المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الخامس (الغسل) - فقه العبادات على المذهب الحنفي

[نجاح الحلبي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة [المؤلفة]

- ‌الإمام أبو حنيفة النعمان رضي الله عنه

- ‌تعريف بالأحكام التكليفية

- ‌تختلف الأحكام التكليفية بحسب ثبوت طلبها من الشارع وترتيب العقوبة على تركها. وهي:

- ‌ القواعد العامة في ترجيح أقوال أئمة الحنفية

- ‌[متن الكتاب]

- ‌كتاب الطهارة

- ‌الباب الأول [المياه، الآسار]

- ‌الفصل الأول: المياه

- ‌الفصل الثاني: الأَسْآر

- ‌الباب الثاني (قَضَاءُ الحاجَة)

- ‌الفصل الأول (سننها ومكروهاتها)

- ‌الفصل الثاني: الاستنجاء

- ‌الباب الثالث (الوُضوُءُ)

- ‌الفصل الأول: تعريفه، سببه، شروطه، حكمه

- ‌الفصل الثاني: فرائض الوضوء

- ‌الفصل الثالث: سنن الوضوء

- ‌الفصل الرابع: آداب الوضوء

- ‌الفصل الخامس: مكروهات الوضوء

- ‌الفصل السادس: نواقض الوضوء

- ‌الباب الرابع (المسح على الخفين)

- ‌الباب الخامس (الغُسْلُ)

- ‌الباب السادس (التَيَمُّم)

- ‌الباب السابع (الحَيْض والنِّفاس والاسْتِحَاضَة)

- ‌الباب الثامن (الطهارة من النجاسات الحقيقية)

- ‌كتاب الصلاة

- ‌الباب الأول (مقدمات)

- ‌الباب الثاني (الأذان والإقامة)

- ‌الباب الثالث (أحكام الصلاة)

- ‌الفصل الأول: شروط الصلاة

- ‌الفصل الثاني: أركان الصلاة

- ‌الفصل الثالث: واجبات الصلاة

- ‌الفصل الرابع: سنن الصلاة

- ‌الفصل الخامس: آداب الصلاة

- ‌الفصل السادس: مكروهات الصلاة

- ‌الفصل السابع: مفسدات الصلاة

- ‌الباب الرابع [سجود السهو والشكر والتلاوة]

- ‌الفصل الأول: سجود السَّهْو

- ‌الفصل الثاني: سُجُود التِّلَاوة

- ‌الفصل الثالث: سُجُود الشّكر

- ‌الباب الخامس: الوتر

- ‌الباب السادس (صَلَاة النَّوافل)

- ‌الفصل الأول: النوافل التابعة للفرائض

- ‌الفصل الثاني: النوافل غير التابعة للفرائض

- ‌الباب السابع (صَلَاة الجَمَاعة)

- ‌الباب الثامن (الصلوات التي فرضت جماعة)

- ‌الفصل الأول: صَلَاة الجُمُعَة

- ‌الفصل الثاني: صَلاة العيدين

- ‌الباب التاسع (صلاة المُسافر وصَلَاة المَريض وصَلاة الخوف)

- ‌الفصل الأول: صَلَاة المُسَافر

- ‌الفصل الثاني: صَلاِة المريض

- ‌الفصل الثالث: صَلَاة الخوف

- ‌الباب العاشر (الجَنَائِز)

- ‌كتاب الصيام

- ‌الباب الأول [تعريفه، أقسامه، ما يستحب ويكره فيه]

- ‌الفصل الأول: تعريف الصوم

- ‌الفصل الثاني: أقسَام الصوم

- ‌القسم الأول (الصَّوْم المفرُوض)

- ‌القسم الثاني (الصَّوْم المَسْنُون)

- ‌القسم الثالث (الصَّوْم المَندوب)

- ‌القسم الرابع (الصَّوْم المَكرُوه)

- ‌الفصل الثالث [ما يستحب ويكره]

- ‌الباب الثاني (الاعتكاف)

- ‌كتاب الزكاة

- ‌الباب الأول [تعريفها، شروطها، الأنواع التي تجب فيها]

- ‌الباب الثاني [زكاة النعم، الزروع والثمار، النقد، العروض التجارية]

- ‌الفصل الأول: زَكاة النَّعَم

- ‌الفصل الثاني: زَكاة الزرُوع والثِّمَار

- ‌الفصل الثالث: زَكاة النّقد

- ‌الفصل الرابع: زَكاة العروض التجارية

- ‌الباب الثالث (مصارف الزكاة)

- ‌الباب الرابع (صَدقة الفِطر)

- ‌كتاب الحج

- ‌الباب الأول (تعريف الحج وشروطه)

- ‌الباب الثاني (أرْكَان الحجّ)

- ‌الباب الثالث (واجبَات الحجّ)

- ‌الباب الرابع (سُنَنْ الحّج وآدابه)

- ‌الباب الخامس [أوجه تأدية الحج، التحلل، الحج عن الغير]

- ‌الفصل الأول: أوجُه تأدَية الحَجّ

- ‌الفصل الثاني: التحلل

- ‌الفصل الثالث: الحَجّ عن الغير

- ‌الباب السادس (العمرة)

- ‌الباب السابع (الجِنايات)

- ‌الباب الثامن (الإحصار)

- ‌الباب التاسع (الهدي)

- ‌فصل في زيارة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌نهاية الكتاب

الفصل: ‌الباب الخامس (الغسل)

‌الباب الخامس (الغُسْلُ)

.

ص: 47

تعريف الغسل:

لغة: تمام غسل الجسد، واسم للماء الذي يغتسل به.

شرعاً: غسل البدن من جنابة أو حيض أو نفا (أي الغسل الذي هو فرض) . قال تعالى: {وإن كنتم جنباً فاطَّهروا} (1) .

(1) النساء: 43.

ص: 48

سبب الغسل: إرادة ما لا يحل مع الحدث الأكبر إلا به.

ص: 49

حكم الغسل:

أ - فرض: يكون الغسل فرضاً في الحالات التالية (وهي موجباته) :

-1 - خروج المني بشهوة إلى ظاهر الجسد، لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(إنما الماء من الماء)(1) . إذا انفصل عن مقره أي عن الصلب للرجل وعن الترائب (2) للمرأة. ولا يشترط دوام الشهوة حتى يخرج المني إلى الظاهر بل يكفي وجودها عند انفصاله من الصلب خلافاً لأبي يوسف.

وسواء كان نزول المني عن جماع أو احتلام أو نظر أو استمناء فإنه موجب للغسل، ودليل وجوب الغسل حال الاحتلام حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: جاءت أم سليم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعم إذا رأت الماء) . فقالت أم سلمة: يا رسول الله وتحتلم المرأة؟ فقال: (تَربَتْ يداك فبم يشبهها ولدها)(3) .

وإذا استيقظ من النوم فوجد منياً ولم يتذكر احتلاماً وجب عليه الغسل، لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلاماً. قال: (يغتسل)(4) . أما من ذكر حلماً ولم ير بللاً فلا غسل عليه.

ويوجب الغسل: إنزال المني بوطء ميتة أو بهيمة أو إدخال إصبع فإن نزل المني وجب الغسل لقصور الشهوة. وكذا لو وجد المني بعد سكر أو إغماء.

ولو خرج المني بدون شهوة عن مرض، أو تعب، أو حمل ثقيل، أو ضرب على الصلب، فلا غسل عليه. وذلك لما روي عن مجاهد قال:"بيننا نحن أصحاب ابن عباس حلق في المسجد، طاووس، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وابن عباس قائم يصلي، إذ وقف علينا رجل فقال: هل من مُفتٍ؟ فقلنا: سل. فقال: إني كلما بلت تبعه الماء الدافق، قلنا: الذي يكون منه الولد؟ قال: نعم، قلنا: عليك الغسل، قال: فولى الرجل وهو يرجع، قال: وعجل ابن عباس في صلاته، ثم قال لعكرمة: عليَّ بالرجل، وأقبل علينا فقال: أرأيتم ما أفتيتم به هذا الرجل عن كتاب الله؟ قلنا: لا، قال: فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلنا: لا، قال: فعن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلنا: لا، قال: فعمَّه؟ قلنا: عن رأينا، قال: فلذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد. قال: وجاء الرجل، فأقبل عليه ابن عباس فقال: أرأيت إذا كان ذلك منك أتجد شهوة في قبلك؟ قال: لا، قال: فهل تجد خدراً في جسدك؟ قال: لا، قال: إنما هي إبردة يجزيك منها الوضوء".

-2 - التقاء الختانين ولو بدون إنزال، لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا جلس بين شُعبها الأربع، ومسّ الختان الختان، فقد وجب الغسل)(5)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إذا جلس بين شعبها الأربع وأجهد نفسه فقد وجب الغسل، أنزل أم لم ينزل)(6) .

وكذا يجب الغسل إذا كان الإيلاج في الدبر، قال علي رضي الله عنه:"توجبون فيه الحد ولا توجبون فيه صاعاً من ماء".

-3 - انقطاع الحيض والنفاس، لقوله تعالى:{فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن، فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين} (7) .

ويجب الغسل بعد الولادة ولو كانت بغير دم.

-4 - الموت: ووجوب الغسل بحق الميت المسلم فقط، وغسله فرض كفاية على المسلمين، لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً كان مع النبي صلى الله عليه وسلم فوقصته ناقته وهو محرم فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(اغسلوه بماء وسِدْر)(8) .

ويجب الغسل احتياطاً لمن أصاب كل جسده نجاسة أو بعضه وخفي مكانها.

ب - سنة: ويكون الغسل سنة لأمور:

-1 - لصلاة الجمعة، لحديث عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل)(9) . والغسل للصلاة فلو اغتسل ثم أحدث فتوضأ لم تحصل السنة، وقيل الغسل لليوم.

-2 - لصلاة العيدين، لما روى الفاكه بن سعد - وكانت له صحبة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (كان يغتسل يوم الجمعة ويوم عرفة ويوم الفطر ويوم النحر)(10) .

والحكمة من الغسل في أيام الاجتماعات لدفع أذى الرائحة الكريهة.

-3 - للوقوف بعرفة بعد الزوال لفضل زمان الوقوف، للحديث المتقدم ولما روي عن عبد الرحمن بن يزيد قال:"اغتسلت مع ابن مسعود يوم عرفة تحت الأراك"(11) . ويسقط عنه إن لم يجد ساتراً.

-4 - للإحرام بالحج أو العمرة، والغاية منه التنظيف لا التطهير، لذا يسن للمرأة الحائض والنفساء. وذلك لما روي عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه (رأى النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل)(12) . ولا يتيمم بدله إن فقد الماء.

-5 - للإسلام، إن أسلم وهو طاهر عن موجبات الغسل.

-6 - البلوغ بالسن لا بالاحتلام.

جـ - مندوب:

-1 - يندب الغسل لمن أفاق من جنون أو سكر أو إغماء، لما روي عن عبيد الله بن عبد الله قال: دخلت على عائشة فقلت لها: ألا تحدثيني عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: بلى. (ثقل النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: أصلى الناس؟ قلنا: لا. وهم ينتظرونك يا رسول الله! قال: ضعوا لي ماء في المِخْضَبِ. ففعلنا. فاغتسل. ثم ذهب ليَنُوء فأغمي عليه. ثم أفاق فقال: أصلى الناس؟ قلنا: لا. وهم ينتظرونك يا رسول الله فقال: ضعوا لي ماء في المخضب. ففعلنا. فاغتسل..)(13) .

-2 - لإحياء الليالي الوارد إحياؤها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كليلة النصف من شعبان وليلة القدر.

-3 - بعد تغسيل الميت، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من غسَّل ميتاً فليغتسل)(14) .

-4 - لصلاة الكسوف والخسوف والاستسقاء وصلاة الخوف.

-5 - لمن حكم عليه بالقتل، فيغتسل قبل أن ينفذ فيه الحكم.

-6 - للقادم من السفر.

-7 - للتائب من الذنب.

-8 - لمن أصابته نجاسة وخفي عليه مكانها.

-9 - لدخول مكة أو المدينة، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه (كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طوى، حتى يصبح ويغتسل، ثم يدخل مكة نهاراً ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله)(15) .

-10 - لرمي الجمار.

-11 - للوقوف بمزدلفة.

-12 - لطواف الزيارة.

-13 - المستحاضة إذا انقطع عنها الدم.

-14 - بعد الحجامة.

(1) مسلم: ج 1 / كتاب الحيض باب 21/81، ويقصد بالماء الأول الغسل وبالثاني المني.

(2)

الترائب: عظام الصدر.

(3)

مسلم: ج 1 / كتاب الحيض باب 6/32.

(4)

الترمذي: ج 1 / أبواب الطهارة باب 82/113.

(5)

مسلم: ج 1 / كتاب الحيض باب 22/88.

(6)

الدارقطني: ج 1 / ص 112.

(7)

البقرة: 222.

(8)

البخاري: ج 2 / كتاب الإحصار وجزاء الصيد باب 32/1753، والوَقْص: كَسْر العنق. والسِّدر شجر النَّبق.

(9)

مسلم: ج 2 / كتاب الجمعة /4.

(10)

مسند الإمام أحمد: ج 4 / ص 78.

(11)

مجمع الزوائد: ج 3 / ص 153.

(12)

الترمذي: ج 3 / كتاب الحج باب 16/830.

(13)

مسلم: ج 1 / كتاب الصلاة باب 21/90، ومعنى لِنَوء، أي ليقوم وينهض.

(14)

ابن ماجة: ج 1 / كتاب جنائز باب 8/1463.

(15)

مسلم: ج 2 / كتاب الحج باب 38/227.

ص: 50

فرائض الغسل:

للغسل ركن واحد وهو تعميم البدن بالماء، ويشمل الفرض العملي والفرض الاعتقادي حيث لم يفصّل الله تعالى في فرائض الغسل كما فصّل في فرائض الوضوء، قال تعالى:{وإن كنتم جنباً فاطهروا} (1) . والمبالغة في قوله تعالى: {فاطهروا} تفيد غسل الجسم ظاهراً وباطناً، ويسقط ما لا يمكن لوجود الحرج. وعلى هذا فرائض الغسل هي:

-1 - تعميم ما أمكن من البدن شَعْره وبَشره بالماء الطاهر، لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(تحت كل شعرة جنابة فاغسلوا الشعر وأنقوا البشر)(2) . فيجب تعهد ثنايا الجسم وتحت الإبطين والشعر بالغسل.

-2 - المضمضة والاستنشاق، لما روى ابن عباس رضي الله عنهما عن خالته ميمونة قالت: وضعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسلاً فاغتسل من الجنابة وذكرت الحديث وفيه: (ثم مضمض واستنشق..)(3) ويكفي في المضمضة الشرب عبَّاً.

-3 - غسل الفرج الظاهر والسرّة، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة، يبدأ فيغسل يديه ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه)(4)، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:(كان (5) إذا اغتسل من الجنابة نضخ الماء في الماء عينيه وأدخل إصبعه في سرته) (6) . أخذ السادة الأحناف من الحديث وجوب غسل السرة دون وجوب غسل العينين.

-4 - إزالة ما يمنع من وصول الماء إلى الجسد.

-5 - غسل تحت الشعر وتبليغ الماء إلى أصول الشعر، ويفترض نقض المضفور من شعر الرجل للغسل وتنقض المرأة ضفائرها إذا لم تتأكد من وصول الماء إلى أصل الشعر، بدليل ما روي عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله إني امرأة أشد ضَفْرَ رأسي فأنقضه لغُسْل الجنابة؟ قال: (لا إنما يكفيك أن تَحثْي على رأسك ثلاث حَثَيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين)(7) .

(1) النساء: 43.

(2)

الترمذي: ج 1 / أبواب الطهارة باب 78/106.

(3)

البيهقي: ج 1 / ص 177.

(4)

مسلم: ج 1 / كتاب الحيض باب 9/35.

(5)

يقصد النبي صلى الله عليه وسلم.

(6)

البيهقي: ج 1 / ص 177.

(7)

مسلم: ج 1 / كتاب الحيض باب 12/58.

ص: 51

سنن الغسل:

يسن في الغسل ما يسن في الوضوء عدا الترتيب.

-1 - التسمية قبل كشف العورة، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله تعالى عليه)(1) .

-2 - النية، ليكون فعله قربة، والابتداء بالتسمية يصاحب النية لأن النية فعل القبل والتسمية باللسان.

-3 - أن يبدأ المغتسل بيديه.

-4 - أن يزيل الأذى والنجاسة إن كانت على بدنه.

-5 - غسل الفرج إن لم يكن به نجاسة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وليطمئن بوصول الماء إلى الجزء الذي ينضم من فرجه حال القيام. روي عن عائشة رضي الله عنها قالت:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر، حتى إذا رأى أن قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حَفَنات، ثم أفاض على سائر جسده، ثم غسل رجليه)(2) .

-6 - أن يتوضأ وضوءه للصلاة فيثلث الغسل ويمسح الرأس ويؤخر غسل الرجلين إن كان يقف حال الاغتسال في محل يجمع فيه الماء لاحتياجه لغسلهما ثانية.

-7 - تعهد مواضع الانعطاف.

-8 - تخليل أصول الشعر ثلاثاً بيده المبللة.

-9 - أن يفيض الماء على بدنه ثلاثاً، فالإفاضة سنة لأنه لو انغمس في ماء جار أو كثير طهر من الجنابة حكماً.

-10 - البداية من الرأس ثم الطرف الأيمن ثم الأيسر، لحديث جبير بم مطعم رضي الله عنه قال: تذاكرْنا غسل الجنابة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أما أنا فآخذ ملء كفي ثلاثاً فأصب على رأسي ثم أفيضه بعد على سائر جسدي)(3) . وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (كان يتوضأ من الجنابة، ثم يدخل يده اليمنى في الماء، ثم يخلل بها شق رأسه الأيمن فيتبع أصول الشعر، ثم يفعل بشق رأسه الأيسر بيده اليسرى كذلك يستبرئ البشرة، ثم يصب على رأسه ثلاثاً)(4) .

-11 - التكرار ثلاثاً، وهو في الغسل أولى منه في الوضوء.

-12 - الدلك في المرة الأولى ثم يصب الماء وهو واجب عند الإمام أبي يوسف.

-13 - الموالاة.

-14 - نقض الشعر للغسل سنة للمرأة إن أمكن التعميم بدونه، وإلا فهو فرض كما ذكرنا. ويصح بلة العضو من العضو السابق (بانتقال الماء) في الغسل ولكن بشرط التقاطر.

(1) أبو داود: ج 1 / كتاب الطهارة باب 48/101.

(2)

مسلم: ج 1 / كتاب الحيض باب 9/35.

(3)

مسند الإمام أحمد: ج 4 / ص 81.

(4)

البيهقي: ج 1 / ص 175.

ص: 52

آداب الغسل:

-1 - استقبال القبلة على أن لا يكون مكشوف العورة حال الاغتسال وإلا فالأفضل عدم استقبالها.

-2 - عدم التكلم أثناء الاغتسال ولو بدعاء. د

-3 - عدم الإسراف في الماء أو التقتير فيه، لما روي عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء)(1) .

-4 - أن يغتسل في مكان لا يراه فيه أحد.

-5 - أن يستتر قدر الإمكان، لما روي عن يعلى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إن الله عز وجل حَيِيٌّ سِتّير. يحب الحياء والسِتّر. فإذا اغتسل أحدكم فليستتر)(2) ، وذلك سواء أكان وحده أو معه أحد من جنسه. أما المرأة بين الرجال فتؤخر غسلها وتتيمم للصلاة ثم تعيد. ويجوز للمرأة أن تتجرد للغسل وكذا الرجل إذا كان المحل صغيراً جداً.

-6 - يستحب بعد الغسل صلاة ركعتين كما في الوضوء.

(1) البيهقي: ج 1 / ص 197.

(2)

أبو داود: ج 1 / كتاب الحمّام باب 2/412، وحييّ: أي منزّه عن النقائص.

ص: 53

ما يحرم بالحدث الأكبر:

-1 - يحرم بالحدث الأكبر ما يحرم بالحدث الأصغر وهو الصلاة والسجود للتلاوة والشكر، وكذلك الطواف - فرضاً أو نفلاً - ومس المصحف أو علاّقته، لقوله تعالى:{لا يمسه إلا المطهرون} (1) ، أما حمل المصحف تبعاً فلا يمنع منه كأن كان في صندوق فلا بأس للجنب أن يحمله.

-2 - قراءة القرآن قليلاً كان أو كثيراً ولو بعض آية ما كانت بنية التلاوة، لما روي عن علي رضي الله عنه قال:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن على كل حال ليس الجنابة)(2)، ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يقرأ الجُنب والحائض شيئاً من القرآن)(3) . تحرم قراءة القرآن على الجنب دون المحدث، بخلاف مسّ القرآن فإنه يحرم على الجميع، لأن الحدث حلَّ الجسم والجنابة حلت الفم.

أما قراءة آيات الذكر في القرآن بنية الذكر فجائزة، كقوله عند المصيبة:"إنا لله وإنا إليه راجعون"، أو حتى قرأ آية الكرسي بنية الذكر أو قرأ بعض آية في حديثه ومواعظه يقصد بها الذكر فلا يحرم بشرط أن يكون في الآية أو بعضها ذكر كقوله "الحمد لله رب العالمين".

-3 - دخول المسجد، وذلك لحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت:(دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم صَرْحَة (4) هذا المسجد فنادى بأعلى صوته: إن المسجد لا يحل لجنب ولا لحائض) (5) . فلا يجوز للجنب دخول المسجد مطلقاً سواء للعبور أو المكث، إلا عند الضرورة، كما إذا كان الماء في المسجد ولا يوجد غيره أو كان داره داخل المسجد، فيتيمم ويَعْبُر.

(1) الواقعة: 79.

(2)

النسائي: ج 1 / ص 144.

(3)

ابن ماجة: ج 1 / كتاب الطهارة باب 105/596.

(4)

الصَّرْحة من الأرض: ما استوى وظهر.

(5)

ابن ماجة: ج 1 / كتاب الطهارة باب 126/645. (6) أبو داود: ج 1 / كتاب الطهارة باب 93/232.

ص: 54