الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: زَكاة الزرُوع والثِّمَار
تجب الزكاة في كل ما تنتجه الأرض بقصد الاستغلال والاستنبات سواء أكان صالحاً للبقاء كالحبوب أم غير صالح للبقاء كالثمار والخضار من خوخ ومشمش وباذنجان
…
دليلها ومقدارها:
ثبت وجوب زكاة المحاصيل الزراعية بالكتاب والسنة وإجماع الصحابة.
من الكتاب: قوله تعالى: {وآتوا حقه يوم حصاده} (1)، وقال تعالى:{وأنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض} (2) .
ومن السنة: حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فيما سقت السماء والعيون أو كان عَثَرِياً (3) العشر، وما سقي بالنَّضح (4) نصف العشر) (5) .
وقد أجمعت الأمة على وجوب الزكاة في الزروع والثمار.
وتسمى زكاة الزروع والثمار العُشْر.
(1) الأنعام: 141.
(2)
البقرة: 267.
(3)
العَثَرِيّ: هو من الزرع ما سُقي بماء السيل والمطر وأُجْري إليه من المَسَايل.
(4)
النَّضْح: نَقل الماء على أي شيء. وفِقه ذلك أن ما سُقي بغير مشقة أو كان بعلاً فزكاته العشر، وما سقي بتعب أو مشقة فعليه نصف العشر.
(5)
البخاري: ج 2 / كتاب الزكاة باب 54/1412.
شروط وجوب العشر:
-1 - أن تكون الأرض غير خراجية لكي لا يجتمع عشر وخراج، لما روي عن البيهقي بسنده عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال:"لا يجتمع على المسلم خراج وعشر"(1) .
-2 - أن تكون المنتجات بقصد الاستغلال والاستثمار، فلا تجب الزكاة في الحطب والقصب والحشيش والصمغ
…
ولا تجب في ثمار شجر الدار أو بستان داخل الدار لأنه تابع له.
-3 - أن تكون الأرض مسقية بماء المطر أو السيح (2) كالنهر، أما إن سقيت بكلفة (كدلو أو دولاب أو غير ذلك) ففيه نصف العشر. وإن سقيت نصف الوقت بماء السماء أو السيح أو النهر والنصف الآخر بالدلو ففيه نصف العشر، وقيل: ثلاثة أرباعه.
(1) البيهقي: ج 4 / ص 132.
(2)
السِّيح: الماء الظاهر الجاري على وجه الأرض.
ما لا يشترط في زكاة الحرث:
-1 - لا يشترط حولان الحول، لأنه قد تنبت الأرض في السنة أكثر من مرة، وقال تعالى:{وآتوا حقه يوم حصاده} .
-2 - لا يشترط بلوغ النصاب، فتجب زكاة الحرث في كل ما تنبته الأرض قليله وكثيره.
-3 - لا يشترط البلوغ والعقل، فتجب في أرض المجنون والصغير.
-4 - لا يشترط ملكية الأرض، لأنها قد تجب على المستأجر عند الصاحبين، أو على المشتري إن اشترى الزرع قبل إدراكه. كما تؤخذ من الأراضي الموقوفة.
-5 - لا يشترط خلو المكلف من الدَّين.
-6 - لا يشترط في المستنبت البقاء بل تجب في الخضر والفواكه أيضاً.
على من تجب زكاة الحرث:
تجب زكاة الحرث في الأصل على كل من استنبت أرضاً وجنى قطافها. فلو أجرَّ أرضاً أو أعارها للاستنبات فالزكاة على المستأجر أو المستعير، بينما الخراج على مالك الأرض بصرف النظر عن المستفيد منها.
ولو باع الزرع قبل إدراكه فالعشر على المشتري، أما إن باعه بعد إدراكه فالزكاة على البائع.
أما في المزارعة: إن كان البَذْر من صاحب الأرض فعليه الزكاة، وإن كان من العامل فعليهما بالحصة.
ولو استهلك الثمر قبل دفع زكاته وجب العشر دَيْناً في الذمّة حتى لو تركه سنين يدفع عن الجميع. أما لو ترك الخراج فلا يدفع عن ما مضى عند الإمام.
وإذا مات إنسان وعليه عشر أو خراج أُخِذ من تركته كالديون.
زكاة العسل:
يجب في العسل زكاة وذلك تبعاً للزروع والثمار، لأن النحل يتغذى من الثمار والأزهار (1) ، والثمار فيها العشر. فإذا أنتج عسلاً في أرض خراجية ولو لم تكن أرضاً عشرية كأن تكون في جبل أو مفازة، تجب فيه الزكاة.
(1) بخلاف دود القز، فإنه يتناول الأوراق، وليس في الأوراق عشر.
دليلها ومقدار ما يجب:
يجب في العسل عشر الإنتاج، ولا يشترط في زكاته نصاب ولا حول. ودليل ذلك ما روي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم: أخذ من العسل العُشر) (1)، وعن أبي سيارة المتقي قال: قلت يا رسول الله إن لي نخلاً. قال: (أدِّ العشر)(2) .
(1) ابن ماجة: ج 1 / كتاب الزكاة باب 20/1824.
(2)
ابن ماجة: ج 1 / كتاب الزكاة باب 20/1823.
الخراج:
تقسم الأراضي إلى قسمين: عشرية وخراجية.
-1 - الأرض العشرية: وهي الأرض المستنبتة بقصد الاستغلال بيد المسلم، ويدفع عنها العشر. وتضم:
-1 - أراضي العرب فهي كلها عشرية.
-2 - كل أرض أسلم أهلها طَوْعاً.
-3 - كل أرض فتحت عنوة ثم قُسِمت بين الفاتحين.
-4 - ما أحياه المسلم من مَواتٍ وسقاه بماء مسلم.
-2 - الأرض الخراجية: ويدفع عنها الخراج. وهي تضم:
-1 - كل أرض فتحها المسلمون عنوة، وتركوها في يد أهلها يزرعونها ويدفعون خراجها لبيت مال المسلمين.
-2 - كل أرض مواتٍ أحياها ذميّ.
-3 - أرض سواد العراق كلها خراجية بأمر الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
-4 - كل أرض لمسلم تسقى بماء الخراج كالأنهار التي حفرها الكفار.
-5 - أرض الغنائم التي اقتطعها الإمام لذمي.
-6 - دار الذمي إذا اتخذها بستاناً.
-7 - كل أرض اشتراها مسلم من ذمي تبقى خراجية (1) . ولا يجتمع على أرض عشر وخراج لقول إبراهيم: "لا يجتمع على المسلم خراج وعشر"، ولأن سبب العشر الإسلام فهو عبادة وسبب الخراج ضريبة على الأرض يدفعها غير المسلم.
(1) أما إن اشتراها من ذمي بحق الشُّفعَة، أو بحكم القضاء، أو رُدّت عليه بسبب فساد البيع فإنها تبقى عشرية.
الفرق بين العشر والخراج:
أ - العُشْر:
-1 - هو عبادة، لأنه زكاة على الثمار والزروع (نماء) .
-2 - يجب على المسلم ولا يجب في حق غيره.
-3 - يدفع على الثمار والزروع.
-4 - لا تجب زكاة الثمار والزروع حتى تحصد (1) .
ب - الخراج:
-1 - هو ضريبة على الأرض.
-2 - يدفعه الذمي عن الأرض.
-3 - يجب الخراج على الأرض إذا تمكن من زراعتها ولم يفعل.
(1) اختلفوا في وقت الثمار والزروع، فقال الإمام أبو حنيفة وزُفر: يجب عند ظهور الثمرة والأمن عليها من الفساد وإن لم يستحق الحصاد إذا بلغت حداً ينتفع بها، وقال أبو يوسف: عند استحقاق الحصاد، وقال محمد: إذا حصدت وصارت في الجرين.