الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسول الله صلى الله عليه وسلم وَعَلِيٌّ، وَأَبْنَاءَنَا الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، وَنِسَاءَنَا فَاطِمَةُ. وَرَوَاهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ جَابِرٍ وَصَحَّحَهُ، وَفِيهِ: أَنَّهُمْ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: هَلْ لَكَ أَنْ نُلَاعِنَكَ؟. وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ. وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآية: فَقُلْ تَعالَوْا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا الْآيَةَ، قَالَ: فَجَاءَ بِأَبِي بَكْرٍ وَوَلَدِهِ، وَبِعُمَرَ وَوَلَدِهِ، وَبِعُثْمَانَ وَوَلَدِهِ، وَبِعَلِيٍّ وَوَلَدِهِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ثُمَّ نَبْتَهِلْ نَجْتَهِدْ. وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: هَذَا الْإِخْلَاصُ، يُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ، وَهَذَا الدُّعَاءُ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ منكبيه، وهذا الابتهال فرفع يديه مدّا.
[سورة آل عمران (3) : آية 64]
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَاّ نَعْبُدَ إِلَاّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64)
قِيلَ: الْخِطَابُ لِأَهْلِ نَجْرَانَ، بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ وَقِيلَ: لِيَهُودِ الْمَدِينَةِ وَقِيلَ: لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى جَمِيعًا، وَهُوَ ظَاهِرُ النَّظْمِ الْقُرْآنِيِّ، وَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِهِ بِالْبَعْضِ، لِأَنَّ هَذِهِ دَعْوَةٌ عَامَّةٌ لَا تَخْتَصُّ بِأُولَئِكَ الَّذِينَ حَاجُّوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَالسَّوَاءُ: الْعَدْلُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ فِي معنى العدل سوى وسوى، فَإِذَا فَتَحْتَ السِّينَ مَدَدْتَ، وَإِذَا ضَمَمْتَ أَوْ كسرت قصرت. قال زهير:
أروني خُطَّةً لَا ضَيْمَ فِيهَا
…
يُسَوِّي بَيْنَنَا فِيهَا السَّوَاءُ
وَفِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «إِلَى كَلِمَةِ عَدْلٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ» فَالْمَعْنَى: أَقْبِلُوا إِلَى مَا دُعِيتُمْ إِلَيْهِ، وَهِيَ: الْكَلِمَةُ الْعَادِلَةُ الْمُسْتَقِيمَةُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا مَيْلٌ عَنِ الْحَقِّ، وَقَدْ فَسَّرَهَا بِقَوْلِهِ: أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَهُوَ فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ: كَلِمَةٍ، أَوْ رفع إلى إِضْمَارِ مُبْتَدَأٍ، أَيْ: هِيَ أَنْ لَا نَعْبُدَ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ: أَنْ، مُفَسِّرَةً لَا مَوْضِعَ لِلْجُمْلَةِ الَّتِي دَخَلَتْ عَلَيْهَا، وَفِي قَوْلِهِ: وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً تَبْكِيتٌ لِمَنِ اعْتَقَدَ رُبُوبِيَّةَ الْمَسِيحِ وَعُزَيْرٍ، وَإِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ جِنْسِ الْبَشَرِ وَبَعْضٌ مِنْهُمْ، وَإِزْرَاءٌ عَلَى مَنْ قَلَّدَ الرِّجَالَ فِي دِينِ اللَّهِ فَحَلَّلَ مَا حَلَّلُوهُ لَهُ، وَحَرَّمَ مَا حَرَّمُوهُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اتَّخَذَ مَنْ قَلَّدَهُ رَبًّا، وَمِنْهُ: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ «1» وَقَدْ جَوَّزَ الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ الْجَزْمَ فِي: وَلا نُشْرِكَ وَلا يَتَّخِذَ عَلَى التَّوَهُّمِ. قَوْلُهُ: فَإِنْ تَوَلَّوْا أَيْ: أَعْرَضُوا عَمَّا دُعُوا إِلَيْهِ فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ أَيْ: مُنْقَادُونَ لِأَحْكَامِهِ، مُرْتَضُونَ بِهِ، مُعْتَرِفُونَ بِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْنَا مِنْ هَذَا الدِّينِ الْقَوِيمِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ أَنَّ هِرَقْلَ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ:
سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ، أَسْلِمْ تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين، فإن تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ، وَيَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، إلى قوله:
(1) . التوبة: 34.