الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَدْ وَرَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَلَا سُورَةُ آلِ عمران ولا سورة النساء وكذا القرآن كله. فَأَخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ، بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَقُولُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَلَا سُورَةَ آل عمران ولا سورة النساء وكذا القرآن كُلُّهُ، وَلَكِنْ قُولُوا السُّورَةَ الَّتِي تُذْكَرُ فِيهَا الْبَقَرَةُ، وَالسُّورَةَ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا آلُ عِمْرَانَ، وَكَذَا الْقُرْآنُ كُلُّهُ» قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا يَصِحُّ رَفْعُهُ، وَفِي إِسْنَادِهِ يَحْيَى بْنُ مَيْمُونٍ الْخَوَّاصُّ وَهُوَ ضَعِيفُ الرِّوَايَةِ لَا يُحْتَجُّ بِهِ. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«لَا تَقُولُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، وَلَكِنْ قُولُوا السُّورَةَ الَّتِي تُذْكَرُ فِيهَا الْبَقَرَةُ» . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ خِلَافَ هَذَا. فَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ رَمَى الْجَمْرَةَ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، فَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ:
هَذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَهْلُ السُّنَنِ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً مِنْ رَمَضَانَ فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ، فَقُلْتُ يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا مُتَرَسِّلًا. الْحَدِيثَ. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَابْنُ الضُّرَيْسِ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«كُنْتُ أَقُومُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي اللَّيْلِ فَيَقْرَأُ بِالْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءِ» . وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ وَالنَّسَائِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ: «قُمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً، فَقَامَ فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ لَا يَمُرُّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ إِلَّا وَقَفَ» الْحَدِيثَ.
بسم الله الرحمن الرحيم
[سورة البقرة (2) : آية 1]
بسم الله الرحمن الرحيم
الم (1)
الم قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْحُرُوفِ الَّتِي فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ، فَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ: هِيَ سِرُّ اللَّهِ فِي الْقُرْآنِ، وَلِلَّهِ فِي كُلِّ كِتَابٍ مِنْ كُتُبِهِ سِرٌّ، فَهِيَ مِنَ الْمُتَشَابِهِ الَّذِي انْفَرَدَ اللَّهُ بِعِلْمِهِ وَلَا نُحِبُّ أَنْ نَتَكَلَّمَ فِيهَا وَلَكِنْ نُؤْمِنُ بِهَا، وَتُمَدُّ كَمَا جَاءَتْ. وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. قَالَ: وَذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُمْ قَالُوا:
الْحُرُوفُ الْمُقَطَّعَةُ مِنَ الْمَكْتُومِ الَّذِي لَا يُفَسَّرُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَمْ نَجِدِ الْحُرُوفَ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ، وَلَا نَدْرِي مَا أَرَادَ اللَّهُ عز وجل. قَالَ: وَقَالَ جَمْعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ كَثِيرٌ: بَلْ نُحِبُّ أَنْ نَتَكَلَّمَ فِيهَا وَنَلْتَمِسَ الْفَوَائِدَ الَّتِي تَحْتَهَا، وَالْمَعَانِيَ الَّتِي تَتَخَرَّجُ عَلَيْهَا. وَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ عَلَى أَقْوَالٍ عَدِيدَةٍ، فَرُوِيَ عن ابن عباس وعليّ أيضا عن الْحُرُوفَ الْمُقَطَّعَةَ فِي الْقُرْآنِ: اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمِ إِلَّا أَنَّا لَا نَعْرِفُ تَأْلِيفَهُ مِنْهَا. وَقَالَ قُطْرُبٌ وَالْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُمَا:
هِيَ إِشَارَةٌ إِلَى حُرُوفِ الْهِجَاءِ أَعْلَمَ اللَّهُ بِهَا الْعَرَبَ حِينَ تَحَدَّاهُمْ بِالْقُرْآنِ أَنَّهُ مُؤْتَلِفٌ مِنْ حُرُوفٍ هِيَ الَّتِي بِنَاءُ كَلَامِهِمْ عَلَيْهَا لِيَكُونَ عَجْزُهُمْ عَنْهُ أَبْلَغَ فِي الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ إِذْ لَمْ يَخْرُجُ عَنْ كلامهم. قال قطرب: كانوا يَنْفِرُونَ عِنْدَ اسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ، فَلَمَّا نَزَلَ الم والمص اسْتَنْكَرُوا هَذَا اللَّفْظَ، فَلَمَّا أَنْصَتُوا لَهُ صلى الله عليه وسلم أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِالْقُرْآنِ الْمُؤْتَلِفِ لِيُثْبِتَهُ فِي أَسْمَاعِهِمْ وَآذَانِهِمْ وَيُقِيمَ الْحُجَّةَ عَلَيْهِمْ. وَقَالَ قَوْمٌ: رُوِيَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا أَعْرَضُوا عَنِ الْقُرْآنِ بمكة وقالوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ «1» فأنزلها استغربوها، فيفتحون أسماعهم،
(1) . فصلت: 26.
فيسمعون بالقرآن بَعْدَهَا، فَتَجِبُ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةُ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: هِيَ حُرُوفٌ دَالَّةٌ عَلَى أَسْمَاءٍ أُخِذَتْ مِنْهَا وَحُذِفَتْ بَقِيَّتُهَا، كَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ: الْأَلِفُ مِنَ اللَّهِ وَاللَّامُ مِنْ جِبْرِيلَ وَالْمِيمُ مِنْ مُحَمَّدٍ. وَذَهَبَ إِلَى هَذَا الزَّجَّاجُ فَقَالَ: أَذْهَبُ إِلَى أَنَّ كُلَّ حَرْفٍ مِنْهَا يُؤَدِّي عَنْ مَعْنًى. وَقَدْ تَكَلَّمَتِ الْعَرَبُ بِالْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ كَقَوْلِهِ:
فَقُلْتُ لَهَا قِفِي، فَقَالَتْ قَافِ
أَيْ: وَقَفْتُ. وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ» قَالَ شَقِيقٌ: هُوَ أَنْ يَقُولَ فِي اقْتُلْ اقْ كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم: «كَفَى بِالسَّيْفِ شَا» أَيْ شَافِيًا، وَفِي نُسْخَةٍ شَاهِدًا. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: هِيَ أَسْمَاءٌ لِلسُّوَرِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هِيَ أَقْسَامٌ أَقْسَمَ اللَّهُ بِهَا لِشَرَفِهَا وَفَضْلِهَا وَهِيَ مِنْ أَسْمَائِهِ.
وَمِنْ أَدَقِّ مَا أَبْرَزَهُ الْمُتَكَلِّمُونَ فِي مَعَانِي هَذِهِ الْحُرُوفِ مَا ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْكَشَّافِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّكَ إِذَا تَأَمَّلْتَ مَا أَوْرَدَهُ اللَّهُ عَزَّ سُلْطَانُهُ فِي الْفَوَاتِحِ مِنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ، وَجَدْتَهَا نِصْفَ أَسَامِي حُرُوفِ الْمُعْجَمِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَوَاءً: وَهِيَ الْأَلِفُ وَاللَّامُ وَالْمِيمُ وَالصَّادُ وَالرَّاءُ وَالْكَافُ وَالْهَاءُ وَالْيَاءُ وَالْعَيْنُ وَالطَّاءُ وَالسِّينُ وَالْحَاءُ وَالْقَافُ وَالنُّونُ فِي تِسْعٍ وَعِشْرِينَ سُورَةً عَلَى عَدَدِ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ، ثُمَّ إِذَا نَظَرْتَ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ وَجَدْتَهَا مُشْتَمِلَةً عَلَى أَنْصَافِ أَجْنَاسِ الْحُرُوفِ. بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ فِيهَا مِنَ الْمَهْمُوسَةِ نِصْفَهَا الصَّادَ وَالْكَافَ وَالْهَاءَ والسين والحاء، ومن الجهورة نِصْفَهَا الْأَلِفَ وَاللَّامَ وَالْمِيمَ وَالرَّاءَ وَالْعَيْنَ وَالطَّاءَ وَالْقَافَ وَالْيَاءَ وَالنُّونَ، وَمِنَ الشَّدِيدَةِ نِصْفَهَا الْأَلِفَ والكاف والطاء والقاف، وَمِنَ الرِّخْوَةِ نِصْفَهَا اللَّامَ وَالْمِيمَ وَالرَّاءَ وَالصَّادَ وَالْهَاءَ وَالْعَيْنَ وَالسِّينَ وَالْحَاءَ وَالْيَاءَ وَالنُّونَ، وَمِنَ الْمُطْبَقَةِ نِصْفَهَا الصَّادَ وَالطَّاءَ، وَمِنَ الْمُنْفَتِحَةِ نِصْفَهَا الْأَلِفَ وَاللَّامَ وَالْمِيمَ وَالرَّاءَ وَالْكَافَ وَالْهَاءَ وَالْعَيْنَ وَالسِّينَ وَالْحَاءَ وَالْقَافَ وَالْيَاءَ وَالنُّونَ، وَمِنَ الْمُسْتَعْلِيَةِ نِصْفَهَا الْقَافَ وَالصَّادَ وَالطَّاءَ، وَمِنَ الْمُنْخَفِضَةِ نِصْفَهَا الْأَلِفَ وَاللَّامَ وَالْمِيمَ وَالرَّاءَ وَالْكَافَ وَالْهَاءَ وَالتَّاءَ وَالْعَيْنَ وَالسِّينَ وَالْحَاءَ وَالنُّونَ، وَمِنْ حُرُوفِ الْقَلْقَلَةِ نَصْفَهَا الْقَافَ وَالطَّاءَ. ثُمَّ إِذَا اسْتَقْرَيْتَ الْكَلِمَ وَتَرَاكِيبَهَا رَأَيْتَ الْحُرُوفَ الَّتِي أَلْغَى اللَّهُ ذِكْرَهَا مِنْ هَذِهِ الْأَجْنَاسِ الْمَعْدُودَةِ مَكْنُوزَةً بِالْمَذْكُورَةِ مِنْهَا، فَسُبْحَانَ الَّذِي دَقَّتْ فِي كُلِّ شَيْءٍ حِكْمَتُهُ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ مُعْظَمَ الشَّيْءِ وَجُلَّهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ كُلِّهِ، وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِلَطَائِفِ التَّنْزِيلِ وَاخْتِصَارَاتِهِ، فَكَأَنَّ اللَّهَ عَزَّ اسْمُهُ عَدَّدَ عَلَى الْعَرَبِ الْأَلْفَاظَ الَّتِي مِنْهَا تَرَاكِيبُ كَلَامِهِمْ إِشَارَةً إِلَى مَا ذَكَرْتُ مِنَ التَّبْكِيتِ لَهُمْ وَإِلْزَامِ الْحُجَّةِ إِيَّاهُمْ، وَمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَمَّدَ بِالذِّكْرِ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ أَكْثَرَهَا وُقُوعًا فِي تَرَاكِيبِ الْكَلِمِ، أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ لَمَّا تَكَاثَرَ وُقُوعُهُمَا فِيهَا جَاءَتَا فِي مُعْظَمِ هَذِهِ الْفَوَاتِحِ مُكَرَّرَتَيْنِ، وَهِيَ فَوَاتِحُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَالرُّومِ وَالْعَنْكَبُوتِ وَلُقْمَانَ وَالسَّجْدَةِ وَالْأَعْرَافِ وَالرَّعْدِ وَيُونُسَ وَإِبْرَاهِيمَ وَهُودٍ وَيُوسُفَ وَالْحِجْرِ انْتَهَى. وَأَقُولُ: هَذَا التَّدْقِيقُ لَا يَأْتِي بِفَائِدَةٍ يُعْتَدُّ بِهَا، وَبَيَانُهُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ إِلْزَامَ الْحُجَّةِ وَالتَّبْكِيتِ كَمَا قَالَ، فَهَذَا مُتَيَسِّرٌ بِأَنْ يُقَالَ لَهُمْ: هَذَا الْقُرْآنُ هُوَ مِنَ الْحُرُوفِ الَّتِي تَتَكَلَّمُونَ بِهَا لَيْسَ هُوَ مِنْ حُرُوفٍ مُغَايِرَةٍ لَهَا، فَيَكُونُ هَذَا تَبْكِيتًا وَإِلْزَامًا يَفْهَمُهُ كُلُّ سَامِعٍ مِنْهُمْ مِنْ دُونِ إِلْغَازٍ وَتَعْمِيَةٍ وَتَفْرِيقٍ لِهَذِهِ الْحُرُوفِ فِي فَوَاتِحِ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ سُورَةً، فَإِنَّ هَذَا مَعَ مَا فِيهِ مِنَ التَّطْوِيلِ الَّذِي لَا يَسْتَوْفِيهِ سَامِعُهُ إِلَّا بِسَمَاعِ جَمِيعِ هَذِهِ الْفَوَاتِحِ، هُوَ أَيْضًا مِمَّا لَا يَفْهَمُهُ أَحَدٌ مِنَ السَّامِعِينَ وَلَا يَتَعَقَّلُ شَيْئًا مِنْهُ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ تَبْكِيتًا لَهُ وَإِلْزَامًا لِلْحُجَّةِ أَيًّا كَانَ، فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ أَمْرٌ وَرَاءَ الْفَهْمِ، مُتَرَتِّبٌ عَلَيْهِ وَلَمْ يَفْهَمِ السَّامِعُ هَذَا، وَلَا ذَكَرَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَنْ فَرْدٍ مِنْ أفراد الجاهلية الذين وقع التحدي لَهُمْ بِالْقُرْآنِ أَنَّهُ بَلَغَ
فَهْمُهُ إِلَى بَعْضِ هَذَا فَضْلًا عَنْ كُلِّهِ. ثُمَّ كَوْنُ هَذِهِ الْحُرُوفِ مُشْتَمِلَةً عَلَى النِّصْفِ مِنْ جَمِيعِ الْحُرُوفِ الَّتِي تَرَكَّبَتْ لُغَةُ الْعَرَبِ مِنْهَا، وَذَلِكَ النِّصْفُ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَنْصَافِ تِلْكَ الْأَنْوَاعِ مِنَ الْحُرُوفِ الْمُتَّصِفَةِ بِتِلْكَ الْأَوْصَافِ هُوَ أَمْرٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فَائِدَةٌ لِجَاهِلِيٍّ وَلَا إِسْلَامِيٍّ وَلَا مُقِرٍّ وَلَا مُنْكِرٍ وَلَا مُسَلِّمٍ وَلَا مُعَارِضٍ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَقْصِدًا مِنْ مَقَاصِدِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ، الَّذِي أَنْزَلَ كِتَابَهُ لِلْإِرْشَادِ إِلَى شَرَائِعِهِ وَالْهِدَايَةِ بِهِ. وَهَبْ أَنَّ هَذِهِ صِنَاعَةٌ عَجِيبَةٌ وَنُكْتَةٌ غَرِيبَةٌ، فَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا يَتَّصِفُ بِفَصَاحَةٍ وَلَا بَلَاغَةٍ حَتَّى يَكُونَ مُفِيدًا أَنَّهُ كَلَامٌ بَلِيغٌ أَوْ فَصِيحٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ الْحُرُوفَ الْوَاقِعَةَ فِي الْفَوَاتِحِ لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ كَلَامِ الْعَرَبِ حَتَّى يَتَّصِفَ بِهَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ، وَغَايَةُ مَا هُنَاكَ أَنَّهَا مِنْ جِنْسِ حُرُوفِ كَلَامِهِمْ وَلَا مَدْخَلَ لِذَلِكَ فِيمَا ذُكِرَ. وأَيْضًا لَوْ فُرِضَ أَنَّهَا كَلِمَاتٌ مُتَرَكِّبَةٌ بِتَقْدِيرِ شَيْءٍ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا لَمْ يَصِحَّ وَصْفُهَا بِذَلِكَ، لِأَنَّهَا تَعْمِيَةٌ غَيْرُ مَفْهُومَةٍ لِلسَّامِعِ إِلَّا بِأَنْ يَأْتِيَ مَنْ يُرِيدُ بَيَانَهَا بِمِثْلِ مَا يَأْتِي بِهِ مَنْ أَرَادَ بَيَانَ الْأَلْغَازِ وَالتَّعْمِيَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ الْفَصَاحَةِ وَالْبَلَاغَةِ فِي وِرْدٍ وَلَا صَدْرٍ، بَلْ مِنْ عَكْسِهِمَا وَضِدِّ رَسْمِهِمَا، وَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ تَكَلَّمَ فِي بَيَانِ مَعَانِي هَذِهِ
الْحُرُوفِ جَازِمًا بِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ مَا أَرَادَهُ اللَّهُ عز وجل، فَقَدْ غَلِطَ أَقْبَحَ الْغَلَطِ، وَرَكِبَ فِي فَهْمِهِ وَدَعْوَاهُ أَعْظَمَ الشَّطَطِ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ تَفْسِيرُهُ لَهَا بِمَا فَسَّرَهَا بِهِ رَاجِعًا إِلَى لُغَةِ الْعَرَبِ وَعُلُومِهَا فَهُوَ كَذِبٌ بَحْتٌ، فَإِنَّ الْعَرَبَ لَمْ يَتَكَلَّمُوا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَإِذَا سَمِعَهُ السَّامِعُ مِنْهُمْ كَانَ مَعْدُودًا عِنْدَهُ مِنَ الرَّطَانَةِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ قَدْ يَقْتَصِرُونَ عَلَى أَحْرُفٍ أَوْ حُرُوفٍ مِنَ الْكَلِمَةِ الَّتِي يُرِيدُونَ النُّطْقَ بِهَا، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ أَنْ تَقَدَّمَهُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَيُفِيدُ مَعْنَاهُ، بِحَيْثُ لَا يَلْتَبِسُ عَلَى سَامِعِهِ كَمِثْلِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا يَقَعُ مِنْهُمْ مِنَ التَّرْخِيمِ، وَأَيْنَ هَذِهِ الْفَوَاتِحُ الْوَاقِعَةُ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ مِنْ هَذَا؟ وَإِذَا تَقَرَّرَ لَكَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِفَادَةُ مَا ادَّعَوْهُ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ وَعُلُومِهَا لَمْ يَبْقَ حِينَئِذٍ إِلَّا أَحَدُ أَمْرَيْنِ: الْأَوَّلُ التَّفْسِيرُ بِمَحْضِ الرَّأْيِ الَّذِي وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ وَالْوَعِيدُ عَلَيْهِ، وَأَهْلُ الْعِلْمِ أَحَقُّ النَّاسِ بِتَجَنُّبِهِ وَالصَّدِّ عَنْهُ وَالتَّنَكُّبِ عَنْ طَرِيقِهِ، وَهُمْ أَتْقَى لِلَّهِ سُبْحَانَهُ مِنْ أَنْ يَجْعَلُوا كِتَابَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ مِلْعَبَةً لَهُمْ يَتَلَاعَبُونَ بِهِ وَيَضَعُونَ حَمَاقَاتِ أَنْظَارِهِمْ وَخُزَعْبَلَاتِ أَفْكَارِهِمْ عَلَيْهِ. الثَّانِي التَّفْسِيرُ بِتَوْقِيفٍ عَنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ، وَهَذَا هُوَ الْمَهْيَعُ «1» الْوَاضِحُ وَالسَّبِيلُ الْقَوِيمُ، بَلِ الْجَادَّةُ الَّتِي مَا سِوَاهَا مَرْدُومٌ، وَالطَّرِيقَةُ الْعَامِرَةُ الَّتِي مَا عَدَاهَا مَعْدُومٌ، فَمَنْ وَجَدَ شيئا من هذا فغير ملوم أَنْ يَقُولَ بِمِلْءِ فِيهِ وَيَتَكَلَّمَ بِمَا وَصَلَ إِلَيْهِ عِلْمُهُ، وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلْيَقُلْ لَا أَدْرِي، أَوِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ، فَقَدْ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ طَلَبِ فَهْمِ الْمُتَشَابِهِ وَمُحَاوَلَةِ الْوُقُوفِ عَلَى عِلْمِهِ مَعَ كَوْنِهِ أَلْفَاظًا عَرَبِيَّةً وَتَرَاكِيبَ مَفْهُومَةً، وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَتَبُّعَ ذَلِكَ صَنِيعَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ، فَكَيْفَ بِمَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ؟ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيهِ إِنَّهُ مُتَشَابِهُ الْمُتَشَابِهِ عَلَى فَرْضِ أَنَّ لِلْفَهْمِ إِلَيْهِ سَبِيلًا، وَلِكَلَامِ الْعَرَبِ فِيهِ مَدْخَلًا، فَكَيْفَ وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ ذَلِكَ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ. وَانْظُرْ كَيْفَ فَهِمَ الْيَهُودُ عِنْدَ سَمَاعِ الم فَإِنَّهُمْ لَمَّا لَمْ يَجِدُوهَا عَلَى نَمَطِ لُغَةِ الْعَرَبِ فَهِمُوا أَنَّ الْحُرُوفَ الْمَذْكُورَةَ رَمْزٌ إِلَى مَا يَصْطَلِحُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْعَدَدِ الَّذِي يَجْعَلُونَهُ لَهَا، كَمَا أَخْرَجَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، وَابْنُ جَرِيرٍ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله قال: «مرّ أبو ياسر ابن أَخْطَبَ فِي رِجَالٍ مِنْ يَهُودَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَتْلُو فَاتِحَةَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ: الم- ذلِكَ الْكِتابُ لا
(1) . المهيع: الطريق الواسع البيّن.
فَأَتَى أَخَاهُ حُيَيَّ بْنَ أَخْطَبَ فِي رِجَالٍ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ: تَعْلَمُونَ وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ محمدا يتلوا فِيمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الم ذَلِكَ الْكِتَابُ، فَقَالَ: أَنْتَ سَمِعْتَهُ؟ فَقَالَ نَعَمْ، فَمَشَى حُيَيٌّ فِي أُولَئِكَ النَّفَرِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا:
يَا مُحَمَّدُ! أَلَمْ تَذْكُرْ أَنَّكَ تتلوا فِيمَا أُنْزِلَ عَلَيْكَ الم- ذلِكَ الْكِتابُ قَالَ: بَلَى، قَالُوا: أَجَاءَكَ بِهَذَا جِبْرِيلُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالُوا: لَقَدْ بَعَثَ اللَّهُ قَبْلَكَ الْأَنْبِيَاءَ مَا نَعْلُمُهُ بَيَّنَ لِنَبِيٍّ مِنْهُمْ مَا مُدَّةُ مُلْكِهِ وَمَا أَجَلُ أُمَّتِهِ غَيْرَكَ، فَقَالَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ: وَأَقْبَلَ عَلَى مَنْ كَانَ مَعَهُ: الْأَلِفُ وَاحِدٌ وَاللَّامُ ثَلَاثُونَ وَالْمِيمُ أَرْبَعُونَ، فَهَذِهِ إِحْدَى وَسَبْعُونَ سَنَةً، أَفَتَدْخُلُونَ فِي دِينِ نَبِيٍّ إِنَّمَا مُدَّةُ مُلْكِهِ وَأَجَلُ أُمَّتِهِ إِحْدَى وَسَبْعُونَ سَنَةً؟
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ هَلْ مَعَ هَذَا غَيْرُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: المص، قَالَ: هَذِهِ أَثْقَلُ وَأَطْوَلُ الْأَلِفُ وَاحِدَةٌ وَاللَّامُ ثَلَاثُونَ وَالْمِيمُ أربعون والصاد تسعون، فهذا إِحْدَى وَسِتُّونَ وَمِائَةُ سَنَةٍ، هَلْ مَعَ هَذَا يَا مُحَمَّدُ غَيْرُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَمَا ذلك؟ قَالَ- الر- قَالَ: هَذِهِ أَثْقَلُ وَأَطْوَلُ الْأَلِفُ وَاحِدَةٌ وَاللَّامُ ثَلَاثُونَ وَالرَّاءُ مِائَتَانِ، هَذِهِ إِحْدَى وَثَلَاثُونَ سَنَةً وَمِائَتَانِ، فَهَلْ مَعَ هَذَا غَيْرُهُ؟ قَالَ نَعَمْ- المر- قَالَ: فَهَذِهِ أَثْقَلُ وَأَطْوَلُ الألف واحدة وثلاثون وَالْمِيمُ أَرْبَعُونَ وَالرَّاءُ مِائَتَانِ، فَهَذِهِ إِحْدَى وَسَبْعُونَ سنة ومائتان، ثم قال: فقد لُبِّسَ عَلَيْنَا أَمْرُكَ يَا مُحَمَّدُ حَتَّى مَا نَدْرِي قَلِيلًا أُعْطِيتَ أَمْ كَثِيرًا ثُمَّ قَامُوا، فَقَالَ أَبُو يَاسِرٍ لِأَخِيهِ حُيَيٍّ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْأَحْبَارِ: مَا يُدْرِيكُمْ لَعَلَّهُ قَدْ جُمِعَ هَذَا لِمُحَمَّدٍ كُلِّهِ: إِحْدَى وَسَبْعُونَ، وَإِحْدَى وَسِتُّونَ وَمِائَةٌ، وَإِحْدَى وَثَلَاثُونَ وَمِائَتَانِ، وَإِحْدَى وَسَبْعُونَ وَمِائَتَانِ، فَذَلِكَ سَبْعُمِائَةٍ وَأَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، فَقَالُوا: لَقَدْ تَشَابَهَ عَلَيْنَا أَمْرُهُ، فَيَزْعُمُونَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ نَزَلَتْ فِيهِمْ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ «1» » فَانْظُرْ مَا بَلَغَتْ إِلَيْهِ أَفْهَامُهُمْ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ الْمُخْتَصِّ بِهِمْ مِنْ عَدَدِ الْحُرُوفِ مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ فِي شَيْءٍ، وَتَأَمَّلْ أَيَّ مَوْضِعٍ أَحَقُّ بِالْبَيَانِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الْمَلَاعِينَ قَدْ جَعَلُوا مَا فَهِمُوهُ عِنْدَ سَمَاعِ الم- ذلِكَ الْكِتابُ مِنْ ذَلِكَ الْعَدَدِ مُوجِبًا لِلتَّثْبِيطِ عَنِ الْإِجَابَةِ لَهُ وَالدُّخُولِ فِي شَرِيعَتِهِ، فَلَوْ كَانَ لِذَلِكَ مَعْنًى يُعْقَلُ وَمَدْلُولٌ يُفْهَمُ، لَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا ظَنُّوهُ بَادِئَ بَدْءٍ حَتَّى لَا يَتَأَثَّرَ عَنْهُ مَا جَاءُوا بِهِ مِنَ التَّشْكِيكِ عَلَى مَنْ مَعَهُمْ.
فَإِنْ قُلْتَ: هَلْ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ فِي هَذِهِ الْفَوَاتِحِ شَيْءٌ يَصْلُحُ لِلتَّمَسُّكِ بِهِ؟ قُلْتُ: لَا أَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَكَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنْ مَعَانِيهَا، بَلْ غَايَةُ مَا ثَبَتَ عَنْهُ هُوَ مُجَرَّدُ عَدَدِ حُرُوفِهَا، فَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «من قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ: الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ» وَلَهُ طُرُقٌ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبَزَّارُ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ عوف بن مالك الأشجعي نَحْوَهُ مَرْفُوعًا. فَإِنْ قُلْتَ: هَلْ رُوِيَ عَنِ الصَّحَابَةِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ بِقَائِلِهِ أَمْ لَيْسَ إِلَّا مَا تَقَدَّمَ مِنْ حِكَايَةِ الْقُرْطُبِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلِيٍّ؟ قُلْتُ: قَدْ رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: الم أحرف اشْتُقَّتْ مِنْ حُرُوفِ اسْمِ اللَّهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مردويه
(1) . آل عمران: 7.