الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال مالك، وابن المنذر: لايجزئهما، لان الاحرام العقد تطوعا، فلا
ينقلب فرضا.
حج المرأة:
يجب على المرأة الحج، كما يجب على الرجل، سواء بسواء، إذا استوفت شرائط الوجوب التي تقدم ذكرها، ويزاد عليها بالنسبة للمرأة أن يصحبها زوج أو محرم (1) .
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم فقام رجل، فقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة وكذا وكذا فقال: " انطلق فحج (2) مع امرأتك " رواه البخاري ومسلم، واللفظ لمسلم.
وعن يحيى بن عباد قال: كتبت امرأة من أهل الري إلى إبراهيم النخعي: إني لم أحج حجة الاسلام، وأنا موسرة، ليس لي ذو محرم، فكتب إليها:" إنك ممن لم يجعل الله له سبيلا ".
وإلى اشتراط هذا الشرط، وجعله من جملة الاستطاعة، ذهب أبو حنيفة وأصحابه، والنخعي، والحسن، والثوري، وأحمد، وإسحق.
قال الحافظ: والمشهور عند الشافعية اشتراط الزوج أو المحرم أو النسوة الثقات، وفي قول: تكفي امرأة واحدة ثقة، وفي قول - نقله الكرابيسي وصححه في المهذب - تسافر وحدها، إذا كان الطريق آمنا.
وهذا كله في الواجب من حج أو عمرة.
(1) قال الحافظ في الفتح: وضابط المحرم عند العلماء: من حرم عليه نكاحها على التأبيد بسبب مباح لحرمتها، فخرج بالتأبيد: أخت الزوجة وعمتها، وبالمباح: أم الموطوءة بشبهة وبنتها، وبحرمتها: الملاعنة.
(2)
هذا الامر للندب، فإنه لا يلزم الزوج أو المحرم السفر مع المرأة، إذا لم يوجد غيره، لما في الحج من المشقة، ولانه لا يجب على أحد بذل منافع نفسه، ليحصل غيره ما يجب عليه.
وفي " سبل السلام ": قال جماعة من الائمة: يجوز للعجوز السفر من غير محرم.
وقد استدل المجيزون لسفر المرأة من غير محرم ولازوج - إذا وجدت رفقة مأمونة، أو كان الطريق آمنا - بماروه البخاري عن عدي بن حاتم قال:" بينا أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل، فقال: " يا عدي هل رأيت الحيرة (1) " قال: قلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها.
قال: " فإن طالت بك حياة لترين الظعينة (2) ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف إلا الله ".
واستدلوا أيضا بأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم حججن بعد أن أذن لهن عمر في آخر حجة حجها، وبعث معهن عثمان بن عفان، وعبد الرحمن ابن عوف.
وكان عثمان ينادي: ألا لا يدنو أحد منهن، ولا ينظر إليهن، وهن في الهوادج على الابل.
وإذا خالفت المرأة وحجت، دون أن يكون معها زوج أو محرم، صح حجها.
وفي سبل السلام قال ابن تيمية: إنه يصح الحج من المرأة بغير محرم، ومن غير المستطيع.
وحاصله: أن من لم يجب عليه الحج لعدم الاستطاعة، مثل المريض، والفقير، والمعضوب، والمقطوع طريقه، والمرأة بغير محرم، وغير ذلك، إذا تكلفوا شهود المشاهد، أجزأهم الحج.
ثم منهم من هو محسن في ذلك، كالذي يحج ماشيا، ومنهم من هو مسئ في ذلك، كالذي يحج بالمسألة، والمرأة تحج بغير محرم.
وإنما أجزأهم، لان الاهلية تامة، والمعصية إن وقعت، في الطريق، لا في نفس المقصود.
(1)" الحيرة " قرية قريبة من الكوفة.
(2)
" الظعينة " أي الهودج فيه امرأة أم لا - اه.
قاموس.
وفي المغني: لو تجشم غير المستطيع المشقة، سار بغير زاد وراحلة فحج، كان حجه صحيحا مجزئا.
استئذان المرأة زوجها: يستحب للمرأة أن تستأذن زوجها في الخروج إلى الحج الفرض، فإن أذن لها خرجت، وإن لم يأذن لها خرجت بغير إذنه، لانه ليس للرجل منع امرأته من حج الفريضة، لانها عبادة وجبت عليها، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ولها أن تعجل به لتبرئ ذمتها، كمالها أن تصلي أول الوقت، وليس له منعها، ويليق به الحج المنذور، لانه واجب عليه كحجة الاسلام.
وأما حج التطوع فله منعها منه.
لما رواه الدارقطني عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة كان لها زوج ولها مال، فلا يأذن لها في الحج - قال:" ليس لها أن تنطلق إلا بإذن زوجها ".
من مات وعليه حج من مات وعليه حجة الاسلام، أو حجة كان قد نذرها وجب على وليه أن
يجهز من يحج عنه من ماله، كما أن عليه قضاء ديونه.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما ان امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ان أمي نذرت أن تحج ولم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: " نعم، حجي عنها.
أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء " رواه البخاري.
وفي الحديث دليل على وجوب الحج عن الميت، سواء أوصى أم لم يوص، لان الدين يجب قضاؤه مطلقا، وكذا سائر الحقوق المالية من كفارة، أو زكاة، أو نذر.
وإلى هذا ذهب ابن عباس، وزيد بن ثابت، وأبو هريرة، والشافعي، ويجب إخراج الاجرة من رأس المال عندهم.
وظاهر أنه يقدم على دين الآدمي إذا كانت التركة لا تتسع للحج والدين،
لقوله صلى الله عليه وسلم: " فالله أحق بالوفاء ".
وقال مالك: إنما يحج عنه إذا أوصى.
أما إذا لم يوص فلا يحج عنه، لان الحج عبادة غلب فيه جانب البدنية، فلا يقبل النيابة.
وإذا أوصى حج من الثلث.
لحج عن الغير من استطاع السبيل إلى الحج ثم عجز عنه، بمرض أو شيخوخة، لزمه إحجاج غيره عنه، لانه أيس من الحج بنفسه لعجزه، فصار كالميت فينوب عنه غيره.
ولحديث الفضل بن عباس: أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله،
إن فريضة الله على عباده في الحج، أدركت أبي شيخا كبيرا لايستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال:" نعم " وذلك في حجة الوداع: رواه الجماعة، وقال الترمذي: حسن صحيح.
وقال الترمذي أيضا: وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب غير حديث، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، يرون أن يحج عن الميت.
وبه يقول الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحق.
وقال مالك: إذا أوصى أن يحج عنه، حج عنه.
وقد رخص بعضهم أن يحج عن الحي إذا كان كبيرا وبحال لا يقدر أن يحج، وهو قول ابن المبارك والشافعي.
(1)
وفي الحديث دليل على أن المرأة يجوز لها أن تحج عن الرجل والمرأة، والرجل يجوز له أن يحج عن الرجل والمرأة، ولم يأت نص يخالف ذلك.
إذا عوفي المعضوب (2) إذا عوفي المريض بعد أن حج عنه نائبه فإنهيسقط الفرض عنه ولا تلزمه
(1) وهذا قول أحمد والاحناف.
(1)
" المعضوب " الزمن الذي لاحراك له.
الاعادة، لئلا تقضي إلى إيجاب حجتين، وهذا مذهب أحمد.
وقال الجمهور: لايجزئه، لانه تبين أنه لم يكن ميئوسا منه، وأن العبرة بالانتهاء.
ورجح ابن حزم الرأي الاول، فقال: إذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالحج عمن لايستطيع الحج، راكبا، ولا ماشيا، وأخبر أن دين الله يقضى
عنه، فقد تأدى الدين بلاشك وأجزأ عنه.
وبلا شك إن ما سقط وتأدى فلا يجوز أن يعود فرضه بذلك إلا بنص.
ولا نص ههنا أصلا بعودته.
ولو كان ذلك عائدا لبين عليه الصلاة والسلام ذلك.
إذ قد يقوى الشيخ فيطيق الركوب.
فإذا لم يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فلا يجوز عودة الفرض عليه بعد صحة تأديته عنه.
شرط الحج عن الغير يشترط فيمن يحج عن غيره، أن يكون قد سبق له الحج عن نفسه.
لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: لبيك عن شبرمة، فقال: أحججت عن نفسك؟ قال: لا.
قال: " فحج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة " رواه أبو داود، وابن ماجه.
قال البيهقي: هذا إسناد صحيح ليس في الباب أصح منه.
قال ابن تيمية: إن أحمد حكم - في رواية ابنه صالح عنه - أنه مرفوع على أنه وإن كان موقوفا فليس لابن عباس فيه مخالف.
وهذا قول أكثر أهل العلم: أنه لا يصح أن يحج عن غيره من لم يحج عن نفسه مطلقا، مستطيعا كان أولا، لان ترك الاستفصال، والتفريق في حكاية الاحوال، دال على العموم.