المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القراءة خلف الإمام: - فقه السنة - جـ ١

[سيد سابق]

فهرس الكتاب

- ‌عموم الرسالة:

- ‌الغاية منها:

- ‌التشريع الاسلامي أو الفقه:

- ‌الطهارة

- ‌المياه وأقسامها

- ‌الماء المطلق

- ‌ الماء المستعمل

- ‌ الماء الذي خالطه طاهر

- ‌ الماء الذي لاقته النجاسة

- ‌السؤر:

- ‌النجاسة:

- ‌(1) الميتة:

- ‌2 - الدم:

- ‌3 - لحم الخنزير:

- ‌4، 5، 6 - قئ الادمي وبوله ورجيعه:

- ‌7 - الودي:

- ‌8 - المذي:

- ‌9 - المني:

- ‌10 - بول وروث ما لا يؤكل لحمه:

- ‌11 - الجلّالة:

- ‌(12) الخمر:

- ‌(13) الكلب:

- ‌تطهير الأرض:

- ‌تطهير السمن ونحوه:

- ‌‌‌تطهير جلد الميتة:

- ‌تطهير جلد الميتة:

- ‌‌‌تطهير المرآة ونحوها:

- ‌تطهير المرآة ونحوها:

- ‌‌‌تطهير النعل:

- ‌تطهير النعل:

- ‌قضاء الحاجة:

- ‌سنن الفطرة:

- ‌1 - الختان:

- ‌4، 5 - تقليم الاظافر وقص الشارب أو إحفاؤه

- ‌6 - إعفاء اللحية

- ‌7 - إكرام الشعر

- ‌8 - ترك الشيب وإبقاؤه

- ‌9 - تغيير الشيب بالحناء والحمرة والصفرة ونحوها

- ‌10 - التطيب بالمسك وغيره من الطيب

- ‌الوضوء:

- ‌سنن الوضوء:

- ‌نواقض الوضوء:

- ‌ما لا ينقض الوضوء:

- ‌ما يجب له الوضوء:

- ‌ما يستحب له:

- ‌المسح على الخفين:

- ‌الغسل:

- ‌يجب الغسل لأمور خمسة:

- ‌ما يحرم على الجنب:

- ‌الأغسال المستحبة:

- ‌(1) غسل الجمعة:

- ‌(2) غسل العيدين:

- ‌(3) غسل من غسل ميت

- ‌(4) غسل الإحرام:

- ‌(5) غسل دخول مكة:

- ‌(6) غسل الوقوف بعرفة:

- ‌‌‌أركان الغسل

- ‌أركان الغسل

- ‌سننه:

- ‌غسل المرأة:

- ‌مسائل تتعلق بالغسل:

- ‌التيمم:

- ‌المسح على الجبيرة ونحوها:

- ‌الحيض:

- ‌النفاس:

- ‌ما يحرم على الحائض والنفساء:

- ‌الاستحاضة:

- ‌الصلاة:

- ‌منزلتها في الاسلام:

- ‌حكم ترك الصلاة:

- ‌مناظرة في تارك الصلاة:

- ‌صلاة الصبي:

- ‌عدد الفرائض:

- ‌مواقيت الصلاة:

- ‌غاية الابراد

- ‌استحباب تأخير صلاة العشاء عن أول وقتها:

- ‌النوم عن الصلاة أو نسيانها:

- ‌الأوقات المنهي عن الصلاة فيها:

- ‌التطوع أثناء الإقامة:

- ‌الاذان:

- ‌شروط الصلاة:

- ‌كيفية الصلاة:

- ‌فرائض الصلاة:

- ‌سنن الصلاة:

- ‌هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في القراءة بعد الفاتحة:

- ‌ما يستحب أثناء القراءة:

- ‌مواضع الجهر والاسرار بالقراءة:

- ‌القراءة خلف الإمام:

- ‌التطوع:

- ‌قيام الليل:

- ‌صلاة الضحى:

- ‌صلاة الاستخارة:

- ‌صلاة التسبيح:

- ‌صلاة الحاجة:

- ‌صلاة التوبة:

- ‌صلاة الكسوف:

- ‌صلاة الاستسقاء:

- ‌سجود التلاوة:

- ‌سجدة الشكر:

- ‌سجود السهو:

- ‌صلاة الجماعة:

- ‌موقف الإمام والمأموم:

- ‌المساجد:

- ‌المواضع المنهى عن الصلاة فيها:

- ‌السترة أمام المصلي:

- ‌(ما يباح في الصلاة) :

- ‌مكروهات الصلاة:

- ‌مبطلات الصلاة:

- ‌صلاة المريض:

- ‌صلاة الخوف:

- ‌صلاة الطالب والمطلوب:

- ‌صلاة السفر:

- ‌الجمع بين الصلاتين:

- ‌الصلاة في السفينة والقاطرة والطائرة:

- ‌أدعية السفر:

- ‌الجمعة:

- ‌وجوب صلاة الجمعة:

- ‌من تجب عليه ومن لا تجب عليه:

- ‌خطبة الجمعة:

- ‌قطع الإمام الخطبة للأمر يحدث:

- ‌حرمة الكلام أثناء الخطبة:

- ‌صلاة العيدين:

- ‌الزكاة

- ‌زكاة النقدين:

- ‌ضم النقدين:

- ‌زكاة الحلى:

- ‌زكاة التجارة:

- ‌زكاة الزروع والثمار

- ‌زكاة الحيوان:

- ‌زكاة الابل:

- ‌زكاة البقر

- ‌زكاة الغنم

- ‌حكم الأوقاص:

- ‌ما لا يؤخذ في الزكاة:

- ‌زكاة غير الأنعام:

- ‌زكاة الفصلان والعجول والحملان

- ‌ما جاء في الجمع والتفريق:

- ‌زكاة الركاز والمعدن

- ‌المال المستفاد:

- ‌وجوب الزكاة في الذمة لا في عين المال

- ‌هلاك المال بعد وجوب الزكاة وقبل الأداء:

- ‌ضياع الزكاة بعد عزلها

- ‌تأخير الزكاة لا يسقطها:

- ‌دفع القيمة بدل العين:

- ‌الزكاة في المال المشترك

- ‌الفرار من الزكاة

- ‌مصارف الزكاة:

- ‌هل يعطى القوي المكتسب من الزكاة

- ‌المالك الذي لا يجد ما يفي بكفايته:

- ‌من الذي يقوم بتوزيع الزكاة:

- ‌ إعطاء الزكاة للحكومات المعاصرة:

- ‌استحباب اعطاء الصدقة للصالحين

- ‌استحباب اعطاء الزكاة للزوج والاقارب

- ‌اعطاء طلبة العلم من الزكاة دون العباد

- ‌اظهار الصدقة

- ‌زكاة الفطر:

- ‌صدقة التطوع:

- ‌أولى الناس بالصدقة:

- ‌التصدق بالحرام:

- ‌جواز التصدق بكل المال:

- ‌جواز الصدقة على الذمي والحربي:

- ‌الصدقة على الحيوان:

- ‌الصدقة الجارية:

- ‌شكر المعروف:

- ‌الصيام

- ‌فضل شهر رمضان، وفضل العمل فيه:

- ‌الترهيب من الفطر في رمضان:

- ‌بم يثبت الشهر:

- ‌اختلاف المطالع:

- ‌من رأى الهلال وحده:

- ‌أركان الصوم:

- ‌صيام الصبي:

- ‌من يرخص لهم في الفطر، ويجب عليهم القضاء:

- ‌الأيام المنهي عن صيامها:

- ‌صيام التطوع:

- ‌آداب الصيام

- ‌مباحات الصيام

- ‌ما يبطل الصيام

- ‌قضاء رمضان:

- ‌من مات وعليه صيام:

- ‌ليلة القدر

- ‌الاعتكاف:

- ‌ما يباح للمعتكف

- ‌ما يبطل الاعتكاف

- ‌قضاء الاعتكاف

- ‌المعتكف يلزم مكانا من المسجد، وينصب فيه الخيمة:

- ‌نذر الاعتكاف في مسجد معين

- ‌الجنائز

- ‌شكوى المريض:

- ‌المريض يكتب له ما كان يعمل وهو صحيح:

- ‌عيادة المريض:

- ‌التداوي:

- ‌الطبيب الكافر

- ‌جواز استطباب المرأة

- ‌ العلاج بالرقى والادعية

- ‌النهي عن التمائم:

- ‌منع المريض من السكن بين الأصحاء

- ‌النهي عن الخروج من الطاعون أو الدخول في أرض هو بها:

- ‌كراهة تمني الموت:

- ‌فضل طول العمر مع حسن العمل:

- ‌العمل الصالح قبل الموت دليل على حسن الختام:

- ‌استحباب الدعاء والذكر لمن حضر عند الميت:

- ‌ما يسن عند الاحتضار:

- ‌استحباب الدعاء والاسترجاع (1) عند الموت:

- ‌استحباب اعلام قرابته وأصحابه بموته:

- ‌البكاء على الميت:

- ‌النياحة:

- ‌الاحداد على الميت:

- ‌استحباب صنع الطعام لأهل الميت:

- ‌استحباب طلب الموت في أحد الحرمين:

- ‌ثواب من مات له ولد:

- ‌تجهيز الميت:

- ‌صفة الغسل:

- ‌الكفن:

- ‌الصلاة على الميت:

- ‌كيفية الصلاة على الجنازة:

- ‌استحباب الصفوف الثلاثة وتسويتها:

- ‌استحباب الجمع الكثير:

- ‌المسبوق في صلاة الجنازة:

- ‌من يصلى عليهم ومن لا يصلى عليهم:

- ‌الصلاة على الكافر:

- ‌الصلاة على القبر:

- ‌الصلاة على الغائب:

- ‌الصلاة على الميت في المسجد:

- ‌الصلاة على الجنازة وسط القبور:

- ‌أولى الناس بالصلاة على الميت:

- ‌ما يكره مع الجنازة:

- ‌ترك الجنازة من أجل المنكر:

- ‌الدفن:

- ‌السنة في بناء المقابر:

- ‌تحريم المساجد والسرج على المقابر:

- ‌النهي عن الجلوس على القبر والاستناد إليه والمشي عليه:

- ‌النهي عن تجصيص القبر والكتابة عليه:

- ‌دفن أكثر من واحد في قبر:

- ‌الميت في البحر:

- ‌المرأة تموت وفي بطنها جنين حي:

- ‌المرأة الكتابية تموت وهي حامل من مسلم تدفن وحدها:

- ‌تفضيل الدفن في المقابر:

- ‌النهي عن سب الأموات:

- ‌قراءة القرآن عند القبر:

- ‌نبش القبر:

- ‌نقل الميت:

- ‌التعزية:

- ‌الجلوس لها:

- ‌صفة الزيارة:

- ‌زيارة النساء:

- ‌الأعمال التي تنفع الميت وهل يجوز إهداء الثواب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌أفضل ما يهدى للميت:

- ‌أولاد المسلمين وأولاد المشركين:

- ‌الذكر

- ‌الحج

- ‌فضله:

- ‌شروط وجوب الحج:

- ‌حج المرأة:

- ‌من حج لنذر وعليه حجة الاسلام:

- ‌الاقتراض للحج:

- ‌حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌يوم التروية:

- ‌المواقيت الزمانية:

- ‌المواقيت المكانية:

- ‌‌‌الإحرامقبل الميقات:

- ‌الإحرام

- ‌أنواع الإحرام:

- ‌ثياب الإحرام:

- ‌طواف القارن والمتمتع وسعيهما وأنه ليس لاهل الحرم إلا الإفراد:

- ‌التلبية:

- ‌ما يباح للمحرم:

- ‌محظورات الإحرام:

- ‌جزاء قتل الصيد:

- ‌حكومة عمر وما قضى به السلف:

- ‌كيفية الإطعام والصيام:

- ‌الإشتراك في قتل الصيد:

- ‌صيد الحرم وقطع شجره:

- ‌حدود الحرم المكي:

- ‌حرمة المدينة:

- ‌ما يستحب لدخول مكة والبيت الحرام:

- ‌ الطواف

- ‌شروط الطواف:

- ‌سنن الطواف:

- ‌طواف الرجال مع النساء:

- ‌ركوب الطائف:

- ‌استحباب الشرب من ماء زمزم:

- ‌آداب الشرب منه:

- ‌استحباب الدعاء عند الملتزم:

- ‌استحباب دخول الكعبة وحجر إسماعيل:

- ‌السعي بين الصفا والمروة:

- ‌الوقوف بعرفة:

- ‌صيام عرفة:

- ‌الجمع بين الظهر والعصر:

- ‌الإفاضة من عرفة:

- ‌أعمال يوم النحر:

- ‌رمي الجمار:

- ‌من أين يؤخذ الحصى:

- ‌هل يجوز تأخير الرمي إلى الليل:

- ‌الرمي في الأيام الثلاثة:

- ‌استحباب التكبير والدعاء مع كل حصاة ووضعها بين أصابعه:

- ‌النيابة في الرمي:

- ‌المبيت بمنى:

- ‌متى يرجع من منى

- ‌الهدي:

- ‌الحلق أو التقصير:

- ‌استحباب امرار الموسى على رأس الأصلع:

- ‌طواف الإفاضة:

- ‌تعجيل الإفاضة للنساء:

- ‌العمرة

- ‌جوازها قبل الحج وفي أشهره:

- ‌وقتها:

- ‌ميقاتها:

- ‌طواف الوداع

- ‌كيفية أداء الحج:

- ‌استحباب تعجيل العودة:

- ‌الاحصار:

- ‌موضع ذبح هدي الإحصار:

- ‌لا قضاء على المحصر إلا أن يكون عليه فرض الحج:

- ‌جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ونحوه:

- ‌كسوة الكعبة:

- ‌تطييب الكعبة:

- ‌النهي عن الإلحاد في الحرم:

- ‌استحباب شد الرحال إلى المساجد الثلاثة:

- ‌آداب دخول المسجد النبوي وآداب الزيارة:

- ‌استحباب كثرة التعبد في الروضة المباركة:

- ‌استحباب إتيان مسجد " قبا " والصلاة فيه:

- ‌فضل الموت في المدينة:

الفصل: ‌القراءة خلف الإمام:

‌القراءة خلف الإمام:

الاصل أن الصلاة لا تصح إلا بقراءة سورة الفاتحة، في كل ركعة من ركعات الفرض والنفل كما تقدم في فرائض الصلاة إلا أن المأموم تسقط عنه القراءة ويجب عليه الاستماع والانصات في الصلاة الجهرية، لقول الله تعالى:(وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) .

ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كبر الامام فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا) صححه مسلم وعلى هذا يحمل حديث (من كان له إمام فقراءة الامام له قراءة) : أي إن قراءة الامام له قراءة في الصلاة الجهرية، وأما الصلاة السرية فالقراءة فيها على المأموم وكذا تجب عليه القراءة في الصلاة الجهرية، إذا كان بحيث لا يتمكن من الاستماع للامام.

قال أبو بكر بن العربي: والذي نرجحه وجوب القراءة في الاسرار. لعموم الاخبار (1)، أما الجهر فلا سبيل إلى القراءة فيه لثلاثة أوجه: أحدها: أنه عمل أهل المدينة، الثاني أنه حكم القرآن قال الله تعالى:(وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) وقد عضدته السنة بحديثين.

أحدهما حديث عمران بن حصين (قد (2) علمت أن بعضكم خالجنيها (3)) .

الثاني: قوله: (وإذا قرأ فأنصتوا) .

الثالث: الترجيح، إن القراءة مع الامام لا سبيل إليها، فمتى يقرأ؟ فإن قيل يقرأ في سكتة الامام قلنا.

السكوت لا يلزم الامام، فكيف يركب فرض على ما ليس بفرض؟ لا سيما وقد وجدنا وجها للقراءة مع الجهر، وهي قراءة القلب بالتدبر والتفكر، وهذا نظام القرآن والحديث وحفظ العبادة. ومراعاة السنة، وعمل بالترجيح انتهى.

وهذا اختيار الزهري وابن المبارك، وقول لمالك وأحمد وإسحاق، ونصره ورجحه ابن تيمية.

(1) أدلة وجوب القراءة التي تقدم الكلام عليها في فرائض الصلاة.

(2)

قال له النبي صلى الله عليه وسلم، لما سمع رجلا يقرأ خلفه (سبح اسم ربك الاعلى) .

(3)

(خالجنيها) نازعنيها.

ص: 159

(7)

تكبيرات الانتقال: يكبر في كل رفع وخفض وقيام وقعود، إلا في الرفع من الركوع فإنه يقول: سمع الله لمن حمده، فعن ابن مسعود قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يكبر في كل خفض ورفع وقيام وقعود.

رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه.

ثم قال والعمل عليه عند أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم، ومن بعدهم من التابعين، وعليه عامة الفقهاء والعلماء، انتهى، فعن أبي بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث أنه سمع أبا هريرة يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم.

ثم يكبر حين يركع ثم يقول: سمع الله لمن حمده، حين يرفع صلبه من الركعة، ثم يقول وهو قائم: ربنا لك الحمد، قبل أن يسجد، ثم يقول: الله أكبر حين يهوي ساجدا، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يكبر حين يقوم من الجلوس في اثنتين، ثم يفعل ذلك في كل ركعة حتى يفرغ من الصلاة، قال أبو هريرة: كانت هذه صلاته حتى فارق الدنيا.

رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود.

وعن عكرمة قال قلت لابن عباس: صليت الظهر بالبطحاء خلف شيخ أحمق، فكبر اثنتين وعشرين تكبيرة، يكبر إذا سجد، وإذا رفع رأسه.

فقال ابن عباس: تلك صلاة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم رواه أحمد والبخاري.

ويستحب أن يكون ابتداء التكبير حين يشرع في الانتقال.

(8)

هيئات الركوع: الواجب في الركوع مجرد الانحناء، بحيث تصل اليدان إلى الركبتين، ولكن السنة فيه تسوية الرأس بالعجز، والاعتماد باليدين على الركبتين مع مجافاتهما على الجنبين، وتفريج الاصابع على الركبة والساق، وبسط الظهر.

فعن عقبة بن عامر (إنه ركع فجافى يديه، ووضع يديه على ركبتيه، وفرج بين أصابعه من وراء ركبتيه وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي) رواه أحمد وأبو داود والنسائي.

وعن أبي حميد: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع اعتدل، ولم يصوب رأسه ولم يقنعه (1) ،

(1)(يصوب) يميل به إلى أسفل. (يقنعه) : يرفعه إلى أعلى.

ص: 160

ووضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما، رواه النسائي.

وعند مسلم عن عائشة رضي الله عنها: كان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه. ولكن بين ذلك.

وعن علي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع، لو وضع قدح من ماء على ظهره لم يهرق (1) .

رواه أحمد وأبو داود في مراسيله وعن مصعب بن سعد قال: صليت إلى جانب أبي، فطبقت بين كفي ثم وضعتهما بين فخذي.

فنهاني عن ذلك وقال: كنا نفعل هذا، فأمرنا أن نضع أيدينا على الركب. رواه الجماعة.

(9)

الذكر فيه: يستحب الذكر في الركوع بلفظ (سبحان ربي العظيم) .

فعن عقبة بن عامر قال: لما نزلت (فسبح باسم ربك العظيم) قال لنا النبي صلى الله عليه وسلم (اجعلوها في ركوعكم) رواه أحمد وأبو داود وغيرهما بإسناد جيد.

وعن حذيفة قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يقول في ركوعه: (سبحان ربي العظيم) رواه مسلم وأصحاب السنن.

وأما لفظ (سبحان ربي العظيم وبحمده) فقد جاء من عدة طرق كلها ضعيفة.

قال الشوكاني: ولكن هذه الطرق تتعاضد، ويصح أن يقتصر المصلي على التسبيح، أو يضيف إليه أحد الاذكار الاتية:

1 -

عن علي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع قال: (اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وأنت ربي خشع سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي وما استقلت به قدمي لله رب العالمين) رواه أحمد ومسلم وأبو داود وغيرهم.

2 -

عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان

يقول في ركوعه وسجوده: (سبوح قدوس (2) رب الملائكة والروح) .

3 -

وعن عوف بن مالك الاشجعي قال: قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة، فقام فقرأ سورة (البقرة) إلى أن قال فكان يقول في ركوعه:

(1)(يهرق) : يصب منه شئ، لاستواء ظهره.

(2)

(سبوح قدوس) الفصيح منها، ضم الاول، وهما خبر لمبتدأ محذوف أنت؟ تقدير معناهما أنت منزه ومطهر عن كل ما لا يليق بجلالك.

ص: 161

وسبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة) رواه أبو داود والترمذي والنسائي.

وعن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) يتأول القرآن (1) رواه أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم.

(10)

أذكار الرفع من الركوع والاعتدال: يستحب للمصلي - إماما أو مأموما أو منفردا - أن يقول عند الرفع من الركوع: سمع الله لمن حمده، فإذا استوى قائما فليقل: ربنا ولك الحمد، أو: اللهم ربنا ولك الحمد، فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: سمع الله لمن حمده، حين يرفع صلبه من الركعة، ثم يقول وهو قائم: ربنا ولك الحمد، رواه أحمد والشيخان.

وفي البخاري من حديث أنس: وإذا قال: سمع الله لمن حمده. فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد.

يرى بعض العلماء أن المأموم لا يقول (سمع الله لمن حمده) بل إذا سمعها من الامام يقول: اللهم ربنا ولك الحمد. لهذا الحديث.

ولحديث أبي هريرة عند أحمد وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قال الامام سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا ولك الحمد، فإن من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه) ولكن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) يقتضي أن يجمع كل مصل بين التسبيح والتحميد، وإن كان مأموما ويجاب عما استدل به القائلون (بأن المأموم لا يجمع بينهما) بل يأتي بالتحميد فقط، بما ذكره النووي قال: قال أصحابنا، فمعناه قولوا:(ربنا لك الحمد) مع ما قد علمتموه من قول سمع الله لمن حمده، وإنما خص هذا بالذكر، لانهم كانوا يسمعون جهر النبي صلى الله عليه وسلم (سمع الله لمن حمده) فإن السنة فيه الجهر ولا يسمعون قوله: ربنا لك الحمد، لانه يأتي به سرا.

وكانوا يعلمون قوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) مع قاعدة التأسي به صلى الله عليه وسلم مطلقا، وكانوا يوافقون في (سمع الله لمن حمده) فلم

(1)(يتأول القرآن) : أي يعمل بقبول الله تعالى (فسبح بحمد ربك واستغفره) .

ص: 162

يحتج إلى الامر به، ولا يعرفون (ربنا لك الحمد) فأمروا به.

هذا أقل ما يقتصر عليه في التحميد حين الاعتدال ويستحب الزيادة على ذلك بما جاء في الاحاديث الاتية:

1 -

عن رفاعة بن رافع قال: كنا نصلي يوما وراء النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من الركعة وقال: سمع الله لمن حمده، قال رجل وراءه:(ربنا لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه) فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من المتكلم آنفا) ؟ قال الرجل: أنا يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لقد رأيت بضعة (1) وثلاثين ملكا يبتدرونها، أيهم يكتبها أولا) رواه أحمد والبخاري ومالك وأبو داود.

2 -

وعن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع من الركعة قال: (سمع الله لمن حمده وربنا ولك الحمد ملء (2) السموات والارض وما بينهما، وملء ما شئت من شئ بعد) رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي.

3 -

وعن عبد الله بن أبي أوفى عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: وفي لفظ: يدعو، إذا رفع رأسه من الركوع:(اللهم لك الحمد ملء السماء وملء الارض وملء ما شئت من شئ بعد: اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد، اللهم طهرني من الذنوب ونقني منها كما ينقى الثوب الابيض من الوسخ) رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه.

ومعنى الدعاء: طلب الطهارة الكاملة.

4 -

وعن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال: (سمع الله لمن حمده) قال: (اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الارض وملء ما شئت من شئ بعد أهل الثناء والمجد (3) أحق ما قال

(1)(البضع) من الثلاثة إلى العشرة.

(2)

(ملء) بفتح الهمزة، هذا هو المشهور أي لو جسم الحمد لملا السموات والارض وما بينهما لعظمه.

(3)

(أهل الثناء والمجد) أهل منصوب على النداء أو الاختصاص) أي يا أهل الثناء! أو مدح أهل الثناء. (الجد) بفتح الجيم على المشهور! الحظ والعظمة. والغني: أي لا ينفعه ذلك، وإنما ينفعه العمل الصالح!

ص: 163

العبد، وكلنا لك عبد: لا مانع لما أعطيت.

ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد) رواه مسلم وأحمد وأبو داود.

5 -

وصح عنه صلى الله عليه وسلم: أنه كان يقول بعد (سمع الله لمن حمده)(لربى الحمد، لربي الحمد) حتى يكون اعتداله قدر ركوعه.

(11)

كيفية الهوي إلى السجود والرفع منه: ذهب الجمهور إلى استحباب وضع الركبتين قبل اليدين، حكاه ابن المنذر عن عمر النخعي ومسلم بن يسار وسفيان الثوري وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي قال: وبه أقول، انتهى.

وحكاه أبو الطيب عن عامة الفقهاء.

وقال ابن القيم: وكان صلى الله عليه وسلم يضع ركبتيه قبل يديه ثم يديه بعدهما ثم جبهته وأنفه هذا هو الصحيح الذي رواه شريك عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه ولم يرو في فعله ما يخالف ذلك، انتهى.

وذهب مالك والاوزاعي وابن حزم إلى استحباب وضع اليدين قبل الركبتين، وهو رواية عن أحمد.

قال الاوزاعي: أدركت الناس يضعون أيديهم قبل ركبهم.

وقال ابن أبي داود: وهو قول أصحاب الحديث.

وأما كيفية الرفع من السجود حين القيام إلى الركعة الثانية، فهو على الخلاف أيضا، فالمستحب عند الجمهور أن يرفع يديه ثم ركبتيه، وعند غيرهم يبدأ برفع ركبتيه قبل يديه.

(12)

هيئة السجود: يستحب للساجد أن يراعي في سجوده ما يأتي:

1 -

تمكين أنفه وجبهته ويديه على الارض، مع مجافاتهما عن جنبيه، فعن وائل بن حجر: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سجد وضع جبهته بين كفيه وجافى عن إبطيه. رواه أبو داود.

وعن أبي حميد: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد أمكن أنفه وجبهته من الارض، ونحى يديه عن

ص: 164

جنبيه، ووضع كفيهحذو منكبيه، رواه ابن خزيمة والترمذي وقال: حسن صحيح.

2 -

وضع الكفين حذو الاذنين أو حذو المنكبين، وقد ورد هذا وذاك، وجمع بعض العلماء بين الروايتين، بأن يجعل طرفي الابهامين حذو الاذنين، وراحتيه حذو منكبيه.

3 -

أن يبسط أصابعه مضمومة، فعند الحاكم وابن حبان: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع فرج بين أصابعه.

وإذا سجد ضم أصابعه.

4 -

أن يستقبل بأطراف أصابعه القبلة فعند البخاري من حديث أبي حميد: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد وضع يديه غير مفترشهما ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة.

(13)

مقدار السجود وأذكاره: يستحب أن يقول الساجد حين سجوده: (سبحان ربي الاعلى) .

فعن عقبة بن عامر قال: لما نزلت (سبح اسم ربك الاعلى) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اجعلوها في سجودكم) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم، وسنده جيد.

وعن حذيفة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده: (سبحان ربي الاعلى) رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن.

وقال الترمذي: حسن صحيح.

وينبغي أن لا ينقص التسبيح في الركوع والسجود عن ثلاث تسبيحات.

قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم، يستحبون أن لا ينقص الرجل في الركوع والسجود عن ثلاث تسبيحات، انتهى.

وأما أدنى ما يجزئ فالجمهور على أن أقل ما يجزئ في الركوع والسجود قدر تسبيحة واحدة.

وقد تقدم أن الطمأنينة هي الفرض وهي مقدرة بمقدار تسبيحة.

وأما كمال التسبيح فقدره بعض العلماء بعشر تسبيحات لحديث سعيد بن جبير عن أنس قال: (ما رأيت أحدا أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الغلام، يعني عمر بن عبد العزيز فحزرنا في الركوع عشر تسبيحات (1)

(1)(حزرنا) : أي قدرنا.

ص: 165

وفي السجود عشر تسبيحات) .

رواه أحمد وأبو داود والنسائي بإسناد جيد.

قال الشوكاني: قيل: فيه حجة لمن قال: إن كمال التسبيح عشر تسبيحات. والاصح أن المفرد يزيد في التسبيح ما أراد وكلما زاد كان أولى.

والاحاديث الصحيحة في تطويله صلى الله عليه وسلم ناطقة بهذا. وكذا الامام إذا كان المؤتمون لا يتأذون بالتطويل. انتهى.

وقال ابن عبد البر: ينبغي لكل إمام أن يخفف، لامره صلى الله عليه وسلم، وإن علم قوة من خلفه، فإنه لا يدري ما يحدث لهم من حادث، وشغل عارض وحاجة وحدث وغير ذلك.

وقال ابن المبارك: استحب للامام أن يسبح خمس تسبيحات، لكي يدرك من خلفه ثلاث تسبيحات.

والمستحب ألا يقتصر المصلي على التسبيح، بل يزيد عليه ما شاء من الدعاء.

ففي الحديث الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أقرب ما يكون أحدكم من ربه وهو ساجد، فأكثروا فيه من الدعاء)، وقال:(ألا إني نهيت أن أقرأ راكعا أو ساجدا فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن (1) أن يستجاب لكم) رواه أحمد ومسلم.

وقد جاءت أحاديث كثيرة في ذلك نذكرها فيما يلي:

1 -

عن علي رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد يقول: (اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه فصوره فأحسن صوره، فشق سمعه وبصره: فتبارك الله أحسن

الخالقين) رواه أحمد ومسلم.

2 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما يصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التهجد قال: ثم خرج إلى الصلاة فصلى وجعل يقول في صلاته أو في سجوده: (اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي سمعي نورا، وفي بصري نورا، وعن يميني نورا، وعن يساري نورا، وأمامي نورا، وخلفي نورا، وفوقي نورا، وتحتي نورا، واجعلني نورا، قال شعبة: أو قال: (اجعل لي نورا) رواه مسلم وأحمد وغيرهما، وقال النووي: قال العلماء:

(1)(قمن) بفتح أوله وثانية أو كسر ثانيه: أي حقيق وجدير.

ص: 166

سأل النور في جميع أعضائه وجهاته، والمراد بيان الحق والهداية إليه. فسأل النور في جميع أعضائه وجسمه، وتصرفاته وتقلباته وحالته وجملته، في جهاته الست. حتى لا يزيغ شئ منها عنه.

3 -

وعن عائشة: أنها فقدت النبي صلى الله عليه وسلم من مضجعه فلمسته بيدها، فوقعت عليه وهو ساجد، وهو يقول:(رب أعط نفسي تقواها، وزكها، أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها) رواه أحمد.

4 -

وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده (اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله (1) وأوله وآخره، وعلانيته وسره) رواه مسلم وأبو داود والحاكم.

5 -

وعن عائشة قالت: فقدت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فلمسته في المسجد، فإذا هو ساجد وقدماه منصوبتان، وهو يقول:(اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) رواه مسلم وأصحاب السنن.

6 -

وعنها أنها فقدته صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فظنت أنه ذهب إلى بعض نسائه، فتحسسته فإذا هو راكع أو ساجد يقول:(سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت) فقالت: (بأبي أنت وأمي، إني لفي شأن وإنك لفي شأن آخر) رواه أحمد ومسلم والنسائي.

7 -

وكان صلى الله عليه وسلم يقول وهو ساجد: (اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني. اللهم اغفر لي جدي وهزلي، وخطئي، وعمدي، وكل ذلك عندي. اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت. أنت إلهي لا إله إلا أنت) .

(14)

صفة الجلوس بين السجدتين: السنة في الجلوس بين السجدتين، أن يجلس مفترشا. وهو أن يثني رجله

(1) دقه وجله: (دقه) بكسر أوله: صغيره.

(جله) : بضم أوله أو بكسره: أي كبيره.

ص: 167

اليسرى فيبسطها ويجلس عليها، وينصب رجله اليمنى، جاعلا أطراف أصابعها إلى القبلة.

فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى.

رواه البخاري ومسلم.

وعن ابن عمر: من سنة الصلاة أن ينصب القدم اليمنى واستقباله بأصابعها القبلة، والجلوس على اليسرى، رواه النسائي.

وقال نافع: كان ابن عمر إذا صلى استقبل القبلة بكل شئ حتى بنعليه، رواه الاثرم.

وفي حديث أبي حميد في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثم ثنى رجله اليسرى وقعد علهيا، ثم اعتدل حتى رجع كل عظم موضعه، ثم هوى ساجدا. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه.

وقد ورد أيضا استحباب الافعاء، وهو أن يفرش قدميه ويجلس على عقبيه.

قال أبو عبيدة: هذا قول أهل الحديث.

فعن أبي الزبير أنه سمع طاووسا يقول: قلنا لابن عباس في الاقعاء على القدمين.

فقال: هي السنة، قال: فقلنا: إنا لنراه جفاء بالرجل.

فقال: هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان إذا رفع رأسه من السجدة الاولى يقعد على أطراف أصابعه، ويقول: إنه من السنة.

وعن طاووس قال: رأيت العبادلة يعني عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير يقعون رواهما البيهقي: قال الحافظ: صحيحة الاسناد وأما الاقعاء - بمعنى وضع الاليتين على الارض ونصب الفخذين - فهذا مكروه، باتفاق العلماء.

فعن أبي هريرة قال: (نهاني النبي صلى الله عليه وسلم عن ثلاثة: عن نقرة كنقرة الديك، وإقعاء كاقعاء الكلب، والتفات كالتفات الثعلب) ، رواه أحمد والبيهقي والطبراني وأبو يعلى. وسنده حسن، ويستحب للجالس بين السجدتين أن يضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ويده اليسرى على فخذه اليسرى، بحيث تكون الاصابع مبسوطة موجهة جهة القبلة، مفرجة قليلا، منتهية إلى الركبتين.

الدعاء بين السجدتين:

يستحب الدعاء في السجدتين بأحد الدعاءين الاتيين ويكرر إذا شاء.

روى

ص: 168

النسائي وابن ماجه عن حذيفة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: (رب اغفر لي) وروى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين (اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارزقني (1) .

(15)

جلسة الاستراحة: هي جلسة خفيفة يجلسها المصلي بعد الفراغ من السجدة الثانية من الركعة الاولى، قبل النهوض إلى الركعة الثانية، وبعد الفراغ من السجدة الثانية، من الركعة الثالثة، قبل النهوض إلى الركعة الرابعة.

وقد اختلف العلماء في ذلك حكمها، تبعا لاختلاف الاحاديث.

ونحن نورد ما لخصه ابن القيم في ذلك قال: واختلف الفقهاء فيها، هل هي من سنن الصلاة، فيستحب لكل أحد أن يفعلها، أو ليست من السنن، وإنما يفعلها من احتاج إليها؟ على قولين، هما روايتان عن أحمد رحمه الله قال الخلال: (رجع أحمد إلى حديث مالك ابن الحويرث في جلسة الاستراحة وقال: أخبرني يوسف بن موسى: أن أبا أمامة سئل عن النهوض فقال: على صدور القدمين، على حديث رفاعة.

وفي حديث ابن عجلان ما يدل على أنه كان ينهض على صدور قدميه، وقد روى عدة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وسائر من وصف صلاته صلى الله عليه وسلم، لم يذكر هذه الجلسة وإنما ذكرت في حديث أبي حميد ومالك بن الحويرث.

ولو كان هديه صلى الله عليه وسلم فعلها دائما، لذكرها كل واصف لصلاته صلى الله عليه وسلم، ومجرد فعله دائما، لذكرها كل واصف لصلاته صلى الله عليه وسلم، ومجرد فعله صلى الله عليه وسلم لها لا يدل على أنها من سنن الصلاة، إلا إذا علم أنه فعلها سنة فيقتدى به فيها وأما إذا قدر أنه فعلها للحاجة: لم يدل على كونها سنة من سنن الصلاة.

(16)

صفة الجلوس للتشهد: ينبغي في الجلوس للتشهد مراعاة السنن الاتية:

(أ) : أن يضع يدبه على الصفة المبينة في الاحاديث الاتية:

1 -

عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان

(1) رواه الترمذي، وفيه:(واجبرني) بدل وعافني.

ص: 169

إذا قعد للتشهد وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، واليمنى على اليمنى وعقد ثلاثا وخمسين (1) وأشار بأصبعه السبابة.

وفي رواية: وقبض أصابعه كلها. وأشار بالتي تلي الابهام.

رواه مسلم.

2 -

وعن وائل بن حجر: أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع كفه اليسى على فخذه، وركبته اليسرى، وجعل حد مرفقه الايمن على فخذه الايمن، ثم قبض بين أصابعه فحلق حلقة.

وفي رواية: حلق بالوسطى والابهام وأشار بالسبابة، ثم رفع أصبعه فرأيته يحركها يدعو بها، رواه أحمد، قال البيهقي: يحتمل أن يكون المراد بالتحريك الاشارة بها. لا تكرير تحريكها، ليكون موافقا لرواية ابن الزبير: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير بإصبعه إذا دعا لا يحركها.

رواه أبو داود بإسناد صحيح. ذكره النووي.

3 -

وعن الزبير رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في التشهد، وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويده اليسرى على فخذه اليسرى، وأشار بالسبابة، ولم يجاوز بصره إشارته) رواه أحمد ومسلم والنسائي.

ففي هذا الحديث الاكتفاء بوضع اليمنى على الفخذ بدون قبض.

والاشارة بسبابة اليد اليمنى، وفيه: أنه من السنة أن لا يجاوز بصر المصلي إشارته.

فهذه كيفيات ثلاث صحيحة، والعمل بأي كيفية جائز.

(ب) : أن يشير بسبابته اليمنى مع انحنائها قليلا حتى يسلم.

فعن نمير الخزاعي قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قاعد في الصلاة قد وضع ذراعه اليمنى على فخذه اليمنى، رافعا إصبعه السبابة، وقد حناها شيئا وهو يدعو.

رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة بإسناد جيد: وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسعد وهو يدعو بأصبعين فقال: (أحد يا سعد)(2) رواه أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم.

وقد سئل ابن عباس عن الرجل يدعو يشير بإصبعه؟ فقال: هو الاخلاص.

وقال أنس بن مالك: ذلك التضرع، وقال مجاهد: مقمعة للشيطان.

ورأى الشافعية أن يشير بالاصبع مرة واحدة عند قوله (إلا الله) من

(1)(عقد ثلاثا وخمسين) : أي قبض أصابعه، وجعل الابهام على الفصل الاوسط من تحت السبابة.

(2)

(أحد) : أشر باصبع واحد.

ص: 170

الشهادة، وعند الحنفية يرفع سبابته عند النفي (1) .

ويضعها عند الاثبات، وعند المالكية، يحركها يمينا وشمالا إلى أن يفرغ من الصلاة، ومذهب الحنابلة يشير بإصبعه كلما ذكر اسم الجلالة، إشارة إلى التوحيد، لا يحركها.

(ح) : أن يفترش في التشهد الاول (2) ويتورك في التشهد الاخير.

ففي حديث أبي حميد في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإذا جلس في الركعتين (3) جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى، فإذا جلس في الركعة الاخيرة قدم رجله اليسرى ونصب الاخرى وقعد على مقعدته) رواه البخاري.

(والتورك) أن ينصب رجله اليمنى مواجها أصبعه الى القبلة، ويثني رجله اليسرى تحتها ويجلس بمقعدته على الارض.

(3)

(فإذا جلس في الركعتين) : أي للتشهد الاول.

(17)

التشهد الاول: يرى جمهور العلماء، أن التشهد الاول سنة، لحديث عبد الله ابن بحينة

أن النبي صلى الله عليه وسلم قام في صلاة الظهر وعليه جلوس، فلما أتم صلاته سجد سجدتين، يكبر في كل سجدة وهو جالس، قبل أن يسلم، وسجدهما الناس معه، فكان ما نسي من الجلوس، رواه الجماعة.

وفي سبل السلام الحديث دليل على أن ترك التشهد الاول سهوا يجبره سجود السهو.

وقوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) يدل على وجوب التشهد الاول، وجبرانه عند تركه، دل على أنه وإن كان واجبا فإنه يجبره سجود السهو، والاستدلال على عدم وجوبه بذلك لا يتم حتى يقوم الدليل على أن كل واجب لا يجزئ عنه سجود السهو إن ترك سهوا.

وقال الحافظ في الفتح: قال ابن بطال: والدليل على أن سجود السهو لا ينوب عن الواجب، إنه لو نسي تكبيرة الاحرام لم تجبر، فكذلك التشهد، ولانه ذكر لا يجهر فيه بحال فلم يجب، كدعاء الاستفتاح، واحتج غيره بتقريره صلى الله عليه وسلم الناس على متابعته، بعد أن علم أنهم تعمدوا تركه، وفيه نظر.

وممن قال بوجوبه، الليث بن سعد، وإسحاق وأحمد في المشهور، وهو قول الشافعي،

(1) يرفع سبابته عند النفي: عند قوله لا، (ويضعها عند الاثبات) أي عند قوله (إلا الله) من الشهادة.

(2)

تقدم بيان معناه في صفة الجلوس بين السجدتين.

ص: 171

وفي رواية عند الحنفية.

واحتج الطبراني لوجوبه، بأن الصلاة فرضت أولا ركعتين، وكان التشهد فيها واجبا، فلما زيدت لم تكن الزيادة مزيلة لذلك الوجوب.

استحباب التخفيف فيه: ويستحب الخفيف فيه.

فعن ابن مسعود قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الركعتين الاوليين كأنه على الرضف (1) رواه أحمد وأصحاب السنن: وقال الترمذي: حسن إلا أن عبيدة (2) لم يسمع من أبيه.

قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم يختارون أن لا يطيل الرجل في القعود في الركعتين، لا يزيد على التشهد شيئا.

وقال ابن القيم: لم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم صلى عليه وعلى آله في التشهد الاول، ولا كان يستعيذ فيه من عذاب القبر وعذاب النار وفتنة المحيا وفتنة الممات وفتنة المسيح الدجال، ومن استحب ذلك فإنما فهمه من عمومات وإطلاقات، قد صح تبيين موضعها وتقييدها بالتشهد الاخير.

جمع رضفة: وهي الحجارة المحماة، وهو كناية عن تخفيف الجلوس.

(18)

الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: يستحب للمصلي أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الاخير، بإحدي الصيغ التالية: 1 - عن أبي مسعود البدري قال: (قال بشير بن سعد: يا رسول الله أمرنا الله أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك؟ فسكت ثم قال: (قولوا: اللهم صل على محمد (3) وعلى آل محمد (4) كما صليت على آل إبراهيم. وبارك

(1)(الرضف) .

(2)

عبيدة بن عبد الله بن مسعود الذي روى الحديث عن أبيه ابن مسعود.

(3)

(اللهم) : أي يا الله. (صلاة الله على نبيه) ثناؤه عليه وإظهار فضله وشرفه وإرادة تكريمه وتقريبه.

(4)

(آله) قيل: هم من حرمت عليهم الصدقة من بني هاشم وبني المطلب. وقيل هم ذريته وأزواجه، وقيل هم أمته وأتباعه إلى يوم القيامة، وقيل: هم المتقون من أمته، قال: ابن القيم: الاول هو الصحيح، ويليه القول الثاني وضعف الثالث والرابع، وقال النووي: أظهرها، وهو اختيار الازهري وغيره من المحققين أنهم جميع الامة.

ص: 172

على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد (1) مجيد، والسلام كما علمتم) رواه مسلم وأحمد.

2 -

وعن كعب بن عجزة قال: قلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال:(فقولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد: اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد) رواه الجماعة.

وإنما كانت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مندوبة وليست بواجبة، لما رواه الترمذي وصححه، وأحمد وأبو داود عن فضالة بن عبيد قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو في صلاته، فلم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (وعجل هذا)، ثم دعاه فقال له أو لغيره:(إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه ثم ليصل على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليدع بما شاء الله) قال صاحب المنتقى: وفيه حجة لمن لا يرى الصلاة عليه فرضا، حيث لم يأمر تاركها بالاعادة ويعضده قوله في خبر ابن مسعود بعد ذكر التشهد:(ثم يتخير من المسألة ما شاء) وقال الشوكاني: لم يثبت عندي ما يدل للقائلين بالوجوب.

(19)

الدعاء بعد التشهد الاخير وقبل السلام: يستحب الدعاء بعد التشهد وقبل السلام بما شاء من خيري الدنيا والاخرة.

فعن عبد الله بن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم، علمهم التشهد ثم قال في آخره:(ثم لتختر من المسألة ما تشاء) رواه مسلم.

والدعاء مستحب مطلقا، سواء كان مأثورا أو غير مأثور إلا أن الدعاء بالمأثور أفضل.

ونحن نورد بعض ما ورد في ذلك.

1 -

عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا فرغ أحدكم من التشهد الاخير فليتعوذ بالله من أربع، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن

(1)(الحميد) هو الذي له من الصفات وأسباب الحمد ما يقتضي أن يكون محمودا، وإن لم يحمده غيره، فهو حميد في نفسه.

(والمجيد) من كمل في العظمة والجلال.

ص: 173

شر فتنة المسيح الدجال) رواه مسلم.

2 -

وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة: (اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات: اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم (1) متفق عليه.

3 -

وعن علي رضي الله عنه قال، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة، يكون آخر ما يقول بين التشهد والتسليم:(اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر: لا إله إلا أنت) رواه مسلم.

4 -

وعن عبد الله بن عمرو: (أن أبا بكر قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علمني دعاء أدعو به في صلاتي؟ قال: قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم) متفق عليه.

5 -

وعن حنظلة بن علي: أن محجن بن الادرع حدثه قال: (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فإذا هو برجل قد قضى صلاته (2) وهو يتشهد ويقول: اللهم إني أسألك يا الله الواحد الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(قد غفر) ثلاثا. رواه أحمد وأبو داود.

6 -

وعن شداد بن أوس قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في صلاته: اللهم إني أسألك الثبات في الامر، والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك قلبا سليما. ولسانا صادقا، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم) رواه النسائي.

(1) المأثم: الاثم، والمغرم: الدين.

(2)

(قد قضى صلاته) : قارب أن ينتهي منها.

ص: 174

7 -

وعن أبي مجلز قال: صلى بنا عمار بن ياسر رضي الله عنهما صلاة فأوجز فيها، فأنكروا ذلك فقال: (ألم أتم الركوع والسجود؟

قالوا: بلى. قال: أما إني دعوت فيها بدعاء كان رسول اله صلى الله عليه وسلم يدعو به: اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي، أسألك خشيتك في الغيب والشهادة وكلمة الحق في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغني، ولذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، وأعوذ بك من ضراء مضرة، ومن فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الايمان، واجعلنا هداة مهديين) رواه أحمد والنسائي بإسناد جيد.

8 -

وعن أبي صالح عن رجل من الصحابة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل: (كيف تقول في الصلاة؟) قال: أتشهد، ثم أقول: اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار، أما إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة (1) معاذ. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(حولها ندندن) . رواه أحمد وأبو داود.

9 -

وعن ابن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه أن يقول هذا الدعاء: اللهم ألف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام ونجنا من الظلمات إلى النور، وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا وأزواجنا وذرياتنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واجعلنا شاكرين لنعمتك، مثنين بها وقابليها وأتمها علينا) رواه أحمد وأبو داود.

10 -

وعن أنس قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ورجل قائم يصلي، فلما ركع وتشهد قال في دعائه: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان، بديع السموات والارض يا ذا الجلال والاكرام يا حي يا قيوم إني أسألك.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم لاصحابه: (أتدرون بم دعا؟) قالوا: الله ورسوله أعلم.

قال: (والذي نفس محمد بيده لقد دعا

(1) الدندنة: الكلام غير المفهوم.

ص: 175

الله باسمه العظيم، الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى) . رواه النسائي.

11 -

عن عمير بن سعد قال: كان ابن مسعود يعلمنا التشهد في الصلاة ثم يقول: إذا فرغ أحدكم من التشهد فليقل اللهم إني أسألك من الخير كله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك من خير ما سألك منه عبادك الصالحون، وأعوذ بك من شر ما استعاذك منه عبادك الصالحون، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار.

قال: لم يدع نبي ولا صالح بشئ إلا دخل في هذا الدعاء. رواه ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور.

(20)

الاذكار والادعية بعد السلام: ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم جملة أذكار وأدعية بعد السلام، يسن للمصلي أن يأتي بها، ونحن نذكرها فيما يلي:

1 -

عن ثوبان رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر الله ثلاثا وقال: (اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والاكرام، رواه الجماعة إلا البخاري.

وزاد مسلم: قال الوليد: فقلت للاوزاعي: كيف الاستغفار؟ قال يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله.

2 -

وعن معاذ بن جبل: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيده يوما ثم قال: (يا معاذ إني لاحبك) فقال له معاذ: (بأبي أنت وأمي يا رسول الله، وأنا أحبك) قال: (أوصيك يا معاذ، لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وقال صحيح على شرط الشيخين.

وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أتحبون أن تجتهدوا في الدعاء؟ قولوا: اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) رواه أحمد بسند جيد.

(1)(اللهم أنت السلام ومنك السلام) السلام الاول اسم من أسماء الله تعالى. ولا ثاني بمعنى السلامة. (تباركت) كثر خيرك.

ص: 176

3 -

وعن عبد الله بن الزبير قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم في دبر الصلاة يقول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شئ قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا نعبد إلا إياه، أهل النعمة والفضل والثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون) . رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي.

4 -

وعن المغيرة بن شعبة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول دبر كل صلاة مكتوبة: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير: اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد) رواه أحمد والبخاري ومسلم.

5 -

وعن عقبة بن عامر قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذتين دبر كل صلاة. ولفظ أحمد وأبي داود بالمعوذات (1) رواه أحمد والبخاري ومسلم.

6 -

وعن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت) رواه النسائي والطبراني.

وعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قرأ آية الكرسي في دبر الصلاة المكتوبة كان في ذمة الله (2) إلى الصلاة الاخرى) . رواه الطبراني بإسناد حسن.

7 -

وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين تلك تسع وتسعون. ثم قال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، غفرت له خطاياه وإن كانت مثل زيد البحر (3)) رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود.

8 -

وعن كعب بن عجرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(1)(قل هو الله أحد) من المعوذات.

(2)

(ذمة الله) : حفظه.

(3)

(الزبد) : الرغوة فوق الماء، والمراد بالخطايا: الصغائر.

ص: 177

(معقبات لا يخيب قائلهن أو فاعلهن دبر كل صلاة مكتوبة ثلاثا وثلاثين تسبيحة، وثلاثا وثلاثين تحميد وأربعا وثلاثين تكبيرة) رواه مسلم.

9 -

وعن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة: أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذهب أهل الثور (1) بالدرجات العلا والنعيم المقيم قال: وما ذاك؟ قالوا: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق ويعتقون ولا نعتق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أفلا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم، وتسبقون من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم، إلا من صنع مثل ما صنعتم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: (تسبحون الله وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة) فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: سمع اخواننا أهل الاموال بما فعلنا ففعلوا مثله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) قال سمي: فحدثت بعض أهلي بهذا الحديث فقال: وهمت، إنما قال لك تسبح ثلاثا وثلاثين، وتحمد ثلاثا وثلاثين، وتكبر أربعا وثلاثين.

فرجعت إلى أبي صالح فقلت له ذلك، فأخذ بيدي فقال: الله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، (وسبحان الله، والحمد لله، حتى يبلغ من جميعهن ثلاثا وثلاثين) متفق عليه.

10 -

وصح أيضا، أن يسبح خمسا وعشرين ويحمد مثلها ويكبر مثلها، ويقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير مثلها.

11 -

عن عبد الله بن عمرو قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خصلتان من حافظ عليهما أدخلتاه الجنة وهما يسير ومن يعمل بهما قليل، قالوا: وما هما يا رسول الله؟ قال: (أن تحمد الله، وتكبره وتسبحه في دبر كل صلاة مكتوبة عشرا عشرا وإذا أتيت إلى مضجعك، تسبح الله وتكبره وتحمده مائة. فتلك خمسون ومائتان باللسان، وألفان (2) وخمسمائة

(1) الدثور: المال الكثير.

(2)

لان الحسنة بعشرة أمثالها.

ص: 178

في الميزان.

فأيكم يعمل في اليوم والليلة ألفين وخمسمائة سيئة قالوا: كيف من يعمل بها قليل؟ قال: يجئ أحدكم الشيطان في صلاته فيذكره حاجة كذا وكذا فلا يقولها، ويأتيه عند منامه فينومه فلا يقولها) قال: ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدهن بيده (1) رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح.

12 -

وعن علي - وقد جاء هو وفاطمة رضي الله عنهما يطلبان خادما يخفف عنهما بعض العمل، فأبى النبي صلى الله عليه وسلم عليهما، ثم قال لهما:(ألا أخبركما بخير مما سألتماني؟ قالا: بلى. فقال: (كلمات علمنيهن جبريل عليه السلام: تسبحان في دبر كل صلاة عشرا، وتحمدان عشرا، وتكبران عشرا، وإذا أويتما إلى فراشكما، فسبحا ثلاثين وثلاثين: وأحمدا ثلاثا وثلاثين، وكبر أربعا وثلاثين) وقال: فوالله ما تركتهن منذ علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

13 -

وعن عبد الرحمن بن غنم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قال قبل أن ينصرف ويثني رجله من صلاة المغرب والصبح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير. عشر مرات كتب له بكل واحدة عشر حسنات ومحيت عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكانت حرزا من كل مكروه، وحرزا من الشيطان الرجيم، ولم يحل لذنب يدركه (2) إلا الشرك فكان من أفضل الناس عملا إلا رجلا يفضله. يقول أفضل مما قال) رواه أحمد وروى الترمذي نحوه بدون ذكر (بيده الخير) .

14 -

وعن مسلم بن الحارث عن أبيه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا صليت الصبح فقل قبل أن تكلم أحدا من الناس: اللهم أجرني من النار، سبع مرات، فإنك إن مت من يومك كتب الله عز وجل لك جورا من النار، وإذا صليت المغرب فقل قبل أن تكلم أحدا من الناس: اللهم إني أسألك الجنة: اللهم أجرني من النار، سبع مرات، فإنك إن مت من ليلتك

(1)(يعقدهن بيده) : أي يعدهن.

(2)

(يدركه) : أي يهلكه.

ص: 179

كتب الله عز وجل لك جوارا من النار) ، رواه أحمد وأبو داود.

15 -

وروى أبو حاتم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول عند انصرافه من صلاته: (اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح دنياي التي جعلت فيها معاشي: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بعفوك من نقمتك. وأعوذ بك منك، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد، منك الجد) .

16 -

وروى البخاري والترمذي: أن سعد بن أبي وقاص كان يعلم بنيه هؤلاء الكلمات، كما يعلم المعلم الغلمان الكتابة.

ويقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ بهن دبر الصلاة: (اللهم إني أعوذ بك من البخل وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد الى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر) .

17 -

وروى أبو داود والحاكم: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول دبر كل صلاة: (اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري. اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، لا إله إلا أنت) .

18 -

وروى الامام أحمد وأبو داود والنسائي، بسند فيه داوند الطفاوي، وهو ضعيف، عن زيد بن أرقم: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول دبر صلاته: (اللهم ربنا ورب كل شئ أنا شهيد أنك الرب وحدك لا شريك لك، اللهم ربنا ورب كل شئ، أنا شهيد أن محمدا عبدك رسولك: اللهم ربنا ورب كل شئ، أنا شهيد أن العباد كلهم إخوة: اللهم ربنا ورب كل شئ، اجعلني مخلصا لك وأهلي (1) في كل ساعة من الدنيا والاخرة، يا ذا الجلال والاكرام، اسمع واستجب، الله الاكبر الاكبر، نور السموات والارض، الله الاكبر الاكبر، حسبي الله ونعم الوكيل.

الله الاكبر الاكبر) .

19 -

وروى أحمد وابن شيبة وابن ماجه، بسند فيه مجهول، عن أم سلمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا صلى الصبح حين يسلم:(اللهم إني أسألك علما نافعا، ورزقا واسعا، وعملا متقبلا) .

(1)(وأهلي) : أي وأهلي مخلصين لك.

ص: 180