المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ما يبطل الصيام - فقه السنة - جـ ١

[سيد سابق]

فهرس الكتاب

- ‌عموم الرسالة:

- ‌الغاية منها:

- ‌التشريع الاسلامي أو الفقه:

- ‌الطهارة

- ‌المياه وأقسامها

- ‌الماء المطلق

- ‌ الماء المستعمل

- ‌ الماء الذي خالطه طاهر

- ‌ الماء الذي لاقته النجاسة

- ‌السؤر:

- ‌النجاسة:

- ‌(1) الميتة:

- ‌2 - الدم:

- ‌3 - لحم الخنزير:

- ‌4، 5، 6 - قئ الادمي وبوله ورجيعه:

- ‌7 - الودي:

- ‌8 - المذي:

- ‌9 - المني:

- ‌10 - بول وروث ما لا يؤكل لحمه:

- ‌11 - الجلّالة:

- ‌(12) الخمر:

- ‌(13) الكلب:

- ‌تطهير الأرض:

- ‌تطهير السمن ونحوه:

- ‌‌‌تطهير جلد الميتة:

- ‌تطهير جلد الميتة:

- ‌‌‌تطهير المرآة ونحوها:

- ‌تطهير المرآة ونحوها:

- ‌‌‌تطهير النعل:

- ‌تطهير النعل:

- ‌قضاء الحاجة:

- ‌سنن الفطرة:

- ‌1 - الختان:

- ‌4، 5 - تقليم الاظافر وقص الشارب أو إحفاؤه

- ‌6 - إعفاء اللحية

- ‌7 - إكرام الشعر

- ‌8 - ترك الشيب وإبقاؤه

- ‌9 - تغيير الشيب بالحناء والحمرة والصفرة ونحوها

- ‌10 - التطيب بالمسك وغيره من الطيب

- ‌الوضوء:

- ‌سنن الوضوء:

- ‌نواقض الوضوء:

- ‌ما لا ينقض الوضوء:

- ‌ما يجب له الوضوء:

- ‌ما يستحب له:

- ‌المسح على الخفين:

- ‌الغسل:

- ‌يجب الغسل لأمور خمسة:

- ‌ما يحرم على الجنب:

- ‌الأغسال المستحبة:

- ‌(1) غسل الجمعة:

- ‌(2) غسل العيدين:

- ‌(3) غسل من غسل ميت

- ‌(4) غسل الإحرام:

- ‌(5) غسل دخول مكة:

- ‌(6) غسل الوقوف بعرفة:

- ‌‌‌أركان الغسل

- ‌أركان الغسل

- ‌سننه:

- ‌غسل المرأة:

- ‌مسائل تتعلق بالغسل:

- ‌التيمم:

- ‌المسح على الجبيرة ونحوها:

- ‌الحيض:

- ‌النفاس:

- ‌ما يحرم على الحائض والنفساء:

- ‌الاستحاضة:

- ‌الصلاة:

- ‌منزلتها في الاسلام:

- ‌حكم ترك الصلاة:

- ‌مناظرة في تارك الصلاة:

- ‌صلاة الصبي:

- ‌عدد الفرائض:

- ‌مواقيت الصلاة:

- ‌غاية الابراد

- ‌استحباب تأخير صلاة العشاء عن أول وقتها:

- ‌النوم عن الصلاة أو نسيانها:

- ‌الأوقات المنهي عن الصلاة فيها:

- ‌التطوع أثناء الإقامة:

- ‌الاذان:

- ‌شروط الصلاة:

- ‌كيفية الصلاة:

- ‌فرائض الصلاة:

- ‌سنن الصلاة:

- ‌هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في القراءة بعد الفاتحة:

- ‌ما يستحب أثناء القراءة:

- ‌مواضع الجهر والاسرار بالقراءة:

- ‌القراءة خلف الإمام:

- ‌التطوع:

- ‌قيام الليل:

- ‌صلاة الضحى:

- ‌صلاة الاستخارة:

- ‌صلاة التسبيح:

- ‌صلاة الحاجة:

- ‌صلاة التوبة:

- ‌صلاة الكسوف:

- ‌صلاة الاستسقاء:

- ‌سجود التلاوة:

- ‌سجدة الشكر:

- ‌سجود السهو:

- ‌صلاة الجماعة:

- ‌موقف الإمام والمأموم:

- ‌المساجد:

- ‌المواضع المنهى عن الصلاة فيها:

- ‌السترة أمام المصلي:

- ‌(ما يباح في الصلاة) :

- ‌مكروهات الصلاة:

- ‌مبطلات الصلاة:

- ‌صلاة المريض:

- ‌صلاة الخوف:

- ‌صلاة الطالب والمطلوب:

- ‌صلاة السفر:

- ‌الجمع بين الصلاتين:

- ‌الصلاة في السفينة والقاطرة والطائرة:

- ‌أدعية السفر:

- ‌الجمعة:

- ‌وجوب صلاة الجمعة:

- ‌من تجب عليه ومن لا تجب عليه:

- ‌خطبة الجمعة:

- ‌قطع الإمام الخطبة للأمر يحدث:

- ‌حرمة الكلام أثناء الخطبة:

- ‌صلاة العيدين:

- ‌الزكاة

- ‌زكاة النقدين:

- ‌ضم النقدين:

- ‌زكاة الحلى:

- ‌زكاة التجارة:

- ‌زكاة الزروع والثمار

- ‌زكاة الحيوان:

- ‌زكاة الابل:

- ‌زكاة البقر

- ‌زكاة الغنم

- ‌حكم الأوقاص:

- ‌ما لا يؤخذ في الزكاة:

- ‌زكاة غير الأنعام:

- ‌زكاة الفصلان والعجول والحملان

- ‌ما جاء في الجمع والتفريق:

- ‌زكاة الركاز والمعدن

- ‌المال المستفاد:

- ‌وجوب الزكاة في الذمة لا في عين المال

- ‌هلاك المال بعد وجوب الزكاة وقبل الأداء:

- ‌ضياع الزكاة بعد عزلها

- ‌تأخير الزكاة لا يسقطها:

- ‌دفع القيمة بدل العين:

- ‌الزكاة في المال المشترك

- ‌الفرار من الزكاة

- ‌مصارف الزكاة:

- ‌هل يعطى القوي المكتسب من الزكاة

- ‌المالك الذي لا يجد ما يفي بكفايته:

- ‌من الذي يقوم بتوزيع الزكاة:

- ‌ إعطاء الزكاة للحكومات المعاصرة:

- ‌استحباب اعطاء الصدقة للصالحين

- ‌استحباب اعطاء الزكاة للزوج والاقارب

- ‌اعطاء طلبة العلم من الزكاة دون العباد

- ‌اظهار الصدقة

- ‌زكاة الفطر:

- ‌صدقة التطوع:

- ‌أولى الناس بالصدقة:

- ‌التصدق بالحرام:

- ‌جواز التصدق بكل المال:

- ‌جواز الصدقة على الذمي والحربي:

- ‌الصدقة على الحيوان:

- ‌الصدقة الجارية:

- ‌شكر المعروف:

- ‌الصيام

- ‌فضل شهر رمضان، وفضل العمل فيه:

- ‌الترهيب من الفطر في رمضان:

- ‌بم يثبت الشهر:

- ‌اختلاف المطالع:

- ‌من رأى الهلال وحده:

- ‌أركان الصوم:

- ‌صيام الصبي:

- ‌من يرخص لهم في الفطر، ويجب عليهم القضاء:

- ‌الأيام المنهي عن صيامها:

- ‌صيام التطوع:

- ‌آداب الصيام

- ‌مباحات الصيام

- ‌ما يبطل الصيام

- ‌قضاء رمضان:

- ‌من مات وعليه صيام:

- ‌ليلة القدر

- ‌الاعتكاف:

- ‌ما يباح للمعتكف

- ‌ما يبطل الاعتكاف

- ‌قضاء الاعتكاف

- ‌المعتكف يلزم مكانا من المسجد، وينصب فيه الخيمة:

- ‌نذر الاعتكاف في مسجد معين

- ‌الجنائز

- ‌شكوى المريض:

- ‌المريض يكتب له ما كان يعمل وهو صحيح:

- ‌عيادة المريض:

- ‌التداوي:

- ‌الطبيب الكافر

- ‌جواز استطباب المرأة

- ‌ العلاج بالرقى والادعية

- ‌النهي عن التمائم:

- ‌منع المريض من السكن بين الأصحاء

- ‌النهي عن الخروج من الطاعون أو الدخول في أرض هو بها:

- ‌كراهة تمني الموت:

- ‌فضل طول العمر مع حسن العمل:

- ‌العمل الصالح قبل الموت دليل على حسن الختام:

- ‌استحباب الدعاء والذكر لمن حضر عند الميت:

- ‌ما يسن عند الاحتضار:

- ‌استحباب الدعاء والاسترجاع (1) عند الموت:

- ‌استحباب اعلام قرابته وأصحابه بموته:

- ‌البكاء على الميت:

- ‌النياحة:

- ‌الاحداد على الميت:

- ‌استحباب صنع الطعام لأهل الميت:

- ‌استحباب طلب الموت في أحد الحرمين:

- ‌ثواب من مات له ولد:

- ‌تجهيز الميت:

- ‌صفة الغسل:

- ‌الكفن:

- ‌الصلاة على الميت:

- ‌كيفية الصلاة على الجنازة:

- ‌استحباب الصفوف الثلاثة وتسويتها:

- ‌استحباب الجمع الكثير:

- ‌المسبوق في صلاة الجنازة:

- ‌من يصلى عليهم ومن لا يصلى عليهم:

- ‌الصلاة على الكافر:

- ‌الصلاة على القبر:

- ‌الصلاة على الغائب:

- ‌الصلاة على الميت في المسجد:

- ‌الصلاة على الجنازة وسط القبور:

- ‌أولى الناس بالصلاة على الميت:

- ‌ما يكره مع الجنازة:

- ‌ترك الجنازة من أجل المنكر:

- ‌الدفن:

- ‌السنة في بناء المقابر:

- ‌تحريم المساجد والسرج على المقابر:

- ‌النهي عن الجلوس على القبر والاستناد إليه والمشي عليه:

- ‌النهي عن تجصيص القبر والكتابة عليه:

- ‌دفن أكثر من واحد في قبر:

- ‌الميت في البحر:

- ‌المرأة تموت وفي بطنها جنين حي:

- ‌المرأة الكتابية تموت وهي حامل من مسلم تدفن وحدها:

- ‌تفضيل الدفن في المقابر:

- ‌النهي عن سب الأموات:

- ‌قراءة القرآن عند القبر:

- ‌نبش القبر:

- ‌نقل الميت:

- ‌التعزية:

- ‌الجلوس لها:

- ‌صفة الزيارة:

- ‌زيارة النساء:

- ‌الأعمال التي تنفع الميت وهل يجوز إهداء الثواب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌أفضل ما يهدى للميت:

- ‌أولاد المسلمين وأولاد المشركين:

- ‌الذكر

- ‌الحج

- ‌فضله:

- ‌شروط وجوب الحج:

- ‌حج المرأة:

- ‌من حج لنذر وعليه حجة الاسلام:

- ‌الاقتراض للحج:

- ‌حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌يوم التروية:

- ‌المواقيت الزمانية:

- ‌المواقيت المكانية:

- ‌‌‌الإحرامقبل الميقات:

- ‌الإحرام

- ‌أنواع الإحرام:

- ‌ثياب الإحرام:

- ‌طواف القارن والمتمتع وسعيهما وأنه ليس لاهل الحرم إلا الإفراد:

- ‌التلبية:

- ‌ما يباح للمحرم:

- ‌محظورات الإحرام:

- ‌جزاء قتل الصيد:

- ‌حكومة عمر وما قضى به السلف:

- ‌كيفية الإطعام والصيام:

- ‌الإشتراك في قتل الصيد:

- ‌صيد الحرم وقطع شجره:

- ‌حدود الحرم المكي:

- ‌حرمة المدينة:

- ‌ما يستحب لدخول مكة والبيت الحرام:

- ‌ الطواف

- ‌شروط الطواف:

- ‌سنن الطواف:

- ‌طواف الرجال مع النساء:

- ‌ركوب الطائف:

- ‌استحباب الشرب من ماء زمزم:

- ‌آداب الشرب منه:

- ‌استحباب الدعاء عند الملتزم:

- ‌استحباب دخول الكعبة وحجر إسماعيل:

- ‌السعي بين الصفا والمروة:

- ‌الوقوف بعرفة:

- ‌صيام عرفة:

- ‌الجمع بين الظهر والعصر:

- ‌الإفاضة من عرفة:

- ‌أعمال يوم النحر:

- ‌رمي الجمار:

- ‌من أين يؤخذ الحصى:

- ‌هل يجوز تأخير الرمي إلى الليل:

- ‌الرمي في الأيام الثلاثة:

- ‌استحباب التكبير والدعاء مع كل حصاة ووضعها بين أصابعه:

- ‌النيابة في الرمي:

- ‌المبيت بمنى:

- ‌متى يرجع من منى

- ‌الهدي:

- ‌الحلق أو التقصير:

- ‌استحباب امرار الموسى على رأس الأصلع:

- ‌طواف الإفاضة:

- ‌تعجيل الإفاضة للنساء:

- ‌العمرة

- ‌جوازها قبل الحج وفي أشهره:

- ‌وقتها:

- ‌ميقاتها:

- ‌طواف الوداع

- ‌كيفية أداء الحج:

- ‌استحباب تعجيل العودة:

- ‌الاحصار:

- ‌موضع ذبح هدي الإحصار:

- ‌لا قضاء على المحصر إلا أن يكون عليه فرض الحج:

- ‌جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ونحوه:

- ‌كسوة الكعبة:

- ‌تطييب الكعبة:

- ‌النهي عن الإلحاد في الحرم:

- ‌استحباب شد الرحال إلى المساجد الثلاثة:

- ‌آداب دخول المسجد النبوي وآداب الزيارة:

- ‌استحباب كثرة التعبد في الروضة المباركة:

- ‌استحباب إتيان مسجد " قبا " والصلاة فيه:

- ‌فضل الموت في المدينة:

الفصل: ‌ما يبطل الصيام

‌ما يبطل الصيام

ما يبطل الصيام قسمان:

1 -

ما يبطله، ويوجب القضاء.

2 -

وما يبطله، ويوجب القضاء، والكفارة.

فأماما يبطله، ويوجب القضاء فقط فهو ما يأتي:

(1 و 2) الاكل، والشرب عمدا: فإن أكل أو شرب ناسيا، أو مخطئا، أو مكرها، فلا قضاء عليه ولا كفارة.

فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من نسي - وهو صائم - فأكل أو شرب، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه ". رواه الجماعة.

وقال الترمذي: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم.

وبه يقول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق.

وروى الدارقطني والبيهقي والحاكم وقال - صحيح على شرط مسلم.

عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أفطر في رمضان - ناسيا - فلا قضاء عليه، ولا كفارة ".

قال الحافظ ابن حجر: اسناده صحيح.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه ".

رواه ابن ماجه والطبراني والحاكم.

(3)

القئ عمدا: فإن غلبه القئ، فلا قضاء عليه ولا كفارة.

فعن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من ذرعه (1) القئ

(1)" ذرعه " أي غلبه.

ص: 465

فليس عليه قضاء، ومن استقاء (1) عمدا فليقض ".

رواه أحمد وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وابن حبان، والدارقطني، والحاكم، وصححه.

قال الخطابي: لا أعلم خلافا بين أهل العلم، في أن من ذرعه القئ، فإنه لا قضاء عليه، ولا في أن من استقاء عامدا، فعليه القضاء.

(4، 5) الحيض، والنفاس، ولو في اللحظة الاخيرة، قبل غروب الشمس، وهذا مما أجمع العلماء عليه.

(6)

الاستمناء (2) ، سواء، أكان سببه تقبيل الرجل لزوجته أو ضمها إليه، أو كان باليد، فهذا يبطل الصوم، ويوجب القضاء.

فإن كان سببه مجرد النظر، أو الفكر، فإنه مثل الاحتلام نهارا في الصيام لا يبطل الصوم، ولا يجب فيه شئ.

وكذلك المذي، لا يؤثر في الصوم، قل، أو كثر.

(7)

تناول ما لا يتغذى به، من المنفذ المعتاد، إلى الجوف، مثل تعاطي الملح الكثير، فهذا يفطر في قول عامة أهل العلم.

(8)

ومن نوى الفطر - وهو صائم - بطل صومه، وإن لم يتناول مفطرا.

فإن النية ركن من أركان الصيام، فإذا نقضها - قاصدا الفطر ومعتمدا له - انتقض صيامه لا محالة.

(9)

إذا أكل، أو شرب، أو جامع - ظانا غروب الشمس أو عدم طلوع الفجر، فظهر خلاف ذلك - فعليه القضاء، عند جمهور العلماء، ومنهم الائمة الاربعة.

وذهب إسحاق، وداود، وابن حزم، وعطاء، وعروة، والحسن البصري، ومجاهد: إلى أن صومه صحيح، ولاقضاء عليه.

لقول الله تعالى: (ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم) .

ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله وضع عن أمتي الخطأ الخ

". وتقدم.

(1)" استقاء " أي تعمد القئ واستخرجه، بثم ما يقيئه، أو بإدخال يده.

(2)

" الاستمناء " أي تعمد إخراج المني بأي سبب من الاسباب.

ص: 466

وروى عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن الاعمش، عن زيد بن وهب قال:" أفطر الناس في زمن عمر بن الخطاب، فرأيت عساسا (1) أخرجت من بيت حفصة فشربوا ثم طلعت الشمس من سحاب فكأن ذلك شق على الناس، فقالوا: نقضي هذا اليوم، فقال عمر: لم؟ والله ما تجانفنا لاثم "(2) .

وروى البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: أفطرنا يوما من رمضان، في غيم، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم طلعت الشمس.

قال ابن تيمية: وهذا يدل على شيئين:

(الاول) : يدل على أنه لا يستحب مع الغيم التأخير إلى أن يتيقن الغروب، فإنهم لم يفعلوا ذلك، ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم، والصحابة - مع نبيهم - أعلم وأطوع لله ولرسوله، ممن جاء بعدهم.

(والثاني) : يدل على أنه لا يجب القضاء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لو أمرهم بالقضاء، لشاع ذلك كما نقل فطرهم فلما لم ينقل دل على أنه لم يأمرهم به.

وأماما يبطله ويوجب القضاء، والكفارة، فهو الجماع، لاغير، عند الجمهور.

فعن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: هلكت يا رسول الله، قال:" وما أهلكك؟ " قال: وقعت على امرأتي في رمضان.

فقال: " هل تجد ما تعتق رقبة؟ " قال: لا، قال:" فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين "؟ قال: لا.

قال: " فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا "؟ قال: لا.

قال: ثم جلس فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق (3) فيه تمر، فقال:" تصدق بهذا ".

قال: فهل على أفقر منا؟ فما بين لابتيها (4)

(1)" عساسا " أي أقداحا ضخاما، قيل: إن القدح نحو ثمانية أرطال.

(2)

" ما تجانفنا " التجانف: الميل. أي لم نمل لارتكاب الاثم.

(3)

" العرق " مكيال يسع 15 صاعا.

(4)

" لابتيها " جمع لابة. وهي الارض التي فيها حجارة سود. والمراد ما بين أطراف المدينة أفقر منا.

ص: 467

أهل بيت أحوج إليه منا، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، حتى بدت نواجذه، وقال:" اذهب فأطعمه أهلك (1) ".

رواه الجماعة.

ومذهب الجمهور: أن المرأة، والرجل سواء، في وجوب الكفارة عليهما ما داما قد تعمدا الجماع، مختارين، في نهار رمضان (2) ناويين الصيام.

فإن وقع الجماع نسيانا، أو لم يكونا مختارين، بان أكرها عليه، أو لم يكونا ناويين الصيام، فلا كفارة على واحد منهما.

فإن أكرهت المرأة من الرجل، أو كانت مفطرة لعذر وجبت الكفارة عليه دونها.

ومذهب الشافعي: أنه لا كفارة على المرأة مطلقا، لافي حالة الاختيار، ولافي حالة الاكراه.

وإنما يلزمها القضاء فقط.

قال النووي: والاصح - على الجملة - وجوب كفارة واحدة عليه خاصة، عن نفسه فقط، وأنه لاشئ على المرأة، ولا يلاقيها الوجوب، لافه حتى مال مختص بالجماع، فاختص به الرجل، دون المرأة، كالمهر.

قال أبو داود: سنل أحمد (3) عمن أتى أهله في رمضان، أعليها كفارة؟ قال: ما سمعنا أن على امرأة كفارة.

قال في المغني: ووجه ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الواطئ في رمضان أن يعتق رقبة، ولم يأمر في المرأة بشئ، مع علمه بوجود ذلك منها " اه.

والكفارة على الترتيب المذكور في الحديث، في قول جمهور العلماء.

فيجب العتق أولا، فإن عجز عنه صام شهرين متتابعين (4) ، فإن عجز

(1) إستدل بهذا، من ذهب إلى سقوط الكفارة بالاعسار، وهو أحد قولي الشافعي، ومشهور مذهب أحمد، وجزم به بعض المالكية والجمهور على أن الكفارة لا تسقط بالاعسار.

(2)

فإن كان الصيام قضاء رمضان، أو نذرا وأفطر بالجماع، فلا كفارة في ذلك.

(3)

هذه إحدى الروايتين، عن أحمد.

(4)

ليس فيهما رمضان ولا أيام العيدين والتشريق.

ص: 468

عنه، أطعم ستين مسكينا من أوسط ما يطعم منه أهله (1) ، وانه لا يصح الانتقال من حالة إلى أخرى، إلا إذا عجز عنها.

ويذهب المالكية، ورواية لاحمد: أنه مخير بين هذه الثلاث فأيها فعل أجزأ عنه.

لما روى مالك، وابن جريج، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة أن رجلا أفطر في رمضان، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكفر بعتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا.

رواه مسلم و " أو " تفيد التخيير.

ولان الكفارة بسبب المخالفة، فكانت على التخيير، ككفارة اليمين.

قال الشوكاني: وقد وقع في الروايات، ما يدل على الترتيب والتخيير، والذين رووا الترتيب أكثر، ومعهم الزيادة.

وجمع المهلب، والقرطبي، بين الروايات، بتعدد الواقعة.

قال الحافظ: وهو بعيد، لان القصة واحدة، والمخرج متحد، والاصل عدم التعدد.

وجمع بعضهم بحمل الترتيب على الاولوية، والتخيير على الجواز.

وعكسه بعضهم. انتهى.

ومن جامع عامدا في نهار رمضان ولم يكفر، ثم جامع في يوم آخر منه فعليه كفارة واحدة، عند الاحناف، ورواية عن أحمد لانها جزاء عن جناية تكرر سببها، قبل استيفائها، فتتداخل.

وقال مالك والشافعي، ورواية عن أحمد: عليه كفارتان، لان كل يوم عبادة مستقلة، فإذا وجبت الكفارة بإفساده لم تتداخل كرمضانين.

وقد أجمعوا على أن من جامع في نهار رمضان، عامدا وكفر، ثم جامع في يوم آخر، فعليه كفارة أخرى.

(1) مذهب أحمد لكل مسكين مدمن قمح، أو نصف صاع من تمر أو شعير ونحوهما.

وقال أبو حنيفة: من القمح نصف صاع ومن غيره صاع.

وقال الشافعي ومالك: يطعم مدا من أي الانواع شاء.

وهذا رأي أبي هريرة وعطاء والاوزاعي، وهو أظهر.

فإن العرق الذي أعطي للاعرابي يسع 15 صاعا.

ص: 469