الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن أبي جحيفة قال: آخى النبي صلى الله عليه وسلم، بين سلمان، وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء متبذلة، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء، ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء، فصنع له طعاما، فقال: كل فإني صائم، فقال: ما أنا بآكل حتى تأكل، فأكل، فلما كان الليل، وذهب أبو الدرداء يقوم قال: نم، فنام، ثم ذهب.
فقال: نم، فلما كان في آخر الليل، قال: قم الان، فصليا، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولاهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه.
فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدق سلمان.
رواه البخاري، والترمذي.
3 -
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما، فأتاني هو وأصحابه، فلما وضع الطعام، قال رجل من القوم: إني صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" دعاكم أخوكم وتكلف لكم " ثم قال: " أفطر، وصم يوما مكانه، إن شئت ".
رواه البيهقي بإسناد حسن، كما قال الحافظ.
وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى جواز الفطر، لمن صام متطوعا، واسحبوا له قضاء ذلك اليوم، استدلالا بهذه الاحاديث الصحيحة الصريحة.
آداب الصيام
يستحب للصائم أن يراعي في صيامه الاداب الاتية:
(1)
السحور: وقد أجمعت الامة على استحبابه، وأنه لا إثم على من تركه، فعن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " تسحروا فإن في السحور (1) بركة ".
رواه البخاري، ومسلم.
وعن المقدام بن معد يكرب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " عليكم
(1) السحور بالفتح المأكول، وبالضم المصدر والفعل.
بهذا السحور، فإنه هو الغذاء المبارك ".
رواه النسائي، بسند جيد.
وسبب البركة: أنه يقوي الصائم، وينشطه، ويهون عليه الصيام.
بم يتحقق: ويتحقق السحور بكثير الطعام وقليله، ولو بجرعة ماء.
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " السحور بركة، فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة ماء، فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين ".
رواه أحمد.
وقته: وقت السحور من منتصف الليل إلى طلوع الفجر، والمستحب تأخيره.
فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: تسحرنا مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم، ثم قمنا إلى الصلاة، قلت: كم كان قدر ما بينهما:؟ قال: خمسين آية.
رواه البخاري، ومسلم.
وعن عمرو بن ميمون قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أعجل الناس إفطارا وأبطأهم سحورا.
رواه البيهقي بسند صحيح.
وعن أبي ذر الغفاري رضي الله مرفوعا: " لا تزال أمتي بخير، ما عجلوا الفطر، وأخروا السحور ".
وفي سنده سليمان بن أبي عثمان، وهو مجهول.
الشك في طلوع الفجر: ولو شك في طلوع الفجر، فله أن يأكل، ويشرب، حتى يستيقن طلوعه، ولا يعمل بالشك، فإن الله عز وجل جعل نهاية الاكل والشرب التبين نفسه، لا الشك، فقال:" وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر ".
وقال رجل لابن عباس رضي الله عنهما: إني أتسحر فإذا شككت أمسكت، فقال ابن عباس: كل، ما شككت حتى لا تشك.
وقال أبو داود، قال أبو عبد الله (1) :" إذا شك في الفجر يأكل حى يستيقن طلوعه ".
وهذا مذهب ابن عباس، وعطاء، والاوزاعي، وأحمد.
وقال النووي: وقد اتفق أصحاب الشافعي على جواز الاكل للشاك في طلوع الفجر.
(2)
تعجيل الفطر: ويستحب للصائم أن يعجل الفطر، متى تحقق غروب الشمس.
فعن سهل بن سعد: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يزال الناس بخير، ما عجلوا الفطر ".
رواه البخاري ومسلم.
وينبغي أن يكون الفطر على رطبات وترا، فإن لم يجد فعلى الماء.
فعن أنس رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن فعلى تمرات، فإن لم تكن، حسا حسوات (2) من ماء ".
رواه أبو داود، والحاكم وصححه، والترمذي وحسنه.
وعن سليمان بن عامر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا كان أحدكم صائما، فليفطر على التمر، فإن لم يجد التمر فعلى الماء، فإن الماء طهور ".
رواه أحمد، والترمذي، وقال: حسن صحيح.
وفي الحديث دليل على أنه يستحب الفطر قبل صلاة المغرب بهذه الكيفية، فإذا صلى تناول حاجته من الطعام بد ذلك، إلا إذا كان الطعام موجودا، فإنه يبدأ به، قال أنس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا قدم العشاء فابدءوا به قبل صلاة المغرب، ولا تعجلوا عن عشائكم ".
رواه الشيخان.
(3)
الدعاء عند الفطر وأثناء الصيام: روى ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد ".
وكان عبد الله إذا أفطر
(1) هو أحمد بن حنبل.
(2)
" حسا " أي شرب.
يقول: " اللهم إني أسألك - برحمتك التي وسعت كل شئ - أن تغفر لي ".
وثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول: " ذهب الظمأ، وابتلت
العروق، وثبت الاجر إن شاء الله تعالى ".
وروي مرسلا: أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول: " اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت ".
وروى الترمذي - بسند حسن - أنه صلى الله عليه وسلم قال: " ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر (1) ، والامام العادل، والمظلوم ".
(4)
الكف عما يتنافى مع الصيام: الصيام عبادة من أفضل القربات، شرعه الله تعالى ليهذب النفس، ويعودها الخير.
فينبغي أن يتحفظ الصائم من الاعمال التي تخدش صومه، حتى ينتفع بالصيام، وتحصل له التقوى التي ذكرها الله في قوله:" يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ".
وليس الصيام مجرد إمساك عن الاكل والشرب، وإنما هو إمساك عن الاكل، والشرب، وسائر ما نهى الله عنه.
فعن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ليس الصيام من الاكل والشرب، إنما الصيام من اللغو، والرفث، فإن سابك أحد، أو جهل عليك، فقل إني صائم، إني صائم ".
رواه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم.
وروى الجماعة - إلا مسلما - عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من لم يدع (2) قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه (3) ".
(1) يستفاد منه استحباب الدعاء طول مدة الصيام.
(2)
" يدع " أي يترك.
(3)
أي ليس لله إرادة في قبول صيامه، أي إن الله لا يقبل صيامه.
وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر ".
رواه النسائي، وابن ماجه والحاكم، وقال: صحيح على شرط البخاري.
(5)
السواك: ويستحب للصائم أن يتسوك أثناء الصيام، ولا فرق بين أول النهار وآخره.
قال الترمذي: " ولم ير الشافعي بالسواك، أول النهار وآخره بأسا ".
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتسوك، وهو صائم.
وتقدم ذلك في هذا الكتاب فليرجع إليه.
(6)
الجود ومدارسة القرآن: الجود ومدارسة القرآن مستحبان في كل وقت، إلا أنهما آكد في رمضان.
روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة (1) .
(7)
الاجتهاد في العبادة في العشر الاواخر من رمضان:
1 -
روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: " كان إذا دخل العشر الاواخر أحيى الليل، وأيقظ أهله، وشد المئزر ".
وفي رواية لمسلم: " كان يجتهد في العشر الاواخر ما لا يجتهد في غيره ".
2 -
وروى الترمذي وصححه، عن علي رضي الله عنه قال:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوقظ أهله في العشر الاواخر، ويرفع المئزر ".
(1) أي في الاسراع والعموم.