثِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَمَنْ بَدَّلَهُ الْآيَةَ، قَالَ: وَقَدْ وَقَعَ أَجْرُ الْمُوصِي عَلَى الله وبرىء مِنْ إِثْمِهِ، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: جَنَفاً يَعْنِي: إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ قَالَ: إِذَا أَخْطَأَ الْمَيِّتُ فِي وَصِيَّتِهِ أَوْ حَافَ فِيهَا فَلَيْسَ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ حَرَجٌ أَنْ يَرُدُّوا خَطَأَهُ إِلَى الصَّوَابِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ نَحْوَهُ لَكِنَّهُ فَسَّرَ الْجَنَفَ بِالْمَيْلِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:
جَنَفاً أَوْ إِثْماً قَالَ: خَطَأً أَوْ عَمْدًا. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْهُ قَالَ: الْجَنَفُ فِي الوصية والإضرار فيها من الكبائر.
(1) . النساء: 7.