الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سورة آل عمران (3) : الآيات 156 الى 164]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا مَا ماتُوا وَما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156) وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157) وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158) فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160)
وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (161) أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162) هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (163) لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (164)
قَوْلُهُ: لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ قَالُوا: لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا.
قَوْلُهُ: وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ فِي النِّفَاقِ أَوْ فِي النَّسَبِ، أَيْ: قَالُوا لِأَجْلِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ إِذَا سَارُوا فِيهَا لِلتِّجَارَةِ أَوْ نَحْوِهَا قِيلَ: إِنَّ إِذَا هُنَا الْمُفِيدَةَ لِمَعْنَى الِاسْتِقْبَالِ: بِمَعْنَى إِذِ الْمُفِيدَةِ لِمَعْنَى الْمُضِيِّ وَقِيلَ:
هِيَ عَلَى مَعْنَاهَا، وَالْمُرَادُ هُنَا حِكَايَةُ الْحَالِ الْمَاضِيَةِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: إِذَا هُنَا تنوب عن ما مَضَى مِنَ الزَّمَانِ وَمَا يُسْتَقْبَلُ أَوْ كانُوا غُزًّى جَمْعُ غَازٍ، كَرَاكِعٍ وَرُكَّعٍ، وَغَائِبٍ وَغُيَّبٍ، قَالَ الشَّاعِرُ:
قُلْ لِلْقَوَافِلِ وَالْغُزَّى إِذَا غَزَوْا «1»
.......
لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ اللَّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ: قالُوا أَيْ: قَالُوا ذَلِكَ وَاعْتَقَدُوهُ لِيَكُونَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ. وَالْمُرَادُ: أَنَّهُ صَارَ ظَنُّهُمْ أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَخْرُجُوا مَا قُتِلُوا حَسْرَةً، أَوْ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ: لَا تَكُونُوا أَيْ: لَا تَكُونُوا مِثْلَهُمْ فِي اعْتِقَادِ ذَلِكَ، لِيَجْعَلَهُ اللَّهُ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ فَقَطْ دُونَ قُلُوبِكُمْ وَقِيلَ: الْمَعْنَى: لَا تَلْتَفِتُوا إِلَيْهِمْ لِيَجْعَلَ اللَّهُ عَدَمَ الْتِفَاتِكُمْ إِلَيْهِمْ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَقِيلَ: الْمُرَادُ: حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْخِزْيِ وَالنَّدَامَةِ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ فِيهِ رَدٌّ عَلَى قَوْلِهِمْ، أَيْ: ذَلِكَ بِيَدِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ يَصْنَعُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ، فَيُحْيِي مَنْ يُرِيدُ، وَيُمِيتُ مَنْ يُرِيدُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لِلسَّفَرِ أَوِ الْغَزْوِ أَثَرٌ فِي ذَلِكَ، وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ مُوَطِّئَةٌ. وَقَوْلُهُ: لَمَغْفِرَةٌ جَوَابُ الْقَسَمِ سَادٌّ مَسَدَّ جَوَابِ الشَّرْطِ، وَالْمَعْنَى:
أَنَّ السَّفَرَ وَالْغَزْوَ لَيْسَا مِمَّا يَجْلِبُ الْمَوْتَ، وَلَئِنْ وَقَعَ ذَلِكَ فبأمر اللَّهِ سُبْحَانَهُ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ أَيِ: الْكَفَرَةُ مِنْ مَنَافِعِ الدُّنْيَا وَطَيِّبَاتِهَا مُدَّةَ أَعْمَارِهِمْ، عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ: بالياء التحتية، أو خير
(1) . هو صدر بيت لزياد الأعجم، وعجزه: والباكرين وللمجدّ الرّامح.
مِمَّا تَجْمَعُونَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ مِنَ الدُّنْيَا وَمَنَافِعِهَا، عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ: بِالْفَوْقِيَّةِ. وَالْمَقْصُودُ فِي الْآيَةِ: بَيَانُ مَزِيَّةِ الْقَتْلِ أَوِ الْمَوْتِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَزِيَادَةِ تَأْثِيرِهِمَا فِي اسْتِجْلَابِ الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ. قَوْلُهُ: وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ، حَسَبَ تَعَلُّقِ الْإِرَادَةِ الْإِلَهِيَّةِ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ هُوَ جَوَابُ الْقَسَمِ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ بِاللَّامِ الْمُوَطِّئَةِ، سَادٌّ مَسَدَّ جَوَابِ الشَّرْطِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجُمْلَةِ الْأُولَى: أَيْ: إِلَى الرَّبِّ الْوَاسِعِ الْمَغْفِرَةِ تُحْشَرُونَ، لَا إِلَى غَيْرِهِ، كَمَا يُفِيدُهُ تَقْدِيمُ الظَّرْفِ عَلَى الْفِعْلِ، مَعَ مَا فِي تَخْصِيصِ اسْمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِالذِّكْرِ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى كَمَالِ اللُّطْفِ وَالْقَهْرِ. وَمَا فِي قَوْلِهِ: فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ مَزِيدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ، قال سِيبَوَيْهَ وَغَيْرُهُ وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: إِنَّهَا نَكِرَةٌ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ بِالْبَاءِ، وَرَحْمَةٍ: بَدَلٌ مِنْهَا، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى بِقَوَاعِدِ الْعَرَبِيَّةِ، وَمِثْلُهُ:
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: لِنْتَ لَهُمْ وَقُدِّمَ عَلَيْهِ لِإِفَادَةِ الْقَصْرِ، وَتَنْوِينُ رَحْمَةٍ لِلتَّعْظِيمِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ لِينَهُ لَهُمْ مَا كَانَ إِلَّا بِسَبَبِ الرَّحْمَةِ الْعَظِيمَةِ مِنْهُ وَقِيلَ: إِنَّ: مَا، اسْتِفْهَامِيَّةٌ، وَالْمَعْنَى: فَبِأَيِّ رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ؟ وَفِيهِ مَعْنَى التَّعْجِيبِ وَهُوَ بَعِيدٌ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَحُذِفَ الْأَلْفُ مِنْ مَا وَقِيلَ: فَبِمَ رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ. وَالْفَظُّ: الْغَلِيظُ الْجَافِي. وَقَالَ الرَّاغِبُ: الْفَظُّ هُوَ الْكَرِيهُ الْخُلُقِ، وَأَصْلُهُ: فَظِظَ، كَحَذِرَ. وَغِلَظُ الْقَلْبِ: قَسَاوَتُهُ، وَقِلَّةُ إِشْفَاقِهِ، وَعَدَمُ انْفِعَالِهِ لِلْخَيْرِ. وَالِانْفِضَاضُ:
التَّفَرُّقُ، يُقَالُ: فَضَضْتُهُمْ فَانْفَضُّوا، أَيْ: فَرَقْتُهُمْ فَتَفَرَّقُوا، وَالْمَعْنَى: لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَا تَرْفُقُ بِهِمْ لَتَفَرَّقُوا مِنْ حَوْلِكَ، هَيْبَةً لَكَ، وَاحْتِشَامًا مِنْكَ، بِسَبَبِ مَا كَانَ مِنْ تَوَلِّيهِمْ، وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ فَاعْفُ عَنْهُمْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِكَ مِنَ الْحُقُوقِ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فِيمَا هُوَ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ أَيِ: الَّذِي يَرِدُ عَلَيْكَ، أَيَّ أَمْرٍ كَانَ مِمَّا يُشَاوَرُ فِي مِثْلِهِ، أَوْ فِي أَمْرِ الْحَرْبِ خَاصَّةً، كَمَا يُفِيدُهُ السِّيَاقُ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَطْيِيبِ خَوَاطِرِهِمْ وَاسْتِجْلَابِ مَوَدَّتِهِمْ، وَلِتَعْرِيفِ الْأُمَّةِ بِمَشْرُوعِيَّةٍ ذَلِكَ، حَتَّى لَا يَأْنَفَ مِنْهُ أَحَدٌ بَعْدَكَ. وَالْمُرَادُ هُنَا: الْمُشَاوَرَةُ فِي غَيْرِ الْأُمُورِ الَّتِي يَرِدُ الشَّرْعُ بِهَا. قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: الِاسْتِشَارَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: شُرْتُ الدَّابَّةَ وَشَوَّرْتُهَا: إِذَا عَلِمْتَ خَبَرَهَا وَقِيلَ: مِنْ قَوْلِهِمْ: شُرْتُ الْعَسَلَ: إِذَا أَخَذْتَهُ مِنْ مَوْضِعِهِ. قَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ: وَاجِبٌ عَلَى الْوُلَاةِ مُشَاوَرَةُ الْعُلَمَاءِ فِيمَا لَا يَعْلَمُونَ، وَفِيمَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا، وَمُشَاوَرَةِ وُجُوهِ الْجَيْشِ، فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَرْبِ، وَوُجُوهِ النَّاسِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَصَالِحِ، وَوُجُوهِ الْكُتَّابِ وَالْعُمَّالِ وَالْوُزَرَاءِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَصَالِحِ الْبِلَادِ وَعِمَارَتِهَا. وَحَكَى الْقُرْطُبِيُّ عَنِ ابْنِ عَطِيَّةَ: أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ عَزْلِ مَنْ لَا يَسْتَشِيرُ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالدِّينِ. قَوْلُهُ: فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ أَيْ: إِذَا عَزَمْتَ عَقِبَ الْمُشَاوَرَةِ عَلَى شَيْءٍ، وَاطْمَأَنَّتْ بِهِ نَفْسُكَ، فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فِي فِعْلِ ذَلِكَ، أَيِ: اعْتَمِدْ عَلَيْهِ وَفَوِّضْ إِلَيْهِ وَقِيلَ: إِنَّ الْمَعْنَى: فَإِذَا عَزَمْتَ عَلَى أَمْرٍ أَنْ تَمْضِيَ فِيهِ، فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ لَا عَلَى الْمُشَاوَرَةِ. وَالْعَزْمُ فِي الْأَصْلِ:
قَصْدُ الْإِمْضَاءِ أَيْ: فَإِذَا قَصَدْتَ إِمْضَاءَ أَمْرٍ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ. وَقَرَأَ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ:«فَإِذَا عَزَمْتُ» : بِضَمِّ التَّاءِ، بِنِسْبَةِ الْعَزْمِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، أَيْ: فَإِذَا عَزَمْتُ لَكَ عَلَى شَيْءٍ، وَأَرْشَدْتُكَ إِلَيْهِ، فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ. وَقَوْلُهُ: إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ، لِتَأْكِيدِ التَّوَكُّلِ، وَالْحَثِّ عَلَيْهِ.
وَالْخِذْلَانُ: تَرْكُ الْعَوْنِ، أَيْ: وَإِنْ يَتْرُكِ اللَّهُ عَوْنَكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَهَذَا الِاسْتِفْهَامُ:
إِنْكَارِيٌّ. وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: مِنْ بَعْدِهِ رَاجِعٌ إِلَى الْخِذْلَانِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ أَوْ إِلَى اللَّهِ، وَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا نَاصِرَ لَهُ إِلَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَأَنَّ مَنْ نَصَرَهُ اللَّهُ لَا غَالِبَ لَهُ، وَمَنْ خَذَلَهُ لَا نَاصِرَ لَهُ، فَوَّضَ أُمُورَهُ إِلَيْهِ، وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَشْتَغِلْ بِغَيْرِهِ، وَتَقْدِيمُ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ عَلَى الْفِعْلِ فِي قَوْلِهِ: وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ: لِإِفَادَةِ قَصْرِهِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ أَيْ مَا صَحَّ لَهُ ذَلِكَ لِتَنَافِي الْغُلُولِ وَالنُّبُوَّةِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْغُلُولُ: مِنَ الْمَغْنَمِ خَاصَّةً، وَلَا نَرَاهُ مِنَ الْخِيَانَةِ وَلَا مِنَ الْحِقْدِ، وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُقَالُ مِنَ الْخِيَانَةِ: أَغَلَّ يَغُلُّ، وَمِنَ الْحِقْدِ: غَلَّ يَغِلُّ بِالْكَسْرِ، وَمِنَ الْغُلُولِ: غَلَّ يَغُلُّ بِالضَّمِّ يُقَالُ: غَلَّ الْمَغْنَمُ غُلُولًا، أَيْ: خان بأن يأخذ لنفسه شيئا يستره عَلَى أَصْحَابِهِ فَمَعْنَى الْآيَةِ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ: مَا صَحَّ لِنَبِيٍّ أَنْ يَخُونَ شَيْئًا مِنَ الْمَغْنَمِ، فَيَأْخُذَهُ لِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ اطِّلَاعِ أَصْحَابِهِ. وَفِيهِ تَنْزِيهُ الْأَنْبِيَاءِ عَنِ الْغُلُولِ. وَمَعْنَاهَا عَلَى الْقِرَاءَةِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ: مَا صَحَّ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، أَيْ:
يَخُونُهُ فِي الْغَنِيمَةِ، وَهُوَ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ الْأُخْرَى: نَهْيٌ لِلنَّاسِ عَنِ الْغُلُولِ فِي الْمَغَانِمِ وَإِنَّمَا خَصَّ خِيَانَةَ الْأَنْبِيَاءِ مَعَ كَوْنِ خِيَانَةِ غَيْرِهِمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَالسَّلَاطِينِ وَالْأُمَرَاءِ حَرَامًا، لِأَنَّ خِيَانَةَ الْأَنْبِيَاءِ أَشَدُّ ذَنْبًا وَأَعْظَمُ وِزْرًا وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَيْ: يَأْتِ بِهِ حَامِلًا لَهُ عَلَى ظَهْرِهِ، كَمَا صَحَّ ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، فَيَفْضَحُهُ بَيْنَ الْخَلَائِقِ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ تَتَضَمَّنُ تَأْكِيدَ تَحْرِيمِ الْغُلُولِ، وَالتَّنْفِيرِ مِنْهُ، بِأَنَّهُ ذَنْبٌ يختص فاعله بعقوبة على رؤوس الْأَشْهَادِ، يَطَّلِعُ عَلَيْهَا أَهْلُ الْمَحْشَرِ، وَهِيَ مَجِيئُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَا غَلَّهُ حَامِلًا لَهُ، قَبْلَ أن يحاسب عليه يعاقب عليه. قوله: ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ أي: تعطي جزاء ما كسبت وَافِيًا مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، وَهَذِهِ الْآيَةُ تَعُمُّ كُلَّ مَنْ كَسَبَ خَيْرًا أَوْ شَرًّا، وَيَدْخُلُ تَحْتَهَا الْغَالُّ دُخُولًا أَوَّلِيًّا، لِكَوْنِ السِّيَاقِ فِيهِ. قَوْلُهُ: أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ الِاسْتِفْهَامُ لِلْإِنْكَارِ، أَيْ: لَيْسَ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ فِي أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ فَعَمِلَ بِأَمْرِهِ وَاجْتَنَبَ نَهْيَهُ كَمَنْ بَاءَ، أَيْ: رَجَعَ بِسَخَطٍ عَظِيمٍ كَائِنٍ مِنَ اللَّهِ، بِسَبَبِ مُخَالَفَتِهِ لِمَا أَمَرَ بِهِ وَنَهَى عَنْهُ، وَيَدْخُلُ تَحْتَ ذَلِكَ، مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ بِتَرْكِ الْغُلُولِ وَاجْتِنَابِهِ، وَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ بِسَبَبِ إِقْدَامِهِ عَلَى الْغُلُولِ. ثُمَّ أَوْضَحَ مَا بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ مِنَ التَّفَاوُتِ فَقَالَ: هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ أَيْ: مُتَفَاوِتُونَ فِي الدَّرَجَاتِ وَالْمَعْنَى: هُمْ ذَوُو دَرَجَاتٍ، أَوْ: لَهُمْ دَرَجَاتٌ، فَدَرَجَاتُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ لَيْسَتْ كَدَرَجَاتِ مَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ، فَإِنَّ الْأَوَّلِينَ فِي أَرْفَعِ الدَّرَجَاتِ. وَالْآخَرِينَ فِي أَسْفَلِهَا. قَوْلُهُ: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ، وَخَصَّ الْمُؤْمِنِينَ لِكَوْنِهِمُ الْمُنْتَفِعِينَ بِبَعْثَتِهِ. وَمَعْنَى: مِنْ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُ عَرَبِيٌّ مِثْلُهُمْ وَقِيلَ: بَشَرٌ مِثْلُهُمْ، وَوَجْهُ الْمِنَّةِ عَلَى الْأَوَّلِ: أَنَّهُمْ يَفْقَهُونَ عَنْهُ، وَيَفْهَمُونَ كَلَامَهُ، وَلَا يَحْتَاجُونَ إِلَى تُرْجُمَانٍ. وَمَعْنَاهَا عَلَى الثَّانِي: أَنَّهُمْ يَأْنَسُونَ بِهِ بِجَامِعِ الْبَشَرِيَّةِ، وَلَوْ كَانَ مَلِكًا لَمْ يَحْصُلْ كَمَالُ الْأُنْسِ بِهِ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِيَّةِ، وَقُرِئَ: مِنْ أَنْفُسِهِمْ بِفَتْحِ الْفَاءِ، أَيْ: مِنْ أَشْرَفِهِمْ لِأَنَّهُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَبَنُو هَاشِمٍ أَفْضَلُ قُرَيْشٍ، وَقُرَيْشٌ أَفْضَلُ الْعَرَبِ، وَالْعَرَبُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَلَعَلَّ وَجْهَ الِامْتِنَانِ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ أَشْرَفِهِمْ كَانُوا أَطْوَعَ لَهُ وَأَقْرَبَ إِلَى تَصْدِيقِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَخْصِيصِ الْمُؤْمِنِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِالْعَرَبِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي: فَلَا حَاجَةَ إِلَى هَذَا التخصيص،
وَكَذَا عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ: بِفَتْحِ الْفَاءِ، لَا حَاجَةَ إِلَى التَّخْصِيصِ، لِأَنَّ بَنِي هَاشِمٍ هُمْ أَنْفَسُ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ فِي شَرَفِ الْأَصْلِ وكرم النجاد وَرِفَاعَةِ الْمَحْتِدِ. وَيَدُلُّ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ وقوله: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ. قوله: يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ هَذِهِ مِنَّةٌ ثَانِيَةٌ، أَيْ: يَتْلُو عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ بَعْدَ أَنْ كَانُوا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ، لَا يَعْرِفُونَ شَيْئًا مِنَ الشَّرَائِعِ وَيُزَكِّيهِمْ أَيْ: يُطَهِّرُهُمْ مِنْ نَجَاسَةِ الْكُفْرِ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ الْأُولَى، وَهُمَا: فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، أَوْ صِفَةٍ لِرَسُولٍ، وَهَكَذَا قَوْلُهُ: وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ، وَالْمُرَادُ بِالْكِتَابِ هُنَا: الْقُرْآنُ. وَالْحِكْمَةُ: السُّنَّةُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَقَرَةِ تَفْسِيرُ ذَلِكَ: وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ أَيْ: مِنْ قَبْلِ مُحَمَّدٍ، أَوْ: مِنْ قَبْلِ بَعْثَتِهِ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ أَيْ:
وَاضِحٍ لَا رَيْبَ فِيهِ، وَاللَّامُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ إِنِ الْمُخَفَّفَةِ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَبَيْنَ النَّافِيَةِ، فَهِيَ تَدْخُلُ فِي خَبَرِ الْمُخَفَّفَةِ لَا النَّافِيَةِ، وَاسْمُهَا ضَمِيرُ الشَّأْنِ، أَيْ: وَإِنَّ الشَّأْنَ وَالْحَدِيثَ وَقِيلَ: إِنَّهَا النَّافِيَةُ، وَاللَّامُ بِمَعْنَى: إِلَّا، أَيْ: وَمَا كَانُوا مِنْ قَبْلُ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ، وَبِهِ قَالَ الْكُوفِيُّونَ، وَالْجُمْلَةُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ: فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ الْآيَةَ، قَالَ: هَذَا قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ وَالْمُنَافِقِينَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ قَالَ: يُحْزِنُهُمْ قَوْلُهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ شَيْئًا. وَأَخْرَجُوا عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ يَقُولُ: فَبِرَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ قَالَ: لَانْصَرَفُوا عَنْكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ، قَالَ السُّيُوطِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَمَا إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَغَنِيَّانِ عَنْهَا، وَلَكِنَّ اللَّهَ جَعَلَهَا رَحْمَةً لِأُمَّتِي، فَمَنِ اسْتَشَارَ مِنْهُمْ لَمْ يَعْدَمْ رُشْدًا، وَمَنْ تَرَكَهَا لَمْ يَعْدَمْ غَيًّا» . وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ. قَالَ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْعَزْمِ، فَقَالَ:«مُشَاوَرَةُ أَهْلِ الرَّأْيِ ثُمَّ اتِّبَاعُهُمْ» . وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ فِي قَطِيفَةٍ حَمْرَاءَ افْتُقِدَتْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَعَلَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَهَا فَنَزَلَتْ. وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ قَالَ: مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَتَّهِمَهُ أَصْحَابُهُ. وَقَدْ وَرَدَ فِي تَحْرِيمِ الْغُلُولِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ يَقُولُ: بِأَعْمَالِهِمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنْ عَائِشَةَ فِي قَوْلِهِ:
لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ الْآيَةَ، قَالَتْ: هذه للعرب خاصة.