الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العبادات على هذا النحو فهي سيئة، ومن ادعى أن ذلك ليس فيه تلحين فهو كاذب.
شروط الصلاة:
(1)
الشروط التي تتقدم الصلاة ويجب على المصلي أن يأتي بها بحيث لو ترك شيئا منها تكون صلاته باطلة هي:
(1)
العلم بدخول الوقت، ويكفي غلبة الظن، فمن تيقن أو غلب على ظنه دخول الوقت أبيحت له الصلاة، سواء كان ذلك باختيار الثقة، أو أذان المؤذن المؤتمن، أو الاجتهاد الشخصي أو أي سبب من الاسباب التي يحصل بها العلم.
(2)
الطهارة من الحدث الاصغر والاكبر لقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم، وأيديكم إلى المرافق، وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين، وإن كنتم جنبا فاطهروا) ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول)(2) رواه الجماعة إلا البخاري.
(3)
طهارة البدن والثوب والمكان الذي يصلى فيه من النجاسة الحسية، متى قدر على ذلك، فإن عجز عن إزالتها صلى معها، ولا إعادة عليه.
أما طهارة البدن فلحديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تنزهوا من البول، فإن عامة عذاب القبر منه) رواه الدارقطني وحسنه.
وعن علي رضي الله عنه قال: كنت رجلا مذاء فأمرت رجلا أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته، فسأل فقال:(توضأ واغسل ذكرك) رواه البخاري وغيره.
وروى أيضا عن عائشة، أنه صلى الله عليه وسلم قال للمستحاضة:
(1) الشرط ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم، كالوضوء للصلاة، فإنه يلزم من عدمه عدم الصلاة ولا يلزم من وجوده وجودها ولا عدمها.
(2)
(الغلول) : السرقة من الغنيمة قبل قسمتها.
(اغسلي الدم عنك وصلي) .
وأما طهارة الثوب، فلقوله تعالى:(وثيابك فطهر (1)) وعن جابر بن سمرة قال: سمعت رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أصلي في الثوب الذي آتي فيه أهلي؟ قال: (نعم إلا أن ترى فيه شيئا فتغسله) رواه أحمد وابن ماجه بسند رجاله ثقات، وعن معاوية قال:(قلت لام حبيبة: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في الثوب الذي يجامع فيه؟ قالت: نعم إذا لم يكن فيه أذى) رواه أحمد وأصحاب السنن، إلا الترمذي.
وعن أبي سعيد أنه صلى الله عليه وسلم صلى فخلع نعليه فخلع الناس نعالهم، فلما انصرف قال:(لم خلعتم) ؟ قالوا رأيناك خلعت فخلعنا، فقال:(إن جبريل أتاني فأخبرني أن بهما خبثا فإذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعليه ولينظر فيهما فإن رأى خبثا فليمسحه بالارض ثم ليصل فيهما) رواه أحمد وأبو داود والحاكم وابن حبان وابن خزيمة وصححه.
وفي الحديث دليل على أن المصلي إذا دخل في الصلاة وهو متلبس بنجاسة غير عالم بها أو ناسيا لها، ثم علم بها أثناء الصلاة، فإنه يجب عليه إزالتها ثم يستمر في صلاته ويبني على ما صلى، ولا إعادة عليه.
وأما طهارة المكان الذي يصلي فيه فلحديث أبي هريرة قال: قام أعرابي فبال في المسجد فقام إليه الناس ليقعوا به.
فقال صلى الله عليه وسلم: (دعوه وأريقوا على بوله سجلا من ماء، أو ذنوبا (1) من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) رواه الجماعة إلا مسلما.
قال الشوكاني - بعد أن ناقض أدلة القائلين باشتراط طهارة الثوب - إذا تقرر ما سقناه لك من الادلة، وما فيها، فاعلم أنها لا تقصر عن إفادة وجوب تطهير الثياب.
فمن صلى وعلى ثوبه نجاسة كان تاركا لواجب، وإما أن صلاته باطلة - كما هو شأن فقدان شرط الصحة - فلا.
وفي الروضة الندية: وقد ذهب الجمهور إلى وجوب تطهير الثلاثة: البدن، والثوب، والمكان للصلاة، وذهب جمع إلى أن ذلك شرط لصحة الصلاة، وذهب آخرون إلى أنه سنة.
والحق الوجوب، فمن صلى ملابسا لنجاسة عامدا فقد أخل بواجب، وصلاته صحيحة.
(1) سورة المدثر آية: 4.
(2)
السجل: هو الدلو إذا كان فيه ماء. والذنوب: الدلو العظيمة الممتلئة ماء.
(4)
سترة العورة: لقول الله تعالى: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد)(1) والمراد بالزينة ما يستر العورة، والمسجد: الصلاة، أي استروا عورتكم عند كل صلاة. وعن سلمة بن الاكوع رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله. أفأصلي في القميص؟ قال: (نعم زرره ولو بشوكة) رواه البخاري في تاريخ وغيره.
حد العورة من الرجل:
العورة التي يجب على الرجل سترها عند الصلاة، القبل والدبر، أما ما عداهما من الفخذ والسرة والركبة فقد اختلفت فيها الانظار تبعا لتعارض الاثار فمن قائل بأنها ليست عورة ومن ذاهب إلى أنها عورة.
حجة من يرى أنها ليست عورة:
استدل القائلون بأن السرة والفخذ والركبة ليست بعورة بهذه الاحاديث:
1 -
عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسا كاشفا عن فخذه، فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على حاله، ثم استأذن عمر فأذن له، وهو على حاله ثم استأذن عثمان فأرخى عليه ثيابه. فلما قاموا قلت: يا رسول الله استأذن أبو بكر وعمر فأذنت لهما.
وأنت على حالك، فلما استأذن عثمان أرخيت عليك ثيابك؟ فقال:(يا عائشة ألا أستحي من رجل والله إن الملائكة لتستحي منه) رواه أحمد، وذكره البخاري تعليقا.
2 -
وعن أنس: (أن النبي صلى الله عليه وسلم يوخ خيبر حسر الازار عن فخذه، حتى إني لانظر إلى بياض فخذه) رواه أحمد والبخاري.
قال ابن حزم: فصح أن الفخذ ليست عورة، ولو كانت عورة لما كشفها الله عز وجل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم المطهر المعصوم من الناس، في حال النبوة والرسالة ولا أراها أنس بن مالك ولا غيره، وهو تعالى قد عصمه من كشف العورة، في حال الصبا وقبل النبوة، ففي الصحيحين عن جابر، أن
(1) سورة الاعراف آية: 31.
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينقل معهم الحجارة للكعبة وعليه إزاره، فقال له عمه العباس: يا ابن أخي لو حللت إزارك فجعلته على منكبك دون الحجارة؟ قال فحله وجعله على منكبه فسقط مغشيا عليه، فما رئي بعد ذلك اليوم عريانا.
3 -
وعن مسلم عن أبي العالية البراء قال: إن عبد الله ابن الصامت ضرب فخذي وقال: إني سألت أبا ذر فضرب فخذي كما ضربت فخذك وقال: إني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فضرب فخذي كما ضربت فخذك وقال: (صل الصلاة لوقتها) إلى آخر الحديث.
قال ابن حزم: فلو كانت الفخذ عورة لما مسها رسول الله، من أبي ذر أصلا بيده المقدسة؟ ولو كانت الفخذ عورة عند أبي ذر، لما ضرب عليها بيده، وكذلك عبد الله بن الصامت وأبو العالية.
وما يستحل لمسلم أن يضرب بيده على قبل إنسان، على الثياب ولا على حلقة دبر إنسان على الثياب، ولا على بدن امرأة أجنبية على الثياب، البتة.
4 -
ثم ذكر ابن حزم بإسناده إلى حبير بن الحويرث، أنه نظر إلى فخذ أبي بكر وقد انكشفت، وأن أنس بن مالك أتى قس بن شماس، وقد حسر عن فخذيه.
حجة من يرى أنها عورة:
واستدل القائلون بأنها عورة بهذين الحديثين:
1 -
عن محمد بن جحش قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على معمر، وفخذاه مكشوفتان فقال (يا معمر غط فخذيك فإن الفخذين عورة) رواه أحمد والحاكم والبخاري في تاريخه، وعلقه في صحيحه.
2 -
وعن جرهد قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي بردة وقد انكشفت فخذي فقال: (غط فخذيك فإن الفخذ عورة) رواه مالك وأحمد وأبو داود والترمذي وقال: حسن: وذكره البخاري في صحيحه معلقا.
هذا هو ما استدل به كل من الفريقين، وللناظر في هذا أن يختار أي الرأيين، وإن كان الاحوط في الدين أن يستر المصلي ما بين سرته وركبته ما أمكن ذلك.
قال البخاري: حديث أنس أسند، وحديث جرهد أحوط: أي حديث أنس المتقدم أصح إسنادا.
حد العورة من المرأة:
بدن المرأة كله عورة يجب عليها ستره، ما عدا الوجه والكفين قال الله تعالى (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) ، أي ولا يظهرن مواضع الزينة، إلا الوجه والكفين، كما جاء ذلك صحيحا عن ابن عباس وابن عمر وعائشة، وعنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقبل الله صلاة حائض (1) إلا بخمار) رواه الخمسة إلا النسائي، وصححه ابن خزيمة والحاكم وقال الترمذي: حديث حسن.
وعن أم سلمة: أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أتصلي المرأة في درع (2) وخمار بغير إزار؟ قال: (إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها) رواه أبو داود وصحح الائمة وقفه (3) .
وعن عائشة أنها سئلت. (في كم تصلي المرأة من الثياب، فقالت للسائل: سل علي بن أبي طالب ثم ارجع إلي فأخبرني، فأتى عليا فسأله فقال: في الخمار والدرع السابغ. فرجع إلى عائشة فأخبرها فقالت: صدق) .
ما يجب من الثياب وما يستحب منها:
الواجب من الثياب ما يستر العورة، وإن كان الساتر ضيقا يحدد العورة، فإن كان خفيفا يبين لون الجلد من ورائه فيعلم بياضه أو حمرته لم تجز الصلاة فيه، ويجوز الصلاة في الثوب الواحد، كما تقدم في حديث سلمة بن الاكوع، وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الصلاة في ثوب واحد فقال:(أو لكلكم ثوبان؟) رواه مسلم ومالك وغيرهما.
(1)(الحائض) : أي البالغة، والخمار غطاء الرأس.
(2)
الدرع القميص.
(3)
صحح الائمة وقفه لانه ليس من كلام أم سلمة ومثل هذا له حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
ويستحب أن يصلي في ثوبين أو أكثر، وأن يتجمل ويتزين ما أمكن ذلك.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا صلى أحدكم (1) فليلبس ثوبيه، فإن الله أحق من تزين له، فإن لم يكن له ثوبان فليتزر إذا صلى، ولا يشتمل أحدكم في صلاته اشتمال اليهود) رواه الطبراني والبيهقي.
وروى عبد الرازق: (أن أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود اختلفا فقال أبي: الصلاة في الثوب الواحد غير مكروهة وقال ابن مسعود: إنما كان ذلك وفي الثياب قلة.
فقام عمر على المنبر فقال: القول ما قال أبي ولم يأل (2) ابن مسعود، إذا وسع الله فأوسعوا: جمع رجل عليه ثيابه، صلى رجل في إزار ورداء، في إزار وقميص.
في إزار وقباء، في سراويل ورداء، في سراويل وقميص، في سراويل وقباء، في تبان وقباء، في تبان وقميص قال وأحسبه قال: في تبان ورداء، وهو في البخاري بدون ذكر السبب.
وعن بريدة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل في لحاف (3) واحد لا يتوشح به، ونهى أن يصلي الرجل في سراويل وليس عليه رداء. رواه أبو داود والبيهقي.
وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما: أنه كان إذا قام إلى الصلاة لبس أجود ثيابه فسئل عن ذلك فقال: إن الله جميل يحب الجمال فأتجمل لربي، وهو يقول:(خذوا زينتكم عند كل مسجد) .
كشف الرأس في الصلاة:
روى ابن عساكر عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ربما نزع قلنسوته فجعلها سترة بين يديه.
وعند الحنفية أنه لا بأس بصلاة الرجل حاسر الرأس، واستحبوا ذلك إذا كان للخشوع.
ولم يرد دليل بأفضلية تغطية الرأس في الصلاة.
(5)
استقبال القبلة: اتفق العلماء على أنه يجب على المصلي أن يستقبل المسجد الحرام عند الصلاة.
لقول الله تعالى: (فول وجهك شطر المسجد
(1)(إذا صلى أحدكم) أي أراد أن يصلي.
(2)
(يأل) : أي يقصر. (والقباء) : القفطان. (والتبان) سراويل من جلد ليس له رجلان، وهو لبس المصارعين.
(3)
(في لحاف) أي في ثوب يلتحف به.
الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره) (1) وعن البراء قال: صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا نحو بيت المقدس ثم صرفنا نحو الكعبة) رواه مسلم.
حكم المشاهد للكعبة، وغير المشاهد لها:
المشاهد للكعبة يجب عليه أن يستقبل عينها، والذي لا يستطيع مشاهدتها يجب عليه أن يستقبل جهتها، لان هذا هو المقدور عليه، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما بين المشرق والمغرب قبلة) رواه ابن ماجه والترمذي وقال: حسن صحيح، وقرأه البخاري، هذا بالنسبة لاهل المدينة، ومن جرى مجراهم كأهل الشام والجزيرة والعراق.
وأما أهل مصر فقبلتهم بين المشرق والجنوب، وأما اليمن فالمشرق يكون عن يمين المصلي والمغرب عن يساره، والهند يكون المشرق خلف المصلي والمغرب أمامه. وهكذا.
بم تعرف القبلة؟
كل بلد له أدلة تختص به يعرف بها القبلة.
ومن ذلك المحاريب التي نصبها المسلمون في المساجد، وكذلك بيت الابرة (البوصلة) .
حكم من خفيت عليه:
من خفيت عليه أدلة القبلة، لغيم أو ظلمة مثلا وجب عليه أن يسأل من يدله عليها، فإن لم يجد من يسأله اجتهد وصلى إلى الجهة التي إليها اجتهاده، وصلاته صحيحة ولا اعادة عليه، حتى ولو تبين له خطؤة بعد الفراغ من الصلاة، فإن تبين له الخطأ أثناء الصلاة استدار إلى القبلة ولا يقطع صلاته.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: بينما الناس بقباء في صلاة الصبح، إذ جاءهم آت فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الله قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها.
وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة، متفق عليه.
ثم إذا صلى بالاجتهاد إلى جهة لزمه إعادة الاجتهاد إذا أراد
(1) سورة البقرة آية 144.