الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الرابع (صَدقة الفِطر)
.
حكمها ودليلها:
وهي واجبة، ولا يكفر جاحدها، بدليل ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:(فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر على الذكر والأنثى، والحر والمملوك، صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير)(1) . وهي ليست فرضاً، لأن معنى كلمة "فرضَ" في الحديث أمَرَ أَمْر إيجاب والأمر الثابت بدليل ظني يفيد الوجوب، ولأن الإجماع المنعقد على وجوبها ليس قطعياً لأنه لم يُنقل بالتواتر.
(1) البخاري: ج 2 / كتاب صدقة الفطر باب 8/1440.
الحكمة من تشريعها:
شرعت صدقة الفطر لجبر الخلل الواقع في الصوم، كما يجبر سجود السهو نقص الصلاة، وذلك لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال:(فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفِطر طُهرة للصائم من اللَّغو والرَّفَث وطعمة للمساكين)(1) .
كما شرعت للتوسعة على الفقراء والمساكين وإغنائهم عن سؤال الناس في يوم العيد، وذلك للحديث المتقدم ولقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه ابن عمر رضي الله عنهما:(أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم)(2) . كما أنها سبب لقبول الصيام لما روي أن: صوم شهر رمضان معلق بين السماء والأرض ولا يرفع إلا بزكاة الفطر.
(1) أبو داود: ج 2 / كتاب الزكاة باب 17/1609.
(2)
رواه الدارقطني وسنده ضعيف.
سببها: رأس يَمُونُه ويَلي عليه.
شروط وجوبها:
-1 - الإسلام: فلا تجب على الكافر ولو عن عبده المسلم. لكن يجب على المولى أن يدفع عن عبده الكافر لتحقق السبب وهو رأس يمونه ويلي عليه.
-2 - الحرية: فلا تجب على العبد لأنه لا يملك، بل يجب على سيده أن يخرجها عنه.
-3 - أن يملك مقدار نصاب خالٍ عن الدين وزائد عن حوائجه الأصلية، سواء أكان نامياً أم غير نام. ولا يشترط بقاء النصاب، فلو هلك النصاب بعد وجوبها لا تسقط عنه بخلاف الزكاة.
-4 - أن يدركه فجر عيد الفطر، فمن مات قبل الفجر أو وُلِد بعده فلا تجب عليه صدقة الفطر.
ولا يشترط لوجوبها العقل والبلوغ، فتجب في مال الصبي والمجنون، وإذا لم يخرجها وليُّهما كان آثماً، ويجب عليهما دفعها للفقراء بعد الإفاقة أو البلوغ.
على من تجب زكاة الفطر:
تجب على كل من توفرت فيه شروط الوجوب، فتجب عن نفسه وعمن يَمُونُه، بدليل حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال:(أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر عن الصغير والكبير، والحر والعبد ممن تمونون)(1) . أي يجب أن يدفع عمن تقع عليه ولايته ومؤونته، فيدفع الأب عن ولده الصغير الفقير، وعن ولده الكبير الذي في عياله إن كان فقيراً ومجنوناً، وعن عبده ولو ذمياً.
ولا تجب على الزوج عن زوجته أو ولده الكبير الفقير العاقل، لكن إن دفعها ولو من غير إذنهما أجزأت بشرط كونهما في عياله.
ولا يجب على المكلف أن يخرجها عن أمه وأبيه ولو كانا فقيرين، إن أن يتبرع، أو كان أحدهما مجنوناً فقيراً فيدفع عنه لوجود المؤونة والولاية.
ويدفع الجَدّ عن أولاد ابنه القاصرين الفقراء عند موت أبيهم. ولا يدفع عن أولاد ابنته ولو فقراء.
وتدفع المرأة عن نفسها إن كانت غنية، ولا تدفع عن أولادها ولا عن زوجها.
(1) الدارقطني: ج 2 / ص 141.
مقدارها:
نصف صاع من القمح، أو صاع من زبيب أو تمر أو شعير.
ويجوز دفع القيمة وهي أفضل عند وجدان الفقير ما يحتاجه، بأن كان الزمن زمن خصب، لأن الحكمة منها إغناؤه. أما إن كان زمن شدة فإخراج العَيْن أفضل. ودليل ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال:(فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعاً من شعير أو صاعاً من تمر، على الصغير والكبير، والحُرِّ والمملوك)(1) .
(1) البخاري: ج 2 / كتاب صدقة الفطر باب 9/1441.
وقتها:
أفضل وقت لإخراجها قبل الخروج لصلاة عيد الفطر، ويجوز إخراجها بعد دخول شهر رمضان، ولا يجوز تقديمها عنه، ويكره تأخيرها عن صلاة العيد، لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:(فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفِطر طُهرة للصائم من اللّغو والرَّفث وطُعْمَة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات)(1) . لكنها لا تسقط بالتأخير، ولو لم يؤدِّها ثبتت دَيْناً في ذمته يجب عليه دفعها، ولو أخرها حتى مات؛ فإن دفعها الورثة أو غيرهم أجزأت وبرِئت ذمته، وإن أوصى بها تُخرج من الثلث.
(1) أبو داود: ج 2 / كتاب الزكاة باب 17/1609.