الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واتفقوا على أنه يسقط عن ذوي الاعذار كالسقاة ورعاة الابل فلا يلزمهم بتركه شئ.
وقد استأذن العباس النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته، فأذن له.
رواه البخاري وغيره.
وعن عاصم بن عدي أنه صلى الله عليه وسلم رخص للرعاء أن يتركوا المبيت بمنى.
رواه أصحاب السنن، وصححه الترمذي.
متى يرجع من منى
؟
يرجع من " منى " إلى مكة قبل غروب الشمس، من اليوم الثاني عشر بعد الرمي، عند الائمة الثلاثة.
وعند الاحناف: يرجع إلى مكة ما لم يطلع الفجر من اليوم الثالث عشر من ذي الحجة.
لكن يكره النفر بعد الغروب، لمخالفة السنة ولا شئ عليه.
الهدي:
الهدي هو ما يهدى من النعم إلى الحرم تقربا إلى الله عزوجل، قال الله تعالى
" والبدن (1) جعلناها لكم من شعائر (2) الله، لكم فيها خير، فاذكروا اسم الله عليها صواف، فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع (3) والمعتر (4) كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون.
لن ينال الله لحومها ولادماؤها، ولكن يناله التقوى منكم ".
وقال عمر رضي الله عنه: أهدوا، فإن الله يحب الهدي.
وأهدى رسول الله عليه وسلم مائة من الابل، وكان هديه تطوعا.
(1)" البان ": الابل.
(2)
" الشعائر " أعمال الحج، وكل ما جعل علما لطاعة الله.
(3)
" القانع " أي السائل.
(4)
" المعتر " الذي يتعرض لاكل اللحم.
الافضل فيه: أجمع العلماء على أن الهدي لا يكون إلا من النعم (1)، واتفقوا: على أن الافضل الابل، ثم البقر، ثم الغنم.
على هذا الترتيب.
لان الابل أنفع للفقراء، لعظمها، والبقر أنفع من الشاة كذلك.
واختلفوا في الافضل للشخص الواحد: هل يهدي سبع بدنة، أو سبع بقرة أو يهدي شاة؟ والظاهر أن الاعتبار بما هو أنفع للفقراء.
أقل ما يجزئ في الهدي: للمرء أن يهدي للحرم ما يشاء من النعم.
وقد أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة من الابل وكان هديه هدي تطوع.
وأقل ما يجزئ عن الواحد شاة، أو سبع بدنة، أو سبع بقرة، فإن البقرة أو البدنة تجزئ عن سبعة.
قال جابر رضي الله عنه: حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحرنا البعير عن سبعة، والبقرة عن سبعة.
رواه أحمد، ومسلم.
ولا يشترط في الشركاء أن يكونوا جميعا ممن يريدون القربة إلى الله تعالى.
بل لو أراد بعضهم التقرب، وأراد البعض اللحم جاز.
خلافا للاحناف الذين يشترطون التقرب إلى الله، من جميع الشركاء.
متى تجب البدنة؟
ولا تجب البدنة إلا إذا طاف للزيارة جنبا، أو حائضا، أو نفساء، أو جامع بعد الوقوف بعرفة وقبل الحلق، أو نذر بدنة أو جزورا، ومن لم يحد بدنة فعليه أن يشتري سبع شياه.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه رجل فقال: إن علي بدنة، وأنا موسر بها، ولا أجدها فأشتريها، فأمره صلى الله عليه وسلم أن يبتاع سبع شياه فيذبحهن.
رواه أحمد، وابن ماجه بسند صحيح.
(1)" والنعم " هي الابل، والبقر، والغنم، والذكر، أو الانثى، سواء في جواز الاهداء.
أقسامه: ينقسم الهدي إلى مستحب، وواجب.
فالهدي المستحب: للحاج المفرد، والمعتمر المفرد.
والهدي الواجب: أقسامه كالآتي:
1 و 2 - واجب على القارن، والمتمتع.
3 -
واجب على من ترك واجبا من واجبات الحج، كرمي الجمار والاحرام من الميقات والجمع بين الليل والنهار في الوقوف بعرفة، والمبيت بالمزدلفة، أو منى، أو ترك طواف الوداع.
4 -
واجب على من ارتكب محظورا من محظورات الاحرام، غير الوطء، كالتطيب والحلق.
5 -
واجب بالجنابة على الحرم، كالتعرض لصيده، أو قطع شجره، وكل ذلك مبين في موضعه كما تقدم.
شروط الهدي:
يشترط في الهدي الشروط الآتية:
1 -
أن يكون ثنيا، إذا كان من غير الضأن، أما الضأن فإنه يجزئ منه الجذع فما فوقه. وهو ما له ستة أشهر، وكان سمينا.
والثني من الابل: ماله خمس سنين، ومن البقر: ما له سنتان، ومن المعز ما له سنة تامة، فهذه يجزئ منها الثني فما فوقه.
2 -
أن يكون سليما، فلا تجزئ فيه العوراء ولا العرجاء ولا الجرباء، ولا العجفاء (1) .
وعن الحسن: أنهم قالوا: إذا اشترى الرجل البدنة، أو الاضحية، وهي وافية، فأصابها عور، أو عرج، أو عجف قبل يوم النحر فليذبحها وقد أجزأته. رواه سعيد بن منصور.
(1) العجفاء: الهزيلة.
استحباب اختيار الهدي:
روى مالك عن هشام بن عروة، عن أبيه أنه كان يقول لبنيه: يا بني لايهد أحدكم لله تعالى من البدن شيئا.
يستحيي أن يهديه لكريمه (1) ، فإن الله أكرم الكرماء، وأحق من اختير له.
وروى سعيد بن منصور ان ابن عمر رضي الله عنهما سار فيما بين مكة على ناقة بختية (2)، فقال لها: بخ بخ (3) ، فأعجبته فنزل عنها، وأشعرها، وأهداها.
إشعار الهدي وتقليده:
الاشعار: هو أن يشق أحد جنبي سنام البدنة أو البقرة، إن كان لها سنام حتى يسيل دمها ويجعل ذلك علامة لكونها هديا فلا يتعرض لها.
والتقليد:
هو أن يجعل في عنق الهدي قطعة جلد ونحوها ليعرف بها أنه هدي.
وقد أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم غنما، وقلدها، وقد بعث بها مع أبي بكر رضي الله عنه عندما حج سنة تسع.
وثبت عنه: أنه صلى الله عليه وسلم، قلد الهدي، وأشعره وأحرم بالعمرة وقت الحديبية.
وقد استحب الاشعار عامة العلماء، ما عدا أبا حنيفة.
الحكمة في الاشعار والتقليد:
والحكمة فيهما تعظيم شعائر الله، وإظهارها، وإعلام الناس بأنها قرابين تساق إلى بيته، تذبح له ويتقرب بها إليه.
ركوب الهدى:
يجوز ركوب البدن، والانتفاع بها.
(1)" لكريمه " أي لحبيبه المكرم العزيز لديه.
(2)
البختية: الانثى من الجمال.
(3)
بخ بخ: كلمة تقال عند المدح والرضا بالشئ، وتكرر للمبالغة، وبخبخت الرجل: إذا قلت له ذلك.
لقول الله تعالى: (لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق) .
قال الضحاك، وعطاء: المنافع فيها الركوب عليها إذا احتاج، وفي أوبارها وألبانها.
والاجل المسمى: أن تقلد فتصير هديا.
ومحلها إلى البيت العتيق، قالا: يوم النحر ينحر بمنى.
وعن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسوق بدنة، فقال:" اركبها ".
قال: إنها بدنة.
فقال: " اركبها ويلك ": في الثانية، أو الثالثة.
رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
وهذا مذهب أحمد، وإسحاق، ومشهور مذهب مالك.
وقال الشافعي: يركبها إذا اضطر إليها.
وقت الذبح: اختلف العلماء في وقت ذبح الهدي.
فعند الشافعي: أن وقت ذبحه يوم النحر، وأيام التشريق لقوله صلى الله عليه وسلم:" وكل أيام التشريق ذبح " رواه أحمد.
فإن فات وقته، ذبح الهدي الواجب قضاء.
وعند مالك وأحمد، وقت ذبح الهدي - سواء أكان ذبح الهدي واجبا، أم تطوعا - أيام النحر.
وهذا رأي الاحناف بالنسبة لهدي التمتع والقران.
وأمادم النذر، والكفارات، والتطوع فيذبح في أي وقت.
وحكي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، والنخعي: وقتها من يوم
النحر، إلى آخر ذي الحجة.
مكان الذبح:
الهدي - سواء أكان واجبا، أم تطوعا - لا يذبح إلا في الحرم وللمهدي أن يذبح في أي موضع منه.
فعن جابر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كل
منى منحر، وكل المزدلفة موقف، وكل فجاج مكة طرق، ومنحر ".
رواه أبو داود، وابن ماجه.
والاولى بالنسبة للحاج، أن يذبح بمنى، وبالنسبة للمعتمر أن يذبح عند المروة، لانها موضع تحلل كل منهما.
فعن مالك أنه بلغه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - بمنى - " هذا المنحر، وكل منى منحر " وفي العمرة: هذا المنحر - يعني المروة - وكل فجاج مكة وطرقها منحر.
استحباب نحر الابل، وذبح غيرها: يستحب أن تنحر الابل، وهي قائمة، معقولة اليد اليسرى وذلك للاحاديث الآتية: 1 - لما رواه مسلم، عن زياد بن جبير: أن ابن عمر رضي الله عنهما أتى على رجل، وهو ينحر بدنته باركة، فقال: ابعثها قياما مقيدة، سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم.
2 -
وعن جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، كانوا ينحرون البدنة معقولة اليسرى، قائمة على ما بقي منها. رواه أبو داود.
3 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، في قوله تعالى:(فاذكروا اسم الله عليها صواف) أي قياما على ثلاث.
رواه الحاكم.
أما البقر والغنم، فيستحب ذبحها مضطجعة.
فإن ذبح ما ينحر، ونحر ما يذبح، قيل: يكره، وقيل: لا يكره.
ويستحب أن يذبحها بنفسه، إن كان يحسن الذبح، وإلا فيندب له أن يشهده.
لا يعطى الجزار الاجرة من الهدي: لا يجوز أن يعطى الجزار الاجرة من الهدي، ولا بأس بالتصدق عليه منه.
لقول علي رضي الله عنه: أمرني رسولا لله صلى الله عليه وسلم أن أقوم
على بدنه، وأقسم جلودها وجلالها، وأمرني ألا أعطي الجزار منها شيئا، وقال:" نحن نعطيه من عندنا " رواه الجماعة.
وفي الحديث ما يدل على أنه يجوز أنه ينيب عنه من يقوم بذبح هديه، وتقسيم لحمه، وجلده وجلاله (1) .
وأنه لا يجوز أن يعطى الجزار منه شيئا، على معنى الاجرة، ولكن يعطى أجرة عمله، بدليل قوله:" نعطيه من عندنا ".
وروي عن الحسن أنه قال لا بأس أن يعطى الجازر الجلد.
الاكل من لحوم الهدي: أمر الله بالاكل من لحوم الهدي فقال: " فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ".
وهذا الامر يتناول - بظاهره - هدي الواجب، وهدي التطوع.
وقد اختلف فقهاء الامصار في ذلك.
فذهب أبو حنيفة وأحمد: إلى جواز الاكل من هدي المتعة، وهدي القران، وهدي التطوع، ولا يأكل مما سواها.
وقال مالك: يأكل من الهدي الذي ساقه لفساد حجه، ولفوات الحج.
ومن هدي المتمتع، ومن الهدي كله، إلا فدية الاذى، وجزاء الصيد.
وما نذره للمساكين، وهدي التطوع، إذا عطب قبل محله.
وعند الشافعي: لايجوز الاكل من الهدي الواجب مثل الدم الواجب، في جزاء الصيد، وإفساد الحج وهدي التمتع والقران، وكذلك ما كان نذرا أوجبه على نفسه.
أماماكان تطوعا، فله أن يأكل منه ويهدي، ويتصدق.
مقدار ما يأكله من الهدي: للمهدي أن يأكل من هديه الذي يباح له الاكل منه أي مقدار يشاء أن يأكله، بلا تحديد، وله كذلك أن يهدي أو يتصدق بما يراه.
وقيل: يأكل النصف، ويتصدق بالنصف.
(1) اتفق الائمة: على عدم جواز بيع جلد الهدي ولاشئ من اجزائه.