الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي الصحيحين عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بامرأة عند قبر تبكي على صبي لها، فقال لها:" اتقي الله، واصبري "، فقالت: وما تبالي بمصيبتي.
فلما ذهب قيل لها: إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذها مثل الموت، فأتت بابه، فلم تجد على بابه بوابين، فقالت: يارسول الله، لم أعرفك.
فقال: " إنما الصبر عند الصدمة الاولى.
" ووجهة الاستدلال أن الرسول صلى الله عليه وسلم رآها عند القبر فلم ينكر عليها ذلك.
ولان الزيارة من أجل التذكير بالاخرة، وهو أمر يشترك فيه الرجال والنساء، وليس الرجال بأحوج إليه منهن.
وكره قوم الزيارة لهن لقلة صبرهن وكثرة جزعهن، ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لعن الله زوارات القبور " رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه.
قال القرطبي: اللعن المذكور في الحديث إنما هو للمكثرات من الزيارة لما تقتضيه الصيغة من المبالغة.
ولعل السبب ما يفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج والتبرج.
وما ينشأ من الصياح، ونحو ذلك.
وقد يقال: إذا أمن جميع ذلك فلا مانع من الاذن لهن، لان تذكر الموت يحتاج إليه الرجال والنساء.
قال الشوكاني - تعليقا على كلام القرطبي -: وهذا الكلام هو الذي ينبغي اعتماده في الجمع بين أحاديث الباب المتعارضة في الظاهر.
الأعمال التي تنفع الميت وهل يجوز إهداء الثواب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
؟
من المتفق عليه: أن الميت ينتفع بما كان سببا فيه من أعمال البر في حياته، لما رواه مسلم وأصحاب السنن عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له " وروى ابن ماجه عنه: أنه صلى الله عليه وسلم قال: " إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته، علما علمه ونشره، أو ولدا صالحا تركه أو مصحفا ورثه. أو مسجدا بناه، أو بيتا بناه
لابن السبيل أو نهرا أكراه أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته، تلخه من بعد موته.
" وروى مسلم عن جرير بن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من سن في الاسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم، ومن سن في الاسلام سنة سيئة كان عليه وزرها، ووزر من يعمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شئ "
أما ما ينتفع به من أعمال البر الصادرة عن غيره فبيانها فيما يلي:
1 -
الدعاء والاستغفار له، وهذا مجمع عليه لقول الله تعالى:(والذين جاؤا من بعدهم يقولون: ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم)، وتقدم قول الرسول صلى الله عليه وسلم:" إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء " وحفظ من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم اغفر لحينا وميتنا " ولا زال السلف والخلف يدعون للاموات ويسألون لهم الرحمة والغفران دون إنكار من أحد.
2 -
الصدقة: وقد حكى النووي الاجماع على أنها تقع عن الميت ويصله ثوابها سواء كانت من ولد أو غيره، لما رواه أحمد ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة: أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أبي مات وترك مالا ولم يوص، فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه؟ قال:" نعم ".
وعن الحسن عن سعد بن عبادة أن امه ماتت.
فقال: يارسول الله: إن أمي ماتت، أفأتصدق عنها؟ قال:" نعم ".
قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: " سقي الماء " قال الحسن: فتلك سقاية آل سعد بالمدينة.
رواه أحمد والنسائي وغيرهما.
ولا يشرع إخراجها عند المقابر، ويكره إخراجها مع الجنازة.
3 -
الصوم: لما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس قال: جاء رجل
إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ قال: " لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها "؟ قال: نعم.
قال: " فدين الله أحق أن يقضى ".
4 -
الحج: لما رواه البخاري عن ابن عباس: أن امرأة من جهينة جاءت
إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها؟ قال: " حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين، أكنت قاضيته؟ اقضوا فالله أحق بالقضاء ".
5 -
الصلاة: لما رواه الدارقطني أن رجلا قال: يارسول الله، إنه كان لي أبوان أبرهما في حال حياتهما فكيف لي ببرهما بعد موتهما؟ فقال صلى الله عليه وسلم:" إن من البر بعد الموت أن تصلي لهما مع صلاتك، وأن تصوم لهما مع صيامك ".
6 -
قراءة القرآن: وهذا رأي الجمهور من أهل السنة.
قال النووي: المشهور من مذهب الشافعي: أنه لا يصل.
وذهب أحمد بن حنبل وجماعة من أصحاب الشافعي إلى أنه يصل.
فالاختيار أن يقول القارئ بعد فراغه: اللهم أوصل مثل ثواب ما قرأته إلى فلان.
وفي المغني لابن قدامة: قال أحمد بن حنبل، الميت يصل إليه كل شئ من الخير، للنصوص الواردة فيه، ولان المسلمين يجتمعون في كل مصر ويقرءون ويهدون لموتاهم من غير نكير، فكان إجماعا.
والقائلون بوصول ثواب القراءة إلى الميت، يشترطون أن لا يأخذ القارئ على قراءته أجرا.
فإن أخذ القارئ أجرا على قراءته حرم على المعطي والاخذ ولا ثواب له على قراءته، لما رواه أحمد والطبراني والبيهقي عن عبد الرحمن
ابن شبل: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اقرءوا القرآن، واعملوا
…
ولا تجفوا عنه ولا تغفلوا فيه، ولا تأكلوا به ولا تستكثروا به ".
قال ابن القيم: والعبادات قسمان: مالية وبدنية، وقد نبه الشارع بوصول ثواب الصدقة على وصول سائر العبادات المالية، ونبه بوصول ثواب الصوم على وصول سائر العبادات البدنية، وأخبر بوصول ثواب الحج المركب من المالية والبدنية، فالانواع الثلاثة ثابتة بالنص والاعتبار.
اشتراط النية ولابد من نية الفعل على الميت.
قال ابن عقيل: إذا فعل طاعة من