الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترهيب من اقتناء الكلب إلا لصيد أو ماشية
(1)
4687 -
عَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ سَمِعت رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم يَقُول من اقتنى كَلْبا إِلَّا كلب صيد أَو مَاشِيَة فَإِنَّهُ ينقص من أجره كل يَوْم قيراطان. رواه مالك
(2)
والبخاري
(3)
ومسلم
(4)
والترمذي
(5)
والنسائي
(6)
.
4688 -
وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من اقتنى كَلْبا لَيْسَ بكلب مَاشِيَة أَو صيد نقص من عمله كل يَوْم قيراطان
(7)
.
4689 -
وَلمُسلم أَيّمَا أهل دَار اتَّخذُوا كَلْبا إِلَّا كلب مَاشِيَة أَو كَلْبا صائدا نقص من عَمَلهم كل يَوْم قيراطان
(8)
.
قوله عن ابن عمر تقدم الكلام عليه. قوله صلى الله عليه وسلم من اقتنى كلبا إلا كلب صيد أو ماشية فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان. وفي رواية للبخاري نقص من عمله كل يوم قيراطان، الحديث.
(1)
هذا الباب متأخر عن التالى للّه في الشرح وراعينا ترتيب المطبوع في عد الحديث.
(2)
موطأ مالك (13).
(3)
صحيح البخاري (5480، 5481، 5482).
(4)
صحيح مسلم (46)(1571).
(5)
سنن الترمذي (1488) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(6)
سنن النسائي (7/ 184)، وابن ماجه (3203).
(7)
البخاري (5480).
(8)
مسلم (55 - 1574).
قوله من اقتنى كلبا الحديث، الاقتناء الاتخاذ والإمساك مذهب الشافعي رحمه الله أنه يحرم اقتناء الكلب لغير حاجة ويجوز اقتناؤه للصيد والزرع والماشية واختلف أصحاب الشافعي في جواز اتخاذ الكلب لحفظ الدروب والدور ونحوهما من السارق ونحوه على وجهين أحدهما أنه لا يجوز لظواهر الأحاديث فإنها مصرحة بالنهي إلا لزرع أو ماشية أو صيد [ومنع بعض الأصحاب اتخاذها للدروب لأن في ذلك مضرة وترويعا للناس ممن ليس بسارق]
(1)
، [وأصحهما] يجوز قياسا على الثلاثة عملا بالعلة المفهومة من الأحاديث وهي الحاجة لكن يحرم اقتناء كلب الماشية قبل شرائها وكذلك كلب الزرع والصيد لمن لا يزرع ولا يصيد، فلو خالف واقتنى نقص أجره كل يوم قيراطان يعني الحديث دليل على تحريم اقتناء الكلاب بلا سبب من هذه الأسباب وإنما نهى عن اقتناء الكلاب لأن ملائكة الرحمة لا تدخل بيتا فيه كلب كما تقدم. والحكمة في اقتنائها ما في اقتنائها من الترويع والعقر للمار ومجانبة الملائكة لمحلها ولا شك أن مجانبة الملائكة أمر شديد وإنما لم تدخله لأن الكلاب جن والملائكة لا تحضر مع الجن، قال الغزالي
(2)
[في الإحياء:] الجن ثلاثة أصناف صنف يسكن الهواء وصنف يسكن الأرض وصنف في صور الكلاب والحشرات
(3)
.
(1)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
(2)
إحياء علوم الدين (3/ 39).
(3)
روى من حديث أبي الدرداء وحديث أبي ثعلبة: أخرجه ابن ابي الدنيا في مكائد الشيطان (1)، وفي الهواتف (156)، وأبو يعلى الموصلي كما في المطالب العالية (14/ 193) =
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم-الكلب الأسود شيطان
(1)
ولأن للكلاب رائحة كريهة والملائكة تكره الرائحة الكريهة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم
(2)
أن الملائكة تتأذى
=
وفي إتحاف الخيرة المهرة (6/ 55)، وابن عبد البر في التمهيد (16/ 267)، وابو الشيخ الأصبهاني في العظمة (5/ 1639) في الطبقات (182) وابن حبان في المجروحين (3/ 107) من حديث أبي الدرداء.
وقال البوصيري- كما في إتحاف الخيرة المهرة (8/ 68) رواه أبو يعلى بسند ضعيف؟ لجهالة بعض رواته وضعف بعضهم. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير وزيادته (2839).
ومن حديث أبي ثعلبة الخشني أخرجه الحكيم الترمذي في المنهيات (ص 117 - 118) وابن أبي حاتم- كما في ابن كثير في التفسير (6/ 499) - وأبو يعلى- كما في إتحاف الخيرة المهرة- (6/ 55)، والطحاوي في المشكل (2941)، وابن حبان (6156)، والطبراني في معجمه الكبير (22/ 215/ 573).
وفي مسند الشاميين (1956)، وأبو الشيخ في العظمة (1087)، والحاكم (2/ 456)، وأبو نعيم في الحلية (5/ 137)، وفي الصحابة (6586)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (2280)، والبيهقي في الأسماء والصفات (2/ 264/ 827)، وابن عبد البر في التمهيد (16/ 265) وأبو القاسم الأصبهاني في الحجة (1/ 485 و 2/ 390 - 391)، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ذكره ابن كثير في تفسيره (3/ 529)، وعزاه لابن أبى حاتم، وقال: رفعه غريب جدًّا.
قال المناوى (3/ 365): قال: العراقى: صحيح الإسناد. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 136): رواه الطبراني ورجاله وثقوا وفي بعضهم خلاف. وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته (3114).
(1)
صحيح مسلم (265)(510).
(2)
صحيح مسلم (74)(564).
مما يتأذى منه بنو آدم والأشياء إذا اشتدت مفسدتها شدد في [الزجر]
(1)
عنها والمراد بالملائكة الذين لا يدخلون بيتا فيه كلب الملائكة الذين ينزلون بالرحمة والبركة وفي مفارقة الملائكة أمر شديد لما في مخالطتهم من الإلهام إلى الخير والدعاء إليه، وأما الملائكة الحفظة فلا يفارقون العبد على حال من الأحوال كما تقدم في الباب قبله.
تنبيه واحتج الإمام أحمد
(2)
بحديث الكلب الأسود على أنه لا يجوز صيده ولا يحل إذا قتله لأنه شيطان، وقال الشافعي ومالك وجماهير العلماء يحل صيده كغيره وليس المراد بالحديث إخراجه عن جنس الكلاب ولهذا لو ولغ في الإناء أو غيره لوجب غسله كما يغسل ولوغ الكلب الأبيض واللّه أعلم.
قوله فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان وفي رواية البخاري.
(3)
نقص من عمله قيراطان وفي رواية قيراط وكلاهما في الصحيح فأما رواية عمله فمعناها من أجر عمله. وأما القيراط هنا فهو مقدار معلوم عند اللّه تعالى لا يعلم مقدراه إلا اللّه. والقيراط في الأصل نصف دانق، والمراد نقص جزء من أجر عمله، وأما اختلاف الرواية في قيراط وقيراطين فقيل يحتمل أنه في نوعين من الكلاب أحدهما أشدّ أذًى من الَاخر أو لمعنى
(1)
هكذا هذه العبارة في الأصل؛ وفي النسخة الهندية: (الجزع).
(2)
حياة الحيوان الكبرى (2/ 414).
(3)
صحيح البخاري (5480).
فيهما أو يكون مختلفا باختلاف المواضع فيكون القيراطان في المدينة خاصة لزيادة فضلها والقيراط في غيرها أو القيراطان في المدائن ونحوها من القرى والقيراط في البوادي أو يكون ذلك في زمنين فذكر القيراط أولا ثم زاد التغليظ فذكر القراطين، ويحتمل أن يكون أولا ذكر القيراط ثم أوحي إليه عليه السلام بالزيادة تغليظا ويحتمل أن يكون أحدهما وهما فينظر [إلى الأكثر في الروايات وهو القيراط]
(1)
.
قال الروياني
(2)
من أصحابنا في كتابه البحر اختلفوا في المراد بما ينقص منه [فقيل] ينقص مما مضى من عمله وقيل من مستقبله [وقيل يُحرَم العملَ بشؤم اقتنائه، بل النقص قيراطان]. قال واختلفوا في محل نقص القيراطين فقيل ينقص قيراط من عمل [النهار] وقيراط من عمل [الليل] وقيل قيراط من عمل الفرض وقيراط من عمل النفل. واختلف العلماء في سبب نقصان الأجر باقتناء الكلب فقيل لامتناع الملائكة من دخول بيته بسببه وقيل لما يلحق المارين من الأذى من ترويع الكلب لهم وقصده إياهم، وقيل إن ذلك عقوبة له لاتخاذه ما نهي عن اتخاذه وعصيانه في ذلك وقيل لما يبتلى به من ولوغه في غفلة صاحبه ولا يغسله بالماء والتراب واللّه أعلم [بالصواب].
تنبيه: [و] ظاهر الحديث أن السيئات تحط الحسنات، ومذهب أهل السنة خلافه، والجواب أن المراد بنقص الأجر فراقه لشغله بها واتخاذها إذ
(1)
أدرجت هذه العبارة في الحاشية من النسخة الهندية.
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم (10/ 239)، المجموع (9/ 220).
الملائكة تمتنع من مكانها، وقيل لمخالفة النهي وقيل لما يتركه من غسل ما ينجس بها وعدم التحفظ منها فيأثم بذلك. وقال الحسن لترويعها المسلم.
فائدة: قال العلماء والحكمة في وجوب السبع غسلات من ولوغ الكلب المبالغة في التنفير والزجر عن اقتناء الكلاب بكثرة العدد لأن السبع بعبر بها عن الكثرة، تقول العرب سبّع اللّه لك الأجر كما يعبر بالسبعين وبالسبعمائة والسبعين تتركب من السبع وكذلك السبعمائة وقد اجتمعا في قوله تبارك وتعالى:{كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ}
(1)
.
وسبب النهي عن مخالطة الكلاب والتغليظ في التنفير عنها أن رائحتها كريهة ومنها شياطين والملائكة لا تحضر مواضع الشياطين ولا في موضع فيه رائحة كريهة فغلظ في الكلاب بالنجاسة فلم ينتهوا عنها بوجوب الغسل سبعا فلم ينتهوا فغلظ عليهم بما هو أشد من ذلك فقال صلى الله عليه وسلم من اقتنى كلبا إلا كلب صيد أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان فغلظ ثلاثة أشياء النجاسة وكثرة العدد ونقص الأجر اهـ. قاله ابن العماد في شرح عمدة الأحكام.
فائدة: أخرى وعلى مقتني الكلب المباح اقتناؤه أن يطعمه أو يرسله أو يدفعه لمن له الانتفاع به ولا يحل حبسه ليهلك جوعا. والكلاب نوعان
(2)
كلها نجسة المعلمة وغيرها الصغير والكبير وبه قال الأوزاعي وأبو
(1)
سورة البقرة، الآية:261.
(2)
فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب (1/ 38)، شرح النووي على صحيح مسلم (3/ 184)، وحياة الحيوان الكبرى (2/ 413).
حنيفة والإمام أحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو ثور وأبو عبيدة ولا فرق بين [الكلب] المأذون في اقتنائه وغيره ولا فرق بين كلب البدوي والحضري لعموم الأدلة. وفي مذهب الإمام مالك أربعة أقوال طهارته ونجاسته وطهارة سؤر المأذون في اتخاذه دون غيره وهذه الثلاثة عن مالك والرابع عن عبد الملك بن الماجشون أنه فرق بين البدوي والحضري. وقال الزهري ومالك وداود
(1)
أنه طاهر وإنما يغسل الإناء من ولوغه تعبدا وحكى هذا عن الحسن البصري وعروة بن الزبير محتجين بقوله تعالى: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ}
(2)
ولم يذكر غسل موضع إمساكها واحتج أصحابنا بحديث أبي هريرة أني النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا ولغ الكب في إناء أحدكم فليرقه وليغسله سبع مرات، ولو لم يكن نجسا لما أمر بإراقته لأنه يكون حينئذ إتلاف مال.
وأما حديث ابن عمر فقال البيهقي أجمع المسلمون على أن بول الكلاب نجس ووجوب الرش من بول الصبي والكلب أولى فكان حديث ابن عمر قبل الأمر بالغسل من ولوغ الكلب وإن بولها خفي مكانه فمن تيقنه لزمه غسله واللّه أعلم
(3)
. واختلفوا في موضع عضه من الصيد والأصح أنه لا يعفى عنه كما لو أصاب ثوبًا أوإناء فلابد من غسله وتعفيره.
(1)
فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب (1/ 38).
(2)
سورة المائدة، الآية:4.
(3)
انظر: حياة الحيوان الكبرى (2/ 413).
والثاني يعفى عنه. والثالث يكفي غسله بالماء مرة. والرابع أنه طاهر. والخامس يجب [تقويره]. والسادس إن أصاب [عِرقا] نضاخا بالدم حرم أكله، والنضاخ الفوار. قال اللّه تعالى"
…
"، وأحكام التتريب وشروطه مبسوطة في كتب الفقه
(1)
واللّه أعلم
(2)
.
فائدة أخرى: فلو اقتنى كلابا أنقص من أجره بكل كلب قيراطين كذا نقله الجاحظ في كتاب الحيوان
(3)
. فقال ذهب جماعة من أصحاب رسول اللّه-صلى الله عليه وسلم إلى بيت رجل من الأنصار ليعودوه من مرض فهرّت في وجوههم كلاب من دار الأنصاري، فقال الصحابة ما تدع هؤلاء من أجر فلان شيئا كل كلب ينقص من أجره كل يوم [قيراطا] أو قيراطين فدل هذا على أن القيراط يتعدد بتعدد الكلاب وإذا كان الوزر يتضاعف بتضاعف [الكلاب] ففي قيراط الصلاة أولى لأن باب الكرم أوسع. وقد سئل الشيخ الإمام تقي الدين السبكي عن ذلك فأجاب بأنه لا يتعدد كما لو ولغت الكلاب في الإناء فإن الأصح عدم تعدد الغسلات، وقد قالوا بتعدد القيراط في صلاة الجنازة واللّه أعلم. قاله الدميري في حياة الحيوان
(4)
. [فائدة أخرى]
(5)
:
(1)
حياة الحيوان الكبرى (2/ 416).
(2)
انظر: حياة الحيوان الكبرى (2/ 413).
(3)
انظر: الفتاوى الفقهية الكبرى (4/ 25).
(4)
حياة الحيوان الكبرى (2/ 416).
(5)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
فرع: قال الغزالي في منكرات الشوارع من الأحياء
(1)
: من كان له كلب عقور على باب داره يؤذي الناس [يجب] منعه منه وإن كان لا يؤذي إلا بتنجيس الطريق وكان يمكن الاحتراز عن نجاسته لم يمنع منه وإن كان يضيق الطريق لبسطه ذراعيه فيمنع منه بل يمنع صاحبه أن ينام على الطريق أو يقعد قعودا يضيق الطريق وكلبه أولى بالمنع واللّه أعلم.
فائدة أخرى: لا يصح بيع الكلاب عند الشافعي خلافا لمالك فإنه أباح بيعها حتى قال سحنون
(2)
ويحج بثمنها وقال أبو حنيفة يجوز بيع غير العقور والأصح عدم صحة إجارة الكلب المعلم لأن اقتناءها لهذه المنافع إنما جوز لأجل الحاجة وما جوز للحاجة لا يجوز العرض عليه ولأنه لا قيمة لعينه فكذلك منفعته. وقال صاحب التلخيص يجوز لأن منفعته مقصودة واختاره الروياني وابن أبي عصرون وبناهما الماوردي على اختلاف أصحابنا في أن منفعة الكلب مملوكة أو مستباحة وفيه وجهان فعلى الأول تجوز إجارته وعلى الثاني لا تجوز.
[فرع قال الغزالي في منكرات الشوارع من الأحياء
(3)
: من كان له كلب عقور على باب داره يؤذي الناس يحب منعه منه وإن كان لا يؤذي إلا
(1)
إحياء علوم الدين (2/ 339)، حياة الحيوان الكبرى (2/ 416).
(2)
حياة الحيوان الكبرى (2/ 416)، شرح مسند أبي حنيفة (1/ 402).
(3)
إحياء علوم الدين (2/ 339)، حياة الحيوان الكبرى (2/ 416).
بتنجيس الطريق وكان يمكن الاحتراز عن نجاسته لم يمنع منه وإن كان يضيق الطريق لبسطه ذراعيه فيمنع منه بل يمنع صاحبه أن ينام على الطريق أو يقعد قعودا يضيق الطريق وكلبه أولى بالمنع واللّه أعلم]
(1)
. ومن أحكامه أن من كان في داره كلب عقور فاستدعى إنسانا فعقره وجب عليه ضمانه على الأصح من تصحيح النووي، وقيل [لا] قطعا وهو المجزوم به في أصل الروضة لأن للكلب اختيارا ويمكن دفعه بعصى ونحوها، هذا إذا لم يعلم الداخل أنه غقور، فإن علم [ذلك] فلا ضمان جزما.
وكذلك لو كان مربوطا فصار إليه المستدعى جاهلا بحاله فلا ضمان، ومن له كلب عقور لم يحفظه فقتل إنسانا في ليل أو نهار ضمنه لتفريطه وفي معناه الهرة المملوكة التي تأكل الطيور وقيل لا ضمان فيهما لأن العادة لم تجر بربطها واللّه أعلم.
[تنبيه واختلف العلماء في المراد بالكلب العقور فقيل هو الكلب المعروف خاصة حكاه القاضي عنهم وعن جمهور العلماء، ومعنى العقور العاقر الجارح وقيل كل ما يفترس أي كل ما يفترس من السباع يسمى في اللغة [كلبا] عقورا، اهـ قاله في الديباجة]
(2)
.
(1)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
(2)
حصل تقديم لهذه العبارة في النسخة الهندية، وأدرجت قبل قوله: (ومن أحكامه أن من كان في داره كلب عقور فاستدعى إنسانا فعقره
…
).
فائدة: وأول من اتخذ الكلب للحراسة نوح عليه السلام، روى القاسم بن مسلمة بإسناده
(1)
عن علقمة عن عبد اللّه أنه قال أول من اتخذ الكلب نوح عليه السلام قال يا رب أمرتني أن أصنع الفلك وأنا في صناعته أصنع أياما فيجيئونني بالليل فيفسدون [كل] ما عملت فمتى [يلتئم] لي ما أمرتني به قد طال عليّ أمري فأوحى اللّه تعالى إليه يا نوح اتخذ كلبا يحرسك فاتخذ نوح كلبا وكان يعمل بالنهار وينام بالليل فإذا جاء قومه ليفسدوا بالليل نبحهم الكلب فينتبه نوح عليه السلام فيأخذ [الهرواة] ويثبت لهم فيهربون منه فالتأم له ما أراد اهـ.
4690 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: من أمسك كلبا فإنه ينقص من عمله كل يوم قيراط إلا كلب حرث أو ماشية. رواه البخاري
(2)
ومسلم
(3)
.
4691 -
وفي رواية لمسلم
(4)
: من اقتنى كلبا ليس بكلب صيد، ولا ماشية، ولا أرض، فإنه ينقص من أجره قيراطان كل يوم.
قوله وعن أبي هريرة تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم من أمسك كلبا فإنه ينقص من عمله كل يوم قيراطا إلا كلب حرث أو ماشية الحديث. أو للتنويع لا للترديد واستثنى الكلب الذي فيه منفعة ومصلحة ترجيحا للمصلحة الراجحة على
(1)
انظر: حياة الحيوان الكبرى (2/ 415)، وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (7/ 276) عن علقمة قال عبد الله بن عباس أول من اتخذ الكلب.
(2)
صحيح البخاري (2322، 3324).
(3)
صحيح مسلم (59)(1575).
(4)
صحيح مسلم (61)(1576).
المفسدة اهـ. قاله الكرماني وتقدم الكلام على القيراط وعلى كلب الصيد والماشية وغير ذلك في الحديث قبله. [وقد اتفق الأصحاب وغيرهم على أنه يحرم اقتناء الكلب لغير حاجة متل أن يقتني كلبا إعجابا بصورته أو للمفاخرة فهذا حرام بلا خلاف وأما الحاجة التي يجوز الاقتناء فيها فقد ورد الحديث بالترخيص فيه لأحد ثلاثة أشياء وهي الزرع والماشية والصيد وهذا جائز بلا خلاف اهـ]
(1)
.
فائدة في ذكر الكلاب والكلب حيوان شديد الرياضة كبير الوفاء وهو لا سبع ولا بهيمة حتى كأنه من الخلق [مركب] لأنه لو تم له طباع السبعية ما ألف الناس ولو تم له طباع البهيمة ما أكل لحم الحيوان لكن في الحديث إطلاق البهيمة عليه. روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بينما امرأة تمشي بفلاة من الأرض اشتد عليها العطش فنزلت بئرا فشربت ثم صعدت فوجدت كلبا يأكل الثرى من العطش فذكر الحديث إلى أن قال: قالوا يا رسول اللّه إن لنا في البهائم أجرا؟ قال نعم في كل كبد رطبة أجر.
(2)
وهو نوعان أهلي وسلوقي نسبة إلى سلوق وهي مدينة باليمن تنسب إليها الكلاب السلوقية وكلا النوعين في الطبع سواء وفي طبعه الاحتلام وتحيض إناثه وتحمل الأنثى ستين يوما ومنها ما يقل عن ذلك وتضع جراها عميا فلا تفتح عيونها إلا بعد اثني عشر يوما والذكور تهيج قبل الإناث وبينه وبين
(1)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
(2)
صحيح البخاري (2363 - 6009)، ومسلم (2244).
الضبع عداوة شديدة وذلك أنه إذا كان في مكان مرتفع ووطئت الضبع ظله في القمر رمى بنفسه إليها مخذولا فتأكله وإذا حمل الإنسان [لسان] ضبع لم ينبح عليه كلب، ومن طبعه أن يحرس ربه ويحمي حرمه شاهدا وغائبا وذاكرا وغافلا ونائما ويقظانا وهو أيقظ الحيوان عينا في وقت حاجته إلى النوم وإنما نومه نهارا عند الاستغناء عن الحراسة وهو في نومه أسمع من فرس، وأحذر من عقعق، وإذا نام كسر أجفان عينيه ولا يطبقها لخفة نومه وسبب خفته أن دماغه بارد بالنسبة إلى دماغ الإنسان. ومن عجيب طباعه أن يكرم الجلة من الناس وأهل الوجاهة ولا ينبح على أحد أمنهم، وربما حاد عن طريقه.
فائدة أخرى في كتاب فضائل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب لمحمد بن خلف المرزبان.
(1)
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال رآى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رجلا قتيلا فقال ما شأنه؟ فقالوا إنه وثب على غنم بني زهرة فأخذ منها شاة فوثب عليه كلب الماشية فقتله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم قتل نفسه وأضاع دينه وعصى ربه وخان أخاه وكان الكلب خيرا منه.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما
(2)
كلب أمين خير من صاحب خئون، قال وكان
(1)
فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب (ص: 35) حياة الحيوان الكبرى (2/ 379)، ولم أجده موصولًا.
(2)
فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب (ص: 13)، وحياة الحيوان الكبرى (2/ 379).
للحارث بن صعصعة ندماء لا يفارقهم وكان شديد المحبة لهم فخرج في بعض متنزهاته ومعه ندماؤه فتخلف منهم واحد فدخل على زوجته فأكلا وشربا ثم اضطجعا فوثب الكلب عليهما فقتلهما، فلما رجع الحارث إلى منزله وجدهما قتيلين فعرف الأمر وأنشأ يقول:
ومازال يرعى ذمتي ويحوطني
…
ويحفظ عرشي والخليل يخون
فيا عجبا للخل يهتك حرمتي
…
ويا عجبا للكلب كيف يصون
وفي الإحياء
(1)
عن بعض الصوفية قال كنا بطرسوس فاجتمعنا جماعة خرجنا إلى باب الجهاد فتبعنا كلب من البلد فلما بلغنا باب الجهاد إذا نحن بدابة ميتة فصعدنا إلى موضع عال فقعدنا فلما نظر الكلب إلى الميتة رجع إلى البلد ثم عاد ومعه نحو من عشرين كلبا فجاء إلى تلك الميتة فقعد ناحية ووقعت الكلاب في الميتة فما زالت تأكل إلى أن شبعت، وذلك الكلب قاعد ينظر إلى الميتة حتى أكلت وبقيت العظام فلما رجعت الكلاب إلى البلد قام ذلك الكلب وأتى إلى العظام فأكل ما بقي عليها ثم انصرف.
وفي عجائب المخلوقات أن شخصا قتل شخصا بأصبهان وألقاه في بئر وللمقتول كلب يرى ذلك فكان يأتي كل يوم إلى رأس البئر وينحي التراب عنها ويشير إليها وإذا رآى القاتل نبح عليه فلما تكرر منه ذلك حفروا الموضع فوجدوا القتيل ثم أخذوا الرجل فأقر فقتل به.
(1)
إحياء علوم الدين (3/ 258).
وروى الإمام أحمد في الزهد
(1)
عن جعفر بن سليمان قال رأيت مع مالك بن دينار كلبا فقلت ما تصنع بهذا يا أبا يحيى فقال هذا خير من جليس السوء.
وفي مناقب الإمام أحمد
(2)
أنه بلغه أن رجلا مر وراء النهر عنده أحاديث ثلاثية فرحل الإمام أحمد إليه فوجد شيخا يطعم كلبا فسلم عليه فرد عليه السلام ثم اشتغل الشيخ بإطعام الكلب فوجد الإمام أحمد في نفسه إذ أقبل الشيخ على الكلب ولم يقبل عليه، فلما فرغ الشيخ من طعمة الكلب التفت إلى الإمام وقال كأنك وجدت في نفسك إذ أقبلت على الكلب ولم أقبل عليك؟ قال نعم. قال حدثني أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
(3)
من قطع رجاء من ارتجاه قطع اللّه منه رجاءه يوم القيامة [فلم يلج] الجنة وأرضنا هذه ليست بأرض كلاب وقد قصدني هذا الكلب فخفت أن أقطع رجاءه.
فقال الإمام أحمد هذا الحديث يكفيني ثم رجع. ويقرب من هذا الحديث ما في رسالة القشيري
(4)
في باب الجود والسخاء أن عبد اللّه بن جعفر خرج إلى ضيعة له فنزل على نخيل قوم وفيها غلام أسود يعمل فيها إذ أتى الغلام بغدائه ثلاثة أقراص فرمى بقرص إلى كلب كان هناك فأكله ثم رمى إليه الثاني
(1)
فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب (ص: 13) حياة الحيوان الكبرى (2/ 383).
(2)
حياة الحيوان الكبرى (2/ 384).
(3)
حياة الحيوان الكبرى (2/ 384)، وقال السخاوي المقاصد الحسنة (1164) رأيت من نسبه لحياة الحيوان الكبرى في كلب من حرف الكاف عزوه لأحمد من حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة به مرفوعا في حكاية وذلك مختلق على أحمد.
(4)
الرسالة القشيرية (1/ 284).
والثالث فأكلهما وعبد اللّه ينظر، فقال يا غلام كم قوتك كل يوم؟ قال ما رأيت. قال فلم آثرت هذا الكلب. قال ما هذه بأرض كلاب، وإنه جاء من مسافة بعيدة جائعا فكرهت رده. قال فما أفت صانع اليوم. قال أطوي يومي هذا. قال عبد اللّه بن جعفر
(1)
أُلام على السخاء وهذا أسخى مني ثم [إنه] اشترى الغلام وأعتقه واشترى الحائط وما فيها ووهب ذلك له اهـ.
فائدة في عجاب المخلوقات
(2)
أن بقرية من أعمال حلب بئرا يقال لها بئر الكلب إذا شرب منها من عضه الكلب الكَلِب [أي الذي أصابه الكَلَب، داء يأخذ الكلاب معروف]
(3)
، برئ وهي مشهورة. قال بعض أهل القرية إذا لم يجاوز المكلوب أربعين يوما وشرب منها برئ أما إذا جاوز الأربعين فإنه يموت ولو شرب منها، وذكر أنه شاهد ثلاثة أنفس مكلوبين شربوا فسلم اثنان وكانا لم يبلغا أربعين يوما ومات الثالث وكان قد جاوز الأربعين، وهذه البئر منها يشرب أهل الضيعة، اهـ واللّه أعلم.
فائدة أخرى: أكثر أهل التفسير على أن كلب أهل الكهف كان من جنس الكلاب، وروي عن ابن جريج أنه قال كان [أسدا و]
(4)
يسمى الأسد كلبا النبي صلى الله عليه وسلم
(5)
دعا على عتيبة بن أبي لهب أن يسلط اللّه عليه كلبا من كلابه
(1)
حياة الحيوان الكبرى (2/ 384)،
(2)
القزويني حياة الحيوان الكبرى (2/ 379).
(3)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
(4)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
(5)
حياة الحيوان الكبرى (2/ 389).
فأكله الأسد. وقال ابن عباس رضي الله عنهما
(1)
كان كلبا أنمر واسمه قطمير. وقال مقاتل كان أصفر. وقال الكلبي كان خلنجي اللون. وقصة الإمام مالك في ذلك معروفة. وقالت فرقة كان أحدهم [وكان قد] قعد عند باب الغار طليعة لهم فسمي باسم الحيوان الملازم لذلك الموضع من الناس كما سمي النجم التابع للجوزاء كلبا [لأنه] منها كالكلب من الناس وهذا القول يضعفه بسط الذراعين فإنه في العرف من صفة الكلب. وحكى أبو عمر [المطرز] في كتاب اليواقيت أنه قرئ وكالبهم فيحتمل أن يريد هذا الرجل. وقال حكى أنه سمع أبا الفضل بن الجوهري الواعظ يقول: من أحب أهل الخير نال بركتهم، كلب أحب أهل فضل وصحبهم فذكره اللّه في القرآن، اهـ.
4692 -
وعن عبد اللّه بن مغفل رضي الله عنه-قال: إني لممن يرفع أغصان الشجرة عن وجه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وهو يخطب فقال: لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها، فاقتلوا منها كل أسود بهيم، وما من أهل بيت يرتبطون كلبا إلا نقص من عملهم كل يوم قيراط إلا كلب صيد، أو كلب حرث، أو كلب غنم. رواه الترمذي
(2)
وقال: حديث حسن وابن ماجه
(3)
إلا أنه قال: وما من
(1)
حياة الحيوان الكبرى (2/ 389)، تفسير الثعالبي (6/ 163)، اللباب في علوم الكتاب (12/ 446).
(2)
سنن الترمذي (1486)، (1489). وقال الذهبي في معجم الشيوخ الكبير (1/ 414) إسناده حسن، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (3102)، وصحيح الجا مع الصغير وزيادته (5321)، وأخرجه أبو داود (2845)، والنسائي (7/ 175).
(3)
ابن ماجه (3205).
قوم اتخذوا كلبا إلا كلب ماشية، أو كلب صيد، أو كلب حرث إلا نقص من أجورهم كل يوم قيراطان.
قوله وعن عبد اللّه بن مغفل هو أبو سعيد، وقيل: أبو عبد الرحمن، وأبو زياد عبد اللّه بن مغفل بن عبد غنم، وقيل: ابن عبد نهيم بن عفيف بن أسحم بن ربيعة بن عدا، وقيل: عدى بن ثعلبة ابن ذؤيب، وقيل: ذؤيد بن سعد بن عدا بن عثمان بن عمرو بن أد بن طابخة بن إلياس ابن مضر بن نزار المزنى المدنى البصرى. ومزينة امرأة عثمان بن عمرو، نسبوا إليها، وهى مزينة بنت كلب بن وبرة، فولد عثمان يقال لهم: مزنيون.
وكان عبد اللّه من أهل بيعة الرضوان، وقال: إنى لممن رفع أغصان الشجرة عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم. سكن المدينة، ثم تحول إلى البصرة، وابتنى بها دارا قرب الجامع، وكان أحد البكائين الذين نزل فيهم قوله تعالى:{وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ (92)}
(1)
. وكان أحد العشرة الذين بعثهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إلى البصرة يفقهون الناس، وهو أول من دخل مدينة تستر حين فتحها المسلمون.
روى له عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ثلاثة وأربعون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على أربعة، وانفرد البخارى بحديث، ومسلم بآخر. روى عنه جماعات
(1)
سورة التوبة، الآية:92.
من التابعين، منهم الحسن البصرى، وأبو العالية، ومطرف، ويزيد ابنا عبد اللّه، وآخرون. وتوفى بالبصرة سنة ستين، وقيل: سنة تسع وخمسين، وصلى عليه أبو برزة الأسلمى لوصيته بذلك
(1)
.
قوله صلى الله عليه وسلم لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها، فاقتلوا منها كل أسود بهيم الحديث. وفي حديث آخر الكلب الأسود شيطان، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم عليكم بالبهيم [ذي النقطتين فإنه شيطان. ومعنى البهيم] الخالص السواد وأما النقطتان فهما نقطتان معروفتان فوق عينيه وهذا مشاهد معروف فحمله بعض العلماء على ظاهره وقال الشيطان يتصور بصورة الكلاب السّود ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم اقتلوا منها كل أسود بهيم. قال النووي أجمع العلماء على قتل الكلب [الكَلِب] والكلب العقور، اهـ.
وإن لم يكن عقورا لم يجز قتله سواء كان فيه منفعة من المنافع المذكورة أو لم يكن قال الإمام أبو المعالي -إمام الحرمين- والأمر بقتل الكلاب منسوخ، قال وقد صح أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب مرة ثم صح أنه نهى عن قتلها. قال واستقر الشرع عليه على التفصيل الذي ذكرناه، قال وأمر بقتل الأسود البهيم وكان هذا في الابتداء وهو الآن منسوخ، هذا كلام إمام الحرمين ولا مزيد على تحقيقه، واللّه أعلم.
(1)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 291).
4693 -
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: واعد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم جبريل صلى الله عليه وسلم-في ساعة أن يأتيه، فجاءت تلك الساعة ولم يأته. قالت: وكلان بيده عصا، فطرحها من يده، وهو يقول: ما يخلف اللّه وعده ولا رسله، ثم التفت، فإذا جرو كلب تحت سريره، فقال: متى دخل هذا الكلب؟ فقلت: واللّه ما دريت، فأمر به فأخرج، فجاءه جبريل صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وعدتني فجلست لك، ولم تأتني؟ فقال: منعني الكلب الذي كان في بيتك. إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة. رواه مسلم
(1)
.
قوله وعن عائشة تقدم الكلام عليها. قوله ثم التفت فإذا جرو كلب تحت سريره تقدم الكلام على ضبط الجرو وتفسيره.
فرع: وهل يجوز اقتناء الجرو وتربيته للصيد أو الزرع أو الماشية فيه وجهان لأصحابنها أصحهما جوازه لأنه في معناها واللّه أعلم.
والثاني منهم من حرمه لأن الرخصة إنما وردت في [الثلاثة] المتقدمة وهي الزرع والماشية والصيد. قوله إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة تقدم عليه الكلام في أحاديث الباب.
4694 -
وعن بريدة رضي الله عنه قال: احتبس جبريل عليه السلام على النبي-صلى الله عليه وسلم فقال له: ما حبسك؟ فقال: إنا لا ندخل بيتا فيه كلب. رواه أحمد
(2)
، ورواته رواة الصحيح.
(1)
صحيح مسلم (81)(2104).
(2)
أحمد (22987)، وأخرجه ابن أبي شيبة (20318) و (25710)، وأبو يعلى في مسنده الكبير، والروياني وأبو بكر الروياني في مسانيدهم، والضياء المقدسي في المختارة، كما في=
[النضد] بفتح النون والضاد المعجمة: هو السرير لأنه ينضد عليه المتاع.
قوله وعن بريدة تقدم. قوله احتبس جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم-فقال ما حبسك فقال إنا لا ندخل بيتا فيه كلب تقدم.
قوله دخلت على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم الكآبة الحديث. الكآبة تغير النفس بالانكسار من شدة الهم والحزن.
فرع: من الكبائر بيع الكلب وهو حرام لنهيه صلى الله عليه وسلم سواء كان الكلب معلما أو لا وسواء كان ممن لا يجوز اقتناؤه أو لا وهو مذهب الإمام أحمد وجماهير العلماء وعن مالك روايتان أو روايات وقال أبو حنيفة يجوز بيع الكلاب التي فيها منفعة وتضمن بالقيمة عند الإتلاف واللّه أعلم.
قوله إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا تصاوير تقدم الكلام عليه. فائدة يختم بها الباب: قال القرطبي في كتابه التذكار في أفضل، الأذكار بلغنا عمن تقدم أن في سورة الرحمن آية تقرأ على الكلب إذا حمل على الإنسان وهي قوله تعالى: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ
= إتحاف الخيرة المهرة (5/ 310)، وابن الأعرابي في معجمه (2411) و (2424) وقال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (5/ 310): وأخرجه الضياء في المختارة من طريق أحمد بن حنبل وأبي يعلى الموصلي، وقال: له شاهد في الصحيح من حديث أبي طلحة.
قلت: إسناد هذا الحديث رجاله ثقات، بل قيل فيه: إنه من أصح الأسانيد، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 45) رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (3104).
فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33)}
(1)
، فإنه لا يؤذيه بإذن اللّه تعالى.
4695 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول اللّه-صلى الله عليه وسلم أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ إِنِّي كنت أَتَيْتُك البارحة فَلم يَمْنعنِي أَن أكون دخلت عَلَيْك الْبَيْت الَّذِي كنت فِيهِ إِلَّا أَنه كَانَ فِي بَاب الْبَيْت تِمْثَال الرِّجَال وَكَانَ فِي الْبَيْت قرام ستر فِيهِ تماثيل وَكَانَ فِي الْبَيْت كلب فَمر بِرَأْس التمثال الَّذِي فِي الْبَاب فليقطع فَيصير كَهَيئَةِ الشَّجَرَة وَمر بالستر فليقطع وَيجْعَل مِنْهُ وسادتين منتبذتين توطآن وَمر بالكلب فَيخرج فَفعل رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم وَكَانَ ذَلِك الْكَلْب جروا للحسين أَو لِلْحسنِ تَحت نضد لَهُ فَأمر بِهِ فَأخْرج رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه
(2)
.
النضد بِفَتْح النُّون وَالضَّاد الْمُعْجَمَة هُوَ السرير لِأَنَّهُ ينضد عَلَيْهِ الْمَتَاع 4696 - وَعَن أُسَامَة بن زيد رضي الله عنه قَالَ دخلت على رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم وَعَلِيهِ الكآبة فَسَأَلته مَا لَهُ فَقَالَ لم يأتني جِبْرِيل مُنْذُ ثَلاث فَإِذا جرو كلب بَين بيوته فَأمر بِهِ فَقتل فَبَدَا لَهُ جِبْرِيل عليه السلام فهش إِلَيْهِ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَا لَك لم تأتني
(1)
سورة الر حمن، الآية:33.
(2)
أخرجه أبو داود (4158)، والترمذى (2806)، والنسائى في الكبر ى (9708) والمجتبى 8/ 257 (5409)، وابن حبان (5854). وصححه الألبانى في المشكاة (4501) والصحيحة (356) وصحيح الترغيب (3060) و (3105).
فَقَالَ إِنَّا لا ندخل بَيْتا فِيهِ كلب وَلا تصاوير، رَوَاهُ أَحْمد وَرُوَاته مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِنَحْوِهِ
(1)
وَقد روى هَذهِ الْقِصَّة غير وَاحِد من الصَّحَابَة بِأَلْفَاظ مُتَقَارِبَة وَفِيمَا ذَكرْنَاهُ كِفَايَة.
(1)
أخرجه أحمد 5/ 253 (21772) و (21773)، والبزار (2590)، والطبرانى في الكبير (1/ 162 رقم 387). وقال الهيثمى في المجمع 4/ 44: رواه الطبراني في الكبير، وفيه خالد بن يزيد العمري، وهو ضعيف جدا. وقال في 4/ 45: رواه أحمد، والطبراني في الكبير بنحوه، ورجال أحمد رجال الصحيح. وضعفه الألبانى جدا في الضعيفة (6778) وقال حسن صحيح في صحيح الترغيب (3106).