الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ: دِينُ اللَّهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مِثْلَهُ أَيْضًا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: الوشم.
[سورة النساء (4) : الآيات 123 الى 126]
لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (123) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً (124) وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً (125) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً (126)
قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ: بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ مَنْ أَمَانِي فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَاسْمُ لَيْسَ مَحْذُوفٌ، أَيْ: لَيْسَ دُخُولُ الْجَنَّةِ أَوِ الْفَضْلُ أَوِ الْقُرْبُ مِنَ اللَّهِ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ سَبَبُ نُزُولِ الْآيَةِ الْآتِي، وَقِيلَ:
ضَمِيرٌ يَعُودُ إِلَى وَعْدِ اللَّهِ، وَهُوَ بَعِيدٌ، وَمِنْ أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ قَوْلُهُمْ: لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى «1» وقولهم: نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ «2» وَقَوْلُهُمْ: لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً «3» . قَوْلُهُ:
مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ قِيلَ: الْمُرَادُ بِالسُّوءِ: الشِّرْكُ، وَظَاهِرُ الْآيَةِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، فَكُلُّ مَنْ عَمِلَ سُوءًا أَيِّ سُوءٍ كَانَ فَهُوَ مَجْزِيٌّ بِهِ، مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ. وَفِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ مَا تَرْجُفُ لَهُ الْقُلُوبُ مِنَ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ، وَقَدْ كَانَ لَهَا فِي صُدُورِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ نُزُولِهَا مَوْقِعٌ عَظِيمٌ، كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ بَلَغَتْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَبْلَغًا شَدِيدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«قَارِبُوا وَسَدِّدُوا، فَفِي كُلِّ مَا يُصَابُ بِهِ الْمُسْلِمُ كَفَّارَةٌ حَتَّى النَّكْبَةِ يَنْكُبُهَا وَالشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا» .
قَوْلُهُ: وَلا يَجِدْ لَهُ قَرَأَهُ الْجَمَاعَةُ: بِالْجَزْمِ، عَطْفًا عَلَى الْجَزَاءِ، وَرَوَى ابْنُ بَكَّارٍ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ: وَلا يَجِدْ بِالرَّفْعِ اسْتِئْنَافًا أَيْ: لَيْسَ لِمَنْ يَعْمَلُ السُّوءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا يُوَالِيهِ، وَلَا نَصِيرًا يَنْصُرُهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ أَيْ: بَعْضَهَا حَالَ كَوْنِهِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَحَالَ كَوْنِهِ مُؤْمِنًا، وَالْحَالُ الْأُولَى:
لِبَيَانِ مَنْ يَعْمَلُ، وَالْحَالُ الْأُخْرَى: لِإِفَادَةِ اشْتِرَاطِ الْإِيمَانِ فِي كُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ فَأُولئِكَ إِشَارَةٌ إِلَى الْعَمَلِ الْمُتَّصِفِ بِالْإِيمَانِ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو، وَابْنُ كَثِيرٍ: يَدْخُلُونَ
بضم حرف المضارعة على البناء المجهول. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: بِفَتْحِهَا عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَعْلُومِ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً أَيْ: لَا يُنْقَصُونَ شَيْئًا حَقِيرًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ النَّقِيرِ: وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ أَيْ: أَخْلَصَ نَفْسَهُ لَهُ حَالَ كَوْنِهِ مُحْسِنًا، أَيْ: عَامِلًا لِلْحَسَنَاتِ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ أَيْ: دِينَهُ حَالَ كَوْنِ الْمُتَّبِعِ حَنِيفاً أَيْ: مَائِلًا عَنِ الْأَدْيَانِ الْبَاطِلَةِ إِلَى دِينِ الْحَقِّ، وَهُوَ الْإِسْلَامُ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا أَيْ: جَعَلَهُ صَفْوَةً لَهُ وَخَصَّهُ بِكَرَامَاتِهِ، قَالَ ثَعْلَبٌ: إِنَّمَا سُمِّي الْخَلِيلُ خَلِيلًا: لِأَنَّ مَحَبَّتَهُ تَتَخَلَّلُ الْقَلْبَ فَلَا تَدَعُ فِيهِ خللا إِلَّا مَلَأَتْهُ، وَأَنْشَدَ قَوْلَ بَشَّارٍ:
قَدْ تَخَلَّلْتَ مَسْلَكَ الرُّوحِ مِنِّي
…
وَبِهِ سُمِّي الْخَلِيلُ خَلِيلًا
(1) . البقرة: 111.
(2)
. المائدة: 18.
(3)
. البقرة: 80.