المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شروط وجوب الحج: - فقه السنة - جـ ١

[سيد سابق]

فهرس الكتاب

- ‌عموم الرسالة:

- ‌الغاية منها:

- ‌التشريع الاسلامي أو الفقه:

- ‌الطهارة

- ‌المياه وأقسامها

- ‌الماء المطلق

- ‌ الماء المستعمل

- ‌ الماء الذي خالطه طاهر

- ‌ الماء الذي لاقته النجاسة

- ‌السؤر:

- ‌النجاسة:

- ‌(1) الميتة:

- ‌2 - الدم:

- ‌3 - لحم الخنزير:

- ‌4، 5، 6 - قئ الادمي وبوله ورجيعه:

- ‌7 - الودي:

- ‌8 - المذي:

- ‌9 - المني:

- ‌10 - بول وروث ما لا يؤكل لحمه:

- ‌11 - الجلّالة:

- ‌(12) الخمر:

- ‌(13) الكلب:

- ‌تطهير الأرض:

- ‌تطهير السمن ونحوه:

- ‌‌‌تطهير جلد الميتة:

- ‌تطهير جلد الميتة:

- ‌‌‌تطهير المرآة ونحوها:

- ‌تطهير المرآة ونحوها:

- ‌‌‌تطهير النعل:

- ‌تطهير النعل:

- ‌قضاء الحاجة:

- ‌سنن الفطرة:

- ‌1 - الختان:

- ‌4، 5 - تقليم الاظافر وقص الشارب أو إحفاؤه

- ‌6 - إعفاء اللحية

- ‌7 - إكرام الشعر

- ‌8 - ترك الشيب وإبقاؤه

- ‌9 - تغيير الشيب بالحناء والحمرة والصفرة ونحوها

- ‌10 - التطيب بالمسك وغيره من الطيب

- ‌الوضوء:

- ‌سنن الوضوء:

- ‌نواقض الوضوء:

- ‌ما لا ينقض الوضوء:

- ‌ما يجب له الوضوء:

- ‌ما يستحب له:

- ‌المسح على الخفين:

- ‌الغسل:

- ‌يجب الغسل لأمور خمسة:

- ‌ما يحرم على الجنب:

- ‌الأغسال المستحبة:

- ‌(1) غسل الجمعة:

- ‌(2) غسل العيدين:

- ‌(3) غسل من غسل ميت

- ‌(4) غسل الإحرام:

- ‌(5) غسل دخول مكة:

- ‌(6) غسل الوقوف بعرفة:

- ‌‌‌أركان الغسل

- ‌أركان الغسل

- ‌سننه:

- ‌غسل المرأة:

- ‌مسائل تتعلق بالغسل:

- ‌التيمم:

- ‌المسح على الجبيرة ونحوها:

- ‌الحيض:

- ‌النفاس:

- ‌ما يحرم على الحائض والنفساء:

- ‌الاستحاضة:

- ‌الصلاة:

- ‌منزلتها في الاسلام:

- ‌حكم ترك الصلاة:

- ‌مناظرة في تارك الصلاة:

- ‌صلاة الصبي:

- ‌عدد الفرائض:

- ‌مواقيت الصلاة:

- ‌غاية الابراد

- ‌استحباب تأخير صلاة العشاء عن أول وقتها:

- ‌النوم عن الصلاة أو نسيانها:

- ‌الأوقات المنهي عن الصلاة فيها:

- ‌التطوع أثناء الإقامة:

- ‌الاذان:

- ‌شروط الصلاة:

- ‌كيفية الصلاة:

- ‌فرائض الصلاة:

- ‌سنن الصلاة:

- ‌هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في القراءة بعد الفاتحة:

- ‌ما يستحب أثناء القراءة:

- ‌مواضع الجهر والاسرار بالقراءة:

- ‌القراءة خلف الإمام:

- ‌التطوع:

- ‌قيام الليل:

- ‌صلاة الضحى:

- ‌صلاة الاستخارة:

- ‌صلاة التسبيح:

- ‌صلاة الحاجة:

- ‌صلاة التوبة:

- ‌صلاة الكسوف:

- ‌صلاة الاستسقاء:

- ‌سجود التلاوة:

- ‌سجدة الشكر:

- ‌سجود السهو:

- ‌صلاة الجماعة:

- ‌موقف الإمام والمأموم:

- ‌المساجد:

- ‌المواضع المنهى عن الصلاة فيها:

- ‌السترة أمام المصلي:

- ‌(ما يباح في الصلاة) :

- ‌مكروهات الصلاة:

- ‌مبطلات الصلاة:

- ‌صلاة المريض:

- ‌صلاة الخوف:

- ‌صلاة الطالب والمطلوب:

- ‌صلاة السفر:

- ‌الجمع بين الصلاتين:

- ‌الصلاة في السفينة والقاطرة والطائرة:

- ‌أدعية السفر:

- ‌الجمعة:

- ‌وجوب صلاة الجمعة:

- ‌من تجب عليه ومن لا تجب عليه:

- ‌خطبة الجمعة:

- ‌قطع الإمام الخطبة للأمر يحدث:

- ‌حرمة الكلام أثناء الخطبة:

- ‌صلاة العيدين:

- ‌الزكاة

- ‌زكاة النقدين:

- ‌ضم النقدين:

- ‌زكاة الحلى:

- ‌زكاة التجارة:

- ‌زكاة الزروع والثمار

- ‌زكاة الحيوان:

- ‌زكاة الابل:

- ‌زكاة البقر

- ‌زكاة الغنم

- ‌حكم الأوقاص:

- ‌ما لا يؤخذ في الزكاة:

- ‌زكاة غير الأنعام:

- ‌زكاة الفصلان والعجول والحملان

- ‌ما جاء في الجمع والتفريق:

- ‌زكاة الركاز والمعدن

- ‌المال المستفاد:

- ‌وجوب الزكاة في الذمة لا في عين المال

- ‌هلاك المال بعد وجوب الزكاة وقبل الأداء:

- ‌ضياع الزكاة بعد عزلها

- ‌تأخير الزكاة لا يسقطها:

- ‌دفع القيمة بدل العين:

- ‌الزكاة في المال المشترك

- ‌الفرار من الزكاة

- ‌مصارف الزكاة:

- ‌هل يعطى القوي المكتسب من الزكاة

- ‌المالك الذي لا يجد ما يفي بكفايته:

- ‌من الذي يقوم بتوزيع الزكاة:

- ‌ إعطاء الزكاة للحكومات المعاصرة:

- ‌استحباب اعطاء الصدقة للصالحين

- ‌استحباب اعطاء الزكاة للزوج والاقارب

- ‌اعطاء طلبة العلم من الزكاة دون العباد

- ‌اظهار الصدقة

- ‌زكاة الفطر:

- ‌صدقة التطوع:

- ‌أولى الناس بالصدقة:

- ‌التصدق بالحرام:

- ‌جواز التصدق بكل المال:

- ‌جواز الصدقة على الذمي والحربي:

- ‌الصدقة على الحيوان:

- ‌الصدقة الجارية:

- ‌شكر المعروف:

- ‌الصيام

- ‌فضل شهر رمضان، وفضل العمل فيه:

- ‌الترهيب من الفطر في رمضان:

- ‌بم يثبت الشهر:

- ‌اختلاف المطالع:

- ‌من رأى الهلال وحده:

- ‌أركان الصوم:

- ‌صيام الصبي:

- ‌من يرخص لهم في الفطر، ويجب عليهم القضاء:

- ‌الأيام المنهي عن صيامها:

- ‌صيام التطوع:

- ‌آداب الصيام

- ‌مباحات الصيام

- ‌ما يبطل الصيام

- ‌قضاء رمضان:

- ‌من مات وعليه صيام:

- ‌ليلة القدر

- ‌الاعتكاف:

- ‌ما يباح للمعتكف

- ‌ما يبطل الاعتكاف

- ‌قضاء الاعتكاف

- ‌المعتكف يلزم مكانا من المسجد، وينصب فيه الخيمة:

- ‌نذر الاعتكاف في مسجد معين

- ‌الجنائز

- ‌شكوى المريض:

- ‌المريض يكتب له ما كان يعمل وهو صحيح:

- ‌عيادة المريض:

- ‌التداوي:

- ‌الطبيب الكافر

- ‌جواز استطباب المرأة

- ‌ العلاج بالرقى والادعية

- ‌النهي عن التمائم:

- ‌منع المريض من السكن بين الأصحاء

- ‌النهي عن الخروج من الطاعون أو الدخول في أرض هو بها:

- ‌كراهة تمني الموت:

- ‌فضل طول العمر مع حسن العمل:

- ‌العمل الصالح قبل الموت دليل على حسن الختام:

- ‌استحباب الدعاء والذكر لمن حضر عند الميت:

- ‌ما يسن عند الاحتضار:

- ‌استحباب الدعاء والاسترجاع (1) عند الموت:

- ‌استحباب اعلام قرابته وأصحابه بموته:

- ‌البكاء على الميت:

- ‌النياحة:

- ‌الاحداد على الميت:

- ‌استحباب صنع الطعام لأهل الميت:

- ‌استحباب طلب الموت في أحد الحرمين:

- ‌ثواب من مات له ولد:

- ‌تجهيز الميت:

- ‌صفة الغسل:

- ‌الكفن:

- ‌الصلاة على الميت:

- ‌كيفية الصلاة على الجنازة:

- ‌استحباب الصفوف الثلاثة وتسويتها:

- ‌استحباب الجمع الكثير:

- ‌المسبوق في صلاة الجنازة:

- ‌من يصلى عليهم ومن لا يصلى عليهم:

- ‌الصلاة على الكافر:

- ‌الصلاة على القبر:

- ‌الصلاة على الغائب:

- ‌الصلاة على الميت في المسجد:

- ‌الصلاة على الجنازة وسط القبور:

- ‌أولى الناس بالصلاة على الميت:

- ‌ما يكره مع الجنازة:

- ‌ترك الجنازة من أجل المنكر:

- ‌الدفن:

- ‌السنة في بناء المقابر:

- ‌تحريم المساجد والسرج على المقابر:

- ‌النهي عن الجلوس على القبر والاستناد إليه والمشي عليه:

- ‌النهي عن تجصيص القبر والكتابة عليه:

- ‌دفن أكثر من واحد في قبر:

- ‌الميت في البحر:

- ‌المرأة تموت وفي بطنها جنين حي:

- ‌المرأة الكتابية تموت وهي حامل من مسلم تدفن وحدها:

- ‌تفضيل الدفن في المقابر:

- ‌النهي عن سب الأموات:

- ‌قراءة القرآن عند القبر:

- ‌نبش القبر:

- ‌نقل الميت:

- ‌التعزية:

- ‌الجلوس لها:

- ‌صفة الزيارة:

- ‌زيارة النساء:

- ‌الأعمال التي تنفع الميت وهل يجوز إهداء الثواب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌أفضل ما يهدى للميت:

- ‌أولاد المسلمين وأولاد المشركين:

- ‌الذكر

- ‌الحج

- ‌فضله:

- ‌شروط وجوب الحج:

- ‌حج المرأة:

- ‌من حج لنذر وعليه حجة الاسلام:

- ‌الاقتراض للحج:

- ‌حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌يوم التروية:

- ‌المواقيت الزمانية:

- ‌المواقيت المكانية:

- ‌‌‌الإحرامقبل الميقات:

- ‌الإحرام

- ‌أنواع الإحرام:

- ‌ثياب الإحرام:

- ‌طواف القارن والمتمتع وسعيهما وأنه ليس لاهل الحرم إلا الإفراد:

- ‌التلبية:

- ‌ما يباح للمحرم:

- ‌محظورات الإحرام:

- ‌جزاء قتل الصيد:

- ‌حكومة عمر وما قضى به السلف:

- ‌كيفية الإطعام والصيام:

- ‌الإشتراك في قتل الصيد:

- ‌صيد الحرم وقطع شجره:

- ‌حدود الحرم المكي:

- ‌حرمة المدينة:

- ‌ما يستحب لدخول مكة والبيت الحرام:

- ‌ الطواف

- ‌شروط الطواف:

- ‌سنن الطواف:

- ‌طواف الرجال مع النساء:

- ‌ركوب الطائف:

- ‌استحباب الشرب من ماء زمزم:

- ‌آداب الشرب منه:

- ‌استحباب الدعاء عند الملتزم:

- ‌استحباب دخول الكعبة وحجر إسماعيل:

- ‌السعي بين الصفا والمروة:

- ‌الوقوف بعرفة:

- ‌صيام عرفة:

- ‌الجمع بين الظهر والعصر:

- ‌الإفاضة من عرفة:

- ‌أعمال يوم النحر:

- ‌رمي الجمار:

- ‌من أين يؤخذ الحصى:

- ‌هل يجوز تأخير الرمي إلى الليل:

- ‌الرمي في الأيام الثلاثة:

- ‌استحباب التكبير والدعاء مع كل حصاة ووضعها بين أصابعه:

- ‌النيابة في الرمي:

- ‌المبيت بمنى:

- ‌متى يرجع من منى

- ‌الهدي:

- ‌الحلق أو التقصير:

- ‌استحباب امرار الموسى على رأس الأصلع:

- ‌طواف الإفاضة:

- ‌تعجيل الإفاضة للنساء:

- ‌العمرة

- ‌جوازها قبل الحج وفي أشهره:

- ‌وقتها:

- ‌ميقاتها:

- ‌طواف الوداع

- ‌كيفية أداء الحج:

- ‌استحباب تعجيل العودة:

- ‌الاحصار:

- ‌موضع ذبح هدي الإحصار:

- ‌لا قضاء على المحصر إلا أن يكون عليه فرض الحج:

- ‌جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ونحوه:

- ‌كسوة الكعبة:

- ‌تطييب الكعبة:

- ‌النهي عن الإلحاد في الحرم:

- ‌استحباب شد الرحال إلى المساجد الثلاثة:

- ‌آداب دخول المسجد النبوي وآداب الزيارة:

- ‌استحباب كثرة التعبد في الروضة المباركة:

- ‌استحباب إتيان مسجد " قبا " والصلاة فيه:

- ‌فضل الموت في المدينة:

الفصل: ‌شروط وجوب الحج:

وآخره أن يأتي به قبل موته.

وذهب أبو حنيفة، ومالك، وأحمد، وبعض أصحاب الشافعي، وأبو يوسف إلى أن الحج واجب على الفور.

لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أراد الحج فليعجل، فإنه قد يمرض المريض، وتضل الراحلة، وتكون الحاجة ".

رواه أحمد، والبيهقي، والطحاوي، وابن ماجه.

وعنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: " تعجلوا الحج - يعني الفريضة - فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له " رواه أحمد، والبيهقي، وقال ما يعرض له من مرض أو حاجة.

وحمل الاولون هذه الاحاديث على الندب، وأنه يستحب تعجيله والمبادرة به متى استطاع المكلف أداءه.

‌شروط وجوب الحج:

اتفق الفقهاء على أنه يشتررط لوجوب الحج، الشرط الاتية: 1 - الاسلام.

2 -

البلوغ.

3 -

العقل.

4 -

الحرية.

5 -

الاستطاعة.

فمن لم تتحقق فيه هذه الشروط، فلا يجب عليه الحج.

وذلك أن الاسلام، والبلوغ، والعقل، شرط التكليف في أية عبادة من العبادات.

وفي الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " رفع القلم عن ثلاث، عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشب، وعن المعتوه حتى يعقل (1) .

والحرية شرط لوجوب الحج، لانه عبادة تقتضي وقتا، ويشترط فيها

(!) تقدم الحديث في الاجزاء السابقة.

ص: 629

الاستطاعة، بينما العبد مشغول بحقوق سيده وغير مستطيع.

وأما الاستطاعة، فلقول الله تعالى:(ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا (1) .

) بم تتحقق الاستطاعة؟ تتحقق الاستطاعة التي هي شرط من شروط الوجوب بما يأتي: 1 - أن يكون المكلف صحيح البدن، فإن عجز عن الحج لشيخوخته، أو زمانة، أو مرض لا يرجى شفاؤه، لزمه إحجاج غيره عنه إن كان له مال، وسيأتي في " مبحث الحج عن الغير " 2 - أن تكون الطريق آمنة، بحيث يأمن الحاج على نفسه وماله.

فلو خاف على نفسه من قطاع الطريق، أو وباء، أو خاف على ماله من أن يسلب منه، فهو ممن لم يستطع إليه سبيلا.

وقد اختلف العلماء فيما يؤخذ في الطريق، من المكس والكوشان، هل يعد عذرا مسقطا للحج أم لا؟.

ذهب الشافعي وغيره، إلى اعتباره عذرا مسقطا للحج، وإن قل المأخوذ.

وعند المالكية: لا يعد عذر، إلا إذا أجحف بصاحبه أو تكرر أخذه.

3، 4 - أن يكون مالكا للزاد، والراحلة.

والمعتبر في الزاد: أن يملك ما يكفيه مما يصح به بدنه، ويكفي من يعوله كفايز فاضلة عن حوائجه الاصلية، من ملبس ومسك، ومركب، وآلة حرفة (2) حتى يؤدي الفريضة ويعود.

والمعتبر في الراحلة أن تمكنه من الذهاب والاياب، سواء أكان ذلك عن طريق البر، أو البحر، أو الجو.

وهذا بالنسبة لما لا يمكنه المشي لبعده عن مكة.

(1) أي فرض الله على الناس حج البيت من استطاع منهم إليه سبيلا.

(2)

لا تباع الثياب التي يلبسها، ولا المتاع الذي يحتاجه، ولا الدار التي يسكنها، وإن كانت كبيرة، تفضل عنه، من أجل الحج.

ص: 630

فأما القريب الذي يمكنه المشي، فلا يعتبر وجود الراحلة في حقه، لانها مسافة قريبة يمكنه المشي إليها.

وقد جاء في بعض روايات الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسر السبيل بالزاد والراحلة.

فعن أنس رضي الله عنه، قال: قيل يا رسول الله ما السبيل (1) ؟ قال: " الزاد والراحلة " رواه الدارقطني وصححه.

قال الحافظ: والراجح إرساله: وأخرجه الترمذي من حديث ابن عمر أيضا، وفي إسناده ضعف.

وقال عبد الحق: طرقه كلها ضعيفة.

وقال ابن المنذر: لا يثبت الحديث في ذلك مسندا، والحصيح رواية الحسن المرسلة.

وعن علي رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من ملك زادا وراحلة تبلغه إلى بيت الله ولم يحج، فلا عليه أن يموت إن شاء يهوديا، وإن شاء نصرانيا، وذلك أن الله تعالى يقول: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) رواه الترمذي، وفي إسناده " هلال " ابن عبد الله، وهو مجهول، و " الحارث " وكذبه الشعبي وغيره.

والاحاديث، وإن كانت كلها ضعيفة، إلا أن أكثر العلماء يشترط لايجاب الحج الزاد والراحلة لمن نأت داره فمن لم يجد زادا ولا راحلة فلا حج عليه.

قال ابن تيمية: فهذه الاحاديث - مسندة من طرق حسان، ومرسلة، وموقوفة - تدل على أن مناط الوجوب الزاد والراحلة، مع علم النبي صلى الله عليه وسلم أن كثيرا من الناس يقدرون على المشي.

وأيضا فإن الله قال: في الج: " من استطاع إليه سبيلا " إما أن يعني القدرة المعتبرز في جميع العبادات - وهو مطلق المكنة - أو قدرا زائدا على ذلك، فإن كان المعتبر الاول لم تحتج إلى هذا التقييد، كما لم يحتج إليه في آية الصوم والصلاة فعلم أن المعتبر قدر زائدا على ذلك، وليس هو إلا المال.

(1) أي ما معنى " السبيل " المذكور في الاية.

ص: 631

وأيضا فإن الحج عبادة مفتقرة إلى مسفاة فافتقر وجوبها إلى ملك الزاد والراحلة، كالجهاد.

ودليل الاصل (1) قوله تعالى: (ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج) إلى قوله: (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم، قلت لا أجد ما أحملكم عليه) .

وفي المهذب: وإن وجد ما يشتري به الزاد والراحلة وهو محتاج إليه لدين عليه، لم يلزمه، حالا كان الدين ومؤجلا، لان الدين الحال على الفور، والحج على التراخي، فقدم عليه، والمؤجل يحل عليه، فإذا صرف ما معه في الحج لم يجد ما يقضي به الدين.

قال: وإن احتاج إليه لمسكن لا بد من مثله، أو خادك يحتاج إلى خدمته.

لم يلزمه.

وإن احتاج إلى النكاح - وهو يخاج العنت - قدم النكاح، لان الحاجة إلى ذلك على الفور.

وإن احتاج إليه في بضاعة يتجر فيها، ليحصل منها

ما يحتاج إليه للنفقة، فقد قال أبو العباس، ابن صريح: لا يلزمه الحج، لانه محتاج إليه، فهو كالمسكن والخادم.

وفي المغني: إن كان دين على ملئ باذل له يكفيه للحج لزمه، لانه قادر، وإن كان على معسر، أو تعذر استيفاؤه عليه لم يلزمه.

وعند الشافعية: أنه إذا بذل رجل لاخر راحلة من غير عوض لم يلزمه قبولها، لان عليه في قبول ذلك منة، وفي تحمل المنة مشقة، إلا إذا بذل له ولده ما يتمكن به من الحج لزمه، لانه أمكنه الحج من غيره منة تلزمه.

وقالت الحنابلة: لا يلزمه الحج ببذل غيره له، ولا يصير مستطيعا بذلك، سواء كان الباذل قريبا أو أجنبيا.

وسواء بذل له الركوب والزاد، أو بذل له مالا.

5 -

أن لا يوجد ما يمنع الناس من الذهاب إلى الحج كالحبس والخوف من سلطان جائر يمنع الناس منه.

(1)" الاصل " أي الجهاد المقيس عليه، فإنه أصل يقاس عليه الفرع. وهو الحج.

ص: 632

حج الصبي والعبد لا يجب عليهما الحج، لكنهما إذا حجا صح منهما، ولا يجزئهما عن حجة الاسلام: قال ابن عباس رضي الله عنهما، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أيما صبى حج ثم بلغ الحنث (1) فعليه أن يحج حجة أخرى.

أيما عبد حج ثم أعتق، فعليه أن يحج حجة أخرى " رواه الطبراني بسند صحيح.

وقال السائب بن يزيد: حج أبي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، وأنا ابن سبع سنين.

رواه أحمد والبخاري، والترمذي،

وقال: قد أجمع أهل العلم: على أن الصبي إذا حج قبل أن يدرك فعليه الحج إذا أدرك، وكذلك المملوك إذا حج في رقه ثم أعتق فعليه الحج إذا وجد إلى ذلك سبيلا.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة رفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيا.

فقالت: ألهذا حج؟ قال: " نعم (2) ولك أجرا (3) ".

وعن جابر رضي الله عنه: قال: حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا النساء والصبيان، فلبينا عن الصبيان، ورمينا عنهم.

رواه أحمد، وابن ماجه.

ثم إن كان الصبي مميزا أحرم بنفسه وأدى مناسك الحج، وإلا أحرم عنه وليه (4) ولبى عنه وطاف به وسعى، ووقف بعرفة، ورمى عنه.

ولو بلغ قبل الوقوف بعرفة، أو فيها: أجزأ عن حجة الاسلام، كذلك العبد إذا أعتق.

(1) الحنث: الاثم، أي بلغ أن يكتب عليه إثمه.

(2)

أكثر أهل العلم على أن الصبي يثاب على طاعته وتكتب له حسناته دون سيئاته، وهو مروي عن عمر.

(3)

أي فيما تتكلفين من أمره بالحج، وتعليمه إياه.

(4)

قال النووي: الولي الذي يحرم عنه إذا كان غير مميز هو ولي ماله وهو أبوه أو جده أو الوصي من جهة الحاكم. اما الام فلا يصح احرامها الا إذا كانت وصيز أو منصوبة من جهة الحاكم. وقيل: يصح إحرامها وإحرام الوصية وإن لم يكن لهما ولاية.

ص: 633