المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌صلاة السفر: قصر الصلاة الرباعية: قال الله تعالى: (وإذا ضربتم (1) - فقه السنة - جـ ١

[سيد سابق]

فهرس الكتاب

- ‌عموم الرسالة:

- ‌الغاية منها:

- ‌التشريع الاسلامي أو الفقه:

- ‌الطهارة

- ‌المياه وأقسامها

- ‌الماء المطلق

- ‌ الماء المستعمل

- ‌ الماء الذي خالطه طاهر

- ‌ الماء الذي لاقته النجاسة

- ‌السؤر:

- ‌النجاسة:

- ‌(1) الميتة:

- ‌2 - الدم:

- ‌3 - لحم الخنزير:

- ‌4، 5، 6 - قئ الادمي وبوله ورجيعه:

- ‌7 - الودي:

- ‌8 - المذي:

- ‌9 - المني:

- ‌10 - بول وروث ما لا يؤكل لحمه:

- ‌11 - الجلّالة:

- ‌(12) الخمر:

- ‌(13) الكلب:

- ‌تطهير الأرض:

- ‌تطهير السمن ونحوه:

- ‌‌‌تطهير جلد الميتة:

- ‌تطهير جلد الميتة:

- ‌‌‌تطهير المرآة ونحوها:

- ‌تطهير المرآة ونحوها:

- ‌‌‌تطهير النعل:

- ‌تطهير النعل:

- ‌قضاء الحاجة:

- ‌سنن الفطرة:

- ‌1 - الختان:

- ‌4، 5 - تقليم الاظافر وقص الشارب أو إحفاؤه

- ‌6 - إعفاء اللحية

- ‌7 - إكرام الشعر

- ‌8 - ترك الشيب وإبقاؤه

- ‌9 - تغيير الشيب بالحناء والحمرة والصفرة ونحوها

- ‌10 - التطيب بالمسك وغيره من الطيب

- ‌الوضوء:

- ‌سنن الوضوء:

- ‌نواقض الوضوء:

- ‌ما لا ينقض الوضوء:

- ‌ما يجب له الوضوء:

- ‌ما يستحب له:

- ‌المسح على الخفين:

- ‌الغسل:

- ‌يجب الغسل لأمور خمسة:

- ‌ما يحرم على الجنب:

- ‌الأغسال المستحبة:

- ‌(1) غسل الجمعة:

- ‌(2) غسل العيدين:

- ‌(3) غسل من غسل ميت

- ‌(4) غسل الإحرام:

- ‌(5) غسل دخول مكة:

- ‌(6) غسل الوقوف بعرفة:

- ‌‌‌أركان الغسل

- ‌أركان الغسل

- ‌سننه:

- ‌غسل المرأة:

- ‌مسائل تتعلق بالغسل:

- ‌التيمم:

- ‌المسح على الجبيرة ونحوها:

- ‌الحيض:

- ‌النفاس:

- ‌ما يحرم على الحائض والنفساء:

- ‌الاستحاضة:

- ‌الصلاة:

- ‌منزلتها في الاسلام:

- ‌حكم ترك الصلاة:

- ‌مناظرة في تارك الصلاة:

- ‌صلاة الصبي:

- ‌عدد الفرائض:

- ‌مواقيت الصلاة:

- ‌غاية الابراد

- ‌استحباب تأخير صلاة العشاء عن أول وقتها:

- ‌النوم عن الصلاة أو نسيانها:

- ‌الأوقات المنهي عن الصلاة فيها:

- ‌التطوع أثناء الإقامة:

- ‌الاذان:

- ‌شروط الصلاة:

- ‌كيفية الصلاة:

- ‌فرائض الصلاة:

- ‌سنن الصلاة:

- ‌هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في القراءة بعد الفاتحة:

- ‌ما يستحب أثناء القراءة:

- ‌مواضع الجهر والاسرار بالقراءة:

- ‌القراءة خلف الإمام:

- ‌التطوع:

- ‌قيام الليل:

- ‌صلاة الضحى:

- ‌صلاة الاستخارة:

- ‌صلاة التسبيح:

- ‌صلاة الحاجة:

- ‌صلاة التوبة:

- ‌صلاة الكسوف:

- ‌صلاة الاستسقاء:

- ‌سجود التلاوة:

- ‌سجدة الشكر:

- ‌سجود السهو:

- ‌صلاة الجماعة:

- ‌موقف الإمام والمأموم:

- ‌المساجد:

- ‌المواضع المنهى عن الصلاة فيها:

- ‌السترة أمام المصلي:

- ‌(ما يباح في الصلاة) :

- ‌مكروهات الصلاة:

- ‌مبطلات الصلاة:

- ‌صلاة المريض:

- ‌صلاة الخوف:

- ‌صلاة الطالب والمطلوب:

- ‌صلاة السفر:

- ‌الجمع بين الصلاتين:

- ‌الصلاة في السفينة والقاطرة والطائرة:

- ‌أدعية السفر:

- ‌الجمعة:

- ‌وجوب صلاة الجمعة:

- ‌من تجب عليه ومن لا تجب عليه:

- ‌خطبة الجمعة:

- ‌قطع الإمام الخطبة للأمر يحدث:

- ‌حرمة الكلام أثناء الخطبة:

- ‌صلاة العيدين:

- ‌الزكاة

- ‌زكاة النقدين:

- ‌ضم النقدين:

- ‌زكاة الحلى:

- ‌زكاة التجارة:

- ‌زكاة الزروع والثمار

- ‌زكاة الحيوان:

- ‌زكاة الابل:

- ‌زكاة البقر

- ‌زكاة الغنم

- ‌حكم الأوقاص:

- ‌ما لا يؤخذ في الزكاة:

- ‌زكاة غير الأنعام:

- ‌زكاة الفصلان والعجول والحملان

- ‌ما جاء في الجمع والتفريق:

- ‌زكاة الركاز والمعدن

- ‌المال المستفاد:

- ‌وجوب الزكاة في الذمة لا في عين المال

- ‌هلاك المال بعد وجوب الزكاة وقبل الأداء:

- ‌ضياع الزكاة بعد عزلها

- ‌تأخير الزكاة لا يسقطها:

- ‌دفع القيمة بدل العين:

- ‌الزكاة في المال المشترك

- ‌الفرار من الزكاة

- ‌مصارف الزكاة:

- ‌هل يعطى القوي المكتسب من الزكاة

- ‌المالك الذي لا يجد ما يفي بكفايته:

- ‌من الذي يقوم بتوزيع الزكاة:

- ‌ إعطاء الزكاة للحكومات المعاصرة:

- ‌استحباب اعطاء الصدقة للصالحين

- ‌استحباب اعطاء الزكاة للزوج والاقارب

- ‌اعطاء طلبة العلم من الزكاة دون العباد

- ‌اظهار الصدقة

- ‌زكاة الفطر:

- ‌صدقة التطوع:

- ‌أولى الناس بالصدقة:

- ‌التصدق بالحرام:

- ‌جواز التصدق بكل المال:

- ‌جواز الصدقة على الذمي والحربي:

- ‌الصدقة على الحيوان:

- ‌الصدقة الجارية:

- ‌شكر المعروف:

- ‌الصيام

- ‌فضل شهر رمضان، وفضل العمل فيه:

- ‌الترهيب من الفطر في رمضان:

- ‌بم يثبت الشهر:

- ‌اختلاف المطالع:

- ‌من رأى الهلال وحده:

- ‌أركان الصوم:

- ‌صيام الصبي:

- ‌من يرخص لهم في الفطر، ويجب عليهم القضاء:

- ‌الأيام المنهي عن صيامها:

- ‌صيام التطوع:

- ‌آداب الصيام

- ‌مباحات الصيام

- ‌ما يبطل الصيام

- ‌قضاء رمضان:

- ‌من مات وعليه صيام:

- ‌ليلة القدر

- ‌الاعتكاف:

- ‌ما يباح للمعتكف

- ‌ما يبطل الاعتكاف

- ‌قضاء الاعتكاف

- ‌المعتكف يلزم مكانا من المسجد، وينصب فيه الخيمة:

- ‌نذر الاعتكاف في مسجد معين

- ‌الجنائز

- ‌شكوى المريض:

- ‌المريض يكتب له ما كان يعمل وهو صحيح:

- ‌عيادة المريض:

- ‌التداوي:

- ‌الطبيب الكافر

- ‌جواز استطباب المرأة

- ‌ العلاج بالرقى والادعية

- ‌النهي عن التمائم:

- ‌منع المريض من السكن بين الأصحاء

- ‌النهي عن الخروج من الطاعون أو الدخول في أرض هو بها:

- ‌كراهة تمني الموت:

- ‌فضل طول العمر مع حسن العمل:

- ‌العمل الصالح قبل الموت دليل على حسن الختام:

- ‌استحباب الدعاء والذكر لمن حضر عند الميت:

- ‌ما يسن عند الاحتضار:

- ‌استحباب الدعاء والاسترجاع (1) عند الموت:

- ‌استحباب اعلام قرابته وأصحابه بموته:

- ‌البكاء على الميت:

- ‌النياحة:

- ‌الاحداد على الميت:

- ‌استحباب صنع الطعام لأهل الميت:

- ‌استحباب طلب الموت في أحد الحرمين:

- ‌ثواب من مات له ولد:

- ‌تجهيز الميت:

- ‌صفة الغسل:

- ‌الكفن:

- ‌الصلاة على الميت:

- ‌كيفية الصلاة على الجنازة:

- ‌استحباب الصفوف الثلاثة وتسويتها:

- ‌استحباب الجمع الكثير:

- ‌المسبوق في صلاة الجنازة:

- ‌من يصلى عليهم ومن لا يصلى عليهم:

- ‌الصلاة على الكافر:

- ‌الصلاة على القبر:

- ‌الصلاة على الغائب:

- ‌الصلاة على الميت في المسجد:

- ‌الصلاة على الجنازة وسط القبور:

- ‌أولى الناس بالصلاة على الميت:

- ‌ما يكره مع الجنازة:

- ‌ترك الجنازة من أجل المنكر:

- ‌الدفن:

- ‌السنة في بناء المقابر:

- ‌تحريم المساجد والسرج على المقابر:

- ‌النهي عن الجلوس على القبر والاستناد إليه والمشي عليه:

- ‌النهي عن تجصيص القبر والكتابة عليه:

- ‌دفن أكثر من واحد في قبر:

- ‌الميت في البحر:

- ‌المرأة تموت وفي بطنها جنين حي:

- ‌المرأة الكتابية تموت وهي حامل من مسلم تدفن وحدها:

- ‌تفضيل الدفن في المقابر:

- ‌النهي عن سب الأموات:

- ‌قراءة القرآن عند القبر:

- ‌نبش القبر:

- ‌نقل الميت:

- ‌التعزية:

- ‌الجلوس لها:

- ‌صفة الزيارة:

- ‌زيارة النساء:

- ‌الأعمال التي تنفع الميت وهل يجوز إهداء الثواب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌أفضل ما يهدى للميت:

- ‌أولاد المسلمين وأولاد المشركين:

- ‌الذكر

- ‌الحج

- ‌فضله:

- ‌شروط وجوب الحج:

- ‌حج المرأة:

- ‌من حج لنذر وعليه حجة الاسلام:

- ‌الاقتراض للحج:

- ‌حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌يوم التروية:

- ‌المواقيت الزمانية:

- ‌المواقيت المكانية:

- ‌‌‌الإحرامقبل الميقات:

- ‌الإحرام

- ‌أنواع الإحرام:

- ‌ثياب الإحرام:

- ‌طواف القارن والمتمتع وسعيهما وأنه ليس لاهل الحرم إلا الإفراد:

- ‌التلبية:

- ‌ما يباح للمحرم:

- ‌محظورات الإحرام:

- ‌جزاء قتل الصيد:

- ‌حكومة عمر وما قضى به السلف:

- ‌كيفية الإطعام والصيام:

- ‌الإشتراك في قتل الصيد:

- ‌صيد الحرم وقطع شجره:

- ‌حدود الحرم المكي:

- ‌حرمة المدينة:

- ‌ما يستحب لدخول مكة والبيت الحرام:

- ‌ الطواف

- ‌شروط الطواف:

- ‌سنن الطواف:

- ‌طواف الرجال مع النساء:

- ‌ركوب الطائف:

- ‌استحباب الشرب من ماء زمزم:

- ‌آداب الشرب منه:

- ‌استحباب الدعاء عند الملتزم:

- ‌استحباب دخول الكعبة وحجر إسماعيل:

- ‌السعي بين الصفا والمروة:

- ‌الوقوف بعرفة:

- ‌صيام عرفة:

- ‌الجمع بين الظهر والعصر:

- ‌الإفاضة من عرفة:

- ‌أعمال يوم النحر:

- ‌رمي الجمار:

- ‌من أين يؤخذ الحصى:

- ‌هل يجوز تأخير الرمي إلى الليل:

- ‌الرمي في الأيام الثلاثة:

- ‌استحباب التكبير والدعاء مع كل حصاة ووضعها بين أصابعه:

- ‌النيابة في الرمي:

- ‌المبيت بمنى:

- ‌متى يرجع من منى

- ‌الهدي:

- ‌الحلق أو التقصير:

- ‌استحباب امرار الموسى على رأس الأصلع:

- ‌طواف الإفاضة:

- ‌تعجيل الإفاضة للنساء:

- ‌العمرة

- ‌جوازها قبل الحج وفي أشهره:

- ‌وقتها:

- ‌ميقاتها:

- ‌طواف الوداع

- ‌كيفية أداء الحج:

- ‌استحباب تعجيل العودة:

- ‌الاحصار:

- ‌موضع ذبح هدي الإحصار:

- ‌لا قضاء على المحصر إلا أن يكون عليه فرض الحج:

- ‌جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ونحوه:

- ‌كسوة الكعبة:

- ‌تطييب الكعبة:

- ‌النهي عن الإلحاد في الحرم:

- ‌استحباب شد الرحال إلى المساجد الثلاثة:

- ‌آداب دخول المسجد النبوي وآداب الزيارة:

- ‌استحباب كثرة التعبد في الروضة المباركة:

- ‌استحباب إتيان مسجد " قبا " والصلاة فيه:

- ‌فضل الموت في المدينة:

الفصل: ‌ ‌صلاة السفر: قصر الصلاة الرباعية: قال الله تعالى: (وإذا ضربتم (1)

‌صلاة السفر:

قصر الصلاة الرباعية: قال الله تعالى: (وإذا ضربتم (1) في الارض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) .

والتقييد بالخوف غير معمول به.

فعن يعلى بن أمية قال: (قلت لعمر بن الخطاب أرأيت (2) إقصار الناس الصلاة وإنما قال عزوجل: (إن خفتم

أن يقتنكم الذين كفروا) فقد ذهب ذلك اليوم؟ فقال عمر: عجبت مما عجبت منه فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته) . رواه الجماعة.

وأخرج ابن جرير عن أبي منيب الجرشي أنه قيل لابن عمر قول الله تعالى (وإذا ضربتم في الارض) الاية لا فنحن آمنون لا نخاف فتقصر الصلاة؟ فقال: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) .

وعن عائشة قالت: قد فرضت الصلاة ركعتين ركعتين بمكة فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة زاد مع كل ركعتين ركعتين إلا في المغرب فإنها وتر النهار، وصلاة الفجر لطول قراءتها، وكان إذا سافر صلى الصلاة الاولى (أي التي فرضت بمكة) .

رواه أحمد والبيهقي وابن حبان وابن خزيمة ورجاله ثقات.

قال ابن القيم: وكان صلى الله عليه وسلم يقصر الصلاة الرباعية فيصليها ركعتين من حين يخرج مسافرا إلى أن يرجع إلى المدينة ولم يثبت عنه أنه أتم الصلاة الرباعية ولم يختلف في ذلك أحد من الائمة وإن كانوا قد اختلفوا في حكم القصر فقال بوجوده عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وجابر وهو مذهب الحنفية (3) .

وقالت المالكية القصر

(1) الضرب في الارض: عبارة عن السفر فيها والبروز عن محل الاقامة. والجناح: الاثم. وقصر الصلاة: ترك شئ منها.

(2)

أي أخبرني عن سبب القصر وقد زال الخوف الذي هو سببه كما هو صريح الاية.

(3)

يرى الحنفية أن من صلى الفرض الرباعي أربعا فإن قعد في الثانية بعد التشهد صحت صلاته مع الكراهة لتأخير السلام وما زاد على الركعتين، نفل، وإن لم يقعد في الركعة الثانية لا يصح فرضه.

ص: 283

سنة مؤكدة آكد من الجماعة فإذا لم يجد المسافر مسافرا يقتدي به صلى مفردا على القصر ويكره اقتداؤه بالمقيم.

وعند الحنابلة أن القصر جائز وهو أفضل من الاتمام، وكذا عند الشافعية إن بلغ مسافة القصر.

(2)

مسافة القصر: المتبادر من الاية أن أي سفر في اللغة طال أم قصر تقصر من أجله الصلاة وتجمع ويباح فيه الفطر، ولم يرد من السنة ما يقيد هذا الاطلاق.

وقد نقل ابن المنذر وغيره في هذه المسألة أكثر من عشرين قولا ونحن نذكر هنا أصح ما ورد في ذلك: روى أحمد ومسلم وأبو داود والبيهقي عن يحيى بن يزيد قال: سألت أنس بن مالك عن قصر الصلاة فقال أنس: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو فراسخ يصلي ركعتين.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وهو أصح حديث ورد في بيان ذلك وأصرحه.

والتردد بين الاميال والفراسخ يدفعه ما ذكره أبو سعيد الخدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر فرسخا يقصر الصلاة.

رواه سعيد بن منصور وذكره الحافظ في التلخيص وأقره بسكوته عنه.

ومن المعروف أن الفرسخ ثلاثة أميال فيكون حديث أبي سعيد رافعا للشك الواقع في حديث أنس ومبينا أن أقل مسافة قصر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة كانت ثلاثة أميال والفرسخ 5541 مترا والميل 1748 مترا.

وأقل ما ورد في مسافة القصر ميل واحد رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن ابن عمر.

وبه أخذ ابن حزم، وقال محتجا على ترك القصر فيما دون الميل: بأنه صلى الله عليه وسلم خرج إلى البقيع لدفن الموتى وخرج إلى الفضاء لقضاء الحاجة ولم يقصر.

وأما ما ذهب إليه الفقهاء من اشتراط السفر الطويل وأقله مرحلتان عند البعض وثلاث مراحل عند البعض الاخر فقد كفانا مئونة الرد عليهم الامام

أبو القاسم الخرقي قال في المغني: قال المصنف: ولا أرى لما صار إليه الائمة حجة.

لان أقوال الصحابة متعارضة مختلفة ولا حجة فيها مع الاختلاف.

وقد روي عن ابن عمر وابن عباس خلاف ما احتج به أصحابنا، ثم لو لم يوجد

ص: 284

ذلك لم يكن في قولهم حجة مع قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله.

وإذا لم تثبت أقوالهم امتنع المصير إلى التقدير الذي ذكروه لوجهين أحدهما أنه مخالف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم التي رويناها ولظاهر القرآن لان ظاهره إباحة القصر لمن ضرب في الارض لقوله تعالى: (وإذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) وقد سقط شرط الخوف بالخبر المذكور عن يعلى بن أمية فبقي ظاهر الاية متناولا كل ضرب في الارض، وقول النبي صلى الله عليه وسلم (يمسح المسافر ثلاثة أيام) جاء لبيان مدة المسح فلا يحتج به ههنا، وعلى أنه يمكن قطع المسافة القصيرة في ثلاثة أيام وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم سفرا فقال:(لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الاخر أن تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم) .

والثاني أن التقدير بابه التوقيف فلا يجوز المصير إليه برأي مجرد سيما وليس له أصل يرد إليه ولا نظير يقاس عليه، والحجة مع من أباح القصر لكل مسافر إلا أن ينعقد الاجماع على خلافه.

ويستوي في ذلك السفر في الطائرة أو القاطرة كما يستوي سفر الطاعة وغيره.

ومن كان عمله يقتضي السفر دائما مثل الملاح والمكاري فإنه يرخص له القصر والفطر لانه مسافر حقيقة.

(3)

الموضع الذي يقصر منه: ذهب جمهور العلماء إلى أن قصر الصلاة يشرع بمفارقة الحضر والخروج من البلد وأن ذلك شرط ولا يتم حتى يدخل أو بيوتها،

قال ابن المنذر: ولا أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قصر في سفر من أسفاره إلا بعد خروجه من المدينة.

وقال أنس: صليت الظهر مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة أربعا وبذي الحليفة ركعتين.

رواه الجماعة.

ويرى بعض السلف أن من نوى السفر يقصر ولو في بيته.

(4)

متى يتم المسافر: المسافر يقصر الصلاة ما دام مسافرا فإن أقام لحاجة ينتظر قضاءها قصر الصلاة كذلك لانه يعتبر مسافرا وإن أقام سنين، فإن نوى الاقامة مدة معينة فالذي اختاره ابن القيم أن الاقامة لا تخرج عن حكم السفر سواء طالت أم

ص: 285

قصرت ما لم يستوطن المكان الذي أقام فيه.

وللعلماء في ذلك آراء كثيرة، لخصها ابن القيم وانتصر لرأيه فقال:(أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة ولم يقل للامة لا يقصر الرجل الصلاة إذا أقام أكثر من ذلك، ولكن اتفق إقامته هذه المدة) .

وهذه الاقامة في حال السفر لا تخرج عن حكم السفر سواء طالت أم قصرت إذا كان غير مستوطن ولا عازم على الاقامة بذلك الموضع، وقد اختلف السلف والخلف في ذلك اختلافا كثيرا.

ففي صحيح البخاري عن ابن عباس قال: (أقام النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره تسع عشرة يصلي ركعتين فنحن إذا أقمنا تسع عشرة نصلي ركعتين وإن زدنا على ذلك أتممنا) .

وظاهر كلام أحمد ان ابن عباس أراد مدة مقامه بمكة زمن الفتح فإنه قال: (أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثماني عشرة يوما من الفتح لانه أراد حنينا ولم يكن ثم أجمع المقام) وهذه إقامته التي رواها ابن عباس.

وقال غيره بل أراد ابن عباس مقامه بتبوك كما قال جابر ابن عبد الله: (أقام النبي صلى الله عليه وسلم بتبوك عشرين يوما يقصر

الصلاة) .

رواه الامام أحمد في مسنده ز وقال المسور بن مخرمة: (أقمنا مع سعد ببعض قرى الشام أربعين ليلة يقصرها سعد ونتمها) .

وقال نافع: (أقام ابن عمر بأذربيجان ستة أشهر يصلي ركعتين وقد حال الثلج بينه وبين الدخول) .

وقال حفص بن عبيد الله: (أقام أنس بن مالك بالشام سنتين يصلي صلاة المسافر) .

وقال أنس: أقام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم برام هرمز سبعة أشهر يقصرون الصلاة) .

وقال الحسن: (أقمت مع عبد الرحمن ابن سمرة بكابل سنتين يقصر الصلاة ولا يجمع) .

وقال إبراهيم: (كانوا يقيمون بالري السنة وأكثر من ذلك وسجستان السنتين) .

فهذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كما ترى وهو الصواب.

وأما مذهب الناس فقال الامام أحمد: إذا نوى إقامة أربعة أيام أتم وإن نوى دونها قصر.

وحمل هذه الاثار على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يجمعوا (1) الاقامة ألبتة بل كانوا يقولون اليوم نخرج غدا نخرج.

وفي هذا نظر لا يخفى، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة، وهي ما هي، وأقام فيها يؤسس قواعد

(1) يعزموا: يقصدوا.

ص: 286

الاسلام ويهدم قواعد الشرك ويمهد أمر ما حولها من العرب، ومعلوم قطعا أن هذا يحتاج إقامة أيام ولا يتأتى في يوم واحد ولا يومين، وكذلك إقامته بتبوك فإنه أقام ينتظر العدو، ومن المعلوم قطعا أنه كان بينه وبينهم عدة مراحل تحتاج إلى أيام وهو يعلم أنهم لا يوافقون في أربعة أيام، وكذلك إقامة عمر بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة من أجل الثلج.

ومن المعلوم أن مثل هذا الثلج لا يتحلل ويذوب في أربعة أيام بحيث تفتح الطريق، وكذلك إقامة أنس بالشام سنتين يقصر، وإقامة الصحابة برام هرمز سبعة أشهر يقصرون. ومن المعلوم أن مثل هذا الحصار والجهاد لا ينقضي في أربعة أيام.

وقد قال أصحاب أحمد: إنه لو أقام لجهاد عدو، أو حبس سلطان، أو مرض قصر، سواء غلب على ظنه انقضاء الحاجة في مدة يسيرة أو طويلة.

وهذا هو الصواب، لكن شرطوا فيه شرطا لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا عمل الصحابة، فقالوا شرط ذلك احتمال انقضاء حاجته في المدة التي لا تقطع حكم السفر وهي ما دون الاربعة الايام.

فقال من أين لكم هذا الشرط والنبي صلى الله عليه وسلم لما أقام زيادة على أربعة أيام يقصر الصلاة بمكة وبتبوك لم يقل لهم شيئا ولم يبين لهم أنه لم يعزم على إقامة أكثر من أربعة أيام وهو يعلم أنهم يقتدون به في صلاته، ويتأسون به في قصرها في مدة إقامته فلم يقل لهم حرفا واحدا لا تقصروا فوق إقامة أربع ليال، وبيان هذا من أهم المهمات، وكذلك اقتداء الصحابة به بعده ولم يقولوا لمن صلى معهم شيئا من ذلك.

وقال مالك والشافعي: إذا نوى إقامة أكثر من أربعة أيام أتم وإن نوى دونها قصر.

وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: إن نوى إقامة خمسة عشر يوما أتم وإن نوى دونها قصر.

وهو مذهب الليث بن سعد.

وروى عن ثلاثة من الصحابة عمر وابنه وابن عباس.

وقال سعيد بن المسيب: إذا أقمت أربعا فصل أربعا، وعنه كقول أبي حنيفة رحمه الله.

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه إن أقام عشرا أتم وهو رواية عن ابن عباس.

وقال الحسن: يقصر ما لم يقصر مصرا.

وقالت عائشة: يقصر ما لم يضع الزاد والمزاد.

والائمة الاربعة رضوان الله عليهم متفقون على أنه إذا أقام لحاجة ينتظر قضاءها يقول اليوم أخرج فإنه يقصر أبدا إلا الشافعي في أحد قوليه فإنه يقصر عنده إلى سبعة عشر أو ثمانية

ص: 287