الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولها في كل دار من هذه الدور حكم وشأن غير شأن الدار الاخرى، فتبارك الله فاطرها ومنشئها ومميتها ومحييها ومسعدها ومشقيها، الذي فاوت بينها في درجات سعادتها وشقاوتها كما فاوت بينها في مراتب علومها وأعمالها وقواها وأخلاقها، فمن عرفها كما ينبغي، شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك كله، وله الحمد كله، وبيده الخير كله، وإليه يرجع الامر كله، وله القوة كلها، والقدرة كلها والعز كله، والحكمة كلها، والكمال المطلق من جميع الوجوه، وعرف بمعرفة نفسه صدق أنبيائه ورسله، وأن الذي جاءوا به هو الحق الذي تشهد به العقول وتقر به الفطر وما خالفه فهو الباطل
…
وبالله التوفيق.
الذكر
الذكر: هو ما يجري على اللسان والقلب، من تسبيح الله تعالى وتنزيهه وحمده والثناء عليه ووصفه بصفات الكمال ونعوت الجلال والجمال.
1 -
وقد أمر الله بالاكثار منه فقال: (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا، وسبحوه بكرة وأصيلا) .
2 -
وأخبر أنه يذكر من يذكره فقال: (فاذكروني أذكركم) وقال في الحديث القدسي الذي رواه البخاري ومسلم: " أنا عند ظن عبدي بي (1) وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملا ذكرته في ملا خير منه، وإن اقترب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن اقترب إلي ذراعا اقتربت إليه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة.
" (2) 3 - وأنه سبحانه اختص أهل الذكر بالتفرد والسبق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سبق المفردون ".
قالوا: وما المفردون يا رسول الله قال: " الذاكرون الله كثيرا والذاكرات " رواه مسلم.
4 -
وأنهم هم الاحياء على الحقيقة، فعن أبي موسى، أن النبي صلى الله
(1) أي إن ظن أن الله يقبل دعاءه وهو يدعوه قبله، ومن استغفره وظن أن الله يغفر له وهكذا.
(2)
أي أنه كلما زاد إقبال العبد على ربه كان الله له بكل خير أسرع.
عليه وسلم قال: " مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر مثل الحي والميت " رواه البخاري.
5 -
والذكر رأس الاعمال الصالحة، من وفق له فقد أعطي منشور الولاية، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه.
ويوصي الرجل الذي قال له: إن شرائع الاسلام قد كثرت علي.
فأخبرني بشئ أتشبث (1) به؟ فيقول له: " لا يزال فوك رطبا من ذكر الله " ويقول لاصحابه " ألا انبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق (2) وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم؟ " قالوا: بلى يا رسول الله قال: " ذكر الله ". رواه الترمذي وأحمد والحاكم وقال: صحيح الاسناد.
6 -
وأنه سبيل النجاة، فعن معاذرضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ما عمل آدمي قط أنجى له من عذاب الله، من ذكر الله عز وجل. " رواه أحمد.
7 -
وعند أحمد، أنه صلى الله عليه وسلم قال:" إن ما تذكرون من جلال الله عز وجل من التهليل والتكبير والتحميد يتعاطفن حول العرش، لهن دوي كدوي النحل يذكرن بصاحبهن، أفلا يحب أحدكم أن يكون له ما يذكر به؟ ".
حد الذكر الكثير أمر الله جل ذكره، بأن يذكر ذكرا كثيرا، ووصف أولي الالباب الذين ينتفعون بالنظر في آياته بأنهم:(الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم) .
(والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما.
) وقال مجاهد: لا يكون من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات حتى يذكر الله قائما وقاعدا ومضطجعا.
وسئل ابن الصلاح عن القدر الذي يصير به من الذاكرين الله كثيرا
(1) أتشبث: أي أتمسك به.
(2)
الورق: الفضة
والذاكرات فقال: إذا واظب على الاذكار المأثورة المثبتة صباحا ومساء في الاوقات والاحوال المختلفة ليلا ونهارا كان من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات.
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآيات، قال: إن الله تعالى لم يفرض على عباده فريضة إلا جعل لها حدا معلوما وعذر أهلها في حال العذر، غير الذكر، فإن الله لم يجعل له حدا ينتهي إليه.
ولم
يعذر أحدا في تركه إلا مغلوبا على تركه فقال: (اذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم) بالليل والنهار، في البر والبحر، وفي السفر والحضر والغنى والفقر، والسقم والصحة، والسرو العلانية، وعلى كل حال.
شمول الذكر كل الطاعات قال سعيد بن جبير: كل عامل لله بطاعة لله فهو ذاكر لله، وأراد بعض السلف أن يخصص هذا العام، فقصر الذكر على بعض أنواعه، منهم عطاء حيث يقول: مجالس الذكر هي مجالس الحلال والحرام، كيف تشتري وتبيع، وتصلي وتصوم، وتنكح وتطلق وتحج وأشباه ذلك.
وقال القرطبي: مجلس ذكر يعني مجلس علم وتذكير، وهي المجالس التي يذكر فيها كلام الله وسنة رسوله، وأخبار السلف الصالحين، وكلام الائمة الزهاد المتقدمين المبرأة عن التصنع والبدع والمنزهة عن المقاصد الردية والطمع.
أدب الذكر المقصود من الذكر تزكية الانفس وتطهير القلوب، وإيقاظ الضمائر.
وإلى هذا تشير الآية الكريمة: (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر) أي أن ذكر الله في النهي عن الفحشاء والمنكر أكبر من الصلاة، وذلك أن الذاكر حين ينفتح لربه جنانه ويلهج بذكره لسانه يمده الله بنوره فيزداد إيمانا إلى إيمانه، ويقينا إلى يقينه، فيسكن قلبه للحق ويطمئن به " الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله، ألا بذكر الله تطمئن القلوب ".
وإذا اطمأن القلب للحق اتجه نحو المثل الاعلى، وأخذ سبيله إليه، دون أن
تلفته عنه نوازع الهوى، ولادوافع الشهوة، ومن ثم عظم أمر الذكر،
وجل خطره في حياة الانسان، ومن غير المعقول أن تتحقق هذه النتائج بمجرد لفظ يلفظه اللسان، فإن حركة اللسان قليلة الجدوى ما لم تكن مواطئة للقلب، وموافقة له، وقد أرشد الله إلى الادب الذي ينبغي أن يكون عليه المرء أثناء الذكر.
فقال: (واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغد والآصال، ولا تكن من الغافلين.
) والآية تشير إلى أنه يستحب أن يكون الذكر سرا، لا ترتفع به الاصوات، وقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من الناس رفعوا أصواتهم بالدعاء في بعض الاسفار، فقال:" يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إن الذي تدعونه سميع قريب، أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته ".
كما تشير إلى حالة الرغبة والرهبة التي يحسن بالانسان أن يتصف بها عند الذكر.
ومن الادب أن يكون الذاكر نظيف الثوب طاهر البدن طيب الرائحة، فإن ذلك مما يزيد النفس نشاطا، ويستقبل القبلة ما أمكن، فإن خير المجالس ما استقبل به القبلة.
استحباب الاجتماع في مجالس الذكر يستحب الجلوس في حلق الذكر.
وقد جاء في ذلك ما يأتي: 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا " قالوا: وما رياض الجنة يا رسول الله؟ قال: " حلق الذكر، فإن لله تعالى سيارات من الملائكة يطلبون حلق الذكر.
فإذا أتوا عليهم حفوا بهم ".
2 -
وروى مسلم عن معاوية أنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على حلقة من أصحابه فقال: " ما أجلسكم؟ " قالوا جلسنا نذكر الله
تعالى ونحمده على ما هدانا للاسلام ومن به علينا.
قال: " الله.
ما أجلسكم إلا ذاك، أما إني لم استحلفكم تهمة لكم، ولكنه أتاني فأخبرني أن الله تعالى يباهي بكم الملائكة ".
3 -
وروى أيضا عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا يقعد قوم يذكرون الله تعالى إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده ".
فضل من قال: لا اله الا الله مخلصا 1 - عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ما قال عبد لا إله إلا الله قط مخلصا إلا فتحت له أبواب السماء حتى يفضي إلى العرش (1) ما اجتنبت الكبائر ".
رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب.
2 -
وعنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: " جددوا إيمانكم ".
قيل: يا رسول الله، وكيف نجدد إيماننا؟ قال:" أكثروا من قول: لا إله إلا الله ".
رواه أحمد بإسناد حسن.
3 -
وعن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء: الحمد لله ".
رواه النسائي وابن ماجه والحاكم.
وقال: صحيح الاسناد.
فضل التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير وغير ذلك 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم ".
رواه الشيخان والترمذي.
2 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لان أقول سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ".
رواه مسلم والترمذي.
3 -
عن أبي ذررضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا أخبرك بأحب الكلام إلى الله؟ " قلت: أخبرني يا رسول الله.
قال: " إن
(1) يفضي إلى العرش: أي يصل هذا القول إليه، وهذا كقول الله تعالى:" إليه يصعد الكلم الطيب ".
أحب الكلام إلى الله: سبحان الله وبحمده ".
رواه مسلم والترمذي.
ولفظه " أحب الكلام إلى الله عز وجل ما اصطفى الله لملائكته: سبحان ربي وبحمده، سبحان ربي وبحمده ".
4 -
عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة ".
رواه الترمذي وحسنه.
5 -
وعن أبي سعيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" استكثروا من الباقيات الصالحات ".
قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: " التكبير، والتهليل، والتسبيح، والحمد لله، ولاحول ولاقوة إلا بالله ".
رواه النسائي والحاكم وقال: صحيح الاسناد.
6 -
عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال: " يا محمد أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان (1) ، وأن غراسها سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ".
رواه الترمذي والطبراني، وزاد
" ولا حول ولاقوة إلا بالله ".
7 -
وعند مسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" أحب الكلام إلى الله أربع - لا يضرك بأيهن بدأت -: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ".
8 -
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه ".
رواه البخاري ومسلم.
أي " أجزأتاه عن قيام تلك الليلة ".
وقيل: كفتاه ما يكون من الآفات تلك الليلة.
وقال ابن خزيمة في صحيحه " باب ذكر أقل ما يجزئ من القراءة في قيام الليل ".
ثم ذكره.
(1) قيعان: جمع قاع أي مستوية منبسطة واسعة.
9 -
وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم " أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة "؟ فشق ذلك عليهم وقالوا: أينا يطيق ذلك يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: " الله الواحد (1) الصمد ثلث القرآن ".
رواه البخاري ومسلم والنسائي.
10 -
وعن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، في يوم مائة مرة، كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بافضل مما جاء به، إلا أحد عمل أكثر من ذلك ".
رواه
البخاري ومسلم والترمذي والنسائي، وابن ماجه.
وزاد مسلم والترمذي والنسائي: " ومن قال سبحان الله وبحمده، في يوم مائة مرة، حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر.
" فضل الاستغفار عن أنس رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني إلا غفرت لك - على ماكان منك - ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان (2) السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب (3) الارض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لاتيتك بقرابها مغفرة ".
رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب.
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: " من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب ".
رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم، وقال: صحيح الاسناد.
(1) يقصد سورة الاخلاص.
(2)
العنان: السحاب (3) القراب: ما يقارب ملاها.
الذكر المضاعف وجوامعه 1 - عن جويرة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقال:" ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟ " قالت: نعم.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لقد قلت
بعدك أربع كلمات ثلاث مرات، لووزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه ورضاء نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته ".
رواه مسلم وأبو داود.
2 -
ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة وبين يديها نوى أو حصى، تسبح الله به فقال:" أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا، أو أفضل " فقال: " سبحان الله عدد ما خلق في السماء، وسبحان الله عدد ما خلق في الارض، وسبحان الله عدد ما خلق بين ذلك، وسبحان الله عدد ما هو خالق، والله أكبر مثل ذلك، والحمد لله مثل ذلك، ولا إله إلا الله مثل ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك ".
رواه أصحاب السنن والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم.
3 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثهم " أن عبدا من عباد الله قال: يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك، ولعظيم سلطانك فعضلت (1) بالملكين، فلم يدريا كيف يكتبانها "، فصعدا إلى السماء فقالا: يا ربنا إن عبدك قد قال مقالة لا ندري كيف نكبتها؟ قال الله - وهو أعلم بما قال عبده - ماذا قال عبدي؟ قالا: يا رب، إنه قد قال: يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك.
فقال الله لهما: اكتباها كما قال عبدي حتى يلقاني فأجزيه بها ".
رواه أحمد وابن ماجه.
عد الذكر بالاصابع وأنه أفضل من السبحة 1 - عن بسيرة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه
(1) فعضلت: اشتدت وعظمت.
وسلم: " عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس، ولا تغفلن فتنسين الرحمة، واعقدن بالانامل فإنهن مسئولات، ومستنطقات (1) ".
رواه أصحاب السنن والحاكم بسند صحيح.
2 -
وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه.
رواه أصحاب السنن.
الترهيب من أن يجلس الانسان مجلسا لا يذكر الله فيه ولا يصلي عن نبيه صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما قعد قوم مقعدا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة.
رواه الترمذي وقال: حسن، ورواه أحمد بلفظ: " ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه إلا كان عليهم ترة (2) وما من رجل يمشي طريقا فلم يذكر الله تعالى إلا كان عليه ترة، وما من رجل آوى إلى فراشه فلم يذكر الله عز وجل إلا كان عليه ترة.
" وفي رواية " إلا كان عليهم حسرة، وإن دخلوا الجنة للثواب.
" وفي فتح العلام: الحديث دليل على وجوب الذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في المجلس، لاسيما مع تفسير الترة بالنار أو العذاب، فقد فسرت بهما، فإن التعذيب لا يكون إلا لترك واجب أو فعل محظور، وظاهره أن الواجب هو الذكر والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم معا.
" ذكر كفارة المجلس 1 - عن أبي هريرة قال، فال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من جلس مجلسا فكثر فيه لغطه (3) فقال قبل أن يقوم من مجلسه: سبحانك
(1) في هذا دليل على أن التسبيح على الاصابع أفضل من السبحة وإن كان يجوز العد عليها.
(2)
الترة: معناها الحسرة أو النقص، أو التبعة.
(3)
لغط: من باب نقع.
واللغط: كلام فيه جلبة واختلاط.
اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب اليك، إلا كفر (1) الله له ما كان في مجلسه ذلك ".
ما يقوله من اغتاب أخاه المسلم روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال:" إن كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته، تقول اللهم اغفر لنا وله ".
والمذهب المختار أن الاستغفار لمن اغتيب وذكر محامده يكفر الغيبة ولا يحتاج ألا إعلامه أو استسماحه.
الدعاء (1) الامر به: أمر الله الناس أن يدعوه ويضرعوا إليه، ووعدهم أن يستجيب لهم ويحقق لهم سؤلهم.
1 -
فقد روى أحمد وأصحاب السنن عن النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الدعاء هو العبادة، ثم قرأ:(ادعوني أستجب لكم، إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) .
2 -
وروى عبد الرازق عن الحسن: أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه: أين ربنا؟ فأنزل الله: " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ".
3 -
وروى الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: " ليس شئ أكرم على الله من الدعاء ".
4 -
وروى الترمذي عنه: أنه صلوات الله عليه وسلامه قال: " من سره أن يستجيب الله تعالى له عند الشدائد والكرب فليكثر الدعاء في الرخاء ".
5 -
وروى أبو يعلى عن أنس بن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه
(1) كفر: أي ستر.
عن ربه عزوجل، قال: " أربع خصال: واحدة منهن لي، وواحدة لك، وواحدة فيما بيني وبينك، وواحدة فيما بينك وبين عبادي.
فأما التي لي، لا تشرك بي شيئا، وأما التي لك، فما عملت من خير جزيتك عليه، وأما التي بيني وبينك، فمنك الدعاء وعلي الاجابة.
وأما التي بينك وبين عبادي، فارض لهم ما ترضى لنفسك ".
6 -
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم قوله: " من لم يسأل الله يغضب عليه ".
7 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيلقاه الدعاء فيعتلجان (1) إلى يوم القيامة ".
رواه البزار والطبراني والحاكم وقال: صحيح الاسناد.
8 -
وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لايرد القضاء إلا الدعاء.
ولا يزيد في العمر إلا البر ".
رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب.
9 -
وروى أبو عوانة وابن حبان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا دعا أحدكم فليعظم الرغبة، فإنه لا يتعاظم عن الله شئ ".
(3)
آدابه للدعاء آداب ينبغي مراعاتها، نذكرها فيما يلي: 1 - تحري الحلال: أخرج الحافظ بن مردويه عن ابن عباس، وقال: تليت هذه الآية عند النبي صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس كلوا مما في الارض حلالا طيبا)، فقام سعد بن أبي وقاص فقال: يارسول الله: ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة، فقال:" يا سعد، أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه أربعين يوما، وأيما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار أولى به ".
(1) يعتلجان: يتصارعان ويتدافعان.
وفي مسند الامام أحمدو صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين.
فقال: (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا.
إني بما تعملون عليم) .
وقال: (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم) .
ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، فأنى يستجاب لذلك.
" 2 - استقبال القبلة إن أمكن: فقد خرج النبي يستسقي، فدا واستسقى واستقبل القبلة.
3 -
ملاحظة الاوقات الفاضلة والحالات الشريفة: كيوم عرفة، وشهر رمضان، ويوم الجمعة، والثلث الاخير من الليل، ووقت السحر، وأثناء
السجود، ونزول الغيث، وبين الاذان والاقامة، والتقاء الجيوش، وعند الوجل، ورقة القلب.
(ا) فعن أبي أمامة قال: قيل: يارسول، أي الدعاء أسمع؟ قال " جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات ".
رواه الترمذي بسند صحيح.
(ب) وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء فقمن أن يستجاب لكم ".
رواه مسلم.
وقد جاء في ذلك أحاديث كثيرة منثورة في ثنايا الكتب.
4 -
رفع اليدين حذو المنكبين: لما رواه أبو داود عن ابن عباس قال: المسألة أن ترفع يديك حذو منكبيك، أو نحوهما، والاستغفار أن تشير بإصبع واحدة، والابتهال أن تمد يديك جميعا.
وروي عن مالك بن يسار أنه صلى الله عليه وسلم قال: " إذا سألتم الله فاسألوه ببطون أكفكم، ولا تسألوه بظهورها ".
وروي عن سلمان، أنه صلى الله عليه وسلم قال: " إن ربكم تبارك
وتعالى حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا ".
5 -
أن يبدأ بحمد الله تعالى وتمجيده والثناء عليه، ويصلي على النبي، لما رواه أبو داودو النسائي والترمذي وصححه عن فضالة بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يدعو في صلاته لم يمجد الله تعالى، ولم يصل على النبي، فقال:" عجل هذا " ثم دعاه، فقال له - أو لغيره - " إذا صلى (1) أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه جل وعز، والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله
عليه وسلم، ثم يدعو بعد بما يشاء ".
6 -
حضور القلب وإظهار الفاقة والضراعة إلى الله جل شأنه وخفض الصوت بين المخافته والجهر: قال الله تعالى: (ولا تجهر بصلاتك (2) ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا) .
وقال: (ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين) .
قال ابن جرير: تضرعا: تذللا واستكانة لطاعته، وخفية: أي بخشوع قلوبكم وصحة اليقين بوحدانيته وربوبيته فيما بينكم وبينه، لا جهار مراءاة.
وفي الصحيحين عن أبي موسى الاشعري، قال: رفع الناس أصواتهم بالدعاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إنما تدعون سميعا بصيرا، إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته، يا عبد الله بن قيس ألا أعلمك كلمة من كنوز الجنة؟ لاحول ولاقوة إلا بالله ".
وروى أحمد عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " القلوب أوعية، وبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم الله - أيها الناس - فاسألوه وأنتم موقنون بالاجابة، فإنه لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل ".
7 -
الدعاء بغير إثم أو قطيعة رحم: لما رواه أحمد عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من مسلم يدعو الله عز وجل بدعوة ليس
(1) صلى: أي دعا.
(2)
صلاتك: أي بدعائك.
فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال: إما أن يعجل
له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها.
" قالوا: إذا نكثر؟ قال: " الله اكبر ".
8 -
عدم استبطاء الاجابة: لما رواه مالك عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يستجاب لاحدكم ما لم يعجل يقول: دعوت فلم يستجب لي ".
9 -
الدعاء مع الجزم بالاجابة: لما رواه أبو داود عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا يقولن أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم المسألة فإنه لا مكره له ".
10 -
اختيار جوامع الكلم: مثل: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار "، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك.
وفي سنن ابن ماجه: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي الدعاء أفضل؟ قال: " سل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة " ثم أتاه في اليوم الثاني، والثالث، فسأله هذا السؤال، وأجيب بذلك الجواب.
ثم قال صلى الله عليه وسلم: " فإذا أعطيت العفو والعافية في الدنيا والآخرة فقد أفلحت ".
وفيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما من دعوة يدعو بها العبد أفضل من: " اللهم إني أسألك المعافاة في الدنيا الآخرة ".
11 -
تجنب الدعاء على نفسه وأهله وماله: فعن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تدعو اعلى أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم.
لا توافقوا من الله تبارك وتعالى ساعة نيل عطاء فيستجاب لكم ".
12 -
تكرار الدعاء ثلاثا: فعن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم كان يعجبه أن يدعو ثلاثا ويستغفر ثلاثا.
رواه أبو داود.
13 -
إذا دعا لغيره أن يبدأ بنفسه: قال الله تعالى: (ربنا اغفر لنا
ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان) .
وعن أبي بن كعب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر أحدا فدعا له بدأ بنفسه.
رواه الترمذي بإسناد صحيح.
14 -
مسح الوجه باليدين عقب الدعاء وحمد الله وتمجيده والصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم.
وقد روي مسح الوجه باليدين من عدة طرق كلها ضعيفة، وأشار الحافظ إلى أن مجموعها تبلغ به درجة الحسن.
دعاء الوالد والصائم والمسافر والمظلوم روى أحمد وأبو داود والترمذي بسند حسن، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم ".
وروى الترمذي بسند حسن، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حين يفطر، والامام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب: وعزتي لانصرنك ولو بعد حين ".
دعاء الاخ لاخيه بظهر الغيب 1 - روى مسلم وأبو داود عن صفوان بن عبد الله رضي الله عنه قال: قدمت الشام فأتيت أبا الدرداء في منزله فلم أجده، ووجدت أم الدرداء، فقالت: أتريد الحج العام؟ قلت: نعم.
قالت: فادع الله لنا بخير، فإن النبي
صلى الله عليه وسلم كان يقول: " دعوة المسلم لاخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل، كلما دعا لاخيه بخير، قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل (1) ".
قال فخرجت إلى السوق فلقيت أبا الدرداء، فقال لي مثل ذلك
(1) بمثل: أي أدعو لك بمثل ذلك.
عن النبي صلى الله عليه وسلم.
2 -
ولابي داود والترمذي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أسرع الدعاء إجابة دعوة غائب لغائب.
" 3 - ورويا عن عمر قال: استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة فأذن لي، وقال: " لا تنسنا يا أخي من دعائك.
" فقال عمر: كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا.
بعض ما ورد فيما ينبغي أن يستفتح به الدعاء رجاء أن يقبل 1 - عن بريدة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لاإله إلا أنت الاحد الصمد (1) الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا (2) أحد، فقال:" لقد سألت الله بالاسم الاعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب ".
رواه أبو داود والترمذي وحسنه.
قال المنذري: قال شيخنا أبو الحسن المقدسي: إسناده لا مطعن فيه، ولم يرد في هذا الباب حديث أجود إسنادا منه.
2 -
وعن معاذ بن جبل: أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا، وهو يقول: يا ذا الجلال (3) والاكرام، فقال:" قد استجيب لك فسل ".
رواه الترمذي وقال: حسن.
3 -
وعن أنس قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي عياش زيد بن الصامت الزرقي، وهو يصلي ويقول:" اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت، يا حنان يا منان، يا بديع السموات والارض، يا ذا الجلال والاكرام، يا حي يا قيوم، فقال رسوال الله صلى الله عليه وسلم: " لقد سألت الله باسمه الاعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى ".
رواه أحمد وغيره، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم.
4 -
وعن معاوية قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(1) الصمد: الذي يقصد في الحوائج.
(2)
كفوا: شبيها.
(3)
الجامع لصفات العظمة.
" من دعا بهؤلاء الكلمات الخمس، لم يسأل الله شيئا إلا أعطاه: لا إله الا الله والله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله ".
رواه الطبراني بإسناد حسن.
أذكار الصباح والمساء أذكار الصباح يبتدئ وقتها من الفجر إلى طلوع الشمس، وأذكار المساء ما بين العصر والغروب.
1 -
روى مسلم عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من قال حين يصبح، وحين يمسي: سبحان الله وبحمده مائة مرة، لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه ".
2 -
وروى أيضا عن ابن مسعود قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال: " أمسينا وأمسى الملك لله، والحمد لله، لا إله إلا الله وحده
لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، رب أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها، رب أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر، رب أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر " وإذا أصبح قال ذلك أيضا:" أصبحنا وأصبح الملك لله ".
3 -
وروى أبو داود عن عبد الله بن حبيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قل ".
قلت: يارسول الله ما أقول؟ قال: " قل هو الله أحد، والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شئ ".
قال الترمذي حديث حسن صحيح.
4 -
وروى أيضا عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أصحابه، يقول: " إذا أصبح أحدكم فليقل: اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا، وبك نحيا وبك نموت، وإليك النشور.
وإذا أمسى فليقل: اللهم بك أمسينا وربك أصبحنا، وبك نحيا وبك نموت وإليك المصير ".
قال الترمذي حديث حسن صحيح.
5 -
وفي صحيح البخاري عن شداد بن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " سيد الاستغفار: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك (1) بنعمتك علي، وأبوء بذنبي فاغفر لي.
فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
من قالها حين يمسي فمات من ليلته دخل الجنة، ومن قالها حين يصبح فمات من يومه دخل الجنة ".
6 -
وفي الترمذي عن أبي هريرة أن أبا بكر الصديق قال لرسول الله
صلى الله عليه وسلم: مرنى بشئ أقوله إذا أصبحت وإذا أمسيت.
قال: " قل: اللهم عالم الغيب والشهادة فاطر السموات والارض، رب كل شئ ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه، وأن نقترف سوءا على أنفسنا أو نجره إلى مسلم.
قله إذا أصبحت وإذا أمسيت، وإذا أخذت مضجعك ".
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
7 -
وفي الترمذي أيضا عن عثمان بن عفان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شئ في الارض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات فيضره شئ ".
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
8 -
وفيه أيضا عن ثوبان وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من قال حين يمسي وإذا أصبح: رضيت بالله ربا، وبالاسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا، كان حقا على الله أن يرضيه ".
وقال: حديث حسن صحيح.
9 -
وفي الترمذي أيضا عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من قال حين يصبح أو يمسي: اللهم اني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمدا عبدك ورسولك، أعتق الله ربعه من النار، فمن
(1) أبوء: أي اعترف.
قالها مرتين أعتق الله نصفه من النار، ومن قالها ثلاثا أعتق الله ثلاثة أرباعه من النار، ومن قالها أربعا أعتقه الله من النار ".
10 -
وفي سنن أبي داود عن عبد الله بن غنام، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من قال حين يصبح: اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك، لك الحمد ولك الشكر، فقد أدى شكر يومه، ومن قال مثل ذلك حين يمسي، فقد أدى شكر ليلته ".
11 -
وفي السنن وصحيح الحاكم عن عبد الله بن عمر قال: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الكلمات حين يمسي وحين يصبح: " اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والاخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي ".
قال وكيع: يعني الخسف.
12 -
وعن عبد الرحمن بن أبي بكرة، أنه قال لابيه: يا أبت إني أسمعك تدعو كل غداة: " اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري.
لا إله إلا أنت " تعيدها ثلاثا حين تصبح، وثلاثا حين تمسي فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بهن، فأنا أحب أن أستن بسنته.
رواه أبو داود.
وروى ابن السني عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من قال إذا أصبح: اللهم إني أصبحت منك في نعمة وعافية وستر، فأتم نعمتك علي وعافيتك وسترك في الدنيا والاخرة، ثلاث مرات إذا أصبح وإذا أمسى، كان حقا على الله أن يتم عليه ".
وروى عن أنس، أنه صلى الله عليه وسلم قال:" أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم "؟ قالوا: ومن أبو ضمضم يا رسول الله؟ قال: " كان إذا أصبح قال: اللهم وهبت نفسي وعرضي لك.
فلا يشتم من شتمه
ولا يظلم من ظلمه ولا يضرب من ضربه ".
وروي عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من قال في كل يوم حين يصبح وحين يمسي: حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت، وهو رب العرش العظيم، سبع مرات، كفاه الله تعالى ما أهمه من أمر الدنيا والاخرة ".
وروى عن طلق بن حبيب قال: جاء رجل إلى أبي الدرداء فقال: يا أبا الدرداء قد احترق بيتك.
فقال: ما احترق - لم يكن الله عز وجل ليفعل ذلك - بكلمات سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، من قالها أول نهاره لم تصبه مصيبة حتى يمسي، ومن قالها آخر النهار لم تصبه مصيبة حتى يصبح:" اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أعلم أن الله على كل شئ قدير، وأن الله قد أحاط بكل شئ علما، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم ".
وفي بعض الروايات أنه قال: انهضوا بنا، فقام، وقاموا معه، فانتهوا إلى داره، وقد احترق ما حولها، ولم يصبها شئ.
أذكار النوم 1 - روى البخاري عن حذيفة وأبي ذر رضي الله عنهما، قالا: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه قال: " باسمك اللهم أحياء وأموت " وإذا استيقظ قال: " الحمدلله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور ".
وكان من هديه أن يضع يده اليمنى تحت خده ويقول: " اللهم قني عذابك يوم تبعث
عبادك " ثلاثا، ويقول: " اللهم رب السموات ورب الارض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شئ، فالق الحب والنوى، منزل التوراة والانجيل والقرآن، أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته، أنت الاول فليس قبلك شئ، وأنت الاخر فليس بعدك شئ، وأنت الظاهر فليس فوقك شئ، وأنت الباطن فليس دونك شئ، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر ".
وكان يقول: " الحمدلله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا، وآوانا، فكم ممن
لا كافي ولا مؤوي ".
وكان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث (1) فيهما فقرأ فيهما: " قل هو الله أحد " و " قل أعوذ برب الفلق " و " قل أعوذ برب الناس " ثم مسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه، وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات.
وأمر أن يقول المضطجع: باسمك ربي وضعت جنبي، وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين.
وقال لفاطمة: " سبحي الله ثلاثا وثلاثين، واحمديه ثلاثا وثلاثين، وكبريه أربعا وثلاثين.
وأوصى بقراءة الدعاء المتقدم ذكره: " اللهم فاطر السموات والارض
…
ألخ، " كما أوصى بقراءة آية الكرسي، وأخبر بأن من يقرأها لا يزال عليه من الله حافظ.
وقال للبراء: " إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الايمن، وقل: اللهم أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك.
لا ملجأ
ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت ثم قال: فإن مت، مت على الفطرة، واجعلهن آخر ما تقول " (2) دعاء الانتباه من النوم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المستيقظ من نومه أن يقول: " الحمد لله الذي رد علي روحي.
وعافاني في جسدي، وأذن لي بذكره ".
وكان إذا استيقظ قال: " لا إله إلا أنت سبحانك، اللهم أستغفرك لذنبي، وأسألك رحمتك، اللهم زدني علما، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
(1) النفث: نفخ لطيف بلا ريق.
(2)
ذكرنا الاحاديث المتقدمة بدون تخريج اختصارا، وكلها صحيحة.
وصح أنه قال: " من تعار (1) من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شئ قدير، الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي، أو دعا.
استجيب له، فإن توضأ وصلى قبلت صلاته.
" الذكر عند الفزع والارق والوحشة عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا فزع أحدكم في النوم فليقل: أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين، وأن يحضرون، فإنها لن تضره.
" قال: وكان ابن عمر يعلمها من بلغ من ولده، ومن لم يبلغ منهم كتبها في صك وعلقها في عنقه.
وإسناده حسن.
عن خالد بن الوليد رضي الله عنه: أنه أصابه أرق فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " ألا أعلمك كلمات إذا قلتهن نمت، قل: اللهم رب السموات السبع وما أظلت ورب الارضين وما أقلت.
ورب الشياطين وما أضلت، كن لي جارا من شر خلقك كلهم جميعا.
أن يفرط علي أحد منهم أو أن يبغي علي عز جارك، وجل ثناؤك، ولا إله غيرك ".
أو " لا إله إلا أنت.
" رواه الطبراني في الكبير والاوسط، وإسناده جيد.
إلا أن عبد الرحمن ابن سابط لم يسمع من خالد، ذكره الحافظ المنذري.
روى الطبراني وابن السني عن البراء بن عازب: أن رجلا اشتكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحشة فقال: " قل: سبحان الله الملك القدوس رب الملائكة والروح، جللت السموات والارض بالعزة والجبروت " فقالها الرجل، فأذهب الله عنه الوحشة.
ما يقوله ويفعله من رأى في منامه ما يكره 1 - عن جابر رضي الله عنه عن رسول الله أنه قال: " إذا رأى أحدكم
(1)" التعار " السهر والتقلب على الفراش ليلا مع كلام.
اهـ قاموس والمراد: من استيقظ بالليل ولا يستطيع العود إلى النوم.
الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثا، وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه.
" رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه.
2 -
وعن أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها فإنما هي من الله، فليحمد الله عليها، وليحدث بما رأى، وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان، فليستعذ بالله من شرها ولا يذكرها لاحد فإنها لا تضره.
" رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
الذكر عند لبس الثوب 1 - وروى ابن السني: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا لبس ثوبا، أو قميصا، أو رداء، أو عمامة يقول: " اللهم إني أسألك من خيره وخير ما هو له، وأعوذ بك من شره وشر ما هو له.
" 2 - روي عن معاذ بن أنس، أنه صلى الله عليه وسلم قال: " من لبس ثوبا جديدا فقال: الحمد لله الذي كساني هذا، ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة، غفر الله له ما تقدم من ذنبه " وتستحب التسمية كذلك، فإن كل شئ لا يبدأ فيه ببسم الله فهو ناقص.
الذكر إذا لبس ثوبا جديدا 1 - عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوبا سماه باسمه - عمامة أو قميصا أو رداء - ثم يقول: اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه، أسألك خيره وخير ما صنع له، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له " رواه أبو داود والترمذي وحسنه.
2 -
وروى الترمذي عن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من لبس ثوبا جديدا فقال: الحمد لله الذي كساني ما أواري (1) به عورتي، وأتجمل به في حياتي.
ثم عمد إلى الثوب الذي أخلق فتصدق به
(1) أواري: أي أستر.
كان في حفظ الله وفي كنف الله عزوجل، وفي سبيل الله حيا وميتا ".
ما يقول لصاحبه إذا رأى عليه ثوبا جديدا: 1 - صح أنه صلى الله عليه وسلم قال لام خالد - بعد أن ألبسها خميصة: " أبلي وأخلفي " وكانت الصحابة تقول: تبلي ويخلف الله.
2 -
ورأى على عمر رضي الله عنه ثوبا فقال: " البس جديدا وعش حميدا، ومت شهيدا سعيدا " رواه ابن ماجه وابن السني.
الذكر عند طرح الثوب روى ابن السني عن أنس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم، أن يقول الرجل المسلم إذا أراد أن يطرح ثيابه: بسم الله الذي لا إله إلا هو ".
أذكار الخروج من المنزل 1 - روى أبو داود عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من قال - يعني إذا خرج من بيته -: بسم الله توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
يقال له كفيت ووقيت وهديت، وتنحى عنه الشيطان فيقول لشيطان آخر: كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي.
" 2 - وفي مسند أحمد عن أنس: " بسم الله آمنت بالله، اعتصمت بالله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله " حديث حسن.
3 -
وروى أهل السنن عن أم سلمة قالت: ما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيتي إلا رفع طرفه إلى السماء فقال: " اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل، أو يجهل علي " قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
أذكار دخول المنزل 1 - في صحيح مسلم عن جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول: " إذا دخل الرجل بيته فذكر الله تعالى عند دخوله، وعند طعامه قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء.
وإذا دخل فلم يذكر الله
تعالى عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت، فإذا لم يذكر الله تعالى عند طعامه قال: أدركتم المبيت والعشاء.
" 2 - وفي سنن أبي داود عن أبي مالك الاشعري قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا ولج الرجل بيته فليقل اللهم إني أسألك خير المولج (1) وخير المخرج، بسم الله ولجنا وبسم الله خرجنا، وعلى الله ربنا توكلنا، ثم ليسلم على أهله.
3 -
وفي الترمذي عن أنس قال، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم تكن بركة عليك وعلى أهل بيتك " قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
الذكر عند رؤية ما يعجبه من ماله ينبغي للمرء إذا رأى ما يعجبه من أهله أو ماله أو يقول: " ما شاء الله لا قوة إلا بالله " فإنه لا يرى بها سوءا.
فإن رأى ما يسوءه فليقل: الحمد لله على كل حال قال الله تعالى " ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ".
وروى ابن السني عن أنس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما أنعم الله على عبد نعمة في أهل ومال وولد فقال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله فيرى فيها آفة دون الموت.
" وعنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا رأى ما يسره قال: " الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات " وإذا رأى ما يسوءه قال: " الحمد لله على كل حال " رواه ابن ماجه.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد.
الذكر عند النظر في المرآة 1 - روى ابن السني عن علي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه
(1) المولج: كموعد الدخول.
وسلم كان إذا نظر في المرآة قال: " الحمد لله. اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي.
" وروى عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نظر وجهه في المرآة قال: " الحمد لله الذي سوى خلقي فعدله، وكرم صورة وجهي فحسنها، وجعلني من المسلمين.
" ما يقال عند رؤية أهل البلاء روى الترمذي وحسنه عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من رأى مبتلى فقال الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا، لم يصبه ذلك البلاء ".
قال النووي: قال العلماء: ينبغي أن يقول هذا الذكر سرا بحيث يسمع نفسه، ولا يسمعه المبتلى، لئلا يتألم قلبه بذلك.
إلا أن تكون بليته معصية، فلا بأس أن يسمعه ذلك إن لم يخف من ذلك مفسدة.
الذكر عند صياح الديكة والنهيق والنباح روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنها رأت شيطانا، وإذا سمعتم صياح الديكة فسلوا الله من فضله، فإنها رأت ملكا.
" وعند أبي داود " إذا سمعتم نباح الكلاب ونهيق الحمير بالليل فتعوذوا بالله منهن، فإنهن يرين مالا ترون ".
الذكر عند الريح إذا هاجت روى أبو داود باسناد حسن عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول: " الريح من روح (1) الله تعالى تأتي بالرحمة وتأتي بالعذب، فإذا رأيتموها فلا تسبوها، وسلوا الله خيرها، واستعيذوا بالله من شرها ".
(1) روح: رحمة.
وفي صحيح مسلم عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: " اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما أرسلت به ".
ما يقول عند سماع الرعد روى الترمذي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع صوت الرعد والصواعق قال: " اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك " وسنده ضعيف.
الذكر عند رؤية الهلال 1 - روى الطبراني عن عبد الله بن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال قال: " الله أكبر، اللهم أهله علينا بالامن والايمان، والسلامة والاسلام، والتوفيق لما تحب وترضى، ربنا وربك الله ".
2 -
عند أبي داود مرسلا عن قتادة: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال قال: " هلال خير ورشد، هلال خير ورشد، آمنت بالله الذي خلقك " ثلاث مرات، ثم يقول: " الحمد لله الذي ذهب بشهر كذا وجاء بشهر كذا.
" اذكار الكرب والحزن 1 - روى البخاري ومسلم عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم كان يقول عند الكرب: " لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الارض، ورب العرش الكريم ".
2 -
وفي الترمذي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر (1) قال: " يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ".
(1) حزبه: نزل به أمر مهم.
3 -
وفيه عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أهمه الامر رفع رأسه إلى السماء فقال: " سبحان الله العظيم " وإذا اجتهد في الدعاء قال: " يا حي يا قيوم ".
4 -
وفي سنن أبي داود عن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت ".
5 -
وفيه أيضا عن أسماء بنت عميس قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب أو في الكرب: الله الله ربي لا أشرك به شيئا " وفي رواية: أنها تقال سبع مرات.
6 -
وفي الترمذي عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت " لا إله إلا أنت، سبحانك إني كنت من الظالمين " لم يدع بها رجل مسلم في شئ قط إلا استجيب له.
" وفي رواية له: " إني لاعلم كلمة لا يقولها مكروب إلا فرج الله عنه، كلمة أخي يونس عليه السلام.
"
7 -
وعند أحمد وابن حبان عن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما أصاب عبدا هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن امتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله همه وحزنه، وأبدله مكانه فرحا ".
الذكر عند لقاء العدو وعند الخوف من الحاكم روى أبو داود والنسائي عن أبي موسى، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قوما قال: " اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم.
" وروى ابن السني: ان النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة فقال: " يا مالك يوم
الدين إياك أعبد وإياك أستعين " قال أنس: فلقد رأيت الرجال تصرعها الملائكة من بين يديها ومن خلفها.
وروى أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا خفت سلطانا أو غيره فقل لا إله إلا الله الحكيم الكريم سبحان الله ربي، سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم، لا إله إلا أنت عز جارك، وجل ثناؤك.
" وروى البخاري عن ابن عباس قال: " حسبنا الله ونعم الوكيل " قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قال له الناس: " إن الناس قد جمعوا لكم ".
وعن عوف بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بين رجلين.
فقال المقضي عليه لما أدبر: حسبنا الله ونعم الوكيل.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
" إن الله يلوم على العجز، ولكن عليك بالكيس (1) فإذا غلبك أمر فقل: حسبي الله ونعم الوكيل.
" ما يقول إذا استصعب عليه أمر روى ابن السني عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا.
وانت تجعل الحزن (2) سهلا ".
ما يقول إذا تعسرت معيشته روى ابن السني عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم " ما يمنع أحدكم إذا عسر عليه أمر معيشته أن يقول إذا خرج من بيته: بسم الله على نفسي ومالي وديني، اللهم رضني بقضائك، وبارك لي فيما قدر حتى لا أحب تعجيل ما أخرت، ولا تأخير ما عجلت ".
(1) الكيس: العمل.
(2)
الحزن: غليظ الارض وخشنها.
الذكر عند الدين
1 -
روى الترمذي وحسنه عن علي رضي الله عنه، أن مكاتبا جاءه.
فقال: إني عجزت عن كتابتي فأعني.
فقال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل صبر (1) دينا إلا أداه الله عنك، قل:" اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك ".
2 -
وقال أبو سعيد: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ذات يوم، فإذا هو برجل من الانصار، يقال له أبو أمامة، فقال:" يا أبا أمامة مالي أراك جالسا في المسجد في غير وقت صلاة؟ " قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله.
قال: " أفلا أعلمك كلاما إذا قلته أذهب الله همك وقضى عنك دينك؟ " قلت:
بلى يا رسول الله.
قال: " قل إذا أصبحت وأذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، واعوذ بك من العجز والكسل، واعوذ بك من الجبن والبخل، واعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال.
" قال، ففعلت ذلك فأذهب الله همي وقضى عني ديني.
ما يقول إذا نزل به ما يكره أو غلب على أمره روى ابن السني عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليسترجع احدكم في كل شئ حتى في شسع نعله فانها من المصائب ".
يسترجع: يقول إذا نزل به ما يسوءه حتى ولو انقطع الشسع: " إنا لله وإنا إليه راجعون ".
والشسع: أحد سيور النعل التي تشد إلى زمامها.
وروى مسلم عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإذا أصابك شئ، فلا تقل: لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله، وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان ".
(1) جبل صبر: جبل لطي.
ما يقول له من نزل به الشك
1 -
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا، من خلق كذا، حتى يقول: من خلق ربك، فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته ".
2 -
وفي الصحيح: أنه صلى الله عليه وسلم قال: " لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: خلق الله الخلق فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل:
آمنت بالله ورسله.
ما يقول عند الغضب روى البخاري ومسلم عن سليمان بن صرد قال: كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ورجلان يستبان: أحدهما قد احمر وجهه وانتفخت أوداجه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إني لاعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ذهب عنه ".
من جوامع أدعية الرسول صلى الله عليه وسلم 1 - قالت عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الجوامع من الدعاء ويدع ما بين ذلك.
ونحن نذكر من هذه الادعية مالا غنى للمرء عنه
…
عن أنس رضي الله عنه قال، كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:" اللهم، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذا ب النار ".
2 -
وروى مسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلا من المسلمين قد خفت (1) فصار مثل الفرخ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:" هل كنت تدعو بشئ أو تسأله إياه؟ " قال نعم.
كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبي به في الاخرة فعجله لي في الدنيا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1) خفت: ضعف وهزل حتى صار مثل ولد الطائر.
سبحان الله، لا تطيقه أو لا تستطيعه، أفلا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار ".
3 -
وروى أحمد والنسائي، أن سعدا سمع ابنا له يقول: اللهم إني أسألك الجنة وغرفها وكذا وكذا، واعوذ بك من النار وأغلالها وسلاسلها.
فقال سعد
لقد سألت الله خيرا كثيرا، وتعوذت به من شر كثير.
وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " سيكون قوم يعتدون في الدعاء.
بحسبك أن تقول: اللهم إني أسألك من الخير كله ما علمت منه وما لم اعلم، واعوذ بك من الشر كله ما علمت منه وما لم أعلم.
" ورويا عن ابن عباس قال: كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: " رب اعني ولا تعن علي، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي، واهدني ويسر الهدى لي وانصري على من بغى علي، رب اجعلني لك شكارا، لك ذكارا، لك رهابا (1) لك مطواعا، لك (2) ، مخبتا أواها (3) إليك منيبا، رب تقبل توبتي، واغسل حوبتي، (4) ، وأجب دعوتي، وثبت حجتي، وسدد لساني واهد قلبي، واسلل سخيمة (5) صدري " وروى مسلم عن زيد بن أرقم قال: لا أقول لكم إلا كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، كان يقول: " اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل والهرم، وعذاب القبر، اللهم آت نفسي تقواها، زكها انت خير من زكاها، إنك وليها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها.
" وفي صحيح الحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أتحبون أيها الناس أن تجتهدوا في الدعاء؟ " قالوا: نعم يا رسول الله قال: " قولوا: اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ".
(1) رهابا: كثير الرهبة والخوف.
(2)
الاخبات: الخشوع.
(3)
التأوه: شدة الحرقة " والمنيب ": كثير الرجوع إلى الله.
(4)
الحوبة: الاثم.
(5)
السخيمة: الغلل والحقد.
وعند أحمد، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ألظوا (1) بيا ذا الجلال والاكرام.
" وعنده أيضا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " والميزان بيد الرحمن عزوجل، يرفع أقواما ويضع آخرين.
وعن ابن عمر رضى الله عنهما، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجأة نقمتك وجميع سخطك.
" وروى الترمذي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اللهم انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وزدني علما، والحمد لله على كل حال، واعوذ بالله من حال أهل النار.
" روى مسلم: ان فاطمة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادما.
فقال لها: " قولي: اللهم رب السموات السبع ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شي، منزل التوراة والانجيل والقرآن، فالق الحب والنوى، أعوذ بك من شر كل شئ أنت آخذ بناصيته، أنت الاول فليس قبلك شئ وأنت الاخر فليس بعدك شئ، وأنت الظاهر فليس فوقك شئ، وأنت الباطن فليس دونك شئ اقض عني الدين وأغنني من الفقر.
" وروى أيضا: أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول: " اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ".
روى الترمذي، وحسنه، والحاكم عن ابن عمر قال: قلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الكلمات لاصحابه " اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما
تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا، وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل تأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا ".
(1) ألظوا: أي الزموا هذه الدعوة وداوموا عليها.
الصلاة والسلام على رسول الله قال الله تعالى: " إن الله وملائكته يصلون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ".
معنى الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال البخاري: قال أبو العالية: " صلاة الله تعالى ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة الدعاء ".
وقال أبو عيسى الترمذي، وروى عن سفيان الثوري وغير واحد من أهل العلم قالوا:" صلاة الرب الرحمة، وصلاة الملائكة الاستغفار ".
قال ابن كثير: والمقصود من هذه الاية، أن الله سبحانه وتعالى أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملا الاعلى، بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين، وان الملائكة تصلي عليه، ثم أمر تعالى أهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين، العلوي والسفلي جميعا.
وقد جاء في ذلك أحاديث كثيرة، ونذكر بعضها فيما يلى.
1 -
روى مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ".
2 -
وروى الترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة " قال الترمذي: " حديث حسن " اي أحقهم بشفاعته واقربهم مجلسا منه.
2 -
وروى أبو داود باسناد صحيح عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي فان صلاتكم تبلغني حيث كنتم ".
4 -
وروى أبو داود والنسائي عن أوس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا علي من
الصلاة فيه، فان صلاتكم معروضة علي ".
فقالوا يارسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك، وقد أرمت: أي: بليت؟.
قال: " إن الله حرم على الارض أن تأكل أجساد الانبياء ".
5 -
وفي سنن أبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه باسناد صحيح: - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مامن أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام ".
6 -
روى الامام أحمد عن أبي طلحة الانصاري قال: " أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما طيب النفس يرى في وجهه البشر " قالوا: يا رسول الله أصبحت اليوم طيب النفس يرى في وجهك البشر.
قال: " أجل: أتاني آت من ربي عز وجل فقال: من صلى عليك من أمتك صلاة كتب الله له بها عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، ورد عليه مثلها " قال ابن كثير: وهذا إسناد جيد.
7 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من
سره أن يكال له بالمكيال الاوفى - إذا صلى علينا أهل البيت - فليقل: اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ".
رواه أبو داود والنسائي.
8 -
عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال: " يا ايها الناس اذكروا الله.
اذكروا الله.
جاءت الراجفة (1) تتبعها الرادفة (2) جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه " قلت: يارسول الله إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال:" ما شئت ".
قلت: الربع؟ قال: " ما شئت، فان زدت فهو خير لك " قلت: النصف؟ قال: " ما شئت، فان زدت فهو خير لك ".
قلت: فالثلثين؟ قال: " ما شئت، فان زدت فهو خير لك ".
قلت: أجعل لك صلاتي كلها (3) قال: " إذن تكفي همك ويغفر لك ذنبك " رواه الترمذي.
(1) الراجفة: النفخة الاولى.
(2)
الرادفة: النفخة الثانية.
(3)
أي: أجعل مجالسي كلها في الصلاة والسلام عليك.
هل تجب الصلاة والسلام عليه كلما ذكر اسمه ذهب إلى وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما ذكر طائفة من العلماء، منهم الطحاوي والحليمي واستدلوا على ذلك بما رواه الترمذي وحسنه عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي، ورغم أنف رجل دخل عليه شهر رمضان ثم انسلخ قبل ان يغفر له، ورغم أنف رجل ادرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة ".
ولحديث أبي ذر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن أبخل الناس من ذكرت عنده فلم يصل علي ".
وذهب آخرون إلى وجوب الصلاة عليه في المجلس مرة واحدة، ثم لا تجب في بقية ذلك المجلس، بل تستحب.
لحديث أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة (1) يوم القيامة، فان شاء عذبهم، وان شاء غفر لهم " رواه الترمذي وقال: حسن.
استحباب كتابة الصلاة والسلام عليه كلما ذكر اسمه استحب العلماء الصلاة والسلام عليه - صلوات الله وسلامه عليه - كلما كتب اسمه، إلا أنه لم يرد في ذلك حديث يصح الاحتجاج به.
وذكر الخطيب البغدادي قال: رأيت بخط الامام أحمد بن حنبل رحمه الله كثيرا ما يكتب اسم النبي صلى الله عليه وسلم من غير ذكر الصلاة عليه كتابة.
قال: وبلغني أنه كان يصلي عليه لفظا.
الجمع بين الصلاة والتسليم قال النووي: إذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم فليجمع بين الصلاة والتسليم، ولا يقتصر على احدهما فلا يقل: صلى الله عليه فقط، ولا عليه السلام فقط.
(1) الترة: النقص.
الصلاة على الانبياء تستحب الصلاة على الانبياء والملائكة استقلالا.
واما غير الانبياء فانه يجوز الصلاة عليهم تبعا باتفاق العلماء وقد تقدم قوله صلى الله عليه وسلم: " اللهم صل على محمد النبي وازواجه أمهات المؤمنين إلخ ".
وتكره الصلاة عليهم استقلالا، فلا يقال: عمر صلى عليه وسلم.
صيغة الصلاة والسلام عليه (1) وروى مسلم عن أبي مسعود الانصاري أن بشير بن سعد قال: أمرنا الله أن نصلي عليك يارسول الله.
كيف نصلي عليك؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
والسلام كما قد علمتم.
" وروى ابن ماجه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: إذا صليتم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنوا الصلاة فانكم لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه.
قالوا له فعلمنا قال: قولوا، اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين، وإمام المتقدمين، وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك إمام الخير، وقائد الخير، ورسول الرحمة.
اللهم ابعثه مقاما يغبطه به الاولون.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
ما جاء في السفر عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" سافروا تصحوا، واغزوا تستغنوا " رواه أحمد، وصححه المناوي.
(1) تقدم بعض الصيغ الواردة في ذلك.
الخروج لما يحبه الله: عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من خارج يخرج
من بيته إلا ببابه رايتان: راية بيد ملك، وراية بيد شيطان، فإن خرج لما يحب الله عز وجل اتبعه الملك برايته، فلم يزل تحت راية الملك، حتى يرجع إلى بيته، وإن خرج لما يسخط الله، اتبعه الشيطان برايته، فلم يزل تحت راية الشيطان، حتى يرجع إلى بيته " رواه أحمد والطبراني، وسنده جيد.
الاستشارة والاستخارة قبل الخروج: ينبغي للمسافر أن يستشير أهل الخير والصلاح في سفره قبل خروجه.
لقوله تعالى " وشاورهم في الامر ".
وقوله تعالى في وصف المؤمنين: " وأمرهم شورى بينهم ".
قال قتادة: ما شاور قوم يبتغون وجه الله إلا هدوا إلى أرشد أمرهم.
وأن يستخير الله تعالى: فعند أحمد، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من سعادة ابن آدم استخارة الله، ومن سعادة ابن آدم رضاه بما قضى الله، ومن شقوة ابن آدم تركه استخارة الله، ومن شقوة ابن آدم سخطه بما قضى الله ".
قال ابن تيمية: " ما ندم من استخار الخلق وشاور المخلوقين ".
وصفة الاستخارة: أن يصلي ركعتين من غير الفريضة، ولو كانتا من السنن الراتبة، أو تحية المسجد، في أي وقت من الليل أو النهار، يقرأ فيهما بما شاء بعد الفاتحة، ثم يحمد الله ويصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بالدعاء الذي رواه البخاري، من حديث جابر رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الامور كلها (1) كما
(1) قال الشوكاني: هذا دليل على العموم، وأن المرء لا يحتقر أمرا لصغره وعدم الاهتمام به فيترك الاستخارة فيه، فرب أمر يستخف بأمره فيكون في الاقدام عليه أو في تركه ضرر عظيم،
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم.
" ليسأل أحدكم ربه، حتى شسع نعله ".
يعلمنا السورة من القرآن يقول: " إذا هم أحدكم بالامر، فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني استخيرك (1) بعلمك، وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الامر (2) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، (3) فاقدره لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الامر شر لي، في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال - عاجل أمري وآجله - فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به " قال: ويسمي حاجته - أي يسمى حاجته عند قوله: " اللهم ان كان هذا الامر ".
ولم يصح في القراءة فيها شئ مخصوص، كما لم يصح شئ في استحباب تكرارها.
قال النووي: ينبغي أن يفعل بعد الاستخارة ما ينشرح له، فلا ينبغي أن يعتمد على انشراح كان فيه هوى قبل الاستخارة، بل ينبغي للمستخير ترك اختياره رأسا، وإلا فلا يكون مستخيرا لله، بل يكون غير صادق في طلب الخيرة، وفي التبري من العلم والقدرة، وإثباتهما لله تعالى، فإذا صدق في ذلك تبرأ من الحول والقوة، ومن اختياره لنفسه ".
استحباب السفر يوم الخميس: روى البخاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما كان يخرج، إذا أراد سفرا، إلا يوم الخميس.
استحباب الصلاة قبل الخروج: عن المطعم بن المقدام رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" ما خلف أحد عند أهله أفضل من ركعتين يركعهما عندهم حين يريد سفرا " رواه الطبراني وابن عساكر وسنده معضل، أو مرسل.
(1) أستخيرك: أي أطلب منك الخيرة أو الخير.
(2)
يسمى حاجته هنا.
(3)
يجمع بينهما.
استحباب اتخاذ الاصحاب والرفقاء:
1 -
روى أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوحدة: أن يبيت الرجل وحده، أو يسافر وحده.
2 -
وعن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب ".
استحباب توديع أهله وأقاربه وطلب الدعاء منهم، ودعائه لهم: 1 - روى ابن السني، وأحمد، عن أبي هريرة، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:" من أراد أن يسافر فليقل لمن يخلف: أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ".
2 -
وروى أحمد عن عمر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إن الله إذا استودع شيئا حفظه ".
3 -
ويروى عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أراد أحدكم سفرا فليودع إخوانه، فإن الله تعالى جاعل في دعائهم خيرا ".
4 -
والسنة أن يدعو الاهل والاصحاب والمودعون للمسافر بهذا الدعاء
المأثور.
قال سالم: كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول للرجل - إذا أراد سفرا - أدن مني اودعك، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعنا، فيقول:" استودع الله دينك، وأمانتك (1) وخواتيم عملك ".
وفي رواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ودع رجلا، أخذ بيده، فلا يدعها حتى يكون الرجل هو الذي يدع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويذكر الحديث المتقدم.
قال الترمذي: حسن صحيح.
(1) قال الخطابي: الامانة - هنا - أهله، ومن يخلفه، وماله الذي عند أمينه، وذكر الدين هنا، لان السفر مظنة المشقة، فربما كان سببا لاهمال بعض أمور الدين.
- وعن أنس قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله أريد سفرا فزودني، فقال:" زودك الله التقوى " قال: زدني، قال:" وغفر ذنبك ".
قال: زدني، قال:" ويسر لك الخير حيثما كنت ".
قال الترمذي: حديث حسن.
6 -
وعن أبي هريرة، أن رجلا قال: يا رسول الله صلى إني أريد أن أسافر فأوصني، قال:" عليك بتقوى الله عز وجل، والتكبير على كل شرف (1) " فلما ولى الرجل قال: " اللهم اطو (2) له البعد وهون عليه السفر ".
قال الترمذي: حديث حسن.
طلب الدعاء: من المسافر في موطن الخير: قال عمر رضي الله عنه: استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة، فأذن لي، وقال:" لا تنسنا يا أخي من دعائك " فقال: كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا.
رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
أدعية السفر يستحب للمسافر أن يقول - إذا خرج من بيته -.
" بسم الله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوز إلا بالله، اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي ".
ثم يتخير من الادعية الامأثورة ما يشاء.
وهاك بعضها: 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج إلى سفر قال: " اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الاهل، اللهم إني أعوذ بك من الضبنة (3) في السفر، والآبة في المنقلب، اللهم اطولنا الارض، وهون علينا السفر.
" وإذا أراد الرجوع قال: " آيبون تائبون
(1) الشرف: المكان المرتفع.
(2)
الطو: قرب.
(3)
" الضبنة " مثلثة الضاد: الرفاق الذين لا كفاية لهم: أي أعوذ بك من صحبتهم في السفر.
عابدون لربنا حامدون.
" وإذا دخل على أهله قال: " توبا توبا (1) لربنا أوبا، لا يغادر علينا حوبا " رواه أحمد، والطبراني، والبزار، بسند رجاله رجال الصحيح.
2 -
وعن عبد الله بن سرجس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج في سفر قال: اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب.
والحور بعد الكور (2) ، ودعوة المظلوم، وسوء المنظر في المال والاهل ".
وإذا رجع قال مثلها، إلا أنه يقول:" وسوء المنظر في الاهل والمال ".
فيبدأ بالاهل.
رواه أحمد، ومسلم.
ما يقول المسافر عند الركوب:
عن علي بن ربيعة قال: رأيت عليا رضي الله عنه أتي بدابة ليركبها، فلما وضع رجله في الركاب قال: بسم الله، فلما استوى عليها قال: الحمد لله سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا مقرنين (3) وإنا إلى ربنا لمنقلبون ثم حمد الله ثلاث، وكبر ثلاثا، ثم قال: سبحانك، لا إله إلا أنت قد ظلمت نفسي فاغفر لي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، ثم ضحك.
فقلت: مم ضحكت يا أمير المؤمنين؟ قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل مثل ما فعلت، ثم ضحك، فقلت: مم ضحكت يا رسول الله؟ قال: يعجب الرب من عبده إذا قال رب اغفر لي، ويقول: علم عبدي أنه لا يغفر الذنوب غيري.
رواه أحمد وابن حبان، والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم.
وعن الازدي: ان ابن عمر رضى الله عنهما علمه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى على بعيره خارجا إلى سفر كبر ثلاثا ثم قال، " سبحان الذي سخر لنا هذا، وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون، اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم
(1)" توبا " مصدر تاب.
و" أوبا " مصدر آب، وهما بمعنى رجع.
" والحوب ": الذنب.
(2)
" والحور بعد الكور ": أي أعوذ بك من الفساد بعد الصلاح.
(3)
" وما كنا له مقرنين ": أي مطيقين قهره.
هون علينا سفرنا هذا، واطوعنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الاهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر (1) ، وكآبة المنقلب (2) ، وسوء المنظر في الاهل والمال (3)" وإذا رجع قالهن، وزاد فيهن: " آيبون تائبون عابدون، لربنا حامدون " أخرجه أحمد، ومسلم.
ما يقوله المسافر إذا أدركه الليل: عن ابن عمر رضي الله عنهما: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا أو سافر فأدركه الليل قال: " يا أرض، ربي وربك الله، أعوذ بالله من شرك، وشر ما فيك، وشر ما خلق فيك، وشر ما دب عليك، أعوذ بالله من شر كل أسد وأسود (4) ، وحية وعقرب، ومن شر ساكن البلد، ومن شر والد وما ولد " رواه أحمد وأبو داود.
ما يقوله المسافر إذا نزل منزلا: عن خولة بنت حكيم السلمية: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من نزل منزلا ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات (5) كلها من شر ما خلق، لم يضره شئ حتى يرتحل من منزله ذلك " رواه الجماعة إلا البخاري، وأبا داود.
ما يقوله المسافر إذا أشرف على قرية أو مكان وأراد أن يدخله: عن عطاء بن أبي مروان عن أبيه: أن كعبا حلف له بالذي فلق البحر لموسى: أن صهيبا حدثه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير قرية يريد دخولها إلا قال حين يراها: " اللهم رب السموات السبع وما أظللن، ورب الارضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح
(1)" وعثاء السفر ": مشقته.
(2)
" كآبة " أي حزن.
" المنقلب " العودة: والمعنى أي أعوذ بك من الحزن عند الرجوع.
(3)
وسوء المنظر في الاهل والمال " أي مرضهم " مثلا.
(4)
" الاسود ": العظيم من الحيات.
(5)
" التامات " أي الكاملات، والمراد بالكلمات الله: القرآن.
وما ذرين، أسألك خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما فيها، ونعوذ بك ما شرها وشر أهلها وشر ما فيها ".
رواه النسائي وابن حبان، والحاكم وصححاه.
وعن ابن عمر رضى الله عنهما قال: كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا رأى قرية يريد أن يدخلها قال:" اللهم بارك لنا فيها - ثلاث مرات - اللهم ارزقنا جناها (1) وحببنا إلى أهلها وحبب صالحي أهلها إلينا " رواه الطبراني في الاوسط بسند جيد.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أشرف على أرض يريد دخولها قال، " اللهم إني أسألك من خير هذه وخير ما جمعت فيها، وأعوذ بك من شرها وشر ما جمعت فيها اللهم ارزقنا جناها وأعذنا من وباها، وحببنا إلى أهلها، وحبب صالحي أهلها إلينا " رواه ابن السني.
ما يقوله المسافر وقت السحر: عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر وسحر (2) يقول: " سمع سامع (3) بحمد لله وحسن بلائه علينا، ربنا صاحبنا وأفضل علينا، عائذا بالله من النار (4) " رواه المسلم.
ما يقول المسافر إذا علا شرفا، أو هبط واديا أو رجع: 1 - روى البخاري عن جابر رضى الله عنه قال: كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا سبحنا.
2 -
وروى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله
(1)" اللهم ارزقنا جناها ": أي ما يجتنى منها من ثمار.
(2)
" أسحر " أي انتهى في سيره إلى السحر، وهو آخر الليل.
(3)
" سمع سامع بحمد الله وحسن بلائه علينا ": أي شهد شاهد لناا بحمدنا الله، وحمدنا لنعمته،
ولحسن فضله علينا " والبلاء ": الفضل والنعمة.
(4)
هذا دعاء لله أن يكون صاحبا لنا، وعاصما لنا من النار ومن أسبابها.
عليه وسلم كان إذا قفل (1) من الحج أو العمرة " ولا أعلمه إلا قال: الغزو " كلما أوفى (2) على ثنية (3) أو " فدفد (4) كر ثلاثا " ثم قال: " لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، آيبون تائبون، عابدون ساجدون، لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الاحزاب وحده ".
ما يقوله المسافر إذا ركب سفينة:
1 -
رسو ابن السني عن الحسين بن علي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمان أمتي من الغرق - إذا ركبوا - أن يقولوا: " بسم الله مجريها ومرساها إن ربي لغفور رحيم "، " وما قدروا الله حق قدره، والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ".
ركوب البحر عند اضطرابه: لا يجوز ركوب البحر عند اضطرابه.
لحديث أبى عمران الجوني قال: حدثني بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من بات فوق بيت ليس له إجار (5) فوقع فمات فقد برئت منه الذمة (6) ومن ركب البحر عند ارتجاجه (7) فمات فقد برئت منه الذمة " رواه أحمد، بسند صحيح.
(1)" قف ": أي عاد.
(2)
" أوفى ": أي أشرف.
(3)
" الثنية ": الطريق العالي في الجبل.
(4)
" الفدفد ": أي الموضع الذي فيه اغلظ وارتفاع.
والمراد الطريق الوعر.
(5)
" أجار ": سور.
(6)
الذمة ": حفظ الله له، والمراد: أن الله يتخلى عن حفظه.
(7)
" ارتجاجه ": اضطرابه