المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب السادس (التيمم) - فقه العبادات على المذهب الحنفي

[نجاح الحلبي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة [المؤلفة]

- ‌الإمام أبو حنيفة النعمان رضي الله عنه

- ‌تعريف بالأحكام التكليفية

- ‌تختلف الأحكام التكليفية بحسب ثبوت طلبها من الشارع وترتيب العقوبة على تركها. وهي:

- ‌ القواعد العامة في ترجيح أقوال أئمة الحنفية

- ‌[متن الكتاب]

- ‌كتاب الطهارة

- ‌الباب الأول [المياه، الآسار]

- ‌الفصل الأول: المياه

- ‌الفصل الثاني: الأَسْآر

- ‌الباب الثاني (قَضَاءُ الحاجَة)

- ‌الفصل الأول (سننها ومكروهاتها)

- ‌الفصل الثاني: الاستنجاء

- ‌الباب الثالث (الوُضوُءُ)

- ‌الفصل الأول: تعريفه، سببه، شروطه، حكمه

- ‌الفصل الثاني: فرائض الوضوء

- ‌الفصل الثالث: سنن الوضوء

- ‌الفصل الرابع: آداب الوضوء

- ‌الفصل الخامس: مكروهات الوضوء

- ‌الفصل السادس: نواقض الوضوء

- ‌الباب الرابع (المسح على الخفين)

- ‌الباب الخامس (الغُسْلُ)

- ‌الباب السادس (التَيَمُّم)

- ‌الباب السابع (الحَيْض والنِّفاس والاسْتِحَاضَة)

- ‌الباب الثامن (الطهارة من النجاسات الحقيقية)

- ‌كتاب الصلاة

- ‌الباب الأول (مقدمات)

- ‌الباب الثاني (الأذان والإقامة)

- ‌الباب الثالث (أحكام الصلاة)

- ‌الفصل الأول: شروط الصلاة

- ‌الفصل الثاني: أركان الصلاة

- ‌الفصل الثالث: واجبات الصلاة

- ‌الفصل الرابع: سنن الصلاة

- ‌الفصل الخامس: آداب الصلاة

- ‌الفصل السادس: مكروهات الصلاة

- ‌الفصل السابع: مفسدات الصلاة

- ‌الباب الرابع [سجود السهو والشكر والتلاوة]

- ‌الفصل الأول: سجود السَّهْو

- ‌الفصل الثاني: سُجُود التِّلَاوة

- ‌الفصل الثالث: سُجُود الشّكر

- ‌الباب الخامس: الوتر

- ‌الباب السادس (صَلَاة النَّوافل)

- ‌الفصل الأول: النوافل التابعة للفرائض

- ‌الفصل الثاني: النوافل غير التابعة للفرائض

- ‌الباب السابع (صَلَاة الجَمَاعة)

- ‌الباب الثامن (الصلوات التي فرضت جماعة)

- ‌الفصل الأول: صَلَاة الجُمُعَة

- ‌الفصل الثاني: صَلاة العيدين

- ‌الباب التاسع (صلاة المُسافر وصَلَاة المَريض وصَلاة الخوف)

- ‌الفصل الأول: صَلَاة المُسَافر

- ‌الفصل الثاني: صَلاِة المريض

- ‌الفصل الثالث: صَلَاة الخوف

- ‌الباب العاشر (الجَنَائِز)

- ‌كتاب الصيام

- ‌الباب الأول [تعريفه، أقسامه، ما يستحب ويكره فيه]

- ‌الفصل الأول: تعريف الصوم

- ‌الفصل الثاني: أقسَام الصوم

- ‌القسم الأول (الصَّوْم المفرُوض)

- ‌القسم الثاني (الصَّوْم المَسْنُون)

- ‌القسم الثالث (الصَّوْم المَندوب)

- ‌القسم الرابع (الصَّوْم المَكرُوه)

- ‌الفصل الثالث [ما يستحب ويكره]

- ‌الباب الثاني (الاعتكاف)

- ‌كتاب الزكاة

- ‌الباب الأول [تعريفها، شروطها، الأنواع التي تجب فيها]

- ‌الباب الثاني [زكاة النعم، الزروع والثمار، النقد، العروض التجارية]

- ‌الفصل الأول: زَكاة النَّعَم

- ‌الفصل الثاني: زَكاة الزرُوع والثِّمَار

- ‌الفصل الثالث: زَكاة النّقد

- ‌الفصل الرابع: زَكاة العروض التجارية

- ‌الباب الثالث (مصارف الزكاة)

- ‌الباب الرابع (صَدقة الفِطر)

- ‌كتاب الحج

- ‌الباب الأول (تعريف الحج وشروطه)

- ‌الباب الثاني (أرْكَان الحجّ)

- ‌الباب الثالث (واجبَات الحجّ)

- ‌الباب الرابع (سُنَنْ الحّج وآدابه)

- ‌الباب الخامس [أوجه تأدية الحج، التحلل، الحج عن الغير]

- ‌الفصل الأول: أوجُه تأدَية الحَجّ

- ‌الفصل الثاني: التحلل

- ‌الفصل الثالث: الحَجّ عن الغير

- ‌الباب السادس (العمرة)

- ‌الباب السابع (الجِنايات)

- ‌الباب الثامن (الإحصار)

- ‌الباب التاسع (الهدي)

- ‌فصل في زيارة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌نهاية الكتاب

الفصل: ‌الباب السادس (التيمم)

‌الباب السادس (التَيَمُّم)

.

ص: 55

- التيمم خَلَفٌ عن الوضوء والغسل، وهو من خصائص الأمة.

تعريفه:

لغة: القصد، قال الله تعالى:{ولا تيَّمموا الخبيث منه تُنفقون} (1) وقال أيضاً: {ولا آمينّ البيت الحرام} (2) .

شرعاً: قصد صعيد مطهِّر واستعماله حقيقة أو حكماً بصفة مخصوصة.

معنى التعريف:

-1 - القصد هو النية، وهي شرط في التيمم.

-2 - صعيد مطهِّر احترز بقوله مطهر عن الأرض التي وقعت عليها نجاسة وجفت؛ فتكون طاهرة غير مطهرة.

-3 - استعماله حقيقة في التراب وحكماً في الحجر الأملس.

-4 - الصفة المخصوصة هي كيفية التيمم المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(1) البقرة: 267.

(2)

المائدة: 2.

ص: 56

دليله:

ثبتت مشروعية التيمم بالكتاب والسنة والإجماع.

أما الكتاب فقوله تعالى: {وإن كنتم مرضى أو على سفر، أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء، فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيباً} (1) .

وأما السنة، فحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(أُعْطيتُ خمساً لم يُعْطَهنَّ أحد قبلي، نُصِرت بالرّعب مسيرة شهر وجُعلت لي الأرض مسجداً وطَهُوراً فأيُّما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصلِّ، وأُحِلَّت لي المغانم ولم تحلَّ لأحد قبلي، وأُعطيت الشفَّاعة، وكان النبي يُبعث إلى قومه خاصة وبُعثت إلى الناس عامّة)(2) .

(1) النساء: 43.

(2)

البخاري: ج 1 / كتاب التيمم باب 1/328.

ص: 57

سبب التيمم: إرادة ما لا يحل إلا به، فعن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (رأى رجلاً معتزلاً، لم يصلّ في القوم فقال: يا فلان، ما منعك أن تصلي في القوم. فقال: يا رسول الله، أصابتني جنابة ولا ماء قال: عليك بالصعيد فإنه يكفيك)(1) .

(1) البخاري: ج 1 / كتاب التيمم باب 7/341.

ص: 57

شروط صحة التيمم:

يصح التيمم بشروط ثمانية هي:

أولاً: النية: وهي شرط في التيمم دون الوضوء، لأن الماء مطهِّر بطبعه فلا يحتاج إلى النية بخلاف التراب فهو ملوث بالأصل فلا يصير مطهِّراً إلا بالنية.

والنية: عقد القلب على إيجاد الفعل جزماً.

وقتها: عند ضرب يده على ما يتيمم به، أو عند مسح أعضائه بتراب أصابها.

شروط صحتها:

-1. الإسلام ليصير الفعل سبباً للثواب.

-2. التمييز ليفهم ما يتكلم به.

-3. العلم بما ينويه.

صيغتها:

-1. نية الطهارة من الحدث القائم.

-2. نية استباحة الصلاة.

-3. نية استباحة عبادة مقصودة لا تصح إلا بطهارة.

ولو قيد النية بأن نوى التيمم لقربة لا يُشترط لها الطهارة من الحدث الأصغر كدخول المسجد أو قراءة القرآن من الذاكرة، فلا تصح به الصلاة لأن نية الأدنى لا تكون نية للأعلى، بعكس ما لو نوى التيمم للصلاة فإنه يصح له بهذا التيمم كل الأعمال. ولو تيمم للدخول في الإسلام فلا تصح الصلاة بهذا التيمم، إلا عند الإمام أبي يوسف فتجوز.

ثانياً: وجود عذر مبيح للتيمم:

-1ً - بُعْدُ الشخص ميلاً عن الماء، وهو ما يعادل ثلث فرسخٍ (1) . ويجب عليه قبل أن يتيمم أن يطلب الماء إن ظنّ قربه بمقدار (400) خطوة، أو أن يطلبه من رفقته، كما يلزمه شراؤه بثمن مثله وبغبن يسير إن كان معه فاضلاً عن نفقته.

-2ً - المرض، لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:"رخص للمريض التيمم بالصعيد". وهناك حالات:

أ - ضرر الماء إنْ كان في استعماله حصول المرض، أو اشتداده، أو بطء في الشفاء، بتجربة أو إخبار طبيب مسلم عَدْل (2) . لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله:{وإن كنتم مرضى أو على سفر} قال: "إذا كانت بالرجل الجراحة في سبيل الله أو القروح أو الجدري فيجنب فيخاف أن يموت إن اغتسل، يتيمم"(3) .

ب - عجزه عن التحرك لاستعمال الماء (كمن أجري له عمل جراحي) .

جـ - عجزه عن الفعل بنفسه كالمقعد أو المشلول، ففي هذه الحالة:

-1 - إن لم يجد من يوضئه جاز له التيمم إجماعاً، قال الحسن "في المريض عنده الماء ولا يجد من يناوله يتيمم"(4) .

-2 - وجد من يوضئه لكنه ليس من أهل طاعته جاز له التيمم.

-3 - إن وجد من يطيعه فمختلف فيه (لا يجب على أحد الزوجين أو يوضئ صاحبه ولا أن يتعهده فيما يتعلق بالصلاة، ولا يعتبر أحدهما قادراً بقدرة الآخر) .

د - مريض مرضاً لا يستطيع الوضوء ولا التيمم بنفسه أو بغيره:

-1 - لا يصلي حتى يقدر على أحدهما برأي الإمام.

-2 - قال الإمام أبو يوسف يصلي تشّبهاً ويعيد.

-3ً - إن كان نصف البدن أو أكثر جريحاً، وتعتبر الكثرة بعدد الأعضاء؛ فلو كانت الجراحة بالرأس والوجه واليدين جراحة ولو قليلة، يتيمم.

أما إذا كان أكثر البدن صحيحاً، غسل الصحيح ومسح الجريح بمرّ يده على الجسد، فإن لم يستطع فبخرقة، وإن ضرَّه المسح تركه، لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:"من كان له جرح معصوب عليه توضأ ومسح على العصائب ويغسل ما حول العصائب"(5) .

وإن كانت الجراحة في بطنه ويضره استعمال الماء صار كغالب الجراحة حكماً للضرورة. ولا يصح أن يجمع بين الغسل والتيمم.

-4ً - بَرْد شديد غلب على الظن تلف بعض الأعضاء بسببه، وهذا غالباً ما يكون خارج المصر، أي العمران، إذ أن تسخين الماء في البيت ممكن. وقد يكون في المصر لكن لا يجد ما يسخن به الماء. وذلك لما روي عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: "احتلمت في ليلة باردة، في غزوة ذات السلاسل، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال:(يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟) فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت: إني سمعت الله يقول: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً} فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئاً) (6) .

-5ً - خوف عدو آدمي أو غيره على ماله أو نفسه، أو خوف فاسق عند الماء.

-6 ً - عنده ماء قليل لكن خاف على نفسه أو ما معه من حيوانات العطش. لما روي عن علي رضي الله عنه قال: "في الرجل يكون في السفر، فتصيبه الجنابة ومعه الماء القليل يخاف أن يعطش، قال: يتيمم ولا يغتسل"(7) .

-7ً - خوف فوت صلاة الجنازة أو عيد ولو جنباً يتيمم لهما، لأنهما تفوتان بلا خَلَف.

لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما "أنه أتي بجنازة وهو على غير وضوء فيتمم ثم صلى عليها"(8) .

ثالثاً: أن يكون التيمم بطاهر من جنس الأرض، كالتراب المُنْبِت والرمل والحجر والعقيق ولو لم يكن عليها غبار. وكل ما يحترق بالنار ليس من جنس الأرض، وكذا كل ما ينطبع ويلين بالنار ليس من جنس الأرض أيضاً كالذهب والفضة. قال تعالى:{فتيمموا صعيداً طيباً} (9) والصعيد اسم لوجه الأرض تراباً كان أو حجراً وقال تعالى: {صعيداً زلقاً} (10) أي حجراً أملس.

رابعاً: استيعاب الوجه واليدين بالمسح. فيجب نزع الخاتم ولو واسعاً والسوار الضيق وتخليل الأصابع، لأن التيمم قائم مقام الوضوء فيشترط فيه ما يشترط في الوضوء.

خامساً: أن يمسح الأعضاء بجميع اليد أو بأكثرها، فلا يجزئ المسح بأقل من ثلاث أصابع.

سادساً: أن يكون التيمم بضربتين بباطن الكفين، لحديث عمار بن ياسر رضي الله عنهما (أنه كان يحدث أنهم تمسحوا وهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصعيد لصلاة الفجر فضربوا بأكفهم الصعيد، ثم مسحوا وجوههم مسحة واحدة، ثم عادوا، فضربوا بأكفهم الصعيد مرة أخرى فمسحوا بأيديهم كلها إلى المناكب والآباط من بطون أيديهم)(11) . ويقوم مقام الضربتين إذا أصاب التراب جسده فمسحه بنية التيمم. وقوله: ضربتان خرج مخرج الغالب، والمهم هو مسح الوجه واليدين بالغبار بنية التيمم.

سابعاً: انقطاع ما ينافي الطهارة من حيض أو نفاس أو حدث.

ثامناً: زوال ما يمنع المسح على البشرة كشمع أو شحم.

(1) ثلث الفرسخ يساوي (4000) خطوة (أي ما يعادل مسيرة نصف ساعة) وهو يساوي 1847 متر.

(2)

العدل: من لا كبيرة له، كما أنه لا يُصرّ على الصغائر.

(3)

الدارقطني: ج 1 / ص 177.

(4)

البخاري: ج 1 / كتاب التيمم باب 2.

(5)

البيهقي: ج 1 / ص 288.

(6)

أبو داود: ج 1 / كتاب الطهارة باب 126/334.

(7)

الدارقطني: ج 1 / ص 202.

(8)

الجوهر النقي (ذيل السنن الكبرى للبيهقي) : ج 1 / ص 230.

(9)

المائدة: 6.

(10)

الكهف: 40.

(11)

أبو داود: ج 1 / كتاب الطهارة باب 123/318.

ص: 58

شروط وجوب التيمم:

-1 - العقل.

-2 - البلوغ.

-3 - الإسلام.

-4 - وجود الحدث.

-5 - عدم المنافي.

-6 - ضيق الوقت مع وجود العذر المبيح.

-7 - القدرة على ما يجوز به التيمم.

ص: 59

أركان التيمم:

للتيمم ركنان، لقوله تعالى:{فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم} (1) .

الركن الأول: مسح الوجه.

الركن الثاني: مسح اليدين إلى المرفقين. وجاءت الآية في اليدين مطلقاً بينما جاءت آية الوضوء مقيدة بالمرفقين فحمل المطلق على المقيد، وقد وردت أحاديث صحيحة تدل على أن المسح إلى المرفقين فقط، فعن أبي جهم رضي الله عنه قال:(أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من بئر جمل إما من غائط أو من بول. فسلمت عليه فلم يرد علي السلام. فضرب الحائط بيده ضربة فمسح بها وجهه، ثم ضرب أخرى فمسح بها ذراعيه إلى المرفقين ثم رد علي السلام)(2) . وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "التيمم ضربتان، ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين"(3) .

(1) المائدة: 6.

(2)

الدارقطني: ج 1 / ص 177.

(3)

الدارقطني: ج 1 / ص 180.

ص: 60

كيفية التيمم:

ذكر الإمام الأعظم كيفية التيمم عندما سأله عنها الإمام أبو يوسف فقال: "أن يضرب المتيمم بيديه على الأرض ضربة واحدة يُقْبِل بهما ويدبر، ثم يرفعهما وينفضهما أو ينفخ فيهما، ثم يمسح بهما وجهه، ثم يضرب بهما الأرض مرة أخرى فيقبل بهما ويدبر، ثم ينفضهما، ثم يمسح بأربع أصابع يده اليسرى ظاهر يده اليمنى من رؤوس الأصابع إلى المرفق، ثم يمسح بكفه اليسرى باطن يده اليمنى ويمر بباطن إبهام يده اليسرى على ظاهر إبهام يده اليمنى، ثم يفعل باليسرى كذلك".

وهذه هي الكيفية سواء أكان عن الوضوء أم الغسل، لما روي عن عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء. فتمرَّغت في الصعيد كما تَمَرغ الدابة، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال:(إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا. ثم ضرب بيديه ضربة واحدة ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفَّيْه ووجهه)(1)، وللحديث المتقدم:(التيمم ضربتان، ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين) .

(1) مسلم: ج 1 / كتاب الحيض باب 28/110.

ص: 61

سنن التيمم:

-1 - التسمية في أوله.

-2 - الترتيب، بأن يبدأ بالوجه ثم اليدين، لحديث أبي جم المتقدم.

الموالاة.

-3- التيامن، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت:(كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله)(1) .

-4 - الإقبال باليدين وإدبارهما ونفضهما، لحديث عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه، وفيه (أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب بكفيه الأرض، ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه)(2) .

-5 - تفريج الأصابع.

-6 - يندب تأخير التيمم حتى آخر الوقت لمن يرجو أن يجد الماء قبل فوات الصلاة، لما روي عن علي رضي الله عنه قال:"إذا أجنب الرجل في السفر تلوَّم ما بينه وبين آخر الوقت، فإن لم يجد الماء تيمم وصلى"(3) .

(1) البخاري: ج 1 / كتاب الوضوء باب 30/166.

(2)

البخاري: ج 1 / كتاب التيمم باب 3/331.

(3)

البيهقي: ج 1 / ص 233.

ص: 62

صفة التيمم:

التيمم بدل عن الوضوء (1) ، فهو يرفع الحدث إلى وقت وجود الماء، وذلك لحديث أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إن الصعيد الطيب طَهور المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإن وجد الماء فليُمسه بشرته فإن ذلك خير)(2) .

ويترتب على هذا ما يلي:

-1 - يصح التيمم قبل دخول الوقت أو بعده، لعموم قوله تعالى:{فلم تجدوا ماء فتيمموا} يدل على جوازه قبل الوقت وكما جاز الوضوء قبله فكذا التيمم لابد منه (3) .

-2 - يصلي المتيمم ما شاء من الفرائض والنوافل.

-3 يصلي المتيمم فرضي صلاة أو أكثر، ويجوز أن يتيمم للفريضة أو النافلة، والأَوْلى أن يتيمم لكل فرض وبعد دخول الوقت للخروج من خلاف الفقهاء.

-4 - لا يجمع بين الغسل والتيمم، لأنه لا يجوز شرعاً أن يجمع بين البدل والمبدل.

يجوز أن يقتدي المتوضئ بالمتيمم عند الإمام أبي حنيفة والإمام أبي يوسف خلافاً للإمام محمد.

(1) وعند السادة الشافعية بدل ضروري.

(2)

الترمذي: ج 1 / كتاب الطهارة باب 92/124.

(3)

الجوهر النقي ذيل السنن الكبرى للبيهقي: ج 1 / ص 222.

ص: 63

نواقض التيمم:

-1 - ينقض التيمم كل ما ينقض الوضوء والغسل، لأن ناقض الأصل ناقض البدل.

-2 - زوال العذر المبيح للتيمم.

-3 - إذا وجد الماء أثناء الصلاة بطلت صلاته، أما لو وجده بعد الصلاة صحت ولا تجب الإعادة في حقه لا في الوقت ولا في بعده. لما روي عن نافع قال:"تيمم ابن عمر على رأس ميل أو ميلين من المدينة فصلى العصر فقدم والشمس مرتفعة فلم يعد الصلاة"(1) .

(1) الدارقطني: ج 1 / ص 186.

ص: 64