المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القتل في سبيل الله يكفر الدنوب كلها إلا الأمانة - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ١٢

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌الترغيب في قتل الوزَغ وما جاء في قتل الحيات وغيرها مما يذكر

- ‌الترغيب في إنجاز الوعد والأمانة والترهيب من إخلافه ومن الخيانة والغدر وقتل المعاهد أو ظلمه

- ‌القتل في سبيل الله يكفر الدنوب كلها إلا الأمانة

- ‌الترغيب في الحب في الله تعالى والترهيب من حب الأشرار وأهل البدع ونحوهم لأن المرء مع من أحب

- ‌الترهيب من السحر وإتيان الكهان والعرافين والمنجمين بالرمل والعصى أو نحو ذلك وتصديقهم

- ‌الترهيب من الطيرة

- ‌فوائد يختم بها الباب:

- ‌الترهيب من تصوير الحيوانات والطيور في البيوت وغيرها

- ‌الترهيب من اقتناء الكلب إلا لصيد أو ماشية

- ‌الترهيب من اللعب بالنرد

- ‌الترغيب في الجليس الصالح والترهيب من الجليس السيئ

- ‌الترهيب أن ينام المرء على سطح لا تحجير له أو يركب البعر عند ارتجاجه

- ‌الترهيب أن ينام الإنسان على وجهه من غير عذر

- ‌الترهيب من الجلوس بين الظل والشمس والترغيب في الجلوس مستقبل القبلة

- ‌الترهيب من سفر الرجل وحده أو مع آخر فقط وما جاء في خير الأصحاب

- ‌ترهيب المرأة أن تسافر وحدها بغير محرم

- ‌الترغيب في ذكر اللّه تعالى لمن ركب دابة

- ‌الترهيب من استصحاب الكلب والجرس في سفر وغيره

- ‌الترغيب في الدلجة وهو السّير بالليل والترهيب من السفر أوله ومن التعريس في الطرق والافتراق في المنزل والترغيب في الصلاة إذا عرس الناس

- ‌الترغيب في ذكر اللّه تعالى لمن عثرت دابته

- ‌الترغيب في كلمات يقولوهن من نزل منزلا

- ‌الترغيب في دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب سيما المسافر

- ‌[الترغيب في دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب سيما المسافر]

- ‌الترغيب في الموت في الغربة

- ‌الترغيب في سكنى الشام وما جاء في فضلها

- ‌كتاب التوبة والزهد واتباع السيئة الحسنة

- ‌الترغيب في التوبة والمبادرة بها

- ‌الترغيب في الفراغ للعبادة والإقبال على الله تعالى والترهيب من الاهتمام بالدنيا والإقبال عليها

- ‌الترغيب في العمل الصالح عند فساد الزمان

- ‌الترغيب في المداومة على العمل

- ‌الترغيب في الفقر وقلة ذات اليد وما جاء في فضل الفقراء والمساكين والمستضعفين وحبهم ومجالستهم

- ‌الترغيب في الزهد في الدنيا والاكتفاء منها بالقليل والترهيب من حبها والتكاثر فيها والتنافس وبعض ما جاء في عيش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في المأكل والملبس والمشرب ونحو ذلك

الفصل: ‌القتل في سبيل الله يكفر الدنوب كلها إلا الأمانة

‌القتل في سبيل الله يكفر الدنوب كلها إلا الأمانة

قوله: "وعن حذيفة" هو ابن اليمان تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الأمانة نزلت في جدر قلوب الرجال" الحديث. أما الأمانة فالظاهر أن المراد بها التكاليف الشرعية التي كلف الله تعالى بها عباده والعهد الذي أخذه عليهم. وقال الإمام أبو الحسن الواحدي في قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ}

(1)

الآية، قال ابن عباس رضي الله عنهما هي الفرائض التي افترضها الله تعالى على العباد.

قال الحسن هو الدين والدين كله أمانة. وقال أبو العالية الأمانة ما أمروا به وما نهوا عنه. وقال مقاتل الأمانة الطاعة. قال الواحدي وهذا قول أكثر المفسرين قال: والأمانة في قول جميعهم الطاعة والفرائض التي يتعلق بأدائها الثواب وبتضييعها العقاب. [و] قال صاحب التحرير الأمانة في الحديث هي الأمانة المذكورة في قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} ، وهي عين الإيمان فإذا استمكنت الأمانة في قلب العبد قام حينئذ بأداء التكاليف واغتنم ما يرد عليه منها وجدَّ في إقامتها. وقال ابن عطية اختلف الناس في الأمانة فقال ابن مسعود هي في أمانات الأموال كالودائع ونحوها.

وروي عنه أنها في كل الفرائض وأشدّها أمانة المال. [و] قال الجمهور هي كل شيء يؤتمن عليه الإنسان من أمر أو نهي وشأن دين ودنيا، فالشرع كله أمانة ومعنى الأمانة بآية {إِنَّا عَرَضْنَا} على هذه المخلوقات العظام أن

(1)

سورة الأحزاب، الآية:72.

ص: 79

تحمل الأوامر والنواهي وتقتضي الثواب إن أحسنت والعقاب إن أساءت فأبت هذه المخلوقات وأشفقت ويحتمل أن يكون [هذا] بإدراك خلقه الله تعالى لها أو يكون هذا العرض على من فيها من الملائكة والله أعلم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "نزلت في جذر قلوب الرجال"، وأما الجذر فهو بفتح الجيم وكسرها لغتان وبالذال المعجمة فيهما. قال البخاري: وهو الأصل من كل شيء. قال القاضي عياض

(1)

مذهب الأصمعي في هذا الحديث فتح الجيم وأبي عمرو كسرها. قوله صلى الله عليه وسلم: "فيظل أثرها مثل الوكت" يظل بمعنى يصير. والوكت بفتح الواو وسكون الكاف، وبالتاء المثناة من فوق أثر الشيء اليسير، كذا قاله الهروي

(2)

. وقال غيره: هو سواد يسير وقيل هو لون يحدث مخالف اللون الذي كان قبله، وقيل كالنقطة من غير لونه. قوله:"فيظل" تقدم. قوله: "أثرها" مثل الوكت فهو بفتح الواو وإسكان الكاف وبالتاء المثناة من فوق وهو الأثر اليسير كذا قاله الهروي وقال غيره هو سواد يسير وقيل هو لون يحدث مخالف للون الذي كان قبله.

قوله: "مثل المجل" هو بفتح الميم وإسكان الجيم وفتحها لغتان حكاهما صاحب التحرير والمشهور فيه الإسكان. يقال منه مَجِلت يده بكسر الجيم

(1)

شرح النووي على صحيح مسلم (2/ 168).

(2)

الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (1/ 270) مادة: وكت، والكواكب الدراري (24/ 163).

ص: 80

تمجَل مجَلا بفتحها فيهما ومجَلت تمجُل بضمها مجْلا بإسكانها لغتان مشهورتان وأمجلها غيرها. قال أهل اللغة والغريب

(1)

المجل هو التنفط الذي يصير في اليد من العمل بفأس أو نحوها ويصير كالقبة فيه ماء قليل، والمراد بذلك خلو القلب عن الأمانة مع بقاء أثرها، والله أعلم. وأما قوله:"كجمر دحرجته على رجلك فنفط"، أي أطلقته فتدحرج أي يطلق ظهرا لبطن بين يديه والجمر والدحرجة معروفان ونفط بفتح النون وكسر الفاء ولم يقل نفطت مع أن الرجل مؤنثة إما أن يكون ذكَّر نفط اتباعا للفظ الرجل، وإما أن يكون اتباعا لمعنى الرجل وهو العضو.

وأما قوله: "فتراه منبترا" أي مرتفعا [أي] قائما أو، موضعه فارغ وأصل هذه اللفظة الارتفاع ومنه المنبر لارتفاعه وارتفاع الخطيب عليه. قوله:"ثم أخذ حصاة فدحرجها على رجله" هكذا وقع في بعض الأصول بإفراد لفظ الحصاة وهو صحيح، وروي ثم أخذ حصى فدحرجه. قال القاضي عياض

(2)

أو النووي هكذا ضبطناه وهو ظاهر ويكون معناه دحرج ذلك المأخوذ أو الشيء وهو الحصاة.

فائدة: قال صاحب التحرير معنى الحديث أن الأمانة تزول عن القلوب شيئا فشيئا فإذا زال أول جزء منها زال نورها وخلفته ظلمة كالوكت وهو اعتراض لون مخالف للون الذي قبله فإذا زال شيء آخر صار كالمجل وهو

(1)

شرح النووي على مسلم (2/ 169)، والكواكب الدراري (23/ 18).

(2)

شرح النووي على صحيح مسلم (2/ 169).

ص: 81

أثر محكم لا يكاد يزول إلا بعد مدة، وهذه الظلمة فوق الظلمة التي قبلها، شبّه زوال النور بعد وقوعه في القلب وخروجه بعد استقراره فيه واعتقاب الظلمة إياه بجمر يدحرجه على رجله حتى يؤثر فيها ثم يزول الجمر ويبقى التنفط. والله أعلم.

قوله: "فيصبح الناس فيتبايعون" لا يكاد أحد يؤدي الأمانة، [أي يجري بينهم البيع ولا يحفظون في المعاملات الأمانة]

(1)

. قوله: "حتى يقال إن في بني فلان رجلا أمينا" الحديث، للتعجب.

فائدة أيضا: لما عرض الله تعالى الأمانة على السموات والأرض والجبال. فقال لها: هل تحملين الأمانة بما فيها؟ [قالت]: وما فيها. قال: إن أحسنت جوزيت وإن أسأت [عوقبتِ]، قالت:[لا]. فقد بان أنّ الإنسان إنما كلف حملها لما ركَّبه الله تعالى فيه من العقل فبالعقل صار الإنسان هو الحامل والمكلف والمخاطب. واعلم أن العقل عقلان عقل إلهي وعقل يكتسبه الرجل بالتجربة والتهديد فمن غلب عقله هواه افتضح ومن زاد علمه على عقله كان وبالا عليه ومن لم ينفعه العلم لم يأمن ضرر الجهل، اهـ ذكره ابن فرحون في كتابه.

4540 -

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها إلا الأمانة قال: يؤتى العبد يوم القيامة، وإن قتل في سبيل الله، فيقال: أد أمانتك، فيقول: أي رب كيف، وقد ذهبت الدنيا، فيقال: انطلقوا به إلى

(1)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

ص: 82

الهاوية، فينطلق به إلى الهاوية، وتمثل له أمانته كهيئتها يوم دفعت إليه، فيراها فيعرفها، فيهوي في أثرها حتى يدركها، فيحملها على منكبيه حتى إذا ظن أنه خارج قلت عن منكبيه، فهو يهوي في أثرها أبد الآبدين، ثم قال: الصلاة أمانة، والوضوء أمانة، والوزن أمانة، والكيل أمانة، وأشياء عددها، وأشد ذلك الودائع. قال: يعني زذان: فأتيت البراء بن عازب فقلت: ألا ترى إلى ما قال ابن مسعود؟ قال: كذا، قال: صدق. أما سمعت الله يقول "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها" رواه أحمد

(1)

والبيهقي

(2)

موقوفا، وذكر عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب الزهد

(3)

أنه سأل أباه عنه فقال: إسناد جيد.

قوله: "وعن ابن مسعود" تقدم. قوله: "القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها إلا الأمانة" الحديث. تقدم الكلام على الأمانة مبسوطًا واضحًا في الحديث قبله. قوله: "فيقول انطلقوا به إلى الهاوية" قال الله تعالى: {فَأُمُّهُ و

(1)

أخرجه مسدد في المسند (المطالب العالية 14/ 586)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (159)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 201) موقوفا، وقال أبو نعيم: روأه إسحاق بن يوسف الأزرق عن شريك فرفعه، وحسَّنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (176).

وأخرجه مرفوعا الطبراني في الكبير (10/ 219/ 10527)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 201)، وقوام السنة الترغيب والترهيب (245)، وقال ابن كثير في البداية والنهاية (20/ 36): إسناده جيد، ولم يروه أحمد، ولا أحد من أصحاب الكتب الستة، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 293): رواه الطبراني ورجاله ثقات. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4130)، والضعيفة (4071).

(2)

شعب الإيمان (4885)، والسنن الكبرى (6/ 471)، والسنن الصغير (2/ 374).

(3)

انظر: مسائل عبد الله (943)، الجامع لعلوم الإمام أحمد (15/ 109).

ص: 83

هَاوِيَةٌ}

(1)

، الآية. قوله:"فيهوي في إثرها" الهوي هو السقوط. قوله: "حتى إذا ظن أنه خارج زلت عن منكبيه" الحديث. المنكبان هما عظما الكتف.

4541 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا صلاة لمن لا طهور له، الحديث. رواه الطبراني

(2)

، وتقدم في الصلوات.

قوله: "وعن ابن عمر" تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم: "لا إيمان لمن لا أمانة له ولا صلاة لمن لا طهور له" الحديث. قيل هو على التغليظ، قيل سميت الأمانة أمانة لأنه يؤمن معها من منع [الحق مأخوذة] من الأمن، حكاه في التحصيل، وتقدم الكلام على الأمانة وعلى الطهور والمراد به الوضوء.

4542 -

وروي عن علي رضي الله عنه قال: كلنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلع علينا رجل من أهل العالية، فقال يا رسول الله: أخبرني بأشد شيء في هذا الدين وألينه؟ فقال: ألينه شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأشده يا أخا العالية الأمانة، إنه لا دين لمن لا أمانة له، ولا صلاة له، ولا زكاة له. الحديث رواه البزار

(3)

.

(1)

سورة القارعة، الآية:9.

(2)

أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (2292)، وفي المعجم الصغير (162)، وأبو طاهر المخلص في المخلصيات (2529)(24)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 292): رواه الطبراني في الأوسط والصغير وقال: تفرد به الحسين ابن الحكم الحبري. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (6178)، وضعيف الترغيب والترهيب (213).

(3)

البزار = البحر الزخار (819). والشجري في أماليه (1/ 38)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 292) رواه البزار، وفيه أبو الجنوب، وهو ضعيف. وقال الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (1772)، وفي الضعيفة (6671): منكر جدًا.

ص: 84

قوله: "وروي عن علي" هو ابن أبي طالب تقدم الكلام عليه. قوله: "وأشده يا أخا العالية الأمانة" تقدم الكلام على قوله يا أخا العالية في البيوع وعلى الأمانة في أوائل هذا الباب.

4543 -

وعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة، فقد حل بها البلاء. قيل: وما هي يا رسول الله؟ قال: إذا كان المغنم دولا، وإذا كانت الأمانة مغنما، والزكاة مغرما، وأطاع الرجل زوجته، وعق أمه، وبر صديقه، وجفا أباه، وارتفعت الأصوات في المساجد، وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكرم الرجل مخافة شره، وشربت الخمر، ولبس الحرير، واتخذت القينات والمعازف، ولعن آخر هذه الأمة أولها، فليرتقبوا عند ذلك ريحا حمراء، أو خسفا أو مسخا رواه الترمذي

(1)

، وقال: لا نعلم أحدا روى هذا الحديث عن يحيى بن سعيد الأنصاري غير الفرج بن فضالة.

(1)

أخرجه الترمذي (2210)، وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (5)، وابن حبان في المجروحين (2/ 207 - 206)، والطبراني في الأوسط (469)، وابن بشران (1248) والداني في الفتن (320)، والخطيب في التاريخ (3/ 157 - 158)، والشجري في أماليه (2/ 265)، وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب (1239)، وابن الجوزي في العلل (1421)، وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث عليّ إلا من هذا الوجه، ولا نعلم أحدا رواه عن يحيى بن سعيد الأنصاري غير الفرج بن فضالة، والفرج بن فضالة قد تكلم فيه بعض أهل الحديث وضعفه من قبل حفظه. وقال البرقاني عن الدارقطني: هذا باطل. قلت: من جهة الفرج؟ قال: نعم تاريخ بغداد 12/ 396). قال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (ص: 1257): فرج بن فضالة ضعيف. وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (1727)، وضعيف الترغيب والترهيب (1774).

ص: 85

4544 -

وفي رواية للترمذي

(1)

من حديث أبي هريرة: إذا اتخذ الفيء دولا والأمانة مغنما، والزكاة مغرما، وتعلم لغير دين، وأطاع الرجل امرأته، وعق أمه، وأدنى صديقه، وأقصى أباه وظهرت الأصوات في المساجد، وساد القبيلة فاسقهم وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكلرم الرجل مخافة شره، وظهرت القينات والمعازف، وشربت الخمور، ولعن آخر هذه الأمة أولها فليرتقبوا عند ذلك ريحا حمراء، وخسفا ومسخا وقذفا، وآيات تتابع كنظام بال قطع سلكه فتتابع. قال الترمذي: حديث غريب.

قوله: "وعن علي" أيضا تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة فقد حل بها البلاء" الحديث. قوله: "إذا كان المغنم دولا"، قال في الفائق: الدول بالضم والفتح ومعناه ما يدول الإنسان أي يدور من الحظ. قوله: "الأمانة مغنما" أي يرى من في يده أمانة أن الخيانة فيها غنيمة قد غنمها وقال بعض العلماء أيضا أي تذهب الأمناء بودائع الناس وأماناتهم فيتخذونها مغانم. قوله: "والزكاة مغرمًا" أي يرى رب المال أن إخراج زكاته غرامة يغرمها. وقال بعضهم أيضا: أي يعدون الزكاة غرامة أي يشق عليهم أداؤها كما يشق أداء الغرامات. قوله: "وكان زعيم القوم أرذلهم" الزعيم الكفيل الذي يتكفل بأمر القوم ويقوم به. والأرذل بالذال المعجمة هو من كل شيء الرديّ منه، والله أعلم. قوله:"وشربت الخمر"؛ "ولبس الحرير واتخذت القينات -وفي نسخة القيان- والمعازف"، تقدم الكلام على ذلك في بابه.

(1)

سنن الترمذي (2211).

ص: 86

["ولعن آخر هذه الأمة أولها" هو على ظاهره ويدخل في ذلك الرافضة وغيرهم الذين يلعنون الصحابة]

(1)

. والمعازف بالعين المهملة والزاي [المزاهر] وهي عيدان الغناء، قاله في المطالع

(2)

، وقال في النهاية

(3)

: هي الدفوف وغيرها مما يضرب به وقيل: إن كل لعب عزف [وتقدم الكلام على ذلك في بابه]. [وشرب الخمر من علامات الساعة فإن قلت شرب الخمر كيف يكون من علاماتها والحال أنه كان واقعا في جميع الأزمان، وقد حدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الناس لشربه إياها.

قلت: المراد منه أن تشرب شربا فاشيا [إذ] نفس الشرب وحده ليس علامة بل العلامة مجموع الأمور المذكورة في الأحاديث]

(4)

.

قوله: "ولعن آخر هذه الأمة أولها" وهو على ظاهره ويدخل في ذلك الرافضة وغيرهم الذين يلعنون أكابر الصحابة ويكفرون أكابر الأمة.

قوله [صلى الله تعالى عليه وسلم] في رواية الترمذي: إذا اتخذ الفيء دولا، والفيء معناه ما اتخذ من الكفار من غير قتال كالمال الذي تركوه فزعا من المسلمين والخراج والجزيو وتقدم الكلام على دولا في [كلام]

(5)

الفائق

(1)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

(2)

مشارق الأنوار (2/ 80).

(3)

النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 230).

(4)

حصل تقديم لهذه الفقرة في النسخة الهندية، وأدرجت بعد قوله:(والأرذل بالذال المعجمة هو من كل شيء الرديّ منه، والله أعلم. قوله: (وشربت الخمر).

(5)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

ص: 87

ومعناه إذا كان الأغنياء وأصحاب المناصب يستأثرون بأموال الفيء ويمنعون عنها مستحقيها. قوله: "وتُعلِّم لغير دين" أي يحملهم على التعلم غير الدين من طلب المقاصد الدنيوية والمناصب الدنيوية، [ولقوله]صلى الله عليه وسلم: من تعلم علما لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة أي ريحها كمن يتعلمه للرياسة أو للمال أو لتعظيم الناس له. قال ابن القيم. وهذا من أكبر الكبائر.

ومنها كتم العلم مثل أن يسأل عن علم شرعي فيكتمه مع تعين الجواب عليه. ومنها تفسير القراَن بالرأي لقوله صلى الله عليه وسلم من قال في القرآن بغير ما يعلم جاء يوم القيامة ملجما [بلجام] من نار، ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار. تفسير القرآن بالرأي هو من أنواع قول الزور والإخبار عن الله بأنه أراد ما لا يتحقق إرادته إياه، اهـ.

تنبيه: من علامات الساعة أن يرفع العلم وفي حديث آخر أن يقل العلم [و] ليس المراد منه محوه من صدور الحفّاظ وقلوب العلماء بل رفعه بموت حملته وقبض العلماء. وأما قوله: "أن يقل العلم" فبكسر القاف. فإن قلت: قلة العلم [تقتضي] بقاء شيء منه والرفع عدم بقائه فما وجه الجمع بينهما؟

قلت: القلة قد تطلق ويراد بها العدم، أو كان ذلك باعتبار الزمانين كما يقال مثلا القلة في ابتداء أمر الأشراط أي العلامات والعدم في انتهائه. قاله الكرماني

(1)

. قوله: "وظهرت الأصوات في المساجد" أي ارتفعت الأصوات فيها باللغط. وفي حديث آخر: سيكون في آخر الزمان قوم يكون حديثهم في

(1)

الكواكب الدراري (2/ 61).

ص: 88

مساجدهم ليس لله فيهم حاجة، الجلوس في المسجد لحديث الدنيا هو بدعة إذ المساجد إنما بنيت لذكر الله تعالى والصلاة ولنشر العلم ونحو ذلك، وعلى هذا كان يجتمع السلف الصالح في المسجد لا في التحدث بما يتعلق بأحوال الدنيا. فرع: حكم الطرطوشي في كتابه عن مالك أنه كره أن يتكلم بألسنة العجم في المسجد. قال: وهو لمن يحسن العربية أشد.

قوله: "فليرتقبوا عند ذلك ريحا حمراء وخسفا ومسخا وقذفا" تقدم ذلك في أماكن من هذا التعليق. وفي بعض الأحاديث: فليرتقبوا عند ذلك ريحا حمراء وزلزلة وخسفا ومسخًا.

قوله: "وآيات تتابع كناظم قد انقطع سلكه فتتابع" الحديث، ضبطناه بتاءين من فوق وألف ثم ياء مثناة من تحت وعين مهملة. وأما قوله:"كناظم قطع سلكه فتتابع" فهو بالباء الموحدة قبل العين، يقال: تتايع بالمثناة من تحت في الشر وتتابع بالموحدة في الخير، والنظام بكسر النون وبالظاء المعجمة المراد به هنا اللؤلؤ المنظوم أي المجموع في الخيط، والسلك بكسر السين المهملة وسكون اللام الخيط. قاله صاحب التنقيح.

4545 -

وروي عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث متعلقات بالعرش: الرحم تقول: اللهم إني بك فلا أقطع، والأمانة تقول: اللهم إني بك فلا أخان، والنعمة تقول: اللهم إني بك فلا أكفر. رواه البزار

(1)

.

(1)

البزار= البحر الزخار (4181)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 149): رواه البزار، وفيه يزيد بن ربيعة الرحبي وهو متروك، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. وقال =

ص: 89

قوله: "وروي عن ثوبان" هو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث متعلقات بالعرش الرحم تقول اللهم إني بك فلا أقطع والأمانة تقول اللهم إني بك فلا أخان والنعمة تقول اللهم إني بك فلا أكفر" الحديث. الرحم هي القرابة وتقدم الكلام على الأمانة، وعلى هذا الحديث في صلة الرحم.

4546 -

وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يكون بعدهم قوم يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، وتظهر فيهم السمن. رواه البخاري

(1)

ومسلم

(2)

.

قوله: "وعن عمران بن حصين" تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم: "خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" الحديث. المراد من قوله صلى الله عليه وسلم: قرني، الصحابة ومن الذين يلونه التابعون ومن الذين يلونهم تابعوا التابعين، قاله في شرح مشارق الأنوار.

4547 -

وعن عبد الله بن أبي الحمساء رضي الله عنه قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيع قبل أن يبعث فبقيت له بقية ووعدته أن آتيه بها في مكانه، فنسيت، ثم

= البزار -مختصر زوائد مسند- (2/ 479): لا نعلمه بهذا اللفظ إلا عن ثوبان، وقد تقدم ذكرنا ليزيد وأبى عثمان يعنى بالتضعيف. وقال الألباني في السلسلة الضعيفة (6481): ضعيف جدًا، وضعيف الترغيب والترهيب (1493).

(1)

صحيح البخاري (2651).

(2)

صحيح مسلم (214)(2535).

ص: 90

ذكرت بعد ثلاث، فجئت، فإذا هو مكانه فقال: يا فتى لقد شققت علي، أنا ههنا منذ ثلاث أنتظرك. رواه أبو داود

(1)

وابن أبي الدنيا في كتاب الصمت

(2)

كلاهما عن إبراهيم بن طهمان عن بديل بن ميسرة عن عبد الكريم عن عبد الله بن شقيق عن أبيه عنه، وقال أبو داود: قال محمد بن يحيى: هذا عندنا عبد الكريم بن عبد الله بن شقيق. وقد ذكر عبد الله بن أبي الحمساء أبو علي بن السكن في كتاب الصحابة فقال: روى حديث إبراهيم بن طهمان عن بديل بن ميسرة عن ابن شقيق عن أبيه، ويقال عن بديل عن عبد الكريم المعلم، ويشبه أن يكون ما ذكره أبو علي من إسقاط عبد الكريم منه هو الصواب، والله أعلم.

قوله: "وعن عبد الله بن أبي الحمساء"، وأبو الحمساء اسمه كذا كذا. فائدة: قوله في آخر الحديث، وقد ذكر عبد الله بن أبي الحمساء أبو علي بن السكن في كتاب الصحابة. [و] ابن السكن هذا يكنى أبا علي واسمه سعيد بن عثمان وهو إمام من الأئمة الحفاظ وهو من كبار أهل هذا الشأن ثقة واسع [الباع] في الحديث. [وكثير الرحلة، سمع بالعراق والشام ومصر وخراسان يُصار إليه من خلائق]، وهو من العلماء [القدماء، مات في المحرم سنة ثلاث

(1)

سنن أبي داود (4996).

(2)

الصمت لابن أبي الدنيا (457)، وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (4/ 246)، وابن سعد في الطبقات (7/ 59)، والحربي في غريب الحديث (3/ 944)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (193)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (4090)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 334)، وابن الأثير في أسد الغابة (3/ 217)، وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1776)، وفي مشكاة المصابيح (4880).

ص: 91

وخمسين وثلاثمائة]، أصله بغدادي وسكن بمصر ومات بها في نصف المحرم [سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة]

(1)

وإذا صحح شيئا اعتمده الأئمة. قاله الحصني في سير الملوك والله أعلم.

قوله: "بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيع قبل أن يبعث"، الحديث، بايعت أي اشتريت منه شيئا قبل أن يوحى إليه وبقي له من ثمن ذلك المبيع شيء. قوله:

"فيقت له بقية فوعدته أن آتيه بها في مكانه فنسيت يومي والغد فأتيته في اليوم الثالث وهو في مكانه" الحديث، أي جئت ذلك المكان فإذا نبي الله ينتظرني بذلك المكان ولم يخرج من ذلك المكان وفاءً بما وعد من لزوم ذلك المكان حتى أجيئه بما بقي من الثمن. قوله:"لقد شققت علي يا فتى أنا هنا منذ ثلاث أنتظرك"[أي من حينئذ] أي حملت المشقة عليّ وأوصلتها إليّ، اهـ. وقد أثنى الله تعالى على نبيه إسماعيل [بن إبراهيم]عليه السلام بقوله:{إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ}

(2)

فيقال إنه كان وعد إنسانا في موضع فانتظره فيه اثنين وعشرين يوما وكان ابن مسعود لا يعد وعدا إلا قال إن شاء الله تعالى، وهو الأولى، ثم إذا فهم مع ذلك الجزم في الوعد فلابد من الوفاء إلا أن يعتذر فإن كان عند الوعد عازما على أن لا يفي فهو النفاق فإن اللسان سبّاق إلى الوعد ثم النفس ربما لا تسمح بالوفاء فيصير الوعد خلفا [وذلك]

(3)

من أمارات النفاق، اهـ. قوله:"إبراهيم بن طهمان"، طهمان بفتح الطاء المهملة وسكون

(1)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

(2)

سورة مريم، الآية:54.

(3)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

ص: 92

الهاء، ابن شعبة الخراساني، أبو سعيد، كان صحيح الحديث كثير السماع حسن الرواية واسع القلب مات سنة ثلاث وستين ومائة بمكة، قاله الكرماني

(1)

. وقوله: "بُديل بن ميسرة"، بُديل بضم الباء الموحدة وفتح الدال المهملة وسكون الياء آخر الحروف واللام.

4548 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ آيَة الْمُنَافِق ثَلاث إِذا حدث كذب وَإِذا وعد أخلف وَإِذا ائْتمن خَان رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَزَاد مُسلم فِي رِوَايَة لَهُ وَإِن صلى وَصامَ وَزعم أَنه مُسلم

(2)

.

4549 -

وَرَوَاهُ أَبُو يعلى من حَدِيت أنس وَلَفظه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول ثَلَاث من كن فِيهِ فَهُوَ مُنَافِق وَإِن صامَ وَصلى وَحج وَاعْتمر وَقَالَ إِنِّي مُسلم فَذكر الحَدِيث

(3)

.

4550 -

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا ائتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر. رواه البخاري

(4)

ومسلم

(5)

.

(1)

الكواكب الدراري (4/ 79).

(2)

أخرجه مسلم (109 و 110 - 59).

(3)

أخرجه أبو يعلى (4098). قال الهيثمى في المجمع 1/ 107 - 108: رواه أبو يعلى، وفيه يزيد الرقاشي، وهو ضعيف. وحسنه الألبانى في صحيح الترغيب (2938) و (2998).

(4)

صحيح البخاري (34، 3178).

(5)

صحيح مسلم (106)(58).

ص: 93

قوله: "وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي" تقدمت ترجمته. قوله: "أربع من كن فيه كلان منافقًا خالصًا" فذكره إلى أن قال: "إذا ائتمن خان" تقدم الكلام على الخيانة في الأمانة وتقدم هذا الحديث أيضا في الصدق.

4551 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء، فقيل: هذه غدرة فلان ابن فلان، رواه مسلم

(1)

وغيره

(2)

.

4552 -

وفي رواية لمسلم

(3)

: لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به، يقال: هذه غدرة فلان.

قوله: "وعن ابن عمر" المراد به عبد الله بن عمر بن الخطاب، تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم:"إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء فيقال هذه غدرة فلان بن فلان"، وفي رواية لمسلم: يرفع لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة يقال هذه غدرة فلان بن فلان الحديث. والغدر ترك الوفاء، والغادر الذي يواعد على أمر ولا يفي به، يقال غدر يغدر بكسر الدال في المضارع؛ واللواء قال أهل اللغة هو الراية العظيمة لا يمسكها إلا صاحب الجيش أو صاحب دعوة الجيش ويكون الناس تبعا له. [قالوا:]

(4)

والنصب

(1)

صحيح مسلم (9)(1735).

(2)

صحيح البخاري (3188، 6966)، وأخرجه الترمذي (1581) وقال: هذا حديث حسن صحيح.

(3)

صحيح مسلم (12)(1735).

(4)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

ص: 94

والرفع هاهنا بمعنى واحد فلا فرق بين الروايتين، [قالوا:] فمعنى يرفع لكل غادر لواء أن له علامة يشهر بها في الناس لأن موضوع اللواء الشهرة وكانت العرب ترفع للغادر لواء في المحامل والأسواق الحفلة ومواسم الحج وكذلك يطاف بالجاني مع جنايته، ألا ترى إلى قول شاعرهم:

أسُميّ ويحكِ هل سمعتِ بغدرة

رُفع اللواء لنا بهافي المجمَع

وفي هذا الحديث بيان غلظ تحريم الغدر لا سيما من صاحب الولاية العامة لأن غدره يتعدى ضرره إلى خلق كثير، وقيل لأنه غير مضطر إلى الغدر لقدرته على الوفاء كما في الحديث الصحيح في تعظيم كذب الملك والمشهور أن هذا الحديث وارد في ذم الإمام الغادر. وذكر القاضي عياض

(1)

احتمالين: أحدهما هذا، وهو نهي الإمام أن يغدر في عهوده لرعيته أو للكفار وغيرهم أو غدره الأمانة التي قُلّدها لرعيته والتزم القيام بها والمحافظة عليها فمتى [أخافهم]

(2)

أو ترك [الشفقة] عليهم أو الرفق بهم فقد غدر بعهده.

والاحتمال الثاني أن يكون المراد نهي الرعية عن الغدر بالإمام فلا يشق أعليهم، العصا ولا يتعرض لما يخاف حصول فتنة بسببه. والصحيح الأول.

قوله: "بقدر غدرته"، أي إن كانت عظيمة رفع له لواء عظيم أو صغيرة فصغير. قوله: وفي رواية لمسلم أنه ينصب عند إستِه أي عند مقعده لا يفارقه ليمر به الناس فيروه فيعرفوه فيزداد خجلا وفضيحة.

(1)

شرح النووي على صحيح مسلم (12/ 44).

(2)

هكذا في الأصل ولعله الصواب، وفي النسخة الهندية:(خافهم).

ص: 95

وقيل الإست العجز، واعلم أنهم لما أخفوا الذنب وهو الغدر عوملوا بنقيض فعلهم فأظهر ذنبهم في الآخرة بل وربما كان سببا لظفر عدوه به لعدم وفائه له بعهده.

تنبيه: ففي الحديث حث على الوفاء بالعهد وتحريم نقضه وأن من أمّن حربيا أو عاهده أو عقد له الجزية لا يجوز له قتله ما دام في العهد ويلزمه الكف عنه لأن في نقض العهد [تنفيرا] لأهل الحرب عن الدخول في العهد والأمان فوجب الوفاء به وهذا الوعيد الشديد يدل على أن نقض العهد كبيرة، انتهى. [حكاية لطيفة تتعلق بمعنى الحديث: قال الحافظ عبد الحق الإشبيلي

(1)

يروى أن الهادي أمير المؤمين كانت له جارية تسمى غادرا كانت أحظى من عنده وأغلبهم على قلبه وأملكهم لنفسه وكانت من أحسن الناس وجها وأطيبهم غناء وكان إبراهيم الموصلي هو الذي رباها وأدبها وباعها بعشرة آلاف دينار فبينما الهادي [يوما] يشرب مع ندمائه وهي تغنيهم من وراء الستر إذ عرض له فكر وسهو وتغير لونه وقطع الشراب، فقال له ندماؤه ما لك يا أمير المؤمنين؟ قال: وقع في فكري أني أموت وأن أخي هارون يلي الخلافة ويتزوج جاريتي غادرا هذه، فقالوا له نعيذك بالله يا أمير المؤمنين، يطيل الله بقاءك ونتقدم نحن وهو بين يديك ونموت قبلك. فقال ليس هذا مما يزيل ما في نفسي، ثم أمر أن يؤتى برأس هارون ثم رجع عن ذلك وأمر بإحضاره فعرّفه ما خطر بباله فاستعطفه هارون وجعل يكلمه

(1)

العاقبة في ذكر الموت (ص 106).

ص: 96

بما يوجب زوال ما في نفسه ويخضع له ويتذلل فلم يقنع بذلك وقال لا أرضى حتى تحلف لي بكل ما أحلفك أني إن مت لم تتزوج جاريتي هذه غادرًا. قالى أفعل. فأحلفه بكل يمين يحلف به الناس من طلاق وعتاق وحج راجلا وغير ذلك من الأيمان المؤكدة أنه لا يتزوجها أبدا. قالى فلم يلبث بعد ذلك إلا شهرًا أو نحوه حتى مات. وولي هارون الخلافة بعده فلما ولي بعث إلى الجارية فخطبها فقالت يا أمير المؤمنين كيف بأيماني وأيمانك قال أكفر عن يميني وأحج راحلا ففعل وتزوجها ووقعت من قلبه أعظم موقع وشغف بها أشد من شغف أخيه الهادي حتى كانت تسكره وتنام في حجره فلا يتحرك ولا ينقلب حتى تنتبه. فبينما هي ليلة نائمة في حجره إذ انتبهت فزعة [مذعورة] فقال لها مالك فديتك؟ فقالت له رأيت أخاك الهادي الساعة في النوم [وهو ينشدني]:

أخلفت أعهدي، بعدما

جاورت سكان المقابر

ونسيتني وحنثت في

أيمانك الكذب الفواجر

وظللتُ في أهل البلى

وظللت في الحور الغرائر

ونكحت غادرة أخي

صدق الذي سماك غادر

لا يهنك الإلف الجديـ

ـد ولا تدر عنك الدوائر

ولحقت بي قبل الصبا

ح وصرت حيث غدوت حائر

قالت ثم ولى عني [وكأنها] مكتوبة في قلبي ما نسيت منها كلمة. فقال لها هارون هذه أحلام الشيطان. فقالت كلا والله يا أمير المؤمنين. ثم اضطربت

ص: 97

بين يديه ولحظت حتى خرجت روحها [بين يديه] تلك الساعة. فلا تسل عن حال هارون وما لقي عليها تلك الساعة. توفي الهادي سنة سبعين ومائة، اهـ]

(1)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "فيقال هذه غدرة فلان بن فلان" إنما أنث هذه وهي إشارة إلى اللواء وهو مذكر لأنه في معنى العلامة، وفي حديث آخر ولا غادر أعظم غدرا من أمير عامة أي أن غدره أفحش وأعظم إثما، وقد مال أكثر العلماء إلى أنه لا يقاتل مع الأمير الغادر بخلاف الخائن والفاسق، وذهب بعضهم إلى الجهاد معه. قاله في المفهم ففي هذا الحديث دليل على أن الناس يدعون يوم القيامة بأسماء أمهاتهم لأن في ذلك سزا على آبائهم وهذا الحديث خلاف قولهم خرجه البخاري ومسلم وحسبك، اهـ.

تنبيه: قال ابن العماد في شرح عمدة الأحكام، ووجه هذا القول الذي يقول أن الناس يدعون يوم القيامة بأسماء أمهاتهم بأنهم إذا دعوا بأمهاتهم دخل في ذلك عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام فإنه من غير أب ويدخل فيه أولاد الزنا للستر عليهم ويدخل فيه أولاد فاطمة رضي الله عنهما لشرف نسبها فإن أولاد بنات النبي صلى الله عليه وسلم ينسبون إليه صلى الله عليه وسلم بخلاف أولاد بنات غيره لقول الشاعر:

بنونا بنوا أبنائنا وبناتنا

بنوهن أبناء الرجال الأباعد

(1)

حصل تقديم لهذه الصحيفة في النسخة الهندية، وأدرجت بعد قوله:(والاحتمال الثاني أن يكون المراد نهي الرعية عن الغدر بالإمام فلا يشق [عليهم] العصا ولا يتعرض لما يخاف حصول فتنة بسببه. والصحيح الأول).

ص: 98

ولذلك ينسب أولاد البنات إلى بني هاشم والمطلب ومنع استحقاق الزكاة كما ينسب [إليهم] مواليهم فلا يعطوا منها، ولقوله صلى الله عليه وسلم موالي القوم منهم، ولقوله صلى الله عليه وسلم: بني أخت القوم من أنفسهم، اهـ.

فائدة: وفي هذا الحديث دليل على أن في الآخرة للناس ألوية فمنها ألوية خزي وفضيحة يعرف بها أهلها، ومنها ألوية حمد وثناء وتشريف وتكريم.

قال صلى الله عليه وسلم لواء الحمد بيدي، وروي: لواء الكرم بيدي، وروى الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة

(1)

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم امرؤ القيس صاحب لواء الشعراء إلى النار، فعلى هذا من كان إماما ورأسا في أمر [ما] معروفا به فله لواء يعرف به خيرا كان أو شرا وقد يجوز أن يكون للصالحين والأولياء ألوية

(1)

أحمد (7127)، وأخرجه البزار (7912)، وابن حبان في المجروحين (3/ 150)، وابن عدي في الكامل (1/ 331)(5/ 135)، (9/ 206)، وأبو يعلى (المطالب العالية 2604)، وبحشل في تاريخ واسط (ص 122)، والخطيب في شرف أصحاب الحديث (224)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 138)، وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح. وقال ابن عدي في الكامل (1/ 331): وهذا الحديث بهذا الإسناد باطل. وقال في (5/ 135): وهذا منكر بهذا الإسناد، ولا يرويه غير أبي الجهم هذا، ولا يروي عن أبي الجهم غير هشيم، ولا أعرف لأبي الجهم، عن الزهري وغيره غير هذا الحديث وقد روي هذا الحديث عن عبد الرزاق بن عمر الدمشقي، عن الزهري كما رواه أبو الجهم. وقال ابن عدي (9/ 206): وأبو الجهم هذا إنما يعرف بهذا الحديث، على أن هذا الحديث قد روي عن أبي الجهم، عن الزهري، رواه عبد الغفار بن داود أبو صالح الحراني، عن الزهري بهذا الإسناد، كما رواه أبو الجهم، وأبو الجهم لم يرو عنه غير هشيم، ولا يعرف إلا بهذا الحديث. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 119) رواه أحمد والبزار، وفي إسناده أبو الجهيم شيخ هشيم بن بشير ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1250) والسلسلة الضعيفة (2930).

ص: 99

يعرفون بها تنويها بهم وإكراما لهم وإن كانوا غير معروفين في الدنيا. قال صلى الله عليه وسلم: رب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره. وقد ذكر أبو حامد الغزالي في الدرة الفاخرة في كشف علوم الآخرة أنه يعقد للمكفوفين راية وتجعل بيد شعيب عليه السلام فيصير إمامهم وكذلك الشباب المتعففون يعقد لهم راية خضراء وتجعل بيد يوسف عليه السلام ويصير إمامهم وكذلك وكذلك [المجذومين] تعقد لهم راية خضراء وتجعل بيد أيوب عليه السلام فيصير إمامهم. وذكر البكائين وأنه يعقد لهم راية ملونة لأنهم بكوا في أنواع مختلفة وتجعل بيد نوح عليه السلام ويصير إمامهم وكذلك الشهداء يعقد لهم راية عفرة وتجعل في يد يحيى عليه السلام ويصير إمامهم وذكر العلماء أنه تعقد لهم راية [بيضاء] تجعل بيد إبراهيم عليه السلام ويصير إمامهم والقراء تعقد لهم راية صفراء وتجعل في يد عيسى عليه السلام ويصير إمامهم والأغنياء أيضا تعقد لهم راية ملونة

(1)

وتجعل بيد سليمان عليه السلام ويصير إمامهم، هذا معنى ما ذكره مختصرا انتهى.

4553 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من الجوع، فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة. رواه أبو داود

(2)

والنسائي

(3)

وابن ماجه

(4)

.

(1)

اللوحة 83 تكرار للوحة 82.

(2)

سنن أبي داود (1547) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود (1383).

(3)

سنن النسائي (8/ 263).

(4)

سنن ابن ماجه (3354)، وأخرجه إسحاق بن راهويه (299)، وأبو يعلى (6412)، وابن حبان (1029)، والبغوي في شرح السنة (1370)، وقال البوصيري في مصباح الزجاجة =

ص: 100

قوله: "وعن أبي هريرة" تقدم. قوله: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة" الحديث. بئس كلمة تجمع المساوئ كلها، كما أن نِعْمَ تجمع المحاسن كلها، والخيانة ضد الأمانة والجوع لما كان يلازم صاحبه في المضجع قيل له ضجيع. قال كثير من العلماء إن السجع المذموم في الدعاء هو التكلف فإنه يذهب الخشوع والخضوع والإخلاص ويلهي عن الضراعة والافتقار وفراغ القلب، فأما ما حصل بلا كلفة ولا إعمال فكر لكمال الفصاحة ونحو ذلك أو كان محفوظا فلا بأس، والله أعلم. قاله في شرح المشارق، وتقدم الكلام على الأمانة في أوائل هذا التعليق مبسوطًا.

4554 -

وعن أبي هريرة أيضًا رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فاكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا، فاستوفى منه العمل، ولم يوفه أجره. رواه البخاري

(1)

.

قوله: "وعن أبي هريرة" أيضا تقدم. قوله: "قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر" الحديث. أعطى بي أي أعطى الأمان باسمي أو بذكري، أو بما شرعته من ديني. وذلك بأن يقول للمستجير: لك ذمة الله ولك عهد الله.

= (4/ 32): هذا إسناد ضعيف كعب هو المدني مجهول تفرد بالرواية عنه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (1283).

(1)

صحيح البخاري (2227).

ص: 101

4555 -

وعن يزيد بن شريك قال: رأيت عليا رضي الله عنه على المنبر يخطب فسمعته يقول: لا والله ما عندنا من كتاب نقرؤه إلا كتاب الله، وما في هذه الصحيفة فنشرها، فإذا فيها أسنان الإبل، وأشياء من الجراحات، وفيها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلما، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلا ولا صرفا الحديث. رواه مسلم

(1)

وغيره

(2)

.

[يقال: أخفر بالرجل] إذا غدره ونقض عهده.

قوله: "وعن يزيد بن شريك": كذا.

قوله: "رأيت عليا على المنبر يخطب" الحديث، هو علي بن أبي طالب، تقدم الكلام على مناقبه وسؤال كبار الصحابة ورجوعهم إلى فتواه وأقواله في المسائل المعضلات أيضا مشهور، وأما زهده فهو مما اشترك في معرفته الخاص والعام، وكان الحاصل من غلته أربعين ألف دينار وكلها جعلها للصدقة، وكان عليه إزار غليظ اشتراه بخمسة دراهم ولم يترك حين توفي إلا ستمائة درهم أعدها ليشتري بها جارية لأهله، والأحاديث الواردة في الصحاح في فضله كثيرة، ولي الخلافة خمس سنين، بويع له في مسجد رسول

(1)

صحيح مسلم (467)(1370).

(2)

صحيح البخاري (1870، 3172، 3179، 6755، 7300). وأخرجه أبو داود (2034)، والترمذي (2127) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وقد روي من غير وجه عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم. وأخرجه النسائي في السنن الكبرى (4263، 4264).

ص: 102

الله صلى الله عليه وسلم في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، قال ابن المسيب: لما [قيل]

(1)

قتل عثمان جاء الصحابة وغيرهم إلى دار علي فقالوا [إننا]

(2)

نبايعك فأنت أحق بها. فقال: إنما ذلك إلى أهل بدر فمن رضوا به فهو الخليفة، فلم يبق أحد إلا أتى عليا، فلما رآى ذلك خرج إلى المسجد فصعد المنبر فبايعه طلحة ثم بايعه الباقون، فرضي الله عنهم ورضي عنا بهم وأعاد علينا من بركاتهم أجمعين.

تنبيه: قال علي

(3)

: أنا يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الكفار. وفي رواية: أو المنافقين. أي يلوذ به المؤمنون ويلوذ بالمال الكفار والمنافقون كما يلوذ النحل بيعسوبها وهو مقدمها وسيدها، قاله في النهاية

(4)

. قول علي رضي الله عنه[في الحديث]

(5)

: والله ما عندنا من كتاب نقرؤه إلا كتاب الله وما في هذه الصحيفة، فنشرها فإذا فيها أسنان الإبل وأشياء من الجراحات، وفيها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله، الحديث. يقال: أخفر بالرجل إذا غدره ونقض عهده، اهـ. قاله الحافظ. وتقدم الكلام على ذلك مبسوطا.

(1)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

(2)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

(3)

المقاصد الحسنة (ص: 166) رواه الديلمي في مسنده عنه مرفوعا.

(4)

النهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 298).

(5)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

ص: 103

4556 -

وعن أنس رضي الله عنه: قال: ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قال: لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له. رواه أحمد

(1)

والبزار

(2)

والطبراني في الأوسط

(3)

وابن حبان في صحيحه

(4)

إلا أنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال في خطبته: فذكر الحديث، ورواه الطبراني في الأوسط

(5)

والصغير

(6)

من حديث ابن عمر، وتقدم.

(1)

أخرجه أحمد (12410)، والحديث، أخرجه ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق (278)، والدولابي 2/ 154، والخلال في السنة (1621)، ومحمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (493 - 494)، وابن عدي في الكامل (9/ 270)، والمخلص في المخلصيات (2061)(174)، والقضاعي (849 و 850)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 288، 9/ 231)، وفي شعب الإيمان (4045)، والبغوي (38)، وقوام السنة في الترغيب والترهيب (1/ 95/ 65)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 96) رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني في الأوسط، وفيه أبو هلال، وثقه ابن معين وغيره، وضعفه النسائي وغيره. وقال البغوي: هذا حديث حسن. وصححه الألباني في صحيح الجامع (7179)، وصحيح الترغيب والترهيب (3004).

(2)

البزار (7196).

(3)

الطبراني، في الأوسط (2606 و 5923).

(4)

ابن حبان (194).

(5)

المعجم الأوسط (2292).

(6)

المعجم الصغير للطبراني (162)، والمخلص في المخلصيات (2529)(24)، والقضاعي في مسند الشهاب (268)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 292) رواه الطبراني في الأوسط والصغير وقال: تفرد به الحسين ابن الحكم الحبري. ضعفه الألباني في ضعيف الجامع (6178)، وضعيف الترغيب والترهيب (213).

ص: 104

قوله: "وعن أنس" تقدم. قوله: "ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قال لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له" الحديث، تقدم الكلام على الأمانة والعهد قريبًا.

4557 -

وعن بريدة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما نقض قوم العهد إلا كلان القتل بينهم، ولا ظهرت الفاحشة في قوم إلا سلط عليهم الموت، ولا منع قوم الزكاة إلا حبس عنهم القطر. رواه الحاكم

(1)

، وقال صحيح على شرط مسلم.

(1)

الحاكم (2/ 126) وقال: صحيح على شرط مسلم، وأخرجه ابن أبي شبة في مسنده (إتحاف الخيرة 6027)، والبزار (4463)، (كشف 3299)، وأبو يعلى كما في بذل الماعون (ص 212) والمطالب (3/ 973)، والروياني (إتحاف الخيرة 6/ 346)، وابن المنذر في الأوسط في السنن (6692)، وابن أبي حاتم في العلل (2/ 422 - 423)، والبيهقي في الكبرى (3/ 346 و 9/ 231)، وفي الشعب (3040)، وابن عبد البر في التمهيد (21/ 191)، وفي الاستذكار (5/ 94)، وابن حجر في بذل الماعون (ص 211 - 212)، وقال ابن حجر في الفتح (12/ 301): سنده جيد، وقال في المطالب: إسناده حسن، وقال في بذل الماعون: وبشير أخرج له مسلم، وبقية رجاله رجال الصحيح، وهو أصح طرق هذا الحديث، وله علة غير قادحة - فذكر حديث حسين بن واقد - قال: ويحتمل أن يكونا محفوظين وإلا فهذه الطريق أرجح لاحتمال أن يكون بشير بن المهاجر سلك الجادة.

وقال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (6/ 346): رواه أبوبكر بن أبي شيبة والبزار والطبراني بسند صحيح، والحاكم وعنه البيهقي وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. وهو كما قال.

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 269): وعن بريدة .. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير رجاء بن محمد وهو ثقة. وقال ابن أبي حاتم في العلل (2/ 421/ 2773): قال أبي حدثنا به عبيد الله بن موسى عن بشير بن مهاجر عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي وهو وهم عن ابن عباس أشبه. =

ص: 105

قوله: "وعن بُريدة" هو بن الحصيب ومر ترجمته. قوله صلى الله عليه وسلم: "ما نقض قوم العهد إلا كان القتل بينهم، ولا ظهرت الفاحشة في قوم إلا سلط عليهم الموت" الحديث. ظهرت أي فشت وانتشرت، والمراد بالفاحشة هنا الزنا.

4558 -

وعن صفوان بن سليم عن عدة من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آبائهم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ظلم معاهدا، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته (10)، أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفسه، فأنا حجيجه يوم القيامة. رواه أبو داود

(1)

. والأبناء مجهولون.

قوله: "وعن صفوان بن سليم" الزهري مولاهم المدني الإمام القدوة ومن

= والموقوف، أخرجه الخرائطي في مساوئ الأخلاق (398) في اعتلال القلوب (427) البيهقي في الكبرى (3/ 347) عن الحسين بن واقد، ثنا عبد الله بن بريدة، عن ابن عباس قال: ما نقض قوم العهد إلا أظهر الله تبارك وتعالى عليهم عدوهم

ومما يؤكد الوقف ما رواه ابن عبد البر في الاستذكار (5/ 93) عن شعبة قال أخبرني الحكم عن الحسن بن مسلم عن ابن عباس قال.

وما رواه البيهقي في الشعب (3313) عن سفيان عن عكرمة عن ابن عباس عن كعب قال: إذا رأيت المطر قد قحط

نحوه.

وقال ابن حجر في فتح الباري (10/ 193): وفي حديث بريدة عند الحاكم بسند جيد وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2418).

(1)

سنن أبي داود (3052)، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (9/ 344)، وقال المنذري: فيه مجهولون. انظر: مختصر السنن (4/ 255) وقال السخاوي في المقاصد الحسنة (1044): سنده لا بأس به، ولا يضر جهالة من لم يسم من أنباء الصحابة، فإنهم عدد ينجبر به جهالتهم. وصححه الألباني في الصحيحة (445)، وصحيح الترغيب والترهيب (3006).

ص: 106

يستسقي بذكره عن ابن عمر وعبد الله بن جعفر وابن المسيب وعنه مالك والداروردي يقال: إنه لم يضع جنبه أربعين سنة وقيل: إن جبهته ثقبت من كثرة السجود وكان قانعا لا يقبل جوائز السلطان ثقة حجة ولد سنة ستين وتوفي مائة واثنين وثلاثين.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته"، الظلم هو الجور، والمعاهد يجوز أن يكون بكسر الهاء وفتحها على الفاعل والمفعول، وهو في الحديث بالفتح أشهر وأكثر، والمعاهد من كان بينك وبينه عهد وأكثر ما يطلق في الحديث على أهل الذمة، وقد يطلق على غيرهم من الكفار إذا صولحوا على ترك الحرب مدة ما، ومنه الحديث لا يحل لكم كذا وكذا ولا لقطة معاهد أي لا يجوز أن تتملك لقطته الموجودة من ماله لأنه معصوم المال يجري حكمه مجرى حكم الذمي وقد تكرر ذلك العهد في الحديث ويكون بمعنى اليمين والأمان والذمة والحفاظ ورعاية الحرمة والوصية ولا تخرج الأحاديث الواردة فيه عن أحد هذه المعاني ومنه الحديث

(1)

، حسن

(1)

أخرجه البخاري في الكبير (1/ 319)، والقاسم السرقسطي في غريب الحديث (9/ 712 - 720)، وأبو عبد الرحمن السلمي في آداب الصحبة (ص 66 - 67)، والحاكم (1/ 15 - 16)، والقضاعي (971)(972)، والبيهقي في الآداب (240)، وفي الشعب (8700)، (8701)، (8702)، وابن عبد البر في الاستيعاب (12/ 255 - 256)، والخطيب في الأسماء المبهمة (ص 47 - 48)، وفي تلخيص المتشابه (2/ 771)، ومحمد بن عبد الباقي الأنصاري في المشيخة الكبرى (161)، وابن بشكوال في الغوامض (274)، وابن الأثير في أسد الغابة (7/ 47)، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على =

ص: 107

العهد من الإيمان، يرد الحفاظ ورعاية الحرمة، قاله في النهاية

(1)

. وتقدم الكلام أيضا على المعاهد.

قوله: "فأنا حجيجه يوم القيامة" أي أحاجه وأخاصمه بالحجة وهي الدليل، وقال بعضهم أيضا: أي محاجة ومناظرة، وقيل أي أحاجه وأحاوره فأغلبه بالحجة [أو آخذ عليه]

(2)

وأصل الحج الكسر ومنه الحجة لأنه تكسر الخصم، وقال بعضهم أيضا ومعنى حجيجه أي أغلبه بالحجة [والمخاصمة أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس.] وفي حديث آخر: من ظلم ذميا مؤديا لجزيته معترفا بذلته فأنا خصمه يوم القيامة، نقله الشيخ زين الدين العراقي في بعض أماليه

(3)

.

4559 -

وعن عمرو بن الحمق رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أيما رجل أمن رجلا على دمه ثم قتله، فأنا من القاتل بريء، وإن كان المقتول كافرا، رواه ابن ماجه وابن حبان في صحيحه

(4)

، واللفظ له، وقال ابن ماجه فإنه

= شرط الشيخين، فقد اتفقا على الاحتجاج برواته في أحاديث كثيرة وليس له علة، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (2056)، والسلسلة الصحيحة (216).

(1)

النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 409)، (3/ 325).

(2)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

(3)

أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (4059)، وانظر: اللآلئ المصنوعة (2/ 119). وقال ابن عراق في تنزيه الشريعة (2/ 182): في سنده من اتهم بالوضع والله تعالى أعلم.

(4)

أخرجه الطيالسي (1285)، وابن أبي شيبة في المسند (863)، وابن الجعد في المسند (3336)، وأحمد (21947)، والبخاري في التاريخ الكبير (3/ 322)، وابن ماجه (2688)، والنسائي في السنن الكبرى (8686: 8688)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ 3/ 192 - 193، والبزار في مسنده (2308)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني =

ص: 108

يحمل لواء غدر يوم القيامة.

قوله: "وعن عمرو بن الحمق" هو عَمرو بن الحمق بن الكاهن بن حبيب بن عمرو بن القين بن رزاح بن عمرو بن سعد بن كعب بن عمرو بن ربيعة الخزاعي هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد الحديبية، وقيل: بل أسلم عام حجة الوداع، والأول أصح، صحب النبي صلى الله عليه وسلم وحفظ عنه أحاديث، وسكن الكوفة، وانتقل إلى مصر، قاله أبو نعيم، وقال أبو عمر: سكن الشام، ثم انتقل إلى الكوفة فسكنها، والصحيح أنه انتقل من مصر إلى الكوفة، روى عنه: جبير بن نفير، ورفاعة بن شداد القتباني، وغيرهما

(1)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "أيّما رجل أمّن رجلا على ذمة ثم قتله فأنا من القاتل بريء وإن كان المقتول كافرا"، وقال ابن ماجه: فإنه يحمل لواء غدر يوم القيامة، وتقدم الكلام على اللواء وهو الراية، فالغدر حرام في كل عهد بين المسلم وغيره ولو كان المعاهد كافرًا، ولهذا قال في حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم

= (2343)(2344)، والبزار (2309)، والطحاوي في شرح المشكل (203)، وابن قانع في معجم الصحابة 2/ 202، وابن حبان (5982)، والطبراني في الأوسط (6640، 7090)، وفي الصغير (38). (584)، وأبو نعيم في الحلية 9/ 24، والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 240) والمزي في التهذيب (9/ 205 - 206) وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (3/ 136) هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 285) رواه الطبراني بأسانيد كثيرة، وأحدها رجاله ثقات. وصححه الألباني في صححِح الجامع (6103)، وصحيح الترغيب والتر هيب (3007)، والصحيحة (440).

(1)

أسد الغابة (4/ 205).

ص: 109

من قتل نفسا معاهدة بغير حق لم يرح رائحة الجنة، ومعناه مذكور في حديث أبي بكرة الذي بعده.

4560 -

وعن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قتل نفسا معاهدة بغير حقها لم يرح رائحة الجنة، وإن ريح الجنة ليوجد من مسيرة مائة عام.

4561 -

وفي رواية: من قتل معاهدا في عهده لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام. رواه ابن حبان في صحيحه

(1)

، وهو عند أبي داود

(2)

والنسائي

(3)

بغير هذا اللفظ، وتقدم.

(1)

صحيح ابن حبان (7383)، (4881)، (7382)، وفيه: من مسيرة مائة عام وقال الألباني: ضعيف- التعليق الرغيب (4/ 245). وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 293): رواه ابن ماجه غير قوله: خمسمائة عام. وفي رواية: مائة عام. رواه الطبراني، وفيه محمد بن عبد الرحمن العلاف ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.

(2)

أبو داود (2760)، وأخرجه عبد الرزاق (18521)، وابن أبي شيبة (9/ 425 - 426)، وأحمد (5/ 36 و 38 و 52)، وأبو داود (2760)، والدارمي (2507)، والبخاري في الكبير (1/ 1/ 428)، وابن أبي عاصم في الديات (ص 86 و 86 - 87)، والبزار (3679)، وابن الجارود (835 و 1070)، وأبو عبيد في الغريب (1/ 115)، والبزار (3696)، وابن خزيمة في التوحيد (2/ 863)، وابن حبان (4881 و 7382)، (4882)، والحاكم (1/ 44)، (2/ 142)، والبيهقي (9/ 205)، (9/ 231)، والضياء المقدسي في حديث أبي عبد الرحمن المقرئ (55)، والمزي (23/ 80 - 81)، وأبن حجر في تخريج أحاديث المختصر (2/ 183)، وقال الحاكم: صحيح الإسناد وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. وصححه الألباني في صحيح أبي داود (2465)، وصحيح الجامع (6456)، وصحيح الترغيب والترهيب (3008).

(3)

النسائي (8/ 22) وفي الكبر ى (6949)(6950 و 8743)(8744).

ص: 110

[قوله: لم يرح] قال الكسائي: هو بضم الياء، من قوله: أرحت الشيء فأنا أريحه إذا وجدت ريحه، وقال أبو عمرو: لم يرح بكسر الراء من رحت أريح إذا وجدت الريح، وقال غيرهما: بفتح الياء والراء، والمعنى واحد، وهو شم الرائحة.

قوله: "وعن أبي بكرة" اسمه نُفَيع، بصيغة المصغر من المنفعة، ابن الحارث بن كلدة بالكاف واللام والدال المفتوحات، الثقفي، كني بأبي بكرة لأنه كان أسلم في حصن الطائف وعجز عن الخروج منه فتدلى في النزول منه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببكرة. قوله صلى الله عليه وسلم:"من قتل نفسا معاهدة بغير حقها لم يرح رائحة الجنة" الحديث، تقدم الكلام على معنى المعاهد وقد أمر الله تعالى في الكتاب العزيز بالوفاء بعهود المشركين إذا أ أقاموا، على عهودهم ولم ينقضوا منها شيئا، وأما عهود المسلمين فيما بينهم فالوفاء بها أشد ونقضها أعظم إثما ومن أعظمها نقض عهد الإمام على من بايعه ورضي به، ففي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، فذكر منهم ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه ما يريد وفى له وإلا لم يف له. قاله ابن رجب

(1)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "لم يرح رائحة الجنة"[أي] لم يشم ريحها، وقد ذكر الحافظ في تصريف الكلمة على ثلاثة أوجه هنا، وتقدم الكلام على شيء من ذلك.

(1)

جامع العلوم والحكم (1/ 432).

ص: 111

4562 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا من قتل نفسا معاهدة له ذمة الله، وذمة رسوله، فقد أخفر بذمة الله، فلا يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفا. رواه ابن ماجه

(1)

والترمذي

(2)

، واللفظ له، وقال: حديث حسن صحيح.

قوله: "وعن أبي هريرة" تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم: "ألا من قتل نفسا معاهدة له ذمة الله وذمة رسوله فقد أخفر بذمة الله وذمة رسوله "، يقال أخفرت بالرجل إذا نقضت عهده. قوله:"لم يرح رائحة الجنة" تقدم الكلام على ألفاظ هذا الحديث في الأحاديث قبله.

(1)

أخرجه ابن ماجه (2687).

(2)

سنن الترمذي (1403)، وأخرجه أبو يعلى (6452)، والحاكم (2/ 127) وقال: صحيح على شرط مسلم. وقال ابن حجر: أما الترمذي فلعله قواه بشواهده، وأما الحاكم فلا عذر له، فإبن عجلان وإن كان مسلم يخرج له في الشواهد، لكن الراوي عنه معدي بن سليمان ليس من رجاله، بل هو ضعيف عند الأكثر تخريج أحاديث المختصر (2/ 185)، وأخرجه الطبراني في الأوسط (663)، (8011)، وأبو بكر الإسماعيلي في معجم أسامي شيوخه (341)، والسهمي في تاريخ جرجان (ص 323)، ومحمد بن عبد الباقي الأنصاري في المشيخة الكبرى (12) عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعًا من قتل معاهدا في غير كنهه لم يجد ريح الجنة، وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة مائة سنة، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (3009)، غاية المرام (450).

ص: 112