المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ترهيب المرأة أن تسافر وحدها بغير محرم - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ١٢

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌الترغيب في قتل الوزَغ وما جاء في قتل الحيات وغيرها مما يذكر

- ‌الترغيب في إنجاز الوعد والأمانة والترهيب من إخلافه ومن الخيانة والغدر وقتل المعاهد أو ظلمه

- ‌القتل في سبيل الله يكفر الدنوب كلها إلا الأمانة

- ‌الترغيب في الحب في الله تعالى والترهيب من حب الأشرار وأهل البدع ونحوهم لأن المرء مع من أحب

- ‌الترهيب من السحر وإتيان الكهان والعرافين والمنجمين بالرمل والعصى أو نحو ذلك وتصديقهم

- ‌الترهيب من الطيرة

- ‌فوائد يختم بها الباب:

- ‌الترهيب من تصوير الحيوانات والطيور في البيوت وغيرها

- ‌الترهيب من اقتناء الكلب إلا لصيد أو ماشية

- ‌الترهيب من اللعب بالنرد

- ‌الترغيب في الجليس الصالح والترهيب من الجليس السيئ

- ‌الترهيب أن ينام المرء على سطح لا تحجير له أو يركب البعر عند ارتجاجه

- ‌الترهيب أن ينام الإنسان على وجهه من غير عذر

- ‌الترهيب من الجلوس بين الظل والشمس والترغيب في الجلوس مستقبل القبلة

- ‌الترهيب من سفر الرجل وحده أو مع آخر فقط وما جاء في خير الأصحاب

- ‌ترهيب المرأة أن تسافر وحدها بغير محرم

- ‌الترغيب في ذكر اللّه تعالى لمن ركب دابة

- ‌الترهيب من استصحاب الكلب والجرس في سفر وغيره

- ‌الترغيب في الدلجة وهو السّير بالليل والترهيب من السفر أوله ومن التعريس في الطرق والافتراق في المنزل والترغيب في الصلاة إذا عرس الناس

- ‌الترغيب في ذكر اللّه تعالى لمن عثرت دابته

- ‌الترغيب في كلمات يقولوهن من نزل منزلا

- ‌الترغيب في دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب سيما المسافر

- ‌[الترغيب في دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب سيما المسافر]

- ‌الترغيب في الموت في الغربة

- ‌الترغيب في سكنى الشام وما جاء في فضلها

- ‌كتاب التوبة والزهد واتباع السيئة الحسنة

- ‌الترغيب في التوبة والمبادرة بها

- ‌الترغيب في الفراغ للعبادة والإقبال على الله تعالى والترهيب من الاهتمام بالدنيا والإقبال عليها

- ‌الترغيب في العمل الصالح عند فساد الزمان

- ‌الترغيب في المداومة على العمل

- ‌الترغيب في الفقر وقلة ذات اليد وما جاء في فضل الفقراء والمساكين والمستضعفين وحبهم ومجالستهم

- ‌الترغيب في الزهد في الدنيا والاكتفاء منها بالقليل والترهيب من حبها والتكاثر فيها والتنافس وبعض ما جاء في عيش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في المأكل والملبس والمشرب ونحو ذلك

الفصل: ‌ترهيب المرأة أن تسافر وحدها بغير محرم

‌ترهيب المرأة أن تسافر وحدها بغير محرم

4702 -

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن باللّه واليوم الآخر أن تسافر سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها أبوها، أو أخوها، أو زوجها، أو ابنها، أو ذو محرم منها. رواه البخاري

(1)

ومسلم

(2)

وأبو داود

(3)

والترمذي

(4)

وابن ماجه

(5)

.

4703 -

وفي رواية للبخاري

(6)

ومسلم

(7)

: لا تسافر المرأة يومين من الدهر إلا ومعها ذو محرم منها أو زوجها.

قوله: "عن أبي سعيد"، هو الخدري تقدم الكلام عليه رضي الله عنه. قوله صلى الله عليه وسلم: "

"، الحديث، جاء في رواية ثلاثة أيام، وفي رواية: ثلاثة ليال، وفي رواية: يومين، وفي رواية: يوما، وفي رواية: ليلة، وفي رواية: بريدا، وهذه الأحاديث كلها ليس فيها تناقض ولا تعارض بل الأقل داخل في محكم الأكثر وأفراد فرد لا تخصيص، والجمع بين الكل أن يقال يختلف ذلك باختلاف

(1)

صحيح البخاري (1086).

(2)

صحيح مسلم (423)(1340).

(3)

سنن أبي داود (1726).

(4)

سنن الترمذي (1169)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

(5)

سنن ابن ماجه (2898).

(6)

صحيح البخاري (1197).

(7)

صحيح مسلم (415)(827).

ص: 303

الأحوال. قال النووي

(1)

: قال العلماء: اختلاف هذه الألفاظ لاختلاف السائلين أو اختلاف المواطن، وليس في النهي عن الثلاثة تصريح بإباحة اليوم أو الليلة أو البريد.

قال البيهقي رحمه اللّه تعالى

(2)

: لأنه صلى الله عليه وسلم سئل عن المرأة تسافر ثلاثا بغير محرم فقال: لا. وسئل عن سفرها يومين بغير محرم فقال: لا. وسئل عن سفرها يوما، فقال: لا. وكذلك البريد فقال لا، فأدّى كل منهم ما سمعه وما جاء منهما مختلفا عن راو واحد فسمع في مواطن فروى تارة هذا وتارة هذا، وكله صحيح وليس في هذا كله تحديد لأقل ما يقع عليه اسم السفر. ولم يرد صلى الله عليه وسلم تحديد أقل ما يسمى سفرا، فالحاصل أن كل ما يسمى سفرا تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم سواء كان ثلاثة أيام أو يومين أو بريدا أو غير ذلك لرواية ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما المطلقة وهي إحدى رواية مسلم: لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم. وهذا يتناول جميع ما يسمى سفرا.

قال بعضهم: إنما سمي السفر سفرا]

(3)

[شرح لقوله صلى الله عليه وسلم لا يحل لامرأة الحديث:]

(4)

لأنه يسفر عن أخلاق الرجال، والحديث خاص بالنساء عام في الأسفار فيستدل به على أنه لا يجب الحج على المرأة إلا إذا

(1)

شرح النووي على صحيح مسلم ج 9 ص 103).

(2)

شرح النووي على صحيح مسلم ج 9 ص 103)، ومواهب الجليل (2/ 525).

(3)

هذا اللوح مثبت من النسخة الهندية، وسقط من الأصل.

(4)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

ص: 304

وجدت من يخرج معها من عبد أو زوج أو محرم. قال أصحابنا: أو نسوة ثقات، ولا بد من ثلاث نسوة غيرها لأنها إذا خرجت مع المرأتين أدى ذلك إلى الانفراد في أثناء الطريق عن بعضهن للحاجة فإذا كن أربعا ذهبت امرأتان وبقي امرأتان، ولا يلزمها أجرة النسوة ليخرجن معها ويلزمها أجرة المحرم والزوج إذا لم يخرج إلا بها، والفرق أن مؤنة النسوة تعظم بخلاف المحرم ولو لم تجد إلا امرأة واحدة جاز لها الخروج معها إلى فرض الحج ولا يجب ذلك وفي جواز سفر النسوة الخلص إلى ما سوى فرض الحج والعمرة وجهان أصحهما يحرم، والحديث يدل بعمومه على شمول الحكم للشابة والكبيرة غير المشتهاة.

قال بعض المالكية: هذا عندي في الشابة فأما الكبيرة غير المشتهاة فتسافر كيف شاءت، وخالفه بعض المتأخرين من الشافعية من حيث أن المرأة مظنة الطمع ومظنة الشهوة وإن كانت كبيرة والذي قاله المالكية تخصيص للعموم بالمعنى.

قال الشيخ تقي الدين: وقد اختار هذا الشافعي أن المرأة تسافر في الأمن ولا تحتاج إلى أحد بل تسير وحدها في جملة القافلة وتكون آمنة، وهذا مخالف لظاهر الحديث.

قال: والمحرم عام في محرم النسب كأبيها وأخيها وابن أختها وخالها وعمها ومحرم الرضاع ومحرم المصاهرة كابن زوجها، واستثنى بعضهم ابن زوجها. قال: يكره سفرها معه لغلبة الفساد في الناس بعد العصر الأول وأن

ص: 305

كثيرا من الناس لا ينزل زوجة الأب في النفرة عنها منزلة محارم النسب، والمرأة فتنة إلا فيما جبل اللّه النفوس عليه من النفرة عن محارم النسب وعبد المرأة يكون محرما لها لقوله تعالى {وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}

(1)

، وهذا بشرط كونه ثقة مأمونا، فإن كان فاسقا فغير محرم.

فائدة: واعلم أن حقيقة المحرم من النساء التي يجوز النظر إليها والخلوة بها والمسافرة بها كل من حرم عليه نكاحها [عليه] على التأبيد بسبب مباح لحرمتها، فقولنا على التأبيد احتراز من أم الموطوءة بشبهة وبنتها فإنهما يحرمان على التأبيد وليس محرمين لأن وطء الشبهة لا يوصف بالإباحة لكنه ليس [بفعل] مكلف واحتراز أيضًا من أخت الزوجة وعمة المرأة وخالتها، وقولنا لحرمتها احتراز من الملاعنة فإنها محرمة على التأبيد بسبب مباح وليس محرما لأن تحريمها ليس لحرمتها بل عقوبة وتغليظا، اهـ. ذكره ابن العماد في شرح العمدة.

4704 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن باللّه واليوم الآخر أن تسافر ثلاثا إلا ومعها ذو محرم منها. رواه البخاري

(2)

ومسلم

(3)

وأبو داود

(4)

.

(1)

سورة النساء، الآية:3.

(2)

صحيح البخاري (1086 - 1087).

(3)

صحيح مسلم (414)(1338).

(4)

سنن أبي داود (1727).

ص: 306

قوله: وعن ابن عمر تقدم. قوله: لا يحل لامرأة تؤمن باللّه واليوم الآخر الحديث. وقوله في الرواية الأخرى مع ذي محرم منها، ذو المحرم من لا يحل له نكاحها من الأقارب كالأب والابن والأخ والعم ومن يجري مجراهم، وتقدم الكلام عليه مبسوطا في الحديث قبله.

4705 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن اللّه واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها وفي رواية: مسيرة يوم، وفي أخرى: مسيرة ليلة إلا ومعها رجل ذو حرمة منها. رواه مالك

(1)

والبخاري

(2)

ومسلم

(3)

وأبو داود

(4)

والترمذي

(5)

وابن ماجه

(6)

وابن خزيمة في صحيحه

(7)

. وفي رواية لأبي داود

(8)

وابن خزيمة

(9)

: أن تسافر تسافر بريدا.

قوله وعن أبي هريرة تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم منها الحديث يحتج بهذا الحديث من لا يوجب

(1)

موطأ مالك (2/ 979/ 37).

(2)

صحيح البخاري (1088).

(3)

صحيح مسلم (422)(1339).

(4)

سنن أبي داود (1723).

(5)

سنن الترمذي (1170)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

(6)

سنن ابن ماجه (2899).

(7)

صحيح ابن خزيمة (2523 - 2524، 2525).

(8)

سنن أبي داود (1725).

(9)

صحيح ابن خزيمة (2526).

ص: 307

الحج على المرأة إلا عند وجود المحرم أو الزوج وإليه صار بعض الشافعية، والمشهور من مذهبه [أنه] يجب عليها أن تحج مع نسوة ثقات. وقال بعض أصحابه: يجب عليها أن تحج مهما أمنت على نفسها وإن لم يكن معها نسوة، ويتمسك هذا القائل بعموم قوله تعالى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ}

(1)

الآية، فإنه يعم الرجل والمرأة، لكنه معارض بقوله صلى الله عليه وسلم لا تسافر المرأة إلا ومعها حرمة، فإنه يعم الحج وغيره من الأسفار. والظاهرية أوجبوا عليها الحج مع غير محرم محتجين بقوله صلى الله عليه وسلم

(2)

لا تمنعوا إماء اللّه مساجد اللّه وهذا ضعيف، ضعيف، فإن غايته تمسك بعموم فيعارض بالعموم الاخر واللّه أعلم، ذكره ابن عقيل في شرح الأحكام.

وقوله: وفي رواية مسيرة ليلة إلا ومعها رجل ذو حرمة منها، الحديث، يحتمل أن يريد محرما لها وأن يريد لها أوله أيضًا، والحديث مخصوص بالزوج فإنه لو كان معها زوجها [لكان] كالمحرم، وأولى بالجواز، والمحرم هم الأقارب، ويقع على كلّ من يجمع بينك وبينه نسب ويطلق في الفرائض على الأقارب من جهة النساء يقال ذو رحم ومحرم وهو من لا يحل نكاحه كالأم والبنت والأخت والعمة والخالة، قاله ابن الأثير

(3)

، ففيه دلالة لمذهب لمذهب الشافعي، والجمهور أن جميع المحارم سواء في ذلك، ويجوز لها

(1)

سورة آل عمران، الآية:97.

(2)

صحيح البخاري (900)، وصحيح مسلم (136)(442) عن ابن عمر.

(3)

النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 210).

ص: 308

المسافرة مع محرمها بالنسب ومع محرمها بالرضاع [كأخيها] من الرضاع وابن أختها منه [ونحوهم] ومع محرمها من المصاهرة وكذا يجوز لكل هؤلاء الخلوة بها والثظر إليها من غير حاجة، ولكن لا يحل النظر بشهوة لأحد منهم، هذا مذهب الشافعي والجمهور.

وتقدم الكلام عليه مبسوطًا. قوله صلى الله عليه وسلم في رواية أبي داود وابن خزيمة: لا يحل لامرأة تؤمن باللّه واليوم الآخر أن تسافر بريدا، الحديث. والبريد أربعة فراسخ، والفرسخ ثلاثة أميال، والميل أربعة آلاف خطوة، والخطوة ثلاثة أقدام، وقيل الميل ستة آلاف ذراع والذراع أربعة وعشرون إصبعا والإصبع ست شعيرات بطون بعضها إلى ظهر بعض والشعيرة ست شعرات من شعر ذنب البرذون واللّه أعلم.

[فائدة] يختم بها الباب في الجمع في السفر جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء يجمع، وفيه حديث [ورد]

(1)

ففيه دلالة على استحباب تأخير المغرب إلى العشاء ليصليها جميعا بالمزدلفة وعلى استحباب المبادة بصلاة المغرب والعشاء أول قدومه المزدلفة ويجوز [تأخيرهما] إلى قبل طلوع الفجر ومذهب الشافعي أنه إذا جمع جمع تقديم لم يجز إلا بشروط ثلاثة تقديم الأولى على الثانية والموالاة بأن لا يطول بينهما فصل ولا يضر الفصل بالإقامة ولا بالتيمم على الصحيح.

والشرط الثالث: نية الجمع وإذا جمع جمع تأخير لم يجب الترتيب بينهما

(1)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

ص: 309

بل له تقديم الظهر على العصر وعكسه، وكذلك يجوز له التفريق بينهما لأنه جاء في بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم فصل بين هاتين الصلاتين بحط الرحال، والمفهموم من قوله ولم يسبح بينهما أنه يسبح بعدهما وإلا لم يكن للتقييد بالبينيّة معني، ومذهبنا استحباب السنن الراتبة أن يفعلها بعدهما لا بينهما ويفعل سنة الظهر التي قبلها قبل الصلاتين وللجمع شروط آخر مذكورة في كتب الفقه فمن أراد ذلك فليطالع مظانها، واللّه تعالى أعلم بالصواب.

ص: 310